جدة 24 جمادى الآخرة 1431هـ الموافق 7 يونيو 2010م واس
أشاد المؤتمر العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - شعوب العالم للحوار والتفاهم والتعايش وتحقيق التعاون في علاج المشكلات التي تواجه الإنسانية.
وشكر المشاركون في المؤتمر المملكة على عنايتها المشهودة بكتاب الله وطباعة ملايين النسخ منه ومن ترجمات معانيه إلى مختلف اللغات، عبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
جاء ذلك في البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم الذي اختتم فعالياته في محافظة جدة مساء اليوم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -.
وفي ما يلي نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فبعون من الله وتوفيق، اختُتمت في مدينة جدة الاثنين الرابع والعشرين من شهر جمادى الثانية 1431هــ أعمال المؤتمر العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم، الذي نظمته الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله.
وناقش المشاركون خلال جلسات المؤتمر موضوعات عدة عبر محاوره الأربعة التي منها :
التعاون والتكامل بين مؤسسات تعليم القرآن الكريم ومعوقات التعليم القرآني وعلاجها , والاستفادة من التقنيات الحديثة في التعليم القرآني , والأسس العلمية التأصيلية للتعليم القرآني.
وشكر المشاركون في المؤتمر المملكة على عنايتها المشهودة بكتاب الله وطباعة ملايين النسخ منه ومن ترجمات معانيه إلى مختلف اللغات، عبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة , مثنيين على افتتاح عدد من كليات القرآن الكريم وأقسام لعلومه في جامعاتها، وعلى عقدها المسابقات الدولية والمحلية لحفظ القرآن الكريم تشجيعاً للأجيال المسلمة على الإقبال على كتاب الله وحفظه وتعلم أحكامه وفهم مقاصده للعمل بها في حياتهم.
وأبرز المشاركون في المؤتمر أهمية القرآن الكريم في حياة الأمة، وأكدوا على ما يلي:
1-إن القرآن الكريم هو مصدر عز الأمـة وسعادتها ، حفظه الله من أي تحريف أو تبديل : {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون} , وتناقلته الأمة عبر عصورها تناقلاً متواتراً ، والواجب على المسلمين تطبيق أحكامه بفعل ما أمر الله به في كتابه واجتناب ما نهى عنه.
2-إن التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كان سببا لريادة المسلمين وتقدمهم وازدهار حضارتهم في مجالات العلوم المختلفة ، والبشرية اليوم في أمس الحاجة لهدي القرآن الكريم لإنقاذها مما تعاني من مشكلات ، وما يواجهها من تحديات.
3-إن انتشار معاهد تعليم القرآن الكريم وحلقات تحفيظه في أنحاء العالم الإسلامي يسهم في عودة المسلمين إلى كتاب ربهم وتطبيق أحكامه ، مما يتطلب وضع ضوابط تؤصل لحفظ كتاب الله وتعلّمه، وتسهّل فهم مقاصده وأحكامه والعمل بها.
4-إن التعليم القرآني يهدف إلى تحقيق أهداف علمية وتربوية ينبغي أن تنعكس آثارها على سلوك الناشئة ، إذ بصلاح الفرد يكون صلاح المجتمع، وهذا يتطلب عقد الدورات التدريبية والتأهيلية لرفع كفايات المحفظين والحفاظ، وتنظيم المسابقات والحفلات التكريمية للتحفيز والتشجيع.
5-وإذ يقدر المؤتمر ما قامت به الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم من ملتقيات علمية لرفع مستوى الجهات المعنية بتحفيظ القرآن وتعليمه، فإنه يدعوها إلى مواصلة التنسيق في هذا المجال مع الجهات المعنية بالتعليم القرآني في العالم، وتقديم ما لديها من خطط علمية وتربوية تعينها على أداء رسالتها.
6-إن القرآن الكريم حث المسلمين على الحوار مع غيرهم لتعريفهم بالإسلام ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ) والمسلمون في حوارهم مطالبون بإتباع النهج القرآني : (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن )) .
واستعرض المشاركون الجهود التي قدمتها رابطة العالم الإسلامي في خدمة كتاب الله ورعاية المناشط الخاصة بالقرآن الكريم، ودفاعها عنه وعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وطالبوها والمؤسسات القرآنية، والمنظمات الإسلامية المتعاونة معها بما يلي :
أولاً : مواصلة الدفاع عن كتاب الله الكريم والتصدي لمحاولات الافتراء والدس عليه، حيث أكد المؤتمر أن محاولات أعداء الإسلام لن تفلح في تحريف القرآن الكريم الذي تكفل الله بحفظه: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.
