محمد محمود إبراهيم عطية
Member
في بعض مجالس الناس اليوم غلب المدح المذموم ، إما من المتحدث عن نفسه ، وقد قال الله تعالى : { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [ النجم : 32 ] ؛ وإما من بعض الحضور لمن له وجاهة ومنصب ، نفاقًا ومداهنة ؛ وفي الصحيحين من حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : " وَيْلَكَ ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ " مِرَارًا ، ثُمَّ قَالَ : " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ ، فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ فُلَانًا ، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ؛ أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا ، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ " ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم : " وَيْلَكَ " الويل : الحزن والهلاك ، ويستعمل بمعنى التفجع والتعجب ؛ " قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ " أي : تسببت بهلاكه ؛ لأنه ربما أخذه العجب بسبب مدحك له ، فيكون ذلك كقطع عنقه .
وفي صحيح مسلم عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ ، فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رَجُلاً ضَخْمًا - فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ "