محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ؛ وَعَلَى جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ ؛ وَفِي السُّورَيْنِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ؛ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ؛ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ . وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ ؛ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ ؛ وَالسُّتُورُ الْمُرْخَاةُ حُدُودُ اللَّهِ ؛ وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ نَادَاهُ الْمُنَادِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَفْتَحْهُ ؛ فَإِنَّك إنْ فَتَحْته تَلِجْهُ . وَالدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ ؛ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ " .
فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ - الَّذِي مَنْ عَرَفَهُ انْتَفَعَ بِهِ انْتِفَاعًا بَالِغًا إنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ ؛ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَاعِظًا ؛ وَالْوَعْظُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ ، وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ . وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَعْمُورًا بِالتَّقْوَى انْجَلَتْ لَهُ الْأُمُورُ وَانْكَشَفَتْ ؛ بِخِلَافِ الْقَلْبِ الْخَرَابِ الْمُظْلِمِ ؛ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : إنَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِرَاجًا يُزْهِرُ ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " إنَّ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرِ قَارِئٍ " ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ لِغَيْرِهِ ؛ وَلَا سِيَّمَا فِي الْفِتَنِ ، وَيَنْكَشِفُ لَهُ حَالُ الْكَذَّابِ الْوَضَّاعِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ يُجْرِي عَلَى يَدَيْهِ أُمُورًا هَائِلَةً ومخاريق مُزَلْزِلَةً ، حَتَّى إنَّ مَنْ رَآهُ افْتَتَنَ بِهِ ؛ فَيَكْشِفُهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ حَتَّى يَعْتَقِدَ كَذِبَهَا وَبُطْلَانَهَا ؛ وَكُلَّمَا قَوِيَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ قَوِيَ انْكِشَافُ الْأُمُورِ لَهُ ، وَعَرَفَ حَقَائِقَهَا مِنْ بَوَاطِلِهَا ؛ وَكُلَّمَا ضَعُفَ الْإِيمَانُ ضَعُفَ الْكَشْفُ ، وَذَلِكَ مَثَلُ السِّرَاجِ الْقَوِيِّ ، وَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ ... ( مجموع الفتاوى : 20 / 44 ، 45 ) .
فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ - الَّذِي مَنْ عَرَفَهُ انْتَفَعَ بِهِ انْتِفَاعًا بَالِغًا إنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ ؛ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَاعِظًا ؛ وَالْوَعْظُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ ، وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ . وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَعْمُورًا بِالتَّقْوَى انْجَلَتْ لَهُ الْأُمُورُ وَانْكَشَفَتْ ؛ بِخِلَافِ الْقَلْبِ الْخَرَابِ الْمُظْلِمِ ؛ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : إنَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِرَاجًا يُزْهِرُ ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " إنَّ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرِ قَارِئٍ " ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ لِغَيْرِهِ ؛ وَلَا سِيَّمَا فِي الْفِتَنِ ، وَيَنْكَشِفُ لَهُ حَالُ الْكَذَّابِ الْوَضَّاعِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ يُجْرِي عَلَى يَدَيْهِ أُمُورًا هَائِلَةً ومخاريق مُزَلْزِلَةً ، حَتَّى إنَّ مَنْ رَآهُ افْتَتَنَ بِهِ ؛ فَيَكْشِفُهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ حَتَّى يَعْتَقِدَ كَذِبَهَا وَبُطْلَانَهَا ؛ وَكُلَّمَا قَوِيَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ قَوِيَ انْكِشَافُ الْأُمُورِ لَهُ ، وَعَرَفَ حَقَائِقَهَا مِنْ بَوَاطِلِهَا ؛ وَكُلَّمَا ضَعُفَ الْإِيمَانُ ضَعُفَ الْكَشْفُ ، وَذَلِكَ مَثَلُ السِّرَاجِ الْقَوِيِّ ، وَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ ... ( مجموع الفتاوى : 20 / 44 ، 45 ) .