المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين

إنضم
21/11/2010
المشاركات
114
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
إمبابة مصر
المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين





الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فقد اطلعت في أواخر العام الماضي على بعض مقالات أحد المواقع الإلحادية صدفة فتألمت مما قرأت و تعجبت من سوء أدب أولئك و سوء فهمهم و تذكرت قوله تعالى : ﴿ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ إنه العمي القلبي الذي قلب لهم النور ظلمة و الظلمة نور و الحق باطلا و الباطل حقا فما فائدة العقول و ما فائدة الأبصار و ما فائدة الأسماع إذا لم تستعمل فيما خلقت له سبحان ربي بأي منطق يتكلمون و بأي عقل يفهمون و بأي برهان يبرهنون و مع انعدام البصيرة انعدم الأدب و مع انعدام البصيرة رأيت منهم العجب كلماتهم لا تستحق القراءة بل الأولى تطوى و يحرقها اللهب إننا أمام عدو أشد من النصارى فلا تجد مسلما يعتنق النصرانية إلا رغبة في المال و النساء و ليس إرادة و اقتناعا فمهما كان المسلم لا يفهم من دينه شيئا لا ينخدع بعقيدة النصارى أما كلام الملاحدة واللادينيين فيتستر وراء العلم و يزيين باطله بحجج قد تخيل على من لا يعرف من دينه إلا اسمه لا من عرف اسمه و رسمه و دفاعا عن الله و دينه عزمت على الرد على شبهاتهم حتى لا يغتر أحد بكلماتهم و تدخله أحد شبهاتهم و لا يستطيع دفعها و قد قال تعالى : ﴿ ُيرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ .



__________________
 
فهرس المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين

فهرس المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين

فهرس المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين



- الدلالة على وحدانية الله

- الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله

- الرد على زعم اللادينيين إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ

- الرد على زعم اللادينيين أن لا حاجة للدين في تأسيس الأخلاق

- الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون

- الرد على إنكار الملاحدة أن كل حادث يحتاج إلى محدث

- الرد على زعم الملاحدة لا يوجد واجب للوجود و كل الموجودات ممكنة الوجود

- الرد على زعم الملاحدة بأزلية المادة لاستحالة تحول العدم إلا الوجود

- الرد على زعم الملاحدة أن الذي خلق الكون الطبيعة

- الرد على زعم الملاحدة أن الله غير موجود لعدم رؤيتنا له

- الرد على زعم الملاحدة أن الله لم يخلق هذا الكون لخدمة الانسان لوجود أكوان أخرى

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون واجب الوجود

- الرد على زعم الملاحدة بعدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته

-الرد على زعم الملاحدة أن نظرية النسبية تسقط وجود المسبب الأول

- الرد على زعم الملاحدة أن مبدأ هايزنبرج ينفي قانون السببية

-الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل تكونه من الفراغ

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل نظرية الكون الهزاز

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون تكون صدفة بدليل مبدأ اللادقة

- الرد على زعم الملاحدة أن العالم غير محتاج إلى غيره

- الرد على رفض الملاحدة دليل النظام كدليل على وجود الله

- الرد على زعم الملاحدة أن الإيمان بالله ليس سببا للأخلاق الحميدة

- الرد على زعم اللادينيين أن وجود الشر دليل على عدم وجود الله

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تقولون العالم غير أزلي و عندكم الجنة و النار لا تفنى ؟

- الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون

- الرد على رفض الملاحدة خلق الله الكون من العدم

- الرد على زعم الملاحدة أن أبا لهب أجبر الله بسورة له ( تعالى الله عن ذلك )

- الرد على زعم الملاحدة أن الجاذبية و النظرية الكمّية سبب إحداث الكون نفسه من العدم

- الرد على زعم اللادينيين أن الدين قضية وراثية

- الرد على زعم اللادينيين إن كان هناك إله فلابد أنه أراد ألا يعرفه أحد

- الرد على سؤالهم لما اتصل الله بشخص واحد فقط ليبلغ أمه كاملة ؟

- الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله موجودا و لايهتم بهذه الجرائم والمذابح التي تحدث ؟

- الرد على زعم الملاحدة لو كان الله حكيما لما وجد خلل في خلقه

- الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته

- الرد على زعم الملاحدة بأن العدم خرافة و أن المادة يبقى جزء منها

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تأتي العدالة الإلهية بعد أن يبلغ الظلم مداه ؟

- الرد على قول الملاحدة الله غير موجود لأنه لم ينتقم ممن يسبه

- الرد على سؤال الملاحدة من قال أن الكون منظم و دقيق ؟

- الرد على قول الملاحدة الكون لم يكن بحاجة إلى إله يشعل فتيل ما لخلقه

- الرد على زعم الملاحدة لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس آلهة شتى

- فساد قول بعض الملاحدة أنه لا ديني بالفطرة

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تخصصون قاعدة كل شيء له سبب ؟ يتبع
 
الدلالة على وحدانية الله

الدلالة على وحدانية الله

الدلالة على وحدانية الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فيتسائل البعض ما الدليل على وحدانية الله ؟

و الجواب الدلالة على وحدانية الله أنه لو فرض تعدد الألهة لترتب على ذلك ما يلي :

1- اختلال نظام الكون حيث سينفرد كل منهم بما خلق ، و الكون منتظم كما هو مشاهد .

2- لطلب كل إله القهر و الغلبة على الآخر فيعلو بعضهم على بعض ، قال تعالى : ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾[1] ، أي لو قدر تعدد الألهة لانفرد كل منهم بما خلق ، فما كان ينتظم الوجود .

و المشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كلٌ من العالم العلوي و السفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ، ﴿ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ ﴾ ، ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر و خلافه فيعلو بعضهم على بعض و المتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنا ؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا [2].

قال اليافعي : (( لَا يعرف الله سُبْحَانَهُ إِلَّا بِصِفَات الْكَمَال الْمُطلق وَإِلَّا لَكَانَ نَاقِصا وَالنَّقْص محَال عَلَيْهِ تَعَالَى وَمن جملَة الْكَمَال كَونه وَاحِدًا متوحدا بِالْملكِ مُنْفَردا بتدبير المملكة غير مشارك فِي الْخلقَة وَالْأَمر لِأَن الشّركَة يلْزم مِنْهَا الْمحَال أَو النَّقْص الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ لأَنا إِذا فَرضنَا إِلَهَيْنِ وفرضنا إِرَادَة أَحدهمَا شَيْئا وَإِرَادَة الآخر نقيضه كإيجاد شَيْء وَعدم إيجاده أَو تحريكه وتسكينه فإمَّا أَن يحصل مرادهما فيجتمع النقيضان أَو لَا يحصل مُرَاد وَاحِد مِنْهُمَا فيرتفعان وَالْكل محَال أَو يحصل مُرَاد أَحدهمَا دون الآخر فَيلْزم عجز من لم يحصل مُرَاده فَلَا يكون إِلَهًا لنقصه فَلَزِمَ أَن لَا يكون الْإِلَه إِلَّا وَاحِدًا ))[3] .

و قال الباقلاني: (( و ليس يجوز أن يكون صانع العالم اثنين، ولا أكثر من ذلك، والدليل على ذلك أن الاثنين يصح أن يختلفا، ويوجِد أحدهما ضد مراد الآخر؛ فلو اختلفا، وأراد أحدهما إحياء جسم، وأراد الآخر إماتته، لوجب أن يلحقهما العجز، أو واحداً منهما؛ لأنه محال أن يتم ما يريدان جميعاً لتضاد مراديهما. فوجب أن لا يتما، أو يتم مراد أحدهما، فيلحق من لم يتم مراده العجز. أو لا يتم مرادهما، فيلحقهما العجز. والعجز من سمات الحدث، والقديم الإله لا يجوز أن يكون عاجزاً ))[4] .



قال الشيخ الهراس : (( إذا تعددت الآلهة فلا بد أن يكون لكل منهم خلق و فعل ، و لا سبيل إلى التعاون فيما بينهم ؛ فإن الاختلاف بينهم ضروري، كما أن التعاون بينهم في الخلق يقتضي عجز كل منهم عند الانفراد .

والعاجز لا يصلح إلها، فلا بد أن يستقل كل منهم بخلقه وفعله، وحينئذ؛ فإما أن يكونوا متكافئين في القدرة، لا يستطيع كل منهم أن يقهر الآخرين ويغلبهم، فيذهب كل منهم بما خلق، ويختص بملكه؛ كما يفعل ملوك الدنيا من انفراد كل بمملكته إذا لم يجد سبيلا لقهر الآخرين، وإما أن يكون أحدهم أقوى من الآخرين، فيغلبهم، ويقهرهم، وينفرد دونهم بالخلق والتدبير، فلا بد إذا مع تعدد الآلهة من أحد هذين الأمرين : إما ذهاب كل بما خلق، أو علو بعضهم على بعض .

و ذهاب كل بما خلق غير واقع؛ لأنه يقتضي التنافر والانفصال بين أجزاء العالم، مع أن المشاهدة تثبت أن العالم كله كجسم واحد مترابط الأجزاء، متسق الأنحاء، فلا يمكن أن يكون إلا أثرا لإله واحد و علو بعضهم على بعض يقتضي أن يكون الإله هو العالي وحده ))[5].


و ما العلاقات الدقيقة المتناسقة و المحكمة القائمة بين مكونات الكون بعضها بعضا إلا مؤشر على وحدة هذا الكون و من ثم وحدة خالقه سبحانه .


و العقل يأبى إلا أن يكون إلها واحدا هو الحق وما دونه فليس بإله حق فلو كان هناك آلهة كثيرة لهذا الكون لفسد الكون فمثلا هذا إله يريد أن يأت بالشمس من المشرق والآخر يريد أن يأتي بالشمس من المشرق إله يريد أن تأكل البهائم عشابا و إله يريد أن تأكل البهائم لحما الكون سيضطرب حتما فالخالق لا بد أن يكون واحدا يخلق كل شيء كي يتصرف في كل شيء و إذا لم يخلق كل شيء من الموجودات فلا يقدر على التدخل في شيء منها من حيث الإيجاد و الحياة .

