" المسارات البحثية المعاصرة في علوم القرآن " لفضيلة الشيخ الدكتور : مساعد الطيَّار .
فأقدم بين يديكم موضوعًا مهما، وهو ( المسارات البحثية المعاصرة في علوم القرآن).
فكرة اللقاء :
سيكون اللقاء عن شجرة مسارات البحوث المعاصرة في علوم القرآن، وسيندرج تحت كل مسار أنواعًا من البحوث التفصيلية التي يمكن أن يفرعها الناظر في هذه المسارات.
مصطلح علوم القرآن عبر القرون :
الإطلاق الثاني: علوم القراءة:
ورد في ترجمة بعض الأعلام إطلاق علوم القرآن على علم القراءة ، والمقصود به : علوم القراءات من توجيه ورسم وضبط وعد آي ، فيطلقون على هذه العلوم مسمى ( علم القرآن ) أو (علوم قرآن) .
الإطلاق الثالث: علم التفسير:
وأطلقوه ـ أيضًا ـ على علم التفسير ، فالعالم بالتفسير قد يطلق عليه العلماء عالم بعلوم القرآن ويقصدون التفسير بالذات.
الإطلاق الرابع: إطلاقه على نوع من العلوم المرتبطة بالقرآن:
وهو الإطلاق المعاصر الذي استقر عليه الوضع بناء على ماكتبه صاحب البرهان وصاحب الإتقان ثم ابن عقيلة " وهو علوم القرآن بالمعنى الإضافي : مجموعة من الأنواع التي أدرجت تحت مسمى ( علوم القرآن ) ؛كالمكي والمدني، وأسباب النزول، وغيرها.
أنواع علوم القرآن من خلال الإتقان:
نحتاج في هذا الباب إلى أمور :
الأمر الأول : إعادة التصنيف .
وهو : أن نجمع المتفرق فالسيوطي رحمة الله وصاحب البرهان كذلك ، جمعا مجموعة من العلوم التي نثروها في كتبهم ، وهذه العلوم المنثورة بحاجة إلى جمعها تحت موضوعات كلية؛ كما فعل البلقيني في كتابه ( مواقع العلوم من مواقع النجوم)، ثم يكون تحت كل باب كلي الأنواع المندرجة تحته.
فمثلاً: يكون كتاب النزول، وتحت كل الأبواب المتعلقة به؛ كنزول الوحي، والمكي والمدني، وأسباب النزول، ونزوله على سبعة أحرف...إلخ من مباحث النزول.
ولا يزال البحث فيها قابلًا للاجتهاد والأخذ والعطاء.
الأمر الثاني: ربط أنواع علوم القرآن بعضها ببعض ، فبعض علوم القرآن يرتبط بعضها ببعض، ويكون فيها شيء من التداخل ، فمثلاً الوقف والابتداء يدخل من باب الأداء من جهة ، وله علاقة بتفسير القرآن من جهة أخرى ، وكذلك مرتبط هو بعدِّ الآي من جهة ثالثة؛ لأنه يتعلق بقول من يقول بالوقف على رأس الآي مطلقًا.
مثال في ربط نوع من علوم القرآن: ( علم عد الآي):
يرتبط علم عد الآي بأنواع أخرى من علوم القرآن، وهي :
ـ علم القراءات؛ لأثره في من يميل على رؤوس الآي.
ـ علم الوقف والابتداء، لأنه يؤثر عند من يقول بأن الوقف على رؤوس الآي سنة.
ـ علم إعجاز القرآن؛ لأن الوقف على رؤوس الآي من مقاصد المتكلم، وإلا لما وضعها رأس آية.
التعليق على المسارات:
المخطوط: يشتمل المخطوط على موضوعين رئيسين :
1 ـ دراسة المخطوط.
2 ـ تحقيق المخطوط.
ويبقى السؤال الذي يحتاج إلى بحث وتنقيب؟
هل استوفى المخطوط حظَّه من البحث؟
ألا يمكن إعادة النظر في قبول المخطوطات الناقصة؟
ألا يمكن التوجه إلى تحقيق المخطوطات التي تُعنى بتفسير آية ، أو تفسير سورة؟
المناهج :
فيما يتعلق بمناهج العلوم لا يزال البحث فيه ضعيفاً ؛ إذ الغالبية فيما كُتب فيها من قبيل الدراسات الوصفية، ويندر في ها التحليل والنقد والتقويم.
كم علوم القرآن التي يمكن أن يكتب عن مناهجها ؟
ومن أمثلة ما يمكن بحثه:
1 ـ المنهج العام لكتاب من الكتب ، مثلا منهج ابن جزي في تفسيره.
2 ـ ويمكن أن نجعله في منهجه في جزئية من جزئيات كتابه ، مثلا منهج ابن جزي في الإسرائليات .
3 ـ ويمكن أن يدون دراسة للعَلَم في عموم الدراسات القرآنية ، إذا كان له مكثرًا من التأليف فيها، فيقال : (منهج ابن جزي في الدراسات القرآنية) ، فيشمل جميع علوم القرآن عنده؛ إذ له كتاب في التفسير و القراءات.
4 ـ الموازنة بين منهج عالمين أو أكثر مثلا منهج الطبري وابن كثير.
5 ـ ويمكن أن يكون في جزئية الإسرائليات ومنهج الطبري وابن كثير في عرضها ونقدها ، فلو فكرنا لخرجنا بكثير من القضايا المتعلقة بالمناهج .
ومما لا يخفى على الباحثين أن كثيرًا من الموجود من البحوث في المناهج هي مناهج وصفية ، بمعنى أنها تصف لنا معلومات الكتاب لا أكثر ولا أقل ، ولا تدخل في عمق الكتاب وتحلل لنا معلوماته، فابن كثير والشنقيطي يعتنون بتفسير القرآن بالقرآن، لكن هذا من باب الوصف، والتحليل يحتاج إلى استقراء لمعرفة أصول كلٍ منهما في هذا الباب، ومعرفة الفروق بينهما في التقعيد والتطبيق، والقلة والكثرة.
المصطلحات :
المصطلحات جانب مهم والدراسات فيه مغفلة تماما، فكم عندنا من المصطلحات التي هي بحاجة إلى دراسة، دراسة بدايتها ، ثم تطورها ، ثم استقرارها ، وأثر ذلك على العلوم، وكذلك الاختلاف في المصطلحات بين العلماء، وأثره في العلوم.
ولو بحثنا في جميع المصطلحات التي تتعلق بالدراسات القرآنية، فإنه سيكون عندنا كمٌّ هائل جداً ومعجم موسوعي بالمصطلحات.
وفي المصطلحات أنواع كثيرة من البحوث، منها ـ على سبيل المثال:
1 ـ الموازنة بين المصطلحات/ مثل مصطلحات المشارقة في القراءات ، ومصطلحات المغاربة في القراءات.
2 ـ مصطلح المكي والمدني عند الصحابة والتابعين، وعند من جاء بعدهم.
3ـ مصطلح النزول، وتعدد مفهومة بين السلف والمتأخرين.
الموارد :
هي مصادر المؤلف التي رجع إليها .
البحث في الموارد قليل جدًّا، والبحث في الموارد يكون في كتب المحررين من العلماء، كالطبري وابن عطية وابن كثير وغيرهم.
ولا شكَّ أنهم قد يتفقون في بعض المصادر، ويلزم من ذلك تكرار المعلومة، لكن ما يفترقون به كثير، وبه يُغتفر هذا التكرار.
وعلى سبيل المثال : يشير ابن عطية في قصة ذي القرنين، وقصة يأجوج ومأجوج = إلى كتب التاريخ، ويذكر أن فيها كلامًا كثيرًا عن ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، لكن أين هي هذه الكتب؟ وما هذه الأخبار التي تركها ابن عطية طلبًا للاختصار؟
والكلام رحب في المصادر، فمثلاً: هل اطلع عليها مباشرة أو اطلع عليها بواسطة ؟ ما هي منهجيته في الاستفادة منها؟ هل أضاف إضافة واضحة على كتابه فيما يتعلق بالتفسير أولا ؟ إلخ من الموضوعات المتعلقة بكتابة الموارد.
الاتجاهات :
الاتجاهات لها علاقة بالمناهج، ولكن أنبِّه إلى عدم المبالغة في هذا الباب.
لأننا لو قلنا : ما الاتجاهات التي يمكن أن نذكرها في التفسير؟
نذكر ـ مثلاً ـ (الاتجاه الفقهي)
لكن هناك فقهاء قبل نشوء المذاهب، وهؤلاء لا يمكن تصنيفهم في اتجاه.
وهناك تفاسير لا تظهر فيه العناية التامة بالفقه من خلال التفسير، وهي كثيرة.
وهناك تفاسير أئمة مجتهدين بعد استقرار المذاهب ؛ كابن جرير ، أو الشوكاني، وهي قليلة.
وهناك من كان له عناية بارزة في إبراز المذهب الفقهي من خلال تفسيرهن وهؤلاء قليل أيضًا
إذن: النتيجة أن يكون عندنا توازن في طرح هذا الاتجاه، ولا يكون عندنا مبالغة في توزيع التفاسير على المذاهب، وإظهار أنه كان لها العناية التامة بالفقه من خلال التفسير .
ويمكن أن نقول ذلك بسؤال: هل الأغلب على المفسرين وضوح الاتجاه الفقهي أو عدم وضوحه ؟
مثال آخر في الاتجاه البلاغي:
متى برز الاتجاه البلاغي في كتب التفسير ؟
التحليل التاريخي يجعلنا ننتبه إلى أمر مهم في هذا الاتجاه؛ إذ الزمخشري ( ت : 538ه ) هو أول من برز عنده هذا الاتجاه.
كيف كانت البلاغة في كتب التفاسير قبل الزمخشري ؟
هل يوجد كتاب اعتنى بالبلاغة القرآنية على النمط نفسه الذي سار عليه الزمخشري؟
وقل ذلك في الاتجاه النحوي ، والاتجاه الأصولي ... إلخ.
