السلام عليكم ورحمة الله
لقد اختلف المفسرون في المراد بالمحروم على أقوال
- المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم وهو قول ابن عباس
- المتعفف الذي لا يسأل الله الناس شيئا واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ، قالوا فمن المسكين يا رسول الله قال : ( الذي لا يجد غنى ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه ، فذلك المحروم )
- وقيل الذي لا سهم له في الغنيمة
- وقيل هو الذي لا ينمى له مال.
- وقيل هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه
- قيل هو الكلب
- وقال ابن جرير هو أنه الذي قد حرم الرزق فاحتاج ،وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره فصار ممن حرمه الله ذلك ، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسأله ، وقد يكون بألا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة ، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن يعم كما قال تعالى ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )
وقال بهذا القول القرطبي ومعظم المفسرين
السؤال : المعروف أنه إذا ثبت نص فلا يلجأ إلى غيره وقد صح الحديث بأنه المتعفف. فهل يمكن بأن يقال أن اختيار ابن جرير في هذا المسألة هو الراجح ، مع ثبوت الحديث في أحد المعاني وهو المتعفف؟ أي هل يقدم العموم على النص أو يكون الراجح ما صح فيه الدليل إذا كان أحد الأقوال؟
اخي أبو عمر
يظهر ان هذه الزيادة مدرجة من كلام الزهري ، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه هذا الحديث ، فقال: ( أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتين ، بب والاكلة والاكلتين ، ولكن المسكين الذي لا يسأل ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه .
قال معمر : وقال الزهري : فذلك المحروم ) .
وكذا ورد في سنن أبي داوود ، قال : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالْأَكْلَةُ وَالْأَكْلَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَا يَفْطِنُونَ بِهِ فَيُعْطُونَهُ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو كَامِلٍ الْمَعْنَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الْمُتَعَفِّفُ زَادَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يُعْلَمُ بِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَذَاكَ الْمَحْرُومُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَجَعَلَا الْمَحْرُومَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ أَصَحُّ .
كذلك في مسند احمد ، قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ قَالُوا فَمَنْ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى وَلَا يَعْلَمُ النَّاسُ بِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ هُوَ الْمَحْرُومُ
وهذا يبين عن ان تلك الزيادة من كلام الزهري ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
وأفضل من تكلم عن هذه الآية ابن عطية الأندلسي ، ولقد حلَّق في الكلام ، وأتى بما هو مهم لمن أراد معرفة التعامل مع عبارات المفسرين في مثل هذا الاختلاف ، فقال : ( ختلف الناس في { المحروم } اختلافاً ، هو عندي تخليط من المتأخرين ، إذ المعنى واحد ، وإنما عبرعلماء السلف في ذلك بعبارات على جهة المثالات فجعلها المتأخرون أقوالاً وحصرها مكي ثمانية .
و : { المحروم } هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله حرمان وفاقة ، وهو مع ذلك لا يسأل ، فهذا هو الذي له حق في أموال الأغنياء كما للسائل حق ، قال الشعبي : أعياني أن أعلم ما { المحروم } ؟ وقال ابن عباس : { المحروم } : المعارف الذي ليس له في الإسلام سهم مال ، فهو ذو الحرفة المحدود . وقال أبو قلابة : جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : هذا { المحروم } . وقال زيد بن أسلم : هو الذي أجيحت ثمرته من المحرومين ، والمعنى الجامع لهذه الأقوال أنه الذي لا مال له لحرمان أصابه ، وإلا فالذي أجيحت ثمرته وله مال كثير غيرها فليس في هذه الآية بإجماع )