القول الفصل في دعوى المستشرقين بأن تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام و الشكل-6

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1
القول الفصل في دعوى المستشرقين بأن تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام و الشكل-6/7

المبحث الثاني: دعوى المسشترقين في الميزان:
إن مجرد عرض دعوى بعض المستشرقين في أن سبب ظهور القراءات و تعددها هو خلو المصاحف أو الكتابة عموما من الإعجام و الشكل، مجرد عرض هذه الدعوى يكفي في ردها، فهذه لا شك مغالطة كبيرة و افتراء من هؤلاء الأعداء الذين ما تركوا وسيلة للنيل من مقدساتنا و على رأسها كتاب ربنا إلا اعتمدوها لتشكيك المسلمين في هذه المقدسات، و الذي لا أشك فيه أن هذا يدخل في غزوهم الفكري الذي رأى الغرب أنه أكثر فعالية من الغزو العسكري.
و هذه بعض الوجوه تبين تهافت هذه الدعوى في ميزان الحق و العدل:

المطلب الأول: تكذيب التاريخ لهذه الفرية:
فالتاريخ خير شاهد و أصدق مخبر يدل على أن القرآن الكريم جميع قراءاته كان محفوظا في صدور أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن تكتب المصاحف، في عهد عثمان بل قبل أن يجمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنهما، كما أنه لما كتبت المصاحف العثمانية، لم يكتف عثمان رضي الله عنه بإرسالها إلى الأمصار وحدها، بل أرسل مع كل مصحف عالما من علماء القراءة يعلم المسلمين القرآن وفق هذا المصحف: فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدينة و بعث عبد الله بن السائب إلى مكة و المغيرة ابن شهاب إلى الشام و عامر بن عبد قيس إلى البصرة و أبا عبد الرحمن السلمي إلى الكوفة، فكان كل واحد من هؤلاء العلماء يقرئ أهل مصره بما تعلمه من القراءات الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بطريق التواتر التي يحتملها المصحف، دون الثابتة بطريق الآحاد و المنسوخة و إن كان يحتملها رسم المصحف.
فالمقصود من إرسال هؤلاء القراء مع المصاحف تقييد ما يحتمله الرسم من القراءات بالمنقول و الثابت منها عن طريق التواتر، فلو كانت القراءات مأخوذة من رسم المصحف و ساغ لكل إنسان أن يقرأ بكل قراءة يحتملها رسم المصحف سواء كانت ثابتة بالتواتر أم بطريق الآحاد أم كانت منسوخة أم لم يكن لها سند أصلا، لم تكن هناك حاجة إلى إرسال عالم مع المصحف .
فإذا كان القرآن يقرأ بهذه الوجوه من القراءة قبل الجمع البكري و الجمع العثماني بشهادة التاريخ، فكيف يجرأ هؤلاء المستشرقون على الجهر بهذه المغالطة و افتراء هذه الفرية التي ينسفها التاريخ نسفا و يجعلها متهافتة ظاهر زيفها و زورها؟

المطلب الثاني: تكذيب الأدلة النقلية لهذه الفرية:
نصوص كثيرة سواء من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم تدل دلالة قاطعة على أن مصدر القراءات إنما هو الوحي، و أنه لا دخل للنبي صلى الله عليه و سلم في هذه القراءات لا من قريب و لا من بعيد، و قد سبق ذكر بعضا من هذه النصوص، و قد أضيف قول الله تعالى :" و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسيرها:" أي: ما يقول قولا عن هوى وغرض، { إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى } أي: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملا موفَّرًا من غير زيادة ولا نقصان". فهذه الآية و غيرها تدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم لا يمكن أن يغير من القرآن شيء، و إذ كان الأمر كذلك فمن باب أولا ألا يستطيع من هو دونه من الصحابة و التابعين و من بعدهم أن يبدلوا و لو حرفا من هذا القرآن بما فيه من وجوه القراءات.
و قد تلقى النبي صلى الله عليه و سلم القرآن من جبريل عليه السلام مشافهة و سماعا، بل إنه صلى الله عليه و سلم كان في بداية الأمر يعجل بما يتلى عليه من القرآن خشية أن يفلت منه، حتى طمأنه ربه عز و جل بقوله:" لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه و قرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه"- القيامة:16-18-.
فإذا كان النبي صلى الله عليه و سلم أمر أن يتبع قرآنه أي قراءته فهذا يعني أنه لا دخل له في هذا القرآن بتغيير أو تبديل، بل يتلقاه كما نزل من عند الله تعالى بألفاظه و وجوه قراءاته.
كذلك الأحاديث التي وردت في نزول القرآن على سبعة أحرف،- و في بعضها استشهاد الصحابة بعضهم على بعض بقول الواحد منهم:" هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم"- تدل على أن هؤلاء الصحابة الكرام لم يكن لهم دخل في تلك القراءات،و أن مستندهم كان هو السماع من رسول الله صلى الله عليه و سلم لا غير، و لذلك استغرب عمر رضي الله عنه من قراءة هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه لما سمع قراءته فقال:" فإذا هو يقرأ على حروف لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم"، فهذا يدل دلالة قاطعة على أنه لم يكن لهم يد في تلك القراءات بل كان مرجعهم الوحيد هو التلقي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و إذا كان الأمر كذلك فكيف يدعي هؤلاء المستشرقون أن نشأة القراءات و تعددها كان بسبب خلو المصاحف من النقط و الشكل؟

