المصحف العثماني اليمني بين النفي والإثبات

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرَّحيم[/FONT]
[FONT=&quot]الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على الصَّادق الأمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن سار على هديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين . أما بعد :[/FONT]
[FONT=&quot]فمن المعلوم للمشتغل برسم المصاحف اختلاف العلماء في عدد المصاحف التي أرسلها الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فقيل: بعدد أجناد الإسلام ، وقيل: أربعة ، وقيل: خمسة ، وقيل: سبعة ، وقيل: ثمانية .[/FONT]
[FONT=&quot]والذي يعنينا من ذلك : هل أرسل لليمن مصحفاً خاصاً بهم ؟ وجوابه يتعلَّق بالخلاف السابق ، وبين يدي دراسة لأحد الباحثين اليمنيين حول مصحف اليمن ، وهو ضمن رسالته للدكتوراة ( علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى القرن الثامن الهجري - )[/FONT]
[FONT=&quot]في انتظار مشاركات مشايخنا الذين لهم عناية بهذا الجانب :
[/FONT]
[FONT=&quot]فبعد أن ذكر خلاف العلماء في عدد المصاحف ، قال حفظه الله : انبنى على الاختلاف المتقدّم في تحديد العدد الذي كُتِبَ من المصاحف الخلاف نفسه في إثبات وجود مصحف اليمن ونفيه .[/FONT]
[FONT=&quot]فالقول الأوَّل: يشير بمضمونه إلى احتمال وجوده .[/FONT]
[FONT=&quot]والقولان الثاني والثالث: لم يتضنا أي إشارةٍ إليه .[/FONT]
[FONT=&quot]والقولان الرابع والخامس: أشارا صراحة إلى وجود مصحف اليمن .[/FONT]
[FONT=&quot]ومن مشاهير القرَّاء والمصنفين الذين قالوا بأنَّ الخليفة عثمان قد وجَّه بمصحف إلى اليمن : أبو حاتم السجستاني ومكي بن أبي طالب وابن القاصح والمحقق ابن الجزري والشهاب القسطلاني والحافظ السيوطي ، ومن النعاصرين أستاذنا الدكتور / التهامي الرَّاجي ، ويقوِّي هذا الاحتمال الاعتبارات التالية :[/FONT]
[FONT=&quot]1)[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]إنَّ مصحف أبا موسى الأشعري رضي الله عنه وقراءته كانا قد اشتهرا في اليمن ، وكان الخليفة عثمان قد أرسل بالمصاحف وأمر الناس بإصلاح مصاحفهم بمقتضاها ، فكيف سيلبي اليمنيون أمر خليفتهم إذا لم يكن معهم مصحف ؟![/FONT]
[FONT=&quot]2)[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]إنَّ اليمن يُعد قطراً مهماً من أقطار الدولة الإسلامية بالنظر إلى ثقله العلمي والسياسي آنذاك ، فليس من المنطق والحال هذه أن يتركه خليفة المسلمين دون أن يُرسل إليه مصحفاً يعتمد عليه أهله ، ويقيمون مصاحفهم على منواله ، فهو جزء من بلاد الإسلام ، ويتلاحم مع بقية الأمصار في هذه البلاد ، ويتبادل مع غيره المعارف والثقافات ، فكان لابُدَّ أن يتأثر بما حوله من أحداث . [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]3)[FONT=&quot] [/FONT][/FONT][FONT=&quot]إنَّ ترجيح مكي بن أبي طالب بأنَّ عدد المصاحف سبعة ، ومنها مصحف اليمن أمرٌ له أهميته ، وذلك بالنظر إلى ضلوعه في هذا العلم ومعرفته بالرَّويات المتعددة فلن يصدر في ترجيحه عن عدم معرفة حين قال: ( ورواته أكثر ) .ويعزو السيوطي اقتصار ابن مجاهد على ذكر قرَّاء الكوفة والبصرة والشام ومكة والمدينة دون غيرهم من قراء اليمن والبحرين إلى اختفاء مصحفيهما ، وعدم شيوع ذكرهما في الآفاق ، قال : وقد صنف ابن جبير المكي قبل ابن مجاهد كتاباً اقتصر على ذلك ، لأنّ المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلى هذه الأمصار ، ويقال : إن وجه بسبعة : هذه الخمسة ، ومصحفاً إلى اليمن ، ومصحفاً إلى البحرين لكن لـمَّا لم يُسمع لهذين المصحفين خبر ، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف استبدلوا من غير اليمن والبحرين قارئين كمَّل بهما العدد ) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ومن ثم ندرك أنَّ خبر وجود مصحف اليمن أمرٌ ثابتٌ غير أنه لم يشتهر ، ولا يهمنا ذلك طالما وأنَّ كثرة الناقلين للخبر قد تحصلت [/FONT]–[FONT=&quot] حسب قول مكي [/FONT]–[FONT=&quot] إذ هي من الأمور التي تعضد النقل وترفع درجته ، ولا عبرة بعد ذلك بعدم اشتهاره عند مَن تأخر ، وإن كان في نفس الأمر مُهماً مادام النقل ثابتاً ، واعتضد بكثرة الناقلين ، فكم من أخبار اشتهرت على الألسنة وهي لم تستند إلى أصل صحيح ، كما أنَّ ميل المحقق ابن الجزري إلى القول بأنَّ عدد المصاحف ثمانية ، ومن بينها مصحف اليمن ،يزيدنا اطمئناناً إلى وجوده ، لأنه لو لم يكن متأكداً من صحة ما نقل لما ذكر ذلك .[/FONT]
[FONT=&quot]زمما يزيد اعتقادنا رسوخاً بوجود مصحف اليمن ما أشار إليه الشيخ المحقق محمد أحمد الحجري الذي كُلِّف في الأربعينيات من القرن الرابع عشر الهجري بفهرسة المخطوطات التابعة للمكتبة المتوكلية الخاصة بالإمام يحيى ابن حميد الدين فوجد المصحف العثماني من ضمن المخطوطات التي تحتوي عليها هذه المكتبة ، قال: ومن أنفس ما فيها المصحف الشريف العثماني أحد المصاحف السبعة التي جمعها الصحابة في زمن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ) . علم القراءات في اليمن صـ141-142 .
[/FONT]


وللموضوع بقية تلحق قريباً إن شاء الله -
[FONT=&quot][/FONT]
 
تتمة كلام الباحث - حفظه الله -:
وقد سعينا للتأكد من صحة ما ذكره المؤرخ الحجري إلى عين المكان - أي المكتبة المتوكلية - المعروفة اليوم بالمكتبة الغربية التابعة لوزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية ، فتمكنا بعد إلحاح شديد ، وطول انتظار من رؤية جزء من هذا المصحف الشريف ، فوجدناه مكتوباً على ورق من جلد غزال ، وتتردد في الأوساط اليمنية مقولة مفادها: أنَّ هذا المصحف الأثري النَّادر هو مصحف علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كان مع عبيد الله بن العباس حين ولاه علي أمر اليمن ، ووضعه عبيد الله عند وَلَديه الذَّيْن قتلهما بسر بن أرطأة ، وظلَّ ذلك المصحف محفوظاً حتى يومنا هذا ، ويبدوا أن هذه المقولة ظهرت متأخرة بعد اشتهار هذا المصحف ، فلو كانت رائجة قبل أن يكتشفه المؤرخ الحجري ، أو حين اكتشافه له لما توانى في نسبته إليه ، أو في أقل الأحوال لذكر أنه يُنسب إليهما - يعني عثمان وعلي - وبخاصة هو يقوم بفهرسة مكتبة ملك اليمن يحيى حميد الدين (ت: 1948م) الذي يرجع في أرومته إلى آل البيت - رضوان الله عليهم - .
وقد سألنا القاضي البحاثة إسماعيل بن علي الأكوع تلميذ المؤرخ السابق حول صحة نسبة هذا المصحف إلى علي ، فقال: يقال ذلك والذي يظهر - إن صحت هذه النسبة - أنه إنما دخل اليمن في أواخر القرن الثاني ) .
والحقيقة أنَّ نسبة هذا المصحف العتيق إلى علي رضي الله عنه لا تخلو من تكلف يحملنا على التساؤل : لِـمَ لم تظر هذه المقولة إلا بعد فشو هذا الخبر ؟ سؤال ربما تجيب عنه الأيام ) ا.هـ علم القراءات في اليمن صـ142-143

وللموضوع بقية قصيرة أرفقها قريباً
 
تتمة أخيرة : قال الباحث - حفظه الله - :
وما يمكن أن يُقال في هذا الخصوص أنَّ المصاحف العثمانية التي أرسلت إلى الأمصار الإسلامية لا يوجد منها اليوم مصحف واحد ، فإذا سلَّمنا بضرورة تحصُّل أهل اليمن على نسخة من المصاحف العثمانية ، وهو ما نميل إليه ونرجِّحه ، فربما يكون هذا المصحف نفسه ، وربما تكون صروف الدهر قد حالت دون بقائه كما هو الشأن بالنسبة للمصاحف الخاصة بالأمصار الأخرى - والله أعلم - انتهى من من كتاب : علم القراءات في اليمن للدكتور عبد الله بن عثمان المنصوري .

وبعد عرض هذا الكلام حول مصحف اليمن العثماني ، وعن إمكانية وجوده إلى يومنا هذه

نرجو من علمائنا الأفاضل المتخصصين بعلم المصاحف إفادتنا حول هذه المسألة المهمة في هذا المجال
 
مصحف اليمن ومصحف صنعاء
أشكر الأخ الأستاذ أبا إسحاق الحضرمي على إثارة الحديث عن مصحف اليمن ، ونقله ما ورد في رسالة الدكتوراه (علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى[FONT=&quot] [/FONT]القرن الثامن الهجري) عنه ، وودت لو ذكر كاتب هذه الرسالة ، ومكان إنجازها .
وليس لدي ما أضيفه الآن على ما نقله الأخ أبو إسحاق سوى الإشارة إلى :
(1) أن مصحف أهل اليمن ، إن صح أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أمر بإرسال نسخة من المصاحف التي نسخها الصحابة إلى اليمن ، لم يوقف له على أثر ، ولم يشر المؤلفون في رسم المصاحف إلى أي رواية منقولة من مصحف أهل اليمن أو مصاحفهم ، وهو أمر يعزز الرأي القائل بعدم إرسال نسخة إلى اليمن من المصاحف الأولى .
(2) لا يعني القول بعدم إرسال نسخة من المصاحف العثمانية الأولى إلى اليمن أن أهل اليمن تأخر وصول المصحف إليهم ، بل يمكن القول على نحو أكيد : إن القرآن دخل اليمن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، حين أرسل معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري يعلمان أهل اليمن القرآن والفقه . ويمكن القول أيضاً : نسخة أو نسخاً من المصاحف المنقولة من المصاحف العثمانية الأولى قد دخلت اليمن في وقت مبكر من القرن الأول الهجري .
(3) إذا كان البحث عن المصحف العثماني في اليمن لم يؤد إلى نتيجة أكيدة فإن على الباحثين في زماننا أن يولوا وجوههم نحو مصاحف صنعاء التي كُشِفَ عنها في العقود الأخيرة من القرن الماضي في أروقة الجامع الكبير في صنعاء ، وهي ثروة عظيمة القيمة من الناحية التاريخية والعلمية ، وهناك دراسات قامت حولها ، لكن يبدو أنها تحتاج إلى جهود كبيرة وأوقات طويلة لخدمتها الخدمة اللائقة بها .
وهذه نبذة مختصرة عن مصاحف صنعاء وما دار حولها من بحوث كتبت في مناسبة سابقة ، عسى أن تكون مفيدة :
مصاحف صنعاء القديمة
يحتفظ الجامع الكبير في صنعاء بمجموعة ضخمة من مخطوطات المصاحف القديمة ، وكانت أكبر مجموعة منها قد عثر عليها في خزانة قديمة في سنة 1965م ، بعد أن تسربت مياه الأمطار من السقف إلى المكان الذي كانت فيه ، وقد اضطر عمال الصيانة إلى فتح تلك الخزانة فوجدوها مملوءة بأوراق الرَّق والجلود المكتوبة بالخط الكوفي ، وهي تمثل بقايا من مصاحف قديمة ، ونقلت تلك الصحائف إلى المتحف الوطني في صنعاء سنة 1972م عندما جرى ترميم المكان الذي تحفظ فيه ، ثم أعيدت إلى المكتبة الغربية في الجامع الكبير ، وبدأت صيانة تلك الصحائف بعد سنة 1980م على يد فريق متخصص من الخبراء الألمان ، يعاونهم فريق يمني ، وكانت ملء عشرين كيساً كبيراً(1). ويُقَدَّرُ عدد تلك الصحائف بما يقارب أربعين ألف صفحة مصحف(2).
وفي المكتبة الشرقية للجامع الكبير في صنعاء رقوق كثيرة لمخطوطات قرآنية ، اختارت منها الباحثة رزان غسان حمدون اثنتين وسبعين صحيفة ، ودرستها في رسالتها الموسومة ( المخطوطات القرآنية في صنعاء منذ القرن الهجري الأول وحفظ القرآن بالسطور) ، التي قدمتها كلية اللغات والآداب والتربية في الجامعة اليمنية للحصول على شهادة الماجستير ، سنة 2004م = 1425هـ .
ولم يتضح من خلال مباحث الرسالة علاقة هذه المجموعة من الرقوق بمصاحف الخزانة الغربية بالجامع الكبير ، وقد رجحت الباحثة أنها تعود إلى القرن الأول الهجري(3)، ومما يؤكد قدم هذه المجموعة خطها المجرد من نقاط الإعراب ومن الزخارف في فواتح السور ، إلى جانب ظواهر إملائية ترجع إلى عصر المصاحف الأولى ، وأهم ما يميز هذه المجموعة ما يأتي :
1. يغلب على صفحات هذه المجموعة الخط الحجازي ، الذي يتميز بتعويج ألفاته إلى يمنة اليد،(4) وهو قريب من شكل الخط الكوفي ذي الخطوط المستقيمة والزوايا القائمة.
2. يبدو كثير من حروف المجموعة منقوطة بنقاط الإعجام الصغيرة المدورة .
3. في كثير من صفحات المجموعة تظهر علامات رؤوس الآي على شكل مجموعة نقاط على شكل هرم مثلث قد تصل إلى ست نقاط ، كما تظهر علامات الخموس والعشور على شكل دائرة مزخرفة.
4. تُشَكِّلُ المجموعة الثلث الأول من القرآن تقريباً ، من آخر سورة البقرة إلى منتصف سورة يوسف ، وهناك عشر مواضع سقط منها ورقة أو أكثر ، سوى سورة الأنعام التي فقدت من المجموعة كاملة ، ومن المحتمل أن تكون هذه الأوراق ترجع إلى مصحف واحد ، مع أن خط بعض الصفحات يبدو أقل إتقاناً من الأخرى.
5. يتوزع هجاء عدد من الكلمات على آخر السطر وأول السطر الذي يليه ، ولكن من غير وجود علامة لذلك ، كما نجد في مصحف جامع عمرو بن العاص وغيره من المصاحف القديمة ، إلا في مواضع قليلة ظهرت فيها العلامة الدالة على ذلك.


(1) ينظر : القاضي إسماعيل بن علي الأكوع : جامع صنعاء أبرز معالم الحضارة الإسلامية في اليمن ص 20 – 22.

(2) ينظر : مقدمة كتاب مصاحف صنعا ص5 .

(3) ينظر : رزان غسان حمدون :المخطوطات القرآنية في صنعاء ص75 .

(4) انظر : ابن النديم : الفهرست ص9.
 
مصحف اليمن ومصحف صنعاء
أشكر الأخ الأستاذ أبا إسحاق الحضرمي على إثارة الحديث عن مصحف اليمن ، ونقله ما ورد في رسالة الدكتوراه (علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلىالقرن الثامن الهجري) عنه ، وودت لو ذكر كاتب هذه الرسالة ، ومكان إنجازها .
شكر الله لأستاذي وشيخي الدكتور غانم قدوري الحمد - وفقه الله - هذه المداخلة الطيبة ، ولقد أثلجت صدري بما ذكرت ، وبعثت فيَّ روح البحث والتنقيب عن أخبار مصاحف اليمن .
أمَّا عن سؤالك :
فإنَّ الكتاب هو : ( علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى القرن الثامن الهجري ) للدكتور: عبد الله بن عثمان المنصوري - حفظه الله - الأستاذ المساعد بقسم القرآن وعلومه بكلية التربية - صنعاء
طبعت ضمن سلسلة إصدارات جامعة صنعاء لعام 2004 م ، رقم (9) .
وهذه الرسالة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط بالمملكة المغربية .
وكان المشرف على هذه الرسالة الدكتور : التهامي الرَّاجي الهاشمي - وفقه الله -
والرسالة بين يدي ، وهي تباع بمكتبات العاصمة صنعاء


 
وقد سألتُ شيخي وأستاذي الشيخ الدكتور بشير الحميري - وفقه الله - عن هذا المصحف أثناء دراستي عليه لكتاب " الوسيلة شرح العقيلة " للسخاوي ، وقد وجدتُ كلاماً له على هذا الرَّابط هنا .
 
عودة
أعلى