بسم الله الرحمن الرحيم ؛
الحمدلله رب العالمين : اما بعد فللحق أعلام وللحقيقة نظام والوسيلة مطلوبة والقدرة على أقسامها موهوبة والسعادة بشموش الكمال مقرونة والخبرة الابدية باسعمال مناسك الشريعة موهوبة ؛
وأعلى الدرجات في عليين درجة العاملين وأعلاها منزلة الهادين المحققين ،
ولا منزلة لعالم في دين الله لا يفيد كما انه لا وجود حياة لحقيقة نفس لا تفيد ؛
وأن أبعد الناس من السعادة من استهان بأحكام الملة ؛ وأخل بشروط المحققين من اهل القبلة ..!!
المرأة في القرآن :
عندما كانت الحضارة الاسلامية شاهدة على عصرها ، قوامة بالقسط والعلم على العالم ، كان ذلك بفعل عمق التشابك بين المنجز الاسلامي وبين النصوص المؤسسة للعقل المسلم ( القرآن والسنة ) رؤية وفكرا وعقيدة وممارسة ذلك ان الحضارة الاسلامية هي الوحيدة بين حضارة العالم التي انبعثت من القرآن الكريم محققة احد معطياته المعرفية والمنهجية الا وهي وحدة الايمان والمعرفة بفضل تلق دقيق وواع للقرآن الكريم يقوم على اسساس الرؤية الكلية للقرآن ، والابتعاد ـ الا قليلا عند بعض الفرق الكلامية مثل المرجئة والجبرية والقدرية ـ على القراءة العضينية للقرآن ، وهي القراءة ، التي تقسم القرآن الى موضوعات مبتسرة انسجاما مع رؤية ذاتية ومصلحية لموضوعات معينة مثل الجبر والارجاء والاختيار ,,, الخ دعما لمواقف سياسية او اجتماعية تفتقر الى العدل والشرعية وهي القراءة التي رفضها القرآن الكريم ، وتوعد الله عز وجل ممارسيها بالعقاب ,,
( الذين جعلوا القرآن عضين * فوربك لنسألنهم اجمعين * عما كانوا يعملون ) /92 ـ 94 ,
ذلك لان هذا القراءة تفتح بوابة اختلاط ما هو بشري بالنص الالهي تمهيدا لاحتوائه باسم الوصاية على الدين ، ورعاية شؤون الناس القاصرين عن ادراك مضامين النص ,
لقد تعرض القرآن الكريم وشموليته وصفاؤه لمثل هذه القراءات فنتج عن ذلك تشوهات معرفية واجتماعية وسياسية اضرت بنقاء القرآن ورسالته الانسانية ، وبجمال الحضارة الاسلامية انعكست في كل فكر الكثير من الناس وسلوكياتهم ، اثارت شبهات كثيرة عمل اعداء الاسلام من خلالها على الطعن في الاسلام ومحاربته مثل شبهة اعتماد الاسلام القوة والغزو والسطو وسائل لنشره وكذلك شبهة احتقار الاسلام للمرأة والحط من شأنها والنظر اليها على انها اداة للمتعة ليس الا .. تابع للرجل وكائن تمكن قوته في اغرائه واحتيالاته المريبة .