المطلب الثالث: تكذيب العقل لهذه الفرية:
و تكذيب العقل لدعوى المستشرقين في أن نشأة القراءات و تعددها هو خلو المصاحف من النقط و الشكل، يظهر من أنه " لو لم تكن القراءات عن طريق الوحي لكان بعض القرآن من كلام البشر، و لم يكن كله وحيا منزلا من عند الله تعالى، و لو كان الأمر كذلك لذهبت أعظم خاصية من خصائص القرآن الكريم و هي الإعجاز، و لو ذهبت عنه صفة الإعجاز لم يكن للتحدي به وجه، و لم يكن لعجز العرب عن معارضته سر، حيث أن بعضه من وضع البشر، لكن الثابت أن فصحاء العرب عجزوا عن معارضته و الإتيان بمثله بل بأقصر سورة من سوره، و هذا دليل على أن جميع القراءات منزلة من عند الله تعالى نزل بها الأمين جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم" .
فمنطق العقل السليم من كل شبهة أو هوى يشهد أن القراءات إنما مصدرها التلقي، و ليس تجرد الكتابة أو خلو المصاحف من النقط و الإعجام هو السبب في نشأتها و تعددها كما يدعي المغرضون من المستشرقين و من تأثر بسموماتهم و أشرب أفكارهم فصار ينعق بما ينعقون و يطعن كما يطعنون.

المطلب الرابع: اضطراب المستشرقين المدعين لهذه الدعوى، جولد تسيهر نموذجا:
إن المتتبع لكلام بعض المستشرقين الذين ادعوا هذه الدعوى العارية عن الصواب، يلاحظ كثيرا من الاضطراب في عرض الموضوع، فتجد الواحد منهم يدافع عن أمر ثم يصرح بما يضاده، كما يلاحظ استدلالهم بالروايات الضعيفة و اعتمادهم على القراءات الشاذة الغير الثابتة،و افتراءهم للأكاذيب الواضحة.. و لنضرب مثالا ببعض ما جاء في كتاب " مذاهب التفسير الإسلامي" للمستشرق الحقود جولد تسيهر:
- مما جاء في كلام تسيهر:" هذا النص يعرض منذ أقدم عهود الإسلام في مواضع كثيرة قراءات معتمدة على الروايات الموثوق بها.."، يقول الدكتور عبد الحليم النجار معلقا:" انظر كيف يعترف جولد سيهر بوثوق الروايات، و إذا فهل يسع منصفا إلا الإذعان و الاقتناع بتعدد قراءات القرآن".
- قال تسيهر:" فبدلا من:" فتبينوا" قرأ جماعة من ثقات القراء:" فتثبتوا".
يقول الدكتور عبد الحليم النجار متعقبا:" يعترف جولد سيهر بأن من قرأ بذلك من ثقات القراء، و ثقات القراء هم أصحاب القراءات المتواترة، فهل بعد ذلك مجال لتوهم أن الخط يعتد به في ذلك؟"
- ومما ينتقد على المستشرقين و منهم تسيهر اعتمادهم على القراءات الشاذة، يقول الدكتور الذهبي منتقدا لجولد تسيهر:" وقد ساق الكاتب أمثلة كثيرة في كتابه، كلها من هذا القبيل ولهذا الغرض بدون أن يُفرِّق بين قراءة متواترة وقراءة شاذة، ولو أنه علم ما اشترطه المسلمون لصحة القراءة وقبولها من تواترها عن صاحب الرسالة. أو صحة السند وموافقة العربية وموافقة الرسم العثماني، لما صار إلى هذا الرأي الباطل".
- و من الآيات التي استدل بها تسيهر على مذهبه الباطل: قول الله تعالى:" و نادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم و ما كنتم تستكبرون"- الأعراف:48-، قال:" قرأ بعضهم بدلا من تستكبرون بالباء الموحدة تستكثرون بالثاء المثلثة.".
و قد علق الدكتور عبد الحليم النجار على هذا بقوله:" لم تعتمد هذه القراءة-أي تستكثرون- في القراءات السبع و لا الأربع عشرة، بل هي منكرة و لا يعرف على وجه التحديد من قرأ بذلك، و حسبك هذا دليلا على أن الخط لم يكن هو المعتمد في صحة القراءة".
- و من الآيات التي استدل بها تسيهر كذلك قوله تعالى:" و ما كان استغفار ابر هيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه" بالياء المثناة التحتية، قال سيهر: و في قراءة..:" أباه" بالباء الموحدة.
و هذه القراءة-أباه- كما يقول الدكتور عبد الحليم النجار قراءة منكرة بالاتفاق، فليست من السبعة و لا الأربع عشرة، و لو كان مجرد الخط كافيا لاعتمدت.
- مما جاء في كلام الحقود تسيهر:" و هذا ينطبق في الواقع على ما جاء في سفر الخروج فصل 32 فصلة 27، الذي هو مصدر الكلمات القرآنية...".
و هذا تقول بالباطل على القرآن، بل إن مصدر القرآن هو اللوح المحفوظ ، كما قال جل و علا:" و إنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم" - الزخرف:4-، و كما قال جل جلاله:" وإنه لقرآن كريم في كتاب مكنون"- الواقعة:77-78-.
و يقول الدكتور عبد الحليم النجار في رده على دعوى هذا المستشرق التي يقول فيها:" و ترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات إلى خصوصية الخط العربي..":" " لم يكن الخط العربي سببا في اختلاف القراءات، بل كان مساعدا على استيعاب القراءات الصحيحة بحالته التي كان عليها عند كتابة المصاحف العثمانية من إهمال النقط و الشكل..فليست العبرة بالخط و إلا لاعتمدت قراءات يسمح الخط بها كقراءة حماد و كقراءة ابن شنبوذة و غيره..".

يتبع إن شاء الله تعالى.
 
بورك مجهودك أخي الكريم ناصر عبد الغفور.
ويمكن إضافة جانب آخر إلى ما ذكرته في
تكذيب العقل لدعواهم، وهو أنه لو كان للشكل حظّ من تنوع القراءات لما كانت محدودةً في ما انتهت إليه من السبع أو العشر أو الأربعة عشرة، لاحتمال الخط والشكل ما لا حصر له من الأوجه. والله أعلم.
تنبيه: وقع في مقالكم أخي ناصر بعض اللحن غير المقصود أظنه، فإن شئت راجعتَه:
ويجعلها متهافتة ظاهر زيفها - الصحيح: ظاهراً زيفها..
وقد سبق ذكر بعضا من هذه - الصحيح: ذكر بعضٍ من..
القراءات الشاذة الغير الثابتة - الصحيح: غير الثابتة..
والله أعلم.
 
استأذنكم في كلمة
صاحب العنوان يقول أنه يرد على المستشرقين في أن تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام والشكل
ونحن نعلم طبعاً أن القرآن منقول بالصوت قبل أن يُنقل بالكتابة، بمعنى أن الرسول ينطق القرآن - بأي رواية كانت - ثم يكتبها كتبة الوحي وليس العكس
لكن ماذا تقولون في كلام ابن الجزري في النشر في القراءات العشر وهو يتكلم عن المصاحف التي كُتِبَت باللجنة التي تحت إشراف زيد بن ثابت في عهد عثمان رضي الله عنهما :
" وجُرِّدَت هذه المصاحف جميعها من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط ."

السؤال لابن الجزري: وهل كان النقط أو الشكل معروفاً وقت عثمان رضي الله عنه ؟
ألم نتعلم أن النقط كان من الحجاج الثقفي يعني أيام الدولة الأموية وليس الخلافة الراشدة ؟
 
" وجُرِّدَت هذه المصاحف جميعها من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط ."
بالفعل الأمر لافت ... إذ يبدو أنه كان هناك نقط في المصاحف الأولى ثم وقع تجريده في مصاحف عثمان ... ثم جرت عودة للنقط والشكل مع تطوير وتعديل .. هل ثمة أخبار تؤكد أو تنفي ذلك؟
 
يتساءل اليد المحترم طارق مصطفى حميدة :
إذ يبدو أنه كان هناك نقط في المصاحف الأولى ثم وقع تجريده في مصاحف عثمان ... ثم جرت عودة للنقط والشكل مع تطوير وتعديل .. هل ثمة أخبار تؤكد أو تنفي ذلك؟

لسنا في حاجة إلى "أخبار" ، بل إلى المصاحف المخطوطة والفحص فيها وإلى الدراسة الدقيقة فيها .
على سبيل المثال :

Corpus Coranicum
أيضا :
Corpus Coranicum
وأيضا :
Corpus Coranicum
وأيضا :
Corpus Coranicum
وغيرها كثيرة جدا .... وتقريبا لا نهاية لها...
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
لكن أخي ليس كل أحد مؤهل للبحث في المصاحف المخطوطة و دراستها، و الأخبار إن صحت أخذ بها.
و الله أعلم و أحكم.
 
ناصر عبد الغفور :
كلامك صحيح .

لكن : إن كان الأمر كما تقول ، فلا يجوز أن تقوم الحكم على من أعلى منك وعلى من يجمع بعناية كبيرة هذه المخطوطات العتيقة ويفسرها ويعرضها ويحللها بالأسالبيب الفيلولوجية ( ولا الدينية!) .
الأخبار في هذا المكان ليست أصلا ، الأصل هو المخطوط الأصلي وهو سابق على تلك الأخبار زمنا !
دمت بخير
 
الأستاذ الفاضل موراني:
نعم الأساس هو المصاحف المخطوطة وهي متواترة ومجمع عليها، لكن الشاطبي يتحدث عن تجريد لها من النقط ومن هنا سألنا عن إمكانية وجود أخبار قوية تؤكد أو تنفي، وهل وهم الشاطبي أم وهمنا نحن في نقل عبارته أو فهمها؟ وهل قصد الشاطبي بالتجريد الإزالة بعد الوجود أم عدم الوجود ابتداءً؟
وتبقى الأولوية للمصاحف حتى يثبت بدليل قوي ما قاله الشاطبي سيما وهو يتحدث عما قبل جمع المصاحف وتوزيعها حيث لم يبق إلا الرسمي المجمع عليه ... وهل كانت عمليات النقط والشكل التالية إعادة لما كان سابقاً مع تطوير وتعديل أم كانت إبداعا وتجديداً حقيقيين؟
 
رسالتي إلى موراني:
قولك:"إن كان الأمر كما تقول ، فلا يجوز أن تقوم الحكم على من أعلى منك"
أقول ما مقصودك بمن هو "أعلى مني"، إن كان مرادك أنت، فأدعوك إلى التواضع و عدم الاغترار، و اعلم أنه مهما حصلت من العلم و من الشواهد العلمية، فإنك تبقى و تظل داخلا في قول البارئ سبحانه:" و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا" و قوله جل في علاه:" و فوق كل ذي علم عليم" و أنصحك بقراءة قصة موسى و الخضر عليهما السلام ففيها عبر لمن يعتبر، و أختم بكلام الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم:"
و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".
 
بالنسبة للأخ طارق مصطفى فلعلك أردت ابن الجزري و ليس الشاطبي، فالكلام عن الأول و ليس الثاني، يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى في النشر:" ثُمَّ إِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمَّا كَتَبُوا تِلْكَ الْمَصَاحِفَ جَرَّدُوهَا مِنَ النُّقَطِ وَالشَّكْلِ لِيَحْتَمِلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ مِمَّا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِنَّمَا أَخْلَوُا الْمَصَاحِفَ مِنَ النُّقَطِ وَالشَّكْلِ لِتَكُونَ دِلَالَةُ الْخَطِّ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا اللَّفْظَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ الْمَسْمُوعَيْنِ الْمَتْلُوَّيْنِ شَبِيهَةً بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْقُولَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - تَلَقَّوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَبْلِيغِهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ جَمِيعًا ، وَلَمْ يَكُونُوا لِيُسْقِطُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ الثَّابِتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَمْنَعُوا مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ ." اهـ
و جزاك الله خيرا.
 
ناصر عبد الغفور ،
ربما تقرأ تعليقي البسيط على سلسلة رسائلك الطويلة مرة أخرى بدقة وربما تتجنب السطحية عند القراءة .

قلت: فلا يجوز أن تقوم بالحكم [ اضافة : ب] على من أعلى منك وعلى من يجمع بعناية كبيرة هذه المخطوطات العتيقة...
أنا لم أقصد نفسي، لأنني لم أتدخل في القضية ، بل أقصد نقدك المستشرقين عامة وفي الرسالة الأخيرة جولزيحير خاصة . وهم جميعا أعلى مني أيضا . أنظر على جمع المتخصصين المصاحف المخطوطة لأنها هي الأصل وكلام المتأخرين في الموضوع شيء آخر تماما . المصاحف المخطوطة من القرن الأول والثاني أولى : قراءةً ورسمًا : هي المنطلق في البحث (عند المستشرقين على الأقل).
خلاصة القول : لا تدعوني إلى التواضع ولا إلى غير ذلك بسبب سرعة قراءتك لما كتبته أنا ! ولك الشكر .

دمت بخير
 
لفتني الأخ الفاضل الأستاذ ناصر عبد الغفور إلى ذكر اسم الشاطبي خطأ بدلاً من ابن الجزري في التعليق السابق ولذلك اقتضى التنويه وجزاه الله خيراً
 
إلى موراني:
تصريحك بأن المقصود بمن هم أعلى مني "المستشرقون" مرفوض غير مقبول، و ذلك من عدة وجوه:
- من الناحية الدينية - و ربما لن تستسيغ ما سأقول- يقول تعالى:" و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين" و يقول جل في علاه:" و أنتم الأعلون " ...فأنا أعتز بديني و لا أعتقد أن من ينتسب لغير الإسلام الذي لم يرتض الله دينا غيره أعلى مني أو من أي مسلم.
- من الناحية التي نحن بصددها، تزعم أن المستشرقين بذلوا الجهود الكبيرة في جمع المخطوطات..، و هذا لا أخالفك فيه فهم فعلا بذلوا جهودا عظيمة سواء في جمع المخطوطات أو الفهرسة و خدموا التراث الإسلامي خدمة لا تنكر، لكن هل تظن أننا مغفلين و أننا نعتقد أنهم فعوا ذلك حبا في عيون المسلمين و رغبة في نفعهم، كلا إن الإستشراق ما أسس إلا لخدمة الغرب و تسهيل سيطرته على دول الإسلام فهو لا ريب كما عبر عنه بعض الأفاضل:" أحد أجنحة المكر الثلاث" أقصد التنصير و الاستعمار و الاستشراق.
- ....
 
كما سبق لي أن قلت : لا أتدخل في القضايا العقائدية إلا أنني أتساءل هذه المرة:
أهكذا تضع الآية والجملة الحالية فيها : { و أنتم الأعلون } (سورة آل عمران ، الآية ١٣٩ ) إلى غير موضعها في الاستنباط؟ عليك بالعودة إلى كتب التفسير .
ودمت بخير
 
الآية و إن كانت نازلة بخصوص موقعة أحد، لكن كما هو معلوم "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، فالعلو المذكور في الآية الكريمة و إن كان المقصود به أول الأمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين شهدوا أحدا، لكن يشمل كل مسلم انقاد لله و كان عبدا لله فلا ريب أنه مستعل بإيمانه و عبوديته لرب الأرض و السماء، و هذا الأمر لا يحتاج إلا دليل و إلا فالنصوص في ذلك طافحة، و لا بأس أن أذكر بواحدة منها و هي قوله تعالى:" و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا.."، قال تعالى:"على" و لم يقول:"في" و ذلك لإفادة علوهم و استعلائهم بعبوديتهم و إيمانهم...
و الكلام في هذا يطول و حسبي هذه الإشارة.
 
عودة
أعلى