أنفلوس عبد العظيم
New member
المصطلح القرآني مدخل علمي لشهود حضاري
إن القرآن الكريم باعتباره خاتم الكتب السماوية ، قد تضمن معالم الحياة الإنسانية وصورها توجيها وترشيدا للإنسان المسلم لإبصار الطريق ، وتمثل ذلكم المنهج الرباني القرآني في واقعه العملي ، كما أمد الله تعالى الإنسان بملكة العقل ، وجعله وسيلة إن سُخرت ووُجِّهت شطر الوجهة السليمة أفضت إلى تَفهم معالم النص القرآني ، واستنباط مقاصد الوحي الرباني, وبالتالي انجلاء الآفاق الكونية أمامه ليصبح المسلم بذلك فاعلا حضاريا قد حقق مهمته المنوطة به ، ولن يتأتى الذي سلف ذكره إلا بالفهم السليم والقويم لنصوص الوحي قرآنا وسنة فهما يراعي الخصوصية والمصدرية ، وفهما بتوظيف آليات منهجية تفضي إلى إبصار الآيات الكونية.
ولقد أتى على الأمة حين من الدهر بعدت فيه الشقة بينها وبين كتاب ربها ، ومصدر تشريعها ومنبع الحكمة والقوة فيها ، فتراجعت القهقري فاقدة الثقة بما بين يديها وسط الافتتان بالقادم من الآخر ولمَعانِه وبريقه ، فهفت نحوه وأقبلت عليه متَناسِية مراعاة خصوصيتها الحضارية وثوابتها الذاتية.
((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ))[SUP][SUP][1][/SUP][/SUP] إن الإشكال الذي أحاول البناء له في هذه الكلمات نابع من الذي ذكرت فمعضلة الإنسان المسلم اليوم أنه لا يعرف قيمة ما لديه ، وبالتالي إن تحقق لديه الوعي بأهمية ما يملك وثَمَانته استطاع الانعتاق من ربقة الاستعمار الفكري الخاضع له ، وإذا كانت الأمة الإسلامية قد استطاعت في الماضي بلوغ القمة واعتلاء الصدارة الفكرية، والشهود الحضاري والعمراني، فإنما استطاعت ذلك بفضل جيل قرآني تلقى القرآن غضا طريا وتبين مفاهيمه ومعالمه ، فاستطاع جعله منهج حياة ساهم به في تحقيق الرقي الفكري والعلمي والمعرفي ، وبالتالي كان فاعلا ناجعا في بناء حضارته وأمته.
إن العودة إلى (الحالة الأم) لن تأتي إلا بتبصر عميق وَتفهُّم دقيق لنصوص الوحي وتبيان مفاهيمها ومصطلحاتها حتى إذا استقام الفهم استقام التمثل والعمل به ، لأنه "لا سبيل إلى استيعاب أي علم دون فهم المصطلحات ولا سبيل إلى تحليل وتعليل ظواهر أي علم دون فقه المصطلحات ولا سبيل إلى تجديد أي علم دون تجديد المصطلحات أو مفاهيم المصطلحات[SUP][SUP][2][/SUP][/SUP]"....ومن هنا تنبع أهمية الدراسة المصطلحية لمفاهيم القرآن الكريم خاصة.. دراسة نستطيع من خلالها تبيين هذا المصطلح وفهم ما أُضمر فيه من مكنونات غير مبينة فنستنطق الآيات لنستدرر الحكم والمعاني.
في إطار الاهتمام بالتفسير الموضوعي برزت أهمية دراسة المصطلح القرآني بمنهجية علمية دقيقة ، وهو ما قام به علماء التفسير والوجوه والنظائر، وكان الغالب استعمالهم لما يدل على المصطلح وهو : الألفاظ القرآنية أو مفردات ألفاظ القرآن[SUP][SUP][3][/SUP][/SUP]...مما يعني إدراكا مبكرا للفرق بين هذا وبين المصطلح الذي يقتضي أن يكون هناك اتفاق من علماء علم معين يصطلحونه على معنى معين للفظ معين ، بينما العناوين السابقة تدل على غير ذلك ، فهي ألفاظ إسلامية قرآنية شرعية وليست اصطلاحية ، إذا نحن رمنا صوب الدقة في التعبير ، وإذا كان الاستعمال هنا للمصطلح لم يلتزم بهذا ، فقد يكون المصطلح مصطلحا جاهزا -كالمصطلح القرآني- على ما يذهب إليه بعض العلماء.
وإنه لمن المعلوم أن الطريق الأسلم والنهج الأحكم إلى أي علم من العلوم هو أن يؤتى ذلك العلم من أبوابه ، وما من مسلك يتوسل به إلى فتح أبواب العلم غير العلم بمصطلحاته ، من هنا كانت (علمية) علم المصطلح تبدأ من كونه حدد موضوعه في تلك المصطلحات المفاتيح ، فكان بذلك (علم مفتاح العلم) هكذا يبدوا تصور (علم المصطلح) ومن هذا المنطلق كان اهتمام علماء الإسلام به ، ولو من غير تسميته ... "ومن استيعاب العلوم إلى دراسة القضايا والظواهر كلها مراحل تستلزم الوقوف عند المصطلحات وتبين مفاهيمها وسبر أغوارها بما يمكن العالم والمتعلم معا من ناحية العلم ويعبد الطريق للفهم العميق والتأريخ الدقيق للعلم ويقف العالم الراسخ على عتبة استشراف مستقبل العلم[SUP][SUP][4][/SUP][/SUP]".
[1] سورة الحديد، الآية 16.
[2] د الشاهد البوشيخي ، نظرات في المصطلح والمنهج ، مطبعة أنفوبرانت ، الطبعة 4 ، فاس 1990 ، ص 15.
[3] نذكر من ذلك كتاب غريب القرآن لابن قتيبة (276ه)، وغريب القرآن للسجستاني (330ه) ، والمفردات في غريب القرآن للراغب الأصبهاني (502ه).
[4] نظرات في المصطلح والمنهج ، ص 3.
إن القرآن الكريم باعتباره خاتم الكتب السماوية ، قد تضمن معالم الحياة الإنسانية وصورها توجيها وترشيدا للإنسان المسلم لإبصار الطريق ، وتمثل ذلكم المنهج الرباني القرآني في واقعه العملي ، كما أمد الله تعالى الإنسان بملكة العقل ، وجعله وسيلة إن سُخرت ووُجِّهت شطر الوجهة السليمة أفضت إلى تَفهم معالم النص القرآني ، واستنباط مقاصد الوحي الرباني, وبالتالي انجلاء الآفاق الكونية أمامه ليصبح المسلم بذلك فاعلا حضاريا قد حقق مهمته المنوطة به ، ولن يتأتى الذي سلف ذكره إلا بالفهم السليم والقويم لنصوص الوحي قرآنا وسنة فهما يراعي الخصوصية والمصدرية ، وفهما بتوظيف آليات منهجية تفضي إلى إبصار الآيات الكونية.
ولقد أتى على الأمة حين من الدهر بعدت فيه الشقة بينها وبين كتاب ربها ، ومصدر تشريعها ومنبع الحكمة والقوة فيها ، فتراجعت القهقري فاقدة الثقة بما بين يديها وسط الافتتان بالقادم من الآخر ولمَعانِه وبريقه ، فهفت نحوه وأقبلت عليه متَناسِية مراعاة خصوصيتها الحضارية وثوابتها الذاتية.
((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ))[SUP][SUP][1][/SUP][/SUP] إن الإشكال الذي أحاول البناء له في هذه الكلمات نابع من الذي ذكرت فمعضلة الإنسان المسلم اليوم أنه لا يعرف قيمة ما لديه ، وبالتالي إن تحقق لديه الوعي بأهمية ما يملك وثَمَانته استطاع الانعتاق من ربقة الاستعمار الفكري الخاضع له ، وإذا كانت الأمة الإسلامية قد استطاعت في الماضي بلوغ القمة واعتلاء الصدارة الفكرية، والشهود الحضاري والعمراني، فإنما استطاعت ذلك بفضل جيل قرآني تلقى القرآن غضا طريا وتبين مفاهيمه ومعالمه ، فاستطاع جعله منهج حياة ساهم به في تحقيق الرقي الفكري والعلمي والمعرفي ، وبالتالي كان فاعلا ناجعا في بناء حضارته وأمته.
إن العودة إلى (الحالة الأم) لن تأتي إلا بتبصر عميق وَتفهُّم دقيق لنصوص الوحي وتبيان مفاهيمها ومصطلحاتها حتى إذا استقام الفهم استقام التمثل والعمل به ، لأنه "لا سبيل إلى استيعاب أي علم دون فهم المصطلحات ولا سبيل إلى تحليل وتعليل ظواهر أي علم دون فقه المصطلحات ولا سبيل إلى تجديد أي علم دون تجديد المصطلحات أو مفاهيم المصطلحات[SUP][SUP][2][/SUP][/SUP]"....ومن هنا تنبع أهمية الدراسة المصطلحية لمفاهيم القرآن الكريم خاصة.. دراسة نستطيع من خلالها تبيين هذا المصطلح وفهم ما أُضمر فيه من مكنونات غير مبينة فنستنطق الآيات لنستدرر الحكم والمعاني.
في إطار الاهتمام بالتفسير الموضوعي برزت أهمية دراسة المصطلح القرآني بمنهجية علمية دقيقة ، وهو ما قام به علماء التفسير والوجوه والنظائر، وكان الغالب استعمالهم لما يدل على المصطلح وهو : الألفاظ القرآنية أو مفردات ألفاظ القرآن[SUP][SUP][3][/SUP][/SUP]...مما يعني إدراكا مبكرا للفرق بين هذا وبين المصطلح الذي يقتضي أن يكون هناك اتفاق من علماء علم معين يصطلحونه على معنى معين للفظ معين ، بينما العناوين السابقة تدل على غير ذلك ، فهي ألفاظ إسلامية قرآنية شرعية وليست اصطلاحية ، إذا نحن رمنا صوب الدقة في التعبير ، وإذا كان الاستعمال هنا للمصطلح لم يلتزم بهذا ، فقد يكون المصطلح مصطلحا جاهزا -كالمصطلح القرآني- على ما يذهب إليه بعض العلماء.
وإنه لمن المعلوم أن الطريق الأسلم والنهج الأحكم إلى أي علم من العلوم هو أن يؤتى ذلك العلم من أبوابه ، وما من مسلك يتوسل به إلى فتح أبواب العلم غير العلم بمصطلحاته ، من هنا كانت (علمية) علم المصطلح تبدأ من كونه حدد موضوعه في تلك المصطلحات المفاتيح ، فكان بذلك (علم مفتاح العلم) هكذا يبدوا تصور (علم المصطلح) ومن هذا المنطلق كان اهتمام علماء الإسلام به ، ولو من غير تسميته ... "ومن استيعاب العلوم إلى دراسة القضايا والظواهر كلها مراحل تستلزم الوقوف عند المصطلحات وتبين مفاهيمها وسبر أغوارها بما يمكن العالم والمتعلم معا من ناحية العلم ويعبد الطريق للفهم العميق والتأريخ الدقيق للعلم ويقف العالم الراسخ على عتبة استشراف مستقبل العلم[SUP][SUP][4][/SUP][/SUP]".
[1] سورة الحديد، الآية 16.
[2] د الشاهد البوشيخي ، نظرات في المصطلح والمنهج ، مطبعة أنفوبرانت ، الطبعة 4 ، فاس 1990 ، ص 15.
[3] نذكر من ذلك كتاب غريب القرآن لابن قتيبة (276ه)، وغريب القرآن للسجستاني (330ه) ، والمفردات في غريب القرآن للراغب الأصبهاني (502ه).
[4] نظرات في المصطلح والمنهج ، ص 3.