و من لا يستطيع التصرف في كل شيء لا يستطيع أن يمسك زمام عنصر واحد في الوجود ؛ لأن العنصر الواحد كي يسيطَر عليه لابد من السيطرة على جميع الموجودات التي تتعلق به و يتعلق بها و انتظام أفعال هذا الكون و عدم تغيرها يدل على وجود خالق واحد .

و خلق الأشياء من عدم مهمة كبيرة و المهام الكبيرة عندما يديرها واحد تكون أحسن من أن يديرها أكثر من واحد ؛ لأن هذا الواحد سيكون له السيطرة في كل شيء بنفس القوة و النفوذ أما الكثرة فأفكار مختلفة و سلطان متساوي فسيحدث خلاف بينهما و سيحدث اضطراب النظام .

و طلاقة خلق الكون و انتظام الكون و تناسق الكون دليل على إله واحد فخلق النبات يحتاج لتربة وهواء و شمس والشمس في مجرة و المجرة حولها مجرات فلو كان هناك إله يملك أحد العناصر والآخر يملك العناصر الأخرى لتعطل هذا النظام .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

[1] - المؤمنون آية 91
[2] - تفسير بن كثير 5/491
[3]- مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة لليافعي ص 57
[4] - التمهيد في الرد على الملحدة المعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة، للباقلاني ص46
[5] - شرح العقيدة الواسطية للهراس ص 135
 
الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله

الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله

الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله








إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :


فقد تواطأ سؤال الملاحدة عمن خلق الله فتجدهم يقولون سلمنا لكم أيها المؤمنون أن الله هو علة الوجود فيجب عليكم أيها المؤمنون أن تجيبوننا عمن خلق الله



و الجواب أنه من المعلوم فلسفيا أن كل ما له بداية ، له مُسبب أما الله فلا نقول أن له بداية ، و بالتالى لا يمكن تطبيق هذا الاحتجاج عليه فالخالق لا يخلق ؟

و قول القائل: من خلق الله؟ يساوي قوله ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟ أو ما بعد الشيء الذي لا شيء بعده؟



و يستحيل أن يكون الله خالقا و مخلوقا في آن واحد و المخلوقية من صفات الحوادث فكيف نصف الخالق الأزلي بصفات الحوادث و ننسب له ما لا يليق ؟!!




و لا يصح أن يقاس المخلوق الحادث على الخالق القديم الأزلي الذي لا أوّل له كما أن الصنعة لا تقاس على الصانع و الصنعة لا تشبه الصانع و لله المثل الأعلى .



و لو سلمنا جدلا أن هناك خالقاً لله تعالى ! فسيقول السائل : من خلق خالق الخالق ؟! ثم من خلق خالق خالق الخالق ؟! وهكذا يتسلسل إلى ما لا نهاية و هذا محال فيلزم من ذلك أن لا خالق و هذا مستحيل لظواهر الكونية الدالة على وجود الله و لم يوجد مجتمعٌ بلا معابد وعقيدة، ولكن وُجِدت مجتمعاتٌ بلا صنعةٍ أو زراعةٍ أو نظمٍ سياسيَّة ووجود الله مركوزٌ داخل النفس الإنسانيَّة مهما حاول الإنسان طمسه، ربَّما برز وظهر عندما يستشعر الإنسان ضعفه وحاجته، وما ذلك إلا لأنَّه يحسُّ حينئذٍ أنَّ ضعفه يدلُّ على وجود ذاتٍ قويَّة، وأنَّ حاجته تدلُّ على وجود ذاتٍ مستغنيةٍ ليست بحاجةٍ إلى غيرها .




و قولنا المخلوقات تنتهي إلى خالقٍ خلق كل شيء ، ولم يخلقه أحد ، بل هو الخالق لما سواه فهذا هو الموافق للعقل و المنطق .





هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
 
الرد على زعم اللادينيين إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ

الرد على زعم اللادينيين إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ

الرد على زعم اللادينيين إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ












إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .




و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين




أما بعد :





فقد كثرت مقولة إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ عند الملاحدة فتجدهم يكررون هذا العبارة في معظم مواقعهم و مدوناتهم و منتدياتهم و هذه المقولة إن قصد بها كل دين غير الإسلام فحق لما عليه الأديان الأخرى من خرافات وأضاليل وأكاذيب حتى النصرانية و اليهودية لم تسلم من التحريف و التضليل و الخرافات أما الإسلام فقد تكفل الله بحفظه و اشتمل الإسلام على كل محاسن الأديان السابقة .




و الإسلام كله خير و ما أتى إلا لجعل الناس في خير دينا و دنيا إذ الإسلام يدعو إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لردع نفوس أهل الإسلام الضعيفة عن التهاون في الواجبات و ارتكاب المحرماتقال تعالى : ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[1] .




و الإسلام يدعو إلى حسن الأخلاق و حسن الأعمال قال تعالى : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾[2] .




و الإسلام يدعو لحفظ العقول فحرم ما يؤدي لتدميرها قال صلى الله عليه وسلم : « كل مسكر خمر ،وكل مسكر حرام »[3] .




و الإسلام يدعو إلى حفظ الأموال فنهى عن القمار و ما يفسد الأموال قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمـَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسـِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِـنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبـُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[4] .




و الإسلام يدعو للرحمة بالآخرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء »[5] .




و الإسلام يدعو إلى عدم الإسراف في الطعام والشراب و بذلك تحفظ الصحة قال تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[6] و نهى الإسلام عن التبذير في إنفاق الأموال قال تعالى : ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ﴾[7] .




و الإسلام يدعو للشورى مما يؤدي إلى توحيد الأمة و اجتماعها على كلمة واحدةقال تعالى : ﴿ فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾[8] .




و الإسلام يحوي الجواب عما أراده الخالق من الإنسان و من أين أتي و إلى أين المصير قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾[9] أي : يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم[10] فبينت الآية أن الله هو خالق الإنسان و أن الله خلق جميع البشر من نفس واحدة آدم عليه السلام ، و قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[11] أي : وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي دون مَن سواي[12] قال تعالى : ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾[13] .




و الإسلام يوافق العلم و لا يخالفه بل قد شهدت الاكتشافات العلمية للإسلام بالصحة قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾[14] ، و ثبت علميا أن الإنسان العناصر التي يتكون منها الإنسان هي نفس العناصر التي تتكون منها الأرض ،و قال تعالى : ﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ﴾[15] والوتد في كلام العرب هو ما يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض ومعظمه غائر فيها ، وقد ثبت علميا أن للجبال جذور ممتدة تحت الأرض ، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات .




و الخلاصة أن دين الإسلام كله خير فعبارة هؤلاء الملاحدة أن الدين شر ما بعده شر منقوضة بوجود دين الإسلام الذي حوى كل الخير هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - ال عمران الآية 104
[2] - الأعراف الآية 199
[3] - رواه مسلم في صحيحه 3735
[4] - المائدة الآية 141
[5] - صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 4941
[6] - الأعراف الآية 31
[7] - الإسراء الآية 26
[8] - ال عمران الآية 159
[9] - النساء الآية 1
[10] - التفسير الميسر
[11] - الذاريات الآية 56
[12] - التفسير الميسر
[13] - سورة الزلزلة
[14] - المؤمنون الآية 12
[15] - النبأ الآية 7
 
الرد على زعم بعض الملاحدة أن العلة يجب أن تكون من جنس المعلول

الرد على زعم بعض الملاحدة أن العلة يجب أن تكون من جنس المعلول

الرد على زعم الملاحدة وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لأننا لم نر الله يخلق الكون





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيزعم الملاحدة هداهم الله أن وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لأننا لم نر الله يخلق الكون و يقولون إننا لا نعلم عن العلةشيئا إلا أنها الحادثة السابقة التي نشاهدها قبل حدوث معلولها, وإذن لا بد منمشاهدة الحادثتين معا السابقة واللاحقة على السواء, إننا نستدل بوجود الساعة علىوجود صانعها ؛ لأننا رأينا الساعة و الصانع كليهما و إذن فوجود الكون لا يقوم دليلاعلى وجود صانعه إلا إذا رأينا الصانع و المصنوع جميعا .

والجواب أن دلالة الفعل على الفاعل و دلالة الأثر على المؤثر و دلالة المعلول على العلة من البديهيات و لا تحتاج مشاهدة الفعل و الفاعل معا أو مشاهدة الأثر و المؤثر معا أو مشاهدة العلة و المعلول معا ومجرد أن ترى المعلول تعتقد بداهة أن له علة و لو لم تشاهد العلة و مجرد أن ترى الفعل تعتقد بداهة بأن له فاعل و لو لم تشاهد الفاعل و مجرد أن تشاهد الأثر تعتقد بأن له مؤثر و لو لم تر المؤثر .

و الفعل يدل على الفاعل و الأثر يدل على المؤثر و المعلول يدل على العلة بدلالة اللزوم أو دلالة العقل أي يحكم العقل بوجود هذه الدلالة بين الدال و المدلول و هذه الدلالة تنشأ من الملازمة بين الشيئين ملازمةً ذاتية في وجودهما الخارجي كالأثر والمؤثِّر و كالفعل و الفاعل و كالعلة و المعلول و كضوء الصبح الدال على طلوع الشمس. و تتميَّز هذه الدلالة : بأنَّها لا تختلف باختلاف الأشخاص والأمصار، فهي تحصل لأيِّ إنسانٍ مهما كان سواء العالم أو الجاهل ، القروي أو الحضري .

و نعترف عند رؤية البناءبوجود الباني و لو لم نره و نعترف عند رؤية الصنعة بوجود صانع و لو لم نره و نعترف عند رؤية الكتابة بوجود كاتب و لو لم نره .

و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون لم نر صانعه يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق لأننا لم نر الله يخلق الكون ؟!!!

