أبو عبد المعز
Active member
- إنضم
- 20/04/2003
- المشاركات
- 637
- مستوى التفاعل
- 26
- النقاط
- 28
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
صدر أخيرا للمفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن كتاب :
[align=center]روح الحداثة : المدخل إلى تأسيس الحداثة الاسلامية
نشر المركز الثقافي العربي.ط1 .2006.[/align]
[align=center]
[/align]
وما يهمني في كتابه هو الفصل الرابع :القراءة الحداثية للقرآن والابداع الموصول....والممتد من الصفحة 175 إلى 206.فخطر لي أن أعرض على الملتقى بعض ما تناوله هذا الفصل في حدود "الانتصار للقرآن".وجعلت خارج اهتمامي ما يسميه المصنف"الحداثة الاسلامية" واعتبارها بديلا لما هو كائن...وفي الحقيقة مجرد اسم"الحداثة الاسلامية"يدفعني إلى الامتعاض. فلنقف عند حدود هدم الحداثة ولا بأس من أن نتعاون مع الدكتور عبد الرحمن.....حتى إذا جاء زمن البناء قلنا:لكم دينكم ولي دين.
[align=center]ثنائيات طه عبد الرحمن:[/align]1-
القراءة الحداثية/القراءة التراثية:
هذه الثنائية هي بدورها مندرجة ضمن ثنائية أعم متقابلة الطرفين: الابداع المفصول /والابداع الموصول.
الطرف الأول هو الذي أخذ به التطبيق الغربي إذ يكون هم المرء فيه الظهور بمظهر الذي قطع صلته بالماضي.
وتعبير الدكتور طه ب "هم"و"الظهور بمظهر" يوحي بكون هذا الابداع يستجيب لمقتضيات النفس والهوى ورد الفعل أكثر مما يستجيب لمقتضيات العقل والعلم.
ومقابله الابداع الموصول وتعريفه عند طه :هو إبداع لا يقطع فيه المرء صلته إلا بما اضمحل نفعه أو أصبح ضرره أكثر من نفعه، لا يبالي بزمانه، بعيدا كان أو قريبا مجددا بذلك أسباب اكتشاف الذات.
وهو بتعريفه ذاك يحاول أن يعالج التعارض الخفي بين الصفة والموصوف..فالوصل يفترض حضور الماضي في الحاضر أما الابداع هو خلق على غير مثال أي إعدام للماضي فحصل التدافع.....وجاء قوله" لا يقطع فيه المرء صلته إلا بما اضمحل نفعه" ليصالح بين المفهومين: فثمة شيئ يبقى: ذلك الوصل، وشيء يقطع: ذلك الابداع.
القراءة الحداثية تسعى إلى تحقيق القطيعة مع القراءات التراثية......وهذه بدورها يقدمها طه على نحو ثنائي.
2-القراءات التأسيسية/القراءات التجديدية.
يجعل الدكتور طه التأسيس وصفا لما قام به المتقدمون بدون تمييز في المناهج والتخصصات...فتفاسير المفسرين والفقهاء والمتكلمين والصوفية كلها تأسيسية عنده.
أما القراءات التجديدية فهي عنده ما قام به المتأخرون سلفيين إصلاحيين كانوا أو سلفيين أصولين أو إسلاميين علميين -على حد اصطلاحه -وذكر من المفسرين العلميين اسمين :طنطاوي جوهري ومصطفى محمود.
هذا التقسيم في الواقع شكلي لم يراع فيه إلا البعد الزمني..فأصحاب القراءات التجديدية وإن تأخر بهم الزمان لا شيء يربطهم بالحداثيين.....وروابطهم الفكرية كلها مع سابقيهم..ويوضح ذلك هذه الثنائية الحاسمة:
3-منهج الانتقاد/منهج الاعتقاد.
هذه الثنائية هي المميزة حقا للمناهج والمعسكرات-لا الزمن-
يرى الدكتور طه أن القراءات التراثية في زمنيها المتقدم والمتأخر هي تفسيرات للقرآن في ارتباطها الوثيق بالإيمان.....فتفسير القرآن لا يكون أو لا يراد به إلا :
-الوضع النظري لأسس الإيمان.
-التقوية للأسباب العملية للإيمان.
فالمفسر يقرأ ليؤمن......أو ليزداد إيمانه وتبعا لذلك ....يعمل أو يسدد عمله.باختصار إنها قراءات ذات صبغة اعتقادية صريحة.
