المسك والعنبر في الاستفهام المكرر

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محمد بن عيد الشعباني
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

محمد بن عيد الشعباني

Guest
المسك والعنبر في الاستفهام المكرر من طريق الشاطبية والدرة
قال الإمام أبو عمرو الداني ـ رحمه الله ـ ما ملخصه :
واختلفوا في الجمع بين الاستفهام، وفي جعل أحدهما خبرا، نحو قوله : ( أئذا كنّا ترابا أءنا ) وجملة ذلك أحد عشر وضعا، في الرعد موضع، وفي سبحان موضعان [49 و 98] وفي المؤمنون موضع [82]، وفي النمل موضع [67]، وفي العنكبوت موضع [29]، وفي السجدة موضع [10]، وفي والصّافّات موضعان [16 و 36]، وفي الواقعة موضع [47] وفي والنازعات موضع [10] .
فقرأ نافع والكسائي جميع ذلك بجعل الأول استفهاما والثاني خبرا بهمزة واحدة مكسورة .
ونقض نافع في مكانين : في النمل والعنكبوت، فجعل الأول منهما فيهما خبرا بهمزة واحدة مكسورة، والثاني استفهاما بهمزتين مع تسهيل الثانية ، فقرأ ( إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون )[النمل: 67] , ( إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال ) [العنكبوت: 28, 29] .
ونقض الكسائي أصله أيضا في موضع واحد في العنكبوت، فجعلها فيها استفهاما بهمزتين همزتين، فقرأ ( أئنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال ) [العنكبوت: 28, 29] ، وقرأ في النمل [67] ( إننا لمخرجون ) بنونين بعد الهمزة المكسورة، وقرأ ابن عامر جميع ذلك بجعل الأول خبرا بهمزة واحدة مكسورة، وجعل الثاني استفهاما بهمزتين محققتين «7»، ونقض أصله في ثلاثة مواضع: في النمل والواقعة والنازعات، فجعل الأول من النمل استفهاما بهمزتين، وجعل الثاني خبرا بهمزة واحدة مكسورة كالكسائي .
وقرأ الباقون وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة جميع ما تقدم بجعل الأول والثاني استفهاما، ونقض ابن كثير وعاصم في رواية حفص أصلهما في العنكبوت، فجعلا الأول من الاستفهامين فيهما خبرا بهمزة واحدة مكسورة .
( انتهى بتصرف واختصار من فرش حروف سورة الرعد من كتاب التيسير وكتاب جامع البيان في القراءات السبع كلاهما لأبي عمرو الداني ) .
ونظم ذلك الإمام الشاطبي – رحمه الله ـ في خمسة أبيات فقال :
وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا ... أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلا
سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ وَالشَّامِ مُخْبِرٌ..سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلا
وَدُونَ عِنَادٍ عَمَّ فِي الْعَنْكَبُوتِ مُخْـ.ـبِرًا وَهْوَ في الثَّانِي أَتَى رَاشِدًا وَلاَ
سِوَى الْعَنْكَبُوتِ وَهْوَ فِي الْنَّمْلِ كُنْ رِضَا.وَزَادَاهُ نُونًا إِنَّنَا عَنْهُمَا اعْتَلا
وَعَمَّ رِضاً فِي النَّازِعَاتِ وَهُمْ عَلَى ... أُصُولِهِمْ وَامْدُدْ لِوَى حَافِظٍ بَلا
وقال المتولي – رحمه الله - : و أما الاستفهام المكرر فقرأ أبو جعفر بالإخبار في الأول و الاستفهام في الثاني مطلقا سوى موضع الواقعة والموضع الأول من والصافات فقرأهما بالعكس و قرأ يعقوب بالاستفهام في الأول و الإخبار في الثاني مطلقا سوى موضع العنكبوت فقرأه بالعكس و موضع النمل فقرأه بالاستفهام فيهما .
( ا. ه من الوجوه المسفرة ) .