و من هنا يتبين فساد زعم الملاحدة أن وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لعدم رؤيتنا خلق الله للكون .



هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
 
الرد على زعم الملاحدة بعدم صحة دليل النظام كدليل على وجود الله

الرد على زعم الملاحدة بعدم صحة دليل النظام كدليل على وجود الله

الرد على زعم الملاحدة بعدم صحة دليل النظام كدليل على وجود الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن دليل النظام لا يصح أن يكون دليلا على وجود الله ؛ لأن الاستدلال به قائم على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية ، فلأننا شاهدنا أن جميع المصنوعات البشرية لاتخلو من صانع ، فلابد أن يكون للكون المنظَّم من صانع خالق أيضا ، لشباهته بتلك المصنوعات البشرية و قال الملاحدة : هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب و تعْدِيَة حكم أحدهما إلى الآخر لاختلافهما ، فإن مصنوعات البشر موجودات صناعية ، بينما الكون موجود طبيعي ، فهما صنفان لا تناسب بينهما ، فكيف يمكن أن نستكشف من أحدهما حكم الآخر وصحيح أننا جربنا مصنوعات البشر فوجدناها لا توجد الا بصانع عاقل، ولكننا لم نجربذلك في الكون ؟


والجواب أن برهان النَّظم ليس مبنياً على التشابه و التماثل بين مصنوعات البشر والموجود الطبيعي حتى يقال بالفرق بين الصنفين ، و يقال هذا صناعي و ذاك طبيعي و يقال إِنَّا جربنا ذلك في المصنوعات البشرية و لم نجرّبه في الكون لعدم تكرر وقوعه وعدم وقوفنا على تواجده مراراً و لا يمكن إِسراء حكم الأَول إلى الثاني .


وبرهان النظم قائم على إدراك الحس بوجود النظام في الكون بملاحظة العقل للنَّظم و التناسق و الانضباط بين أَجزاء الوجود أي ملاحظة نفس ماهية النظام من دون تنظيرها بشيء ،فيحكم بما هو هو، من دون دخالة لأَية تجربة و مشابهة ، بأَنَّ موجد النَّظم لا محالة يكون موجوداً حكيما قديرا .


و برهان النظام قائم أيضا على البديهة العقلية القاضية بأن النظام لا يكون إلا من منظم ذي إرادةو قدرة وحكمة و ما ذكروه من أن هذا مصنوع وهذا طبيعي لا يلغي وجود النظام فيكليهما ، ولا يلغي البديهة العقلية القاضية بوجود منظم للكون .

و الفارق الذي ذكروه بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان غير مؤثر إذ لا فارق بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان من حيث السببو العلة .



و محل دليل النظام هو وجود النظام و النظام يفتقر إلى منظم و هو متحقق في جميع المخلوقات كما أنه متحقق في المصنوعات البشرية فلا يجوز التفريق بينهما وهما متماثلان في هذه الوجهة و إنما اختلفا فيغير محل الدليل بأن هذا طبيعي و هذا صناعي .

و العقل إذا رفض الإِذعان بأَنَّ الساعة وجدت بلا صانع أَو أنَّ السيارة وجدت بلا علة، فإِنما هو لأَجل ملاحظة نفس الظاهرة (الساعة والسيارة) حيثيرى أَنَّها تحققت بعد ما لم تكن، فيحكم من فوره بأَنَّ لها موجداً. وليس هذا الحكم إِلا لأَجل الإِرتباط المنطقي بين وجود الشيء بعد عدمه، ولزوم وجود فاعل له، وإِنْشئت قلت لأَجل قانون العلية والمعلولية الذي يعترف به العقل في جميع المجالات .

و إذا كان الشيء الأقل نظاما في الكون محتاجـًا لمريد حكيم ذي قدرة ، فكيف بالنظام الأحكم والأشمل للكون فهو أولى بالاحتياج إلى مريد حكيم .

و الاعتقاد بوجود علامات النظام التي تدل بالضرورة على منظم عاقل قادر من أوليات العقل[1] .

و زعمهم بعدم صحة دليل النظام ؛ لأنه قائم على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية رغم أنه خطأ فهو أيضا القول بعدم صحة أمر حسي ضروري بأمر متوهم إذ انتظام الكون أمر مشاهد و حاجة النظام إلى منظم من البديهات[2] ، و الأمور الحسية الضرورية لاتحتاج إلى أدلة تثبت صحتها فكيف يقال أنها لا تصح ؟!!!

هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1] - العقل يميّز بعض الحقائق دون حاجةٍ إلى براهين تثبتها أو لشهادة إنسان لتصدّقها. وتُسمى تلك الحقائق أوليات وبديهيات وضروريات
[2] - البدهيات هي حقائق ضرورية لا تحتاج إلى برهان، أي أنها تفرض نفسها على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباتها. ويجمع العقلاء على صحتها واعتمادها كأصول ضرورية لازمة، وهي تعتبر أسسا وقواعد أولية ومقاييس تبنى عليها باقي الأفكار، وبراهين لإثبات صدق غيرها من الأفكار




__________________

 
الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت

الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت

الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :
فيزعم الملاحدة هداهم الله باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت و برروا ذلك أن الخلود لو كان هو المصير الذي تنتصر فيه النفس بعد الموت ، فما السبب في عجز النفس عن أن تشغل لها حيزاً إلى جانب الجسد في هذه الحياة الدنيا ؟

و الجواب أن لا علاقة بين استقلال الروح عن الجسد في الحياة الدنيا و بين بقاء الروح بعد الموت و قد اقتضت حكمة الله أن تكون الروح بداخل الجسد لا مفارقة له في الحياة الدنيا ، وليس معنى عدم وجود الروح منفصلة عن الجسد في الحياة الدنيا أن الروح لا يمكن أن توجد بعد موت الشخص فالذي خلق الروح في الجسد قادر أن يبقي الروح بعد موت الجسد .

و إن قالوا لا نتصور بقاء الروح بعد الموت و الحكم على الشيء فرع عن تصوره فالجواب عدم تصوركم بقاء الروح بعد الموتلا يعني امتناعه في نفسه، فقد تعجز العقول عن تصور أمور كثيرة كعجزها عن تصور حقيقة العقل رغم أنه داخلنا ولا يمكن أن نفكر بلا عقل و عجزها عن تصور حقيقة الروح رغم أنها بداخلنا ، فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يخضع بعقله أفعال الله سبحانه لقوانين البشر وقدراتهمو الشيء الذي لا نشاهده في الواقع الحسي لا يلزم عقلاً أن يكون غير ممكن الوجود ، فعدم الوجود لا يدل على استحالة الوجود .




و إنكارهم الحياة الآخرة و البعث باطل فمن بدأ الخلق من العدم فهو قادر على إعادة الخلق بعد أن يكونوا ترابا و بداهة من قدر على الإبداء قدر على الإعادة من باب أولى ، و لو كان الله عاجزاً عن الإعادة بعد الموت لكان عن الإبداء أعجز وأعجزقال تعالى : ﴿ و َضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾[1]فاحتج تعالى بالإبداء على الإعادة ، و بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة .

و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[2] و قوله : (أهون) هذا بالنسبة للبشرفالآية متوجهة لجميع المخاطبين على حسب فهمهم ، فيكون الهون بالنسبة للبشر لا لله ؛ لأن الإعادة أسهل عندهم من الإبتداء أما بالنسبة لله تعالى فإن كلا الأمرين هين عليه تعالىلا؛ فلا فرق بين الأمرين .

و من أدلة البعث أن من يقدر على إحياء الأرض بعد موتها , يقدر أيضاً على بعث الأجساد بعد موتها قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾[3] أي : ومن علامات وحدانية الله وقدرته : أنك ترى الأرض يابسة لا نبات فيها، فإذا أنزلنا عليها المطر دبَّت فيها الحياة , و تحركت بالنبات, و انتفخت و علت , إن الذي أحيا هذه الأرض بعد همودها, قادر على إحياء الخلق بعد موتهم, إنه على كل شيء قدير, فكما لا تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها, فكذلك لا تعجز عن إحياء الموتى[4] .

و من أدلة البعث أن من قدر على خلق السموات و الأرض و هما في غاية العظم قادر من باب أولى على إعادة خلق الإنسان قال تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[5]فمن قدر أن يخلق هذه السموات على ارتفاعها وعظمتها, وهذه الأرض على اتساعهاو تنوعها كانأقدر على أن يحيي عظاماً قد صارت رميماً ، فيردها إلى حالتها الأولى.

و إن قال الملاحدة كيف يحيى الله الإنسان من جديد بعد أن يضمحل و يتلاشى بدنه فيستحيل إعادة الإنسان بعد أن يصير عدما ؟ و الجواب أن الملاحدة هداهم الله يعتقدون بأن حقيقة الإنسان هي عبارة عنهذا البدن المادي الذي يتلاشى وينعدم بالموت، وإذا ردت له الحياة من جديد بعدالموت، فهو إنسان آخر لا هو عين الأول ، لأن إعادة المعدوم أمر محال .

و هذا لجهل الملاحدة أن المعاد ليس من باب إعادة للمعدوم ، بل عودة الروحالموجودة إلى الجسد المادي مره أخرى فالبعث إعادة و ليس تجديدًا إعادة لما زال و تحول ؛ فإن الجسد يتحول إلى تراب ، و العظام تكون رميما ؛ يجمع الله تعالى هذا المتفرق ، حتى يتكون الجسد ، فتعاد الأرواح إلى أجسادها ، و أما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد ؛ فإن هذا زعم باطل بنص القرآن قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[6].

الملاحدة جهلوا حقيقة الإنسان أنها من روح وبدن , و أن الروح باقية لا تنعدم , و إنما كانت متلبسة بالبدن ثم تفارقه عند الموت , و أما البدن فأنه لا ينعدم و إنما يتحلل إلى عناصره بعد أن كان مركباً والتحلل إلى العناصر الأصلية لا يسمى عدماً. فلو فرضنا أن هناك مهندس فكك السيارة بصورة تامة إلى أجزائها الأولية ثم أعاد تركيبها فهل هذا يسمى عدماً للسيارة ؟! فتحصل لدينا أن الموت لا يعني عدم الإنسان أما الروح فهي باقية,وأما البدن فهو يتحلل إلى عناصره ولا تنعدم هذه العناصر.

و إذا قيل : ربما تأكل السباع الإنسان ، و يتحول جسمه الذي أكله السبع إلى تغذية لهذا الآكل تختلط بدمه ولحمه وعظمه وتخرج في روثه وبوله فكيف يعاد هذا الجسد ؟ و الجواب : أن الأمر هين على الله ؛ يقول للشيء كن فيكون ، و يتخلص هذا الجسم الذي سيبعث من كل هذه الأشياء التي اختلط بها ، وقدرة الله عز وجل فوق ما نتصوره ؛ فالله على كل شيء قدير .

و إذا قيل البدن الذي يتلاشى و يضمحل يفقد قابليته و استعداده للحياة و وقوع العودة فعلا و خارجا مشروط بقابلية البدن لتلك العودةو الجواب أن النظام الذي نشاهده في عالم الدنيا، ليس هو النظامالوحيد الممكن ، والشروط والأسباب التي نعرفها من خلال مشاهداتنا وتجاربنا ليست هيالأسباب والعلل الوحيدة و الإيمان بالبعث إيمان بأمر غيبي و الأمور الغيبية لا تخضع للتجارب التي نخضع لها ظواهر هذا الكون المادّية .

و سر إنكار الملاحدة البعث الجهل و القول بغير علم مما أوقعهم في قياس عالم الغيب على عالم الشهادة و إخضاع عالم الغيب للتجارب و قياس فعل رب الخلق على فعل الخلق و قد قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[7] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات









[1] - يس الآية 78 - 79
[2]- الروم من الآية 27
[3]- فصلت الآية 39
[4]- التفسير الميسر
[5] - الأحقاف الآية 33
[6]- الروم من الآية 27
[7]- الإسراء الآية 36
 
الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع

الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع

الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :
يزعم الملاحدة أن العلة الأولى لايمكن أن تكون إلا فاعل بالطبع و هو ما يعبر عنه العلماء في الوقت الحاضر بأنه الطبيعة أو قوى الطبيعة .

و الجواب أن وجود مخلوقات عالمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير عالم ؛ لأن من ليس عنده علم لا يهب العلم ففاقد الشيء لا يعطيه .

ووجود مخلوقات حكيمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير حكيم ؛ لأن من ليس عنده حكمة لا يهب الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه .

و الكون منتظم لأنه يظهر فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن ذي علم و إرادة قد نظمه وهو الله لا الطبيعة غير العاقلة و غير العالمة و غير الحكيمة .

و زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ .

و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]

و الشيء الحادث لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟

و الشيء المرئي لا يكون منه إلا شيئاً مرئياً لذا المادة لا يمكنها أن تخلق الشيء اللامرئي ، و لا يجوز أن نجعل اللامرئي انعكاساً إلى الشيء المرئي إذ شتان بينهما. و عليه فإن المادة تكون ناقصة قاصرة وعاجزة عن الخلق، و بما أن اللامرئي من الأشياء الحادثة لا يمكنه أن يخلق المرئيات من الأشياء إذن و وفق الاستدلال المنطقي نصل إلى أن الشيء اللامرئي برهان قاطع على وجود الخالق .

والشيء لا يخلق شيئاً أرقى منه ، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً! هذا لا يكون [2].

سبحان ربي هل الطبيعة اللاعاقلة و اللامريدة أوجدت هذا الانسان العاقلو المريد ؟!!

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1]- شرح العقيدة الطحاوية لسفر الحوالي
[2]- العقيدة في الله ص 29
 
الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل اللادينيين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد و مادام الإسلام صحيحا فلما يرتد الناس بعد دخولهم فيه ، و الجواب أن الاتداد عن الدين بعد الدخول فيه خيانة عظمى للدين و للدولة الإسلامية لذلك شرع الله قتل المرتد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من بدل دينه فاقتلوه »[1] .

و ما شرعه الإسلام في شأن المرتد ما هو إلا تحقيق لأهم مقاصد الشريعة ، و هو حفظ الدين و صيانة الدين و لتعظيم شعائر الله وللتفريق بين الإسلام و الكفر و الحق و الباطل ، و إذا كانت قوانين البشر رغم ما فيها من القصور و التناقض و الاضطراب يوجب أصحابها عند مخالفتها الجزاءات و العقوبات ؛ فكيف بمناقضة شرع الله تعالى و الله خير الحاكمين ؟!!


و من اختار الضلالة بعد الهدى ، و ارتد بعد إسلام و كان قدوة سيئة في مجتمعه في الاتداد - سواء قصد ذلك أو لم يقصد - كان القصاص منه بالقتل درءا لمفسدته إذ تحول الإنسان من دين إلى دين كفيل بفتنة عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ،و إذا كانت أي دولة من الدول توجب القتل لمن يخونها حماية لها و لأبنائها فلما يشنعون على الإسلام أنه يأمر بقتل من خانه و ارتد عنه فكل نظام في العالم يُعَاقِبُ مَن خَرَجَ على قوانينه بالإعدام ، أوِ السّجْن المؤبَّد ،و يعتبرونه خيانة عظمى فكيف يُحْتَجُّ على الإسلام بقَتْل المُرْتَدِّ عنه ، و هو دِين الله الخاتم ؟!!!

و في قتل المرتد كف شره ، وقطع أذاه، فالمرتد لا يكتفي بردته وحده في الغالب بل يبث شره و سمومه على الآخرين ، فكان في قتله قطعاً لإفساده في الأرض .

و في قتل المرتد تعظيم للدين الذي هو أغلي ما يملك ، و عدم اتخاذ الارتداد مطية لتحقيق بعض المآرب الدنيوية فبعض ضعاف النفوس قد تحمله المغريات المادية و المصالح المادية و الشخصية على ترك دينه استجابة لداعي الإغراء و المصلحة الذاتية ، و في ظِلِّ امتلاك الكفار المال، فإنهم من الممكن أَن يَستَغِلُّوا ضِعافَ النفوس منَ الفُقَراءِ المسلمين، وَيَتِمّ إغراؤُهُم بالمال لتَغييرِ دينهم و كم حدث هذا في البلاد الفقيرة .

و في قتل المرتدحماية لجناب الدين من التلاعب به فحتى لا يفكر أي منافق بالدخول في الإسلام ثم الخروج منه تشجيعا لحركة الاتداد و إثارة للفتنة في الدولة الإسلامية .

و في قتل المرتدحماية للدولة الإسلامية فحتى لا تقوى شوكة الكفر و الإلحاد في الدول الإسلامية فتشكل الخطر الأكبر على عقيدة المسلمين فالكفار عندما تقوى شوكتهم يعملون على إبادة المسلمين و التاريخ خير شاهد على ذلك و ما خبر التتار و ما فعلوه ببلاد المسلمين منا ببعيد فقد عملوا على إبادة المسلمين و الشيوعيون عندما تمكنوا من المسلمين في يوغوسلافيا عملوا على إبادتهم .

و في قتل المرتدحفظ دين المسلم الذي هو أعز ما يملك ، والإنسان قد تعتريه الغفلة في بعض الأحيان فإذا لم يكن هناك وازع يردعه فقد ينجرف وراء الشبهات التي يقذفها الشيطان في قلبه فيخسر دنياه وأخراه و حد الردة يجعل الشخص يفكر كثيرا قبل الإقدام على الاتداد .

و ما يروج له البعض من حرية الارتداد عن الدين غير صحيح للفارق بين الكافر الأصلي و الذي كفر بعد إسلام فالذي كفر بعد إسلام قد فارق جماعة المسلمين أما الكافر الأصلي فلم يدخل في جماعة المسلمين في الأصل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة »[2] ،و فرق بين حرية اختيار الدِّين و حرية الارتداد عن الدين فالارتداد عن الدين فيه إهانة للدين و تشجيع الخروج عليه و خيانة الدولة الإسلامية و إثارة الفتنة في الدولة الإسلامية أما عدم الدخول في الدين من الأصل فلا تضير الدين شيئا .

و المسلم الحق قد اجتَمعت فيه أسبابُ الهِدايَة ودَوَاعيها من وِلادَتِه على الفِطْرَة، ونَشْأَتِه بين المسلمين، ومعرفتِه بعظمةِ الإسلام؛ فلا يَرتد عن الإسلام إلا لِخُبْثِ نفسِه، و سفه عقله ؛ فهو نبتة فاسدة ، لا خيرَ في بقائها,و بقائها يثير البلبة و يشجع على الفساد و يقلل من هيبة الدين و يكون سببا للتلاعب بالدين .

و الردة بعد إسلام ليست عيب في الإسلام بل عيب في من ضل بعد هدى و عمي بعد إبصار و كفر بعد إسلام و العين العمياء لا تبصر الضوء ، و العين المغمضة لا تبصر الضوء فهل المشكلة في الضوء أم المشكلة في العين التي لا تبصر الضوء ؟ و الأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود فهل المشكلة في الأذن أم المشكلة في الأذن التي لا تسمع ؟

و سبب انتشار الردة سوء فهم الإسلام و عدم تعلمه و ضعف الإيمان و خبث النفس و ما انتشار الردة إلا كانتشار السرقة و الزنا و غير ذلك من الفواحش و سبب هذه الشرور خبث النفس و عدم الوازع الديني ، و الناس تهوى التحرر و الانفلات ، سواء كان في الأخلاق ، أو الأفكار ، لذلك شرع الإسلام حدودا منيعة ضد هذه الشرور إذ الحدود حائلة بين الناس وبين انفلاتهم ، ومانعة لهم من التمرد على القيم والفضائل .

و الخلاصة أن أمن المسلمين فكريا بقتل المرتدين أولى بالتشريع و المحافظة ، من المحافظة على أملاكهم العامة
و كل أمة من الأمم، وكل حضارة من الحضارات، لها مرجعها الذي تقدسه وتحترمه، وتعاقب من يخالف تعاليمه بالقتل أو التعذيب فلما يعترض على الإسلام و هو يحافظ على جنابه و أبنائه و دولته بقتل المرتد ؟!!هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










[1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6411
[2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6270 و رواه مسلم في صحيحه رقم 3175
 
الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل اللادينيين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد و مادام الإسلام صحيحا فلما يرتد الناس بعد دخولهم فيه ، و الجواب أن الاتداد عن الدين بعد الدخول فيه خيانة عظمى للدين و للدولة الإسلامية لذلك شرع الله قتل المرتد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من بدل دينه فاقتلوه »[1] .

و ما شرعه الإسلام في شأن المرتد ما هو إلا تحقيق لأهم مقاصد الشريعة ، و هو حفظ الدين و صيانة الدين و لتعظيم شعائر الله وللتفريق بين الإسلام و الكفر و الحق و الباطل ، و إذا كانت قوانين البشر رغم ما فيها من القصور و التناقض و الاضطراب يوجب أصحابها عند مخالفتها الجزاءات و العقوبات ؛ فكيف بمناقضة شرع الله تعالى و الله خير الحاكمين ؟!!


و من اختار الضلالة بعد الهدى ، و ارتد بعد إسلام و كان قدوة سيئة في مجتمعه في الاتداد - سواء قصد ذلك أو لم يقصد - كان القصاص منه بالقتل درءا لمفسدته إذ تحول الإنسان من دين إلى دين كفيل بفتنة عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ،و إذا كانت أي دولة من الدول توجب القتل لمن يخونها حماية لها و لأبنائها فلما يشنعون على الإسلام أنه يأمر بقتل من خانه و ارتد عنه فكل نظام في العالم يُعَاقِبُ مَن خَرَجَ على قوانينه بالإعدام ، أوِ السّجْن المؤبَّد ،و يعتبرونه خيانة عظمى فكيف يُحْتَجُّ على الإسلام بقَتْل المُرْتَدِّ عنه ، و هو دِين الله الخاتم ؟!!!

و في قتل المرتد كف شره ، وقطع أذاه، فالمرتد لا يكتفي بردته وحده في الغالب بل يبث شره و سمومه على الآخرين ، فكان في قتله قطعاً لإفساده في الأرض .

و في قتل المرتد تعظيم للدين الذي هو أغلي ما يملك ، و عدم اتخاذ الارتداد مطية لتحقيق بعض المآرب الدنيوية فبعض ضعاف النفوس قد تحمله المغريات المادية و المصالح المادية و الشخصية على ترك دينه استجابة لداعي الإغراء و المصلحة الذاتية ، و في ظِلِّ امتلاك الكفار المال، فإنهم من الممكن أَن يَستَغِلُّوا ضِعافَ النفوس منَ الفُقَراءِ المسلمين، وَيَتِمّ إغراؤُهُم بالمال لتَغييرِ دينهم و كم حدث هذا في البلاد الفقيرة .

و في قتل المرتدحماية لجناب الدين من التلاعب به فحتى لا يفكر أي منافق بالدخول في الإسلام ثم الخروج منه تشجيعا لحركة الاتداد و إثارة للفتنة في الدولة الإسلامية .

و في قتل المرتدحماية للدولة الإسلامية فحتى لا تقوى شوكة الكفر و الإلحاد في الدول الإسلامية فتشكل الخطر الأكبر على عقيدة المسلمين فالكفار عندما تقوى شوكتهم يعملون على إبادة المسلمين و التاريخ خير شاهد على ذلك و ما خبر التتار و ما فعلوه ببلاد المسلمين منا ببعيد فقد عملوا على إبادة المسلمين و الشيوعيون عندما تمكنوا من المسلمين في يوغوسلافيا عملوا على إبادتهم .

و في قتل المرتدحفظ دين المسلم الذي هو أعز ما يملك ، والإنسان قد تعتريه الغفلة في بعض الأحيان فإذا لم يكن هناك وازع يردعه فقد ينجرف وراء الشبهات التي يقذفها الشيطان في قلبه فيخسر دنياه وأخراه و حد الردة يجعل الشخص يفكر كثيرا قبل الإقدام على الاتداد .

و ما يروج له البعض من حرية الارتداد عن الدين غير صحيح للفارق بين الكافر الأصلي و الذي كفر بعد إسلام فالذي كفر بعد إسلام قد فارق جماعة المسلمين أما الكافر الأصلي فلم يدخل في جماعة المسلمين في الأصل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة »[2] ،و فرق بين حرية اختيار الدِّين و حرية الارتداد عن الدين فالارتداد عن الدين فيه إهانة للدين و تشجيع الخروج عليه و خيانة الدولة الإسلامية و إثارة الفتنة في الدولة الإسلامية أما عدم الدخول في الدين من الأصل فلا تضير الدين شيئا .

و المسلم الحق قد اجتَمعت فيه أسبابُ الهِدايَة ودَوَاعيها من وِلادَتِه على الفِطْرَة، ونَشْأَتِه بين المسلمين، ومعرفتِه بعظمةِ الإسلام؛ فلا يَرتد عن الإسلام إلا لِخُبْثِ نفسِه، و سفه عقله ؛ فهو نبتة فاسدة ، لا خيرَ في بقائها,و بقائها يثير البلبة و يشجع على الفساد و يقلل من هيبة الدين و يكون سببا للتلاعب بالدين .

و الردة بعد إسلام ليست عيب في الإسلام بل عيب في من ضل بعد هدى و عمي بعد إبصار و كفر بعد إسلام و العين العمياء لا تبصر الضوء ، و العين المغمضة لا تبصر الضوء فهل المشكلة في الضوء أم المشكلة في العين التي لا تبصر الضوء ؟ و الأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود فهل المشكلة في الأذن أم المشكلة في الأذن التي لا تسمع ؟

و سبب انتشار الردة سوء فهم الإسلام و عدم تعلمه و ضعف الإيمان و خبث النفس و ما انتشار الردة إلا كانتشار السرقة و الزنا و غير ذلك من الفواحش و سبب هذه الشرور خبث النفس و عدم الوازع الديني ، و الناس تهوى التحرر و الانفلات ، سواء كان في الأخلاق ، أو الأفكار ، لذلك شرع الإسلام حدودا منيعة ضد هذه الشرور إذ الحدود حائلة بين الناس وبين انفلاتهم ، ومانعة لهم من التمرد على القيم والفضائل .

و الخلاصة أن أمن المسلمين فكريا بقتل المرتدين أولى بالتشريع و المحافظة ، من المحافظة على أملاكهم العامة
و كل أمة من الأمم، وكل حضارة من الحضارات، لها مرجعها الذي تقدسه وتحترمه، وتعاقب من يخالف تعاليمه بالقتل أو التعذيب فلما يعترض على الإسلام و هو يحافظ على جنابه و أبنائه و دولته بقتل المرتد ؟!!هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










[1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6411
[2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6270 و رواه مسلم في صحيحه رقم 3175
 
الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟

الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل اللادينيين في عجب إذا كان الله غني عن عبادتنا فلماذا نعبده ؟!! و الجواب أن الله غني عنا و ليس بحاجة لعبادتنا قال تعالى : ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾[1] أي : إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا; فإن الله لغني عن خلقه, مستحق للحمد والثناء, محمود في كل حال[2] ،و قال تعالى : ﴿ َإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ﴾[3] أي : إن تجحدوا وحدانية الله تعالى وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات والأرض. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله[4] .

و قال تعالى : ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ ﴾ أي إنه تعالى ما كلف المكلفين ليجرّ إلى نفسه منفعةً أو ليَدْفَع عن نفسه مضرَّة لأنه تعالى غني على الإطلاق فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة، لأنه واجب الوجود لذاته وواجب الودود لذاته في جميع صفاته يكون غنياَ على الإطلاق و أيضاً فالقادر على خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسيّ والعناصر الأربعة والمواليد الثلاثة ممتنع أن ينتفع بصلاة «زَيْدٍ» وصيامِ «عَمْرٍو» وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذلك[5].

وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل : « يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر »[6] .


و ليس معنى أن الله غني عن عبادة البشر ألا يعبده البشر فالله قد خلق الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[7] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[8] .

و قال ابن عثيمين في قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[9] أي : ما أوجدتهم بعد العدم إلا لهذه الحكمة العظيمة، وهي عبادة الله تبارك وتعالى، وحده لا شريك له، واللام في قوله ﴿ ليعبدون ﴾ للتعليل ، لكن هذا التعليل تعليل شرعي، أي لأجل أن يعبدون ، حيث آمرهم فيمتثلوا أمري، وليست اللام هنا تعليلاً قدريا ، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً للزم أن يعبده جميع الجن والإنس[10] .

وقال أبو بكر الجزائري :قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[11] أي لم يخلقهما للهو ،و لا للعب و لا لشيء وإنهما خلقهما ليعبدوه بالإذعان له والتسليم لأمره و نهيه[12] .

و ليس معنى أن الله خلقنا لنعبده أن الله تعالى يحتاج لعبادتنا بل نحن الذين نحتاج أن نعبده لنشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى قال تعالى : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ[13] فإذا فعل شخص فيك العديد من الخير ينبغي عليك أن تشكره فكيف بالله الذي وهبك كل خير ألا تشكره قال تعالى : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾[14] و شكر الله لا يكون إلا بعبادته سبحانه دون من سواه ؟!!! و ما يعمله الإنسان من الصالحات إنما هو شكر لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد قال تعالى : ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾[15] أي : ومن شكر ففائدة الشكر إليه، لأنه يجلب دوام النعمة، ومن جحد ولم يشكر فإن الله غنى عن العباد وعبادتهم، كريم بالإنعام عليهم وإن لم يعبدوه [16].

و الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغني عن العالمين فالخلق هم المستفيدون من الطاعة والمتضررون من المعصية قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[17]

و نحن نحتاج أن نعبد الله لأننا فقراء إليه نحتاج إليه في كل أمورنا فالله بيده كل الأمور قال تعالى : ﴿ أمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[18] .

و في هذه الآيات ما يتعلق عموما باحتياج الخلق إلى الله تعالى : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة الجمادات الصماء خير أم من يجيب المضطر إذا دعاه وهو الذي أحوجه المرض أو الفقر أو المحنة إلى التضرع إلى الله تعالى، ويرفع عنه السوء أو الضرر الذي أصابه من فقر أو مرض أو خوف أو غيره ، و يجعلكم ورثة من قبلكم من الأمم في سكنى الأرض والديار والتصرف فيها، فيخلف قرنا لقرن وخلفا لسلف، كما قال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ﴾[19] أيعقل وجود إله مع الله بعد هذا؟ وهل يقدر أحد على ذلك غير الله المتفرد بهذه الأفعال؟ ولكن ما أقل تذكركم نعم الله عليكم، ومن يرشدكم إلى الحق ويهديكم إلى الصراط المستقيم .

و في هذه الآيات ما يتصل باحتياج الخلق إلى الله تعالى في وقت خاص: ﴿ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة التائهة خير أم من يرشدكم في أثناء الظلمات البرية أو البحرية إذا ضللتم الطريق بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية، كما قال تعالى: ﴿وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[20] ، و قال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾[21] و من يرسل الرياح مبشرات أمام نزول الغيث الذي يحيي به الأرض بعد موتها، أيكون هناك إله مع الله فعل هذا ؟ تنزه الله المتفرد بالألوهية المتصف بصفات الكمال عن شرك المشركين الذين يعبدون مع الله إلها آخر ؟! [22]
إن ما نراه في هذا الخلق من الحكم و الإبداع لدليل ساطع على أن الله حكيم و الله الحكيم لا يخلق الإنسان إلا لحكمة و عبادته سبحانه من أعظم حكم خلق الإنسان و من حكم خلق الإنسان أيضا ابتلاء الناس قال تعالى : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾[23].

و من حكم خلق الإنسان تشريف الإنسان وتكريمه بإظهار كمال عبوديته لله تعالى، فلا شيء أشرف للإنسان من أن يكون عبدا محضاً لله تعالى وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتوجه بتوجيهاته، ويسير على صراطه المستقيم، لا نصيب لغير الله تعالى فيه قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾[24] .

و من حكم خلق الإنسان إظهار أسماء الله الحسنى وصفاته العلا ، فمن عمل لما خلق له جازاه الله بالحسنى ، وتفضل عليه، وغفر له زلاته، وعفا عن هفواته ، و أسكنه فسيح جناته بعد مماته، فيظهر بذلك أثر كرم الله تعالى وتفضله وإحسانه وعفوه ومغفرته سبحانه وتعالى ، و من أعرض عما خلق له استحق عقاب الله تعالى، وانتقامه منه، لتنكره لخالقه ورازقه، والمنعم عليه، ولإعراضه عما خلقه له، فإذا انتقم منه لذلك وعاقبه، ظهر أنه الجبار المنتقم شديد العقاب .

و من فضل الله علينا و رحمته بنا أن أمرنا بعبادته و نهانا عن معصيته و لا يرضى لنا الكفر و يرضى لنا العبادة و الشكر قال تعالى : ﴿ِ إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾[25] ، و قوله تعالى : ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ﴾ أي : لا يضره كفركم ، كما لا ينتفع بطاعتكم ، و لكن أمره و نهيه لكم محض فضله و إحسانه عليكم و قوله تعالى : ﴿ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْر َ﴾ لكمال إحسانه بهم ، و علمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها ، و لأنه خلقهم لعبادته ، فهي الغاية التي خلق لها الخلق ، فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله[26] ، و الله سبحانه و تعالى لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران ، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثيبهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء[27].

و نختم بقول قتادة و غيره من السلف: « إنَّ الله سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلاً منه ، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم »[28].

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - إبراهيم الآية 8
[2] - التفسير الميسر
[3] - النساء الآية 131
[4] - التفسير الميسر
[5] - اللباب في تفسير الكتاب 16/477
[6]- رواه مسلم في كتاب البر والصلة رقم (2577) .
[7] - الذاريات الآية 56
[8] - تفسير السعدي ص 813
[9] - الذاريات الآية 56
[10] - تفسير الحجرات – الحديد لابن عثيمين ص 166
[11] - الذاريات الآية 56
[12] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/17
[13] - إبراهيم من الآية 34
[14] - النحل الآية 53
[15] - النمل الآية 40
[16] - تفسير المراغي 19/141
[17] - فصلت الآية 46
[18] - النمل الآية 62 -64
[19] - الأنعام الآية 165
[20] - النحل الآية 16
[21] - الأنعام من الآية 97
[22] - التفسير المنير 20/14
[23] - العنكبوت الآية 2
[24]- الإسراء الآية 70
[25] - الزمر من الآية 7
[26] - تفسير السعدي ص 719
[27] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/469
[28]- قاعدة في المحبة لابن تيمية ص 255
 
الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟

الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟

الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟ و الجواب أن الله لا يسوي بين من يعبده و من يعبد غيره فقد قال سبحانه : ﴿ أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾[1] أي : أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات , و كذَّبوا رسل الله , و خالفوا أمر ربهم , و عبدوا غيره , أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله , و صدقوا رسله و عملوا الصالحات , و أخلصوا له العبادة دون سواه, ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة[2] ، و قال بن جبرين في صدد هذه الآية : هل حسبوا ذلك؟ فهذا حسبان باطل! كيف يعتقدون و يحسبون أن نجعلهم – و هم قد اجترحوا السيئات- أن نجعلهم مثل أهل الحسنات؟! ومثل أهل الأعمال الصالحة؟! لقد أخطئوا في هذا الحسبان[3] .


وَ قال سبحانه : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[4] وَ هَذَا الاستفهام الذي في الآية استفهام إِنْكَاري على من يظنّ ذَلِك ، و هذا يدل أَن التَّسْوِيَة بَين أهل الطَّاعَة وَ أهل الْكفْر مِمَّا يعلم بُطْلَانه وَإِن ذَلِك من الحكم السيء الَّذِي تنزه الله عَنهُ .

و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[5]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[6] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[7] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة [8] .

و تأبى حكمة الله سبحانه وتعالى أن يُضيع أعمال العباد سُدى، وأن يسوِّي بين المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، تأبى حكمة أحكم الحاكمين أن تتّصف بذلك، فلولا أنّ هناك بعثاً يحاسَب فيه العباد ويجزى كلُّ عامل بعمله للزم العبث وللزم الجور والظُّلم من الله، تعالى الله عن ذلك[9] .

و من سمع بالإسلام و بلغته الحجة ولم يسلم فقد ظلم نفسه ظلما كبيرا لا يغفره الله إلا بالتوبة والإسلام، فإذا مات على ذلك استحق الخلود في نار جهنم قَالَ تَعَالَى : ﴿ ِإنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[10] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾[11] .


و إن كان الأب كافرا وله زوجة مؤمنة وأولاد فلن يجمع الله بينهم ، إذ ليس من العدل الجمع بين من آمن وأطاع، وبين من كفر وعاند قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[12] ،و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[13] و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[14] ،و هذه الآيات تستلزم عدم التسوية بين المؤمنين و الكافرين و عدم التسوية بين أهل الجنة وأهل النار في الدنيا و في الآخرة .


و ليس في الجنة حزن قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [15] أي ويقولون حينئذ: الحمد لله الذي أذهب عنا الخوف من كل ما نحذر، وأراحنا مما كنا نتخوف من هموم الدنيا والآخرة[16] ،و قال الزجاج: أَذْهَبَ الله عن أهل الجنة كُلَّ الأحزان ما كان منها لمعاشٍ أو معادٍ[17] و قال السعدي : وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد[18] و قال الطنطاوي : والحزن: غم يعترى الإنسان لخوفه من زوال نعمة هو فيها. و المراد به هنا: جنس الحزن الشامل لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة أى: وقالوا عند دخولهم الجنات الدائمة، وشعورهم بالأمان والسعادة والاطمئنان : الحمد لله الذي أذهب عنا جميع ما يحزننا من أمور الدنيا أو الآخرة[19] و قال أبو بكر الجزائري : قوله تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [20] أي كل الحزن فلا حزن يصيبهم إذ لا موت في الجنة ولا فراق ولا خوف ولا همَّ ولا كرب فمِن أين يأتي الحزن[21] .

و لا يقاس أحوال الناس يوم القيامة على أحوال الناس في الدنيا ، ففي الدنيا يتألم المسلم إذا رأى أمه أو أباه يرفضون الإسلام لعلمه بعاقبتهم عند الله، ولكنه يسلم لأمر الله ولا يضره هذا في الآخرة ولا يحزنه إذا دخل الجنة ، فأهل الجنة لا يحزنون قال تعالى : ﴿ ِإنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[22].

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الجاثية من الآية 21
[2] - التفسير الميسر
[3] - شرح الطحاوية لابن جبرين
[4] - ص الآية 28
[5] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
[6] - القلم الآية 35 - 36
[7] - السجدة الآية 18
[8] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/23
[9] - إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للفوزان 2/172
[10] - النساء الآية 48
[11] - التوبة الآية 68
[12] - القلم الآية 35 - 36
[13] - السجدة الآية 18
[14] - ص الآية 28
[15] - فاطر الآية 34
[16] - تفسير المراغي 22/131
[17] - اللباب في علوم الكتاب 16/143
[18] - تفسير السعدي ص 689
[19] - التفسير الوسيط للطنطاوي 11/350
[20] - فاطر الآية 34
[21] - أيسر التفاسير 4/356
 
الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟

الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟

الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟ ، و مقتضى العدل أن الله لا يعاقب امرأة عفيفة صالحة بفساد و جرم أحد محارمها إذ كيف يبتلي الله المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بالزنى ،و الجواب أن الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[2] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[3] .


