د.عبدالرحمن الصالح
New member
اللام في القرآن ترد بمعان كثيرة حاول ابن هشام تعدادها في المغني وقد استوقفني ورودها بمعنى "عن"أو "في حق" أو "في شأن"، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران:156] فاللام في لإخوانهم بمعنى عن، أو في حق ، أو في شأن، فهم لم يقولوا لهم بل قالوا عنهم أو في حقهم، أو في شأن خروجهم لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. ويبدو أن هذه اللام لها صلة مثل جملة "إذا ضربوا في الأرض" ليكون معنى اللام الذين قالوا في شأن ضرب إخوانهم في الأرض. ومثلها اللام في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:168] فهذه اللام كالتي قبلها بمعنى عن.أي الذين قالوا في شأن خروج إخوانهم.ومثلها {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف:11] قال السيوطي في الإتقان ص 1155 من طبعة مجمع الملك فهد:"وبمعنى عن نحو {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف 11]، أي عنهم وفي حقهم، لا أنهم خاطبوا به المؤمنين و لقيل ما سبقتمونا" اهـ.
وهو حسن ويمكن أن نترجم هذه اللام إلى العربية المعاصرة إلى(بشأن) فتصبح الذين قالوا بشأن إخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا،(أو في شأن خروج إخوانهم ونستنبط المضاف إليه من سياق الآية) وقال الذين كفروا بشأن الذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه.ولم تجئ صلة هاهنا لأن الذين آمنوا نفسها فيها معنى الإيمان فاستغني بصلة الموصول "آمنوا" عن صلة جديدة ، فيكون معناها كما هو (أي في شأن إيمان الذين آمنوا) لو كان خيرا ما سبقونا إليه.
ولأنها غريبة هُجر استعمالها منذ عصر قديم اضطرب فيها النحويون، ولكن معناها يتضح من مقارنة أسيقة ورودها
{وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا} [هود:31]
وقول الشاعر
وما تزال هذه اللام بحاجة ماسة إلى مزيد بحث ومقارنة، فهي لام خطيرة ومعناها يحتاج ضبطا بالمقارنة. فهل نصير إلى التفسير بها كلما رأينا وجود التفات بعدها من ضمير المخاطب إلى ضمير الغيبة،. ؟ لا شك أن الالتفات قرينة قوية ولكن هل هو القرينة الوحيدة؟ نحتاج للجزم بذلك إلى حصر أمثلة أكثر من التي نوردها هاهنا.
و البيت الأخير يشهد لمذهب من ذهب أنها لام التبليغ وحصل فيها التفات من المخاطب إلى الغيبة، ولكن إذا تكرر حصول الالتفات ألا يسوغ ذلك لنا أن نقول إنه معنى خاص من معاني اللام لم يعد يُستخدم منذ زمن طويل.
بخلاف مثل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} [آل عمران:173] فههنا الناس أي بنو قريظة قد قالوا لهم هم على الحقيقة ولم يقولوا عنهم.
البحث عن الشواهد.
وددت ممن استوقفه الموضوع ووجد شاهدا شعريا أو نثريا في كتاب قديم استخدمت فيه اللام بمعنى (في شأن، أو في حق، أو "عن")، أو في سياق يحتملها أن يأتي به ويذكره فتكون إضافة مشكورة على الدهر ، أو أن يقوم بإيراد ما قاله أقطاب التفسير فيها لأن مواضعها محصورة في القرآن وإن لم تحصر في الشواهد.
وهو حسن ويمكن أن نترجم هذه اللام إلى العربية المعاصرة إلى(بشأن) فتصبح الذين قالوا بشأن إخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا،(أو في شأن خروج إخوانهم ونستنبط المضاف إليه من سياق الآية) وقال الذين كفروا بشأن الذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه.ولم تجئ صلة هاهنا لأن الذين آمنوا نفسها فيها معنى الإيمان فاستغني بصلة الموصول "آمنوا" عن صلة جديدة ، فيكون معناها كما هو (أي في شأن إيمان الذين آمنوا) لو كان خيرا ما سبقونا إليه.
ولأنها غريبة هُجر استعمالها منذ عصر قديم اضطرب فيها النحويون، ولكن معناها يتضح من مقارنة أسيقة ورودها
- فابن مالك قال "هي لام التعليل"
- وقيل "لام التبليغ والتُفت عن الخطاب إلى الغيبة! [ويعنون بلام التبليغ مثل قلت له/ أذنت له، فسَّرت له].
- أو يكون اسم المقول لهم محذوفا أي قالوا لطائفة من المؤمنين لما سمعوا بإسلام أخرى
{وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا} [هود:31]
وقول الشاعر
كضرائر الحسناء قلن لوجهها * حسدا وبغضا إنه لذميم
وما تزال هذه اللام بحاجة ماسة إلى مزيد بحث ومقارنة، فهي لام خطيرة ومعناها يحتاج ضبطا بالمقارنة. فهل نصير إلى التفسير بها كلما رأينا وجود التفات بعدها من ضمير المخاطب إلى ضمير الغيبة،. ؟ لا شك أن الالتفات قرينة قوية ولكن هل هو القرينة الوحيدة؟ نحتاج للجزم بذلك إلى حصر أمثلة أكثر من التي نوردها هاهنا.
و البيت الأخير يشهد لمذهب من ذهب أنها لام التبليغ وحصل فيها التفات من المخاطب إلى الغيبة، ولكن إذا تكرر حصول الالتفات ألا يسوغ ذلك لنا أن نقول إنه معنى خاص من معاني اللام لم يعد يُستخدم منذ زمن طويل.
بخلاف مثل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} [آل عمران:173] فههنا الناس أي بنو قريظة قد قالوا لهم هم على الحقيقة ولم يقولوا عنهم.
البحث عن الشواهد.
وددت ممن استوقفه الموضوع ووجد شاهدا شعريا أو نثريا في كتاب قديم استخدمت فيه اللام بمعنى (في شأن، أو في حق، أو "عن")، أو في سياق يحتملها أن يأتي به ويذكره فتكون إضافة مشكورة على الدهر ، أو أن يقوم بإيراد ما قاله أقطاب التفسير فيها لأن مواضعها محصورة في القرآن وإن لم تحصر في الشواهد.
ودمتم بودّ
التعديل الأخير بواسطة المشرف: