أبو عبد الله محمد مصطفى
New member
المحاريب التي في المسجد النبوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد فهذه رسالة مختصرة في المحاريب التي في المسجد النبوي ،
المحراب الموضع العالي المشرف وهو صدر المجلس أيضا ومنه سمى محراب المسجد وهو صدره وأشرف موضع فيه ومنه حديث أنس رضي الله عنه أنه كان يكره المحاريب أي لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس ويترفع على الناس والمحاريب جمع محراب ، ومنه محراب المصلى ويقال محراب المصلى مأخوذ من المحاربة لأن المصلى يحارب الشيطان ويحارب نفسه بإحضار قلبه وقد يطلق على الغرفة ومنه عند بعضهم فخرج على قومه من المحراب أي من الغرفة ، وقال الجوهري في صحاحه قال الفراء المحاريب صدور المجالس ومنه سمي محراب المسجد والمحراب الغرفة قال :وضاح اليمن ربة محراب إذا جئتها ** لم ألقها أو أرتقي سلما ([1]).
ومنه أخذ المعنى الشرعي وهو: مكان وقوف الإمام للصلاة في المسجد ، ثم أصبح يطلق على المكان المجوف المخصص لوقوف الإمام، الذي أحدثه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في عمارة الوليد بن عبد الملك رحمه الله للمسجد النبوي فيما بين عامي 88-91هـ.
وفي المسجد النبوي ستة محاريب:
الأول: المحراب النبوي، ويقع في الروضة الشريفة، شرقه القبر الشريف، وغربه المنبر، تزينه الآيات القرآنية، وقطع ملونة من الرخام، في جـانبيه عمودان من الرخام الأحمر، مكتوب في جانبه الغربي: (هذا مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم( أحدثه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في المكان الذي اتخذه صلى الله عليه وسلم مصلى له بعد أن حولت القبلة إلى الكعبة المشرفة. وكان صلى الله عليه وسلم قد صلى بضعة عشر يوماً إلى أسطوانة عائشة رضي الله عنها، ثم تحول إلى هذا المكان أو قريباً منه، فموقفه صلى الله عليه وسلم في الطرف الغربي من هذا المحراب، بحيث يجعل التجويف عن يسار المصلي.
وفي عام 888 هـ أعاد السلطان الأشرف قايتباي رحمه الله تجديد هذا المحراب.
وفي هذا العهد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بترميمه وإصلاحه، فتم ذلك عام 1404هـ .
الثاني: المحراب العثماني، ويقع في مقدمة المسجد في جدار القبلة، محلى بقطع من الرخام الملون، فوقه آيات قرآنية مكتوبة بخط الثلث النافر وهي في غاية الإبداع. أقامه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في موضع مصلى سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بالناس بعد توسعته للمسجد الشريف، ثم جدده الملك الأشرف قايتباي رحمه الله عام 888 هـ ولا يزال موضع الإمام إلى الآن.
الثالث: محراب التهجد، ويقع في الجدار الشمالي للمقصورة ـ وهي ما يعرف اليوم بالحجرة الشريفة ـ وقد أقيم هذا المحراب في المكان الذي كان يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم التهجد جدد هذا المحراب في عمارة قايتباي سنة 888 هـ، ثم أعيد تجديده في العمارة المجيدية وجعلوه قطعة واحدة من الحجر الأحمر، وأبدعوا في صنعه، وكتبوا عليه آية التهجد: {ومِنَ اللَّيْلِ فتَهَجَّدْ به نافلةً لك عَسَى أن يبعثَكَ ربُّكَ مَقَاماً محموداً} وحلَّوْه بماء الذهب، وجعلوا حوله دكة أنزلَ من دكة الأغوات، ولا يزال موجوداً إلى الآن، وهو مغطى بخزانة يوضع فيها المصاحف الشريفة.
الرابع: محراب السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها،ويقع في بيتها رضي الله عنها داخل المقصورة، خلف حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، أمام محراب التهجد، مجوف مرخم يشبه محراب النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه كسوة، لا يظهر إلا عند رفعها.
الخامس: المحراب السليماني أو المحراب الحنفي، ويقع عند الأسطوانة الثالثة بمحاذاة المنبر الشريف من الغرب، بناه ( طوغان شيخ ) بعد سنة 860 هـ، وعين فيه إماماً حنفياً، ثم قام السلطان سليمان القانوني العثماني رحمه الله سنة 938هـ _على الصحيح _ بترخيمه وزخرفته بالأبيض والأسود، فصار ينسب إليه، وقام فخري باشا بترميمه إبان الحرب العالمية الأولى.
السادس: محراب شيخ الحرم، ويقع شمال دكة الأغوات بأربعة أمتار تقريباً، وكان إذا جاء رمضان وقف شيخ الحرم خلف إمامه الخاص ليصلي معه عند هذا المحراب التراويح، ثم دخل هذا المحراب بعد ذلك في محيط مصلى النساء فأصبح خاصاً بهن، يتقدمهن إمامهن الرسمي فيصلي بهن التراويح، ثم أزيل هذا المحراب مؤخراً ([2]).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . إعداد : محمد بن محمد المصطفى الأنصاري
المدينة النبوية
.
([1]) النهاية في غريب الأثر لابن الأثير 1/ 359 ، ومقاييس اللغة لابن فارس 2 / 48، والمصباح المنير للفيومي ص127.
([2]) وفاء الوفاء للسهودي 2 / 451 – 452 ، 683 ، ونزهة الناظرين في مسجد سيد الأولين والآخرين للبرزنجي / ص 137 - 147 ، وآثار المدينة المنورة لعبد القدوس الأنصاري ص 90 ، وتاريخ معالم المدينة المنورة لأحمد ياسين الخياري ص 71 – 72 ، وتاريخ المسجد النبوي الشريف لمحمد إلياس عبد الغني ص 104 – 112 ، وأخبار المدينة لابن زبالة ص 93 – 99 ، والدر الثمين للشنقيطي ص 22 ، والمغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي 2 / 455 – 456 ، وعمدة الأخبار للعباسي ص 137 ، وتحقيق النصرة للمراغي ص 48 .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد فهذه رسالة مختصرة في المحاريب التي في المسجد النبوي ،
المحراب الموضع العالي المشرف وهو صدر المجلس أيضا ومنه سمى محراب المسجد وهو صدره وأشرف موضع فيه ومنه حديث أنس رضي الله عنه أنه كان يكره المحاريب أي لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس ويترفع على الناس والمحاريب جمع محراب ، ومنه محراب المصلى ويقال محراب المصلى مأخوذ من المحاربة لأن المصلى يحارب الشيطان ويحارب نفسه بإحضار قلبه وقد يطلق على الغرفة ومنه عند بعضهم فخرج على قومه من المحراب أي من الغرفة ، وقال الجوهري في صحاحه قال الفراء المحاريب صدور المجالس ومنه سمي محراب المسجد والمحراب الغرفة قال :وضاح اليمن ربة محراب إذا جئتها ** لم ألقها أو أرتقي سلما ([1]).
ومنه أخذ المعنى الشرعي وهو: مكان وقوف الإمام للصلاة في المسجد ، ثم أصبح يطلق على المكان المجوف المخصص لوقوف الإمام، الذي أحدثه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في عمارة الوليد بن عبد الملك رحمه الله للمسجد النبوي فيما بين عامي 88-91هـ.
وفي المسجد النبوي ستة محاريب:
الأول: المحراب النبوي، ويقع في الروضة الشريفة، شرقه القبر الشريف، وغربه المنبر، تزينه الآيات القرآنية، وقطع ملونة من الرخام، في جـانبيه عمودان من الرخام الأحمر، مكتوب في جانبه الغربي: (هذا مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم( أحدثه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في المكان الذي اتخذه صلى الله عليه وسلم مصلى له بعد أن حولت القبلة إلى الكعبة المشرفة. وكان صلى الله عليه وسلم قد صلى بضعة عشر يوماً إلى أسطوانة عائشة رضي الله عنها، ثم تحول إلى هذا المكان أو قريباً منه، فموقفه صلى الله عليه وسلم في الطرف الغربي من هذا المحراب، بحيث يجعل التجويف عن يسار المصلي.
وفي عام 888 هـ أعاد السلطان الأشرف قايتباي رحمه الله تجديد هذا المحراب.
وفي هذا العهد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بترميمه وإصلاحه، فتم ذلك عام 1404هـ .
الثاني: المحراب العثماني، ويقع في مقدمة المسجد في جدار القبلة، محلى بقطع من الرخام الملون، فوقه آيات قرآنية مكتوبة بخط الثلث النافر وهي في غاية الإبداع. أقامه عمر بن عبد العزيز رحمه الله في موضع مصلى سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بالناس بعد توسعته للمسجد الشريف، ثم جدده الملك الأشرف قايتباي رحمه الله عام 888 هـ ولا يزال موضع الإمام إلى الآن.
الثالث: محراب التهجد، ويقع في الجدار الشمالي للمقصورة ـ وهي ما يعرف اليوم بالحجرة الشريفة ـ وقد أقيم هذا المحراب في المكان الذي كان يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم التهجد جدد هذا المحراب في عمارة قايتباي سنة 888 هـ، ثم أعيد تجديده في العمارة المجيدية وجعلوه قطعة واحدة من الحجر الأحمر، وأبدعوا في صنعه، وكتبوا عليه آية التهجد: {ومِنَ اللَّيْلِ فتَهَجَّدْ به نافلةً لك عَسَى أن يبعثَكَ ربُّكَ مَقَاماً محموداً} وحلَّوْه بماء الذهب، وجعلوا حوله دكة أنزلَ من دكة الأغوات، ولا يزال موجوداً إلى الآن، وهو مغطى بخزانة يوضع فيها المصاحف الشريفة.
الرابع: محراب السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها،ويقع في بيتها رضي الله عنها داخل المقصورة، خلف حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، أمام محراب التهجد، مجوف مرخم يشبه محراب النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه كسوة، لا يظهر إلا عند رفعها.
الخامس: المحراب السليماني أو المحراب الحنفي، ويقع عند الأسطوانة الثالثة بمحاذاة المنبر الشريف من الغرب، بناه ( طوغان شيخ ) بعد سنة 860 هـ، وعين فيه إماماً حنفياً، ثم قام السلطان سليمان القانوني العثماني رحمه الله سنة 938هـ _على الصحيح _ بترخيمه وزخرفته بالأبيض والأسود، فصار ينسب إليه، وقام فخري باشا بترميمه إبان الحرب العالمية الأولى.
السادس: محراب شيخ الحرم، ويقع شمال دكة الأغوات بأربعة أمتار تقريباً، وكان إذا جاء رمضان وقف شيخ الحرم خلف إمامه الخاص ليصلي معه عند هذا المحراب التراويح، ثم دخل هذا المحراب بعد ذلك في محيط مصلى النساء فأصبح خاصاً بهن، يتقدمهن إمامهن الرسمي فيصلي بهن التراويح، ثم أزيل هذا المحراب مؤخراً ([2]).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . إعداد : محمد بن محمد المصطفى الأنصاري
المدينة النبوية
.
([1]) النهاية في غريب الأثر لابن الأثير 1/ 359 ، ومقاييس اللغة لابن فارس 2 / 48، والمصباح المنير للفيومي ص127.
([2]) وفاء الوفاء للسهودي 2 / 451 – 452 ، 683 ، ونزهة الناظرين في مسجد سيد الأولين والآخرين للبرزنجي / ص 137 - 147 ، وآثار المدينة المنورة لعبد القدوس الأنصاري ص 90 ، وتاريخ معالم المدينة المنورة لأحمد ياسين الخياري ص 71 – 72 ، وتاريخ المسجد النبوي الشريف لمحمد إلياس عبد الغني ص 104 – 112 ، وأخبار المدينة لابن زبالة ص 93 – 99 ، والدر الثمين للشنقيطي ص 22 ، والمغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي 2 / 455 – 456 ، وعمدة الأخبار للعباسي ص 137 ، وتحقيق النصرة للمراغي ص 48 .