أبو الخير صلاح كرنبه
New member
- إنضم
- 18/07/2007
- المشاركات
- 627
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=justify]
التّعريف :
1 - المُصحف بضمّ الميم , ويجوز المِصحف بكسرها , وهي لغه تميمٍ , وهو لغةً : اسم لكلّ مجموعةٍ من الصحف المكتوبة ضمّت بين دفّتين , قال الأزهري : وإنّما سمّي المصحف مصحفاً لأنّه أُصْحِف , أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدّفّتين .
والمصحف في الاصطلاح : اسم للمكتوب فيه كلام اللّه تعالى بين الدّفّتين .
ويصدق المصحف على ما كان حاوياً للقرآن كلّه , أو كان ممّا يسمى مصحفاً عرفاً ولو قليلاً كحزبٍ , على ما صرّح به القليوبي , وقال ابن حبيبٍ : يشمل ما كان مصحفاً جامعاً أو جزءاً أو ورقةً فيها بعض سورةٍ أو لوحاً أو كتفاً مكتوبةً .
الألفاظ ذات الصّلة :
القرآن :
1 - القرآن لغةً : القراءة , قال اللّه تعالى : { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } .
وهو في الاصطلاح : اسم لكلام اللّه تعالى المنزّل على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم المتعبّد بتلاوته , المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلاً متواتراً .
فالفرق بينه وبين المصحف : أنّ المصحف اسم للمكتوب من القرآن الكريم المجموع بين الدّفّتين والجلد , والقرآن اسم لكلام اللّه تعالى المكتوب فيه .
الأحكام المتعلّقة بالمصحف :
تتعلّق بالمصحف أحكام منها :
لمس الجنب والحائض للمصحف :
2 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمسّ المصحف , روي ذلك عن ابن عمر رضي اللّه عنهما , والقاسم بن محمّدٍ والحسن وقتادة وعطاءٍ والشّعبيّ , قال ابن قدامة : ولا نعلم مخالفاً في ذلك إلا داود .
وسواء في ذلك الجنابة والحيض والنّفاس , فلا يجوز لأحدٍ من أصحاب هذه الأحداث أن يمسّ المصحف حتّى يتطهّر , إلا ما يأتي استثناؤه .
واستدلوا بقوله تعالى : { لا يَمَسُّهُ إََِلا الْمُطَهَّرُونَ } .
وبما في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لعمرو بن حزمٍ رضي اللّه عنه إلى أهل اليمن , وهو قوله : « لا يمس القرآن إلا طاهر » , وقال ابن عمر : قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « لا يمس القرآن إلا طاهر » .
لمس المحدث حدثاً أصغر للمصحف :
4 - ذهب عامّة الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يمسّ المصحف , وجعله ابن قدامة ممّا لا يعلم فيه خلافاً عن غير داود .
وقال القرطبي : وقيل : يجوز مسه بغير وضوءٍ , وقال القليوبي من الشّافعيّة : وحكى ابن الصّلاح قولاً غريباً بعدم حرمة مسّه مطلقاً .
ولا يباح للمحدث مس المصحف إلا إذا أتمّ طهارته , فلو غسل بعض أعضاء الوضوء لم يجز مس المصحف به قبل أن يتمّ وضوءه , وفي قولٍ عند الحنفيّة : يجوز مسه بالعضو الّذي تمّ غسله .
مس الجنب والمحدث للمصحف بغير باطن اليد :
5 - يسوّي عامّة الفقهاء بين مسّ المصحف بباطن اليد , وبين مسّه بغيرها من الأعضاء , لأنّ كلّ شيءٍ لاقى شيئاً , فقد مسّه إلا الحكم وحمّاداً , فقد قالا : يجوز مسه بظاهر اليد وبغير اليد من الأعضاء , لأنّ آلة المسّ اليد .
وفي قولٍ عند الحنفيّة : يمنع مسه بأعضاء الطّهارة ولا يمنع مسه بغيرها , ونقل في الفتاوى الهنديّة عن الزّاهديّ أنّ المنع أصح .
مس جلد المصحف وما لا كتابة فيه من ورقه :
6 - ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يمتنع على غير المتطهّر مس جلد المصحف المتّصل , والحواشي الّتي لا كتابة فيها من أوراق المصحف , والبياض بين السطور , وكذا ما فيه من صحائف خاليةٍ من الكتابة بالكلّيّة , وذلك لأنّها تابعة للمكتوب وحريم له , وحريم الشّيء تبع له ويأخذ حكمه .
وذهب بعض الحنفيّة والشّافعيّة إلى جواز ذلك .
حمل غير المتطهّر للمصحف وتقليبه لأوراقه وكتابته له :
7 - ذهب الحنفيّة والحنابلة , وهو قول الحسن وعطاءٍ والشّعبيّ والقاسم والحكم وحمّادٍ , إلى أنّه لا بأس أن يحمل الجنب أو المحدث المصحف بعلاقة , أو مع حائلٍ غير تابعٍ له , لأنّه لا يكون ماساً له فلا يمنع منه كما لو حمله في متاعه , ولأنّ النّهي الوارد إنّما هو عن المسّ ولا مسّ هنا , قال الحنفيّة : فلو حمله بغلاف غير مخيطٍ به , أو في خريطةٍ - وهي الكيس - أو نحو ذلك , لم يكره .
وذهب المالكيّة والشّافعيّة والأوزاعي , وهو رواية خرّجها القاضي عن أحمد إلى أنّه لا يجوز ذلك , قال المالكيّة : ولا يحمله غير الطّاهر ولو على وسادةٍ أو نحوها , ككرسيّ المصحف , أو في غلافٍ أو بعلاقة , وكذا قال الشّافعيّة في الأصحّ عندهم : لا يجوز له حمل ومس خريطةٍ أو صندوقٍ فيهما مصحف , أي إن أعدّا له , ولا يمتنع مس أو حمل صندوقٍ أعدّ للأمتعة وفيه مصحف .
ولو قلّب غير المتطهّر أوراق المصحف بعود في يده جاز عند كلٍّ من الحنفيّة والحنابلة , ولم يجز عند المالكيّة على الرّاجح , وعند الشّافعيّة صحّح النّووي جواز ذلك لأنّه ليس بمسّ ولا حملٍ , قال : وبه قطع العراقيون من أصحاب الشّافعيّ .
وقال التّتائي من المالكيّة : لا يجب أن يكون الّذي يكتب القرآن على طهارةٍ لمشقّة الوضوء كلّ ساعةٍ .
ونقل عن محمّد بن الحسن أنّه كره أن يكتب المصحف المحدث ولو من غير مسٍّ باليد , لأنّه يكون ماساً بالقلم .
وفي تقليب القارئ غير المتطهّر أوراق المصحف بكمّه أو غيره من الثّياب الّتي هو لابسها عند الحنفيّة اختلاف .
قال ابن عابدين : والمنع أولى لأنّ الملبوس تابع للابسه وهو قول الشّافعيّة .
وقال الحنفيّة : لو وضع على يده منديلاً أو نحوه من حائلٍ ليس تابعاً للمصحف ولا هو من ملابس الماسّ فلا بأس به , ومنعه المالكيّة والشّافعيّة ولو استخدم لذلك وسادةً أو نحوها . على أنّه يباح لغير المتطهّر عند المانعين حمل المصحف ومسه للضّرورة , قال الشّافعيّة : يجوز للمحدث حمله لخوف حرقٍ أو غرقٍ أو تنجسٍ أو خيف وقوعه في يد كافرٍ أو خيف ضياعه أو سرقته , ويجب عند إرادة حمله التّيمم أي حيث لا يجد الماء , وصرّح بمثل ذلك المالكيّة .
من يستثنى من تحريم مسّ المصحف على غير طهارةٍ :أ - الصّغير :
8 - ذهب الحنفيّة وهو قول عند المالكيّة إلى أنّه يجوز للصّغير غير المتطهّر أن يمسّ المصحف , قالوا : لما في منع الصّبيان من مسّه إلا بالطّهارة من الحرج , لمشقّة استمرارهم على الطّهارة , ولأنّه لو منعوا من ذلك لأدّى إلى تنفيرهم من حفظ القرآن وتعلمه , وتعلمه في حال الصّغر أرسخ وأثبت .
قال الحنفيّة : ولا بأس للكبير المتطهّر أن يدفع المصحف إلى صبيٍّ .
وذهب المالكيّة في قولٍ آخر عندهم إلى أنّ الصّغير لا يمس المصحف إلا بالطّهارة كالبالغ . وقال الشّافعيّة : لا يمنع الصّبي المميّز المحدث ولو حدثاً أكبر من مسّ ولا من حمل لوحٍ ولا مصحفٍ يتعلّم منه , أي لا يجب منعه من ذلك لحاجة تعلمه ومشقّة استمراره متطهّراً , بل يستحب .
قالوا : وذلك في الحمل المتعلّق بالدّراسة فإن لم يكن لغرض , أو كان لغرض آخر منع منه جزماً .
أمّا الصّبي غير المميّز فيحرم تمكينه من ذلك لئلا ينتهكه .
وذهب الحنابلة في المذهب إلى أنّه لا يجوز للصّبيّ مس المصحف , أي لا يجوز لوليّه تمكينه من مسّه , وذكر القاضي روايةً بالجواز وهو وجه في الرّعاية وغيرها .
وأمّا الألواح المكتوب فيها القرآن فلا يجوز على الصّحيح من المذهب عندهم مس الصّبيّ المكتوب في الألواح , وعنه يجوز , وأطلقهما في التّلخيص .
وأمّا مس الصّبيّ اللّوح أو حمله فيجوز على الصّحيح من المذهب .
ب - المتعلّم والمعلّم ونحوهما :
9 - يرى المالكيّة أنّه يجوز للمرأة الحائض الّتي تتعلّم القرآن , أو تعلّمه حال التّعليم مسّ المصحف سواء كان كاملاً أو جزءاً منه أو اللّوح الّذي كتب فيه القرآن , قال بعضهم : وليس ذلك للجنب , لأنّ رفع حدثه بيده ولا يشق , كالوضوء , بخلاف الحائض فإنّ رفع حدثها ليس بيدها , لكنّ المعتمد عندهم أنّ الجنب رجلاً كان أو امرأةً , صغيراً كان أو بالغاً يجوز له المس والحمل حال التّعلم والتّعليم للمشقّة .
وسواء كانت الحاجة إلى المصحف للمطالعة , أو كانت للتّذكر بنيّة الحفظ .
مس المحدث كتب التّفسير ونحوها ممّا فيه قرآن :
10 - اختلف الفقهاء في حكم مسّ المحدث كتب التّفسير , فذهب بعضهم إلى حرمة ذلك , وذهب غيرهم إلى الجواز .
والتّفصيل في مصطلح : ( مس ف 7 ) .
مس غير المتطهّر المصحف المكتوب بحروف أعجميّةٍ وكتب ترجمة معاني القرآن:
11 - المصحف إن كتب على لفظه العربيّ بحروف غير عربيّةٍ فهو مصحف وله أحكام المصحف , وبهذا صرّح الحنفيّة ففي الفتاوى الهنديّة وتنوير الأبصار : يكره عند أبي حنيفة لغير المتطهّر مس المصحف ولو مكتوباً بالفارسيّة , وكذا عند الصّاحبين على الصّحيح . وعند الشّافعيّة مثل ذلك , قال القليوبي : تجوز كتابة المصحف بغير العربيّة لا قراءته بها , ولها حكم المصحف في المسّ والحمل .