النتيجة التي نريد أن نصل إليها ونحن ندرس الاتجاهات أن يكون لدينا توازن في طرح هذا الموضوع، ولا نعطيه أكبر من حجمه الذي نحتاج إليه.
الجهود :
موضوع جهود العلماء ، أو جهود قرن ، أو جهود أهل بلد من الموضوعات المهمة.
وبعض الجامعات بُحِثت فيها رسائل في الجهود عبر القرون، لكن هذه البحوث ـ مع الأسف ـ كانت كبيرة كثيرة على الطالب، مما يجعله لا يوفي الموضوع حقه، لذا فسد الموضوع على من يريد أن يبحث فيه عبر مدة زمنية أقل.
فلو تأملنا أحد الرسائل ( علوم القرآن من القرن الأول إلى القرن الخامس ) :
هل سيراعي الباحث اختلاف مصطلح علوم القرآن من جيل إلى جيل؟
هل سيستطيع الباحث أن يستوعب علوم القرآن في هذه الفترة الطويلة؟
وكيف سيتعامل مع المعلومات التي يصل إليها؟
وهل سيدخل معه ما يقوم به العلماء من دروس غير مدوَّنه؟
هل سيدرج الكتب المفردة في أنواعٍ من علوم القرآن؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إعادة نظر في هذا الموضوع المهم، وتدعونا إلى إعادة النظر في طريقة البحث، فلا نبحث بهذه الطريقة العشوائية الكبيرة الضخمة التي سيغلب عليها نقص الاستقراء، وعدم التحلي والنقد والتقويم.
وهذا سيدعونا إلى سؤال كبير، وهو:
كيف نبحث في الجهود ماهي الخطة للبحث في الجهود ماهي الجهود التي نريد أن نبرزها ؟
إن من الواجب علينا أن نجزِّئ هذا الموضوع مرة أخرى ، ونصنع له خطة جديدة تقوم على الجمع الببلوغرافي، والنظر فيما أمكن من مخطوطات، ودراسة أسباب التأليف، وما إلى ذلك.
لنضرب مثال الآن بواقعنا الذي نعيشه:
هناك دراسات كثيرة تحت مسمى ( علوم القرآن) ظهر منها عدد لا بأس به، كمناهل العرفان في علوم القرآن ، للزرقاني، وهنا نسأل :
مالذي جعل الشيخ مناع القطان يكتب كتابه ( مباحث في علوم القرآن ) مع أنه يوجد كتب قبله؟
إذا أردت إبراز سبب تأليف هذه الكتب وقيمتها العلمية = لا بد أن أكون مطلعا عليها لأعرف كلها لأميز بينها ، وأبرز الأسباب في التأليف، والفروق في المعلومات والمنهج ، وما إلى ذلك؟
تاريخ العلوم :
هذا الموضوع مما تقلَّ فيه الدراسات في علوم القرآن، كما هو الحال في المصطلحات، إذ لا يكاد يوجد عندنا كتاب في تاريخ كل نوع من أنواع علوم القرآن إلا ما نجده من كتابات الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد في علم التجويد، ونحن بحاجة إلى مثل هذه التدوينات الدقيقة في تاريخ العلوم ، في علم القراءات وعلم التفسير ورسم المصحف وضبط المصحف.
والموجود من الدراسات في هذا الباب يغلب عليها الدراسة الوصفية، ولم تدخل في أعماق النظر التاريخي الذي يحلل المعلومات المتعلقة بهذا العلم، ومعرفة القيمة المستفادة منها.
وسيظهر لنا من خلال البحث ترابط ثلاث مسارات رئيسة، وهي ( المنهج والمصطلح والتاريخ )، وهذه الثلاثة إذا روعيت؛ فإنه سيظهر لنا دراسات كثيرة.
وتأمل ـ مثلاً ـ تاريخ التجويد:
كيف كتب العلماء الأوائل مادة التجويد، ثم كيف سارت الكتابة في هذا العلم، ثم كيف وصلت وتوقفت على ما ذكره ابن الجزري في مقدمته، فصار أغلب ما يكتب في التجويد هو شروح لهذه المقدمة.
لقد كان العلماء الأوائل يبدءون بالمخارج ثم الصفات، بخلاف ما نراه اليوم.
وكانوا يُعنون بتجويد الحرف من حيث هو جرف، فيفردون لكل حرف بابًا مستقلاً، يستوفون فيه كل ما يتعلق بالحرف من مخرجه وصفاته وطريقة نطقه ، ومشكلات المتعلمين عند تعلم قراءة القرآن... إلخ
وسنكتشف ونحن نبحث في تاريخ العلوم أننا أمام معلومات اكتسبناها لكنها ناقصة، وبعض المعلومات فيها خطأ؛ لمخالفته لتاريخ هذا العلمً من الأمثلة على ذلك :
هل مفسرو مكة من الصحابة والتابعين أثريون أو أصحاب رأي ؟
إن بعض من كتب في منهجهما يجعل الكوفيين أهل رأي، والمكيين أهل أثر.
والحقيقة التي يثبتها البحث التاريخي ، والنظر في مناهجهم أن العكس هو الصحيح.
