المؤرخون المغاربة والأندلسيون فى القرن الرابع الهجرى - بقلم:د. محمد فتحى الإدفوى

إنضم
17/07/2016
المشاركات
43
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
مشاهدة المرفق 10207
ليس ثمة شك بظهور الفاطميين في مصر في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ظهر التفسير الباطني، ولكن في دائرة ضيقة ،تكاد لا تتعدى رجال السياسة والحكم ؛لأن المصريين لم يستسيغوا هذا المذهب الفلسفي، ولم يستطــــــــع الفاطميون أصحاب القوة والسيطرة إجبار الشعب على اعتناق مذهبهم بالقوة والقهر، لذا نراهم قد أفسحوا صدورهم على الرغم من أنوفهم لتفسير العلماء السنيين، بل سمحوا لهم في حرية مطلقة بالتحلق في المساجد، مثل مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط ، وأحمد بن طولون وفى حدود قليلة بالجامع الأزهر ،وإلقاء دروس التفسير النقلي على طلاب العلم. والراغبين في الاستزادة من معينة الفياض. والتفسير الباطني اتخذه الفاطميون بطبيعة الحال وسيلة لنشر مبادئهم، ولجأوا فيه إلى التأويل والتحايل لخدمة مذهبهم، بل أغراضهم، وهذا اللون من التفسير لا يوافق المعرفة الحقيقية للغة العربية. بينما نرى التفسير بالمأثور يخدم الدراسات الدينية واللغوية معا، لقيامه على المفهوم العربي السليم، فإنا نرى التفسير الباطني يؤدي إلى إضافة مفهومات جديدة للفظ، ليس لها وجود إلا في أذهان دعاة الباطنية، الذين يفسرون قوله تعالى في سورة نوح « فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهارا» بأن قوله تعالى: « يرسل السماء عليكم مدرارا»: إن السماء هي الإمام، والماء والمدرار: العلم ينصب من السماء إليهم ، ،ومعنى قوله تعالى« يمددكم بأموال وبنين»: بأن الأموال هي العلم، والبنين هم المستجيبون. ومعنى قوله تعالى« ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا»: إن الجنات هي الدعوة السرية، أو الباطنية ،والأنهار هي العلم الباطني. وبقى المكر من أصحاب المذهب الشيعى . فقد تأثر المؤرخون المغاربة والأندلسيون بتعاليم الدولة الفاطمية ،حيث نشأت أساسافى إفريقية الصغرى( تونس) وكانت تدين بالمذهب الشيعى ،الذى انتشر فى بلاد المغرب العربى و وجد صدى كبيرا فى المغرب الأقصى والأندلس بوجود الأشراف الأدارسة بها، وقيام الدولة الإدريسية والأشراف السعـدية والدولة المرينية فى الجزائر ،والسنوسية الإدريسية فى ليبيا، فثمة مرتعا خصبا للمذهب الشيعى الذى انتقل لمصر بعد ذلك مقر الخلافة الفاطمية ؛فتأثر المؤرخون المغربيون والأندلسيون به؛ فلم يؤرخوا شيئا عن الإئمة مفسرى القرآن الكريم ذوى المذهب السنى كالإمام أبو بكر الإدفــوى
رحمه الله المالكى المذهب ،ويبدو أنه أُخفيت تفاسيره وأحرق بعض منها ؛فقد عُثر عليهابمكتبة دير الإسكوريال بأسبانيا بحكم تواجد دولة الأندلس فبها، وأضرمت النيران بجزء كبير منها كما قال الشعرانى فى كتابه " المنن"بأنها ربت على الالف مجلد ،ثم الفيلسوف " أرنست رنان" الذى أخبرنا بوصول مئة وعشرين مجلدا منها ونقلت إلى تركيا عصر الدولة العثمانية حاملة المذهب السُنى. فلم يؤرخ لنا المؤرخ المغربى أبوسعيد