القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة .

إنضم
03/09/2008
المشاركات
389
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله،والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة
أولا: مفهوم القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة:
يقصد بمفهوم القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة هو أنها تضمنت: مقاصد القرآن ولذلك كان من أسمائها‏:‏ أم القرآن وأم الكتاب والأساس فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال قال الحسن البصري‏:‏ إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن في المفصل ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ، وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله وعلى التعبد والأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور.
قال الطيبي‏‏:‏ وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة فإِنها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلاً فإنها واقعة في مطلع التنزيل والبلاغة فيه‏:‏ أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق.
وقال الغزالي في ‏ «‏خواص القرآن‏» ‏‏:‏ مقاصد القرآن ستة ثلاثة مهمة وثلاثة تتمة الأولى‏:‏ تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه بقوله‏:‏ ‏ ( ‏مالكِ يومِ الدين‏» ‏ والأخرى‏:‏ تعريف أحوال المطيعين كما أشار إليه بقوله ‏ ( ‏الذينَ أَنعمتَ عَليهِم‏» ‏ وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله‏:‏ ‏ ( ‏إِياكَ نَعبُدُ وإِياكَ نَستَعين‏ ).[1]
ذكر ابن جزي الفائدة العشرين من فوائد تفسير سورة الفاتحة: "هذه السورة جمعت معاني القرآن العظيم كله فكأنها نسخة مختصرة منه فتأملها بعد تحصيل الباب السادس من المقدمة الأولى تعلم ذلك في الألوهية حاصلا في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والدار الآخرة في قوله مالك يوم الدين والعبادات كلها من الاعتقادات والأحكام التي تقتضيها الأوامر والنواهي في قوله إياك نعبد والشريعة كلها في قوله الصراط المستقيم والأنبياء وغيرهم في قوله الذين أنعمت عليهم وذكر طوائف الكفار في قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين."[2]
إن في هذه السورة من كليات العقيدة الإسلامية ، وكليات التصور الإسلامي ، وكليات المشاعر والتوجيهات ، ما يشير إلى طرف من حكمة اختيارها للتكرار في كل ركعة ، وحكمة بطلان كل صلاة لا تذكر فيها . .[3]
ثانيا: القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة:
* قاعدة الإعجاز التربوي في التعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
يعلمنا- جل جلاله- الاستعاذة به من الشطان الرجيم، وهو نوع عظيم من التربية القرآنية؛ لكي نتغلب على هذا العدو الذي لا نراه، فمن استعاذ بالله صادقا أعاذه فعليك بالصدق ألا ترى امرأة عمران لما أعاذت مريم وذريتها عصمها الله.ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مولود إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا إلا ابن مريم وأمه.والشيطان عدو حذر الله منه ؛ إذ لا مطمع في زوال علة عداوته وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم فيأمره أولا بالكفر ويشككه في الإيمان فإن قدر عليه وإلا أمره بالمعاصي فإن أطاعه وإلا ثبطه عن الطاعة فإن سلم من ذلك أفسدها عليه بالرياء والعجب.
القواطع عن الله أربعة: الشيطان والنفس والدنيا والخلق، فعلاج الشيطان الاستعاذة والمخالفة له، وعلاج النفس بالقهر، وعلاج الدنيا بالزهد، وعلاج الخلق بالانقباض والعزلة.[4]
وفي هذا إعجاز تربوي لم تشر إليه أي تربية بشرية من قبل، ولا يخفى ما فيه من فوائد تريح النفس من وساوس هذا الشيطان البغيض، والذي ربما تنكره التربية الحديثة أو لا تؤمن به أصلا.
* قاعدة الإعجاز التربوي في البسملة:
قال الإمام الطبري في المدلول التربوي لهذه الآية: (( إنّ الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أدّب نبيه محمدا r بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله , و تقدّم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته , وجعل ما أدّبه به من ذلك وعلمه إياه , منه لجميع خلقه سنة يستنون بها , وسبيلا يتبعونه عليها , فيه افتتاح أوائل منطقهم , وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم )).
الابتداء ببسم الله هو الأدب التربوي الذي أدّب الله به هذه الأمة , ولذلك ندب الشرع إلى البدء بذكر الله في كل فعل وفي كل قول , وبذلك تكون أفعال المسلم وأقواله عبادة , وهذا ما يتفق مع التصور الإسلامي عن الإلهية , فالله هو الموجود الحق الذي يستمد منه كل موجود وجوده , فباسمه يكون كل ابتداء , وباسمه تكون كل حركة , وباسمه يكون كل قول.
ابتدأ نزول القرآن بقوله تعالى: ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ( (العلق:1)، واسم الله يذكره المسلم عند كل فعل , كالأكل والشرب والنحر والجماع والطهارة وركوب البحر، إلى غير ذلك من الأفعال , فقال تعالى: ) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا( (هود:41)، وقال تعالى: ) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( (النمل:30.
وقال رسول الله r : (( أغلق بابك واذكر اسم الله , وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله , وخمر إناءك واذكر اسم الله , وأوك سقاءك واذكر اسم الله ))(البخاري
وقال لعمر بن أبي سلمة: (( يا غلام , سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ))(البخاري.
وقال r : من لم يذبح فليذبح باسم الله ))(البخاري.
وقال r : (( ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله ))(ابن ماجة.
وإذا دخل المسلم الخلاء يقول: (( بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبَث والخبائث ))(مسلم
وتستحب التسمية في أول الوضوء، لقول رسول الله r : (( لا وضوء لمن يذكر اسم الله عليه ))(الترمذي.
وكذلك تستحب التسمية في أول الخطبة، لقول رسول الله r : (( كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله فهو أبتر ــ أو قال ــ فهو أقطع ))( لأحمد.
ومن الفوائد التربوية للبدء باسم الله أن هذا الأدب التربوي رادع عن المعصية في القول والعمل , إذ إنّ المسلم ليحس بالخجل من أن يبدأ فعله للمعصية باسم الله.[5]
* قاعدة الإعجاز التربوي في الرحمة:
تستغرق كل معاني الرحمة ومجالاتها وحالاتها , وذكرها بعد ( بسم الله ) معناه: استجلاب الرحمة الإلهية في كل حركة يقوم بها المسلم وفي كل قول يقوله المسلم , إذ لولا رحمة الله بالناس ما عرفوا طريق الطاعة من طريق المعصية , و لولا رحمة الله بالناس ما عرفوا كيف يعبدونه وما استطاعوا أن يفعلوا ذلك.
ويعلمنا الله تعالى ويربينا على الرحمة وهي واحدة من أجل الخصال التي يتميز بها أهل القرآن عمن سواهم من الناس، وهي من الخصال التي يريد أن يرسخها القرآن في أهله المؤمنين به ترسيخا عميقا، فأين هذه التربية العظيمة من التربية البشرية تربية الظلم والقهر والعدوان.[6]
* قاعدة الإعجاز التربوي في الحمد:
إنّ كلمة ) الحمد لله( هي الشعور الذي يجيش في قلب كل مؤمن على النعم التي أنعم الله بها على عباده , والتي لا يحصيها عدد. ومعنى قوله تعالى: ( الحمد لله ) أي: قولوا الحمد لله , ومن هنا يجب تربية المؤمن على أن يشكر الله في كل لحظة و في كل حركة و في كل كلمة وأمام كل نعمة من نعم الله عليه , ابتداء فيما خلق الله له من عينين وأذنين ولسان وشفتين , وانتهاء بما سخر الله له من هذا الكون الفسيح الذي يعج بالنعم , ومرورا بطعامه وشرابه ونومه واستيقاظه
, ففي صحيح مسلم أنّ رسول الله قال: (( إنّ الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها )) ( مسلم ).
والحمد لله هي كلمة كل شاكر , و إنّ آدم u قال حين عطس: الحمد لله , وقال الله لنوح u ) فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( (المؤمنون: من الآية28), وقال إبراهيم u ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ( (إبراهيم: من الآية39), وقال في قصة داود و سليمان ) وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ( (النمل: من الآية15), وقال لنبيه محمد r ) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً( (الإسراء:111)، وقال أهل الجنة ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ( (فاطر: من الآية34)، ) وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ( (يونس: من الآية10).
