د.عبدالرحمن الصالح
New member
في كل ركن من أركان الحياة وجانب من جوانبها هناك معنى مفتوح ومعنى منغلق.
في العلم وفي السياسة وفي السيادة وفي الأدب وفي كل حاجة اجتماعية ثَمّ معنى مفتوحٌ ومعنى منغلق.
حين يشعر الإنسان أن المعنى مفتوح وأن قيمة الإنسان ما يحسنه وما يستطيع أن يقدمه للمجموع يزداد تفاؤلا وتصميما على إثبات ذاته بشرف ورضا وتحد. وحين يشعر الإنسان أن المعنى منغلق على أن كل إنسان في المجتمع بحسب ما وجد نفسه عليه وأن مكانته لا تتحقق بوسائل شريفة هي مدى نفعه للمجتمع والناس يكون للإنسان الفرد إيمان واحد وهو أن يجمع المال بأي وسيلة كانت ومن أي جهة كانت، لأن المعنى منغلق فلا يكون للمرء قيمة بغير مدى استغنائه عن الناس ولا يستغني عنهم بغير الدراهم، ولذلك قال شاعر المعنى المنغلق:
ولذلك كان الأنبياء هم الفاتحين للمعنى قبل أن ينفتح المعنى عقليا لأول مرة في التاريخ من تجربة الغرب حيث فتحه اختراع البارود كما قال برتراند راسل إن اختراع البارود وهو وسيلة القتل من بعيد جعلت مغلقي المعنى من الحكام يسعون إلى طلب الأمان باكتساب شرعية تمنع الهجوم لأن القلاع والحصون والصياصي لم تعد تحمي أحدا وقد تطور السلاح الفتاك.
في حضارتنا الإسلامية انفتح المعنى على مصراعية على يد مؤسس الإسلام صلى الله عليه وسلم وكان فيما أوحي إليه { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وهي نفسها قد أوحيت إلى المسيح بصيغة مقاربة حين قال لليهود "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السموت أبدا". ولم يكن ليختم لأي فرد في المجتمع أو يُحكم له أو عليه حتى يختم حياته بعمل مشرف كالشهادة (والجود بالنفس أقصى غاية الجود) لكن غلق المعنى عاد على يد رجل من بني عبدمناف أيضاً حيث آل إليه أمر المسلمين باجتهاد من الحسن بن علي الذي اشترط عليه أن يعود الأمر شورى بين المسلمين (أن يظل المعنى منفتحاً) لكنه لم يُبل بالشرط فولّى ابنه من بعده فأغلق المعنى من جديد. وبرغم أن حفيده معاوية الثاني رفض صنيعه وتنازل عن السلطة إلا أن عملية غلق المعنى قد زعزعت المجتمع الإسلامي فلم يستقر أمره على أسس واضحة ومعنى منفتح تحميه مؤسسات دستورية غير قابلة للانحراف إلى اليوم بل شاء الله تعالى أن تتم عملية فتح المعنى عقليا لا روحيا وعلى يد غير الأنبياء لأول مرة على يد شعوب غير مسلمة كان اهمها الإنكليز الذين امتلكوا أطْور قانون عرفته البشرية من حيث اجراءاته ومراحل تطبيقه ووضوح خطواته وصلاحيات قضاته والثورة الفرنسية ومبادئ تجمع بين كل الناس فينشأ مفهوم المواطنة، والفلسفة الألمانية التي مازت بين العقل العملي والعقل النظري.
ما يهمنا هنا في ملتقى أهل التفسير بوصفه منبرا من منابر العلم الشرعي ينقسم فيه الناس ككل الناس إلى مؤمنين بالمعنى المفتوح ومؤمنين بالمعنى المنغلق.
أتباع المعنى المنغلق هم الذين يعتقدون أن الحق ما قاله رجل او مجموعة رجال او تيار او مذهب من المذاهب يسمونه الحبر البحر المحقق المدقق وحيد عصره وفريد دهره ويظن كل من هؤلاء أن مرجع الحقيقة هو قول عزي إلى اسم من هذه الأسماء التي انغلق المعنى عليها.
