القراءة التي كانت سائدة في زمن تأليف المقدمة الجزرية

إنضم
08/09/2007
المشاركات
208
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة شيخنا المقرئ محمد تميم الزعبي - حفظه الله تعالى- في مقدمة دراسته للمقدمة الجزرية:
(( القراءة التي كانت سائدة في زمن تأليف المقدمة الجزرية
الذي يظهر أن الرواية السائدة في زمن تأليف المقدمة في قراءة أبي عمرو البصري، وليست رواية حفص عن عاصم الكوفي، كما يتبادر إلى الذهن في هذه الأيام، لأن رواية حفص لم تشتهر في بلاد الشام ومصر إلا في منتصف القرن الثاني عشر كما تجده موثقاً بالنقول التالية
إذ إن قراءة أبي عمرو غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.
1- قال ابن الجزري: ((قال ابن مجاهد: وحدثونا عن وهب بن جرير قال: قال لي شعبة: تمسَّكْ بقراءة أبي عمرو فإنها ستصير للناس إسناداً. وقال لي أيضاً: حدثني محمد بن عيسى بن حيان، حدثنا نصر بن علي قال لي أبي، قال شعبة: انظر ما يقرأ أبو عمرو مما يختار لنفسه، فإنه سيصير للناس إسناداً، قال نصر: قلتُ لأبي: كيف تقرأ؟ قال: على قراءة أبي عمرو. وقلتُ للأصمعي: كيف تقرأ؟ قال: على قراءة أبي عمرو. قلتُ: وقد صح ما قاله شعبة – رحمه الله- فالقراءة التي عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر، هي قراءة أبي عمرو، فلا تكاد تجد أحداً يلقن القرآن إلا على حرفه، خاصةً في الفرش، وقد يخطئون في الأصول، ولقد كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر إلى حدود الخمسمائة، فتركوا ذلك، لأن شخصاً قدم من أهل العراق، وكان يلقن الناس بالجامع الأموي على قراءة أبي عمرو، فاجتمع عليه خلقٌ، واشتهرت هذه القراءة عنه، أقام سنين، كذا بلغني، وإلا فما أعلم السبب في إعراض أهل الشام عن قراءة ابن عامر، وأخذهم بقراءة أبي عمرو، وأنا أعد ذلك من كرامات شعبة)) غاية النهاية لابن الجزري 1/128
2- قال ابن الجزري (( سبيع بن المسلم بن علي بن هارون، أبو الوحش المعروف بابن قيراط، شيخ دمشق، كان ضريراً ثقةً كبيراً، وُلد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان يقرئ الناس تلقيناً وروايةً من الصبح إلى قريب الظهر بالجامع الأموي، وكان أقعد يُحمل إلى الجامع، وأظنه هو الذي أشهر قراءة أبي عمرو تلقيناً بدمشق بعد ما كانوا يتلقنون لابن عامر، والله أعلم)). غاية النهاية لابن الجزري 1/133
3- قال شيخ شيخنا الشيخ علي الضباع – رحمه الله تعالى- في الإضاءة: ((كانت قراءة عامة المصريين على ما ظهر لي من تتبع سِيَر القراء وتأليفهم منذ الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الخامس الهجري على طريقة أهل المدينة المنورة سيما التي رواها ورش المصري عن نافع القارئ المدني، ثم اشتهر بينهم قراءة أبي عمرو البصري، واستمر العمل عليها قراءةً وكتابةً في مصاحفهم إلى منتصف القرن الثاني عشر الهجري، ثم حلت محلها قراءة عاصم بن أبي النجود، إلى أن قال: وقد مشيتُ هنا على تقديمه – أي حفص- لذلك، ولاقتصار جل المصريين عليها في ضبط المصاحف المصرية المشرقية غالباً في هذا الزمان)).
وأما أهل الشام فاستمروا يقرؤون بقراءة ابن عامر إلى نهاية القرن الخامس حتى قدم عليهم أحد أئمة القراء، وهو ابن طاووس، فأخذت في الانتشار التدريجي بالشام حتى حلت محل قراءة ابن عامر كما يستفاد من كلام ابن الجزري: (( ولا زال أهل الشام قاطبةً على قراءة ابن عامر تلاوةً وصلاةً وتلقيناً إلى قريب الخمسمائة، وأول من لقن لأبي عمرو فيما قيل: ابن طاووس)) غاية النهاية 1/424
وبالتتبع يظهر أن هناك اثنين باسم طاووس.
الأول: أحمد بن عبد الله بن طاووس أبو البركات البغدادي نزيل دمشق توفي سنة 492هـ . غاية النهاية 1/74
الثاني: هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس، أبو محمد البغدادي الدمشقي إمام الجامع الأموي، وتصدر للإقراء وختم عليه خلقٌ (ت 536هـ) غاية النهاية 2/349
وعليه: فإن في الوقت الذي انتشرت فيه قراءة أبي عمرو في الأقطار المشار إليها في الفقرة السابقة وهي: العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا، كانت رواية حفص عن عاصم بدأت تنتشر لدى الأتراك، وبدأت الدولة العثمانية تبسط سلطانها على معظم أرجاء العالم الإسلامي، فصارت ترسل أئمة وقضاة ومقرئين أتراكاً إلى الشرق، فانتشرت رواية حفص عن طريقهم، وكذا عن طريق المصاحف التي تنسخها الدولة العثمانية برواية حفص، فأخذت رواية حفص عن عاصم تحل تدريجياً محل قراءة أبي عمرو البصري، فآل الأمر إلى انحسار انتشارها، فلم تبق إلا في اليمن والسودان والقرن الإفريقي.
وأما بالنسبة لتركيا التي أقام بها ابن الجزري وسكن فيها، فلم يترجح لدي القراءة السائدة عندهم، هل هي قراءة أبي عمرو أم رواية حفص، فالأمر يحتاج لمزيد من البحث والتدقيق في ذلك العصر لأني لم أستطع الجزم بذلك حتى الآن)). انظر: مقدمة دراسة شيخنا محمد تميم الزعبي حفظه الله للمقدمة الجزرية من ص 14 إلى ص 17
 


قلتُ: وأما بالنسبة للقراءة التي كانت سائدة في بلاد المغرب قبل ابن الجزري بقرون وبعده أيضاً إلى هذا العصر فهي قراءة نافع كما لا يخفى.
 
إذ إن قراءة أبي عمرو غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.​
بالنسبة لأهل العراق فقد وجدت كلاما مجملا للعلامة أبي حيان الغرناطي (تـــ 745هـ) رحمه الله في مقدمة تفسيره يقول فيه:
قد وقع لي في بعض القراءات أن بيني وبين رسول اللّه صل1 اثني عشر رجلا، وذلك في قراءة عاصم، وهي القراءة التي ينشأ عليها أهل العراق، وهو إسناد أعلى ما وقع لأمثالنا"اهـ
ألا يعني هذا أن أهل العراق كانوا على قراءة عاصم؟
 

الذي يظهر أن الرواية السائدة في زمن تأليف المقدمة في قراءة أبي عمرو البصري، وليست رواية حفص عن عاصم الكوفي، كما يتبادر إلى الذهن في هذه الأيام، لأن رواية حفص لم تشتهر في بلاد الشام ومصر إلا في منتصف القرن الثاني عشر كما تجده موثقاً بالنقول التالية
إذ إن قراءة أبي عمرو غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.
وأمَّا اليمن فقد كانت فيها ثلاث قراءات ، وهي : قراءة أبي عمرو البصري من رواية الدُّوري ، وقراءة عاصم من رواية حفص ، وقراءة نافع من رواية قالون .
وقد تحدَّث عن هذه المسألة - أعني في اليمن - الدكتور: عبد الله المنصوري - وفقه الله - في رسالته الموسومة بـ( علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى القرن الثامن الهجري - ) فقد تحدَّث فيها من صـ195-صـ203 ، تحت عنوان : ( القراءات في اليمن بعد مرحلة التسبيع حتى نهاية عصر الدِّراسة ) .
وقد تطرقتُ لها في بحثي تحت مبحث : قراءة أهل اليمن زمن دخول الإمام ابن الجزري إليها .
 
قلتُ: وأما بالنسبة للقراءة التي كانت سائدة في بلاد المغرب قبل ابن الجزري بقرون وبعده أيضاً إلى هذا العصر فهي قراءة نافع كما لا يخفى.
لقد بحثت هذه المسألة في مقدمة دراستي لكتاب الهادي في القراءات السبع لمحمد بن سفيان القيرواني
والخلاصة : أن القراءة السائدة الى المائة الثالثة في القيروان وما حولها إنما هي قراءة حمزة الكوفي ولم يكن يقرا بحرف نافع إلا خواص الناس
وبقي الحال هكذا إلى أن جاء ابن خيرون ت 306 هـ فأقرأ الناس بحرف نافع وانتشرت بعد ذلك وعمت تلك الأقاليم
 
من أهم المراجع المؤرخة لقراءة الإمام نافع:
كتاب قراءة الإمام نافع عند المغاربة للدكتور عبد الهادي حميتو
حيث ذكر أن سحنون في عهد تصدره - ما بين عودته من رحلته سنة 191هـ وبين وفاته سنة 240هـ_ دعا إلى اعتماد قراءة نافع في التعليم حتى نكاد نشم من عبارته أنه يريد قصر القراء والمتعلمين عليها فها هو حيث يذكر واجبات القائم بالتعليم يقول:
((وينبغي أن يعلمهم إعراب القرآن... ويلزمه أن يعلمهم ما علم من القراءة الحسنة وهو مقرأ نافع، ولا بأس إن أقرأهم لغيره))
ثم قال د. حميتو: فالقراءة الحسنة إذن على رأي سحنون هي قراءة نافع، وتوصيته هذه بها دليل على أنها قراءته المختارة وقراءة أصحابه... وفي هذا ما يدل على أن هذه القراءة قد أصبح لها جمهور معتبر في أيام سحنون إلا أن المنافسة ما تزال بينها وبين غيرها من القراءات، وبالأخص بينها وبين قراءة حمزة.
ثم ذكر: قول ابن الفرضي عن ابن خيرون: ((وهو الذي قدم بقراءة نافع على أهل أفريقية وكان الغالب على قراءتهم حرف حمزة، ولم يكن يقرأ لنافع إلا خواص الناس)).
إلى أن قال د. حميتو: ((ونخلص من هذا إلى أن تأكيد انتشار قراءة نافع بأفريقية قبل الوقت الذي حدده ابن الفرضي، وأن هذا الانتشار قد كان في زمن سحنون وربما في العقود الأولى من المائة الثالثة، ثم تزايد الإقبال عليها من لدن الجمهور بتدخل السلطة القضائية لصالحها، وبالأخص على عهد ولاية سحنون للقضاء سنة 234هـ، ثم بلغ الأخذ بها مداه على عهد المتولين للقضاء من أصحابه)).
قراءة الإمام نافع عند المغاربة د. حميتو 1/136-138

وذكر د. حميتو أيضاً نصاً قيماً عن ترسيم قراءة نافع وصدور الأمر القضائي الرسمي بالاقتصار عليها في التعليم والإقراء
فقال: والذي يهمنا أكثر في شأن هذا القارئ ما ذكره عياض نقلاً عن أبي عمرو الداني في ترجمة أبي العباس عبد الله بن طالب قاضي القيروان قال: ((وذكر أبو عمرو الداني في كتابه طبقات القراء والمقرئين أن ابن طالب أيام قضائه أمر ابن برغوث المقرئ بجامع القيروان ألا يقرئ الناس إلا بحرف نافع)).
قال د. حميتو: ويمكن تحديد زمن صدور هذا الأمر القضائي على وجه التقريب بما بين ولاية ابن طالب الأولى سنة 257-259هـ، وولايته الثانية 267-275هـ، وقبل وفاة ابن برغوث سنة 272هـ.
قراءة الإمام نافع عند المغاربة للدكتور حميتو: 1/140- 141
 
لا شك أنه يستفاد في هذا الموضوع كثيرا من الكتب المخطوطة في تلك الأزمنة.
وفي المخطوط الذي أعمل فيه في بحث الماجستير: (تحفة المريد لمقدمة التجويد) لإبراهيم بن عبدالرحمن الخليلي الأنصاري (ت893هـ) وكان من أهل الخليل بفلسطين، وجدته ذكر العديد من الكلمات بما يخالف رواية حفص عن عاصم،
ومن تلك الكلمات: {ولا تصاعر} {ورجلاً سالماً لرجل} {يَنْشَؤ} {قل ربي يعلم} {إلى أثر رحمت الله} {ملك يوم} {بالغٌ أمرَه}
والقاسم المشترك بينها هو قراءة أبي عمرو البصري.
 
لفتة جميلة أخي محمد.
ولعل مما يفيد في هذا الأمر معرفة القراءة التي اعتمد عليه الجلالان في تفسيرهما، وقد سبق النقاش حوله في هذه المشاركة:
ما لقراءة التي اعتمد عليها صاحبا تفسير الجلالين في تفسيرهما

وإذا أضيف له ما أشار إليه الإخوة إعلاه من خلاف في السائد من القراءات في قطر معين، فهل يمكن القول إن تحديد قراءة واحدة سائدة لم يكن سابقا بالصورة التي عليها الناس اليوم؟
 
الشيخ محمد تميم الزعبي من نوادر القراء في هذا الزمن حفظه الله ورعاه
ومقدمته على الجزرية فيها فوائدة عزيزة بعبارات وجيزة
حفظه الله ورعاه
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة شيخنا المقرئ محمد تميم الزعبي - حفظه الله تعالى- في مقدمة دراسته للمقدمة الجزرية:
(( القراءة التي كانت سائدة في زمن تأليف المقدمة الجزرية
الذي يظهر أن الرواية السائدة في زمن تأليف المقدمة في قراءة أبي عمرو البصري، وليست رواية حفص عن عاصم الكوفي، كما يتبادر إلى الذهن في هذه الأيام، لأن رواية حفص لم تشتهر في بلاد الشام ومصر إلا في منتصف القرن الثاني عشر كما تجده موثقاً بالنقول التالية
إذ إن قراءة أبي عمرو غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا إلى القرن العاشر الهجري​
جاء في (المختصر من كتاب نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر) ص 459 في ترجمة محمد بن يحيى الطبري (937هـ – 1018هـ) ما نصه:
"ذكر ابنه في كتابه "إنباء البرية" قال: رأيت بخط والدي أنه ولد عشاء ليلة الجمعة سادس ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ونشأ في حجر أبويه، فحفظ القرآن على طريق أبي عمرو من طريق الدوري، وصلى به التراويح في المقام"اهـ
ويقصد أنه صلى به التراويح في المسجد الحرام بمكة، لأن عائلة الطبري كانوا أئمة الحرم لهذا العهد.
 
جاء في الرسالة التي كتبها الأمير أبو الطامي جياش بن نجاح إلى معلّم ولده - في القرن الرَّابع الهجري-: ( الأمانة ديانة تُحْرَمُ فيها الخيانة ....) ثم قال :( و علّمه كتاب الله ، فإنَّه الحبل المتين ، و لا ترخص له في نسيانه ، فإنَّه الخسران المبين ، و علِّمه قراءة أبي عمرو ، فإنَّها أشهر القراءات في البدو و الحضر ، واختر له مذهب أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي .......) .ينظر كتاب: تاريخ ثغر عدن لعبد الله بامخرمة صـ46-47 . ففيها بقية الوصية .http://vb.tafsir.net/#_ftn1
http://vb.tafsir.net/#_ftnref1
 
وفي الوافي بالوفيات للصفدي:
وقال بعضُ الأدباء: مَن لبِسَ البياض، وتَختَّم بالعقيق، وقرأ لأبي عمرو، وتفقَّه للشَّافعي، وروى شِعْرَ ابن زيدون، فقد استكمل الظَّرف.
 
الشيخ محمد تميم الزعبي من نوادر القراء في هذا الزمن حفظه الله ورعاه
مع الاعتراف بمكانة الشيخ إلا أن هذا الوصف لايسلّم ، فالأمة مليئة بالقراء الذين يواصلون الليل بالنهار للإقراء في بيوتهم ومحاظرهم ، لايبتغون سمعة ولا شهرة ، فضلوا الخمول والستر على الأضواء وأبوابها ، فانظر إلى مصر والشام والمغرب تر صدق ما أقول ، ولا أدري هل هذا حكم بالاستقراء أم بالعاطفة !!
فمع تقديري لأخي الحبيب الدكتور يحي الغوثاني أقول :
الشهرة لا يحق لها أن تلغي القراء ومجهودهم ، ويحكم على " ندرة القراء " لأشخاص مشهورين مهما كانت مكانتهم وقدرهم .
ومقدمته على الجزرية فيها فوائدة عزيزة بعبارات وجيزة
حفظه الله ورعاه
ياليت من يرفعها لنا للاستفادة .
 
مع الاعتراف بمكانة الشيخ إلا أن هذا الوصف لايسلّم ، فالأمة مليئة بالقراء الذين يواصلون الليل بالنهار للإقراء في بيوتهم ومحاظرهم ، لايبتغون سمعة ولا شهرة ، فضلوا الخمول والستر على الأضواء وأبوابها ، فانظر إلى مصر والشام والمغرب تر صدق ما أقول ، ولا أدري هل هذا حكم بالاستقراء أم بالعاطفة !!
فمع تقديري لأخي الحبيب الدكتور يحي الغوثاني أقول :
الشهرة لا يحق لها أن تلغي القراء ومجهودهم ، ويحكم على " ندرة القراء " لأشخاص مشهورين مهما كانت مكانتهم وقدرهم .

ياليت من يرفعها لنا للاستفادة .

السلام عليكم
أرى في مشاركة فضيلكتم خروجاً عن لب الموضوع إلى انتقاد عبارات أراها ليست قليلة في مشاهير مشايخ الإقراء، وشيخنا محمد تميم الزعبي منهم.
نعم عرفتُ الشيخ عن قربٍ، وتتلمذتُ عليه أكثر من عشر سنين، وما زلتُ أنهل من علمه، فوالله إني أشهد شهادةً لله أنه من أتقن المشايخ المقرئين وأضبطهم،إذا كنت لا تُسلِّم بذلك فهذا شأنك.
الثناء على شيوخ هذا العلم ليس عاطفة وهوى، ولكنه طاعة وقربةٌ إلى الله، فمن إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم
ومن إجلال الله إكرام حامل القرآن، فكيف بمن اجتمع فيه الأمران!
وليس في الثناء على بعض الشيوخ تنقصٌ للشيوخ الآخرين الذين لم يشتهروا، فرب أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره.
اذكر من تعرف من الشيوخ وأثنِ عليهم بما تعلم لا بقصد العاطفة والإطراء، وكذلك الإخوة يذكرون من يعرفون
ليس من باب العاطفة والهوى والمدح المجرد، ولكن من باب إنزال الناس منازلهم، ومن باب توقير هؤلاء الشيوخ الذين جلسوا عشرات السنين في بيوت الله فرفع الله ذِكرهم، وأشهر أمرهم.
وليس في مدح من ذُكِر نقصٌ في مدح من لم يُذكر، فيكفيهم ذكر الله لهم، (وذكرهم الله فيمن عنده).
اللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك
 
أرى في مشاركة فضيلكتم خروجاً عن لب الموضوع إلى انتقاد عبارات أراها ليست قليلة في مشاهير مشايخ الإقراء،
الحمدلله على نعمة الفهم !!
 
وبالتتبع يظهر أن هناك اثنين باسم طاووس.
الأول: أحمد بن عبد الله بن طاووس أبو البركات البغدادي نزيل دمشق توفي سنة 492هـ . غاية النهاية 1/74
الثاني: هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس، أبو محمد البغدادي الدمشقي إمام الجامع الأموي، وتصدر للإقراء وختم عليه خلقٌ (ت 536هـ) غاية النهاية 2/349
أين التحقيق في المسألة ! والموضوع موضع تحقيق لا موضوع إنشاء !!
هما اثنان : نعم ؛ والدٌ وولده ، والوالد هو المعنيُّ بتحويل أهل الشام إلى قراءة أبي عمرو ، لأنه هو الذي يصدق عليه قول ابن الجزري رحمه الله :
وأما أهل الشام فاستمروا يقرؤون بقراءة ابن عامر إلى نهاية القرن الخامس حتى قدم عليهم أحد أئمة القراء، وهو ابن طاووس
فابن طاووس الأب رحمه الله هو الطارئ على على أهل الشام وليس ابنه المولود في دمشق نفسها ، والوالد طرأ عليهم بعد سنة (450هـ) كما يقول السبكي رحمه الله في طبقاته ، ولعلها بعد التاريخ المذكور بسنة واحدة أي سنة ( 451هـ ) .
ملحوظة :
ابن طاووس الابن رحمه الله مع كثرة شيوخه في القراءات والحديث إلا أنه - فيما يبدو - لم يك مكثراً من التأليف في القراءات ، حيث عرف له كتابان حسب علمي القاصر ، وهما :
1- جزء فيه الخلاف بين قراءة يحي بن آدم ، والعليمي : وهو مطبوع محقق بعناية الدكتور عمار الددو حفظه الله ورعاه .
2- الهداية : وهو في القراءات ؛ لعلها العشر ، ولا يزال مفقوداً .
والله أعلم .
 
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فمما يتعلق بموضوع القراءات السائدة في العالم الإسلامي قديماً، وجدتُ كلاماً نفيساً لأحد الرحالة المتقدمين، وهو محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء المقدسي ويقال له البشاري (336 - نحو 380 هـ ) الذي طاف أكثر بلاد الإسلام، وصنف كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم" انظر: الأعلام 5/312 وهو ممن قرأ على أبي الطيب ابن غلبون صاحب الإرشاد كما سيأتي في أحد النقول التالية:

يقول المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (ص 107) :
((القراءات بمكة على حرف ابن كثير، وباليمن قراءة عاصم، ثم قراءة أبي عمرو مستعملة في
جميع الأقاليم، وسمعت بعض صدور القراء بمكة يقول ما رأينا ولا سمعنا أن أحداً أمَّ خلف هذا المقام بغير قراءة ابن كثير إلا في هذا الزمان))


ويقول في (ص123): ((والقراءات السبع مستعملة في الإقليم [بغداد والكوفة والبصرة] وكانت في القديم ببغداد حروف حمزة وحروف يعقوب الحضرمي بالبصرة ورأيت أبا بكر الجرتكي [لعله الحِرْتَكي ـ] يؤم بها في الجامع ويذكر أنها قراءة المشايخ)). يعني قراءة يعقوب.
ويقول في (ص 133) عن أهل الموصل وحران وتلك النواحي: ((يختارون قراءة عبدالله بن عامر))


وأخيراً يقول عن (أم الدنيا) في (ص 184):
((والقراءات السبع فيه [أي في إقليم مصر] مستعملة غير أن قراءة ابن عامر أقلها، ولما قرأتُ بها على أبي الطيب ابن غلبون؛ قال: دع هذه القراءة فإنها عتيقة، قلتُ: قيل لنا: عليكم بالعتيق! قال: فعليك بها. وقرأتُ عليه لأبي عمرو فكان يأمرني بتفخيم الراء من مريم والتوراة، والغالب عليهم والمختار عندهم قراءة نافع، وسمعت شيخاً في الجامع السفلاني يقول: ما قُدِّم في هذا المحراب إمامٌ قط إلا وهو يتفقه لمالك ويقرأ لنافع غير هذا يعني ابن الخياط.
قلتُ ولم ذلك؟ قال: لم نجد أطيب منه وكان شفعوياً أبو عمريا [يعني شافعي المذهب على قراءة أبي عمرو] لم أر في الإسلام أحسن نغمة منه)).
 
ويقول في (ص123): ((والقراءات السبع مستعملة في الإقليم [بغداد والكوفة والبصرة] وكانت في القديم ببغداد حروف حمزة وحروف يعقوب الحضرمي بالبصرة ورأيت أبا بكر الجرتكي [لعله الحِرْتَكي ـ] يؤم بها في الجامع ويذكر أنها قراءة المشايخ)). يعني قراءة يعقوب.

الحِرْتَكي: محمد بن يوسف بن نهار البصري
محمد بن يوسف بن نهار أبو الحسن الحرتكي بكسر الحاء وسكون الراء وبالمثناة من فوق البصري إمام جامع البصرة شيخ محقق معروف بالضبط والإتقان، أخذ القراءة عرضاً عن أبي بكر بن مجاهد وأبي الحسن بن شنبوذ وأحمد بن بويان ومحمد بن أحمد الرامي، أخذ القراءة عنه عرضاً طاهر بن غلبون ...، قال طاهر بن غلبون قرأت عليه بالبصرة وكان قيماً بالقراءة قد أدرك الأكابر من الشيوخ، وذكر الداني أنه توفي بها بعد سنة سبعين وثلثمائة.

وقال الداني فيما نقل عنه ابن الجزري: ((وائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو فهم أو أكثرهم على مذهبه، قال وقد سمعت طاهر بن غلبون يقول إمام الجامع بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب)).
 
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فمما يتعلق بموضوع القراءات السائدة في العالم الإسلامي قديماً، وجدتُ كلاماً نفيساً لأحد الرحالة المتقدمين، وهو محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء المقدسي ويقال له البشاري (336 - نحو 380 هـ ) الذي طاف أكثر بلاد الإسلام، وصنف كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم" انظر: الأعلام 5/312 وهو ممن قرأ على أبي الطيب ابن غلبون صاحب الإرشاد كما سيأتي في أحد النقول التالية:
.
وفقك الله ورعاك يا دكتور أحمد ، فقد أحسنت بنقل هذا الكلام النفيس الذي عثرتم عليه في غير مظنته ، وما أكثر الفوائد في غير مظانها . ويبدو أنه كان له عناية بالقراءات والتاريخ لها .
 
إذ إن قراءة أبي عمرو غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق أفريقيا إلى القرن العاشر الهجري
قال الحافظ المقرئ عثمان الناشري الزبيدي -أحد تلامذة الإمام ابن الجزري وشارح الدرة-:
( فإني لمَّا رأيتُ أهل بلدنا زبيد -حماها الله- وسائر بلاد الإسلام يسارعون إلى الخيرات
ويتنافسون في الطاعات، وكنتُ قد جمعتُ لهم روايتي قالون والدُّوري، وانتفع منهم بذلك
جماعات
، رأيتُ أن أعززهم بثالث وهو الإمام حفص بن سليمان عن الإمام عاصم
حتى يجمع لهم في هذا الإقليم ما يفرق في سائر البلاد، والذي حداني على ذلك سهولة
روايته بالاتفاق، وعذوبتها وفصاحتها على الإطلاق، وهي العمدة الآن في الهند والعراق،
والأليق بكثير من النَّاس أن يعتمد رواية حفص لأنه لايميل شيئاً من القرآن إلا "مجراها" بهود،
ولا يسهل شيئاً من الهمزات إلا "ءاعجمي" في فصلت، وكذا باب "ءالذكرين" على وجه مرجوح
على ما سيأتي بيانه.............. ) إلخ
انتهى من: الدر الناظم لرواية حفص من قراءة عاصم
مخطوط صـ1
فهذا النص من المقرئ الزبيدي المعاصر لزمن ابن الجزري بل من أبرز تلامذته باليمن
يؤكد لنا انتشار رواية حفص وقالون والدُّوري في ذاك العصر
وأنَّ أهل العراق والهند القراءة المعتمدة عندهم هي رواية حفص
 
قال الشيخ محمد بن أبي بكر المرعشي (ت 1150هـ) رحمه الله في كتاب جهد المقل:
(( وأغلب ما أذكره في هذه الرسالة مما اختلفت الأئمة فيه: قراءة عاصم ، ومما اختلفت فيه الرواية عن عاصم: رواية حفص
لأنهما المأخوذ بهما في ديارنا وعليهما نَقْط مصاحفنا وشَكْلِها)) ص 116
وقال أيضاً ((وينبغي أن يقول معلم الأداء للمتعلم: إن بعض حروف القرآن فيها اختلاف بين مشايخ القراءات ، وأنا أعلمكم قراءة الشيخ الفلاني.
أقول: والمأخوذ به في ديارنا قراءة عاصم ورواية حفص عنه)) ص 320​
 
وأمَّا اليمن فقد كانت فيها ثلاث قراءات ، وهي : قراءة أبي عمرو البصري من رواية الدُّوري ، وقراءة عاصم من رواية حفص ، وقراءة نافع من رواية قالون .
وقد تحدَّث عن هذه المسألة - أعني في اليمن - الدكتور: عبد الله المنصوري - وفقه الله - في رسالته الموسومة بـ( علم القراءات في اليمن - من صدر الإسلام إلى القرن الثامن الهجري - ) فقد تحدَّث فيها من صـ195-صـ203 ، تحت عنوان : ( القراءات في اليمن بعد مرحلة التسبيع حتى نهاية عصر الدِّراسة ) .
وقد تطرقتُ لها في بحثي تحت مبحث : قراءة أهل اليمن زمن دخول الإمام ابن الجزري إليها .
اطلعت على كتاب قبل فترة طويلة للأسف لا أتذكره الآن وسأحاول البحث لتوثيق المعلومة، أن أهل تهامة في اليمن كانوا يقرؤون برواية ورش عن نافع، وأخبرني أحد الزملاء ممن يعمل على تحقيق مؤلف في قراءة نافع لأحد المؤلفين اليمنيين أنه زار محافظة حجة كونها هي بلد المؤلف الذي يقوم بتحقيق كتابه واستمع إلى قراءة بعض كبار السن فوجدهم يقرؤون برواية ورش ـ مع الخلط بينها وبين رواية حفص في كثير من المواضع ـ وهذا يشير إلى أن الرواية التي كانت منتشرة عندهم قديماً هي رواية ورش، والعلم عند الله.
 
عودة
أعلى