وفي سنن ابن ماجة عن ابن عمر t أنّ رسول الله r حدّثهم: (( أنّ عبدا من عباد الله قال : يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك, فعضّلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها، فصعدا إلى السماء وقالا: يا ربنا، إنّ عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها، قال الله عز وجل ــ وهو أعلم بما قال عبدُه ــ ماذا قال عبدي , قالا: يا رب إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك , فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي, حتى يلقاني فأجزيه بها ))(ابن ماجة.
الحمد أعم من الشكر لأن الشكر لا يكون إلا جزاء على نعمه والحمد يكون جزاء كالشكر ويكون ثناء ابتداء كما أن الشكر قد يكون أعم من الحمد لأن الحمد باللسان والشكر باللسان والقلب والجوارح فإذا فهمت عموم الحمد علمت أن قولك الحمد لله يقتضي الثناء عليه لما هو من الجلال والعظمة والواحدانية والعزة والإفضال والعلم والمقدرة والحكمة وغير ذلك من الصفات ويتضمن معاني أسمائه الحسنى التسعة والتسعين، ويقتضي شكره والثناء عليه بكل نعمة أعطى ورحمة أولى جميع خلقه في الآخرة والأولى. فيا لها من كلمة جمعت ما تضيق عنه المجلدات واتفق دون عدة عقول الخلائق، ويكفيك أن الله جعلها أول كتابه وآخر دعوى أهل الجنة، الشكر باللسان هو الثناء على المنعم والتحدث بالنعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التحدث بالنعم شكر، والشكر بالجوارح هو العمل بطاعة الله وترك معاصيه، والشكر بالقلب هو معرفة مقدار النعمة والعلم بأنها من الله وحده، والعلم بأنها تفضل لا باستحقاق العبد واعلم أن النعم التي يجب الشكر عليها لا تحصى ولكنها تنحصر في ثلاثة أقسام نعم دنيوية كالعافية والمال ونعم دينية كالعلم والتقوى ونعم أخروية وهي جزاؤه بالثواب الكثير على العمل القليل في العمر القصير والناس في الشكر على مقامين منهم من يشكر على النعم الواصلة إليه خاصة، ومنهم من يشكر الله عن جميع خلقه على النعم الواصلة إلى جميعهم والشكر على ثلاث درجات فدرجات العوام الشكر على النعم ودرجة الخواص الشكر على النعم والنقم ،وعلى كل حال، ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن النعمة بمشاهدة المنعم قال رجل لإبراهيم بن أدهم: الفقراء إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا. ومن فضيلة الشكر أنه من صفات الحق ومن صفات الخلق فإن من أسماء الله الشاكر والشكور.[7]
ولعل ما في الحمد من تربية هو أنه لو لم يتعود الناس على الحمد والشكر ؛ لاستدعى ذلك أن ينكروا النعم.فمن شكر اعترف، ومن جحد أنكر.
* قاعدة الإعجاز التربوي في الإيمان بربوبية الله - جل جلاله- للعالمين:
كلمة الرب تطلق على المالك , وتطلق على المعبود , وتطلق على السيد , وتطلق على المربي . ولعل أهم ما في هذا المصطلح هو كونه مشتقا من التربية , فالرب هو المصلح والمدبر والجابر والقائم , يقال لمن قام بإصلاح شيء: قد ربّه فهو له رابّ , ومنه سُمّّي الربانيون لقيامهم بالكتب, وفي صحيح مسلم ومسند أحمد:
(هل لك عليه من نعمة تربها) (مسلم وأحمد)، أي: تقوم بها وتصلحها , والرب: هو المربي , ومنه قولهم : ربّ ولده، أي : رباه.
إنّ معنى قوله تعالى (رب العالمين) هو أنّ الله متصرف لتربية وإصلاح جميع الخلائق , وأنه لم يخلق هذا الكون ثم تركه هملا، بل يتصرف فيه بالإصلاح والتربية والرعاية , وهذه التربية والرعاية قائمة في كل وقت وفي كل حين , وبذلك يطمئن الإنسان إلى رعاية الله الدائمة والتي لا تنقطع أبدا ولا تغيب.
ومن رعاية الله لهذه الأمة أنه اختار لهم محمدا r فأدبه ورباه وجعله قدوة للمسلمين , فقال تعالى: ) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ( (الضحى : 6-11)، ورُوي عن رسول الله r أنه قال: (( أدّّبني ربي فأحسن تأديبي)(القرطبي.
ومن رعاية الله لهذه الأمة إنزال القرآن الذي هو كلامه، فكان دستورا لرعاية الله للمسلمين الأوائل, ومنهجا تربويا لكل المسلمين من بعدهم.
إنّ كون كلمة الرب ــ وهي اسم من أسماء الله تعالى ــ مشتقة من التربية ذو دلالة واضحة على أهمية هذا المنهج , أي: منهج التربية , فهو الطريق الذي سلكه الأنبياء مع الأمم التي أرسلوا إليها , وهو الطريق الذي يحتاجه المسلمون في كل زمان , وخاصة في هذا الزمان , فالإسلام لا يقوم بمجرد الدعوة إليه وإقبال الناس على أساس من تلك الدعوة , لا يقوم الإسلام ما لم يتربّ الناس في مدرسة الإسلام , و ذلك بأن يعرفوا تعاليم الإسلام ويمارسوا هذه التعاليم , فالتربية تقوم على ركنين أساسيين هما: العلم والعمل , و ربط العلم بالعمل هو جوهر العملية التربوية وأساسها.[8]
* قاعدة الإعجاز التربوي في الإيمان بصفات الله - جل جلاله:
الرحمن والرحيم: صيغ مبالغة مشتقة من الرحمة,وصفة (الرحمن الرحيم) تستغرق كل معاني الرحمة
وحالاتها ومجالاتها، والله تعالى وحده المختص باجتماع هاتين الصفتين، كما إنه المختص وحده بصفة الرحمن.
وفي مجيء قوله تعالى (الرحمن الرحيم) بعد قوله تعالى (رب العالمين) نلمح أمرين تربويين:
الأول) التأكيد على أنّ الصلة بين الخالق والمخلوق هي صلة الرحمة والرعاية , وهذه هي السمة البارزة في هذه الصلة , فالله تعالى لا يطارد عباده ولا يعاديهم ولا يدبّر لهم المكائد , وإنما هو ربٌ لهم، تعهدهم بالتربية والرعاية , وهو راحم لهم في الدنيا وفي الآخرة , قال عمر t : قدم على رسول الله r بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، تحلّب ثديها، حتى إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألزقته ببطنها، فأرضعته , فقال رسول الله r (( أترون هذه طارحة ولدها في النار؟))، قالوا: لا والله، قال: (( فالله أرحم بعباده من هذه بولدها ))(البخاري.
والثاني) إنّ وصف الله تعالى لنفسه بأنه ( رب العالمين)، أي: المالك المتصرف الذي بيده كل شيء، معناه: الترهيب , وإنّ وصف الله تعالى لنفسه بأنه ( الرحمن الرحيم) معناه: الترغيب , ومن هنا نجد أنّ النص القرآني قد قرن بين الترغيب والترهيب , فجمع بين صفة الرهبة من الله وصفة الرغبة في الله , ونقف هنا عند أهم الوسائل التربوية في القرآن وهي: الترغيب، والترهيب، والجمع بينهما.
هذه الوسائل التربوية الثلاثة نجدها في القرآن وفي مواضع كثيرة، كما نجدها في سنة رسول الله r وما نقل عنه من أحاديث , ومع أنّ وسائل القرآن في التربية متعددة و كثيرة، إلا أنّ هذه الوسائل الثلاثة لها مرتبة الصدارة بالنسبة لبقية الوسائل.
ومن الأمثلة على الوسيلة الأولى وهي الترغيب قوله تعالى مخاطبا المؤمنين: ) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( (التوبة:105).
ومن الأمثلة على الوسيلة الثانية وهي الترهيب قوله تعالى مخاطبا الناس: ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ( (البقرة:161ــ162).
ومن الأمثلة على القرن بين الترغيب والترهيب قوله تعالى: ) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ( (الحجر: 49-50)، وكذلك قوله تعالى: ) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ( (غافر: من الآية3)،وقول رسول الله r : (( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد, ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد)) ( مسلم.
* قاعدة الإعجاز التربوي في الإيمان بيوم الحساب:
يوم الدين: هو يوم الحساب والجزاء والعقاب في الآخرة , ولا يكون المؤمن بالله مؤمنا حقيقة ما لم يؤمن بيوم الدين , ولهذا الإيمان بيوم الدين آثاره التربوية في شخصية الإنسان، وهذه الآثار هي:
أولا): إنّ الإيمان باليوم الآخر وما فيه من العدالة الإلهية المطلقة، يبعث في نفس الإنسان الثقة والطمأنينة
بأنّ عمله لن يذهب سدى , وبأنّ جهده لن يكون هباء , وبأنه ما لم يكافأ على عمله في الدنيا فإنّ المكافأة قائمة يوم القيامة , وهذا ما يدفع الإنسان إلى العمل الصالح والعمل بطاعة الله واجتناب ما نهى الله عنه، بكل جهده من غير إهمال ولا تقصير.
ثانيا): تعليق أنظار الناس وقلوبهم بيوم الدين، يدفع الناس إلى التضحية بكل ما يملكون وبأعز ما يملكون لإقامة الحق والعدل , وللاستقامة على المنهاج الصحيح، لأنّ كل ذلك سيكون أمامهم يوم القيامة.
ثالثا) :لا تستقيم الحياة البشرية ولا تقوم حياة تليق بالإنسان وتحقق له السعادة ما لم يكن هناك إيمان باليوم الآخر.
وهذه الآية: تمثل الكلية الضخمة العميقة التأثير في الحياة البشرية كلها ، كلية الاعتقاد بالآخرة . . والملك أقصى درجات الاستيلاء والسيطرة . ويوم الدين هو يوم الجزاء في الآخرة . . وكثيراً ما اعتقد الناس بألوهية الله ، وخلقه للكون أول مرة؛ ولكنهم مع هذا لم يعتقدوا بيوم الجزاء . . والقرآن يقول عن بعض هؤلاء : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن : الله } ثم يحكي عنهم في موضع آخر : { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون : هذا شيء عجيب . أإذا متنا وكنا تراباً؟ ذلك رجع بعيد } والاعتقاد بيوم الدين كلية من كليات العقيدة الإسلامية ذات قيمة في تعليق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض؛ فلا تستبد بهم ضرورات الأرض . وعندئذ يملكون الاستعلاء على هذه الضرورات . ولا يستبد بهم القلق على تحقيق جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وفي مجال الأرض المحصور.
وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر. وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير. وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها ، وأن يضحي لنصرة الحق والخير معتمداً على العوض الذي يلقاه فيها . .
وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور ولا خلق ولا سلوك ولا عمل . فهما صنفان مختلفان من الخلق . وطبيعتان متميزتان لا تلتقيان في الأرض في عمل ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء . . وهذا هو مفرق الطريق . .[9]
* قاعدة الإعجاز التربوي في عبادة الله والاستعانة به وحده:
المعنى العام للعبادة هو الطاعة والاتباع , أي: إن كل عمل يقوم به المسلم هو عبادة إذا اقترن هذا العمل بالنية ما لم يكن هذا العمل معصية , وهذا هو المفهوم الأوسع للعبادة والطاعة , أما إقامة الشعائر التعبدية من صلاة وصوم وزكاة وحج فهي معنى خاص للعبادة , حيث وردت كلمة عبادة في القرآن في مائتين وخمسة وسبعين موضعا (275) , من بين هذه المواضع مائتان وسبعة وثلاثون موضعا (237) كانت العبادة فيها بالمعنى العام وهو الطاعة والاتباع , وثمانية وثلاثون موضعا (38) كانت العبادة فيها بالمعنى الخاص وهو إقامة الشعائر التعبدية.
والسؤال: ما هي الآثار التربوية للعبادة في شخصية الإنسان؟.
والجواب:
1- العبودية لله وحده تعني التحرر المطلق من كل عبودية لغير الله , وعلى هذا لا يكون الإنسان حرا ما لم يكن عبدا لله وحده، حيث يتحرر من عبودية الأوهام والخرافات , ويتحرر من عبودية النظم والأوضاع , وفي ظل العبودية لله وحده يولد الإنسان من جديد.
2- مقام العبودية مقام عظيم يشرف به الإنسان , والانتساب إلى الله لا يليق إلا بالأحرار من الناس , وقد سمّى الله رسوله r عبده) في أشرف مقاماته , فقال تعالى: ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ( (الكهف:1)، وقال تعالى: ) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً( (الإسراء:1) , فسماه عبدا عندما أنزل عليه الكتاب , وسماه عبدا عندما أسرى به , وسماه عبدا عند قيامه بالدعوة، فقال تعالى: ) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدا( (الجـن:19).
وقد أرشد الله رسوله r إلى القيام بالعبادة في الوقت الذي ضاق صدره من تكذيب المخالفين له، فقال تعالى: ) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( (الحجر: 97-99).
3- العبادة تنشئ الإنسان المستقيم بتطبيقه لتعاليم الله , والمتوازن الذي يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته , والذي يلبي حاجاته الجسدية كما يلبي حاجاته الروحية.
4- العبادة تربط القلب البشري بالله , وهذا هو مفرق الطريق بين المنهج التربوي الإسلامي وبين غيره من المناهج التربوية البشرية , التي تربط القلب البشري ببقعة من الأرض أو بفرد معين من الناس أو بأسطورة من الأساطير , وهذا الرابط يصبغ عمل الإنسان وفكره وشعوره بصبغة معينة. ومن هنا يتبين نموذج من الإعجاز التربوي للقرآن الكريم كما تقدم وكما سيأتي إن شاء الله.
5- العبادة تربي الإنسان على القوة، وعلى مقاومة الضعف البشري المتمثل بالأهواء البشرية التي خلقها الله في الإنسان , قال تعالى: ) وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً( (النساء: من الآية28), فالعبادة تعطي الإنسان قوة الضبط والاعتدال في مواجهة ما يجول بداخله من الأهواء والشهوات , إنها قوة التسامي على هذه الأهواء.
6- العبادة تزكي النفس البشرية وتطهرها وتشذبها , وما لم يحصل ذلك فإنّ الهدف من العبادة لم يتحقق , فإذا زكت النفس وسمت وتطهرت فاضت بالخير والبذل والتضحية على من حولها،وهذا هو الأثر الاجتماعي للعبادة.
7- ومن أخطر ما ابتليت به الأمة المسلمة ذلك الفصل بين العقيدة والعبادة , وكذلك الفصل بين العبادة وآثارها التربوية والاجتماعية، حيث تحولت العبادة إلى مجرد تجارة يكون هم العابد فيها الحصول على الحسنات، دون تطبيق للمضامين التربوية والاجتماعية لهذه العبادة.[10]
* قاعدة الإعجاز التربوي في الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم:
معنى هذه الآيات: وفقنا يا الله إلى الطريق المستقيم , طريق الذي أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وهو غير طريق المغضوب عليهم ــ الذين عرفوا الحق وحادوا عنه , وغير طريق الضالين ــ الذين لم يعرفوا الحق فهم هائمون في الضلالة.
ولنا مع الدعاء الوقفات التربوية التالية:
1 - الدعاء يعني الحاجة إلى الله ومن ثم اللجوء إليه , والناس محتاجون إلى الله لقوله تعالى: ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ( (فاطر:15).
2- الدعاء هو العبادة كما قال رسول الله r , وهو تعبير عن العبودية وترجمة عملية للإيمان , فالمؤمن حينما يلجأ إلى الله بالدعاء فهو يعبر عن عبوديته لله , قال تعالى: ) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ( (البقرة:186(
3- والدعاء سبيل إلى القوة الحقيقية , لأن المؤمن يدعو الله جل جلاله ليكون له سندا ومعينا وحافظا , ومن كان الله له سندا ومعينا وحافظا فهو حسبه وهو كافيه , ومن هنا نجد أنّ المؤمن لا يقف وحده , ولا يحس بالضياع والقلق والاضطراب والفراغ كما هو الحال في المجتمعات الملحدة , التي وكلها الله إلى نفسها , فكثرت فيها الأمراض النفسية والعقلية وتفشى فيها الانتحار خروجا من اليأس والقنوط والفراغ الروحي .
4- وفي الدعاء ضمان للنفس من الغفلة والنسيان والطغيان والاعتداء،ففي غفلة للنفس عن حقيقة عبوديتها لله قد تقدم على الطغيان والتجاوز.
* قاعدة الإعجاز التربوي في تكرار سورة الفاتحة في الصلاة:
يكرر المسلم هذه السورة سبع عشرة مرة في اليوم الواحد إذا هو صلى الفرائض فقط، لقول رسول الله r (( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )) ( البخاري ومسلم), وضعف ذلك إذا هو صلى السنن , وأضعاف ذلك إذا هو أراد أن يتنفّل في صلاته , فما هي الحكمة التربوية لظاهرة التكرار؟.
التكرار وسيلة تعليمية وتربوية في نفس الوقت , وعندما يوجب الإسلام على أتباعه تكرار نصوص معينة في كل يوم فمراده من ذلك أن تترسخ مفاهيم هذه النصوص في عقولهم وقلوبهم , وأن تنعكس هذه المفاهيم في سلوكهم وحركاتهم وأفعالهم , ومن خلال التكرار يحصل التنبه واليقظة إلى حقائق النصوص المكررة وأهدافها وغاياتها , وبالتالي تتمثل هذه الحقائق في شخصيته تمثلا دائما ومستمرا.[11]
وبعد فهذه هي السورة المختارة للتكرار في كل صلاة ، والتي لا تصح بدونها صلاة . وقد ورد في صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « يقول الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين . فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل . . إذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين . قال الله : حمدني عبدي . وإذا قال الرحمن الرحيم . قال الله أثنى عليّ عبدي . فإذا قال : مالك يوم الدين . قال الله : مجدني عبدي . وإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين . قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل » .
ولعل هذا الحديث الصحيح - بعدما تبين من سياق السورة ما تبين - يكشف عن سر من أسرار اختيار السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة؛ أو ما شاء الله أن يرددها كلما قام يدعوه في الصلاة . ."[12]
***
نقل باختصار من بحث:
الإعجاز التربوي للقرآن الكريم
في سورة الفاتحة
بحث طالب الدراسات العليا
عمر محمد أبوشعالة

[1] - ينظر: منتديات طلبة الكلية التقنية العليا- من أسرار ترتيب القرآن- متاح بتاريخ : 15-12-2007م على الموقع: http://hct-muscat.net/hct/index.php .

[2] - محمد بن جزي الكلبي- التسهيل لعلوم التنزيل- دار الكتاب العربي- بيروت- ط: 1983م.ص: 10-11.

[3] - سيد قطب- في ظلال القرآن- الناشر المكتبة الشاملة. ج 1 ص 1.

[4] - المرجع السابق. ص: 7.

[5] - محمد كمال المويل- التفسير التربوي للقرآن الكريم- متاح بتاريخ 25-12-2007م على الموقع: http://www.dkamalm.com .

[6] - أمير عبد العزيز- إعجاز القرآن . ص: 205. سبق ذكره.

[7] - - محمد بن جزي الكلبي- التسهيل لعلوم التنزيل ص: 8. سبق ذكره.

[8] - محمد كمال المويل- التفسير التربوي للقرآن الكريم سبق ذكره.

[9] - سيد قطب- في ظلال القرآن- الناشر المكتبة الشاملة. ج 1 ص 5.

[10] - محمد كمال المويل- التفسير التربوي للقرآن الكريم سبق ذكره.

[11] - ينظر المرجع السابق .

[12] - سيد قطب – في ظلال القرآن- ص: 7عن المكتبة الشاملة.سبق ذكره.
 
أحسنت أختي الكريمة وبارك الله فيك على عرض هذه القواعد التربوية
 
وجزاكم الله خير د. عصام ، وأختي إيمان ، وجزا الله الخير الكثير الباحث الكريم عمر فقد أجاد وأفاد.
 
ماشاء الله أحسن الله إليك
بالتوفيق دائما إن شاء الله
 
الحسن البصري

الحسن البصري

أختي أم عبد الله
ما شاء الله تبارك الله . موضوع ممتاز وعنوان ناجح . أبارك لك نفسك الطويل في النقل والاختصار حول هذا البحث الذي يخص أحد الطلاب المجتهدين .ولكن أختي فإن على الباحث أن يتوقف عند كل جملة بأخذها بغض النظر عن قائلها . إلا أن يكون رسول الله أو من صحابته . وبعد أن يتأكد أن الجملة ذات سند صحيح.فقد
ورد عن الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فاعرضوا عمله على الكتاب والسنة .
والآن لنرجع الى ما قمت بنقله من قول الحسن البصري ولنعرض ذلك على العقل والنقل لنتأكد من صحة الكلام المنقول: قال الحسن البصري‏:‏ إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن في المفصل ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
والآن يحق لنا أن نتسائل: هل هذه الرواية أولاً صحيحة وإن قائلها هو الحسن البصري؟؟ . وثانياً حتى ولو كان القائل الحسن البصري فهل معنى هذه الجملة صحيح؟ أريد أن أفهم . كيف أن الفاتحة تغني عن جميع الكتب المنزلة؟؟ ومن الذي أنزل الكتب المنزلة حتى نحط من قيمتها بهذا الشكل؟؟ وما أدرانا أصلاً أن الكتب المنزلة السابقة لم تكن تحوي سورة الفاتحة؟؟ هل أجمعت الأمة على العلم الذي كان منزلاً في الكتب السابقة ليعلموا أن الفاتحة أعظم نظماً وأدق تفصيلاً وأقوم قيلاً من الفاتحة . ؟ من الذي أتانا بعلم الكتب المنزلة وقرأها حتى يخبرنا بذلك الخبر؟؟ هل قال النبي عليه الصلاو السلام ذلك وأخبرنا بعلمه الذي يأتي من الله أن الفاتحة تغني عن علوم القرآن ناهيك عن علوم الكتب السابقة؟؟
ومن أجل أن نصل الى الحق وصحة تلك الجملة فسوف نتسائل أولاً : ما معنى علوم القرآن ؟
يقول العلماء أنها العلوم التي تخدم القرآن الكريم، من حيث معرفة أول ما نزل منه وآخر ما نزل، ومن حيث معرفة ما نزل منه قبل الهجرة وما نزل منه بعد الهجرة، ومن حيث معرفة أسباب نزول بعض آياته، ومن حيث معرفة جمعه وترتيبه وعدد آياته، وسوره، و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه ، وإعجازه ، و أمثاله ، و أقسامه ، و جدله ، و قصصه ، و تفسيره .. إلى غير ذلك من العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم يشمل كل علم خدم القرآن ، أو أُخذ من القرآن ، كعلم التفسير ، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم"الفقه الإسلامي"، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة وغير ذلك .
ولو تسائلنا الآن : هل فعلاً أن سورة الفاتحة تحوي كل هذه العلوم؟ هل صحيح أنها تحمل على الأقل مفاتح هذه العلوم ومقاصدها؟ كيف لي أن أعرف من الفاتحة كإشارة من إشاراتها علم الناسخ والمنسوخ والفقه على تنويعاته وعلم التجويد ؟ هل تشير الفاتحة وتلمح الى كل تلك العلوم؟؟
حسناً وماذا بشأن علوم الكتب السابقة التي لا نعلمها أصلاً ولا يعلم ما فيها إلا الله؟؟ هل يحق لمسلم أياً كان علمه أن يحكم على غائب .
الذي أريد أن أصله وأستفيد منه إن شاء الله . هو : أن الباحث يجب أن يكون دقيق الإختيار شديد الدقة فيما يأخذ عنه . ولا تأخذه بذلك عاطفة ولا انجراف . وإني أنتظر من الأخوة المؤصلين رداً على ذلك وبارك الله بعلمكم .وأشكر اختي الفاضلة ثانياً على ما قدمت وإني أعلم أنها ستتوقف متسائلة معي حول هذه المسألة التي نقلتها. وأخبرك يا أخت أم عبد الله أن الكثير ممن يشهد لهم العلم يقولون مثل هذا القول بدون أن يعرضوه على العقول أو النقول.
 
http://vb.tafsir.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3
* قاعدة الإعجاز التربوي في التعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
الذي أعرفه أن العلماء قد اختلفوا بالبسملة هل هي من الفاتحة أم لا . ولكن هل اختلفوا بأن الاستعاذة من الفاتحة أيضاً؟؟. لقد خصص الباحث قاعدة خاصة للاستعاذة وإن ذلك يوهم أن الاستعاذة من الفاتحة وخاصة أن البحث خصص فقط للفاتحة . لذلك اقتضي التنويه .
 
أختي أم عبد الله
وثانياً حتى ولو كان القائل الحسن البصري فهل معنى هذه الجملة صحيح؟ أريد أن أفهم .
كيف أن الفاتحة تغني عن جميع الكتب المنزلة؟؟
ومن الذي أنزل الكتب المنزلة حتى نحط من قيمتها بهذا الشكل؟؟
وما أدرانا أصلاً أن الكتب المنزلة السابقة لم تكن تحوي سورة الفاتحة؟؟ هل أجمعت الأمة على العلم الذي كان منزلاً في الكتب السابقة ليعلموا أن الفاتحة أعظم نظماً وأدق تفصيلاً وأقوم قيلاً من الفاتحة . ؟ من الذي أتانا بعلم الكتب المنزلة وقرأها حتى يخبرنا بذلك الخبر؟؟ هل قال النبي عليه الصلاو السلام ذلك وأخبرنا بعلمه الذي يأتي من الله أن الفاتحة تغني عن علوم القرآن ناهيك عن علوم الكتب السابقة؟؟
ومن أجل أن نصل الى الحق وصحة تلك الجملة فسوف نتسائل أولاً : ما معنى علوم القرآن ؟
يقول العلماء أنها العلوم التي تخدم القرآن الكريم، من حيث معرفة أول ما نزل منه وآخر ما نزل، ومن حيث معرفة ما نزل منه قبل الهجرة وما نزل منه بعد الهجرة، ومن حيث معرفة أسباب نزول بعض آياته، ومن حيث معرفة جمعه وترتيبه وعدد آياته، وسوره، و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه ، وإعجازه ، و أمثاله ، و أقسامه ، و جدله ، و قصصه ، و تفسيره .. إلى غير ذلك من العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم يشمل كل علم خدم القرآن ، أو أُخذ من القرآن ، كعلم التفسير ، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم"الفقه الإسلامي"، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة وغير ذلك .
ولو تسائلنا الآن : هل فعلاً أن سورة الفاتحة تحوي كل هذه العلوم؟ هل صحيح أنها تحمل على الأقل مفاتح هذه العلوم ومقاصدها؟ كيف لي أن أعرف من الفاتحة كإشارة من إشاراتها علم الناسخ والمنسوخ والفقه على تنويعاته وعلم التجويد ؟ هل تشير الفاتحة وتلمح الى كل تلك العلوم؟؟
حسناً وماذا بشأن علوم الكتب السابقة التي لا نعلمها أصلاً ولا يعلم ما فيها إلا الله؟؟ هل يحق لمسلم أياً كان علمه أن يحكم على غائب .
الذي أريد أن أصله وأستفيد منه إن شاء الله . هو : أن الباحث يجب أن يكون دقيق الإختيار شديد الدقة فيما يأخذ عنه . ولا تأخذه بذلك عاطفة ولا انجراف . وإني أنتظر من الأخوة المؤصلين رداً على ذلك وبارك الله بعلمكم .وأشكر اختي الفاضلة ثانياً على ما قدمت وإني أعلم أنها ستتوقف متسائلة معي حول هذه المسألة التي نقلتها. وأخبرك يا أخت أم عبد الله أن الكثير ممن يشهد لهم العلم يقولون مثل هذا القول بدون أن يعرضوه على العقول أو النقول.
أخي الكريم لن أقف لأتساءل معك فالأمر محسوم في وجهة نظري فما ورد عن الحسن البصري لا يعارض العقل ولا النقل .
فمعلوم فضل القرآن على الكتب السماوية وفضل أم الكتاب .
ولكن لكل إنسان وجهة نظر ، وأظن بإذن الله تعالى أنك سترجع لتفكر جيدا في ما قاله الحسن البصري وترى أهميته وفائدته .
والحمد لله لقد شارك قبلك الدكتور عصام العويد فلم يرى بأسا في ما كتب ، وبدوري أحيل السؤال إليه ، وبإمكانك أن تسأل الدكتور محمد الربيعة أيضا لما اهتم بما قاله الحسن البصري :
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=8866
 
فمعلوم فضل القرآن على الكتب السماوية وفضل أم الكتاب .
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=8866
وهل فهمت من كلامي أنني انتقص فضل أم الكتاب أم فضل الكتب السابقة؟؟؟؟
ولكن بما أن المسألة محسومة لديك فهذا شأنك فهي ليست كذلك عندي . ولا أظنها محسومة عند غيري .حتى إن هذا الأمر الذي عرضته ليس فيه وجهة نظر . لقد تسائلت أسئلة وأريد لها جواباً علمياً .وليس عاطفة .ثم أين هي النقول التي تدعمين بها ذلك الرأي الذي هو أصلاً ليس رأيك بل رأي من كتبه؟؟..؟؟؟
 
وهل فهمت من كلامي أنني انتقص فضل أم الكتاب أم فضل الكتب السابقة؟؟؟؟
ولكن بما أن المسألة محسومة لديك فهذا شأنك فهي ليست كذلك عندي . ولا أظنها محسومة عند غيري .حتى إن هذا الأمر الذي عرضته ليس فيه وجهة نظر . لقد تسائلت أسئلة وأريد لها جواباً علمياً .وليس عاطفة .ثم أين هي النقول التي تدعمين بها ذلك الرأي الذي هو أصلاً ليس رأيك بل رأي من كتبه؟؟..؟؟؟
أخي الكريم : تيسير وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
الأسئلة التي تفضلت بها وجيهة ، وتصب في صلب الموضوع ؛ وتلك المقالة حتى لو صحت عن الحسن البصري ففيها مبالغة عجيبة ؛ والفاتحة - كما تفضلت - لا شك أنها فضيلة وأن فيها من المعاني ما الله به عليم ، ولكنها لا تغني عن بقية كتاب الله تعالى ..
يضاف إلى ذلك أن من أعطاه الله تعالى أنفا طويلا وحاسة شم قوية فإنه يشم في تلك المقالة رائحة صوفية وشيعية قوية ؛ وهناك نقول عن كبار المتصوفة الحلولية ، ومشايخ شيعية ؛ بل وحتى البهائية ، تتطابق مع تلك المقالة وتزيد عليها بأن سر الفاتحة في البسملة ، وأن سر البسملة في حرف الباء وأن سر الباء في النقطة وأن فلان أو علان هو تلك النقطة كل على حسب معبوده .
 
أخي الكريم : تيسير وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
الأسئلة التي تفضلت بها وجيهة ، وتصب في صلب الموضوع ؛ وتلك المقالة حتى لو صحت عن الحسن البصري ففيها مبالغة عجيبة ؛ والفاتحة - كما تفضلت - لا شك أنها فضيلة وأن فيها من المعاني ما الله به عليم ، ولكنها لا تغني عن بقية كتاب الله تعالى ..
يضاف إلى ذلك أن من أعطاه الله تعالى أنفا طويلا وحاسة شم قوية فإنه يشم في تلك المقالة رائحة صوفية وشيعية قوية ؛ وهناك نقول عن كبار المتصوفة الحلولية ، ومشايخ شيعية ؛ بل وحتى البهائية ، تتطابق مع تلك المقالة وتزيد عليها بأن سر الفاتحة في البسملة ، وأن سر البسملة في حرف الباء وأن سر الباء في النقطة وأن فلان أو علان هو تلك النقطة كل على حسب معبوده .
إذن أجب على أسئلته الوجيهة ، بالأدلة إذا سمحت.
مع ملاحظة التالي:
قال صاحب الاتقان، وأفكار صاحب الاتقان وتوجهاته معروفة للجميع وكذلك علمه الغزير، قال :
وقال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن الفاتحة، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على اله تعالى بما هوأهله، وعلى التعبد والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخلوعن أحد هذه الأمور. وقال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى. فقوله (الحمد لله رب العالمين يدل على الإلهيات، وقوله (مالك يوم الدين يدل على المعاد، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين يدل على نفي الخبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره، وقوله (إهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات. فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن" أهـ
 
إذن أجب على أسئلته الوجيهة ، بالأدلة إذا سمحت.
مع ملاحظة التالي:
قال صاحب الاتقان، وأفكار صاحب الاتقان وتوجهاته معروفة للجميع وكذلك علمه الغزير، قال :
وقال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن الفاتحة، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على اله تعالى بما هوأهله، وعلى التعبد والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخلوعن أحد هذه الأمور. وقال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى. فقوله (الحمد لله رب العالمين يدل على الإلهيات، وقوله (مالك يوم الدين يدل على المعاد، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين يدل على نفي الخبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره، وقوله (إهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات. فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن" أهـ
أختي الفاضلة أم عبد الله
أولاً يا أختي المشاركة هذه منقولة أنت من قمت بنقلها مشكورة بتصرف منك . وثانياً فلا داع أبداً أن تكوني محامية دفاع عن كلام أقل ما يمكن أن نقول فيه أنه غير مقدس ويجوز لنا أن ننتقده كيف نشاء بحدود النقاش العلمي المسئول. وثالثاً أختي في الله هذه الأسئلة الوجيهة التي سألتها أنت من يجب أن يجيب عليها بعلمية وسعة صدر وبدون استباق النتائج وليس أنا ولا الأستاذ ابراهيم فهي تساؤلات استنكارية لمن يدعي الإحاطة بالكتب السابقة الغيبية بالنسبة لنا. ورابعاً يا أختي انظري أيضاً ماذا يقول الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى.وهذا القول أيضاً ليس بصحيح لأن هناك مقاصد أربع للشريعة الإسلامية وهي حفظ المال والنفس والدين والعقل. والقرآن والسنة جاءت لحفظ تلك الأربع فانظري الى قوله حفظك الله فهل تلك الأربع التي ذكرها تشمل المقاصد جميعها؟؟ وهل قوله هذا معلوم في الدين بالضرورة لا يُعرض على طاولة نقاش؟؟؟أتذكر أختي جيداً أنك قلت أنك طالبة علم وطالبة العلم حق لها أن سأل ما تشاء لا أن تقرر ما تشاء أو تقرر ما لم يقرره حتى العلماء فانظري ماذا قلت:(أخي الكريم لن أقف لأتساءل معك فالأمر محسوم في وجهة نظري) . فهل هذه هي منهجيّة طالب العلم هداك الله؟؟؟
فنحن كلنا هنا أختي في الله طلاب علم وندعو الأخوة أصحاب العلم أن لا يتغيّبوا عنّا في مثل هذا النقاش . وبارك الله بك أختي الفاضلة . وأشكر الأستاذ ابراهيم على ما تفضل . وأشكر مشاركته بهذا الموضوع المهم . وأدعوه أيضاً لمناقشة قول الإمام فخر الدين أيضاً والذي لا يخرج قوله أيضاً عن الإطار الذي ذكرناه من عدم التثبت والمبالغة.
 
إذن أجب على أسئلته الوجيهة ، بالأدلة إذا سمحت.
مع ملاحظة التالي:
قال صاحب الاتقان، وأفكار صاحب الاتقان وتوجهاته معروفة للجميع وكذلك علمه الغزير، قال :
وقال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن الفاتحة، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على اله تعالى بما هوأهله، وعلى التعبد والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخلوعن أحد هذه الأمور. وقال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى. فقوله (الحمد لله رب العالمين يدل على الإلهيات، وقوله (مالك يوم الدين يدل على المعاد، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين يدل على نفي الخبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره، وقوله (إهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات. فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن" أهـ
أختي الكريمة : نقولاتك رائعة وجميلة ؛ لكنك تنغصينها قليلا من أوجه :
1 - أنك تسلمين بها وكأنها وحي ؛ في حين أن السلف القائلين بها لم يقصدوا ذلك وإن كان هو ظاهر اللفظ إلا أنهم أطلقوها لعلمهم بما تقرر عند طلبة العلم من فهم تلك الإطلاقات ، وأنها ليست إلا رأيا يحتمل الصواب والخطأ.
2 - أنك تحكمين في بداية الحوار وتصلين إلى الزبدة في حين أن الراعي لا زال يبادل يديه في الضروع استجلابا للحليب .
وهذا الاستعجال يسير بالنقاش بعيدا عن المسار الذي ينبغي أن يسلكه .
3 - أن في بعض ألفاظك شدة ينبغي تجنبها في الحوار المفيد ؛ وقد ألمحت لك في نقاش سابق ؛ ويسر لك تيسير ما ألمحت لك .
4 - عندما رجعت - كما في النقاش السابق - لما نقلت عن الحسن ؛ وعزوته لما في الإتقان الذي عزاه للبيهقي وجدت لفظ البيهقي - كما في الشعب دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1410 تحقيق : محمد بسيوني زغلول - عن الحسن قال : أنزل الله عز وجل مائة و أربعة كتب من السماء أودع علومها أربعة منها التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان ثم أودع علوم التوراة و الإنجيل والزبور الفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع كتب الله المنزلة .
وهذا النقل عن الحسن يرد عليه من أوجه :
أ - أن في سند البيهقي رحمه الله تعالى رجالا تكلم فيهم وبعضهم ضعف .
ب - أن في المتن نكارة ظاهرة بينة تتضح في نقاط :
النقطة الأولى : تحديد عدد الكتب ، وهذا من الغيب الذي لا بد له من نص مرفوع .
النقطة الثانية : تحديد تسلسل نقل المعاني من الكتب إلى الأربعة ثم إلى القرآن ثم إلى المفصل ثم إلى الفاتحة ..
النقطة الثالثة : بناء النتيجة على النقطتين السابقتين وهي أن من علم تفسير الفاتحة كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
ج - أنه حتى لو صح عن الحسن رحمه الله تعالى هذا القول فإنه مردود بالأدلة السابقة وغيرها .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
التفسير المباشر

التفسير المباشر

كنت أعتقد أن يدخل الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري للمشاركة بهذا الموضوع وخاصة أنه تطرق مع ضيفه الى قريب منه في التفسير المباشر لسورة الفاتحة في أول حلقة. حيث كان لي بعض الملاحظات حول ما تفضل به الدكتور عويض . ومن هذه الملاحظات بعض ما جاءت به ناقلة هذا الموضوع الأخت أم عبد الله . ولكني لم أجد فائدة في طرح أي ملاحظة حول ذلك لعدم الإتصال مع البرنامج .
نسأل الله التوفيق والسداد والخير للجميع.
 
كنت أعتقد أن يدخل الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري للمشاركة بهذا الموضوع وخاصة أنه تطرق مع ضيفه الى قريب منه في التفسير المباشر لسورة الفاتحة في أول حلقة. حيث كان لي بعض الملاحظات حول ما تفضل به الدكتور عويض . ومن هذه الملاحظات بعض ما جاءت به ناقلة هذا الموضوع الأخت أم عبد الله . ولكني لم أجد فائدة في طرح أي ملاحظة حول ذلك لعدم الإتصال مع البرنامج . نسأل الله التوفيق والسداد والخير للجميع.

بارك الله فيكم أخي تيسير ونفع بكم . ولعلك تذكر ما لاحظته في الحلقة نفسها على هذا الرابط هنا فالمجال مفتوح للنقاش العلمي.

