القيادة التربوية النبوية

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,554
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
خصائص القيادة التربوية النبوية
من كتابي مهارات التدريس الفعال


أولاً: احتساب الأجر والمثوبة
قال تعالى:[ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ] [ البينة:5 ].
يقول العلامة السعدي: فالتربية الإسلامية تهدف إلى تقوية الإيمان بالله وحده وذلك بالاعتراف بانفراد الله بالوحدانية والألوهية لله وحده، لا شريك له، وإخلاص الدين لله، والقيام بشرائعه الظاهرة، وحقائقه الباطنة (1).
وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه  يقول: (( إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ )) متفق عليه. البخاري رقم 1 ومسلم رقم / 1907.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ )) رواه مسلم.كتاب البر والصلة والآداب. باب تحريم ظلم المسلم.رقم: 2564.
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَة  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا )) رواه مسلم رقم / 2674.
ثانيًا: طلب التوفيق من الله
قال تعالى: [ ومَا توْفيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ] [هود: 88].
أي: وما توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله عليه توكلت في جميع أموري، وإليه أرجع (1).
ومن صور الأدعية الجامعة:
* [ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي] [طه: 25: 28]، أي: رب وسع لي صدري لتحمل الرسالة، وأطلق لساني بفصيح المنطق; ليفهموا قولي [تفسير الجلالين، لسورة طه/25:28]
* [رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ][الأعراف:89]
* عَنْ أَنَسٍ  قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا النَّبِيِّ  يَقُولُ: (( اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النارِ )) متفق عليه. رواه البخاري / 2688 ومسلم / 6389.
* عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رَسُولَ اللهِ  يقول: (( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ )) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ : (( اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ )) رواه مسلم./ 2654.
* عَنْ عَبْدِ اللهِ  عن النبي  أنه كان يقول: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى )) رواه مسلم رقم / 2721.

ثالثًًا: التحلي بالأخلاق الحميدة

1- أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقًا
قال تعالى: [ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ] [القلم:4].
قَالَ رسُولُ اللهِ : (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )) صحيح الترمذي 1162.
2 - كن عادلاً بين طلابك
قال تعالى: [ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ] [الحجرات:9].
قال : (( اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ )) رواه مسلم.
3- لا تدَّعِ كمال العلم
عن أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ  قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: ((بَيْنَمَا مُوسَى فِي ملإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لا، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً ……فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ )) متفق عليه: البخاري/74، مسلم /2380.
4- كن متواضعًا بين طلابك
قَالَ رسُولُ اللهِ : (( وإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ …)) رواه مسلم /2865.
5- كن صبورًا رفيقًا
قال تعالى: [ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ] [هود:115]، أي: لا يضيع ثواب المحسنين في أعمالهم. [التفسير الميسر، لسورة هود / 115].
قال تَعَالَى: [وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ] [النحل: 127].
أي: واصبر حتى يأتيك الفرج, وما صبرك إلا بالله, فهو الذي يعينك عليه ويثبتك، [الميسر، سورة النحل/127].
قال تَعَالَى: [ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ] [طه:132].
وقَالَ : ((إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إلا زَانَهُ )) رواه مسلم./2594.

6- لا تنتقم لنفسك

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: (( وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ، إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ )) متفق عليه. البخاري/3560. ومسلم./ 2327.

7- لا تغضب

قَالَ  لرجل طلب منه الوصية مرارًا: (( لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ)) رواه البخاري رقم / 6116.

8- تجمل بالسكينة والوقار

قال تعالى: [ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ] [الفرقان:63].أي: وعباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين [الميسر، سورة الفرقان / 62].
عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال النَّبِيُّ : (( …… أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ……)) متفق عليه: البخاري/1671، مسلم /1282(1).
رابعًًا: غرس القيم والاتجاهات


القيمة: هي المعتقد، والاتجاه والميل والاهتمام والطموح، والمصالح المرسلة التي قررتها وطورتها مصادر التشريع الإسلامي، كالأمانة، والصدق، والعدل، وحسن الخلق، والتراحم، والتعاون، والإتقان، وتقدير الذات، والوسطية والاعتدال، والعلم والبحث، وتقدير الوقت، والتفكير وإعمال العقل، والإنجاز والتفوق، والتنظيم والتخطيط، وعدم اليأس (1).

قيم موجهة للمعلم:

1- الأصل في الإنسان الخير

قَالَ : (( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ،....)) متفق عليه، البخاري: 1385. مسلم: 2658.

2- أحب لطلابك ما تحبه لنفسك

قَالَ رسُولُ اللهِ : (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )) متفق عليه: رواه البخاري/ 13، ومسلم / 45.
3- ليكن شعارك الإخلاص والإتقان

قال تعالى: [ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ] [الملك:2].
4- كن ربانيًا

قال تعالى: [ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ] [آل عمران:79].

قَالَ ابْنُ جرير: (( كونوا، أيها الناس سادة الناس وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربَّانِيِّين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام، فرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه وِدرَاسَتِكُمُوهُ )) (1).


5- إياك واليأس

قال تعالى: [ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ] [يوسف:87].
أي: إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته, الكافرون به. [الميسر، سورة يوسف / 87].

خامسًا: حسن التواصل والتعامل

1- استخدام الحسنى في التعامل
قال تعالى: [ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة] [النحل:125].
أي: ادع -أيها الرسول- أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم, بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك في الكتاب والسنة, وخاطِب الناس بالأسلوب المناسب لهم, وانصح لهم نصحًا حسنًا, يرغبهم في الخير, وينفرهم من الشر, [التفسير الميسر، لسورة النحل / 125].
2- لا تكثر من اللوم والعتاب
عَنْ أَنَسٍ  قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ  الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أَنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، (( فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟! وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا )) متفق عليه: البخاري/ 6911. مسلم / 2309.

3- راع حال السامع عند سردك
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ كَانَ النَّبِيُّ  (( يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا )) متفق عليه: البخاري: 68، مسلم 2821.
4 - إذا استنصحك طلابك فانصح لهم
قَالَ رسُولُ اللهِ : (( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ فذكر منها … وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ )) رواه مسلم/2162 والبخاري/1240.
قال العلامة السعدي: (( وعلى المعلم النصح للمتعلم بكل ما يقدر عليه، من التعليم والصبر على عدم إدراكه، وعلى عدم أدبه، وجفائه مع شدة حرصه وملاحظته لكل ما يقومه ويهذبه ويحسن أدبه )) (1).
5- كن منبسطًا مع طلابك
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ  وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ  (( إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي )) متفق عليه: البخاري /6130، مسلم /2440 (2).

6- احرص على الألفة بين طلابك
قَالَ رسُولُ اللهِ :(( وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا…)) رواه مسلم/54.


7- كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يقول:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) متفق عليه: رواه البخاري /893. ومسلم / 1829.
8- لا تحقر المشاركات
قَالَ رسُولُ اللهِ : (( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ )) رواه مسلم / 2564.

سادسًا: بيان الخطاب ووضوحه

1- اجعل كلامك واضحًا مفهومًا
قال تعالى: [ وآتيناه الحِكمةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ ] [ص:20].
ومعنى [الحكمة] الفهم والعقل والفطنة، وقيل العدل، والصواب.
ومعنى [فصل الخطاب]: قيل: هو إصابة القضاء وفهم ذلك، وقيل: هو الفصل في الكلام وفي الحكم (1).
عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ  (( كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ )) متفق عليه: البخاري/ 2568، مسلم /2493.

قال العلامة ابن حجر: [لو عده العاد لأحصاه] أي: لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم(2).

2- تحدث بلغة القرآن

قال تعالى: [ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ] [الزخرف:3].
- (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) بلغة العرب (لعلكم) يا أهل مكة (تعقلون) تفقهون معانيه [تفسير الجلالين، سورة الزخرف / 3].

3- لا تبالغ في رفع الصوت أو خفضه

قال تعالى: [ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا] [ الإسراء:110]. ، فالصوت العالي جدًا مزعج، والمنخفض لا يسمع الآخرين، ومعنى سبيلا: أي وسطًا بين السر والجهر

4 - احذر من التكلف
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قال: (( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ )) قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قال: (( الْمُتَكَبِّرُونَ )) رواه الترمذي، وانظر صحيح الترمذي: 2018.

وَالثَّرْثَارُ: كَثِيرُ الْكَلامِ تكُلَّفًا، وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلامِ.
والتشدق منبوذ شرعًا وعرفًا لما فيه من تكلف الكلام، والمبالغة في إخراج الحروف، ففيها نوع من الكِبْر، والتعاظم على الآخرين حيث يخرج الكلام من غير احتياط واحتراز، وقيل أراد بالمتشدق المستهزىء بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم (1)

سابعًا: تعزيز المشاركات

1- التعزيز بالكلمة الطيبة
كقول جزاك الله خيرًا، قَالَ رسُولُ اللهِ : (( وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ )) متفق عليه. رواه البخاري / 2707 ومسلم / 1009. أطلق على الكلمة صدقة كدعاء وذكر وسلام وثناء وغير ذلك مما يجمع القلوب ويؤلفها (1).
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ × رَجُلا فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ × فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. رواه البخاري / 324.
2- التحفيز بالثناء والمدح
وعن أُبي بنِ كعبٍ  قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قال: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قال: (( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ )) قال: قُلْتُ: اللَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وقال: (( وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ! )) رواه مسلم رقم /810.
قال الإمام النووي: قوله:(ليهنك العلم) فيه دليل على كثرة علمه، وتبجيل العالم فضلاء أصحابه، وجواز مدح الإنسان في وجهه.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ × فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ×: أَحْسَنَتْ الأَنْصَارُ سَمُّوا بِاسْمِي وَلا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ. صحيح الأدب المفرد ج/1/293.
3- التعزيز بالدعاء
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ × دَخَلَ الْخَلاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) البخاري / 140.
قال الإمام النووي: (( فيه فضيلة الفقه واستحباب الدعاء بظهر الغيب واستحباب الدعاء لمن عمل عملا خيرا مع الإنسان وفيه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له فكان من الفقه بالمحل الأعلى )) (1).
4- التعزيز بالابتسامة
قَالَ رسُولُ اللهِ : (( لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق )). رواه مسلم / 1894.
5- التعزيز بالمكافأة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ  قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ × يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَكَثِيرًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْزَمُهُمْ. رواه أحمد 1739.
ومثال ذلك: كأن يحفزه بمكافأة إذا فعل عملاً معينًا.


المراجع / كتاب مهارات التدريس الفعال ومهارات تدريس القرآن لـ جمال القرش
 
يتابع خصائص القيادة التربوية النبوية

ثامنًا: جذب الانتباه وتنويع المثيرات

هو أسلوب تربوي يهدف إلى جذب انتباه الطلاب للدرس لطرد الغفلة وشرود الذهن، وتحفيزهم للمشاركة الفعالة.
من أمثلته:
1- تغيير نبرة صوتك عند الحاجة

وهو أسلوب يستخدم عند الحاجة لجذب انتباه السامعين لما سيطرح لطرد الغفلة والشرود من أذهانهم، برفع الصوت أو خفضه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ r فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا، وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ!: (( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ! )) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. متفق عليه: البخاري /60 / مسلم /241.

قال ابن حجر: واستدل المصنف [يقصد البخاري] على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله [فنادى بأعلى صوته] وإنما يتم الاستدلال بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد أو كثرة جمع أو غير ذلك، ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة، كما ثبت ذلك في حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب، وذكر الساعة أشتد غضبه وعلا صوته، الحديث أخرجه مسلم، واستدل به أيضا على مشروعية إعادة الحديث ليفهم (1)

2- تكرار الكلام للحاجة ،وتغيير المكان.

عَنْ أبِي بكْرَةَرضي الله عنه قال: قَالَ النَّبي r: (( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟! )) – ثَلاثًا-، قاَلُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قال: (( الإشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ )) وَجلسَ وكَانَ مُتَّكِئًا، فقال: (( أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ )) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه: رواه البخاري /2654، ومسلم/87، ومن صور تنويع المثيرات في هذا الحديث: 1- التكرار 2- وجلس وكان متكئاً.

3-طرح أسئلة


مثال الابتداء بسؤال ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةرضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَات، هَلْ يَبْقَى مِنْ درنة شَيءٌ ؟ )) قالوا: لا يَبْقَى مِنْ درنة شَيءٌ، قال: (( فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا )) رواه البخاري / 528، ومسلم/667.
في هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ((أَرَأَيْتُمْ )) لجذب الانتباه وإثارة الذهن.
4-ضرب الأمثال
ما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا، أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا، ذَهَبَتْ )) متفق عليه. رواه البخاري/ 5031. ومسلم / 789 .
في هذا الحديث مثل النبي صلى الله عليه وسلم صحاب القرآن بالإبل المعقَّلة لجذب الانتباه وإثارة الذهن.

تاسعًا: ترغيب المعلم طلابه على طرح أسئلة

هو أسلوب تربوي يساعد على تقييم حال المتعلم من حيث الفهم، وتحفيز همة الطالب الخجول، وإزالة الغشاوة لدى المتعلم، وتصحيح المفاهيم.
1- استخدام القرآن للفظ السؤال
فمن ذلك ما ذكره الله عن سؤال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: [يسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ] [البقرة: 189]
وقوله تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ] [البقرة: 219]
وقوله تعالى: [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً] [طه: 105]
قال العلامة السعدي: (( وأما سؤال الاسترشاد والتعليم، فهذا محمود قد أمر الله به كما قال تعالى: [ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] [النحل: 43]. (1).

2- الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من أصحابه أن يسألوه
عَنْ أَبِي مُوسَىرضي الله عنه قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، رواه البخاري / 90، ومسلم / 4255. لاحظ قوله صلى الله عليه وسلم : [ سلوني ] .
3- جبريل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِرضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ r فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (( الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ r وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا )) قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ ؟ قال: (( أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )) قال: صَدَقْتَ، قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ ؟ قال: (( أَنْ تَعْبدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قال: (( مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ! )) قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ أمَاراَتِهَا، قال: (( أَنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)) قال: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قال: (( يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مِنَ السَّائِلُ؟)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قال: (( فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أمْرَ دِينَكُمْ )) رواه مسلم: 8.
لاحظ الألفاظ المستخدمة:
1. [أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ]
2. [ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ ]
3. [فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ]

عاشرًا: التعليق على إجابة المتعلم بما يناسبها

هو أسلوب تربوي يقوم به المعلم لتصويب مفهوم خاطئ، أو تقييم لإجابته لأجل رفع الروح المعنوية للمتعلم، وله صور فمن ذلك:
1- مراعاة جهل السائل وَدَلِّه إلى ما ينفعه
عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍرضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ r قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ السَّلامُ عَلَيْكَ، قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ أَوْ فَلاةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ، قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ، قَالَ: ((لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا)) قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلا عَبْدًا، وَلا بَعِيرًا، وَلا شَاةً، قَالَ: ((وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنْ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ))، رواه أبو داود 3562.
والشاهد في الحديث: أن النبي r لم يكتف بتصويب الخطأ للسائل بل دله على خالقه، وأنه سبحانه هو كاشف الضر، ولا ينبغي أن تصرف أي عبادة إلا لله وحده، وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم بجهل الرجل، وحاجته إلى معرفة ما يهمه.

2- الإنصاف في تقييم فعل المتعلم

عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ، فذكر رؤيا، ثم عبرها له أبو بكر الصديقرضي الله عنه ، فقال: فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (( أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا، قَالَ: فَوَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَالَ: لا تُقْسِمْ )) ، رواه البخاري / 6524.
والشاهد في الحديث هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قيَّم فعل أبي بكر الصديقرضي الله عنه ، فلم يُخطأه كلية، ولم يصححه كلية، فكان صلى الله عليه وسلم مقسطًا في تقييمه يظهر ذلك في قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : (( أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا ))


الحادي عشر: الاتصال السمعي بين المعلم والمتعلم

يساعد الاتصال السمعي المعلم على ضبط الفصل وإدارته، ويفيد الطالب في حفظ المعلومات، وصيانتها عن النسيان، ونستعرض هنا بعض أنواع الاتصال السمعي التي تساعد المعلم أثناء الشرح في أداء مهمته التعليمية:
1- طريقة السرد ( الشرح) وهي طريقة متوسطة السرعة، يفصل فيها بين الكلمات، فلا تداخل بينها، لكي لا تُشكِل على المتعلم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا، لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ. البخاري / 3303.
2- عدم قطع السرد (الشرح) هو أسلوب يستخدم عندما يسأل المتعلم عن شيء غامض، فيكره المعلم مقاطعة أفكار السامعين، حتى إذا ما قضى حديثه أجابه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ، فَقَالَ: بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ، قَالَ: أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ، قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِذَا ضُيِّعَتْ الأَمَانَةُ، فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا، قَالَ: إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ. رواه البخاري / 57.

الثاني عشر: الاتصال البصري بين المعلم والمتعلم


1- استمرار التواصل البصري
وهو أسلوب يستخدمه المعلم ليبقي الطلاب تحت سيطرته، من خلال متابعتهم بنظره، فيوزع نظره على عموم الطلاب، حتى يعتقد كل طالب أنه المعني بالكلام، فيلاحظ الغافل فينبهه، والمتلاعب فيزجره.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَصَلَّيْتَ يَا فُلانُ؟ قَالَ: لا قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، رواه البخاري / 878.
والمعلوم أن منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلو ثلاث درجات، مما يتيح له التواصل البصري، وتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل دليل واضح على ذلك.

2- استخدام تعبيرات الوجه

وهو أسلوب يتمشى مع بعض المتعلمين، فإن هناك من تؤثر فيه النظرة الحادة، ومنهم من تؤثر فيه الابتسامة والبشاشة أكثر من قولك له أحسنت، فيعامل كل بحسبه.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ، أَمَرَهُمْ، مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا. رواه البخاري / 19.
وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّرضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: (( اعْرِفْ وِكَاءَهَا، أَوْ قَالَ: وِعَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ))، قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ أَوْ قَالَ: احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: (( وَمَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا)) قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ ؟ قَالَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ،. البخاري / 89.
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ، وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَطَعْنَاهُ، فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. رواه مسلم / 3937.
وعَنْ جَرِيرٍرضي الله عنه قَالَ مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلا رَآنِي إِلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا. رواه البخاري، 2809. (1)


(1) شرح فتح الباري لابن حجر العسقلاني،( 1/143).

(1) الفكر التربوي عند الشيخ عبد الرحمن السعدي، (ص: 483، 484).

(1) المعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، فؤاد الشلهوب، (ص: 75: 77 ).

من كتاب / مهارات التدريس الفعال ، ومهارات تدريس القرأن لـ جمال القرش
 
بارك الله فيك شيخنا ونفعنا الله بعلمك .
 
بارك الله فيكم ونفع بكم ، يتابع

الثالث عشر: استخدام الأسلوب العملي في التعليم

أسلوب يُساهم في ترسيخ المعلومة في ذهن المتعلم.
1- من قبل المعلم

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍرضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: (( إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَلا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا )) البخاري / 390.

2- من قبل المتعلم كما في حديث المسيء صلاته.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِr، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِr السَّلامَ قَالَ:
(( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )) فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ r، فَسَلَّمَ عَلَيْه،ِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (( وَعَلَيْكَ السَّلامُ )) ثُمَّ قَالَ:
(( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )) حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا! عَلِّمْنِي قَالَ: (( إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ منَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا )) متفق عليه: البخاري /757، مسلم /397. (1)
الرابع عشر: تهيئة المتعلم لاستقبال العلم

من الطرائق المباشرة:
1- استنصات المتعلم: هو أسلوب يستخدم قبل البدء في إلقاء الدرس، لجذب انتباه المتعلم، ولفت نظره إلى ما سيقال.
عَنْ جَرِيرٍرضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: (( اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) رواه البخاري / 118.
2- النداء : هو أسلوب يستخدم قبل البدء في إلقاء الدرس، أو أثناءه لتنبيه المتعلمين ولفت نظرهم لما سُيلقى عليهم.
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّرضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلانٌ فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ،فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الْمَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ، )) رواه البخاري/ 88.
من الطرائق غير المباشرة:
1- الحث على الاستماع: هو أسلوب يستخدم في جذب الطلاب، وحثهم على الاستماع، وهو بديل من عبارات الأمر التي تنفر منها النفس البشرية.
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِرضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ )) رواه مسلم / 3199. (1)

الخامس عشر: استخدام طريقة التعليم القصصي

القصص أسلوب تربوي تألفه النفوس له تأثير عجيب في جذب انتباه السامع، والتأثير على سلوكيات الطلاب من خلال الاعتبار والاتعاظ من أحداثها، فمن القرآن الكريم (قصة نوح، وعاد وثمود، وإبراهيم، ويوسف،….…إلخ)
ومن السنة النبوية قصةُ الثلاثة من بني إسرائيل وإليك سرد القصة: إِنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى المَلَكُ للأبْرَصَ فقال: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قال: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، قال: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: الإبِلُ، فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فقال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَأَتَى الأقْرَعَ فقال: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قال: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ...........، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ، وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ البخاري.رقم /4367. ومسلم رقم / 264.
ولا شك أن القرآن يستخدم القصة لجميع أنواع التربية والتوجيه التي يشملها منهجه التربوي: تربية الروح، وتربية العقل، وتربية الجسم، والتربية بالقدوة، والتربية بالموعظة فهي سجل حافل لجميع التوجيهات (1).
فالقصة توقظ الانتباه , وتستثير دافعية المتعلم للتعلم وخاصةً في المرحلة الابتدائية فنجد الطالب لا يقف سلبيا مع أحداثها بل يتفاعل مع شخصياتها ويرتبط بها فيوافق ويستنكر ويوازن بين المواقف ويحللها (2).

السادس عشر: أسلوب ضرب الأمثال

هو أسلوب تربوي ووسيلة جيدة تساعد المعلم على تقريب المعاني والأفكار المعقدة في الأذهان أو توضيح الفكرة الصعبة، أو تقريب المعاني المعقولة بأمثال محسوسة، وتتوقف كفاءتها على براعة المعلم في تصوير المثل.
فمن ذلك:
1- ضرب مَثَل الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة
قال تعالى:[ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ] [سورة إبراهيم 34].
2- تشبيه حامل القرآن بعدة أوصاف بحسب حاله
عن أبي موسى الأشعريِّرضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ: (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ مَثَلُ التَّمْرَةِ لا رِيحَ لَهَا، وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ)) متفق عليه رواه البخاري /5427. ومسلم / 797.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا، أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا، ذَهَبَتْ )) متفق عليه رواه البخاري رقم /5031. ومسلم رقم / 789 (1)

السابع عشر: أسلوب الحوار والإقناع


الإقناع أسلوب عقلي سهل وبسيط يناسب المتعلم لإيصال المعلومة إلى ذهن السامع بما يناسب ثقافة المتحدث، وحال السامع، مع إشراكه في هذا الحوار، لتحصل الفائدة المرجوة.
1- إقناع الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل يطلب الزنا
عن أَبِي أُمَامَةَرضي الله عنه قَالَ إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، قَالُوا مَهْ مَهْ، فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ، قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاتِهِمْ، قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ. رواه الإمام أحمد، 21185 وصححه الألباني.
فانظر رعاك الله كيف استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار والإقناع ليصل بالسائل إلى كره هذا الشيء، دون ذكر عقاب أو جزاء وتوصل إلى ما يريد (1)
وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب المناقشة الهادئ، وتحدث عن قرب لتحقيق الهدوء النفسي، واللمسة الحانية التي تؤثر في نفس المخطئ، والدعاء له
2- إقناع الرسول صلى الله عليه وسلم الأعرابي حين استفتاه مستنكرًا أن يأتيه ولد أسود على خلاف لونه، ولون أمه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلامٌ أَسْوَدُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنَّى ذَلِكَ، قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ. رواه البخاري /4893، و مسلم/ 2756.
استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب عقلي يسير، بضرب مثال مما يملكه هذا الأعرابي ليكون أقرب إلى فهمه حيث سأله عن إبله، وكان من الممكن أن يخبره بالحقيقة، لكنه صلى الله عليه وسلم رَاعَى جهله وحاله حتى تطمئن نفسه وترتاح.
3- إقناع النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستفتية

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: (( نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟، اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ )). رواه البخاري /1720. (1).
يتضح ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟))

الثامن عشر: استخدام أسلوب التقسيم في التعليم

هو أسلوب تربوي يساعد الطالب على الإلمام بالموضوع بشكل سريع من خلال قيام المعلم بتقسيم المادة العلمية إلى مراتب أو فقرات أو نقاط، ثم يقوم بطرحها على الطلاب.
عَنْ أَنَسٍرضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ r قال: (( ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بعْدَ أَنْ أنقَذَهُ الله منه،كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)). متفق عليه. رواه البخاري: رقم / 16 ومسلم رقم / 43.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةرضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فقال: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )) متفق عليه. رواه البخاري رقم / 1423ومسلم، رقم / 1031.
ودلالة الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العدد مجملاً ثم فصل بعد ذلك، ولا شك أن هذه الطريقة أشد جذبًا للنفس، وأحسن ترتيبًا وسياقًا.
ومنه حديث((لا تحلُّ الصدَقة لغني إلا لخمسةٍ للعاملِ عليها أو رَجل اشتراها بمالهِ أو غارم أو غاز في سَبيلِ الله أو مسكينٍ تصدقَ عليه فأهدى منها لغني )). رواه أبو داود /870 ، وصححه الألباني.


(1) المعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، (ص: 88: 89)،وعلم النفس التربوي في الإسلام (ص:301).

(1) قال ابن حجر: فلما خطبهم ليعلمهم ناسب أن يأمرهم بالإنصات، فتح الباري (ج/ 217).

(1) الفكر التربوي عند الشيخ عبد الرحمن السعدي ،(ص: 386 ).

(2) علم النفس التربوي في الإسلام (ص:294).

(1) علم النفس التربوي في الإسلام، (ص: 296، 297).

(1) المعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، فؤاد الشلهوب، (ص: 94).

(1) لمزيد من الفائدة: ينظر طرائق تدريس التربية الإسلامية، (ص: 75)، و أصول التربية الإسلامية (ص:175).
مهارات تدريس القرآن لـ جمال القرش
 
عودة
أعلى