أمّا ترجمة معاني القرآن باللغات الأعجميّة فليست قرآناً , بل هي نوع من التّفسير على ما صرّج به المالكيّة , وعليه فلا بأس أن يمسّها المحدث , عند من لا يمنع مسّ المحدث لكتب التّفسير . [/align]
المصحف (تعريفه والأحكام المتعلقة به )
الموسوعة الفقهية / الجزء الثامن والثلاثون
مصحف
الموسوعة الفقهية / الجزء الثامن والثلاثون
مصحف
التّعريف :
1 - المُصحف بضمّ الميم , ويجوز المِصحف بكسرها , وهي لغه تميمٍ , وهو لغةً : اسم لكلّ مجموعةٍ من الصحف المكتوبة ضمّت بين دفّتين , قال الأزهري : وإنّما سمّي المصحف مصحفاً لأنّه أُصْحِف , أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدّفّتين .
والمصحف في الاصطلاح : اسم للمكتوب فيه كلام اللّه تعالى بين الدّفّتين .
ويصدق المصحف على ما كان حاوياً للقرآن كلّه , أو كان ممّا يسمى مصحفاً عرفاً ولو قليلاً كحزبٍ , على ما صرّح به القليوبي , وقال ابن حبيبٍ : يشمل ما كان مصحفاً جامعاً أو جزءاً أو ورقةً فيها بعض سورةٍ أو لوحاً أو كتفاً مكتوبةً .
الألفاظ ذات الصّلة :
القرآن :
1 - القرآن لغةً : القراءة , قال اللّه تعالى : { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } .
وهو في الاصطلاح : اسم لكلام اللّه تعالى المنزّل على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم المتعبّد بتلاوته , المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلاً متواتراً .
فالفرق بينه وبين المصحف : أنّ المصحف اسم للمكتوب من القرآن الكريم المجموع بين الدّفّتين والجلد , والقرآن اسم لكلام اللّه تعالى المكتوب فيه .
الأحكام المتعلّقة بالمصحف :
تتعلّق بالمصحف أحكام منها :
لمس الجنب والحائض للمصحف :
2 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمسّ المصحف , روي ذلك عن ابن عمر رضي اللّه عنهما , والقاسم بن محمّدٍ والحسن وقتادة وعطاءٍ والشّعبيّ , قال ابن قدامة : ولا نعلم مخالفاً في ذلك إلا داود .
وسواء في ذلك الجنابة والحيض والنّفاس , فلا يجوز لأحدٍ من أصحاب هذه الأحداث أن يمسّ المصحف حتّى يتطهّر , إلا ما يأتي استثناؤه .
واستدلوا بقوله تعالى : { لا يَمَسُّهُ إََِلا الْمُطَهَّرُونَ } .
وبما في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لعمرو بن حزمٍ رضي اللّه عنه إلى أهل اليمن , وهو قوله : « لا يمس القرآن إلا طاهر » , وقال ابن عمر : قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « لا يمس القرآن إلا طاهر » .
لمس المحدث حدثاً أصغر للمصحف :
4 - ذهب عامّة الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يمسّ المصحف , وجعله ابن قدامة ممّا لا يعلم فيه خلافاً عن غير داود .
وقال القرطبي : وقيل : يجوز مسه بغير وضوءٍ , وقال القليوبي من الشّافعيّة : وحكى ابن الصّلاح قولاً غريباً بعدم حرمة مسّه مطلقاً .
ولا يباح للمحدث مس المصحف إلا إذا أتمّ طهارته , فلو غسل بعض أعضاء الوضوء لم يجز مس المصحف به قبل أن يتمّ وضوءه , وفي قولٍ عند الحنفيّة : يجوز مسه بالعضو الّذي تمّ غسله .
مس الجنب والمحدث للمصحف بغير باطن اليد :
5 - يسوّي عامّة الفقهاء بين مسّ المصحف بباطن اليد , وبين مسّه بغيرها من الأعضاء , لأنّ كلّ شيءٍ لاقى شيئاً , فقد مسّه إلا الحكم وحمّاداً , فقد قالا : يجوز مسه بظاهر اليد وبغير اليد من الأعضاء , لأنّ آلة المسّ اليد .
وفي قولٍ عند الحنفيّة : يمنع مسه بأعضاء الطّهارة ولا يمنع مسه بغيرها , ونقل في الفتاوى الهنديّة عن الزّاهديّ أنّ المنع أصح .