تراجم العلماء :
لا يلزم أن نكتب في تراجم العلماء أن يكون بحث ماجستير أو دكتوراه ، يمكن يكون من بحوث الترقية ، هناك بعض العلماء لهم أثر واضح جداً في هذا العلم علم علوم القرآن مثلاً: الداني ، مكي ، ابن عباس ، مجاهد ... هؤلاء أعلام أثرهم واضح جداً ، والمراد أن يكون عندنا منهجية محددة في بحث هؤلاء الأعلام مثل: ما فعلت دار القلم سلسلة أعلام المسلمين ، إذ يمكن رسم المنهج العام للبحث في أعلام الدراسات القرآنية، ثم تعطى الفرصة للباحثين فيما يمكن أن يجدوه من فروق في بعض الأعلام فيدونونها.
التأصيل لمسائل علوم القرآن ومسائل أصول التفسير:
التأصيل لمسائل العلوم مهم جدا؛ لأنه هو الذي نبني عليه البناء فإذا كان عندنا مشكلة في التأصيل، فإنه سيكون عندنا مشكلة في المعلومات اللاحقة.
مثال : النسخ في القرآن مازال يحتاج إلى مزيد من التأصيل، منها:
مشكلة عدم انطباق التعريف المتداول على أنواع النسخ الثلاثة.
دراسة الآثار التي تدل على أن بعض الآيات رفعت بالكلية، وعلاقتها بآية النسخ.
مثال في مصادر التفسير:
متى يكون تفسير القرآن بالقرآن حجة؟
هل كل تفسير اعتمد فيه المفسر على حديث فير مباشر في البيان عن القرآن يكون حجة؟
إلى غير ذلك من المسائل العلمية التي تحتاج إلى تأصيل.
العلاقة مع العلوم الأخرى ( غير علوم القرآن):
هذا المسار مهم جدًا، وسيظهر فيه تفريط الدارسين في هذا الجانب في جميع الدراسات الشرعية وما يتصل بها، ومن أكبر أسباب وقوع هذه المشكلة = تفتيت علوم الشريعة وما يتصل بها إلى تخصصات دقيقة، وتنوسيت الارتباطات بين هذه العلوم مع هذا التقسيم القائم اليوم.
ومن أمثلة ارتباط أنواع علوم القرآن بغيرها من العلوم الأخرى:
عد الآي وعلاقته بعلم الفقه، وذلك في مسائل متعددة ، ومنها حكم الجهر بالبسملة وعلاقة بعد آي سورة الفاتحة ، فيمن يثبت البسملة آية، ومن يجعلها آية مستقلة ، وتبتدئ السورة بقوله تعالى : ( الحمد لله ري العالمين).
الدراسات الموازنة بالكتب المتقدمة :
الكتب المتقدمة (كتب بني إسرائيل) ما يسمونه الآن (الكتاب المقدس) ، وهو يشتمل على العهد القديم والعهد الجديد الذي يحتوي على الأناجيل الأربعة، ثم أعمال الرسل.
والموازنة بين ما في القرآن وهذه الكتب مجال واسع متعدد الأطراف ، ومن المواضيع التي يمكن بحثها:
الأخلاق من خلال القرآن والكتب القديمة.
أنبياء الله من خلال القرآن والكتب القديمة.
الخطاب الإلهي من خلال القرآن والكتب القديمة ...
علم وصف الكتاب " الببلو غرافيا "
الباحث بحاجة ماسة لهذا العمل؛ لأنه يعطيه صورة من عناية العلماء بهذه الدراسات، ويفيده في بروز بعض المسارات دون غيره، ويمكن أن يكون هناك زيادة من الملاحظات والنقد والتقويم لهذه الكتب.
البحوث الميدانية :
مهمة للغاية؛ لأنها تكشف الواقع البحثي الذي نعيشة، نحن بحاجة أن يكون من البحوث التي تُعطي الدارسين في الدراسات العليا، فمثلا ، يمكن أن يطلب الدكتور من الدارسين بحثًا ميدانيًا عن طريقة تدريس التفسير في المتوسط أو الثانوي من خلال شريحة معينة من المدارس، ومن خلال استبانة يصنعها، ثم يقوم بتحليلها، وسيكون من نتائجها :
هل كتاب التفسير مناسب لعقلية الطلاب؟
هل يوجد في الكتاب ما لا يحتاجه الطالب؟
إلى غير ذلك من الأسئلة التي يمكن وجود حلول لها من خلال هذه البحوث الميدانية.
وأخير، فإن الموضوع ـ كما سبق ـ طويل جدًا، ولا تفي به محاضرة، ولا يمكن لأستاذ أن يقوم بكل جوانبه، وإنما حرصت على أن أفتح الباب في هذا الموضوع، ولعل الله يقيِّض لهذه المسارات من ينظر فيها ويستفيد منها، ويزيد ويقوِّم ، إنه سميع مجيب.
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء " المسارات البحثية المعاصرة في علوم القرآن " لفضيلة الشيخ الدكتور : مساعد الطيَّار .
ملخص اللقاء
فأقدم بين يديكم موضوعًا مهما، وهو ( المسارات البحثية المعاصرة في علوم القرآن).
فكرة اللقاء :
سيكون اللقاء عن شجرة مسارات البحوث المعاصرة في علوم القرآن، وسيندرج تحت كل مسار أنواعًا من البحوث التفصيلية التي يمكن أن يفرعها الناظر في هذه المسارات.
مصطلح علوم القرآن عبر القرون :
الإطلاق الأول : معلومات القرآن:
أطلق هذا المصطلح على جميع معلومات القرآن ، مثل الأثر الوارد عن الحسن البصري، قال: ( أنزل الله مائَة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإِنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوارة والإِنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة ) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
وهذا النظر الذي نظر إليه الحسن البصري ، هو نظر إلى مجموع معلومات القرآن. أطلق هذا المصطلح على جميع معلومات القرآن ، مثل الأثر الوارد عن الحسن البصري، قال: ( أنزل الله مائَة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإِنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوارة والإِنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة ) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
الإطلاق الثاني: علوم القراءة:
ورد في ترجمة بعض الأعلام إطلاق علوم القرآن على علم القراءة ، والمقصود به : علوم القراءات من توجيه ورسم وضبط وعد آي ، فيطلقون على هذه العلوم مسمى ( علم القرآن ) أو (علوم قرآن) .
الإطلاق الثالث: علم التفسير:
وأطلقوه ـ أيضًا ـ على علم التفسير ، فالعالم بالتفسير قد يطلق عليه العلماء عالم بعلوم القرآن ويقصدون التفسير بالذات.
الإطلاق الرابع: إطلاقه على نوع من العلوم المرتبطة بالقرآن:
وهو الإطلاق المعاصر الذي استقر عليه الوضع بناء على ماكتبه صاحب البرهان وصاحب الإتقان ثم ابن عقيلة " وهو علوم القرآن بالمعنى الإضافي : مجموعة من الأنواع التي أدرجت تحت مسمى ( علوم القرآن ) ؛كالمكي والمدني، وأسباب النزول، وغيرها.
أنواع علوم القرآن من خلال الإتقان:
نحتاج في هذا الباب إلى أمور :
الأمر الأول : إعادة التصنيف .
وهو : أن نجمع المتفرق فالسيوطي رحمة الله وصاحب البرهان كذلك ، جمعا مجموعة من العلوم التي نثروها في كتبهم ، وهذه العلوم المنثورة بحاجة إلى جمعها تحت موضوعات كلية؛ كما فعل البلقيني في كتابه ( مواقع العلوم من مواقع النجوم)، ثم يكون تحت كل باب كلي الأنواع المندرجة تحته.
فمثلاً: يكون كتاب النزول، وتحت كل الأبواب المتعلقة به؛ كنزول الوحي، والمكي والمدني، وأسباب النزول، ونزوله على سبعة أحرف...إلخ من مباحث النزول.
ولا يزال البحث فيها قابلًا للاجتهاد والأخذ والعطاء.
الأمر الثاني: ربط أنواع علوم القرآن بعضها ببعض ، فبعض علوم القرآن يرتبط بعضها ببعض، ويكون فيها شيء من التداخل ، فمثلاً الوقف والابتداء يدخل من باب الأداء من جهة ، وله علاقة بتفسير القرآن من جهة أخرى ، وكذلك مرتبط هو بعدِّ الآي من جهة ثالثة؛ لأنه يتعلق بقول من يقول بالوقف على رأس الآي مطلقًا.
مثال في ربط نوع من علوم القرآن: ( علم عد الآي):
يرتبط علم عد الآي بأنواع أخرى من علوم القرآن، وهي :
ـ علم القراءات؛ لأثره في من يميل على رؤوس الآي.
ـ علم الوقف والابتداء، لأنه يؤثر عند من يقول بأن الوقف على رؤوس الآي سنة.
ـ علم إعجاز القرآن؛ لأن الوقف على رؤوس الآي من مقاصد المتكلم، وإلا لما وضعها رأس آية.
التعليق على المسارات:
المخطوط: يشتمل المخطوط على موضوعين رئيسين :
1 ـ دراسة المخطوط.
2 ـ تحقيق المخطوط.
ويبقى السؤال الذي يحتاج إلى بحث وتنقيب؟
هل استوفى المخطوط حظَّه من البحث؟
ألا يمكن إعادة النظر في قبول المخطوطات الناقصة؟
ألا يمكن التوجه إلى تحقيق المخطوطات التي تُعنى بتفسير آية ، أو تفسير سورة؟
المناهج :
فيما يتعلق بمناهج العلوم لا يزال البحث فيه ضعيفاً ؛ إذ الغالبية فيما كُتب فيها من قبيل الدراسات الوصفية، ويندر في ها التحليل والنقد والتقويم.
كم علوم القرآن التي يمكن أن يكتب عن مناهجها ؟
ومن أمثلة ما يمكن بحثه:
1 ـ المنهج العام لكتاب من الكتب ، مثلا منهج ابن جزي في تفسيره.
2 ـ ويمكن أن نجعله في منهجه في جزئية من جزئيات كتابه ، مثلا منهج ابن جزي في الإسرائليات .
