المسيحية والنازية ومحاولات قديمة للتملك ، أوالتأويل العلماني!

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
في الحقيقة هي مجموعة مقالات نشرت في مجلة المنار قديما ومنها يمكن الإطلاع على تاريخ الصراع بين ألمانيا النازية وكنائس مسيحية ، ومحاولات من اتجاهات عدة ، ومنها المحاولة النازية، لتغيير بنية المسيحية وجعلها أقرب للموقف الحربي وتطويع نصوصها ودمجها مع تصورات جديدة ، تعتبر جزءا من العلمانية الحديثة ومحاولاتها استخدام الدين وتطويعه لتأويلاتها المتباينة بينما أطلقت الكنيسة يومذاك على هذا اللون من التغيير محاولة وثنية!
ولاشك أن تلك المحاولات وعمليات الزعزعة مع وجهة أوروبا تجاه العلمانية منذ زمن ، أزاحت الكنيسة بعواصف الواقع والتفكير العام لتصير في النهاية إما في في خدمة العلمانية أو في شبكة تأويلاتها المستمرة، أو في زاوية ضيقة من الحياة، تفتخر الكنيسة والعلمانية معا أنهما وصلا إلى حل نهائي سلمي تسامحي زاهر، وبذلك يقول كهنة العلمانية اليوم لنا انظروا فالدين في الغرب له مكانة مرموقة لكن في حدود ماتسمح به العلمانية!
الكاتب : محمد رشيد رضا
ذو القعدة - 1352هـ
فبراير - 1933م

النزاع الديني في ألمانيا
بعض رجال الكنيسة يتحدون النازي
[*]

( الريخ الثالث لا يحتاج إلى المسيحية ) للأستاذ برجمان
( المسيحية نتيجة حضارة عليلة ) لمؤلف نازي
تأتينا الأنباء البرقية في الفينة بعد الفينة بلمحات من النزاع القائم في ألمانيا
بين رجال الكنيسة البروتستانتية والنظام النازي . فما هو مثار الخلاف ؟ وما هي
التعاليم النازية التي يعترض عليها رجال الكنيسة ؟ وهل يكون هؤلاء المتحدون
للنظام النازي في دائرة الدين نواة للمقاومين في نواحي الحياة الأخرى ؟
في أواسط نوفمبر الماضي أذاع نحو ( من ) ثلاثة آلاف من القساوسة الألمان
وكان يوم الاحتفال بانقضاء 450 سنة على ميلاد مارتن لوثيروس بيانًا قالوا فيه :
( نحن وعاظ الإنجيل لا ينبغي ( لنا ) أن نستنزل على رءوسنا توبيخ النبي أشعيا
حيث يقول : ( كلهم كلاب خرس لا يستطيعون النباح ، مضطجعون نائمون ،
ويحبون أوسن ) وبعد ذلك أصدروا بيانًا آخر قالوا فيه : ( إن كنيستنا تواجه يوم
الدينونة . والتهجم على الصليب ما يزال في بداءته ، إن وثنية جرمانية جديدة قد
بزغت في أمتنا وقد غزت الكنيسة نفسها ) .
وقد جاء هذان البيانان احتجاجًا على اتجاهات الحركة الموسومة بالحركة
الألمانية المسيحية في الكنيسة الإنجيلية الألمانية ، أما السبب المباشر لإذاعتهما ،
فكان اجتماع جمهور غفير ممن يسمون أنفسهم بالمسيحيين الألمان ، حضره طائفة
من رؤوس الكنيسة
وطالب فيه الدكتور ريتهولد كروس أحد متطرفي الحركة ،
بإلغاء الصليب كشارة دينية ، وحذف العهد القديم من التوراة من برامج التعليم في
المدارس ، وجعل مقاومة اليهود خطة ثابتة للكنيسة البروتستانتية . وزعماء
الفريقين مصرون على السير بالنزاع إلى نهايته .