مس جلد المصحف وما لا كتابة فيه من ورقه :
6 - ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يمتنع على غير المتطهّر مس جلد المصحف المتّصل , والحواشي الّتي لا كتابة فيها من أوراق المصحف , والبياض بين السطور , وكذا ما فيه من صحائف خاليةٍ من الكتابة بالكلّيّة , وذلك لأنّها تابعة للمكتوب وحريم له , وحريم الشّيء تبع له ويأخذ حكمه .
وذهب بعض الحنفيّة والشّافعيّة إلى جواز ذلك .
حمل غير المتطهّر للمصحف وتقليبه لأوراقه وكتابته له :
7 - ذهب الحنفيّة والحنابلة , وهو قول الحسن وعطاءٍ والشّعبيّ والقاسم والحكم وحمّادٍ , إلى أنّه لا بأس أن يحمل الجنب أو المحدث المصحف بعلاقة , أو مع حائلٍ غير تابعٍ له , لأنّه لا يكون ماساً له فلا يمنع منه كما لو حمله في متاعه , ولأنّ النّهي الوارد إنّما هو عن المسّ ولا مسّ هنا , قال الحنفيّة : فلو حمله بغلاف غير مخيطٍ به , أو في خريطةٍ - وهي الكيس - أو نحو ذلك , لم يكره .
وذهب المالكيّة والشّافعيّة والأوزاعي , وهو رواية خرّجها القاضي عن أحمد إلى أنّه لا يجوز ذلك , قال المالكيّة : ولا يحمله غير الطّاهر ولو على وسادةٍ أو نحوها , ككرسيّ المصحف , أو في غلافٍ أو بعلاقة , وكذا قال الشّافعيّة في الأصحّ عندهم : لا يجوز له حمل ومس خريطةٍ أو صندوقٍ فيهما مصحف , أي إن أعدّا له , ولا يمتنع مس أو حمل صندوقٍ أعدّ للأمتعة وفيه مصحف .
ولو قلّب غير المتطهّر أوراق المصحف بعود في يده جاز عند كلٍّ من الحنفيّة والحنابلة , ولم يجز عند المالكيّة على الرّاجح , وعند الشّافعيّة صحّح النّووي جواز ذلك لأنّه ليس بمسّ ولا حملٍ , قال : وبه قطع العراقيون من أصحاب الشّافعيّ .
وقال التّتائي من المالكيّة : لا يجب أن يكون الّذي يكتب القرآن على طهارةٍ لمشقّة الوضوء كلّ ساعةٍ .
ونقل عن محمّد بن الحسن أنّه كره أن يكتب المصحف المحدث ولو من غير مسٍّ باليد , لأنّه يكون ماساً بالقلم .
وفي تقليب القارئ غير المتطهّر أوراق المصحف بكمّه أو غيره من الثّياب الّتي هو لابسها عند الحنفيّة اختلاف .
قال ابن عابدين : والمنع أولى لأنّ الملبوس تابع للابسه وهو قول الشّافعيّة .
وقال الحنفيّة : لو وضع على يده منديلاً أو نحوه من حائلٍ ليس تابعاً للمصحف ولا هو من ملابس الماسّ فلا بأس به , ومنعه المالكيّة والشّافعيّة ولو استخدم لذلك وسادةً أو نحوها . على أنّه يباح لغير المتطهّر عند المانعين حمل المصحف ومسه للضّرورة , قال الشّافعيّة : يجوز للمحدث حمله لخوف حرقٍ أو غرقٍ أو تنجسٍ أو خيف وقوعه في يد كافرٍ أو خيف ضياعه أو سرقته , ويجب عند إرادة حمله التّيمم أي حيث لا يجد الماء , وصرّح بمثل ذلك المالكيّة .
من يستثنى من تحريم مسّ المصحف على غير طهارةٍ :أ - الصّغير :
8 - ذهب الحنفيّة وهو قول عند المالكيّة إلى أنّه يجوز للصّغير غير المتطهّر أن يمسّ المصحف , قالوا : لما في منع الصّبيان من مسّه إلا بالطّهارة من الحرج , لمشقّة استمرارهم على الطّهارة , ولأنّه لو منعوا من ذلك لأدّى إلى تنفيرهم من حفظ القرآن وتعلمه , وتعلمه في حال الصّغر أرسخ وأثبت .
قال الحنفيّة : ولا بأس للكبير المتطهّر أن يدفع المصحف إلى صبيٍّ .
وذهب المالكيّة في قولٍ آخر عندهم إلى أنّ الصّغير لا يمس المصحف إلا بالطّهارة كالبالغ . وقال الشّافعيّة : لا يمنع الصّبي المميّز المحدث ولو حدثاً أكبر من مسّ ولا من حمل لوحٍ ولا مصحفٍ يتعلّم منه , أي لا يجب منعه من ذلك لحاجة تعلمه ومشقّة استمراره متطهّراً , بل يستحب .
قالوا : وذلك في الحمل المتعلّق بالدّراسة فإن لم يكن لغرض , أو كان لغرض آخر منع منه جزماً .
أمّا الصّبي غير المميّز فيحرم تمكينه من ذلك لئلا ينتهكه .
وذهب الحنابلة في المذهب إلى أنّه لا يجوز للصّبيّ مس المصحف , أي لا يجوز لوليّه تمكينه من مسّه , وذكر القاضي روايةً بالجواز وهو وجه في الرّعاية وغيرها .
وأمّا الألواح المكتوب فيها القرآن فلا يجوز على الصّحيح من المذهب عندهم مس الصّبيّ المكتوب في الألواح , وعنه يجوز , وأطلقهما في التّلخيص .
وأمّا مس الصّبيّ اللّوح أو حمله فيجوز على الصّحيح من المذهب .
ب - المتعلّم والمعلّم ونحوهما :
9 - يرى المالكيّة أنّه يجوز للمرأة الحائض الّتي تتعلّم القرآن , أو تعلّمه حال التّعليم مسّ المصحف سواء كان كاملاً أو جزءاً منه أو اللّوح الّذي كتب فيه القرآن , قال بعضهم : وليس ذلك للجنب , لأنّ رفع حدثه بيده ولا يشق , كالوضوء , بخلاف الحائض فإنّ رفع حدثها ليس بيدها , لكنّ المعتمد عندهم أنّ الجنب رجلاً كان أو امرأةً , صغيراً كان أو بالغاً يجوز له المس والحمل حال التّعلم والتّعليم للمشقّة .
وسواء كانت الحاجة إلى المصحف للمطالعة , أو كانت للتّذكر بنيّة الحفظ .
مس المحدث كتب التّفسير ونحوها ممّا فيه قرآن :
10 - اختلف الفقهاء في حكم مسّ المحدث كتب التّفسير , فذهب بعضهم إلى حرمة ذلك , وذهب غيرهم إلى الجواز .
والتّفصيل في مصطلح : ( مس ف 7 ) .
مس غير المتطهّر المصحف المكتوب بحروف أعجميّةٍ وكتب ترجمة معاني القرآن:
11 - المصحف إن كتب على لفظه العربيّ بحروف غير عربيّةٍ فهو مصحف وله أحكام المصحف , وبهذا صرّح الحنفيّة ففي الفتاوى الهنديّة وتنوير الأبصار : يكره عند أبي حنيفة لغير المتطهّر مس المصحف ولو مكتوباً بالفارسيّة , وكذا عند الصّاحبين على الصّحيح . وعند الشّافعيّة مثل ذلك , قال القليوبي : تجوز كتابة المصحف بغير العربيّة لا قراءته بها , ولها حكم المصحف في المسّ والحمل .
أمّا ترجمة معاني القرآن باللغات الأعجميّة فليست قرآناً , بل هي نوع من التّفسير على ما صرّج به المالكيّة , وعليه فلا بأس أن يمسّها المحدث , عند من لا يمنع مسّ المحدث لكتب التّفسير .