وأما ما تفضلت الأخت أم عبدالله بنقله تحت عنوان (القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة) فهي ناقلة، وليست بالضرورة متبنيةً لما فيه .
وقد استوقفني العنوان واستغربته ولم أجده مناسباً بعد قراءة بحث الأخ الطالب، فهو ليس قواعد بالمعنى الاصطلاحي وإنما هي أوجه مذكورة في كتب التفسير تبين ما تتضمنه هذه السورة العظيمة من معانٍ عظيمة قام الطالب بجمعها وتسميتها (القواعد الكلية للإعجاز التربوي) وهي تسمية - من وجهة نظري - غير علمية. فكونها قواعد فيه نظر حيث لا ينطبق عليها معنى القاعدة الاصطلاحية، ثم كونها كلية كذلك، ثم كونها للإعجاز التربوي كذلك، ولا يوجد في البحث أثر لعلم التربية كعلم، وإنما هي خواطر كتبها الأخ الباحث وأطلق عليها هذا الوصف، ولم أجد في الكتابات المتوفرة عن الإعجاز التربوي ما يصلح نموذجاً للكتابات الجيدة في هذا الباب المستحدث .
وأما الأثر الذي استنكرت معناه أخي تيسير والمنسوب للحسن البصري فهو فهمٌ فهمه الحسن البصري وفهمه غيره من كون سورة الفاتحة أعظم سورة القرآن الكريم، مما يدل على اشتمالها على تلك المعاني التي يذكرها العلماء، وهذا لا يعني أنها تغني عن القرآن ولم يقل بذلك إلا أحدٌ ، ومثلها قول الشافعي : لو لم ينزل على الناس إلا سورة العصر لكفتهم أو نحو ذلك، فهذا يفهم على ظاهره دون الدخول في هذه الفلسفات. وأما البحث عن الأسانيد لكل عبارة تنقل عن العلماء في كتب العلم فهذا نوعٌ من التنطع العلمي أخي الحبيب ولو علمنا به لأسقطنا الكثير من العلم ، وقد تكلم عن هذا الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله في بحوث قيمة له منشورة في ملتقى أهل التفسير ليتكم تتكرمون بقراءتها .
 
بارك الله فيكم أخي تيسير ونفع بكم . ولعلك تذكر ما لاحظته في الحلقة نفسها على هذا الرابط هنا فالمجال مفتوح للنقاش العلمي.

وأما البحث عن الأسانيد لكل عبارة تنقل عن العلماء في كتب العلم فهذا نوعٌ من التنطع العلمي أخي الحبيب ولو علمنا به لأسقطنا الكثير من العلم ، وقد تكلم عن هذا الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله في بحوث قيمة له منشورة في ملتقى أهل التفسير ليتكم تتكرمون بقراءتها .

متى كان التبين والتثبت في الأخبار نوعا من التنطع ؛ وقد أمر الله تعالى بذلك في محكم كتابه ؟
إن البحث في صحة نسبة الأقوال إلى قائليها هو من صفات هذه الأمة التي تميزت بها عن غيرها ..
ولو أدى ذلك إلى إسقاط الكثير من العلم فليسقط ؛ فما هي فائدة علم لم يثبت ولم يصح ؟
ثم إن رد الباطل حتى لو صح عن أئمة معرفين هو أيضا صفة حميدة اتصفت بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
 
يا أخي الكريم لاحظ ما يلي :
أختي الكريمة : نقولاتك رائعة وجميلة ؛ لكنك تنغصينها قليلا من أوجه :
1 - أنك تسلمين بها وكأنها وحي ؛ في حين أن السلف القائلين بها لم يقصدوا ذلك وإن كان هو ظاهر اللفظ إلا أنهم أطلقوها لعلمهم بما تقرر عند طلبة العلم من فهم تلك الإطلاقات ، وأنها ليست إلا رأيا يحتمل الصواب والخطأ.
هل فهمت إني أرى أن القول العلمي لا يحتمل الخطأ لأني تبنيت قولا لأهل العلم، فإذن أنت ستتعرض لمشكلة في مشاركات كل الاخوة في الملتقى وأنت تقرأ.
2 - أنك تحكمين في بداية الحوار وتصلين إلى الزبدة في حين أن الراعي لا زال يبادل يديه في الضروع استجلابا للحليب .
وهذا الاستعجال يسير بالنقاش بعيدا عن المسار الذي ينبغي أن يسلكه .
بصراحة لم يسبق لي أن حلبت شاة ولا بقر ، حتى أفهم المثال ، وإن تقصد أني أتعجل فأنت من تتعجل بإطلاق الأحكام، ولتكن ألفاظك علمية لأبعد حد .
3 - أن في بعض ألفاظك شدة ينبغي تجنبها في الحوار المفيد ؛ وقد ألمحت لك في نقاش سابق ؛ ويسر لك تيسير ما ألمحت لك .
لا أجد شدة بل هكذا يجب أن أتحدث من الرجال ، واللطف أدخره لربات الحجال.
وأنت كلما شاركت في أي مشاركة في موضوعاتي التي أطرحها انزعجت ، فاترك المشاركة ، لا تشارك في موضوعاتي ولن أشارك في موضوعاتك، فهذا أفضل لك .
4 - عندما رجعت - كما في النقاش السابق - لما نقلت عن الحسن ؛ وعزوته لما في الإتقان الذي عزاه للبيهقي وجدت لفظ البيهقي - كما في الشعب دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1410 تحقيق : محمد بسيوني زغلول - عن الحسن قال : أنزل الله عز وجل مائة و أربعة كتب من السماء أودع علومها أربعة منها التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان ثم أودع علوم التوراة و الإنجيل والزبور الفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع كتب الله المنزلة .
وهذا النقل عن الحسن يرد عليه من أوجه :
أ - أن في سند البيهقي رحمه الله تعالى رجالا تكلم فيهم وبعضهم ضعف .
ب - أن في المتن نكارة ظاهرة بينة تتضح في نقاط :
النقطة الأولى : تحديد عدد الكتب ، وهذا من الغيب الذي لا بد له من نص مرفوع .
النقطة الثانية : تحديد تسلسل نقل المعاني من الكتب إلى الأربعة ثم إلى القرآن ثم إلى المفصل ثم إلى الفاتحة ..
النقطة الثالثة : بناء النتيجة على النقطتين السابقتين وهي أن من علم تفسير الفاتحة كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
ج - أنه حتى لو صح عن الحسن رحمه الله تعالى هذا القول فإنه مردود بالأدلة السابقة وغيرها .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
بالنسبة لما قاله زغلول:
قال صاحب أضواء البيان :
وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه نزل على رسوله هذا الكتاب العظيم تبياناً لكل شيء . وبين ذلك في غير هذا الموضع ، كقوله : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] على القول بأن المراد بالكتاب فيها القرآن . أما على القول بأنه اللوح المحفوظ . فلا بيان بالآية . وعلى كل حال فلا شك أن القرآن فيه بيان كل شيء . والسنة كلها تدخل في آية واحدة منه . وهي قوله تعالى : { وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا } [ الحشر : 7 ] .
وقال السيوطي في « الإكليل في استنباط التنزيل » قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وقال { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : « ستكون فتنة » قيل : وما المخرج منها؟ قال : « كتب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم » أخرجه الترمذي ، وغيره وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا خديج بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن . فإن فيه خبر الأولين والآخرين . قال البيهقي : اراد به أصول العلم . وقال الحسن البصري : أنزل الله مائة وأربعة كتب ، أودع علومها أربعة : التوارة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان . ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن : المفصل ، ثم أودع علوم المفصل : فاتحة الكتاب . فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة .
أخرجه البيهقي « في الشعب » .
 
يا أخي الكريم لاحظ ما يلي :

بالنسبة لما قاله زغلول:
قال صاحب أضواء البيان :
وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه نزل على رسوله هذا الكتاب العظيم تبياناً لكل شيء . وبين ذلك في غير هذا الموضع ، كقوله : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] على القول بأن المراد بالكتاب فيها القرآن . أما على القول بأنه اللوح المحفوظ . فلا بيان بالآية . وعلى كل حال فلا شك أن القرآن فيه بيان كل شيء . والسنة كلها تدخل في آية واحدة منه . وهي قوله تعالى : { وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا } [ الحشر : 7 ] .
وقال السيوطي في « الإكليل في استنباط التنزيل » قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وقال { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : « ستكون فتنة » قيل : وما المخرج منها؟ قال : « كتب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم » أخرجه الترمذي ، وغيره وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا خديج بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن . فإن فيه خبر الأولين والآخرين . قال البيهقي : اراد به أصول العلم . وقال الحسن البصري : أنزل الله مائة وأربعة كتب ، أودع علومها أربعة : التوارة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان . ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن : المفصل ، ثم أودع علوم المفصل : فاتحة الكتاب . فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة .
أخرجه البيهقي « في الشعب » .
أختي الكريمة : أفهم من كلامك بعض الغضب .
رمضانا كريما ؛ وأسأل الله تعالى أن يكون ما تكتبين في ميزان حسناتك ، وليس العيب في أن نختلف فالخلاف وارد ، وخاصة في مثل هذه الأمور ..
جعلني الله وإياك من الباحثين عن الحق ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ولك ما أمرتني به من عدم كتابتي في مواضيعك ، وأستسمحك إن كنت أسأت التعبير فإنما ذلك لعدم قدرتي على اختيار الألفاظ المناسبة ضعفا لغويا ومن غير قصد مني إن كان ثم شيء من ذلك .
 
بارك الله فيكم أخي تيسير ونفع بكم . ولعلك تذكر ما لاحظته في الحلقة نفسها على هذا الرابط هنا فالمجال مفتوح للنقاش العلمي.
وأما ما تفضلت الأخت أم عبدالله بنقله تحت عنوان (القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة) فهي ناقلة، وليست بالضرورة متبنيةً لما فيه .
وقد استوقفني العنوان واستغربته ولم أجده مناسباً بعد قراءة بحث الأخ الطالب، فهو ليس قواعد بالمعنى الاصطلاحي وإنما هي أوجه مذكورة في كتب التفسير تبين ما تتضمنه هذه السورة العظيمة من معانٍ عظيمة قام الطالب بجمعها وتسميتها (القواعد الكلية للإعجاز التربوي) وهي تسمية - من وجهة نظري - غير علمية. فكونها قواعد فيه نظر حيث لا ينطبق عليها معنى القاعدة الاصطلاحية، ثم كونها كلية كذلك، ثم كونها للإعجاز التربوي كذلك، ولا يوجد في البحث أثر لعلم التربية كعلم، وإنما هي خواطر كتبها الأخ الباحث وأطلق عليها هذا الوصف، ولم أجد في الكتابات المتوفرة عن الإعجاز التربوي ما يصلح نموذجاً للكتابات الجيدة في هذا الباب المستحدث .
وأما الأثر الذي استنكرت معناه أخي تيسير والمنسوب للحسن البصري فهو فهمٌ فهمه الحسن البصري وفهمه غيره من كون سورة الفاتحة أعظم سورة القرآن الكريم، مما يدل على اشتمالها على تلك المعاني التي يذكرها العلماء، وهذا لا يعني أنها تغني عن القرآن ولم يقل بذلك إلا أحدٌ ، ومثلها قول الشافعي : لو لم ينزل على الناس إلا سورة العصر لكفتهم أو نحو ذلك، فهذا يفهم على ظاهره دون الدخول في هذه الفلسفات. وأما البحث عن الأسانيد لكل عبارة تنقل عن العلماء في كتب العلم فهذا نوعٌ من التنطع العلمي أخي الحبيب ولو علمنا به لأسقطنا الكثير من العلم ، وقد تكلم عن هذا الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله في بحوث قيمة له منشورة في ملتقى أهل التفسير ليتكم تتكرمون بقراءتها .
أشكرك أخي الكريم د. عبدالرحمن الشهري على ما أضفته وجعل ما تقدمه في ميزان حسناتك .
ووفق الله تعالى هذا الملتقى العلمي ورزقه الأعضاء الذين همهم الأول هو الحق لخدمة كتاب الله تعالى ، ولا يقصدون الإساءة ، ولا يقصدون الانتقام ممن عارضهم ، ويفهمون أن القرآن الكريم له مكانته ، وأن أهل العلم يتمنون أن تناقش كتبهم أو مواضيعهم بتجرد وموضوعية قبل لقاء الله تعالى .

أما بحث الطالب ، فصدقا لا أستطيع أن أتبنى كل كلمة في كل بحث ، لأن كتاب الله تعالى تفرد بالكمال وهو الأحق بذلك ، ولكن للطالب في وجهة نظري جهد مشكور ، وقضية القواعد ، نجد أن الدكتور عمر المقبل مثلا أفرد موضوعا هنا في غاية الروعة عن القواعد القرآنية ، وليس ببعيد عن سورة الفاتحة أن تكون قواعد على قصرها ، فقد اختزلت علما جما وفوائد عديدة عزيزة ، وقد أشار الدكتور الفاضل محمد الخضيري ، إلى تميز القرآن بذكر الأمور الأخلاقية ، وأشار إلى أن الفقه يفتقر لذلك فهو أحكام ، وقد شدني قوله وبحثت في هذا الموضوع الشيق ( في برنامج بينات لهذا العام ).
جزاكم الله خيرا .
 
بارك الله فيكم أخي تيسير ونفع بكم . ولعلك تذكر ما لاحظته في الحلقة نفسها على هذا الرابط هنا فالمجال مفتوح للنقاش العلمي.

وأما ما تفضلت الأخت أم عبدالله بنقله تحت عنوان (القواعد الكلية للإعجاز التربوي في سورة الفاتحة) فهي ناقلة، وليست بالضرورة متبنيةً لما فيه .
وقد استوقفني العنوان واستغربته ولم أجده مناسباً بعد قراءة بحث الأخ الطالب، فهو ليس قواعد بالمعنى الاصطلاحي وإنما هي أوجه مذكورة في كتب التفسير تبين ما تتضمنه هذه السورة العظيمة من معانٍ عظيمة قام الطالب بجمعها وتسميتها (القواعد الكلية للإعجاز التربوي) وهي تسمية - من وجهة نظري - غير علمية. فكونها قواعد فيه نظر حيث لا ينطبق عليها معنى القاعدة الاصطلاحية، ثم كونها كلية كذلك، ثم كونها للإعجاز التربوي كذلك، ولا يوجد في البحث أثر لعلم التربية كعلم، وإنما هي خواطر كتبها الأخ الباحث وأطلق عليها هذا الوصف، ولم أجد في الكتابات المتوفرة عن الإعجاز التربوي ما يصلح نموذجاً للكتابات الجيدة في هذا الباب المستحدث .
وأما الأثر الذي استنكرت معناه أخي تيسير والمنسوب للحسن البصري فهو فهمٌ فهمه الحسن البصري وفهمه غيره من كون سورة الفاتحة أعظم سورة القرآن الكريم، مما يدل على اشتمالها على تلك المعاني التي يذكرها العلماء، وهذا لا يعني أنها تغني عن القرآن ولم يقل بذلك إلا أحدٌ ، ومثلها قول الشافعي : لو لم ينزل على الناس إلا سورة العصر لكفتهم أو نحو ذلك، فهذا يفهم على ظاهره دون الدخول في هذه الفلسفات. وأما البحث عن الأسانيد لكل عبارة تنقل عن العلماء في كتب العلم فهذا نوعٌ من التنطع العلمي أخي الحبيب ولو علمنا به لأسقطنا الكثير من العلم ، وقد تكلم عن هذا الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله في بحوث قيمة له منشورة في ملتقى أهل التفسير ليتكم تتكرمون بقراءتها .
بارك الله بفضيلتكم على ما قدمتموه من توضيح .والحمد لله على سلامتكم أولاً . وأشكر دوماً أدبكم الجم وخلقكم الرفيع في حسن الرد وحسن الإجابة .
البسنا الله تعالى ثوب العافية جميعاً وجعلنا ممن يبتغي وجه الله في كل شيء . والحمد لله رب العالمين
 
عودة
أعلى