لقد عانت المرأة المسلمة من اضطهادين اضطهاد من الداخل الاسلامي ، واضطهاد من الخارج غير الاسلامي وتوابعه في الداخل الاسلامي فاما الذي من الداخل الاسلامي فكان بسبب التمسك بتلك التأويلات لكثير من نصوص القرآن والسنة التي تشكلت في اطار سياقات ثقافية واجتماعية معينة ولاسيما تلك التي تكونت في عصر الجمود والتقليد الذي اصاب الحضارة الاسلامية بعد القرن الثامن الهجري .. مضفية الشرعية على العلاقات القبلية التي حددت حركة المرأة داخل البيت بلا اي محتوى علمي او معرفي ,,
واما الذي من الخارج غير الاسلامي فكان بسبب عاملين : الاول ، قراءتها المغلوطة وغير البريئة التي انحصرت في ( الف ليلة واليلة ) وعصر الجواري ، والتأويلات الخاطئة لكثير من الكتابات الاسلامية القديمة والحديثة التي حددت مكانة المرأة في البيت وعزلتها عن المجتمع والحضارة ومؤسساتهما المتعددة والثاني عملية اغراقها بمعطيات الانموذج الغربي للمرأة ، والدعوة الخبيثة لتحررها ( من الدين طبعا ) من دون اية اعتبارات لخصوصية النسق الحضاري ومكوناته العقائدية والاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية ,,
ان الرؤية للمرأة وقراءتها من كلا الجانبين لم تأت عن قراءة علمية دقيقة وبريئة ، لنصوص الشريعة الاصلية ( القرآن والسنة ) فجاءت مصابة بغبش حضاري اساء للاسلام ثم للمرأة ثم للانسان بوصفها شقه الجميل ، لتعم الاساءة للمجتمع كله ,,
ان النص القرآني خطاب للانسان وحديث عنه وهو يصنع الحضارة والتاريخ والمستقبل في ظل الهدي الالهي الذي اراده الله عز وجل رحمة للانسان وجمالا في الوجود ، مستنهضا قواه الروحية والعقلية والمادية لاكتشاف الوجود وتحقيق السعادة عبر اجمل الممارسات الايمانية والمعرفية والاخلاقية ، فكان النص القرآني بخطابه الظاهر ودلالاته المضمرة يتكون من مستويات عدة في خطابه للانسان والامة والعالم مرة يخاطب الانسان مفردا كشجيرة ، ومرة يخاطبه جماعيا كغاية ، ومرة يخاطبه نوعا ، ومرة يخاطبه جنسا ذكرا مرة وانثى مرة اخرى .. ومرة يخاطب الانسان والامة والقوم عبر صفات الايمان والكفر ، الفسق والفلاح ، والشرك والتوحيد ، والتقوى والظلم ...
وفي كل مستويات الخطاب ، فان الانسان ذكرا او انثى ، رجلا او امرأة والقوم هم ذكور واناث او رجال ونساء ، والامة هي رجال ونساء ، ذكور واناث .
وفي كل مستويات الخطاب فان الامر للانسان ذكرا او انثى ، مرة بصيغة كلية تحدد المكانة الايمانية والاجتماعية والفكرية والسياسية والاخلاقية والاقتصادية للانسان في الوجود وهي مسؤوليات مشتركة للرجال والمرأة .. وفيما عدا ذلك يأتي الخطاب القرآني جزئيا خاصا بالمرأة من ناحية تكوينها البيولوجي ، وشخصيتها ، وما لها وما عليها في اطار هذه الخصوصية ، وهي منتهى العدل والانصاف في دائرة الحقوق والواجبات التي تعد الاهتمام بها مبتغى حضارة اليوم ..
ومن اجل قراءة اخلاقية علمية للمرأة في القرآن لا تقارن ولا تقارب بين المطروح من مواقف وتحليلات تتناول المرأة ، لابد من قراءة قرآنية صافية للنصوص المؤسسة للرؤية الاسلامية لها .. قراءة تنطلق من موقف القرآن من الانسان ومكانته الاستخلافية لله في الكون .. قراءة تفرق بين ما هو نص قرآني ونبوي قطعي الثبوث والدلالة ، وبين ما هو اجتهاد بشري في اطار سياق ثقافي واجتماعي واقتصادي معين ، قراءة تاخذ بعين الاعتبار مقاصد الشريعة وكلياتها في الربط بين النص والواقع انتصارا للانسان رجلا وامرأة اللذين تقف في مقدمة غايات وجودهما اعمار العالم بالعلم والحب والجمال ...
وبغية انجاز مثل هذه القراءة سنقدم نصوصا منتخبة من صيغ الخطاب القرآني في مستوياته
الكلية ...
خطاب بني آدم,
( يابني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ) الاعراف/26
( يابني آدام لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة )الاعراف/27
( يابني آدام خذوا زينتكم عند كل مسجد )الاعراف/31
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر )الاسراء/70
( الم اعهد اليكم يابني آدم ان لا تعبدوا الشيطان )يس/60
** خطاب الناس ,
( ياايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم )البقرة/21
( ياايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ) البقرة/168
( ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) النساء/1
( ياايها الناس انما بغيكم على انفسكم )يونس/23
(شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس )البقرة/185
( كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )البقرة/187
( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا )البقرة/204
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله )البقرة/207
( ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون )البقرة/221
( وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس )آل عمران/4
( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين )آل عمران/97
(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ).
** خطاب الامة ,
(تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون )البقرة/134
( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )البقرة/143
( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )آل عمران/104
( من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات )آل عمران/113
( كذلك زينا لكل امة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )الانعام/108
( وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون )الاعراف/181
( ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولاهم يستعتبون )النحل/84
( لكل امة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينزعنك في الامر وادع الى ربك انك لعلى هدى مستقيم )الحج/67
( كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون )الجاثية/28
** خطاب ( القوم ) ,
( كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون )الحشر/4
( قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهو الذي انشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون )الانعام/97
( هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )الاعراف/203
( هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقو يوقنون )الجاثية/20
(كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )الاعراف/58
** خطاب ( الانسان ),
( واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون )/12
( ان الشيطان للانسان عدو مبين )يونس/5
( وكان الانسان اكثر شيء جدلا ) الكهف/54
( ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير ) لقمان/ 14
( وان ليس للانسان الا ما سعى )النجم/ 39
( ينبأ الانسان يومئذ بما قدم واخر )القيامة/13
( ياايها الانسان انك كادح الى ربك كادحا فملاقيه )الانشقاق/6
( لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم )التين/4
( علم الانسان ما لم يعلم )العلق/5
( والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )العصر
** خطاب الجنس ( الذكر والانثى )
( فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الواب )النساء/97
( ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )النساء/124
( من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحس ما كانوا يعلمون )النحل/97
( ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير )الحجرات/13
** خطاب الصفة ( الايمان ، الكفر ، العقل )
( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )المجادلة/11
( ياايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين )البقرة/208
( ياايها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون )البقرة/254
( ياايها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمة ما زكا منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم )النور/21
( ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )الاحزاب/70
( ان الله يدافع عن الذين آمنوا ان الله لا يحب كل خوان كفور )الحج/38
( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا لهم عذاب مهين )/الحج57
( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون )البقرة/242
هذه نماذج من كتاب الله في خطابه للبشر الرجال منهم والنساء .. وفي كل مستويات الخطاب القرآني هذه فالمرأة حاضرة بوصفها من بني آدم فالقرآن حريص على بنائها مثل الرجل تماما ، يريد لها لباس التقوى مثلما للرجل كذلك ، ويحذرها من فتنة الشيطان كالرجل تمام .. ويأمرها ان تأخذ زينتها عند كل مسجد ، فالوقوف في حضرة الله جمال ليس على مستوى الروح فقط انما على مستوى المادة والهيأة كذلك ، وهي مكرمة مثل الرجل ولهذا سخر لها الكون مثلما هو مسخر للرجل كذلك .
والمرأة حاضرة في ( خطاب الناس ) ، الذين دعاهم الله لعبادته ، الرجال والنساء على السواء ، وان تبني صحتها مثل الرجل تماما لذلك امرها ان تأكل من طيبات الارض مثل الرجل تماما ، وهي مطالبة بان تهتدي بهدي القرآن الذي انزل في شهر رمضان ، ذلك الكتاب الذي بين الله آياته للرجل والمرأة بوصفها من الناس ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو الد الخصام ) وما اكثر الرجال الذين يضمرون الخبث لغيرهم عبر الكلام الجميل ، وكذلك من النساء .
لقد عبرت المرأة المسلمة الانموذج ( ام سلمة رضي الله عنها ) عن عقلية رائعة باستيعابها للخطاب القرآني فقد كانت في غرفتها عندما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على النبر ويقول ايها الناس فتقدمت ام سلمة نحو نافذة حتى تقترب وتستمع الى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لها من كانت بالعقلية الجاهلية ( انما يخاطب الرجال ) فقالت ام سلمة قولتها الرائعة ( اني من الناس ) هكذا ادركت المرأة الانموذج مسؤولياتها في المجتمع .
لم تكن هناك امة الا هي من رجال ونساء تعيش مسؤولياتها وتواجه مصيرها المشترك .. يخبرنا القرآن الكريم ان الحساب يكون للامم مجتمعة عامة قدمت واخرت والامة تقف برجالها ونسائها متحملين مسؤولية حياتهم واعمالهم ..
وفي ( خطاب الانسان ) الذي لا تفرق اللغة العربية فيه بين الذكر والانثى فكلاهما انسان الرجل انسان ، والمرأة انسان وليس انسانة فكلاهما اذا مسه الضر يدعو الله قائما او قاعدا فكلاهما مسكونان بعبادة الله حتى لو كانت على حرف .. وكلاهما هدف لغواية الشيطان ، لذلك عليهما الرجل والمرأة ان يتخذاه عدوا .. وكلاهما يتحملان مسؤولية الحسنى بالوالدين ، وكلاهما تتحدد قيمتهما عند الله بسعيهما في الحياة وحسن الاداء .. فكلاهما كادح الى ربه فملاقيه انها الغاية الانسانية والوجودية للرجل والمرأة الكدح سعيا وجهدا للقاء الله ... وكلاهما خلق في احسن تقويم عقلا وروحا وبدنا وكلاهما علمهما الله ما لم يعلما .
يقسم الله بالعصر مؤكدا ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، انها منظومة من العلاقات الايمانية والعلمية والعملية والاخلاقية متشابكة متداخلة هي التي تؤدي الى الفلاح الفردي والحضاري .. وهي منظومة مسؤول عن انجازها الانسان الرجل والانسان المرأة وهم الذين يرفعهم الله درجات، وهم الذين يقولون قولا سديدا ... ولذلك فان الله يدافع عنهم الرجل منهم والمرأة على السواء .
مرة سمعت الصحابية الجليلة فاطمة بنت قيس المنادي يقول ( الصلاة جامعة ) بناء على امر النبي وكان اذا قال المؤذن مع الاذان ( الصلاة جامعة ) يعني ان الدعوة ليست للصلاة فقط ، وانما هناك امر يدعو اليه رسول الله بعد الصلاة .
تقول فاطمة بنت قيس : ( انما سمعت المنادي يقول الصلاة جامعة مضيت فيمن مضى من الناس الى المسجد ) هكذا كانت المرأة تعيش مسؤوليتها الحضارية ... وعنما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مقيل عند صاحبية تدعى ( ام حرام ) ( فريقا من اصحابه يغزون البحر كأنهم الملوك على الاسرة ) تقول له ( ام حرام ) : ( ادع الله ان اكون معهم ) لم يقل لها الرسول صلى الله عليه وسلم انك امرأة عليك الخروج مع الرجال بل استجاب لها وقال لها ( انت من الاولين ) أي مع غزاة البحر .
فاذا الامر كذلك في اصعب موقف هو الجهاد ، فما حال القضية في مشاركتها الاجتماعية الاخرى .
لا فرق عند الله بين الرجل والمرأة انسانيا وحقوقيا وعلما واخلاقيا وايمانيا وجهادا الا ما يتعلق بخصوصية ( جنس الانثى ) وتكوينها الذي بدونه لا يكتمل العالم.