في ألمانيا نحو 22 ألفًا من قساوسة الكنيسة البروتستانتية . ومن المتعذر أن
تعرف كم قسيسًا منهم تابع للحركة المسيحية الألمانية ؛ لأن هذه الحركة ليست
عقيدة أو نظامًا معينًا يُعرف المؤمن به بالانضمام إليه ، وإنما هي فلسفة أو وجهة
نظر إلى الحياة ، ففي الانتخابات الكنسية التي تمت في منتصف السنة الماضية ،
فاز المسيحيون الألمان بنحو ( من ) ثلثي الأصوات ولكن خصومهم يدعون أنهم
( أي المسيحيين الألمان )
أرهبوا خصومهم وقت الاقتراع . ومع أن المسيحيين
الألمان ، يختلفون من حيث تطرفهم في الدعاية إلى إلغاء الصليب وحذف العهد
القديم من برامج الدراسة ، إلا أنهم جميعًا نازيون ، وغرضهم استعمال الكنيسة
أداة لنهضة قومية
؛ ذلك أن الكنيسة الإنجيلية الألمانية المؤلفة من الكنائس الثمان
والعشرين في مختلف الولايات الألمانية لها نحو ( من ) أربعين مليونًا من الأعضاء .
وفي ألمانيا كذلك نحو من عشرين مليونا من الكاثوليك و800 ألف من أتباع
المذاهب الأخرى ، عدا نحو نصف مليون يهودي ( 564 ألفًا عن التدقيق سنة
1930 ) وكل هؤلاء يتتبعون النزاع الديني القائم بعناية عظيمة . خذ مثلا على ذلك
ما قالته صحيفة جرمانيا الكاثوليكية : إذا كان التبشير بالمسيح في ألمانيا قد أصبح
في خطر فالمسيحيون الكاثوليك يصيبهم شيء من هذا الاضطهاد )
يعتقد المسيحيون الألمان : أن مبدأ الزعامة يجب أن يمتد إلى كل نواحي
الحياة القومية ، وأن رؤساء الكنيسة يجب أن يخضعوا لزعامة وسيطرة الزعيم أو
المنقذ أودلف هتلر ، والمتطرفون في هذه الحركة يقولون : إن ( الدولة المندمجة )
لا يمكن أن تتم إلا إذا اندمج الألمان البروتستانت والألمان الكاثوليك في ( الكنيسة
المسيحية الألمانية ) التي زعيمها المستشار هتلر
. أما هتلر فكاثوليكي ولا يخفى أن
إشاعة راجت من بضعة أشهر أنه ينوي أن يعتنق المذهب البروتستانتي القومي ،
أي أن ينضم إلى الكنيسة البروتستانتية القومية ، ولكن هذه الإشاعة كذبت .
و ( المسيحيون الألمان يعتقدون كذلك أن السلالة
Race يجب أن تكون
أساسًا للكنيسة كما هي أساس للدولة . وهذا أساس ( الوثنية الجديدة ) التي يشير
إليها القساوسة في بيانهم ويحتجون عليها ،
فالمثل العليا التي يرمي إليها هتلر ، لا
يمكن تحقيقها إلا بواسطة شعب آري [1] كذلك يقول الزعماء المتطرفون في
(الحركة المسيحية الألمانية )
لذلك يقترحون أن ينشئوا كورًا خاصة باليهود الذين
يعتنقون المذهب المسيحي ، وكورًا أخرى منفصلة عنها للمسيحيين ، وقد قال أحدهم :
ولما كانت المسيحية لا تستطيع أن تحول الرجل إلى امرأة كذلك لا تستطيع أن
تحول اليهودي إلى ألماني .
والمتطرفون في هذه الحركة يريدون ديانة أبطال ، إنهم يريدون نوعًا جديدًا
من فلسفة الاستشهاد ، تعبد فيها ألمانيا أبطالها ، الممثلين في مليونين من أبنائها
سقطوا في ميادين الحرب الكبرى .
خذ مثلاً على ذلك الأستاذ أرنست برجمان ، وهو من الزعماء النظريين لهذه
الحركة الجديدة ، خطب في جمهور من الطبقة المثقفة في جامعة برلين فقال : ليس
للمسيحية مكان في الريخ الثالث ، ومن شاء أن يوفق بين المسيحية والاشتراكية
القومية ( حركة النازي ) فليس مسيحيًّا حقيقيًّا ولا قوميًّا صحيحًا ( نقلاً عن
نيويورك تيمس 26 نوفمبر سنة 1933 ) .
أما الدكتور ألفرد روزنبرج ، أحد مستشاري هتلر المقربين ، فيدعو إلى نوع
من التقوى أو الورع الذي يدفع أصحابه إلى مقاومة ومكافحة الماركسية ( الشيوعية )
واليهودية والدعوة إلى الإسلام ، يقول : ( الجرمانية هبة من الله وأنت تطيع
أوامره بالذهاب إلى الحرب ) وقوله : ( إن سلالة الأسياد هي سلالة من المحاربين
( الصليبيين
CRUSADEIS ) الشقر وقد وصفت المسيحية في أحد الكتب
الجديدة التي نالت رواجًا عظيمًا ، بأنها نتيجة حضارة معتلة أنشأها سكان حوض
البحر المتوسط المنهوكي القوى )
نشأت المقاومة لهذه التعاليم من الداء ، واتجهت في الغالب إلى مقاومة ما
