القرآن كتاب هداية للتدبر.. لا معلقة شعرية للنقد

نايف عبوش

New member
إنضم
12/01/2013
المشاركات
18
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
79
الإقامة
العراق
القرآن كتاب هداية للتدبر.. لا معلقة شعرية للنقد
نايف عبوش
المتصفح للشبكة العنكبوتية هذه الايام،يلاحظ ارتفاع وتيرة الكتابات المضللة، التي تتعمد المس بقدسية النص القراني، بمزاعم نقد الفكر الديني، لكي تهبط به الى مستوى ناسوتي، يتناقض مع الطبيعة الالهية المطلقة للقران.
ومع ان القران الكريم مهما حاول البعض المس بقدسيته،والانتقاص من اعتباره،لا يحتاج الى حماية من احد من البشر،لان الله تعالى قد تكفل بحفظه وفقا للقانون الالهي المركزي(ان نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)،الا ان المنافحة عنه انصافا للحقيقة، وانتصارا للموضوعية، تبقى غاية سامية، تتطلبها مقتضيات الاستقراء العلمي المنصف،بغض النظر عن موجبات تعظيم كتاب الله،ومقتضيات الذود عنه.
ولان القران كما يعلم الجميع، هو كتاب هداية للناس، كما يقول الله - سبحانه وتعالى – عنه: (إن هذا القران يهدي للتي هي أقوم)، ومن ثم فهو ليس كتابا في الطب، أو الفيزياء، او الفلك، او الفلسفة،أو نحو ذلك من العلوم،حتى يخضع لطرائقيات النقد المعروفة،مع ان ما ورد فيه من إشارات علمية تفيد الدلالة الحسية للاستقراء،وذلك بهدف حث الانسان على التعرف على الأسباب التي تقف وراء الظواهر الكونية،والاجتماعية، ورصد النتائج المنبثقة عنها،لغرض السيطرة عليها، والتمكن من تسخيرها بنجاح ، تحقيقا لمبدأ استخلاف الانسان القائم على تعظيم المنافع، ودرء الأضرار،على قاعدة:(هو الذي سخر لكم ما في الأرض جميعاً)،وفقا لآليات التسخير الالهي التي اشار لها القران.
لقد جاء القران محكما،خاليا من أي شك،أواختلاف،أو تناقض،فاعجز بذلك دهاقنة العرب،اذ(لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا)،وبهذه الخواص المحكمة،اتسم النص القرآني بقدسية مطلقة على قاعدة (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)،بما يعني أن الاقتراب المتجسد من مراد الله في فهم النص القرآني،هو مسؤولية الإنسان بعد استحضار وسائل الفهم الصحيح، التي تتجسد في التدبر العقلي،والإحاطة الشاملة بالعلوم الإسلامية النقلية منها،والعقلية، حتى لا يتقاطع الفهم الاستقرائي مع مدلول النص، بأي شكل من الأشكال،وبذلك يتفادى أن يجادل الباحث في آيات الله بغير علم،ولا هدى،ولا كتاب منير،فيهلك ويهلك.
ولا جرم أن النزق الحداثوي المعاصر، المهووس بمعطيات العلم والتكنولوجيا، بما يفسح المجال للعقل الجامح،بتجاوز حدود طاقته لدى الباحث غير المتسلح بمنهجية علوم المعرفة الاسلامية،سيدفعه الى القفز فوق اشكالية محدودية تصورات العقل،وحدود العلم التجريبي،وهي المحكومة بقاعدة(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)،فيقع منه عندئذ الوهم،وخطأ القياس،الذي يقوده الى تشويش الاستنتاجات التي وصل اليها،مما يسهل عليه عملية الطعن بصدقية وحي النص القرآني،وإسقاط الانسنة المزعومة عليه زورا وبهتانا،ليحشره بتعسف في زاوية النقد البشري، كما لو انه كتاب في الاجتماع، او الأدب، او الفلسفة.
لذلك فان التعامل مع القران الكريم ينبغي ان يتم وفقا لمنهجية العلوم الاسلامية المعتمدة في هذا المجال حصرا،وان لا تجري دراسة القران، وبحث نصوصه،الا من خلال منهجية علوم القران،والمعرفة الاسلامية المتراكمة في هذا المجال،لكي تتوافق نتائج البحث مع قدسية النص القراني،وتقترب من مقاصده،وتنأى به عن الانسنة،التي تروج لها منهجيات الحداثوية المعاصرة.
 
عودة
أعلى