الكريم الأكرم جل جلاله

علي سبيع

New member
إنضم
01/04/2015
المشاركات
280
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
60
الإقامة
مصر
بسم1​
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً
ونصلي ونسلم علي سيدنا محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم.أما بعد
قال تعالي{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) }وهذه الآيات أول مانزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كما ورد في صحيح البخاري عن السيده عائشه رضي الله عنها .فجاء جبريل عليه السلام بالرسالة هابطا علي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يقرأ،
فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ.يقول القاسمي رحمه الله لا يوجد بيان أبرع ولا دليلا أقطع علي فضل القراءة والكتابة والعلم من هذه الآيات الباهرات.ويقول الشعراوي رحمه الله باسم الله جامعة لكل أسماء الله وصفاته فالذي لايبدأ باسم الله يأخذ من عطاء الربوبية في الدنيافقط والذي يبدأ باسم الله يأخذ من عطاء الربوبية في الدنيا والآخرة. والأكرم صيغة مبالغة والكريم أيضا فهناك كريم وأكرم.فعندما يعلمك الله عن طريق مخلوقاته يكون كريما وعندما يعلم الله سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم يكون أكرما ويقول ابن تيمية رحمه الله الأكرم أبلغ من الكريم أنتهي.والمعني أن الله عز وجل كريما عندما يعطي المؤمن والكافر أكرما عندما يعطي باسمه جل جلاله وصيغة الأكرم لم تأتي في القرآن إلا في هذا السياق لحظة نزول الوحي لأول مرة علي قلب النبي صلي الله عليه وسلم .يقول الشنقيطي رحمه الله الأمر بالقراءة يوجه لنبي أمي و{باسم ربك}وربك هنا لها مدلول الربوبيه و{الذي خلق}أي القادر علي إيجاد الأنسان قادر علي جعلك قارئا وإن كنت أميا و{وربك الأكرم}يدل علي عظيم العطاء وجزيل المنه و{الذي علم بالقلم}أي الذي يعلم بالقلم يعلم بغيره وكما تمت الاشاده بالقلم كانت أيضا للوحي قال تعالي{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} فعظم المقسوم عليه يدل عظم المقسم به. ومما سبق فصيغة الأكرم خوطب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقام الأول وهي تدل علي عظيم كرم الله الذي أختص به سيدنا محمدصلى الله عليه وسلموالآيات كثيره الداله علي ذلك منها قوله تعالي {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}وقوله تعالي {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} وقوله تعالي {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}وقوله تعالي{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) }وقوله تعالي{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) }. فالله عز وجل كان كريماعندما علم الإنسان بالقلم وأكرما عندما علم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمبغير القلم وحيا وضمن له عدم النسيان في قوله تعالي {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى }وقال الشنقيطي رحمه الله وإذا أنساه الله شيئا عوضه في قوله تعالي{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .وأكرما عندما جعل الله عز وجل أمية سيدنا محمد شرف وفضيلة ودليل معجزة خالدة وهي في حق الناس نقيصة قال تعالي{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}والعطف هنا يفيد نفي التلاوة قبل نزول القرآن ونفي الخط بعده و (ما) تنفي الفعل المضارع في الحال أما دخول (لا) علي الفعل المضارع تفيد النفي في الحال والاستقبال ومما يؤيد ذلك قول أهل العلم إن تقدم من قبل علي ولا تخطه بيمينك كالصريح في النفي المطلق للكتابة وهذا يدل علي عدم الكتابة لاقبل القرآن ولا بعده.يقول صاحب المنار رحمه الله في قوله تعالي{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}الفعل المضارع يتبعون فيه بشارة بأنه في كل عصر من يتبع الرسولصلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب علي أنه صلى الله عليه وسلمأميا كما دلت عليه كتبهم .فأي اتباع يكون لوقلنا بغير ذلك ؟ وهذا ماتنفيه الأدلة مطلقا وما الذي يدفع المبطلون عن الريب حينئذ؟.يقول ابن عطيه رحمه الله حكم بالضعف علي من قال بكتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته ومنه قول الباجي رحمه الله . وقال الذهبي رحمه الله لايخرج من الأمية من رسم اسمه وهذا لمن استند إلي إحدي روايات صلح الحديبية ولمن حيرته هذه المسألة ينظر قوله تعالي {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} من الآية158 في سورة الأعراف فهذا أمر لمن بلغ والله أعلم.
 
باركَ اللهُ في الناقلِ والمَنقولِ ونفعَ بهما ....ورحم اللهُ الذهبيَّ ...فقد أذهبَ العذرَ وأتى بالخبر.
 
قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء :
وَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو الوَلِيْدِ فِي حَدِيْث الكِتَابَةِ يَوْم الحُدَيْبِيَة الَّذِي فِي(صَحِيْح البُخَارِيّ).
قَالَ بِظَاهِرِ لفظه، فَأَنْكَر عَلَيْهِ الفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ الصَّائِغ، وَكَفَّرهُ بِإِجَازته الكَتْبَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَأَنَّهُ تَكذِيبٌ لِلقُرْآن، فَتَكَلَّم فِي ذَلِكَ مِنْ لَمْ يَفهم الكَلاَمَ، حَتَّى أَطلقُوا عَلَيْهِ الفِتْنَةَ، وَقبَّحُوا عِنْد العَامَّة مَا أَتَى بِهِ، وَتَكلّم بِهِ خُطَبَاؤُهم فِي الجُمَع، وَقَالَ شَاعِرهُم:
بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بآخِرَةٍ*وَقَالَ:إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَدْ كَتَبَا
فَصَنَّف القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ(رِسَالَةً)بَيَّنَ فِيْهَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادحٍ فِي المُعجزَة، فَرَجَعَ بِهَا جَمَاعَةٌ.
قُلْتُ:يَجوز عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكْتُبَ اسْمه لَيْسَ إِلاَّ، وَلاَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنه أُمِّياً، وَمَا مَنْ كَتب اسْمَه مِنَ الأُمَرَاء وَالوُلاَة إِدمَاناً لِلعلاَمَةِ يُعَدُّ كَاتِباً، فَالحكمُ لِلغَالِب لاَ لِمَا نَدَرَ، وَقَدْ
قَالَ - عَلَيْهِ الصّلاة والسَّلاَمُ - :(إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ).
أَي لأَنَّ أَكْثَرهم كَذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ فِيهِم الكَتَبَةُ قَلِيْلاً.
وَقَالَ تَعَالَى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُوْلاً مِنْهم}[الجُمُعَة:2].
فَقوله - عَلَيْهِ الصّلاة والسَّلاَمُ - :(لاَ نَحْسُبُ)حَقٌّ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ يَعرف السِّنِيْنَ وَالحسَابَ، وَقَسْمَ الفَيْءِ، وَقِسْمَةَ الموَارِيث بِالحسَاب العَربِي الفِطرِي لاَ بحسَاب القِبط وَلاَ الجَبْر وَالمُقَابلَة، بِأَبِي هُوَ وَنَفْسِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدَ الأَذكيَاء، وَيَبْعُد فِي العَادَة أَنَّ الذّكيَّ يُمْلِي الوحِي وَكُتُبَ المُلُوْكِ وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى كُتَّابه، وَيَرَى اسْمَه الشَّرِيْف فِي خَاتِمه، وَلاَ يَعرفُ هيئَةَ ذَلِكَ مَعَ الطُّول، وَلاَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أُمِّيَّته، وَبَعْضُ العُلَمَاء عدَّ مَا كَتَبَهُ يَوْم الحُدَيْبِيَة مِنْ مُعجزَاته، لِكَوْنِهِ لاَ يَعرِفُ الكِتَابَة وَكَتَبَ، فَإِنَّ قِيْلَ:لاَ يَجُوْزُ عَلَيْهِ أَنْ يَكتب، فَلَو كتب؛لارتَاب مُبطل، وَلقَالَ:كَانَ يُحْسِنُ الخَطّ، وَنظر فِي كتب الأَوَّلين.
قُلْنَا:مَا كَتَبَ خَطّاً كَثِيْراً حَتَّى يَرتَاب بِهِ المُبطلُوْنَ، بَلْ قَدْ يُقَالَ:لَوْ قَالَ مَعَ طول مُدَّةِ كِتَابَةِ الكِتَاب بَيْنَ يَدَيْهِ:لاَ أَعْرفُ أَنْ أَكْتُب اسْمِي الَّذِي فِي خَاتِمِي، لارتَاب المبطلُوْنَ أَيْضاً، وَلقَالُوا:هُوَ غَايَةٌ فِي الذَّكَاء، فَكَيْفَ لاَ يَعْرِفُ ذَلِكَ؟بَلْ عَرفه، وَقَالَ:لاَ أَعْرف.
فَكَانَ يَكُوْنُ ارْتيَابهم أَكْثَرَ وَأَبلغَ فِي إِنْكَاره، وَاللهُ أَعْلَمُ.
 
عودة
أعلى