[align=center]القيلولة[/align]
القيلولة هي: النوم نصف النهار، قال ابن منظور في لسان العرب :"القَيْلُولة : نَوْمَةُ نِصْف النهار ، و هي القائلةُ ، قال يَقِيل ُ ، و قد قال القوم قَيْلاً و قائلةً و قَيْلولةً و مَقالاً و مَقِيلاً " .
و قال أيضا : " و المَقِيل و القَيْلولة : الاستراحة نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، يقال : قال يَقِيل قَيْلولة ، فهو قائِل " .
وقال الفيومي في المصباح المنير: قال يقيل قيلاً وقيلولة: نام نصف النهار، والقائلة وقت القيلولة. انتهى.
وقال الصنعاني في سبل السلام: المقيل والقيلولة: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم. انتهى.
وقد اختلفت عبارات الفقهاء في تحديد وقت نصف النهار المقصود بالقيلولة، فذهب بعضهم إلى أنها قبل الزوال وذهب بعضهم إلى أنها بعده، قال الشربيني الخطيب: هي النوم قبل الزوال. انتهى.
وقال المناوي: القيلولة: النوم وسط النهار عند الزوال وما قاربه من قبل أو بعد. انتهى.
وقال البدر العيني: القيلولة معناها النوم في الظهيرة. انتهى.
والذي يُرجح أن القيلولة هي الراحة بعد الزوال -يعني بعد الظهر- ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. واللفظ لمسلم.
وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة.
ونومة القيلولة مستحبة عند جمهور العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل. رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الطب والخطيب في الموضح ، وللحديث طرق قد يحسَّن بمجموعها ، وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم4431.
وقد رُوي عن النبي صلَّى الله عليه و سلم أنه قال : " تَعَاوَنُوا بِأَكْلِ السَّحُورِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ و بِالنَّوْمِ عِنْدَ الْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ "رواه ابن ماجة (1693).
ولأن القيلولة تعطي النفس حظها من الراحة في النهار، فإذا جاء الليل استقبلت السهر بقوة ونشاط وانبساط فيقوي ذلك على الطاعة في الليل بالتهجد والمذاكرة ونحو ذلك.
قال الخطيب الشربيني: يسن للمتهجد القيلولة، وهي: النوم قبل الزوال، وهي بمنزلة السحور للصائم.
وقالوا في الفتاوى الهندية: ويستحب التنعم بنوم القيلولة. انتهى.
وقال في كشاف القناع: ويستحب النوم نصف النهار، قال عبد الله: كان أبي ينام نصف النهار شتاء كان أو صيفاً. انتهى.
القيلولة في القرآن الكريم :
جاء ذكر القيلولة في القرآن الكريم في موضعين هما :
1 ـ قول الله تعالى : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} سورة الفرقان : 24 ، وأَحْسَنُ مَقِيلًا أي موضع قائلة ، قال الأزهري القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر و إن لم يكن مع ذلك نوم و الدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها و قال ابن عباس و ابن مسعود لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار.
قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
قال الضحاك:عن ابن عباس:إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويَقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين.
وقال سعيد بن جبير:يفرغ الله من الحساب نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، قال الله تعالى: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
وقال عكرمة:إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار:هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل [ الجنة فيُنطلق بهم إلى ] الجنة، فكانت قيلولتهم [ في الجنة ] وأطعموا كبد حوت، فأشبعهم [ ذلك ] كلهم، وذلك قوله: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
وقال سفيان، عن مَيسَرة، عن المِنْهَال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال:لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا )
2 ـ قول الله عزَّ و جلَّ { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } سورة الأعراف : 4 .
قال القرطبي في تفسيره : وَ " قَائِلُونَ " مِنْ الْقَائِلَة وَهِيَ الْقَيْلُولَة ; وَهِيَ نَوْم نِصْف النَّهَار . وَقِيلَ : الِاسْتِرَاحَة نِصْف النَّهَار إِذَا اِشْتَدَّ الْحَرّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْم . وَالْمَعْنَى جَاءَهُمْ عَذَابُنَا وَهُمْ غَافِلُونَ إِمَّا لَيْلًا وَإِمَّا نَهَارًا .
وقال البغوي في تفسيره : ( أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ) من القيلولة, تقديره: فجاءها بأسنا ليلاً وهم نائمون, أو نهاراً وهم قائلون, أي نائمون ظهيرة, والقيلولة الاستراحة نصف النهار, وإن لم يكن معها نوم. ومعنى الآية: أنهم جاءهم بأسنا وهم غير متوقعين له إما ليلاً أو نهاراً.
ـ وتقسم القيلولة، بشكل عام، إلى ثلاثة أنواع: القيلولة الملكية أو الطويلة، وهي التي تتعدى ثلاثين دقيقة، والمعتدلة وتكون ما بين 5 و30 دقيقة، والسريعة وهي الغفوة القصيرة التي لا تتعدى خمس دقائق. لكن أغلب الدراسات تؤكد أن المدة المناسبة للقيلولة هي من 15 إلى 20 دقيقة، وأن التوقيت الأفضل لها هو ما بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الزوال، وهي الفترة التي ينخفض فيها النشاط الفكري والجسمي للإنسان، وهي كذلك ثاني فترة تقع فيها أغلب حوادث السير الخطيرة، بعد الفترة الليلية الممتدة ما بين الثانية والخامسة صباحاً.
ـ والقيلولة تنشط المخ والذاكرة فقد وجد هؤلاء أن أخذ فترة قيلولة طويلة نسبياً يحسّن أداء العاملين والموظفين وحتى الطلاب الذين يعانون من تعب وإرهاق وانخفاض ذهني ملحوظ .
ـ وتناقلت وكالات الأنباء العالمية مؤخراً خبر إعادة محاكمة أحد المتهمين في بريطانيا بسبب غفوة القاضي.
ـ ولا يمكن لمن درس عند (الكتَّاب القرآني) أن ينسى غفوات الفقيه ومعظم "الطلبة" رغم تمايلهم مع إيقاع القراءات الجماعية للقرآن.
ـ وكلنا يذكر نكتة المعلم الذي فاجأه المفتش غارقاً في قيلولته خلال الدرس، فلما انتبه توجه للتلاميذ قائلاً:
هكذا كان ينام الصحابة رضوان الله عليهم.
ـ وقال حاكم ظالم لأحد الدراويش:
ماذا تحمد من أعمالي؟
فقال:قيلولتك، ففي أثنائها لا يصيبنا أذاك.