اللعب بآيات الله

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
اللعب بآيات الله
تتعدد أشكال اللعب بآيات الله وتختلف باختلاف طبائع الناس، وتكثر أو تقل بحسب ثقافة وأخلاق الناس، وقد مر عليَّ بعض أشكال اللعب بآيات يفعلها أصحابها ولا يشعرون أنهم يقعون في محظور، بل لا يشعرون أنهم يقعون في إثم عظيم، فأردتُ بمقالي هذا أن أَلْفِتَ النظر إليها، وأُذكِّر بها؛ فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين، مِن ذلك:

أولا: اللَّعب بالطلاق:
إن النهي في هذه الآية: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} مُوَجَّه إلى الأزواج الذي يعبثون بميثاق غليظ، شهد عليه الله، ووضعه في أيديهم، فجعلوا من هذا الميثاق ومن الطلاق سيفا مُسْلَطًا على رقاب الزوجات، واسمع الوعيد الرهيب من الله عز وجل لهؤلاء الأزواج اللاعبين بالطلاق: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}.
إن بعض الأزواج يجعلون من الطلاق آلة تعذيب للمرأة، بعضهم يكرهها، فيتركها لا يطلقها، ويهملها تعنتا وظلما وبغيا.
وبعضهم يطلقها، ويعمد إلى الإضرار بها، وقد قال الله له: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} يطلقها، ثم يردها آخر أيام عدتها، ثم يعود أدراجه الخبيثة فيطلقها ليجدد عليها العدة وهكذا.
وبعضهم أحمق؛ يجعل من الطلاق عصا يجلد به ظهر زوجته، ويقيدها بالطلاق تقييدا، فيقول لها: إن فعلتِ كذا فأنتِ طالق، أو إن لم تفعلي كذا فأنتِ طالق، أو إن خرجتِ... أو إن ذهبتِ إلى... أوإن كذا... فأنتِ طالق.

ثانيا: اللعب بتحية الإسلام:
في هذا النوع مِن اللعب مَرَّ بي موقف ما أنساه، وكان تَصَرُّفا عجيبا غريبا؛ فلا هو مِن الدين، ولا هو مِن الْمَرُوءَة، رَجُلٌ يدخل علَى رَجُلَيْن، فَيُسَلِّمُ علَى أَحَدِهما باسمه دون الآخر كَيْداً للآخر وإيذاء له وخِصاما.
وقد بحثتُ طويلا عن حُكْمِ إلقاء السلام مُكَايَدَةً وإيذاء، فما حَصَّلْتُ، وسألتُ بعض الأساتذة الذين أعرف لهم الفضل والعلم، ولم أجد ما يفي الْمَسْأَلَة حَقَّهَا، وظني أنها مَسْأَلَة جديدة، فأخذتُ أعتمد على نفسي في استخلاص حكم لها، وبَنَيْتُ هذا الحكم على أمرين:
الأول: حُرْمَةُ إيذاء المسلم قولا أو فعلا.
والثاني: حُرْمَةُ اللَّعِب بآيات الله، حيث وقع في خاطري مباشرة قول الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} حين مَرَّ علَيَّ الموقف.
وقد خرجتُ بما يلي:

  • السلام لم يُلْقَ على نِيَّةِ التَّعَبُّد بل علَى نِيَّةِ إيذاء مسلم، فهو إثم مُرَكَّب، أي مُضاعَف الوِزر، فقد أذى الفاعل أخاه المسلم، واستخدم وسيلة غاية في السوء، استخدم تحية الإسلام التي هي أمن وأمان ومحبة وسلامة وسلام في ضرب كبد أخيه.
  • مِن الواجب على الشخص الذي حَظِيَ بالسلام دون الآخر، أن ينكر ذلك على فاعله، وأقل ما يفعله أن يقول له: إما أن تُلْقِيَ السلام عامَّا للجميع أو لا تُلْقِ السلام.
  • إن كان الشخص الذي حَظِيَ بالسلام دون الآخر يعلم أن هذا السلام أُلْقِيَ مُكَايَدَةً لِرَفِيقِه، وإيذاء له، ورد عليه السلام، ولم ينكر عليه، فإني أخشى أن يشاركه الإثم مشاركة تامة.
والله أعلم، وإياه أسأل أن أكون قد أصبت الحق.

ثالثا: النِّكاتُ السَّخِيفَة لَعِباً بالعبادات أو الْمَسائِل الشرعية أو العلماء أو الْخُطَباء ورجال الدين:
مثل هذه النِّكَات السَّخِيفَة تكثر عن جَهْلٍ بين عَوامِّ الناس، وتكثر عن حَمَاقَةٍ وسَفَاهَةٍ بين كثير من الشباب اللاهي العابِث، وفي أوساط الْمُترفين، ولَدَى كثير من وسائل الإعلام التي تَعْمَدُ إلى هَدْمِ الدين بِهَدْمِ رُمُوزِه.

رابعا: الاستدلال بآية قرآنية أو حديث شريف لإحقاق باطل، أو إبطال حق:

  • أيُّ ذنبٍ أعظم مِن ذنبِ رَجُلٍ يَسْتَدِلُّ بآية قرآنية لأجْلِ أنْ يَجْعَلَ مِن الباطل حَقًّا، أو لِيُبْطِلَ حَقًّا؟!
  • أيُّ ذنبٍ أعظم مِن ذنبِ رَجُلٍ يَسْتَدِلُّ بحديث النبي عامِداً إلى تَبْدِيل مَقَاصِدِه لِيُحِقَّ باطلا أو لِيُبْطِلَ حَقًّا؟!
ونجد ذلك كثيرا عند الْعَلْمَانِيِّين الْكَارِهِينَ لِدِينِ الله، الذين سَلَّطُوا أقلامهم وأَلْسِنَتَهم على كتاب الله وشريعته وسُنَّةِ نَبِيِّه.
  • أَضِفْ إلى ذلك ما نجده مِن الْعَبَثِ بآيات الله باستخدامها في غير مواضعها، كَأَنْ يقول تاجِرٌ لِلْمُشْتَرِي: {ادْفَعْ بالتي هي أَحْسَنُ}، أو ما شَابَهَ ذلك مِنْ استخدام الآيات في غير مَرامِيها.
نسأل الله العفو والعافية
د. محمد الجبالي
 
جزاك الله كل خير د. محمد على جهدك ووقتك

حقيقة موضوع مهم، وتزداد أهميته إذ لامس الواقع فكثير ما تجد ذلك بين الناس، وخطورة الأمر بعيده عن أذهانهم
ويقاس على الأمثلة التي ذكرت غيرها
فينبغي على المسلم أن يحتاط لدينه، ولا يضع كلام الله عز وجل وكلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم موضع الضحك واللعب ومجال للشحناء والبغضاء

والله المستعان
 
عودة
أعلى