3 ـ ويمكن أن يدون دراسة للعَلَم في عموم الدراسات القرآنية ، إذا كان له مكثرًا من التأليف فيها، فيقال : (منهج ابن جزي في الدراسات القرآنية) ، فيشمل جميع علوم القرآن عنده؛ إذ له كتاب في التفسير و القراءات.
4 ـ الموازنة بين منهج عالمين أو أكثر مثلا منهج الطبري وابن كثير.
5 ـ ويمكن أن يكون في جزئية الإسرائليات ومنهج الطبري وابن كثير في عرضها ونقدها ، فلو فكرنا لخرجنا بكثير من القضايا المتعلقة بالمناهج .
ومما لا يخفى على الباحثين أن كثيرًا من الموجود من البحوث في المناهج هي مناهج وصفية ، بمعنى أنها تصف لنا معلومات الكتاب لا أكثر ولا أقل ، ولا تدخل في عمق الكتاب وتحلل لنا معلوماته، فابن كثير والشنقيطي يعتنون بتفسير القرآن بالقرآن، لكن هذا من باب الوصف، والتحليل يحتاج إلى استقراء لمعرفة أصول كلٍ منهما في هذا الباب، ومعرفة الفروق بينهما في التقعيد والتطبيق، والقلة والكثرة.
المصطلحات :
المصطلحات جانب مهم والدراسات فيه مغفلة تماما، فكم عندنا من المصطلحات التي هي بحاجة إلى دراسة، دراسة بدايتها ، ثم تطورها ، ثم استقرارها ، وأثر ذلك على العلوم، وكذلك الاختلاف في المصطلحات بين العلماء، وأثره في العلوم.
ولو بحثنا في جميع المصطلحات التي تتعلق بالدراسات القرآنية، فإنه سيكون عندنا كمٌّ هائل جداً ومعجم موسوعي بالمصطلحات.
وفي المصطلحات أنواع كثيرة من البحوث، منها ـ على سبيل المثال:
1 ـ الموازنة بين المصطلحات/ مثل مصطلحات المشارقة في القراءات ، ومصطلحات المغاربة في القراءات.
2 ـ مصطلح المكي والمدني عند الصحابة والتابعين، وعند من جاء بعدهم.
3ـ مصطلح النزول، وتعدد مفهومة بين السلف والمتأخرين.
الموارد :
هي مصادر المؤلف التي رجع إليها .
البحث في الموارد قليل جدًّا، والبحث في الموارد يكون في كتب المحررين من العلماء، كالطبري وابن عطية وابن كثير وغيرهم.
ولا شكَّ أنهم قد يتفقون في بعض المصادر، ويلزم من ذلك تكرار المعلومة، لكن ما يفترقون به كثير، وبه يُغتفر هذا التكرار.
وعلى سبيل المثال : يشير ابن عطية في قصة ذي القرنين، وقصة يأجوج ومأجوج = إلى كتب التاريخ، ويذكر أن فيها كلامًا كثيرًا عن ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، لكن أين هي هذه الكتب؟ وما هذه الأخبار التي تركها ابن عطية طلبًا للاختصار؟
والكلام رحب في المصادر، فمثلاً: هل اطلع عليها مباشرة أو اطلع عليها بواسطة ؟ ما هي منهجيته في الاستفادة منها؟ هل أضاف إضافة واضحة على كتابه فيما يتعلق بالتفسير أولا ؟ إلخ من الموضوعات المتعلقة بكتابة الموارد.
الاتجاهات :
الاتجاهات لها علاقة بالمناهج، ولكن أنبِّه إلى عدم المبالغة في هذا الباب.
لأننا لو قلنا : ما الاتجاهات التي يمكن أن نذكرها في التفسير؟
نذكر ـ مثلاً ـ (الاتجاه الفقهي)
لكن هناك فقهاء قبل نشوء المذاهب، وهؤلاء لا يمكن تصنيفهم في اتجاه.
وهناك تفاسير لا تظهر فيه العناية التامة بالفقه من خلال التفسير، وهي كثيرة.
وهناك تفاسير أئمة مجتهدين بعد استقرار المذاهب ؛ كابن جرير ، أو الشوكاني، وهي قليلة.
وهناك من كان له عناية بارزة في إبراز المذهب الفقهي من خلال تفسيرهن وهؤلاء قليل أيضًا
إذن: النتيجة أن يكون عندنا توازن في طرح هذا الاتجاه، ولا يكون عندنا مبالغة في توزيع التفاسير على المذاهب، وإظهار أنه كان لها العناية التامة بالفقه من خلال التفسير .
ويمكن أن نقول ذلك بسؤال: هل الأغلب على المفسرين وضوح الاتجاه الفقهي أو عدم وضوحه ؟
مثال آخر في الاتجاه البلاغي:
متى برز الاتجاه البلاغي في كتب التفسير ؟
التحليل التاريخي يجعلنا ننتبه إلى أمر مهم في هذا الاتجاه؛ إذ الزمخشري ( ت : 538ه ) هو أول من برز عنده هذا الاتجاه.