الحمدلله رب العالمين : اما بعد فللحق أعلام وللحقيقة نظام والوسيلة مطلوبة والقدرة على أقسامها موهوبة والسعادة بشموش الكمال مقرونة والخبرة الابدية باسعمال مناسك الشريعة موهوبة ؛
وأعلى الدرجات في عليين درجة العاملين وأعلاها منزلة الهادين المحققين ،
ولا منزلة لعالم في دين الله لا يفيد كما انه لا وجود حياة لحقيقة نفس لا تفيد ؛
وأن أبعد الناس من السعادة من استهان بأحكام الملة ؛ وأخل بشروط المحققين من اهل القبلة ..!!
المرأة في القرآن :
عندما كانت الحضارة الاسلامية شاهدة على عصرها ، قوامة بالقسط والعلم على العالم ، كان ذلك بفعل عمق التشابك بين المنجز الاسلامي وبين النصوص المؤسسة للعقل المسلم ( القرآن والسنة ) رؤية وفكرا وعقيدة وممارسة ذلك ان الحضارة الاسلامية هي الوحيدة بين حضارة العالم التي انبعثت من القرآن الكريم محققة احد معطياته المعرفية والمنهجية الا وهي وحدة الايمان والمعرفة بفضل تلق دقيق وواع للقرآن الكريم يقوم على اسساس الرؤية الكلية للقرآن ، والابتعاد ـ الا قليلا عند بعض الفرق الكلامية مثل المرجئة والجبرية والقدرية ـ على القراءة العضينية للقرآن ، وهي القراءة ، التي تقسم القرآن الى موضوعات مبتسرة انسجاما مع رؤية ذاتية ومصلحية لموضوعات معينة مثل الجبر والارجاء والاختيار ,,, الخ دعما لمواقف سياسية او اجتماعية تفتقر الى العدل والشرعية وهي القراءة التي رفضها القرآن الكريم ، وتوعد الله عز وجل ممارسيها بالعقاب ,,
( الذين جعلوا القرآن عضين * فوربك لنسألنهم اجمعين * عما كانوا يعملون ) /92 ـ 94 ,
ذلك لان هذا القراءة تفتح بوابة اختلاط ما هو بشري بالنص الالهي تمهيدا لاحتوائه باسم الوصاية على الدين ، ورعاية شؤون الناس القاصرين عن ادراك مضامين النص ,
لقد تعرض القرآن الكريم وشموليته وصفاؤه لمثل هذه القراءات فنتج عن ذلك تشوهات معرفية واجتماعية وسياسية اضرت بنقاء القرآن ورسالته الانسانية ، وبجمال الحضارة الاسلامية انعكست في كل فكر الكثير من الناس وسلوكياتهم ، اثارت شبهات كثيرة عمل اعداء الاسلام من خلالها على الطعن في الاسلام ومحاربته مثل شبهة اعتماد الاسلام القوة والغزو والسطو وسائل لنشره وكذلك شبهة احتقار الاسلام للمرأة والحط من شأنها والنظر اليها على انها اداة للمتعة ليس الا .. تابع للرجل وكائن تمكن قوته في اغرائه واحتيالاته المريبة .
لقد عانت المرأة المسلمة من اضطهادين اضطهاد من الداخل الاسلامي ، واضطهاد من الخارج غير الاسلامي وتوابعه في الداخل الاسلامي فاما الذي من الداخل الاسلامي فكان بسبب التمسك بتلك التأويلات لكثير من نصوص القرآن والسنة التي تشكلت في اطار سياقات ثقافية واجتماعية معينة ولاسيما تلك التي تكونت في عصر الجمود والتقليد الذي اصاب الحضارة الاسلامية بعد القرن الثامن الهجري .. مضفية الشرعية على العلاقات القبلية التي حددت حركة المرأة داخل البيت بلا اي محتوى علمي او معرفي ,,
واما الذي من الخارج غير الاسلامي فكان بسبب عاملين : الاول ، قراءتها المغلوطة وغير البريئة التي انحصرت في ( الف ليلة واليلة ) وعصر الجواري ، والتأويلات الخاطئة لكثير من الكتابات الاسلامية القديمة والحديثة التي حددت مكانة المرأة في البيت وعزلتها عن المجتمع والحضارة ومؤسساتهما المتعددة والثاني عملية اغراقها بمعطيات الانموذج الغربي للمرأة ، والدعوة الخبيثة لتحررها ( من الدين طبعا ) من دون اية اعتبارات لخصوصية النسق الحضاري ومكوناته العقائدية والاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية ,,
ان الرؤية للمرأة وقراءتها من كلا الجانبين لم تأت عن قراءة علمية دقيقة وبريئة ، لنصوص الشريعة الاصلية ( القرآن والسنة ) فجاءت مصابة بغبش حضاري اساء للاسلام ثم للمرأة ثم للانسان بوصفها شقه الجميل ، لتعم الاساءة للمجتمع كله ,,
ان النص القرآني خطاب للانسان وحديث عنه وهو يصنع الحضارة والتاريخ والمستقبل في ظل الهدي الالهي الذي اراده الله عز وجل رحمة للانسان وجمالا في الوجود ، مستنهضا قواه الروحية والعقلية والمادية لاكتشاف الوجود وتحقيق السعادة عبر اجمل الممارسات الايمانية والمعرفية والاخلاقية ، فكان النص القرآني بخطابه الظاهر ودلالاته المضمرة يتكون من مستويات عدة في خطابه للانسان والامة والعالم مرة يخاطب الانسان مفردا كشجيرة ، ومرة يخاطبه جماعيا كغاية ، ومرة يخاطبه نوعا ، ومرة يخاطبه جنسا ذكرا مرة وانثى مرة اخرى .. ومرة يخاطب الانسان والامة والقوم عبر صفات الايمان والكفر ، الفسق والفلاح ، والشرك والتوحيد ، والتقوى والظلم ...
وفي كل مستويات الخطاب ، فان الانسان ذكرا او انثى ، رجلا او امرأة والقوم هم ذكور واناث او رجال ونساء ، والامة هي رجال ونساء ، ذكور واناث .
وفي كل مستويات الخطاب فان الامر للانسان ذكرا او انثى ، مرة بصيغة كلية تحدد المكانة الايمانية والاجتماعية والفكرية والسياسية والاخلاقية والاقتصادية للانسان في الوجود وهي مسؤوليات مشتركة للرجال والمرأة .. وفيما عدا ذلك يأتي الخطاب القرآني جزئيا خاصا بالمرأة من ناحية تكوينها البيولوجي ، وشخصيتها ، وما لها وما عليها في اطار هذه الخصوصية ، وهي منتهى العدل والانصاف في دائرة الحقوق والواجبات التي تعد الاهتمام بها مبتغى حضارة اليوم ..
ومن اجل قراءة اخلاقية علمية للمرأة في القرآن لا تقارن ولا تقارب بين المطروح من مواقف وتحليلات تتناول المرأة ، لابد من قراءة قرآنية صافية للنصوص المؤسسة للرؤية الاسلامية لها .. قراءة تنطلق من موقف القرآن من الانسان ومكانته الاستخلافية لله في الكون .. قراءة تفرق بين ما هو نص قرآني ونبوي قطعي الثبوث والدلالة ، وبين ما هو اجتهاد بشري في اطار سياق ثقافي واجتماعي واقتصادي معين ، قراءة تاخذ بعين الاعتبار مقاصد الشريعة وكلياتها في الربط بين النص والواقع انتصارا للانسان رجلا وامرأة اللذين تقف في مقدمة غايات وجودهما اعمار العالم بالعلم والحب والجمال ...
وبغية انجاز مثل هذه القراءة سنقدم نصوصا منتخبة من صيغ الخطاب القرآني في مستوياته
الكلية ...
خطاب بني آدم,
( يابني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ) الاعراف/26
( يابني آدام لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة )الاعراف/27
( يابني آدام خذوا زينتكم عند كل مسجد )الاعراف/31
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر )الاسراء/70
( الم اعهد اليكم يابني آدم ان لا تعبدوا الشيطان )يس/60
** خطاب الناس ,
( ياايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم )البقرة/21
( ياايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ) البقرة/168
( ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) النساء/1
( ياايها الناس انما بغيكم على انفسكم )يونس/23
(شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس )البقرة/185
( كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )البقرة/187
( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا )البقرة/204
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله )البقرة/207
( ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون )البقرة/221
( وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس )آل عمران/4
( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين )آل عمران/97
(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ).
** خطاب الامة ,
(تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون )البقرة/134
( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )البقرة/143
( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )آل عمران/104
( من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات )آل عمران/113
( كذلك زينا لكل امة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )الانعام/108
( وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون )الاعراف/181
( ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولاهم يستعتبون )النحل/84
( لكل امة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينزعنك في الامر وادع الى ربك انك لعلى هدى مستقيم )الحج/67
( كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون )الجاثية/28
** خطاب ( القوم ) ,
( كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون )الحشر/4
( قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهو الذي انشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون )الانعام/97
( هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )الاعراف/203
( هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقو يوقنون )الجاثية/20
(كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )الاعراف/58
** خطاب ( الانسان ),
( واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون )/12
( ان الشيطان للانسان عدو مبين )يونس/5
( وكان الانسان اكثر شيء جدلا ) الكهف/54
( ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير ) لقمان/ 14
( وان ليس للانسان الا ما سعى )النجم/ 39
( ينبأ الانسان يومئذ بما قدم واخر )القيامة/13
( ياايها الانسان انك كادح الى ربك كادحا فملاقيه )الانشقاق/6
( لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم )التين/4
( علم الانسان ما لم يعلم )العلق/5
( والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )العصر
** خطاب الجنس ( الذكر والانثى )
( فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الواب )النساء/97
( ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )النساء/124
( من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحس ما كانوا يعلمون )النحل/97
( ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير )الحجرات/13
** خطاب الصفة ( الايمان ، الكفر ، العقل )
( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )المجادلة/11
( ياايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين )البقرة/208
( ياايها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون )البقرة/254
( ياايها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمة ما زكا منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم )النور/21
( ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )الاحزاب/70
( ان الله يدافع عن الذين آمنوا ان الله لا يحب كل خوان كفور )الحج/38
( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا لهم عذاب مهين )/الحج57
( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون )البقرة/242
هذه نماذج من كتاب الله في خطابه للبشر الرجال منهم والنساء .. وفي كل مستويات الخطاب القرآني هذه فالمرأة حاضرة بوصفها من بني آدم فالقرآن حريص على بنائها مثل الرجل تماما ، يريد لها لباس التقوى مثلما للرجل كذلك ، ويحذرها من فتنة الشيطان كالرجل تمام .. ويأمرها ان تأخذ زينتها عند كل مسجد ، فالوقوف في حضرة الله جمال ليس على مستوى الروح فقط انما على مستوى المادة والهيأة كذلك ، وهي مكرمة مثل الرجل ولهذا سخر لها الكون مثلما هو مسخر للرجل كذلك .
والمرأة حاضرة في ( خطاب الناس ) ، الذين دعاهم الله لعبادته ، الرجال والنساء على السواء ، وان تبني صحتها مثل الرجل تماما لذلك امرها ان تأكل من طيبات الارض مثل الرجل تماما ، وهي مطالبة بان تهتدي بهدي القرآن الذي انزل في شهر رمضان ، ذلك الكتاب الذي بين الله آياته للرجل والمرأة بوصفها من الناس ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو الد الخصام ) وما اكثر الرجال الذين يضمرون الخبث لغيرهم عبر الكلام الجميل ، وكذلك من النساء .