أما القراءات الحداثية فتتموضع في الضفة المقابلة:فهي لا تسعى للاعتقاد ولكنها تتغيا الانتقاد ويلخص النوعين في قوله الجامع:
"القراءات الحداثية لا تريد أن تحصل اعتقادا من الآيات القرآنية ،وإنما تمارس نقدها على هذه الآيات."
وقد يلاحظ القاريء أن الدكتور طه عندما يصف القراءات الحداثية فهو لا يستعمل عبارة "تفسير القرآن" أو تفسير النص....ولكنه يستعمل عبارة تفسير الآيات القرآنية....لأنه يرى أن الحداثيين حينما ادعوا أنهم يشتغلون بتفسير القرآن كالمتقدمين
كانوا زاعمين ذلك فقط...وإلا فهم مقتصرون في الحقيقة على تفسير بعض الآيات المأخوذة من سور مختلفة...
يخلص الدكتور طه إلى أن الوجه الذي تحقق به قراءة القرآن حداثيتها هو أن تكون قراءة انتقادية لا اعتقادية....ثم مضي يضرب الأمثلة فذكر:
قراءة محمد أركون ومدرسته بين التونسين بفرعيها : المقيمين بتونس مثل عبد المجيد الشرفي والمستقرين بباريس مثل يوسف صديق.
قراءة نصر حامد أبو زيد وطيب تيزيني.....والحق بهؤلاء حسن حنفي الذي دعا إلى ما يسميه "التأويل الموضوعاتي للقرآن"....
ما يجمع كل هؤلاء هو الانتقاد ....ولعلنا-مشيا وراء فكرة الدكتور طه عن شرط الحداثة-أن نوسع الدائرة زمانيا كما وسعها هو مكانيا....فيجوز لنا أن ندخل ضمن دائرة القراء الحداثيين أشخاصا من الماضي من أمثال ابن الراوندي فقد قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية:
ابن الراوندي
أحد مشاهير الزنادقة كان أبوه يهوديا فأظهر الإسلام ويقال إنه حرف التوراة كما عادى ابنه القرآن بالقرآن وألحد فيه وصنف كتابا في الرد على القرآن سماه الدامغ وكتابا في الرد على الشريعة والإعتراض عليها سماه الزمردة وكتابا يقال له التاج في معنى ذلك.
هذا البعد الانتقادي المميز للحداثة يدعونا إلى التنبيه على ثنائية أخرى هي:
4-القراءة الحداثية/القراءة المعاصرة.
يقول الدكتور طه:
الحداثة عندنا غير المعاصرة، إذ أن الحداثة ترتبط بأسباب التاريخ الحضاري والثقافي للمجتمع الغربي ، في حين أن المعاصرة لا يجب فيها مثل هذا الارتباط،إذ أن القاريء العصري يأخذ بمختلف منجزات عصره من غير أن يشتغل بإعادة إنتاج الأسباب التاريخية الخاصة لهذه المنجزات، بل قد يسعى إلى أن يستبدل مكانها أسبابا تاريخية أخرى تخص مجال التداول الذي يشهد قراءته ويتلقاها.....
ويضرب مثالين على القراءة المعاصرة :محمد شحرور في مؤلفه : الكتاب والقرآن.وعبد الكريم سروش في كتابه القبض والبسط في الشريعة.
ويبرر الدكتور طه-خاصة فيما يتعلق بالأول- هذا التصنيف والتسمية بدليلين:
أن شحرور نفسه وصف قراءته في عنوان كتابه بكونها قراءة معاصرة.
والثاني أن المفسرين الحداثيين نقدوا قراءته ونفوا عنها صفة الحداثة وذكر منهم اثنين:أركون وحامد أبو زيد....
معنى هذا أن الحداثة أمعن في التقليد واشد انغلاقا من العصرية....فالأولى لا تتصور الحضارة إلا على النهج الغربي...ولا تفهم التقدم إلا باتباع خطوات الغربيين فتسعى فقط إلى إعادة انتاج مراحل الحضارة الغربية على التربة المشرقية...أما العصرية فتستفيد من معطيات العصر لكنها لا ترى في اتباع الغربي ضربة لازب...
وهذا يجرنا على ثنائية أخرى:
5-الحداثة المبدعة/الحداثة المقلدة..
ولما كان يهمنا أكثر هو قراءات الحداثيين والتفصيل في منهجهم....فسنركز على هذا الطرف ونضرب صفحا عن البديل الذي يقترحه الدكتور لأننا قد نخالفه فيه ولأننا لا نريد أن نخرج عن مجال الانتصار للقرآن.
وقد أحسن الدكتور فعلا في بيان خطط القراءات الحداثية وإظهار خصائصها ونواياها.......وذلك هو موضوع حديثنا الآتي إن شاء الله.
صدر أخيرا للمفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن كتاب :
[align=center]روح الحداثة : المدخل إلى تأسيس الحداثة الاسلامية
نشر المركز الثقافي العربي.ط1 .2006.[/align]
[align=center]

وما يهمني في كتابه هو الفصل الرابع :القراءة الحداثية للقرآن والابداع الموصول....والممتد من الصفحة 175 إلى 206.فخطر لي أن أعرض على الملتقى بعض ما تناوله هذا الفصل في حدود "الانتصار للقرآن".وجعلت خارج اهتمامي ما يسميه المصنف"الحداثة الاسلامية" واعتبارها بديلا لما هو كائن...وفي الحقيقة مجرد اسم"الحداثة الاسلامية"يدفعني إلى الامتعاض. فلنقف عند حدود هدم الحداثة ولا بأس من أن نتعاون مع الدكتور عبد الرحمن.....حتى إذا جاء زمن البناء قلنا:لكم دينكم ولي دين.
[align=center]ثنائيات طه عبد الرحمن:[/align]1-
القراءة الحداثية/القراءة التراثية:
هذه الثنائية هي بدورها مندرجة ضمن ثنائية أعم متقابلة الطرفين: الابداع المفصول /والابداع الموصول.
الطرف الأول هو الذي أخذ به التطبيق الغربي إذ يكون هم المرء فيه الظهور بمظهر الذي قطع صلته بالماضي.
وتعبير الدكتور طه ب "هم"و"الظهور بمظهر" يوحي بكون هذا الابداع يستجيب لمقتضيات النفس والهوى ورد الفعل أكثر مما يستجيب لمقتضيات العقل والعلم.
ومقابله الابداع الموصول وتعريفه عند طه :هو إبداع لا يقطع فيه المرء صلته إلا بما اضمحل نفعه أو أصبح ضرره أكثر من نفعه، لا يبالي بزمانه، بعيدا كان أو قريبا مجددا بذلك أسباب اكتشاف الذات.
وهو بتعريفه ذاك يحاول أن يعالج التعارض الخفي بين الصفة والموصوف..فالوصل يفترض حضور الماضي في الحاضر أما الابداع هو خلق على غير مثال أي إعدام للماضي فحصل التدافع.....وجاء قوله" لا يقطع فيه المرء صلته إلا بما اضمحل نفعه" ليصالح بين المفهومين: فثمة شيئ يبقى: ذلك الوصل، وشيء يقطع: ذلك الابداع.
القراءة الحداثية تسعى إلى تحقيق القطيعة مع القراءات التراثية......وهذه بدورها يقدمها طه على نحو ثنائي.
2-القراءات التأسيسية/القراءات التجديدية.
يجعل الدكتور طه التأسيس وصفا لما قام به المتقدمون بدون تمييز في المناهج والتخصصات...فتفاسير المفسرين والفقهاء والمتكلمين والصوفية كلها تأسيسية عنده.
أما القراءات التجديدية فهي عنده ما قام به المتأخرون سلفيين إصلاحيين كانوا أو سلفيين أصولين أو إسلاميين علميين -على حد اصطلاحه -وذكر من المفسرين العلميين اسمين :طنطاوي جوهري ومصطفى محمود.
هذا التقسيم في الواقع شكلي لم يراع فيه إلا البعد الزمني..فأصحاب القراءات التجديدية وإن تأخر بهم الزمان لا شيء يربطهم بالحداثيين.....وروابطهم الفكرية كلها مع سابقيهم..ويوضح ذلك هذه الثنائية الحاسمة:
3-منهج الانتقاد/منهج الاعتقاد.
هذه الثنائية هي المميزة حقا للمناهج والمعسكرات-لا الزمن-
يرى الدكتور طه أن القراءات التراثية في زمنيها المتقدم والمتأخر هي تفسيرات للقرآن في ارتباطها الوثيق بالإيمان.....فتفسير القرآن لا يكون أو لا يراد به إلا :
-الوضع النظري لأسس الإيمان.
-التقوية للأسباب العملية للإيمان.
فالمفسر يقرأ ليؤمن......أو ليزداد إيمانه وتبعا لذلك ....يعمل أو يسدد عمله.باختصار إنها قراءات ذات صبغة اعتقادية صريحة.
أما القراءات الحداثية فتتموضع في الضفة المقابلة:فهي لا تسعى للاعتقاد ولكنها تتغيا الانتقاد ويلخص النوعين في قوله الجامع:
"القراءات الحداثية لا تريد أن تحصل اعتقادا من الآيات القرآنية ،وإنما تمارس نقدها على هذه الآيات."