يحاوله ( المسيحيون الألمان ) من السيطرة على حياة ألمانيا الروحية ، ولكن
النازيين كانوا قد جردوا الولايات الألمانية من حقوقها المستقلة
، لكي ينشئوا منها
الدولة المندمجة أي الريخ الثالث الموحد
. وكذلك نشأ القول بأنه لا معنى للاحتفاظ
بكنيسة مستقلة لكل ولاية من الولايات السابقة ، فاعترضت مسألة تنظيم الكنيسة
الألمانية الموحدة ، ومن يكون رأسها الأعلى ؟
وجاءت المعركة الأولى في إبريل من السنة الماضية ، فربحها القساوسة غير
النازيين ؛ لأن المسيحيين الألمان ( لم يكونوا قد نظموا صفوفهم بعد ، أو لعلهم كانوا
أقلية حينئذ ، ولكن لما كان لا بد من إنشاء كنيسة قومية انتخب القساوسة المعتدلون
في 27 مايو الدكتور فريديمان فون بوديشونغ أول أسقف للريخ .
واحتدمت المعركة بعد الانتخاب ؛ ذلك أن حكومة هتلر رفضت أن تعترف
بانتخاب الأسقف وهو غير نازي ، ونظم رجال ( الحركة المسيحية الألمانية )
صفوفهم بزعامة الدكتور ملر
MUELLER الذي اشتهر بتنظيمه ( ردهة الشهرة )
لرجال البحرية الألمانية في مدينة ( ولميز هافن ) وكان في خلال الحرب قسيسًا
لأورطة ( تلور ) من البحارة ، ومن أقوى الدعاة لحرب الغواصات ، وعدوا لدودًا
للاشتراكية واليهود ، وبعد الحرب عُيِّنَ قسيسًا لأحد فرق الجيش في بروسيا الشرقية .
وكذلك اضطر ( فون بود لشونغ ) أن ينسحب فتفوق ( المسيحيون الألمان )
على خصومهم ،
وامتدت المعركة إلى الشوارع حيث سرح مؤيدو الأسقف المنسحب
يوزعون النشرات يدعون فيها الجمهور إلى أن يعصوا أوامر ( المسيحيين الألمان )
فرد عليهم خصومهم بأنهم حملوا الحكومة على أن تعلن أنها سوف تحاكم المنشقين
وكذلك تعرفت ( مضارب التركيز ) التي جمع فيها خصوم النازي إلى لباس
القساوسة بين رجالها ، وفي أول يوليو بعث الرئيس هندبرج برسالة إلى الهر هتلر
يطلب إليه أن يعدل بين الجميع .
ولما اجتمع السنيودس ( المجمع الكنسي ) الأعلى في سبتمبر انتخب الدكتور
ملر أسقفًا للريخ ،
ومن ثم مضى هو وأتباعه في تحقيق التوحيد أو التعاون بين
الدولة والكنيسة
، وفي المجمع الكنسي المذكور وافق المسيحيون الألمان على ( البند
الآري ) الذي أشرنا إليه سابقًا ، وفرضوا على القساوسة أن يكونوا آريين وقرروا
أن يحذفوا كلمة ( آمين ) و ( هللويا ) من الطقوس الكنسية ، ولعل ذلك لأن أصلهما
عبري ، وقررت كنائس بروسيا الشرقية أن تدخل الموسيقى العسكرية في الحفلات
الدينية في ولاية برنسويك ،
وأشير على طلاب العلوم الدينية والقساوسة بالانضمام
إلى فرق الهجوم النازية ، وأصبح مرأى العلم النازي حاملاً شارة الصليب
[2]
منظرًا مألوفًا على الكنائس .
ولكن المعارضة لم تلن ، كما تقدم في بدء المقال ، فاعترض أولا أسقفا
بافاريا وفرتمبرج ثم مجلسا إدارة كليتي الفقه في جامعتي ماربرج وكيل ، ثم جاء
بيان الثلاثة آلاف أسقف ، فوقف إزاء ذلك أسقف الرين ، فعل ( البند الآري ) ولكن
الزعامة ما تزال في أيدي ملر وأتباعه ، والنزاع ما يزال قائمًا .
__________
(*) نشرت في جريدة كوكب الشرق في العدد الذي صدر في 6 من شوال سنة 1352 ه الموافق 22 من يناير سنة 1934 م .
(1) أي آري العرق والجنس وهذا العرق منبته بلاد إيران و الهند ومنها انتقل إلى أوربة ، ويعده الأوربيون خصمًا للعرق السامي حتى في المدنِيَّة والدين كما ذكره جبريل هانوتو الوزير الكاتب الفرنسي في مقال له ترجم بالعربية ونشر في المؤيد سنة 1316 فرد عليه شيخنا الأستاذ الإمام ردًّا بليغًا سارت به الركبان ، وهذه العداوة الآرية للسامية هي التي يثيرها الألمان اليوم لعداوة اليهود والديانة المسيحية السامية .
(2) المنار : هذا الصليب الآري مخالف لأشكال الصليب المعروفة عند النصارى كلهم وسموه الصليب المعقوف ، ولا يبعد أن يسموه باسم آخر أو يتركوه بعد تمكن الدين الآري الجديد بنفوذ الدولة الجديدة (الريخ الثالث) .
(33/692)
المحرم - 1353هـ
مايو - 1934م
الكاتب : عن جريدة المقطم
__________
حركة النازي اللادينية
وشجاعة الفاتيكان وصراحته

منقولة عن المقطم
الذي صدر بتاريخ 21 ذي القعدة سنة 1352 - 7 مارس 1934

لما شجر الخلاف في الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا ،
وكثر التحدث عندهم
بالكنيسة الألمانية الرسمية ، أو النازية ، وبالطائفة التي تُسمي نفسها بالألمانيين
المسيحيين
، لم يدر الناس في الشرق كثيرًا ولا قليلاً عن هذا الخلاف في الكنيسة
البروتستانتية الألمانية ، وظنوه خلافًا وطنيًّا عارضًا لا يلبث أن يسوى بينهم ، وأنه
لا يمس جوهر المسيحية بشيء .
ولكننا ما لبثنا أن سمعنا باشتداد الخلاف ، وبأنه خلاف على جوهر حتى
ذهبت الأكثرية المعارضة إلى مدى القول
أن النازي يريدون أن يمزجوا جوهر
المسيحية بشوائب الوثنية . ولم نفهم المراد بالوثنية حتى أفهمنا إياه النازي أنفسهم ؛ إذ
وكلوا إلى اثنين من أساطين كُتابهم - فيما يظهر - فكتبوا كتابين في جوهر هذا
التغيير الذي يُقَرِّب المسيحية من الوثنية ، وأحد هذين الكاتبين اسمه روزنبرج ،
واسم كتابه ( خرافة القرن العشرين )
ونحن لم نر الكتاب ، ولكن نقلت إلينا الأنباء نبذًا منه ، وقيل لنا : إن النازي
سيتخذون هذين الكتابين قانونًا لإيمانهم الجديد ، ينشرونه فيما بينهم ويُحَفِّظونه
أولادهم في المدارس ، ويعلقون آياته على أبواب عملهم ، وفي منازلهم ، ويعصبون
بها رؤوسهم لو كانوا يلبسون عصابات .
وفي تلك النبذ التي قرأناها ما فهمنا منه أن
النازي ينكرون المسيح قاعدة
المسيحية ، ويحسبونه معلمًا دينيًّا إن كان إنجيله ملائمًا لعصره ، فهو لا يلائم هذا
العصر ؛ ذلك لأنه بَشَّر في ذلك الزمان بالسلام ، والسلام لا يلائم فطرة الخلق ، وقد
جرب كل التجارب في مدة ألفي السنة التي مرت ، فما احتمل تلك التجارب ؛ لأن
الناس المسالمين الودعاء لا يرضى الواحد منهم إذا لُطم على خده أن يحول الآخر
لضاربه ، وإذا سئل ثوبه أن يعطي رداءه فوقه ، وإذا سُخِّرَ ميلاً أن يمشي مع
مُسَخِّرِه ميلين .
لا يرضى الرجل الوديع المسالم ذلك ، فما بالك بالألماني الشديد المراس في
معاملة الغريب السلس القياد في أيدي حكامه مهما يكن مبلغ استبدادهم به ، وبنظام
الحكم والدستور والبرلمان في بلاده .
ألا ترى أن الألماني لا يغفر لأجنبي أقل هفوة يهفوها ، ويعدها إيذاء لشعوره
القومي ، وهو قد اغتفر للنازي حل البرلمان ، وإلغاء الدستور ، وإنشاء دكتاتورية
مطلقة ، وليس الفرنسوي ولا الإنكليزي مثل ذلك ؛ إذ لا يتصور أحد من الذين
يعرفون أخلاقهما وتربتيهما الدستورية أنهما يرضيان بانقلاب دستوري مثل الذي
رضيه الألماني .
إن الذين قالوا : إن النازي يريدون مزج المسيحية بالوثنية . قالوا شيئًا كثيرًا ؛
فإن إنكار قاعدة المسيحية يعيد القوم إلى العصور السابقة لانتحالهم المسيحية ، وقد
كانوا فيها يعبدون - مثلما كان العرب يعبدون في عصور الجاهلية - اللات والعزى
ومناة الأولى ، فلينعموا بأصنامهم وأوثانهم .
وهذا الحنين إلى عهود الوثنية يبعد النازي عن أديان التوحيد الثلاثة ، وهو
شذوذ لهم يختلف عن شذوذ إمبراطور ألمانيا السابق
، فقد كان يعتقد أن الشعب
الألماني شعب الله الخاص ، وأنه هو ملك هذا الشعب المختار بحق إلهي ، ولعل
هذه الفكرة ورثها النازي عنه ، وهي التي تجعلهم ينقمون من اليهود ما ينقمون .
وكاتب هذه السطور ليس كاثوليكيًّا ؛ ولكنه يرى من العدل والإنصاف ألا
يترك هذه العجالة من غير أن ينوه بفضل الفاتيكان ويده على المسيحية في رد هذا
الكيد لها
، فقد أبدى في هذا الحادث ما اشتهر عنه من الغيرة والسهر على الوزنات
الخمس التي عهد إليه فيها ،
فكان بينه وبين النازي مفاوضات على عقد
( كونكرداتو ) يتقرر به موقف الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا ، فلما درى بحركة
النازي هذه ، والتي هي في جوهرها لا دينية قطع المفاوضة
، ولم يمنعه من ذلك
كون رئيس الوزراء ووكيلها كاثوليكيين ؛ لأنه إن كان لا حياء في الدين ، فهنا موضع
إبداء الشجاعة والجرأة ، وعدم الحياء في المجاهرة بالضمير ، وإن كانت المجادلة
والمداورة والمناورة تصلح أساسًا للسياسة ؛ فإنها لا تصلح أساسًا للديانة ، وكل من
يبني عليها فهو ( يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل ، فنزل المطر ، وجاءت
الأنهار ، وهبت الرياح ، وصدمت ذلك البيت ؛ فسقط وكان سقوطه عظيمًا )
وعندنا أن هذه الحركة النازية شقيقة البلشفية من الوجهة الدينية ، وأنه إن
كانت ألمانيا قد سلمت من البلشفية السياسية ،
لم تَسْلَم من البلشفية الدينية ، والفرق
بين البلاشفة والنازي ، أن الأولين صريحون في مروقهم من الدين ، وأن الثانين
يعملون من وراء ستار .
ومما يدل على أن النازي يريدون أن ينفوا عن الأذهان فكرة الله والألوهية

قولهم في القسم الذي أقسموه لزعيمهم منذ أيام : ( أقسم لأدولف هتلر وللحق الأبدي )
فما هو هذا الحق الأبدي ؟
وجاء في التلغرافات التي نشرت في الأسبوع الماضي أن قداسة البابا خطب
في جمع من كبار رجال الدين أمس بمناسبة العزم على تطويب ثلاثة من القديسين
فحمل على ( العقائد الوثنية ) الحديثة في ألمانيا ، وقال : ( إن حياة أولئك القديسين
كانت مثالاً باهرًا من المحبة المسيحية ، وإنذارًا من مثل الحركة التي تريد العالم
على العود إلى الوثنية ، والشعب الألماني النبيل هو الآن في مأزق من تاريخه ،
والآراء والأعمال السائدة بينه ليست مسيحية ولا إنسانية ، فإن الزهو القومي لا
ينتج إلا زهوًا بالحياة ، وهو بعيد عن روح المسيحية والإنسانية معًا ) .
... ... ... ... ... ... ... ... ( ن . ش )
__________
(34/73)
الكاتب : عن مجلة الطان الفرنسية
__________
المعارك الدينية في ألمانيا
بين طوائف البروتستانت
ترجمة كوكب الشرق عن الطان الفرنسية في 12 إبريل سنة 1934
لا تزال المعارك الدينية تزداد خطورة بين الطوائف التابعة للكنيسة الإنجيلية
في ألمانية .
وقد اجتمع السينودس الإنجيلي الحر ، وهو مؤلف من رجال الدين ، ومن
التابعين قبلاً لثلاثين سنودس من ثلاثة وثلاثين سنودسيًّا ، أعني من المصلحين
واللوثريين وأعضاء الكنيسة المتحدة ، وهم من اللوثريين والمصلحين الذين انضموا
معًا في عهد حكم فردريك الأول ، ووافق السنودس المشار إليه على إصدار منشور
جاء فيه ما يلي :
إن الأسباب التي أحدثت الاضطراب الشديد في الكنيسة الإنجيلية الألمانية
ترجع إلى الحملات التي أثيرت ضد معتقدات هذه الكنيسة ، ويقع القائمون بالأمر
فيها في أغلاط تنافي ما جاء في الإنجيل المقدس .
ولم تعد لمجالس القساوسة ورجال الدين والسنودس الوطني سلطة روحية منذ
انتخابها في صيف 1933 ، والروح التي تسيطر على هذه الهيئات الدينية وإرادتها
هي روح التدمير والهدم ، حتى إن الأوامر التي صدرت في 4 يناير و 26 يناير
و 3 فبراير سنة 1934 هي أوامر لا تتفق والعدالة ودستور رجال الدين .
ونحن نهيب إذًا بإخواننا وزملائنا من القساوسة ألا ينفذوا هذه الأوامر ، ولا
يعملوا بها ؛ لأنها ضد تعاليم الإنجيل المقدس ، ونهيب بأبنائنا التابعين لنا
وبقساوستهم الذين عُزلوا من مناصبهم ظلمًا وعدوانًا ألا يأبهوا لهذه الأوامر ، وأن
يحتفظوا بقساوستهم ؛ لأن عصيان حكومة دينية تحكم بما يخالف كلام الله سبحانه
وتعالى يعد طاعة له جل جلاله .
وإذا علمنا أن الطاعة من القواعد الأساسية التي تتمسك بها الكنيسة البروسية
أدركنا أن هذه العبارات التي جاءت في المنشور هي عبارات تدل على الثورة
والعصيان والتمرد ، ويُحْتَمَل أن الذين كتبوها يعتقدون بأنهم لا يشتغلون بالأمور
السياسية ، ولا دخل لهم فيها ، ولكن من المحال أن الحكومة الحالية في ألمانيا لا
تتهمهم بالوقوع في الخطأ ، وتقف مكتوفة اليدين فلا تعمل بشدة ضد هذا القرار .
وقد وافق السنودس الحر على هذا المنشور ، وكان مؤلفًا من 320 قسيسًا من
المصلحين ينتمون إلى 127 أبروشية ، ووافق اتحاد كنائس المصلحين في ألمانيا
بإجماع الآراء على هذا المنشور في 5 يناير سنة 1934 ، وصرح الاتحاد في
الوقت ذاته بأن الذين ينضمون إلى جماعة المسيحيين الألمانيين يعدون خارجين
على اتحاد كنائس المصلحين وغير تابعين له .
وفي 21 فبراير أنشأت الحكومة مكتبًا لرجال الدين للنظر في الشئون
الخارجية ، وعينت الأسقف تيودور هيكل لإدارته ، ومن أعمال هذا المكتب توثيق
العلاقات مع البروتستانت في البلاد الأجنبية ، ومع الكنائس التي تصادقهم ، وكذلك
توثيق العلاقات بين كنيسة بلاد الريخ ، ودعاة الحركة المسكونية .
ومما لا ريب فيه أن جميع هاته القرارات كانت سببًا للنزاع الذي قَسَم الكنيسة
الإنجيلية في ألمانيا على نفسها ، وجعلها شطرين .
ولم تمض ستة أيام على إصدار ذلك المنشور الذي أشرنا إليه حتى فاه الأسقف
هيكل بتصريح قال فيه : ( إن منشور السنودس الحر عمل رجعي لا يتفق مع مبادئ
حكومة الرخ الثالثة ، بل ينافي النظام ويتحدى سلطة الكنيسة الألمانية ، وإن
المسيحيين الألمانيين لم ينفصلوا عن اتحاد الكنائس في ألمانيا ، إلا لموقفه ضد
المذهب الوطني الاشتراكي لا لاختلاف في العقائد ، ولا يغرب عن الأذهان أن
القساوسة ورجال الدين قد أكدوا ولاءهم وإخلاصهم للحكومة الحالية ، وأنهم لا دخل
لهم في الشئون السياسية ، فكان منشورهم هذا الذي أصدروه موضع دهشة في
الدوائر الدينية ) .
وفي أول مارس الماضي عين أسقف حكومة الرخ رجال دين لم يشتركوا في
المعارك الدينية الأخيرة ، وفي 2 مارس تجددت الوسائل التي تقرر اتخاذها ضد
عمل البروتستانت ، وإغرائهم الشبيبة الألمانية ، فازدادت الحالة خطورة .
فانضمت إدارة كنيسة بروسيا وهي التي تعد أكبر إدارة كنسية في ألمانيا ؛ إذ
يتبعها 18 مليونًا من الأنفس إلى كنيسة الرخ ، وفي 25 يناير استدعى المستشار
هتلر ، يعاونه الهر جويرنج ، والهر فريك وزير الداخلية مندوبي الكنائس ، وبعد
اجتماع المستشار بهم صدر تصريح بعد يومين جاء فيه أن جميع زعماء الكنيسة قد
تضمنوا وانضموا إلى الأسقف ملر ووعدوه بتأييد سلطته .
وفي 2 فبراير صرحت لجنة اتحاد المصلحين بأن التصريح الذي نشره
رؤساء الكنيسة بتضامنهم وانضمامهم إلى الأسقف ملر ، ووعدهم بتأييد سلطته
يناقض ذلك التصريح الذي أذاعوه من قبل ، وأرسلت اللجنة إلى زعماء الكنيسة
رسالة في 31 يناير قالت فيها :
( لقد اشتد تأثرنا ، وحارت عقولنا في ذلك التصريح الذي أقدمتم على إذاعته
ولا يسعنا غير القول إنه يناقض أقوال الإنجيل المقدس ، ولا يتفق مع تعاليم
الكنيسة ) .
وبعد شهور قدم أسقف هامبورج استقالته من منصبه ، واقتفى أثره جميع
رجال الدين في كنيسة هامبورج ، وفازت حكومة الرخ ببغيتها وأصدر الأسقف ملر
أوامر بتعيين قساوسة آخرين ، وعزل الذين لم يريدوا الخضوع له دون محاكمة أو
سؤال ، وألغى استقلال كنيسة بروسيا وجعلها تابعة لكنيسة الرخ ، وعدل دستور
الكنائس المتحدة , وأبطل حق السنودس العام في التشريع ، وسن القوانين لمجامع
السنودس الفرعية في الأقاليم ، وقد أصبحت حكومة الرخ قابضة على ناصية الحالة
الآن ، أما المستقل ففي يد الله وحده ) ا هـ
( المنار ) نشرنا هذه المقالة وما قبلها لأجل الرجوع إليها من أطوار هذا
الانقلاب الديني في هذا الشعب الجرماني ، الذي هو أرقى شعوب أوربة ، بل العالم
البشري كله في جميع العلوم الكونية وفنون الحضارة ، فحكومته تحاول التفلت
والتفصي من هذه الديانة الملفقة المخالفة حقائق العلوم ، وبدائه العقول على إحكام
عقلها ، وشدة قيودها ، ونظم كنائسها ، وسعة ثروتها ، وعصبية أساقفتها وقسوسها ،
ونفوذهم المعنوي في الشعب ، ولكن نفوذ حكومته النازية الجديدة أقوى وأعظم ،
وقد سبقه مصطفى كمال فأطلق حكومته التركية دون الشعب من قيود الإسلام في
مرحلتين أو ثلاث ، ولم يلق معارضة شديدة ، والترك أعرق في التدين من الألمان ؛
ولكنه ليس لهم نظام ديني إلا عند الخرافيين من رجال طرق المولوية وأمثالهم ،
وسبقهما الشيوعيون فهدموا جميع الأديان من روسية كلها حكومتها وشعوبها .
__________
(34/76
 
في خدمة التوازن علميا وتاريخيا ربما تجد سبيلا الى عرض اللقاء بين هتلر ومفتي القدس امين الحسيني ومدى أهميته في ذلك الوقت
وكل عام وانتم جميعا بخير وعافية والسعادة الدائمة
 
عندك حق السيد المحترم موراني فهذه الفترة يجب دراستها بصورة علمية موضوعية بحيث يشرح الباحث الظروف التي اتخذ فيها مفتي القدس موقفه هذا في التعامل (ولا أعلم أي صورة من التعامل) مع النازية.
بيد أن غرضي من الرابط ليس هو اتهام المسيحية بعمل جبهة لدعم أو تأييد النازية، فأنا لست بهذا المستوى من البحث، لأن بحثي في شأن آخر عبر عنه عنوان الموضوع أعلاه كما عبرت عنه مقدمتي للمقالات المقتبسة -موضوع الرابط-من مجلة المنار القديمة، مع الإشارة المهمة والملفتة التي لابد أن أشير اليها او بها او لها هنا، وهي أن المقالات من مجلة المنار هي قبل الحرب العالمية الثانية بأكثر من عشرين عاما، وقد وضعت تاريخ المقالات بحسب وجودها في المجلد أو العدد أو السنة!
فلم تتكلم المقالات عن تأييد هتلر 1940 مثلا أو هتلر وحربه العالمية التي لم تكن قد بدأت بعد!، وقد مات كاتب المقالات او المعلق على بعضها وهو رشيد رضا قبل الحرب سأكثر من 15 عام، أي أنه لم يعلم عن حروب هتلر العالمية!، ولاعاصرها
أما غرضي من الموضوع فهو تحلل كثير من الفرق أو مايسمى بالكنائس المسيحية في الغرب إلى العلمانية التفسيرية أو تأويل العلمانية وبصورة متدرجة وماقدمته هنا من مقالات هو مثال واحد فقط
اما مالفت نظري بعد حفل تزويج ملك هولندا المحترم الشاب الحالي، فهو أن القس الذي عقد له الزواج سئل في برنامج بعدي عن ايمانه بموضوع الفدية والصلب والقيامة من الاموات : هل تؤمن بها ايمانا حرفيا letterlijk (والكلمة هولندية)أي على أنها حقيقة فقال بعد إلحاح وتردد : لا لاأؤمن بها فهي مجاز figuurlijk
وهذا ماقصدته من مقدمتي للموضوع!
 
أخي الأستاذ طارق، كيف لا تعلم أي صورة من التعامل؟ إن توضيح الواضحات من المفضحات :) لأن لقاء أمين الحسيني بهتلر لم يكن بصفته مفتيا أو زعيما في حركة سياسية إسلامية، بل بصفته السياسية والقومية أي كان لقاء سياسي بين ناشط في القومية العربية وكأحد المحاربين للإحتلال البريطاني أي أحد المقاومين للعدو المشترك (وهو: عدو العثمانيين، وعدو القوميين العرب، وعدو النازية).
هذا الإجتماع السياسي بينه وبين هتلر يوازن بالإجتماعات السياسية بين سياسيين (مثل: ميخائيلوفيتش مولوتوف، و يوسوكه ماتسوكا، و نيفيل تشامبرلين وغيرهم) وهتلر. هو لقاء يختلف عن اللقاء الديني/الكنسي بين هتلر و الكردينال فولهابر مثلا، وهذا بغض النظر عن التمييز بين الموقف من النازية كإيديولوجية ببعديها العرقي والقومي، والموقف من السلطة النازية كممارسات.

ملاحظة وسؤال: أليست هذه الموضوعات أيها الفاضل غريبة شيئا ما عن قسم (الإنتصار) وأجدر بها القسم المفتوح؟
 
اما عن موقعها في الملتقى فأنا إجتهدت في وضعها هنا على إعتبار صلة الموضوع بما كتبته من مقدمة عنه!
أما إن أراد أي مشرف نقله إلى الملتقى المفتوح فليس عندي أي مانع من ذلك
أنا أجتهد في الأمر وحسب.
أما لقاء هتلر بالمفتي فلا أريد أن أدخل فيه ولو شئت لفعلت، أما موضوع الموضوع فهو موضوع في مقدمة الموضوع ولا أريد أن أخرج عن الموضوع-ابتسامة
وردكم أظنه يكفي وقد استفدت أنا منه فلك اخي شايب جزيل الشكر.
 
ليس في المقدمة ما يتعلق بالإنتصار إلا الإشارة وليس في الإشارة جديد فالسلطة الزمنية اللارشيدة حاولت دائما تطويع ما تشتركه الرعية. في حالة الكنيسة والنازية يسرد التاريخ وجها آخر من التفاعل أبدت فيه الكنيسة إستغرابها من إستغلال السلطات النازية للإتفاقات التي كانت قد أبرمت بينهما وخرجت الكنيسة منها خاوية الوفاض. أما عن العلاقة بين المسيحية والعلمانية فقد قيل فيها الكثير وليس هناك ثورة مدنية أو علمانية إنتهت بـ "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وهذا حيث كانت الكنيسة الكاثوليكية هي السلطة، أما في البلدان البروتستانتية فقد تحققت المدنية بتزامن مع تطور الكنيسة. وعلى عكس بعض التأويلات الجزئية التي ترى إنفتاح "دع لقيصر ما لقيصر" في ظل تطور الكنيسة البروتستانية، أرى أن العلاقة الحقيقية يجب البحث عنها على مستوى العقيدة وأعني هنا تأليه الإنسان وبالتالي أنسنة الإله! تلك هي المقدمة الأولى إلى قتل الإله وهذا ما صرح بهم بعضهم (مات الإله) وإن كان هذا هو الحال فإن القيامة من الأموات لم تعد دوغمائية دينية ولا إسترسال ثقافي في التاريخ بل واجب على الإنسان أن يقوم من الأموات كي يتخلص من العدمية وعليه أن يعود لا كطبيعة ناسوتية بعد موت الطبيعة اللاهوتية لكن كسوبر ناسوت. ذلك ما حصل والثقة الزائدة بالإنسان أدت إلى حروب لم يشهد لها التاريخ مثيلا، ولم يبقى إلا قتل الإنسان وهذا ما سيأتي فعلا على يد المحاولات الفكرية في قتل النزعة الإنسانية، وقد حصل. {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}!
 
ماقلتُه في المقدمة هو انتصار للقرآن وأهله فالعالم الإسلامي هو العالم الوحيد اليوم الذي ثبت على عقائده ومبادئه وذلك عند عموم الأمة وعموم العلماء وعموم المساجد الممتلئة اليوم عن آخرها!(في الغرب خلت الكنائس من الناس!)
أما المسيحية فقد تحولت وهذا وحده انتصار للإسلام وانتصار لقيمه وعقائده وحضارته، وهو انتصار للقرآن لأنه هو الأصل
وعلى الرغم من الخلل الواقع في الأمة فإنها أمة على العموم وسط في عقائدها ودينها، وهي في العموم خير أمة أُخرجت للناس فعلى الرغم من الهزائم التي تتعرض لها إلا أنها مازالت صامدة في العموم .
وكلامكم الأخير اخي شايب يصب في مجرى موضوعنا هنا وهو مهم وغرض الرابط هو حث الباحثين على القول واستعمال الميزان والشهادة في الارض
وهو قولكم المتين، والتالي:
أرى أن العلاقة الحقيقية يجب البحث عنها على مستوى العقيدة وأعني هنا تأليه الإنسان وبالتالي أنسنة الإله! تلك هي المقدمة الأولى إلى قتل الإله وهذا ما صرح بهم بعضهم (مات الإله) وإن كان هذا هو الحال فإن القيامة من الأموات لم تعد دوغمائية دينية ولا إسترسال ثقافي في التاريخ بل واجب على الإنسان أن يقوم من الأموات كي يتخلص من العدمية وعليه أن يعود لا كطبيعة ناسوتية بعد موت الطبيعة اللاهوتية لكن كسوبر ناسوت. ذلك ما حصل والثقة الزائدة بالإنسان أدت إلى حروب لم يشهد لها التاريخ مثيلا، ولم يبقى إلا قتل الإنسان وهذا ما سيأتي فعلا على يد المحاولات الفكرية في قتل النزعة الإنسانية، وقد حصل.
qos1.png
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
qos2.png
!
والخلخلة كما في المقال كانت هكذا
وفي تلك النبذ التي قرأناها ما فهمنا منه أن النازي ينكرون المسيح قاعدة
المسيحية ، ويحسبونه معلمًا دينيًّا إن كان إنجيله ملائمًا لعصره ،
أصدروا بيانًا آخر قالوا فيه : ( إن كنيستنا تواجه يوم
الدينونة . والتهجم على الصليب ما يزال في بداءته ، إن وثنية جرمانية جديدة قد
بزغت في أمتنا
وقد غزت الكنيسة نفسها )
إن النازي يريدون مزج المسيحية بالوثنية
ومما يدل على أن النازي يريدون أن ينفوا عن الأذهان فكرة الله والألوهية
قولهم في القسم الذي أقسموه لزعيمهم منذ أيام : ( أقسم لأدولف هتلر وللحق الأبدي )
فكتبوا كتابين في جوهر هذا
التغيير الذي يُقَرِّب المسيحية من الوثنية ، وأحد هذين الكاتبين اسمه روزنبرج ،
واسم كتابه ( خرافة القرن العشرين )
 
وكما تقدم من تعليق رشيد رضا، وهو الخبير بالتطورات التي حدثت او كانت تحدث في العالم الغربي (من حروب وغيرها) بل والمتابع لها، كما يمكن ملاحظة ذلك بتتبع أعداد المجلة وفحص مافيها، نحاولبذلك -ايضاً- أن نظهر شهادة العلماء على الأمم والأديان
قال
( المنار ) نشرنا هذه المقالة وما قبلها لأجل الرجوع إليها من أطوار هذا
الانقلاب الديني في هذا الشعب الجرماني
، الذي هو أرقى شعوب أوربة ، بل العالم
البشري كله في جميع العلوم الكونية وفنون الحضارة ، فحكومته تحاول التفلت
والتفصي من هذه الديانة الملفقة المخالفة حقائق العلوم
، وبدائه العقول على إحكام
عقلها ، وشدة قيودها ، ونظم كنائسها ، وسعة ثروتها ، وعصبية أساقفتها وقسوسها ،
ونفوذهم المعنوي في الشعب ، ولكن نفوذ حكومته النازية الجديدة أقوى وأعظم ،
وقد سبقه مصطفى كمال فأطلق حكومته التركية دون الشعب من قيود الإسلام في
مرحلتين أو ثلاث ، ولم يلق معارضة شديدة ، والترك أعرق في التدين من الألمان ؛
ولكنه ليس لهم نظام ديني إلا عند الخرافيين من رجال طرق المولوية وأمثالهم ،
وسبقهما الشيوعيون فهدموا جميع الأديان من روسية كلها حكومتها وشعوبها
 
عودة
أعلى