ناصر عبد الغفور
Member
بسم1
المبحث الثاني: تعريف القراء:
المطلب الأول: تعريف القراء لغة:
القراء جمع قارئ، و هو اسم فاعل من قرأ.
المطلب الثاني: تعريف القراء في الاصطلاح:
يطلق لفظ القارئ في الاصطلاح على إمام من الأئمة المعروفين الذين تنسب إليهم القراءات المشهورة.
الفصل الثاني: شروط القراءة الصحيحة:
كما هو معلوم فإن القراءات أقسام منها الصحيحة التي يقرأ بها، و غير الصحيحة و هي الشاذة التي لا يجوز القراءة بها على أنها قرآن متعبد بتلاوته، و قد وضع أهل العلم شروطا لصحة القراءة، و من أحسن من تكلم في هذا الباب أحد كبار أئمة هذا الشأن الإمام أبو الخير الجزري رحمه الله تعالى، قال في كتابه النشر في القراءات العشر: " كل قراءة وافقت العربية و لو بوجه و وافقت أحد المصاحف العثمانية و لو احتمالا و صح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها و لا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين. و متى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عن من هو أكبر منهم" .(1)
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة:" كل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب فهي قراءة صحيحة معتبرة فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة" . (2)
و قال كذلك: " لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في ذلك الضابط وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم" .(3)
إذن فالقراءة الصحيحة المعتبرة هي التي تحققت فيها ثلاثة شروط: صحة السند- أي تواتره-، موافقة اللغة العربية و موافقة الرسم، و هذا ما سأبينه عبر مباحث ثلاث:
المبحث الأول: صحة السند و تواتره:
و المراد بذلك أن يرويها العدل الضابط عن مثله و تكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم.
المبحث الثاني: موافقة اللغة العربية.
موافقة اللغة العربية و لو بوجه، سواء كان فصيحا أم أفصح، لأن العبرة في القراءات السند و النقل، فلا تأخذ القراءة من اللغة بل العبرة بالنقل كما قال الإمام أبو عمر الداني:" و أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل، و الرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية و لا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها و المصير إليها" . (4)
و من الأمثلة على ذلك قوله تعالى:" و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام"-النساء:1-، قرأها الجمهور بالنصب و قرءها حمزة بالكسر- بالعطف على الهاء في "به"، و هذا ما لم يقبله بعض النحويين لعدم موافقته لقوانين اللغة في زعمهم و منهم المبرد، لكن رد عليهم أئمة القراءات بما يكفي و يشفي، و من هؤلاء صاحب حجة القراءات حيث قال:" و قد أنكروا هذا و ليس بمنكر لأن الأئمة أسندوا قراءاتهم إلى النبي صلى الله عليه و سلم، و أنكروا أيضا أن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور إلا بإظهار الخافض، و ليس بمنكر و إنما المنكر أن يعطف الظاهر على المضمر الذي لم يجر له ذكر.." و قد نقل هذا الكلام عنه صاحب كتاب الشامل في القراءات العشر، ثم قال:" هذا و قد شنع بعض النحويين على حمزة في قراءته هذه لكنهم أخطئوا فحمزة رضي الله عنه لم يقرأ من عنده و إنما أخذ القرآن بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو لم يقرأ وحده بهذه بل شاركه فيها من غير السبعة ابن مسعود و ابن عباس رضي الله عنهم و غيرهما" . (5)
المبحث الثالث: موافقة الرسم:
موافقة خط المصحف و لو احتمالا، أي و لو تقديرا، لأن موافقة الرسم كما يقول الإمام ابن الجزري تكون تحقيقا و هو الموافقة الصريحة و تكون تقديرا و هو الموافقة احتمالا، مثاله قوله تعالى:" ملك يوم الدين"و "مالك يوم الدين".
و قد نظم ابن الجزري رحمه الله تعالى هذه الشروط الثلاثة في طيبة النشر، فقال:
و كل ما وافق وجه النحو و كان للرسم احتمالا يحوي
و صح إسنادا هو القرآن فهذه الثلاثة الأركـــــــــــان
و حيثما يختل ركن أثبت شذوذه لو أنه في السبعـــــــة
و يجب التنبيه إلى أنه و إن اكتفى أكثر أهل العلم بالقراءات بصحة السند دون التواتر فذلك لأن هذه الشروط الثلاثة إنما هي ضابط و ليست تعريفا و كما يقال فإنه يغتفر في الضابط ما لا يغتفر في التعريف، فمسألة التواتر أصلا هي شرط في القرآن ككل بغض النظر عن القراءات فهو الكتاب الذي وصل إلينا بأقصى درجات التواتر جيلا عن جيل من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى وقتنا هذا بل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، سيظل منقولا بالتواتر، فقد قيض الله تعالى له من يحفظه و يقرأه ممن لا يحصي عددهم إلا هو سبحانه، و لا ريب أن ذلك يندرج في وعده جل و علا بحفظ هذا القرن العظيم :" إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون"- الحجر:9-.
يتبع إن شاء الله تعالى.
-------------------------
(1)- النشر في القراءات العشر:1/9.
(2)- المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز:1/172.
(3)- المرشد الوجيز:1/174.
(4)- قواعد التفسير جمعا و دراسة:95/1.
(5)- الشامل في القراءات العشر لغة و تفسيرا و أسرارا:132.
القول الفصل في دعوى المستشرقين بأن تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام و الشكل-2-
المبحث الثاني: تعريف القراء:
المطلب الأول: تعريف القراء لغة:
القراء جمع قارئ، و هو اسم فاعل من قرأ.
المطلب الثاني: تعريف القراء في الاصطلاح:
يطلق لفظ القارئ في الاصطلاح على إمام من الأئمة المعروفين الذين تنسب إليهم القراءات المشهورة.
الفصل الثاني: شروط القراءة الصحيحة:
كما هو معلوم فإن القراءات أقسام منها الصحيحة التي يقرأ بها، و غير الصحيحة و هي الشاذة التي لا يجوز القراءة بها على أنها قرآن متعبد بتلاوته، و قد وضع أهل العلم شروطا لصحة القراءة، و من أحسن من تكلم في هذا الباب أحد كبار أئمة هذا الشأن الإمام أبو الخير الجزري رحمه الله تعالى، قال في كتابه النشر في القراءات العشر: " كل قراءة وافقت العربية و لو بوجه و وافقت أحد المصاحف العثمانية و لو احتمالا و صح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها و لا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين. و متى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عن من هو أكبر منهم" .(1)
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة:" كل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب فهي قراءة صحيحة معتبرة فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة" . (2)
و قال كذلك: " لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في ذلك الضابط وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم" .(3)
إذن فالقراءة الصحيحة المعتبرة هي التي تحققت فيها ثلاثة شروط: صحة السند- أي تواتره-، موافقة اللغة العربية و موافقة الرسم، و هذا ما سأبينه عبر مباحث ثلاث:
المبحث الأول: صحة السند و تواتره:
و المراد بذلك أن يرويها العدل الضابط عن مثله و تكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم.
المبحث الثاني: موافقة اللغة العربية.
موافقة اللغة العربية و لو بوجه، سواء كان فصيحا أم أفصح، لأن العبرة في القراءات السند و النقل، فلا تأخذ القراءة من اللغة بل العبرة بالنقل كما قال الإمام أبو عمر الداني:" و أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل، و الرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية و لا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها و المصير إليها" . (4)
و من الأمثلة على ذلك قوله تعالى:" و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام"-النساء:1-، قرأها الجمهور بالنصب و قرءها حمزة بالكسر- بالعطف على الهاء في "به"، و هذا ما لم يقبله بعض النحويين لعدم موافقته لقوانين اللغة في زعمهم و منهم المبرد، لكن رد عليهم أئمة القراءات بما يكفي و يشفي، و من هؤلاء صاحب حجة القراءات حيث قال:" و قد أنكروا هذا و ليس بمنكر لأن الأئمة أسندوا قراءاتهم إلى النبي صلى الله عليه و سلم، و أنكروا أيضا أن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور إلا بإظهار الخافض، و ليس بمنكر و إنما المنكر أن يعطف الظاهر على المضمر الذي لم يجر له ذكر.." و قد نقل هذا الكلام عنه صاحب كتاب الشامل في القراءات العشر، ثم قال:" هذا و قد شنع بعض النحويين على حمزة في قراءته هذه لكنهم أخطئوا فحمزة رضي الله عنه لم يقرأ من عنده و إنما أخذ القرآن بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو لم يقرأ وحده بهذه بل شاركه فيها من غير السبعة ابن مسعود و ابن عباس رضي الله عنهم و غيرهما" . (5)
المبحث الثالث: موافقة الرسم:
موافقة خط المصحف و لو احتمالا، أي و لو تقديرا، لأن موافقة الرسم كما يقول الإمام ابن الجزري تكون تحقيقا و هو الموافقة الصريحة و تكون تقديرا و هو الموافقة احتمالا، مثاله قوله تعالى:" ملك يوم الدين"و "مالك يوم الدين".
و قد نظم ابن الجزري رحمه الله تعالى هذه الشروط الثلاثة في طيبة النشر، فقال:
و كل ما وافق وجه النحو و كان للرسم احتمالا يحوي
و صح إسنادا هو القرآن فهذه الثلاثة الأركـــــــــــان
و حيثما يختل ركن أثبت شذوذه لو أنه في السبعـــــــة
و يجب التنبيه إلى أنه و إن اكتفى أكثر أهل العلم بالقراءات بصحة السند دون التواتر فذلك لأن هذه الشروط الثلاثة إنما هي ضابط و ليست تعريفا و كما يقال فإنه يغتفر في الضابط ما لا يغتفر في التعريف، فمسألة التواتر أصلا هي شرط في القرآن ككل بغض النظر عن القراءات فهو الكتاب الذي وصل إلينا بأقصى درجات التواتر جيلا عن جيل من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى وقتنا هذا بل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، سيظل منقولا بالتواتر، فقد قيض الله تعالى له من يحفظه و يقرأه ممن لا يحصي عددهم إلا هو سبحانه، و لا ريب أن ذلك يندرج في وعده جل و علا بحفظ هذا القرن العظيم :" إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون"- الحجر:9-.
يتبع إن شاء الله تعالى.
-------------------------
(1)- النشر في القراءات العشر:1/9.
(2)- المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز:1/172.
(3)- المرشد الوجيز:1/174.
(4)- قواعد التفسير جمعا و دراسة:95/1.
(5)- الشامل في القراءات العشر لغة و تفسيرا و أسرارا:132.