و مقولة من يزني لا بد أن يزنى بأحد محارمه لا دليل عليها بل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن أن لا أحد يؤخذ بذنب غيره قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [4] و عليه فلم يقدر الله أن من يزني يزنى بأهله .

و لعل الملاحدة أخذوا بحديث : « من زنى زني به و لو بحيطان داره » ، و هذا الحديث لا يصح فقد ذكره السيوطي في جامع الأحاديث ، و قال : ( أخرجه الديلمي ، و ابن النجار ، ووهاه عن أنس ، و فيه الحارث بن عبد المختلط واه )[5] و قال الألباني : موضوع[6] ، و على التسليم بصحته تنزلا معهم فيكون الحديث معناه أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد ، فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر فالمرء على دين صاحبه و على هذا يكون لا تعارض بين الحديث و الآية ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .

و حتى لو سلمنا جدلا و تنزلا بأن الزاني يزنى بأهله عقابا فيكون زنى أهله ابتلاءا لهم و اختبارا فلا ظلم لهم و عليه يحمل الحديث الضعيف : « عُفوا تعف نساؤكم »[7] و الدنيا ليست دار سعادة و فرح بل دار ابتلاء و اختبار ،و للرب أن يمتحن عباده بما يشاء و هو ليس ظالما لهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - النحل الآية 90
[2] - الكهف من الآية 49
[3] - متفق عليه
[4] - الأنعام من الآية 164
[5] - جامع الأحاديث للسيوطي حديث رقم 22319
[6] - السلسة الضعيفة 2 / 154
[7]- رواه الحاكم في المستدرك و ضعفه الذهبي و أبو حاتم العلل 1/412
 
الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟

الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟

الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] - الزمر الآية 67
[2] - لقمان من الآية 13
[3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
[4] - النساء من الآية 48
[5] - متفق عليه
[6] - الذاريات الآية 56
[7] - تفسير السعدي ص 813
[8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
[9] - القلم الآية 35 - 36
[10] - السجدة الآية 18
[11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
[12] - المائدة من الآية 72
[13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
[14] - الأنعام الآية 28
[15] - التفسير الميسر
[16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
[17] - تفسير المنار 7/296
[18] - تفسير المنار 8/72
[19] - تفسير المراغي 7/100
[20] - تفسير المراغي 7/102
[21] - التفسير الواضح ص 602
[22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258
 
الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي

الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي

الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي فيها من الملذات الجنسية و الخمور و الحور مالم يخطر على قلب بشر ، و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و ليس بعد الكفر ذنب و إذا لم يستح العبد فإنه يفعل ما يشاء ، و لسوء فهم الملاحدة للنصوص الواردة في نعيم أهل الجنة توهموا أن العلاقة بين من دخل الجنة من الرجال و بين الحور العين علاقة محرمة لعدم تفريقهم بين ما أباحه الله من الزواج و بين ما حرمه من الزنا .

و كل من يدخل الجنة من الرجال يزوجه الله تعالى من الحور العين ، قال تعالى : ﴿ َكذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[2] .


و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[3] ، و قد بين الحديث بعدم وجود أعزب في الجنة فلا يوجد رجل أو امرأة في الجنة لم يتزوج مما يبعد شبهة الوقوع في العلاقات المحرمة تمام البعد .

و ليس نعيم الجنة قاصرا على المتع الجنسية كما يدعي الملاحدة فالجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين قال تعالى : ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ و َلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] أى : و في الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات ، و كل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته[6] .

و المشتهيات ليست قاصرة على النكاح بل هناك مشتهيات أخرى كالذهب و الفضة و الأنعام و الخيل و الزرع و البحار و الأنهار و الطيور ، و عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : و سأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك و لذت عينك[7] .

و ليس المقصد من الزواج قضاء الوتر وحسب كما يصور الملاحدة فالزوجة بها يحصل الأنس و السكن ، و تحصل المودة و الفرحة ، و يكون التمتع الروحي بالإضافة إلى التمتع الجنسي .

و ليس في الجنة شيء محرم كما يدعي الملاحدة بل كل ما فيها حلال و كل ما يريده المؤمن في الجنة يعطى قال تعالى : ﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[8] أي : لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون, ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم, أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم[9] ، و أكل الجنة و شرب الجنة بعيدا عن كل أذى قال تعالى : ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾[10] أي : يقال لهم : كلوا أكلا و اشربوا شربًا بعيدًا عن كل أذى, سالمين من كل مكروه؛ بسبب ما قدَّمتم من الأعمال الصالحة في أيام الدنيا الماضية[11] .

أما تحريم الخمر في الدنيا و تحليلها في الآخرة فلأن الآخرة دار جزاء و ليست دار تكليف و لأن خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا و الله سبحانه و تعالى حرم الخمر في الدنيا ؛ لأن خمر الدنيا رجس من عمل الشيطان ، تذهب عقل شاربها، فتشغله عن طاعة الله تعالى ، و توقعه في معصيته ، و تورث العداوات و البغضاء في قلوب المؤمنين، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾[12] .

و خمر الآخرة لونها مشرق حسن بهيّ لا كخمر الدنيا ذات المنظر البشع ، و خمر الآخرة لذيذة الطعم كما هى طيبة اللون و طيبة الريح بخلاف خمر الدنيا خبيثة الطعم و خمر الآخرة لا تؤثر في الأجسام كما تؤثر خمور الدنيا ، فلا تصدّع الرأس ، و لا تفسد العقل بالسكر كما يكون في خمر الدنيا[13] قال تعالى : ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾[14] قال السعدي : و تلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها ﴿ بَيْضَاءَ﴾ من أحسن الألوان، وفي طعمها ﴿ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾ يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده، وأنها سالمة من غول العقل وذهابه، ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر [15] .

و كون الله وعد المؤمنين بالزواج من الحور عين فهذا فيه احترام للمتع الجسدية لدى الإنسان ،و الإنسان جسد و روح و ليس روح فقط و بالتالي فالمنطق يقتضي أن يكون النعيم للروح و للجسد أيضا و من أبلغ ما تشتهيه النفوس الزواج و عليه فلا إشكال في وعد المؤمنين بالحور العين و لكن الإشكال عند الملاحدة الذين أباحوا التبرج و السفور و الزنا و العلاقات اللا أخلاقية ،و لماذا لا يشنعوا على من يخرج لرؤية ملكات الجمال و المغنيات و عارضات الأزياء ينظرون إليهن و يمتعون أنظارهم بالنظرات المحرمة!! ،و لماذا لا يشنعوا على من يعري جسده و يمشي في الشارع عاريا كيوم ولدته أمه ، و لماذا لا يشنعون على الزناة و من يمارس البغاء و لماذا لا يشنعون على شاربي الخمر هدى الله الملاحدة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الدخان الآية 54
[2] - الطور الآية 20
[3] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
[4] - الزخرف من الآية 71
[5] - فصلت من الآية 31
[6] - التفسير الوسيط للطنطاوي 13/99
[7] - حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
[8] - قـ الآية 35
[9] - التفسير الميسر
[10] - الحاقة الآية 24
[11] - التفسير الميسر
[12] - المائدة الآية 90 - 91
[13] - تفسير المراغي 23/57 بتصرف
[14] - الصافات الآيات 45- 47
[15] - تفسير السعدي ص 702

__________________


 
الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة

الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة

الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيقول الملاحدة هداهم الله أن عقيدة اليوم الآخر عند المسلمين تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة و هذا الكلام دعوى بلا برهان و يغني فساده عن إفساده إذ عقيدة اليوم الآخر مستمدة من الشرع لا من العرب ، و لو كانت عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب لوافقت ما كان عليه العرب و هذا ظاهر البطلان .



و قد كان العرب قبل الاسلام أمة بدوية أمية ، لايهمهم إلا تربية الابل و الشاة و شاع فيهم ، القتل و الزنا و شرب الخمر والكبر، والتجبر و المفاخرة بالأنساب و قد نهى الإسلام عن هذه الأفعال الجاهلية .

و كانت السمة العامة للعرب قبل الإسلام الفوضى و الاضطراب في جميع نواحي الحياة سواء الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غير ذلك و قد بددت العصبيات القبلية العرب قبل الإسلام، فلم يكن لهم شريعة تجمعهم ولا نظام يحكمهم، فنالوا بالإسلام العزة و السيادة ، و السعادة .

و كانت الوثنية هي الديانة السائدة في بلاد العرب قبل الإسلام و فشى عقوق الوالدين و سوء الجوار و الكبر و التفاخر فنهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾[1] و حول الإسلام العرب من وثنيين يعبدون الأصنام إلى مؤمنين و صديقين يعبدون رب الأصنام و رب الناس و رب الأرباب و تحولوا إلى رهبان بالليل و فرسان بالنهار .

و قد فشى في العرب قبل الإسلام القمار، والميسر و الخمر و قد نهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[2] .

و كان العرب يتشأمون بالأيام أو الشهور، أو ببعض الأشخاص، أو الحيوانات، أو الأحداث، أو غير ذلك من المسموعات أو المرئيات، و قد نهى الإسلام عن ذلك و جعله من الشرك الذي يذهب الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الطيرة شرك الطيرة شرك »[3] ، و ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: « ‏لا ‏ ‏طيرة ‏ ‏وخيرها الفأل قال وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم »[4] وفي هذا إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم ، و ضد الطيرة الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة ، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «و يعجبني الفأل » قالوا: يا رسول الله و ما الفأل ؟ قال : « الكلمة الطيبة » .

و كانت المراة قبل الإسلام ، لا ترث و ليس لها حق المطالبة بالإرث ؛ لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب ، و زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و ليس لها حق الاعتراض على من يتزوجها ، و الولد كان يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه ، و قد يضع ثوبه عليها قائلاً : ورثتها كما ورثت مال أبي ، وكان الرجل العربي قبل الإسلام يصاب بضيق صدر ، وهمّ بالغ ، إذا قيل له إن زوجته وضعت أنثىبل يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة ، و هذه العادة القبيحة ، اللإنسانية ، كانت واسعة الانتشار في أيام الجاهلية ، في الجزيرة العربية عند أهل البادية في الصحراء و في المدن المتحضرة .

و عندما جاء الإسلام جعل للمرأة مكانة عظيمة و مرتبة جليلة ، و جعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[5] ، و قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[6] .

و حرم الإسلام وأد البنات قال تعالى : ﴿ و َإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْبِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾[7] .

و حث الإسلام على الإحسان إلى البنات قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ‏من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار »[8] ، و عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار »[9] ، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو , وضم أصابعه »[10] ، و ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏ : ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : « ‏ ‏من عال ثلاث ‏ بنات ‏ فأدبهن و زوجهن و أحسن إليهن فله الجنة »[11] .

و أمر الإسلام بحسن عشرة الزوجة و عدم الإساءة إليها أو إلى أبويها قال تعالى : ﴿ و عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[12] ، و نهى الإسلام عن ضرب الوجه أو التقبيح قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي »[13] ، و عن عمرو بن الأحوص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع : « أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»[14]، و عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حق الزوجة: « وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»[15].

و الخلاصة أن الإسلام صاحبه هو الله و غير مستمد من العرب و قد نهى عن أفعال العرب الجاهلية و كرم المرأة أحسن تكريم بخلاف ما كان عليه العرب قبل الإسلام من إزدراء المرأة .

و الجنة ونعيمها لكل من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و ليست حكرا على الرجال دون النساء كما يزعم الملاحدة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[16] .

و لا يوجد في الجنة امرأة لم تتزوج إذ لا يوجد في الجنة أعزب قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[17] .

و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[18] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[19] .
و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية فالله لا يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .

و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!

و عليه فلا إذدراء للمرأة في الإسلام بل التكريم و الاحترام هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - النساء الآية 36
[2] - المائدة الآية 90
[3] - رواه أحمد في مسنده و أبو داود في سننه
[4] - رواه البخاري في صحيحه
[5] - النساء الآية 124
[6] - النحل الآية 97
[7] - التكوير 8 - 9
[8] - رواه الترمذي في سنننه
[9] -رواه مسلم في صحيحه
[10] -رواه مسلم في صحيحه
[11] - رواه أبو داود في سننه
[12] - النساء الآية 19
[13]- رواه الترمذي، وصححه الألباني
[14]­- رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني
[15]- رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني
[16] - النساء الآية 124
[17] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
[18] - قـ الآية 35
[19] - فصلت من الآية 31
 
الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله

الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله

الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :


فرغم أن إجابة دعاء السائلين دليل واضح على وجود الله إلا أن الملاحدة يشككون في وضوحه و يقولون لا دليل على وجود الله حتى بوقوع عين المدعو به مدعين أنه كما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ، و يقولون هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله ،ويقولون لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما .


و الجواب على هذه الشبهات أن وجود الله لا شك فيه فهو أمر فطري بديهي و لكن هؤلاء الملاحدة قد تغيرت فطرتهم و انحرفت عن الحق بفعل مؤثرات خارجية ، وهذا الانحراف كان هو السبب في وجود الوثنيات و الشرك في الأمم السابقة ، وهو أيضا سبب الشرك و الضلال و الإلحاد في زمننا الحاضر ،و قد تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات ، و لكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة و ليست من النور! و البديهي بديهيٌ على أي حال .


و لا يصح اعتراضهم على أن إجابة الداعيين دليل على وجود الله فاعتراضهم لا يخلو من اعتراض خال من معارض معتبر فقولهم : ( لا دليل على وجود الله بوقوع عين المدعو به فكما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ) قول لايصح فشتان بين دعاء الله و دعاء بوذا فالأدلة قد قامت على ألوهية و ربوبية الله أما بوذا فلا يصح أن يكون إلها أو ربا فهو بشر و الخالق خلاف المخلوق ،و بوذا قد وجد بعد خلق الكون فكيف يكون خالقا ؟!! و بوذا كان ينام ويأكل و يتبول و الإله لاينبغي له أن ينام و بوذا كان في الأرض و الإله فوق خلقه ،و بوذا كان له مثيل فهناك ملايين البشر مثله و بوذا لم يرسل رسلا للناس ليعرفهم به و كل هذا ينافي أن يكون بوذا إلها و ربا فكيف يطلب من بوذا الشفا ؟!! و من الذي كان يستجيب دعاء الناس قبل بوذا و بعد وفاة بوذا ؟!!! و كيف يهب من يمرض ( بوذا ) الشفاء لمريض ؟!! و لم نسمع أن بوذا كان يسمع صوت من ليس في المكان الذي هو فيه في نفس المنطقة فضلا عن سماعه صوت من في بلد أخرى فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!


و الله ليس فقط يستجيب دعاء المرضى بل يستجيب دعاء المظلومين و دعاء المضطرين و دعاء السائلين و هذا أمر مشاهد و محسوس أما استجابة بوذا للدعاء فهي استجابة موهومة لايشهد الحس عليها فلم نسمع و لم نشاهد أن فلانا دعا بوذا أن ينتقم من فلان فانتقم بوذا منه ، و لم نسمع أن الناس دعوا بوذا أن ينزل عليهم المطر فنزل المطر , و لم نسمع أن شخصا كان مكروبا فدعا بوذا ففرج بوذا كربته ، و لم نسمع و لم نر أن شخصا دعا بوذا قائلا لو فعلت كذا احرقني فحرق بخلاف استجابة الله للدعاء فهي متكررة سمعناها عن كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان و ما تقرر قر فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!
.

و لا مقارنة بين عدد من يحصل لهم الشفاء بدعاء الله و عدد من يصادفهم الشفاء إذا دعوا بوذا فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!



و قول الملاحدة هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله و الجواب أن لا أحد غير الله له القدرة على استجابة دعاء الداعيين مع اختلاف أماكنهم و تعدد مطالبهم ، و حصول عين المدعو به لكثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان عبر التاريخ لدليل على وجود خالق مجيب للدعاء تجتمع فيه صفات الإله الحق و كل ما سوى الله لا يمكن أن يكون مجيبا للدعاء فمن الذي يستطيع أن يسمع دعاء جميع البشر - رغم اختلاف أماكنهم و اختلاف دعائهم – غير الله ؟!! و من الذي لا تأخذه سنة و لا نوم غير الله ؟!! و من الذي له ما في السماوات و الأرض غير الله ؟!! و من الذي يحيي و يميت غير الله ؟!!! و من الذي يشفي المرضى غير الله ؟!! و من الذي يقوم بنفسه و لا يحتاج لأحد غير الله ؟!!! و الله وحده هو الذي أرسل الرسل لتعريف الخلق به و لتعريف الخلق كيفية عبادته و ما يحب أن يفعلوه و ما يكره أن يفعلوه و قد أيد الله رسله بالمعجزات كأمارة على صدقهم فهل وجد إله غير الله فعل مثلما فعل الله ؟!!


و قول الملاحدة : ( و لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما ) قول لا يصح فهو قول يصادم العقل و يخالف الفطرة فعقلا و بداهة أن لكل أثر مؤثر و لكل مسبب سبب و قانون السببية قانون عقلي بديهي واقعي ضروري يزاوله الناس في حياتهم أي هذا القانون يطبقه الناس في دنيا الواقع فالناس عندهم الأكل سبب للشبع و شرب الماء سب للإرتواء و النكاح و الجماع سبب لإنجاب الولد ،و إذا وقع أي شيء يحاولون أن يعرفوا سببه .


و لا يمكن رد قانون السببية على جزئية من جزئياته وفرع من فروعه و فرد من أفراده بدعوى أننا لم نلاحظ كل الأمثلة على السببية فمعرفة أن لكل معلول علة لا تحتاج استقراء كل الأمثلة بل هي أمر بديهي عقلي يفرض نفسه على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباته ، و يجمع العقلاء على صحته و اعتماده كأصول ضرورية لازمة ، و يعتبر برهانا يبنى عليه باقي الأفكار ، و لو أن طفلا رمي بقطعة خشب فإنه يلتفت لينظر من الذي رماها عليه و من الذي فعل ذلك ،و لو لم يحدث له مثل هذا الأمر قبل ذلك .


و لا يجوز القدح في البديهيات بالنظريات ، لأن البديهيات أصل للنظريات ، فلو جاز القدح بالنظريات في البديهيات ، و النظريات لا تصح إلا بصحة البديهيات ، كان ذلك قدحاً في أصل النظريات ، فلزم من القدح في البديهيات بالنظريات فساد النظريات ، و إذا فسدت لم يصح القدح بها ، و القدح في البديهيات بالنظريات يستلزم فساد النظريات و فساد العلوم .


و إجابة دعاء كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان دليل بديهي على وجود مجيب لهذه الدعوات , و لا ينكر هذا إلا عديم العقل ، و لو رأي شخص كتابة فقال لابد لها من كاتب و لابد لها من سبب فاعترض عليه آخر قائلا : ( أثبت لي أن هذه الكتابة تحتاج لكاتب ، و هل اختبرت كل الكتابات لتعرف هل تحتاج إلى كاتب أم لا ) لعده الناس مجنونا ، و لو رأى شخص نارا فقال أنها حارة لا تقترب منها حتى لا تحرقك فرددت عليه قائلا : أثبت لي أن النار حارة و من يقترب منها تحرقه ، و هل استقرأت كل النار التي في العالم حتى تقول لي أنها حارة و تحرق ؟!!! لاعتبرك الناس من المجانين .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 
عودة
أعلى