الغرناطى الأندلسى فى مجلداته" المُغرِب فى حُلى المغرب" فى القسم الخاص بمصر عصـــــــــر الدولة الإخشيدية أو الفاطمية أى سطر عن الإمام أبى بكر الإدفـورحمه اللهى(صفر304هـ -916م -388هـ -998م : عاصر الدولتين الآنفتين الذكر) ومجلداته" الإستغناء فى تفسير القرآن وعلومه" رغم أنه إمام المفسرين فى وقته فضلا عن عدم تخصيصه باب للتفسير وأئمته ،من أصحاب المذاهب السنية وأهل الجماعة؛ لكون البيئة التى تأثر بها شيعية ،وتنشئته بنفس المذهب ؛للحيثبات المذكورة مسبقا ولا غرو فى ذلك. فكل من نهل من تأريخه لم يتطرق للإمام الإدفوىرحمه الله أو مجلداته " الإستغناء" فى التفسير، لامن قريب، أوبعيد ،مثل كتاب" الدولة الإخشيدية فى مصر" للدكتورة سيدة إسماعيل الكاشف لأنها كانت مشاركة فى تحقيق المجلد الآنف الذكر مع الدكتور زكى محمد حسن والدكتور شوقى ضيف رحمهم الله: فاخذت منه لكتابها المذكور؛ فاقتصرت على فقهاء مصــــــر، وقص أثرها بقية الأكادميين والباحثين المعاصرين ؛ فالطلاب على دين أساتذتهم ،فلم يكلفوا انفسهم جهد عناء البحث فى عمق القرن الرابع الهجرى العاشر الميلادى ؛ليأتونا بلآلئه السنية ، ولو كان، لصار إنجازا عظيما يذكره لهم التاريخ ،ولكنهم ركنوا إلى السهل القريب ، وراحوا يدرسون التفاسير التى هُريت دراسة وتمحيصا ،مع أئمتها، ولم يفكروا فى إبراز دررأً أخرى من التفاسير، كما تفعل الآن جامعة أم القرى( مشكورة) بقسم علوم القرآن وتفسيره ؛فقد غاصت وأخرجت لنا درة فريدة من التفسير الإدفـوى؛ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاته؟.. بينما جُل المؤرخين السُنيِّن مثل الوزير جمال القفطى أرخ له فى أنباء الرواه على أنباه النحاه ،وبغية الوعاة للسيوطى ،وتذكرة الحفاظ للذهبى ،وشذرات الذهب لأبو الفلاح بن العماد ،وطبقات المفسرين للداودى ،والطالع السعيد لجعفر بن ثعلب الإدفوى ،وطبقات المفسرين للسيوطى، وطبقات القراء لابن الجزرى، والوفى بالوفيات للصفدى، وحُسن المحاضرة للسيوطى ،وهديةالعارفين للبغدادى، وكشف الظنون لحاجى خليفة، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة، ومعجم البلدان لياقوت الحموى،رحمهم الله.. وغيرهم الكثير والكثير. فثمة أن تفسير القرءان الكريم خدم في معرفة اللغة العربية معرفة دقيقة، واستقصاء ظواهرها، كما خدم في معرفة أصول الدين الإســـلامي باستثناء المفهومات الباطنية الحادثة، كما خدم في وقوف المصريين على أفصح نص عربي بليغ، وانبعاث النشاط العلمي الدينـــــــــــي والنحوي واللغوي في مصر، وخير دليل على ذلك إشتغال المفسرين بأمور اللغة. وهذا ساعــــــد أبناء الكنانة على تفضيلهم للأسلوب القرءاني الذي نثروه في كلامهم وخطبهم، وفي كل ما كتبوه منذ أن ظهرت عندهم الكتابة الديوانية، واستقامت سوقها، وازدهرت وأتمرت، حتى اختتمت الطرق الأدبية في أواخر القرن السادس الهجري بطريقة القاضي الفاضلرحمه الله أو أسلوبه في مصر، كما أننا نلاحظ أن شعراء مصر المتأخرين ضمنوه قصائدهم بما يسمى في علم البلاغة بالتورية أو التضمين.
د. محمد فتحي محمد فوزي - شبكة الألوكة - الكتاب والمفكرون
 
عودة
أعلى