ثانياً : رصد محاولات الافتراء على القرآن الكريم وعن الجهات التي تقف وراءها، وأن تقوم الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم بتكوين لجنة متخصصة للنظر فيها والرد عليها بالحجة والبرهان.
كما أوصى المؤتمر بالتعاون مع الهيئات والمؤسسات القرآنية بما يلي:
أولا / في المجال العلمي :
1-الحرص على تأصيل المنهاج النبوي المتكامل في التعليم القرآني الذي يجمع بين الحفظ والتدبر والفهم والعمل، وتأهيل الحفّاظ علمياً وتربوياً وإدارياً بعقد ملتقى علمي يشارك فيه المتخصصون لإعداد برنامج في هذا الشأن.
2-تكوين مجلس عالمي لشيوخ الإقراء بإشراف الهيئة يكون مرجعاً عالمياً لتعليم القرآن الكريم وضبط الإجازات والتسجيلات القرآنية.
3-تعزيز جهود البحث العلمي الموثق في مجال خدمة القرآن الكريم، وتزويد المعاهد والمراكز القرآنية في العالم بنتائج البحوث والدراسات العلمية للاستفادة منها في رفع كفاية العمل في خدمة كتاب الله.
4-تشجيع افتتاح معاهد و كليات وأقسام للقرآن الكريم وعلومه ، تمد الأمة بجيل من المتخصصين في علوم القرآن، وتقديم الخبرات والاستشارات العلمية لمؤسسات المجتمعات المسلمة في مجال القرآن الكريم وعلومه.
5-الاستفادة من الوسائل والأجهزة الحديثة في تعليم القرآن الكريم ، مع التأكيد على أنها ليست بديلاً عن الطرق المعتادة لأن القرآن الكريم يؤخذ بالتلقي والمشافهة.
6-التوسع في مسابقات حفظ القرآن الكريم في أنحاء العالم وخاصة في المناطق التي ليس فيها مسابقات مثل أمريكا الجنوبية.
7-التوسع في تأهيل الحفاظ بالإجازة القرآنية بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
8 - حث المؤسسات والجمعيات والمراكز القرآنية على التخطيط الاستراتيجي والتقويم المستمر لأعمالها .
ثانيا / في المجال التربوي والتعليمي :
توسيع مجالات التعليم القرآني لتشمل فئات المجتمعات الإسلامية والأقليات المسلمة في العالم من مختلف الأعمار , والتركيز من خلال التعليم القرآني ومدرسيه على وسطية الأمة التي تنبذ العنف والتطرف ، وتحفظ أبناء الأمة من التفلت والفساد , ومناشدة وزارات التربية والتعليم ، والجامعات في العالم الإسلامي أن يكون تعليم القرآن الكريم أولى اهتماماتها ، وأن توفر الفرص الكافية للدارسين على اختلاف مراحلهم لتعلم القرآن الكريم وتدبره والاتعاظ بما فيه , والاهتمام بالتعليم القرآني للفتيات المسلمات تلاوة وحفظاً وفهماً لتؤدي المرأة مهمتها في تربية الأجيال وترسيخ الإيمان وفهم مقاصد الإسلام في أذهان الناشئة , وإعداد برامج قرآنية للأطفال تتميز بالتشويق والترغيب لغرس محبة القرآن في قلوبهم وجذبهم للتخلق بالأخلاق والآداب الإسلامية وحمايتهم من تيارات الفساد والانحلال , وكذلك تزويد المدرسين والحفاظ بكتب تعليمية وتربوية في مجال تخصصهم لتكون مرجعاً لهم ، تعينهم على مواجهة حملات التشكيك وإثارة الشبهات حول القرآن الكريم , وحث حفاظ القرآن الكريم على العناية بالأحاديث النبوية والأذكار المأثورة إلى جانب حفظهم للقرآن الكريم , واستثمار أوقات الفراغ لدى الشباب في تعليم القرآن وترسيخ الإيمان، وخاصة في الإجازات الصيفية.
وإذ يثني المؤتمر على إنشاء الهيئة جائزة عالمية متعددة الفروع يدعوها لتوسيع فروعها بحيث تشمل جائزة للبحث العلمي الموثق في خدمة القرآن الكريم للأفراد والمؤسسات.
ثالثاً / في مجال التعاون والتكامل :
التعاون بين المؤسسات والجمعيات القرآنية في تبادل الخبرات والتجارب وعقد اتفاقات وشراكات فيما بينها , وتنسيق الجهود بين الجامعات والكليات والمعاهد والجمعيات العاملة في تحفيظ القرآن الكريم وتبادل الخبرات والزيارات فيما بينها، وإقامة الملتقيات والندوات العلمية والتربوية المتخصصة في هذا المجال , والتعاون في تكريم حفاظ كتاب الله وتوفير المنح الدراسية لهم لمواصلة دراساتهم الجامعية والعليا وحث الجامعات على منح حفاظ كتاب الله أولوية في القبول . التنسيق بين جمعيات القرآن الكريم وهيئات الإعجاز العلمي في وضع برامج مشتركة لتدريس الحفاظ جوانب من الإعجاز في القرآن تزيد ثقافتهم وتعينهم في حياتهم العلمية , والتعاون مع الأقليات الإسلامية في عقد دورات لحفظ القرآن الكريم لأبنائهم في البلدان الإسلامية.
ودعا المؤتمر الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم لعقد ورش عمل لمناقشة ما يستجد من مهمات وتحديد المصطلحات المتعلقة بالتعليم القرآني والأسماء والمسميات بما يجعلها متناسبةً.
رابعاً / في مجال الإعلام :
سجل المؤتمر بالعرفان والتقدير إطلاق المملكة العربية السعودية قناة تلفزيونية فضائية للقرآن الكريم، وقناة أخرى للسنة النبوية، تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وأوصى المنظمات الإسلامية وهيئات تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه بالسعي لإنشاء قنوات لتعليم القرآن، وطالبها بالتعاون مع وسائل الإعلام الإسلامية فيما يلي:
دعوة وسائل الإعلام المختلفة وخاصة القنوات التلفزيونية للتعريف بأهميــة التعليم القرآني، وإبراز المكانة العظيمة لحفاظ القرآن الكريم، والتشجيع على التمسك بكتاب الله تلاوةً وحفظاً وفهماً وعملاً. ودعوة وسائل الإعلام إلى إبراز نماذج يحتفى بها من حفاظ كتاب الله الذين يسهمون في التنمية الاجتماعية والإنسانية على خير وجه، وعرضها بأساليب مشوقة تسهم في جعلها قدوة صالحة لأجيال الأمة , وكذلك إعداد برامج تلفزيونية متخصصة في التعليم القرآني، وإبراز جهود المؤسسات القرآنية والجهود التي يبذلها حُفّاظ كتاب الله الكريم في تنمية مجتمعاتهم والتشويق في محبة القرآن الكريم وتعلمه وتوجيه الأمة للعودة الصادقة لهدي القرآن الكريم وأيضاً , حث المؤسسات الإعلامية على إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية وصحفية تبرز أثر القرآن الكريم في حياة المسلمين وحضارتهم عبر التاريخ، وتعّرف العالم بما فيه من مبادئ إنسانية تحتاج إليها الشعوب لتحقيق التعاون والتعايش والعدالة والأمن والسلام , بالإضافة التوسع في إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) لتعليم القرآن الكريم، وتشجيع الناشئة على الاستفادة من هذه المواقع في الحفظ والمراجعة والتجويد.
وعبر المؤتمر عن إدانته لمحاصرة إسرائيل قطاع غزة في فلسطين، ومنع وصول المعونات الطبية والغذائية إلى أهلها، وأدان العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي كان يعتزم تقديم المعونات الإنسانية لأهل غزة المحاصرين وطالب حكومات الدول الإسلامية ببذل المساعي العاجلة لدى هيئة الأمم المتحدة والهيئات الدولية لإنهاء الحصار المضروب على القطاع المنكوب.
وطالب المؤتمر , رابطة العالم الإسلامي بمتابعة جهودها في إصلاح ذات البين، بين فصائل شعب الصومال وقياداته، والتعاون مع علماء هذا البلد لإحلال السكينة والأمن، والسلام في ربوعه.
وأعرب المشاركون في ختام البيان عن عظيم تقديرهم للمملكة العربية السعودية ولقادتها ، وطلبوا من الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي رفع الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ، ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ، وصاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة لما يبذلونه من جهود في خدمة الإسلام ورعاية شؤون المسلمين، ولما يقدمونه - حفظهم الله - من دعم لمؤسسات تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه والإنفاق على مسابقاته وتشجيع المتسابقين في أنحاء العالم، ودعوا الله العلي القدير أن يثيبهم ويبقيهم ذخراً للإسلام والمسلمين.
كما قدموا الشكر لرابطة العالم الإسلامي وللهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم على تنظيم هذا المؤتمر العالمي، وعلى الجهود التي تبذلانها في خدمة كتاب الله ونشر ثقافة القرآن الكريم بين المسلمين.
وقرر المؤتمرون أن يكون المؤتمر دورياً يعقد كل ثلاث سنوات في مختلف دول العالم الإسلامي من خلال تعاون الرابطة والوزارات والمؤسسات المختصة فيها.