كيف كانت البلاغة في كتب التفاسير قبل الزمخشري ؟
هل يوجد كتاب اعتنى بالبلاغة القرآنية على النمط نفسه الذي سار عليه الزمخشري؟
وقل ذلك في الاتجاه النحوي ، والاتجاه الأصولي ... إلخ.
النتيجة التي نريد أن نصل إليها ونحن ندرس الاتجاهات أن يكون لدينا توازن في طرح هذا الموضوع، ولا نعطيه أكبر من حجمه الذي نحتاج إليه.
الجهود :
موضوع جهود العلماء ، أو جهود قرن ، أو جهود أهل بلد من الموضوعات المهمة.
وبعض الجامعات بُحِثت فيها رسائل في الجهود عبر القرون، لكن هذه البحوث ـ مع الأسف ـ كانت كبيرة كثيرة على الطالب، مما يجعله لا يوفي الموضوع حقه، لذا فسد الموضوع على من يريد أن يبحث فيه عبر مدة زمنية أقل.
فلو تأملنا أحد الرسائل ( علوم القرآن من القرن الأول إلى القرن الخامس ) :
هل سيراعي الباحث اختلاف مصطلح علوم القرآن من جيل إلى جيل؟
هل سيستطيع الباحث أن يستوعب علوم القرآن في هذه الفترة الطويلة؟
وكيف سيتعامل مع المعلومات التي يصل إليها؟
وهل سيدخل معه ما يقوم به العلماء من دروس غير مدوَّنه؟
هل سيدرج الكتب المفردة في أنواعٍ من علوم القرآن؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إعادة نظر في هذا الموضوع المهم، وتدعونا إلى إعادة النظر في طريقة البحث، فلا نبحث بهذه الطريقة العشوائية الكبيرة الضخمة التي سيغلب عليها نقص الاستقراء، وعدم التحلي والنقد والتقويم.
وهذا سيدعونا إلى سؤال كبير، وهو:
كيف نبحث في الجهود ماهي الخطة للبحث في الجهود ماهي الجهود التي نريد أن نبرزها ؟
إن من الواجب علينا أن نجزِّئ هذا الموضوع مرة أخرى ، ونصنع له خطة جديدة تقوم على الجمع الببلوغرافي، والنظر فيما أمكن من مخطوطات، ودراسة أسباب التأليف، وما إلى ذلك.
لنضرب مثال الآن بواقعنا الذي نعيشه:
هناك دراسات كثيرة تحت مسمى ( علوم القرآن) ظهر منها عدد لا بأس به، كمناهل العرفان في علوم القرآن ، للزرقاني، وهنا نسأل :
مالذي جعل الشيخ مناع القطان يكتب كتابه ( مباحث في علوم القرآن ) مع أنه يوجد كتب قبله؟
إذا أردت إبراز سبب تأليف هذه الكتب وقيمتها العلمية = لا بد أن أكون مطلعا عليها لأعرف كلها لأميز بينها ، وأبرز الأسباب في التأليف، والفروق في المعلومات والمنهج ، وما إلى ذلك؟
تاريخ العلوم :
هذا الموضوع مما تقلَّ فيه الدراسات في علوم القرآن، كما هو الحال في المصطلحات، إذ لا يكاد يوجد عندنا كتاب في تاريخ كل نوع من أنواع علوم القرآن إلا ما نجده من كتابات الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد في علم التجويد، ونحن بحاجة إلى مثل هذه التدوينات الدقيقة في تاريخ العلوم ، في علم القراءات وعلم التفسير ورسم المصحف وضبط المصحف.
والموجود من الدراسات في هذا الباب يغلب عليها الدراسة الوصفية، ولم تدخل في أعماق النظر التاريخي الذي يحلل المعلومات المتعلقة بهذا العلم، ومعرفة القيمة المستفادة منها.
وسيظهر لنا من خلال البحث ترابط ثلاث مسارات رئيسة، وهي ( المنهج والمصطلح والتاريخ )، وهذه الثلاثة إذا روعيت؛ فإنه سيظهر لنا دراسات كثيرة.
وتأمل ـ مثلاً ـ تاريخ التجويد:
كيف كتب العلماء الأوائل مادة التجويد، ثم كيف سارت الكتابة في هذا العلم، ثم كيف وصلت وتوقفت على ما ذكره ابن الجزري في مقدمته، فصار أغلب ما يكتب في التجويد هو شروح لهذه المقدمة.
لقد كان العلماء الأوائل يبدءون بالمخارج ثم الصفات، بخلاف ما نراه اليوم.
وكانوا يُعنون بتجويد الحرف من حيث هو جرف، فيفردون لكل حرف بابًا مستقلاً، يستوفون فيه كل ما يتعلق بالحرف من مخرجه وصفاته وطريقة نطقه ، ومشكلات المتعلمين عند تعلم قراءة القرآن... إلخ
وسنكتشف ونحن نبحث في تاريخ العلوم أننا أمام معلومات اكتسبناها لكنها ناقصة، وبعض المعلومات فيها خطأ؛ لمخالفته لتاريخ هذا العلمً من الأمثلة على ذلك :
هل مفسرو مكة من الصحابة والتابعين أثريون أو أصحاب رأي ؟
إن بعض من كتب في منهجهما يجعل الكوفيين أهل رأي، والمكيين أهل أثر.
والحقيقة التي يثبتها البحث التاريخي ، والنظر في مناهجهم أن العكس هو الصحيح.
تراجم العلماء :
لا يلزم أن نكتب في تراجم العلماء أن يكون بحث ماجستير أو دكتوراه ، يمكن يكون من بحوث الترقية ، هناك بعض العلماء لهم أثر واضح جداً في هذا العلم علم علوم القرآن مثلاً: الداني ، مكي ، ابن عباس ، مجاهد ... هؤلاء أعلام أثرهم واضح جداً ، والمراد أن يكون عندنا منهجية محددة في بحث هؤلاء الأعلام مثل: ما فعلت دار القلم سلسلة أعلام المسلمين ، إذ يمكن رسم المنهج العام للبحث في أعلام الدراسات القرآنية، ثم تعطى الفرصة للباحثين فيما يمكن أن يجدوه من فروق في بعض الأعلام فيدونونها.
التأصيل لمسائل علوم القرآن ومسائل أصول التفسير:
التأصيل لمسائل العلوم مهم جدا؛ لأنه هو الذي نبني عليه البناء فإذا كان عندنا مشكلة في التأصيل، فإنه سيكون عندنا مشكلة في المعلومات اللاحقة.
مثال : النسخ في القرآن مازال يحتاج إلى مزيد من التأصيل، منها:
مشكلة عدم انطباق التعريف المتداول على أنواع النسخ الثلاثة.
دراسة الآثار التي تدل على أن بعض الآيات رفعت بالكلية، وعلاقتها بآية النسخ.
مثال في مصادر التفسير:
متى يكون تفسير القرآن بالقرآن حجة؟
هل كل تفسير اعتمد فيه المفسر على حديث فير مباشر في البيان عن القرآن يكون حجة؟
إلى غير ذلك من المسائل العلمية التي تحتاج إلى تأصيل.
العلاقة مع العلوم الأخرى ( غير علوم القرآن):
هذا المسار مهم جدًا، وسيظهر فيه تفريط الدارسين في هذا الجانب في جميع الدراسات الشرعية وما يتصل بها، ومن أكبر أسباب وقوع هذه المشكلة = تفتيت علوم الشريعة وما يتصل بها إلى تخصصات دقيقة، وتنوسيت الارتباطات بين هذه العلوم مع هذا التقسيم القائم اليوم.
ومن أمثلة ارتباط أنواع علوم القرآن بغيرها من العلوم الأخرى:
عد الآي وعلاقته بعلم الفقه، وذلك في مسائل متعددة ، ومنها حكم الجهر بالبسملة وعلاقة بعد آي سورة الفاتحة ، فيمن يثبت البسملة آية، ومن يجعلها آية مستقلة ، وتبتدئ السورة بقوله تعالى : ( الحمد لله ري العالمين).
الدراسات الموازنة بالكتب المتقدمة :
الكتب المتقدمة (كتب بني إسرائيل) ما يسمونه الآن (الكتاب المقدس) ، وهو يشتمل على العهد القديم والعهد الجديد الذي يحتوي على الأناجيل الأربعة، ثم أعمال الرسل.
والموازنة بين ما في القرآن وهذه الكتب مجال واسع متعدد الأطراف ، ومن المواضيع التي يمكن بحثها:
الأخلاق من خلال القرآن والكتب القديمة.
أنبياء الله من خلال القرآن والكتب القديمة.
الخطاب الإلهي من خلال القرآن والكتب القديمة ...
علم وصف الكتاب " الببلو غرافيا "
الباحث بحاجة ماسة لهذا العمل؛ لأنه يعطيه صورة من عناية العلماء بهذه الدراسات، ويفيده في بروز بعض المسارات دون غيره، ويمكن أن يكون هناك زيادة من الملاحظات والنقد والتقويم لهذه الكتب.
البحوث الميدانية :
مهمة للغاية؛ لأنها تكشف الواقع البحثي الذي نعيشة، نحن بحاجة أن يكون من البحوث التي تُعطي الدارسين في الدراسات العليا، فمثلا ، يمكن أن يطلب الدكتور من الدارسين بحثًا ميدانيًا عن طريقة تدريس التفسير في المتوسط أو الثانوي من خلال شريحة معينة من المدارس، ومن خلال استبانة يصنعها، ثم يقوم بتحليلها، وسيكون من نتائجها :
هل كتاب التفسير مناسب لعقلية الطلاب؟
هل يوجد في الكتاب ما لا يحتاجه الطالب؟
إلى غير ذلك من الأسئلة التي يمكن وجود حلول لها من خلال هذه البحوث الميدانية.
وأخير، فإن الموضوع ـ كما سبق ـ طويل جدًا، ولا تفي به محاضرة، ولا يمكن لأستاذ أن يقوم بكل جوانبه، وإنما حرصت على أن أفتح الباب في هذا الموضوع، ولعل الله يقيِّض لهذه المسارات من ينظر فيها ويستفيد منها، ويزيد ويقوِّم ، إنه سميع مجيب.
أمل الأمة
فجر الأمة
فجر الأمة