نجد بعض المصطلحات عند بعض العلماء وقيل لا مشاحة في الاصطلاح قلت لا بل سوف ننازع في هذا المصطلح فإن قبل فبها ونعمت و إلا فعلينا أن نحذر منه مثال ذلك
يقولون: حسن التخلص وهي عبارة توهم أن المتكلم عسر عليه الانتقال من كلام آخر ثم استطاع التخلص منه مع أن هذا غير مراد كيف وكلا الموضوعين من الأهمية بمكان لذا أقترح( حسن الانتقال) (براعة الوصل والفصل) أو( براعة التفصيل) .
التَّخَلُّصِ : معناه أن يسرد الناظم والناثر كلامهما فى مقصد من المقاصد غير قاصد إليه بانفراده، ولكنه سبب إليه، ثم يخرج فيه إلى كلام هو المقصود، بينه وبين الأول علاقة، ومناسبة وفي القرآن كثير منه، لأنه لا يزال تكرير الكلام من وعد إلى وعيد، ومن ذكر قصص إلى ذكر أمثال، ومن ترغيب إلى ترهيب، إلى غير ذلك .يتبع ...
٢- قال الزركشي: وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ قَصَدَ التَّخَلُّصَ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوْطِئَةِ لَهُ وَمِنْ بَدِيعِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ }يوسف :3 . يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَطَّأَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ إِلَى ذِكْرِ الْقِصَّةِ يُشِيرُ إِلَيْهَا بِهَذِهِ النُّكْتَةِ مِنْ بَابِ الْوَحْيِ وَالرَّمْزِ وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ مُوَطِّئًا لِلتَّخَلُّصِ إِلَى ذِكْرِ مُبْتَدَأِ خَلْقِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ ونوحا} الآية وَ كذا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ {أَذَلِكَ خَيْرٌ نزلا أم شجرة الزقوم} وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ التَّخَلُّصِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلُصَ مِنْ وَصْفِ الْمُخْلِصِينَ وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ إِلَى وَصْفِ الظَّالِمِينَ وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ
. ومن أبلغ امثلته قَوْلُهُ تَعَالَى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (69) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (70) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (71) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76){فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ من المؤمنين} وقد اشتمل على تخلّصات عشرة منتظمة
التخلص الأول:
أنه لما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتلاوة نبأ إبراهيم صلوات الله عليه، وما كان له مع أبيه وقومه من الخصومة والجدال فى عبادة الأوثان والأصنام، صدر القصة بذلك شرحا لصدره وتسلية له صلّى الله عليه وسلّم فيما يلاقى من قريش، ثم خرج إلى شرح حال إبراهيم وما جرى له،
فانظر إلى حسن ما رتّب إبراهيم كلامه مع أهل الشرك حين سألهم عما يعبدون ، فأجابوه بما هم عليه من ذلك.
التخلص الثانى:
ولما أجابوه أراد أن يُحققَ عليهم الأمر حتى لا يكون لهم سبيل إلى الجحود، فخرج عن ذلك إلى إبطال ما قالوه من عبادة آلهتهم فصدره بالاستفهام تأدبا منه وملاطفة لهم، ثم أورد فى إبطال إلهيتها أدلة ثلاثة، عدم السمع، واستحالة النفع والضر منها، فلا يليق بحالها العبادة ثم أجابوه بالإقرار بما ألزمهم من عدم ذلك منها فزاد إقرارهم الإلزام تأكيدا وإفحاما فقالوا الأمر فيها كما قلته لكنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، فنادوا على أنفسهم بالجهالة، وأقروا بركوب الضلالة، وأنهم ما فعلوا ذلك عن نظر وتفكر وتدبر.
التخلص الثالث:
أنه لما تحقق تعويلهم على التقليد خرج إلى إبطال أمره وتزييفه بقوله (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76)
التخلص الرابع:
أنه لما ذكر أنهم لا يستحقون العبادة خرج إلى ذكر عداوته لمن هذه حاله، فلهذا قال عقيب ذلك( فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ )
التخلص الخامس :
أنه لما ذكر أنها غير مستحقة للعبادة وذكر العداوة لها خرج إلى ذكر الله تعالى فأثنى عليه بتلك الصفات اللائقة به جل جلاله،
التخلص السادس :
فلما فرغ مما ذكرناه خرج إلى ما يكون ملائما له ومناسبا فدعا إلى الله تعالى: بدعوات أهل الإخلاص، وابتهل إليه ابتهال أهل الأمانة،
التخلص السابع:
ولما فرغ مما يخصه من الدعاء لنفسه ولأبيه بالدعوات الصالحة خرج عنه إلى ذكر البعث يوم القيامة
التخلص الثامن:
هو أنه لما فرغ مما ذكره عاد إلى سؤال المشركين ثانيا عند معاينة الأهوال فى يوم الجزاء بقوله: وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)
التخلص التاسع:
هو أنه لما فرغ من ذلك خرج إلى حكاية ما يقول أهل النار فى النار من الخصومة الناشئة بينهم، التخلص العاشر
هو أنه لما فرغ من ذلك خرج إلى ذكر تمنيهم الرجعة إلى الدنيا بقوله «فلو أنّ لنا كرّة» فننـزع عما كنا عليه من عبادة غير الله وسلوك طريق التقوى، والكون من جملة المؤمنين فى ذلك، فانظر إلى هذه الآية الشريفة كيف اشتملت على هذه التخلصات اللطيفة مع ما حازته من العجائب الحسان والأسرار ذوات الأفنان .
قلت: لذا لا يجوز أن نقول حسن التخلص بل هذا غرض لأصيل فنقول حسن الانتقال أونحو ما اقترحناه
ومن المصطلحات التي يحرم ذكرها عند تفسير الكتاب العزيز الذي لا اختلاف فيه و لا اشكال هذه العبارة الممقوتة : (واعلم أن هذه الآية مشكلة) ( تفسير الرازي (7/ 69) وغيره
وكذا: ( في الآية إشكال ) أو نحو ذلك مما لا يليق بكتاب الله ولا وجود له أصلًا .
فهذا مخالف للواقع فالآية ليست مشكلة ، بل هي تحل كل إشكال وتزيل كل شبهة بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه
فإن قلت: و ماذا تقترح ؟ قلت : لا اقتراح بل يُمحى هذا الباطل ونُميته .
أنت تفسر الكتاب الهادي فنتأدب ، ونقول: وتلك الآية العظيمة تحتاج للتدبر والتأمل فهي من كلام العليم الخبير فهل يمن علينا ويفتح لنا مغاليق قلوبنا ويزيل الحجب عن عقولنا أم يمنح فهمها من اختصه برحمته
اللهم ارزقنا فهما لكتابك وسنة نبيك و شرفنا بالتخلق بهما