بارك الله فيكم جميعاً .
موضوع المجازموضوع طويل الذيل ، ولا أقول قليل النيل .
كتب فيه العلماء قبل ابن تيمية وبعده رحمهم الله جميعاً . والأمر فيه سهل ، ولكن هناك في كل أمر من يبالغ فيخرج عن المقصود. وقد كتب فيه الدكتور عبدالعظيم المطعني كتاباً جيداً بعنوان (المجاز بين المانعين والمجيزين) وكان رسالته للماجستير ، ويمكن الاطلاع عليه فهو كبير الحجم ، وقد ناقش الأدلة بما استطاع من الموضوعية والعدل.
والمقصود بمثل هذه المشاركات الإشارة للمطولات ، ولا أعتقد أننا سنحسم الخلاف هنا ، لكن بحسبنا الإشارة كما تفضل الشيخ فيصل القلاف والأستاذ جمال .
وقد كتب أخي الكريم الشيخ ناصر الماجد جواباً لسؤال حول هذا الموضوع في موقع الإسلام اليوم أحببت نقله هنا لعله يثري الحوار .
السؤال : ما حكم تأول المجاز عند تفسير القرآن فنقول مثلا عند تفسير قوله تعالى : (( إن الأبرار لفي نعيم )) إن استعمال النعيم في الآية مجاز؛ لأن النعيم لايحلَّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعاني ، وإنما أطلق فيه الحال وأريد المحل، وهل يعتبر المجاز في القرآن من باب القول على الله بغير علم ؟
الجواب :
مسألة تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز من المسائل التي نقل الخلاف فيها قديماً ، وجماهير أهل العلم من المفسرين، والأصوليين، وأهل اللغة على إثباته ، ولايفرقون بين مورده في اللغة ، ومورده في القرآن الكريم، وفيهم أئمة لهم قدم صدق في تقرير عقيدة السلف والذود عنها .
والذين ذهبوا إلى نفي المجاز -خصوصاً من أهل السنة- حملهم على ذلك مارأوه من تسلط المبتدعة بدعوى المجاز على نصوص الوحيين، فعطلوها عن دلالاتها في مسائل الغيبيات، وصفات الخالق -عز وجل- خصوصاً .
وفي الحق، فإن القول بالمجاز لاخطر وراءه ، ذلك أن الأصل في الكلام أن يحمل على حقيقته إلا بقرينة بإجماع أهل العلم ، ولا قرينة تصحّح قول المعطل، وإنما أُتوا من توهّم كيفيات معينة لتلك النصوص، ثم سلّطوا التأويل عليها لدفع توهمهم الفاسد . على أن تلك الأخبار المتعلقة بالله –تعالى- لاتقبل دعوى المجاز من جهة اللغة وتراكيب الكلم ، وهذا مبسوط تقريره في كلام أهل السنة -والحمد لله- .
والمقصود أنه لاضير من القول بالمجاز ، ولايعدّ من القول على الله بغير علم ، إذ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، فجرى على طرائقهم في التعبير، وأساليبهم في تركيب الكلم ، وإنما يكون قولاً على الله بغير علم إذا تعلق بأمور غيبية لاتدرك، ولم تشاهد تُعطل عن ظواهرها، ويُلحد فيها .
بقي أن يقال: إن الأسلوب المجازي ضرورة لبقاء أي لغة وحياتها، إذ الألفاظ وإن كثرت فهي محدودة لا تستوعب كل ما يطرأ من المعاني في حياة الناس ، ومن تأمل هذا الأمر زال عنه ـ بإذن الله ـ كل تردد في هذه المسألة ، والله ولي التوفيق .
المصدر