أما المؤمنون بالمعنى المنفتح فهم الذين يعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال وهم قلة في المجتمع العربي سياسيا ولذلك لا توجد مؤسسات سياسية تنافس العالم في شيء عند هذه الأمة. وهم قلة في المجتمع العربي علميا ولذلك لا توجد أطر ومعايير عالمية واضحة في ترقية علمائنا وأساتذتنا وطلابنا من باب أولى، وهكذا.
فبرغم أن ملتقانا أرقى بلا مقارنة من منتديات أخرى تغلق المعنى على أفق أضيق من سم الخياط بحيث لا يكتفي أعضاؤها بمجاملة بعضهم وتمجيد شعارات يمجدونها بل إلى ذم ما يذمّون وشتم ما يشتمون وتبديع ما يبدّعون، برغم أن ملتقانا أفضل من تلكم بسبب السعة النسبية لأفق القائمين عليه مقارنة بتلكم المنتديات إلا أن المعنى فيه ليس منفتحا بما فيه الكفاية ولا بالحد الأدنى المطلوب، فرب مشرف صغير السن قد جعل من رأيه وبضاعته المزجاة حَكَما على ما لا قبل له بفهمه أصلاً.
إن المؤمنين بانغلاق المعنى لا يعدُّون عِلما جديرا بالاحترام إلا ما دار في فلك معناهم المنغلق ومجَّد أسماء ورثوا تمجيدها ورجالا أضفت عليهم القرون هالة لا تطابق واقعهم.
وبرغم أن أكثر المشاركين في ملتقانا من أهل السنة ممن من الله تعالى عليهم بأن حماهم من فيروسات الفرس وخروقات اللامعقول الإمامي الذي أغلق المعنى على التنفيس عن عقدة الفرس في رفض حكم العرب، واختلاق دين جديد يختطف أسرة عربية ويؤلهها ويلعن الشعب الذي ولدها ويخونه، إلا أن أكثر أبناء أهل السنة اليوم وللأسف لا يستطيعون التحرر مما دخل على فكر الأمة بسبب رد فعلها على الشيعة والمعتزلة من بدع مقابلة.
حين أغلق معاوية المعنى سياسيا بعد أن فتحه النبي عليه السلام وزكاه أهل الحديث بناء على مزج بين الصحابة وبين أصحاب محمد أصبحت الأمة بلا مستقبل لأن غلق المعنى شَلٌّ لكل محاولة إصلاح وتأسيس واستفادة من جهود بني الإنسان في فتح المعنى وبناء دولة المؤسسات المدنية.
ليس الفرق بيننا وبين الناس بكبير لولا تشبثنا بما لم ينزل به الله من سلطان من قيود على المفاهيم والمصطلحات أن نجددها وننفخ فيها الروح من جديد، ، ما لم نستعد ونتهيأ لتخطئة أي إنسان غير معصوم مهما كان اسمه في سماء التراث ومهما نظر إليه أسلافنا أي ما لم نحترم كينونتنا البشرية التي خلقنا الله تعالى عليها فسوف يطول الطريق علينا كثيرا. سنطيل الطريق على أبنائنا بحجة أننا ندافع عن الدين وما نحن إلا موضِعون ضدّ الدين لأن الدين جاء بفتح المعنى لا بغلقه على رفع القلم عمن رأى النبي أو سمعه وأسلم ومات على الإسلام!
فهل نعي رسالتنا في الحياة، وأن المعنى منفتح على ما فتحه الله عليه، أن كل من قدم دنياه على آخرته سوف يحاسَب بذنوبه وأن واجبنا كشف أخطائه لأن مصلحة الأمة والدين أولى بالرعاية من رجل من المسلمين!
في العلم وفي السياسة وفي السيادة وفي الأدب وفي كل حاجة اجتماعية ثَمّ معنى مفتوحٌ ومعنى منغلق.
حين يشعر الإنسان أن المعنى مفتوح وأن قيمة الإنسان ما يحسنه وما يستطيع أن يقدمه للمجموع يزداد تفاؤلا وتصميما على إثبات ذاته بشرف ورضا وتحد. وحين يشعر الإنسان أن المعنى منغلق على أن كل إنسان في المجتمع بحسب ما وجد نفسه عليه وأن مكانته لا تتحقق بوسائل شريفة هي مدى نفعه للمجتمع والناس يكون للإنسان الفرد إيمان واحد وهو أن يجمع المال بأي وسيلة كانت ومن أي جهة كانت، لأن المعنى منغلق فلا يكون للمرء قيمة بغير مدى استغنائه عن الناس ولا يستغني عنهم بغير الدراهم، ولذلك قال شاعر المعنى المنغلق:
إن الدراهم في المجالس كلها * تكسو الرجال مهابة وجمالا
فهي اللسان لمـــــــــن أراد تكلما * وهي السلاح لمن أراد قتالا
وفي العلم حين ينغلق المعنى على ما أرادته سلطة من نوع ما، لا يصبح اكتساب عضوية هيئة علمية بناء على تنافس شريف ومعيار دقيق بل على ما ترتضيه سلطة المجتمع المنغلق. لأن الطبقة العالمة الناشئة وإن كانت تمجد كليات الدين وعموميات رسالته فهي في الحقيقة الناطق باسم نمط الدين المُبقي للمعنى منغلقا على ما يريده الحاكم.فهي اللسان لمـــــــــن أراد تكلما * وهي السلاح لمن أراد قتالا
ولذلك كان الأنبياء هم الفاتحين للمعنى قبل أن ينفتح المعنى عقليا لأول مرة في التاريخ من تجربة الغرب حيث فتحه اختراع البارود كما قال برتراند راسل إن اختراع البارود وهو وسيلة القتل من بعيد جعلت مغلقي المعنى من الحكام يسعون إلى طلب الأمان باكتساب شرعية تمنع الهجوم لأن القلاع والحصون والصياصي لم تعد تحمي أحدا وقد تطور السلاح الفتاك.
في حضارتنا الإسلامية انفتح المعنى على مصراعية على يد مؤسس الإسلام صلى الله عليه وسلم وكان فيما أوحي إليه { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وهي نفسها قد أوحيت إلى المسيح بصيغة مقاربة حين قال لليهود "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السموت أبدا". ولم يكن ليختم لأي فرد في المجتمع أو يُحكم له أو عليه حتى يختم حياته بعمل مشرف كالشهادة (والجود بالنفس أقصى غاية الجود) لكن غلق المعنى عاد على يد رجل من بني عبدمناف أيضاً حيث آل إليه أمر المسلمين باجتهاد من الحسن بن علي الذي اشترط عليه أن يعود الأمر شورى بين المسلمين (أن يظل المعنى منفتحاً) لكنه لم يُبل بالشرط فولّى ابنه من بعده فأغلق المعنى من جديد. وبرغم أن حفيده معاوية الثاني رفض صنيعه وتنازل عن السلطة إلا أن عملية غلق المعنى قد زعزعت المجتمع الإسلامي فلم يستقر أمره على أسس واضحة ومعنى منفتح تحميه مؤسسات دستورية غير قابلة للانحراف إلى اليوم بل شاء الله تعالى أن تتم عملية فتح المعنى عقليا لا روحيا وعلى يد غير الأنبياء لأول مرة على يد شعوب غير مسلمة كان اهمها الإنكليز الذين امتلكوا أطْور قانون عرفته البشرية من حيث اجراءاته ومراحل تطبيقه ووضوح خطواته وصلاحيات قضاته والثورة الفرنسية ومبادئ تجمع بين كل الناس فينشأ مفهوم المواطنة، والفلسفة الألمانية التي مازت بين العقل العملي والعقل النظري.
ما يهمنا هنا في ملتقى أهل التفسير بوصفه منبرا من منابر العلم الشرعي ينقسم فيه الناس ككل الناس إلى مؤمنين بالمعنى المفتوح ومؤمنين بالمعنى المنغلق.
أتباع المعنى المنغلق هم الذين يعتقدون أن الحق ما قاله رجل او مجموعة رجال او تيار او مذهب من المذاهب يسمونه الحبر البحر المحقق المدقق وحيد عصره وفريد دهره ويظن كل من هؤلاء أن مرجع الحقيقة هو قول عزي إلى اسم من هذه الأسماء التي انغلق المعنى عليها.
أما المؤمنون بالمعنى المنفتح فهم الذين يعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال وهم قلة في المجتمع العربي سياسيا ولذلك لا توجد مؤسسات سياسية تنافس العالم في شيء عند هذه الأمة. وهم قلة في المجتمع العربي علميا ولذلك لا توجد أطر ومعايير عالمية واضحة في ترقية علمائنا وأساتذتنا وطلابنا من باب أولى، وهكذا.
فبرغم أن ملتقانا أرقى بلا مقارنة من منتديات أخرى تغلق المعنى على أفق أضيق من سم الخياط بحيث لا يكتفي أعضاؤها بمجاملة بعضهم وتمجيد شعارات يمجدونها بل إلى ذم ما يذمّون وشتم ما يشتمون وتبديع ما يبدّعون، برغم أن ملتقانا أفضل من تلكم بسبب السعة النسبية لأفق القائمين عليه مقارنة بتلكم المنتديات إلا أن المعنى فيه ليس منفتحا بما فيه الكفاية ولا بالحد الأدنى المطلوب، فرب مشرف صغير السن قد جعل من رأيه وبضاعته المزجاة حَكَما على ما لا قبل له بفهمه أصلاً.
إن المؤمنين بانغلاق المعنى لا يعدُّون عِلما جديرا بالاحترام إلا ما دار في فلك معناهم المنغلق ومجَّد أسماء ورثوا تمجيدها ورجالا أضفت عليهم القرون هالة لا تطابق واقعهم.
وبرغم أن أكثر المشاركين في ملتقانا من أهل السنة ممن من الله تعالى عليهم بأن حماهم من فيروسات الفرس وخروقات اللامعقول الإمامي الذي أغلق المعنى على التنفيس عن عقدة الفرس في رفض حكم العرب، واختلاق دين جديد يختطف أسرة عربية ويؤلهها ويلعن الشعب الذي ولدها ويخونه، إلا أن أكثر أبناء أهل السنة اليوم وللأسف لا يستطيعون التحرر مما دخل على فكر الأمة بسبب رد فعلها على الشيعة والمعتزلة من بدع مقابلة.
حين أغلق معاوية المعنى سياسيا بعد أن فتحه النبي عليه السلام وزكاه أهل الحديث بناء على مزج بين الصحابة وبين أصحاب محمد أصبحت الأمة بلا مستقبل لأن غلق المعنى شَلٌّ لكل محاولة إصلاح وتأسيس واستفادة من جهود بني الإنسان في فتح المعنى وبناء دولة المؤسسات المدنية.
ليس الفرق بيننا وبين الناس بكبير لولا تشبثنا بما لم ينزل به الله من سلطان من قيود على المفاهيم والمصطلحات أن نجددها وننفخ فيها الروح من جديد، ، ما لم نستعد ونتهيأ لتخطئة أي إنسان غير معصوم مهما كان اسمه في سماء التراث ومهما نظر إليه أسلافنا أي ما لم نحترم كينونتنا البشرية التي خلقنا الله تعالى عليها فسوف يطول الطريق علينا كثيرا. سنطيل الطريق على أبنائنا بحجة أننا ندافع عن الدين وما نحن إلا موضِعون ضدّ الدين لأن الدين جاء بفتح المعنى لا بغلقه على رفع القلم عمن رأى النبي أو سمعه وأسلم ومات على الإسلام!
فهل نعي رسالتنا في الحياة، وأن المعنى منفتح على ما فتحه الله عليه، أن كل من قدم دنياه على آخرته سوف يحاسَب بذنوبه وأن واجبنا كشف أخطائه لأن مصلحة الأمة والدين أولى بالرعاية من رجل من المسلمين!
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل