د.عبدالرحمن الصالح
New member
عندما بدأتُ بالكتابة بالملتقى قبل سبع سنين لم يدعُني للتسجيل في الملتقى باسمي الحقيقي أحدٌ، إلا أن هيبة كلمة "أهل التفسير" وهو أم العلوم دفعتني - لاشعوريا - أن أسجل باسمي الحقيقي. وكانت الموضوعات التي تثار وتناقش تستثير الفضول العلمي وتستدعي الأعضاء أن يعلقوا بما يسنح لخواطرهم. ولما كان وعيُنا صدى لما نراه في حياتنا الواقعية من صراع وخلاف فكري في المساجد والمنتديات الأخرى، وكان الحابل يختلط بالنابل لا في الحوارات وحدها، بل في أفكار الشخص الواحد نفسه في أحيان كثيرة، ورغم القاعدة المشهورة "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" فإن الكتابة في المنتديات قد علمتنا ضرورة أن نتثبت ونتلمس مكان الخُطا قبل أن نتكلم، فكم قد أغضبنا أناسا كان يمكن تجنب ذلك لو أعدنا صياغة الفكرة بعبارة أقل جفوة ومباشرة.
كان الملتقى في سنيه الأولى( أو في طفولته) والحق أنه قد بدأ كبيرا بسبب صدق همة الأخ المشرف عليه وامتنان الله تعالى عليه بمعاونين وإخوة فضلاء حتى بلغ أشُدَّه واستوى وأصبح كيانا ثقافيا في التفسير وعلوم القرآن نتوقع له أن يصبح مرجعية أو مؤسِّسًا لمرجعية في الموضوع. ونعني بالمرجعية الحجية التي تمتلكها مجامع اللغة في اللغة فكذلك فإن ملتقى أهل التفسير سوف يتمخض عنه بإذن الله تعالى مرجعية في التفسير وعلوم القرآن تنبثق منها مؤسسات وجمعيات بإذن الله.
ودارت الأيام وتعرفت في الملتقى على إخوة فضلاء وأساتذة كبار ومصلحين ودعاة التقيت كثيرا منهم في "الملتقى الدولي لتطوير الدراسات القرآنية" الذي ما كان له أن يعقد لولا الملتقى فهو أحد ثمرات الملتقى الذي هو "شجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها".
والنبوغ هو "تجاوز العوائق" ، [فلولا المشقة لساد الناس كلهم ولكن الجود يفقر والإقدام قتالُ كما قال أبو الطيب]، فصار لذلك قول الشاعر في قوله:
ولا نزعم للملتقى التفرد بالنجاح حتى بين الملتقيات الإسلامية ولكنا نزعم له بكل ثقة أنه أكثرها نجاحا إن لم يكن على صعيد الإنتاج فعلى صعيد الطموح والرؤية وما يعِد به.
مرت بي بوصفي عضوا بعض الصعوبات ذلك أني من المؤمنين بانفتاح المعنى وبتطور العقل ورفضه لكل قيود تُفرض عليه من خارجه، فالعقل يَعرف حدوده بنفسه ولذلك فهو يثور على كل من يفرض عليه قيودا من خارجه باسم كيانات تجريدية يُنسب لها وجود واقعي. وهذه الرؤية لا يشاركني فيها كثيرون ولا سيما المنحدرون من العلوم الشرعية الذين ورثوا تقديس المؤسسات والهيئات والشيوخ في الواقع وفي التاريخ، وهم في العقل النظري قابلون للخطأ والرد عليهم وإمكانية الوهم، فكانت كتابتي في الملتقى بهذا الموقف العقلي تجعل بعض الإخوة الزوار والأعضاء يزّاورون ذات اليمين عن بعض ما اكتب من موضوعات أو تعليقات. والحق يقال لولا سعة صدور القائمين على الملتقى وسماحهم لكل محاولة علمية بالوجود حتى وإن بدت مشتطة بعض الشيء لكان اصطدامي مع بعض طرائق التفكير مانعا لي من الاستمرار في الملتقى. ولكن ولله تعالى الحمد والمِنة قد بقيت عضوا من سبع سنين ومارست الاجتهاد والتفكر بكل رحابة صدر ودافعت عن كل جوانب الحق في مفكرين منتقَدين مثيرين للجدل ، إلى أن نلت ثقة الإخوة الفضلاء في هيئة الإشراف في أني أثني على وأدافع عن كل ما يقويني (رجلًا من المسلمين) إيمانيا أو عقليا وأني أرى في من دافعت عنهم رغم كل فجواتهم وعيوبهم خيرا كثيرا وتنويرا للعقل في جوانب كثيرة، وأن جوانب ضعفهم وبدوّ مقاتلهم في باب لا يسوغ هجر ما أبدعوا فيه، فدراسات الجابري في علوم القرآن ليست سوى تطفل على موضوع لا يملك عُدة وُلوجه ولكن مشروعه النقدي ولا سيما في جزئيه الأول والثاني (تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي) لا يجوز غبنه فيهما. ودافعت عن جوانب الحق في كل ما ظننتُه حقا وهذا فضل يحسب للقائمين على هذا الملتقى لا تكاد تجد مثله بين المتشرعين ومواقعهم على الشبكة.
وصححت بعض أفكاري وتعلمت من الملتقى الكثير
وهذه الرؤية المستنيرة للإخوة المشرفين على الملتقى هي التي جعلت الملتقى أكاديميا عميقا مع كونه شرعيا حاملا لرسالة وبذلك يكون الخيط الرابط بين علماء الإسلام الأوئل والعلماء المعاصرين في رؤية القائمين على الملتقى هو "الإخلاص للعلم والحقيقة " ، وبدون وجود هذا الخيط الرابط يصبح الملتقى منغلقا متعصبا ذا نظرة أحادية.
ليس الملتقى رسميا أكاديميا تعد مقالاته موقعة محكّمة ولكنه يحمل بذور وجود مثل هذا القسم ويعد به
وقد نُشرت فيه أفكارٌ وعلوم ونقود لما هو موجود في الساحة الثقافية والعلمية مما يزداد تراكما على الأيام ويوفر للطلاب والمهتمين بالعلوم الشرعية مادة معرفية ونقاشات مثرية لوعيهم.
واليوم نعيش أيام المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية الذي هو كما قدمت من ثمرات نجاح الملتقى ونسأل الله للمؤتمر النجاح وبشائر نجاحه تلوح في كل جزئياته، وأنتوي أن أقترح غدًا - إن نسأ الله تعالى في الأجل وشاء ويسّر- أن يكون هذا المؤتمر هو المؤتمر الدولي الأول لتطوير علوم القرآن وأن يكون المؤتمر دوريا كل ثلاث سنين أو أربع أو خمس فإن استُحصلت الموافقة المباركة من الجهات الرسمية وفقهم الله تعالى كان ذلك مكسبا للدراسات القرآنية ولا ريب ولجميع العلوم الشرعية وطلابها ودارسيها. فمؤتمر المستشرقين الألمان ، وأنا عضو في جمعيتهم يعقد كل ثلاث سنين، وDAVO لدراسات الشرق الأوسط تجتمع كل سنتين، ونحتاج نحن الدارسين لعلوم القرآن أن نجتمع ونتدارس ونتلاقى ونتباحث كل ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أيضاً دون أدنى شكّ، فإن لم يكن ذلك ممكنا لأننا لم نصبح جمعية فلتتأسس ولتنبثق عن المؤتمر الجمعية الدولية للباحثين في علوم القرآن.
أسأل الله تعالى لهذا الملتقى اطراد النجاح ودوامه وللإخوة الفضلاء القائمين عليه أن يمتعنا الله تعالى بدوام صحتهم وطاقتهم وإشراقة ابتسامتهم ودوام تعاونهم على كل بر وتقوى، وأن يجعلنا بحضورنا لمجلسهم راتعين في حلقة ذكر وروضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب.
كان الملتقى في سنيه الأولى( أو في طفولته) والحق أنه قد بدأ كبيرا بسبب صدق همة الأخ المشرف عليه وامتنان الله تعالى عليه بمعاونين وإخوة فضلاء حتى بلغ أشُدَّه واستوى وأصبح كيانا ثقافيا في التفسير وعلوم القرآن نتوقع له أن يصبح مرجعية أو مؤسِّسًا لمرجعية في الموضوع. ونعني بالمرجعية الحجية التي تمتلكها مجامع اللغة في اللغة فكذلك فإن ملتقى أهل التفسير سوف يتمخض عنه بإذن الله تعالى مرجعية في التفسير وعلوم القرآن تنبثق منها مؤسسات وجمعيات بإذن الله.
ودارت الأيام وتعرفت في الملتقى على إخوة فضلاء وأساتذة كبار ومصلحين ودعاة التقيت كثيرا منهم في "الملتقى الدولي لتطوير الدراسات القرآنية" الذي ما كان له أن يعقد لولا الملتقى فهو أحد ثمرات الملتقى الذي هو "شجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها".
والنبوغ هو "تجاوز العوائق" ، [فلولا المشقة لساد الناس كلهم ولكن الجود يفقر والإقدام قتالُ كما قال أبو الطيب]، فصار لذلك قول الشاعر في قوله:
وإني امرؤٌ لولا العوائقُ أذعنت ... لسلطانه البدو المغيرةُ والحضرُ
نعده ساخرا لأن النبوغ ليس سوى "تجاوز العوائق" . وقد تجاوز هذا الملتقى ببركة الله تعالى وهمة القائمين عليه وصدق نياتههم عوائق كثيرة لا يعلمها إلا الله عز وجل. وقد حقق "ما كان لله اتصل وما كان لغير الله انفصل" فالاتصال والتواصل دليل على أن حظ الله تعالى من عمل القائمين على الملتقى كبير. ولا نزعم للملتقى التفرد بالنجاح حتى بين الملتقيات الإسلامية ولكنا نزعم له بكل ثقة أنه أكثرها نجاحا إن لم يكن على صعيد الإنتاج فعلى صعيد الطموح والرؤية وما يعِد به.
مرت بي بوصفي عضوا بعض الصعوبات ذلك أني من المؤمنين بانفتاح المعنى وبتطور العقل ورفضه لكل قيود تُفرض عليه من خارجه، فالعقل يَعرف حدوده بنفسه ولذلك فهو يثور على كل من يفرض عليه قيودا من خارجه باسم كيانات تجريدية يُنسب لها وجود واقعي. وهذه الرؤية لا يشاركني فيها كثيرون ولا سيما المنحدرون من العلوم الشرعية الذين ورثوا تقديس المؤسسات والهيئات والشيوخ في الواقع وفي التاريخ، وهم في العقل النظري قابلون للخطأ والرد عليهم وإمكانية الوهم، فكانت كتابتي في الملتقى بهذا الموقف العقلي تجعل بعض الإخوة الزوار والأعضاء يزّاورون ذات اليمين عن بعض ما اكتب من موضوعات أو تعليقات. والحق يقال لولا سعة صدور القائمين على الملتقى وسماحهم لكل محاولة علمية بالوجود حتى وإن بدت مشتطة بعض الشيء لكان اصطدامي مع بعض طرائق التفكير مانعا لي من الاستمرار في الملتقى. ولكن ولله تعالى الحمد والمِنة قد بقيت عضوا من سبع سنين ومارست الاجتهاد والتفكر بكل رحابة صدر ودافعت عن كل جوانب الحق في مفكرين منتقَدين مثيرين للجدل ، إلى أن نلت ثقة الإخوة الفضلاء في هيئة الإشراف في أني أثني على وأدافع عن كل ما يقويني (رجلًا من المسلمين) إيمانيا أو عقليا وأني أرى في من دافعت عنهم رغم كل فجواتهم وعيوبهم خيرا كثيرا وتنويرا للعقل في جوانب كثيرة، وأن جوانب ضعفهم وبدوّ مقاتلهم في باب لا يسوغ هجر ما أبدعوا فيه، فدراسات الجابري في علوم القرآن ليست سوى تطفل على موضوع لا يملك عُدة وُلوجه ولكن مشروعه النقدي ولا سيما في جزئيه الأول والثاني (تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي) لا يجوز غبنه فيهما. ودافعت عن جوانب الحق في كل ما ظننتُه حقا وهذا فضل يحسب للقائمين على هذا الملتقى لا تكاد تجد مثله بين المتشرعين ومواقعهم على الشبكة.
وصححت بعض أفكاري وتعلمت من الملتقى الكثير
وهذه الرؤية المستنيرة للإخوة المشرفين على الملتقى هي التي جعلت الملتقى أكاديميا عميقا مع كونه شرعيا حاملا لرسالة وبذلك يكون الخيط الرابط بين علماء الإسلام الأوئل والعلماء المعاصرين في رؤية القائمين على الملتقى هو "الإخلاص للعلم والحقيقة " ، وبدون وجود هذا الخيط الرابط يصبح الملتقى منغلقا متعصبا ذا نظرة أحادية.
ليس الملتقى رسميا أكاديميا تعد مقالاته موقعة محكّمة ولكنه يحمل بذور وجود مثل هذا القسم ويعد به
وقد نُشرت فيه أفكارٌ وعلوم ونقود لما هو موجود في الساحة الثقافية والعلمية مما يزداد تراكما على الأيام ويوفر للطلاب والمهتمين بالعلوم الشرعية مادة معرفية ونقاشات مثرية لوعيهم.
واليوم نعيش أيام المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية الذي هو كما قدمت من ثمرات نجاح الملتقى ونسأل الله للمؤتمر النجاح وبشائر نجاحه تلوح في كل جزئياته، وأنتوي أن أقترح غدًا - إن نسأ الله تعالى في الأجل وشاء ويسّر- أن يكون هذا المؤتمر هو المؤتمر الدولي الأول لتطوير علوم القرآن وأن يكون المؤتمر دوريا كل ثلاث سنين أو أربع أو خمس فإن استُحصلت الموافقة المباركة من الجهات الرسمية وفقهم الله تعالى كان ذلك مكسبا للدراسات القرآنية ولا ريب ولجميع العلوم الشرعية وطلابها ودارسيها. فمؤتمر المستشرقين الألمان ، وأنا عضو في جمعيتهم يعقد كل ثلاث سنين، وDAVO لدراسات الشرق الأوسط تجتمع كل سنتين، ونحتاج نحن الدارسين لعلوم القرآن أن نجتمع ونتدارس ونتلاقى ونتباحث كل ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أيضاً دون أدنى شكّ، فإن لم يكن ذلك ممكنا لأننا لم نصبح جمعية فلتتأسس ولتنبثق عن المؤتمر الجمعية الدولية للباحثين في علوم القرآن.
أسأل الله تعالى لهذا الملتقى اطراد النجاح ودوامه وللإخوة الفضلاء القائمين عليه أن يمتعنا الله تعالى بدوام صحتهم وطاقتهم وإشراقة ابتسامتهم ودوام تعاونهم على كل بر وتقوى، وأن يجعلنا بحضورنا لمجلسهم راتعين في حلقة ذكر وروضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب.