رصين الرصين
New member
هذي نتف من بحث كنت كتبته منذ فترة عن (فضل اللغة على العلوم الشرعية، وأهميتها في حسم الخلاف) منها ما قرأته ففهمته وزدت عليه، ومنها ما فتح الله علي به، وليس الآن من همي تحديد المذاهب، إلا ما حضرني:
1- المسألة الأولى: مس المصحف للحائض والجنب:
الدليل الأول: قوله تعالى {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }الواقعة79
تستدل بها بعض المذاهب كالزيدية على حرمة مس المصحف، للمحدث حدثا أكبر: كالحائض والجنب.
وفي هذا نظر؛ ذلك أن:
القاعدة النحوية تقضي بأن: الضمير يعود على أقرب اسم ظاهر، وعلى هذا مرجع الهاء في (يمسه) وقبلها: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ{77} فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ{78} لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ{79}
فإذن الضمير يعود على (كتاب مكنون) وهنا إشكال تاريخي؛ فإن المصحف - الذي بين الدفتين - لم يكن له وجود زمن نزول الآية، وعلى هذا فلا يمكن أن يكون الموصوف بالمكنون، فما هو إذن؟ والجواب: لا يعرف النص إلا بنظيره، فانظر إلى قوله تعالى
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}
وبضم هذه الآية إلى تلك، يتضح جليا أن المقصود بالكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ، الذي في السماء، وهو المراد بقوله تعالى {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39
وقوله {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
وذاك اللوح تقوم عليه الملائكة، وهم وحدهم دون سائر الخلق من تصل أيديهم إليه
ذلك أن المصحف الذي بين الدفتين، يمكن أن يعتدي عليه زنديق أو ملحد أو ساحر
وإذن فليس بمكنون
وهذا يقودنا إلى الإشكال الثاني
المطهرون: يفسرها الشيعة بـ (آل البيت) وعندهم (يمسه: يفقهه ويفهمه)
وهذا صرف للفظ عن ظاهره من غير دليل، وغير مقبول لغة قبل شرعا
ويفسره الزيدية بأنه (الإنسان الطاهر) وعلى هذا تقوم فتياهم آنفة الذكر
وفي هذا نظر:مطهّر:
اسم مفعول وزن (مفعّل)، وبما أن "الزيادة في المبنى، تدل على زيادة في المعنى"
فإن هذا يقابل صيغة المبالغة (طهور )
ومعروف أنه يشترط في الماء الذي يصلح به الوضوء أن يكون طهورا،
و لايكفي أن يكون طاهرا
ومعنى (طهور) أنه طاهر في نفسه، مطهر لغيره كماء البحر
الذي وصفه رسول الله بأنه "الطهور ماؤه"
وعلى ذلك فلا يجوز التوضؤ بالشاهي، أو العصير أو البيبسي؛
لأنها نعم طاهرة، لكنها ليست مطهِّرة بكسر الهاء
أي أنها ليست (طهورا)
بعد هذا البيان، نسأل: بم يوصف الإنسان؟ بأنه طاهر، أم طهور
وقبل الجواب: لا بد أن نقرر أن الطهارة معنوية، لاحسية، ويقابلها النجاسة. والحسية هي النظافة ويقابلها (الوساخة: القذارة) بمعنى:
أن النظافة تعني نظافة الجسم، أما الطهارة فتعني طهارة القلب والروح
والمسلم يمكن أن يكون وسخا قذرا، لكنه لا يمكن إلا أن يكون طاهرا
والكافر يمكن أن يكون نظيفا، لكنه لا يمكن إلا أن يكون نجسا
يدل على ذلك قوله صل1:
"سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس" فلم يقل لا يتسخ، فالوساخة واردة،
لكنه لا ينجس إلا بالردة، والخروج عن الدين.
كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة28
إذن فلا يمكن أن يتنجس المسلم، لكن يمكن أن يتسخ
ولا يمكن أن يتطهر الكافر، لكن يمكن أن يتنظف
ورغم هذا، فلا يجوز لغة ولا شرعا وصف بشر - سوى الأنبياء - بالمطهر - ولو كان في أعلى عليين
وإنما المطهرون الملائكة، الذين طهرهم الله
وليس البشر كائنا من كان
أولئك وحدهم الذين يمكن أن تصل أيديهم إلى (الكتاب المكنون: اللوح المحفوظ)
والخلاصة أنه ليس في الآية دليل على أهل الأرض، ولا ذكر لهم فيها البتة
لأن حديثها عن أهل السماء (الملائكة)
وإذن، فليقرأ القرآن الجنب والحائض والنفساء باللسان،
وليمسكوه باليد، ولا بأس، ولا حرج
ومن زعم الكراهة - فضلا عن التحريم - فعليه الدليل
أما أن يقال الأفضل فنعم ونعم
كالنقاب: الأفضل أن تنتقب المرأة، لكن إذا لم فلا حرج
وإنما ذلك صيانة لحرمة كتاب الله
ولا شك أن الطهارة من آداب التلاوة
والحمدلله
1- المسألة الأولى: مس المصحف للحائض والجنب:
الدليل الأول: قوله تعالى {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }الواقعة79
تستدل بها بعض المذاهب كالزيدية على حرمة مس المصحف، للمحدث حدثا أكبر: كالحائض والجنب.
وفي هذا نظر؛ ذلك أن:
القاعدة النحوية تقضي بأن: الضمير يعود على أقرب اسم ظاهر، وعلى هذا مرجع الهاء في (يمسه) وقبلها: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ{77} فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ{78} لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ{79}
فإذن الضمير يعود على (كتاب مكنون) وهنا إشكال تاريخي؛ فإن المصحف - الذي بين الدفتين - لم يكن له وجود زمن نزول الآية، وعلى هذا فلا يمكن أن يكون الموصوف بالمكنون، فما هو إذن؟ والجواب: لا يعرف النص إلا بنظيره، فانظر إلى قوله تعالى
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}
وبضم هذه الآية إلى تلك، يتضح جليا أن المقصود بالكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ، الذي في السماء، وهو المراد بقوله تعالى {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39
وقوله {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
وذاك اللوح تقوم عليه الملائكة، وهم وحدهم دون سائر الخلق من تصل أيديهم إليه
ذلك أن المصحف الذي بين الدفتين، يمكن أن يعتدي عليه زنديق أو ملحد أو ساحر
وإذن فليس بمكنون
وهذا يقودنا إلى الإشكال الثاني
المطهرون: يفسرها الشيعة بـ (آل البيت) وعندهم (يمسه: يفقهه ويفهمه)
وهذا صرف للفظ عن ظاهره من غير دليل، وغير مقبول لغة قبل شرعا
ويفسره الزيدية بأنه (الإنسان الطاهر) وعلى هذا تقوم فتياهم آنفة الذكر
وفي هذا نظر:مطهّر:
اسم مفعول وزن (مفعّل)، وبما أن "الزيادة في المبنى، تدل على زيادة في المعنى"
فإن هذا يقابل صيغة المبالغة (طهور )
ومعروف أنه يشترط في الماء الذي يصلح به الوضوء أن يكون طهورا،
و لايكفي أن يكون طاهرا
ومعنى (طهور) أنه طاهر في نفسه، مطهر لغيره كماء البحر
الذي وصفه رسول الله بأنه "الطهور ماؤه"
وعلى ذلك فلا يجوز التوضؤ بالشاهي، أو العصير أو البيبسي؛
لأنها نعم طاهرة، لكنها ليست مطهِّرة بكسر الهاء
أي أنها ليست (طهورا)
بعد هذا البيان، نسأل: بم يوصف الإنسان؟ بأنه طاهر، أم طهور
وقبل الجواب: لا بد أن نقرر أن الطهارة معنوية، لاحسية، ويقابلها النجاسة. والحسية هي النظافة ويقابلها (الوساخة: القذارة) بمعنى:
أن النظافة تعني نظافة الجسم، أما الطهارة فتعني طهارة القلب والروح
والمسلم يمكن أن يكون وسخا قذرا، لكنه لا يمكن إلا أن يكون طاهرا
والكافر يمكن أن يكون نظيفا، لكنه لا يمكن إلا أن يكون نجسا
يدل على ذلك قوله صل1:
"سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس" فلم يقل لا يتسخ، فالوساخة واردة،
لكنه لا ينجس إلا بالردة، والخروج عن الدين.
كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة28
إذن فلا يمكن أن يتنجس المسلم، لكن يمكن أن يتسخ
ولا يمكن أن يتطهر الكافر، لكن يمكن أن يتنظف
ورغم هذا، فلا يجوز لغة ولا شرعا وصف بشر - سوى الأنبياء - بالمطهر - ولو كان في أعلى عليين
وإنما المطهرون الملائكة، الذين طهرهم الله
وليس البشر كائنا من كان
أولئك وحدهم الذين يمكن أن تصل أيديهم إلى (الكتاب المكنون: اللوح المحفوظ)
والخلاصة أنه ليس في الآية دليل على أهل الأرض، ولا ذكر لهم فيها البتة
لأن حديثها عن أهل السماء (الملائكة)
وإذن، فليقرأ القرآن الجنب والحائض والنفساء باللسان،
وليمسكوه باليد، ولا بأس، ولا حرج
ومن زعم الكراهة - فضلا عن التحريم - فعليه الدليل
أما أن يقال الأفضل فنعم ونعم
كالنقاب: الأفضل أن تنتقب المرأة، لكن إذا لم فلا حرج
وإنما ذلك صيانة لحرمة كتاب الله
ولا شك أن الطهارة من آداب التلاوة
والحمدلله