وقد يلاحظ القاريء أن الدكتور طه عندما يصف القراءات الحداثية فهو لا يستعمل عبارة "تفسير القرآن" أو تفسير النص....ولكنه يستعمل عبارة تفسير الآيات القرآنية....لأنه يرى أن الحداثيين حينما ادعوا أنهم يشتغلون بتفسير القرآن كالمتقدمين
كانوا زاعمين ذلك فقط...وإلا فهم مقتصرون في الحقيقة على تفسير بعض الآيات المأخوذة من سور مختلفة...
يخلص الدكتور طه إلى أن الوجه الذي تحقق به قراءة القرآن حداثيتها هو أن تكون قراءة انتقادية لا اعتقادية....ثم مضي يضرب الأمثلة فذكر:
قراءة محمد أركون ومدرسته بين التونسين بفرعيها : المقيمين بتونس مثل عبد المجيد الشرفي والمستقرين بباريس مثل يوسف صديق.
قراءة نصر حامد أبو زيد وطيب تيزيني.....والحق بهؤلاء حسن حنفي الذي دعا إلى ما يسميه "التأويل الموضوعاتي للقرآن"....
ما يجمع كل هؤلاء هو الانتقاد ....ولعلنا-مشيا وراء فكرة الدكتور طه عن شرط الحداثة-أن نوسع الدائرة زمانيا كما وسعها هو مكانيا....فيجوز لنا أن ندخل ضمن دائرة القراء الحداثيين أشخاصا من الماضي من أمثال ابن الراوندي فقد قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية:
ابن الراوندي
أحد مشاهير الزنادقة كان أبوه يهوديا فأظهر الإسلام ويقال إنه حرف التوراة كما عادى ابنه القرآن بالقرآن وألحد فيه وصنف كتابا في الرد على القرآن سماه الدامغ وكتابا في الرد على الشريعة والإعتراض عليها سماه الزمردة وكتابا يقال له التاج في معنى ذلك.
هذا البعد الانتقادي المميز للحداثة يدعونا إلى التنبيه على ثنائية أخرى هي:
4-القراءة الحداثية/القراءة المعاصرة.
يقول الدكتور طه:
الحداثة عندنا غير المعاصرة، إذ أن الحداثة ترتبط بأسباب التاريخ الحضاري والثقافي للمجتمع الغربي ، في حين أن المعاصرة لا يجب فيها مثل هذا الارتباط،إذ أن القاريء العصري يأخذ بمختلف منجزات عصره من غير أن يشتغل بإعادة إنتاج الأسباب التاريخية الخاصة لهذه المنجزات، بل قد يسعى إلى أن يستبدل مكانها أسبابا تاريخية أخرى تخص مجال التداول الذي يشهد قراءته ويتلقاها.....
ويضرب مثالين على القراءة المعاصرة :محمد شحرور في مؤلفه : الكتاب والقرآن.وعبد الكريم سروش في كتابه القبض والبسط في الشريعة.
ويبرر الدكتور طه-خاصة فيما يتعلق بالأول- هذا التصنيف والتسمية بدليلين:
أن شحرور نفسه وصف قراءته في عنوان كتابه بكونها قراءة معاصرة.
والثاني أن المفسرين الحداثيين نقدوا قراءته ونفوا عنها صفة الحداثة وذكر منهم اثنين:أركون وحامد أبو زيد....
معنى هذا أن الحداثة أمعن في التقليد واشد انغلاقا من العصرية....فالأولى لا تتصور الحضارة إلا على النهج الغربي...ولا تفهم التقدم إلا باتباع خطوات الغربيين فتسعى فقط إلى إعادة انتاج مراحل الحضارة الغربية على التربة المشرقية...أما العصرية فتستفيد من معطيات العصر لكنها لا ترى في اتباع الغربي ضربة لازب...
وهذا يجرنا على ثنائية أخرى:
5-الحداثة المبدعة/الحداثة المقلدة..
ولما كان يهمنا أكثر هو قراءات الحداثيين والتفصيل في منهجهم....فسنركز على هذا الطرف ونضرب صفحا عن البديل الذي يقترحه الدكتور لأننا قد نخالفه فيه ولأننا لا نريد أن نخرج عن مجال الانتصار للقرآن.
وقد أحسن الدكتور فعلا في بيان خطط القراءات الحداثية وإظهار خصائصها ونواياها.......وذلك هو موضوع حديثنا الآتي إن شاء الله.