وأما خلف العاشر فبالاستفهام في الأول والثاني كابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة من غير ما استثناء .
ونظم ذلك الإمام ابن الجزري – رحمه الله ـ من قبل في درته في بيتين فقال :
وأخبر في الاولى إن تكرر إذا سوى
إذا وقعت مع أول الذبح فاسألا
وفي الثان أخبر حط سوى العنكب اعكسا
وفي النمل الاستفهام حم فيهما كلا
وقال ابن الجزري – رحمه الله – ما خلاصته : واختلفوا في الاستفهامين إذا اجتمعا نحو قوله تعالى : ( أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد ) ، وجملته أحد عشر موضعا في هذه السورة موضع وفي سبحان موضعان وفي المؤمنين موضع وفي النمل موضع وفي العنكبوت موضع وفي ألم السجدة موضع وفي الصافات موضعان وفي الواقعة موضع وفي [ والنازعات ] موضع ، فكان نافع والكسائي ويعقوب يجعلون الأول منهما استفهاما والثاني خبرا .
وخالف نافع أصله هذا في النمل والعنكبوت فجعل الأول منهما خبرا والثاني استفهاما.
وخالف يعقوب أصله في النمل فقرأهما بالاستفهام وفي العنكبوت فقرأ الأول بالخبر والثاني بالاستفهام .
وخالف الكسائي أيضا أصله في العنكبوت خاصة فجعلهما جميعا استفهاما وزاد في النمل نونا في الخبر وقرأ ( إننا لمخرجون ) بنونين.
وقرا ابن كثير وأبو عمرو بالجمع بين الاستفهامين بهمزة وياء في جميع القرآن .
وخالف ابن كثير أصله في موضع واحد في العنكبوت فجعل الأول منهما خبرا.
وقرأ عاصم وحمزة وخلف بالجمع بين الاستفهامين بهمزتين حيث وقعا.
وخالف حفص أصله في الأول من العنكبوت فقط فجعله خبرا بهمزة واحدة مكسورة .
وقرأ ابن عامر وأبو جعفر بجعل الأول من الاستفهامين خبرا بهمزة واحدة مكسورة ,والثاني استفهاما بهمزتين .
وخالف ابن عامر أصله في ثلاثة مواضع في النمل والواقعة والنازعات ، فقرأ في النمل والنازعات بجعل الأول استفهاما والثاني خبرا وزاد نونا في الخبر في النمل مثل الكسائي وقرأ في الواقعة بجعلهما جميعا استفهاما بهمزتين .
وخالف أبو جعفر أصله في موضعين في الأول من الصافات وفي الواقعة ، فقرأ في الأول بالاستفهام وفي الثاني بالخبر ، والله الموفق.( مختصرا من تحبير التيسير 420 – 422 ) .
وقد نظمت ذلك ولله الحمد والمنة كله في ستة أبيات فقلت :
وَمَا كُرِّرَ الإِخْبَارُ فِي الثَّانِ نَافِعٌ * سِوَى النَّمْلِ ثُمَّ الْعَنْكَبُوتِ فَحَوَّلا
كَذَاكَ الكِسَائِي غَيْرَ مَا عَنْكَبُوتِهَا * وَفِي النَّمْلِ إنَّا إِنَّنَا كَيْفَ رَتَّلا
وَمِثْلُهُمَا يَعْقُوبُ وَالْعَكْسُ عِنْدَهُ * لَدَى عَنْكَبُوتٍ ثُمَّ َفِي النَّمْلِ فَاسْئَلا
وَلِلْيَحْصَبِي أخْبِرْ فِي الاوَّلِ وَاعْكِسَنْ* بِنَمْلٍ وَنَزْعٍ سَائِلا وَقَعَتْ كِلا
وَيَتْلُو يَزِيدٌ مَثْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ **** لَيَعْكِسُ وَاقِعَةً مَعَ الذِّبْحِ أَوَّلا
وَيَسْتَفْهِمُ الْبَاقُونَ عَشْرًا وَوَاحِدًا ** سِوَى أَوَّلٍ فِي الْعَنْكَبُوتِ دُعا عَلا

وقولي : ( وَفِي النَّمْلِ إنَّا إِنَّنَا كَيْفَ رَتَّلا ) الكاف رمز لابن عامر والراء رمز للكسائي .
وقولي : ( سِوَى أَوَّلٍ فِي الْعَنْكَبُوتِ دُعا عَلا ) الدال رمز لابن كثير والعين رمز لحفص عن عاصم . هذا , والله تعالى أعلم .

وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان . وكتبه / محمد ابن عيد الشعباني ـ غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ـ .
 
عودة
أعلى