لقد عبرت المرأة المسلمة الانموذج ( ام سلمة رضي الله عنها ) عن عقلية رائعة باستيعابها للخطاب القرآني فقد كانت في غرفتها عندما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على النبر ويقول ايها الناس فتقدمت ام سلمة نحو نافذة حتى تقترب وتستمع الى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لها من كانت بالعقلية الجاهلية ( انما يخاطب الرجال ) فقالت ام سلمة قولتها الرائعة ( اني من الناس ) هكذا ادركت المرأة الانموذج مسؤولياتها في المجتمع .
لم تكن هناك امة الا هي من رجال ونساء تعيش مسؤولياتها وتواجه مصيرها المشترك .. يخبرنا القرآن الكريم ان الحساب يكون للامم مجتمعة عامة قدمت واخرت والامة تقف برجالها ونسائها متحملين مسؤولية حياتهم واعمالهم ..
وفي ( خطاب الانسان ) الذي لا تفرق اللغة العربية فيه بين الذكر والانثى فكلاهما انسان الرجل انسان ، والمرأة انسان وليس انسانة فكلاهما اذا مسه الضر يدعو الله قائما او قاعدا فكلاهما مسكونان بعبادة الله حتى لو كانت على حرف .. وكلاهما هدف لغواية الشيطان ، لذلك عليهما الرجل والمرأة ان يتخذاه عدوا .. وكلاهما يتحملان مسؤولية الحسنى بالوالدين ، وكلاهما تتحدد قيمتهما عند الله بسعيهما في الحياة وحسن الاداء .. فكلاهما كادح الى ربه فملاقيه انها الغاية الانسانية والوجودية للرجل والمرأة الكدح سعيا وجهدا للقاء الله ... وكلاهما خلق في احسن تقويم عقلا وروحا وبدنا وكلاهما علمهما الله ما لم يعلما .
يقسم الله بالعصر مؤكدا ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، انها منظومة من العلاقات الايمانية والعلمية والعملية والاخلاقية متشابكة متداخلة هي التي تؤدي الى الفلاح الفردي والحضاري .. وهي منظومة مسؤول عن انجازها الانسان الرجل والانسان المرأة وهم الذين يرفعهم الله درجات، وهم الذين يقولون قولا سديدا ... ولذلك فان الله يدافع عنهم الرجل منهم والمرأة على السواء .
مرة سمعت الصحابية الجليلة فاطمة بنت قيس المنادي يقول ( الصلاة جامعة ) بناء على امر النبي وكان اذا قال المؤذن مع الاذان ( الصلاة جامعة ) يعني ان الدعوة ليست للصلاة فقط ، وانما هناك امر يدعو اليه رسول الله بعد الصلاة .
تقول فاطمة بنت قيس : ( انما سمعت المنادي يقول الصلاة جامعة مضيت فيمن مضى من الناس الى المسجد ) هكذا كانت المرأة تعيش مسؤوليتها الحضارية ... وعنما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مقيل عند صاحبية تدعى ( ام حرام ) ( فريقا من اصحابه يغزون البحر كأنهم الملوك على الاسرة ) تقول له ( ام حرام ) : ( ادع الله ان اكون معهم ) لم يقل لها الرسول صلى الله عليه وسلم انك امرأة عليك الخروج مع الرجال بل استجاب لها وقال لها ( انت من الاولين ) أي مع غزاة البحر .
فاذا الامر كذلك في اصعب موقف هو الجهاد ، فما حال القضية في مشاركتها الاجتماعية الاخرى .
لا فرق عند الله بين الرجل والمرأة انسانيا وحقوقيا وعلما واخلاقيا وايمانيا وجهادا الا ما يتعلق بخصوصية ( جنس الانثى ) وتكوينها الذي بدونه لا يكتمل العالم.