القرآن الكريم والدعاوى الباطلة

إنضم
13/03/2012
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجبيل
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
لقد علم القرآن البشرية ، كيف تتحاور بصدق وعن علم وهذا ما لم نجده في كتاب غيره ، وهذا المبدأ لما تنبه له الغرب واستخدمه في العلوم الدنيوية التجريبية نبغ وأبدع ، ولما أعرض عنه في الأمور العقدية والفكرية الفلسفية تناقض وأفلس.
ولهذا نجد الغرب أنه يعيش حضارة مشوهة تقوم على ساق واحدة وهي الابداع في الجانب المادي الذي يعتني بالجسد وشهواته ، أما الجانب الروحي فهو جانب مظلم تعيس وذلك نتيجة فقدانهم المصدر المعرفي الذي يمكن أن يعتني بهذا الجانب عن علم ويقين.

ومن الأسس التي وضعها القرآن والتي يجب مراعاتها في جميع العلوم ، ما جاء في قول الله تعالى:
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء (36)

يقول سيد قطب رحمه الله تعالى:
"وهذه الكلمات القليلة تقيم منهجاً كاملاً للقلب والعقل ، يشمل المنهج العلمي الذي عرفته البشرية حديثاً جداً ، ويضيف إليه استقامة القلب ومراقبة الله ، ميزة الإسلام على المناهج العقلية الجافة!
فالتثبت من كل خير ومن كل ظاهرة ومن كل حركة قبل الحكم عليها هو دعوة القرآن الكريم ، ومنهج الإسلام الدقيق .
ومتى استقام القلب والعقل على هذا المنهج لم يبق مجال للوهم والخرافة في عالم العقيدة . ولم يبق مجال للظن والشبهة في عالم الحكم والقضاء والتعامل . ولم يبق مجال للأحكام السطحية والفروض الوهمية في عالم البحوث والتجارب والعلوم .

والأمانة العلمية التي يشيد بها الناس في العصر الحديث ليست سوى طرف من الأمانة العقلية القلبية التي يعلن القرآن تبعتها الكبرى ، ويجعل الإنسان مسؤولاً عن سمعه وبصره وفؤاده ، أمام واهب السمع والبصر والفؤاد . .
إنها أمانة الجوارح والحواس والعقل والقلب . أمانة يسأل عنها صاحبها ، وتسأل عنها الجوارح والحواس والعقل والقلب جميعاً . أمانة يرتعش الوجدان لدقتها وجسامتها كلما نطق اللسان بكلمة ، وكلما روى الإنسان رواية ، وكلما أصدر حكماً على شخص أو أمر أو حادثة .

{ ولا تقف ما ليس لك به علم } . . ولا تتبع ما لا تعلمه علم اليقين ، وما لم تتثبت من صحته : من قول يقال ورواية تروى . من ظاهرة تفسر أو واقعة تعلل . ومن حكم شرعي أو قضية اعتقادية .
وفي الحديث : « إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث » . وفي سنن أبي داود : « بئس مطية الرجل : زعموا » وفي الحديث الآخر « إن أفرى الفري أن يُريَ الرجل عينيه ما لم تريا » .
وهكذا تتضافر الآيات والأحاديث على تقرير ذلك المنهج الكامل المتكامل الذي لا يأخذ العقل وحده بالتحرج في أحكامه ، والتثبت في استقرائه : إنما يصل ذلك التحرج بالقلب في خواطره وتصوراته ، وفي مشاعره وأحكامه ، فلا يقول اللسان كلمة ولا يروي حادثة ولا ينقل رواية ، ولا يحكم العقل حكماً ولا يبرم الإنسان أمراً إلا وقد تثبت من كل جزئية ومن كل ملابسة ومن كل نتيجة ، فلم يبق هنالك شك ولا شبهة في صحتها . { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } حقاً وصدقاً ."

ومن الأسس التي وضعها القرآن المطالبة بالبرهان على كل دعوى يدعيها مدعي ، كما هو في قوله تعالى:
( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
البقرة (111)
وقوله تعالى:
(أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
النمل (64)
وقوله تعالى:
( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) الأحقاف (4)

ومن الأسس التي وضعها القرآن في هذا الجانب النهي عن اتباع الظن ، كما هو في قول الهْ تعالى:
( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) الأنعام (116)
وقوله تعالى:
(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) يونس (36)
وقوله تعالى:
(أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يونس (66)

وإنك لتعجب من شخص يحمل درجة الدكتوراه في القانون ، ويتكلم اللسان العربي ، ويزعم أنه قام بترجمة القرآن إلى الفرنسية ، ويقوم بتدريس الشريعة الإسلامية حسب زعمه ...ثم يقول :
إنه يعتقد أن القرآن ألفه رجل يهودي ...ثم لا يقدم البرهان العلمي الذي بنى عليه اعتقاده .
أما علم هذا أنه سيسأل أسئلة من أبسط الناس ، مثل :
من هو هذا اليهودي ؟
ما اسمه ؟
أين ولد ؟ وأين عاش ؟ ومتى توفي ؟
ولماذا ألف هذا القرآن ؟
ولماذا لم ينسب هذا القرآن إلى نفسه ؟
ولماذا نسبه إلى محمد بن عبد الله العربي الهاشمي القرشي صلوات ربي وسلامه عليه ، وتركه يحظى بهذا المجد الذي لم يسبقه إليه أحد قبله ولم يتحصل لأحد بعده ؟
وغير ذلك من الأسئلة التي لا حصر لها يمكن أن تطرح في وجه مثل هذه الدعوى الكاذبة ..
قال تعالى:
( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) يونس (69)
 
جزاك الله خيرا أستاذ سعيد .
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : " وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيئ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " . (الأنعام/91) .
 
من نقاط الضعف التي وقع فيها كثير من المستشرقين وعجزوا عن التخلص منها مع إدعاء المنهجية العلمية في البحث والتقصي في الوصول إلى الحقائق وبخاصة عند البحث في حقيقة القرآن ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم هو الانطلاق من حكم مسبق بمعنى: أنهم يعتقدون ثم يستدلون.
وهذه قاعدة ظاهرة البطلان عند جميع العقلاء.
فالمستشرقون يعتقدون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس نبيا وأن القرآن ليس كلام الله ثم يجتهدون في التدليل على ذلك ...وهذه الطريقة عادة تقود إلى نتائج خاطئة لأنها تدفع صاحبها بحيث لا يرى إلا الجانب الذي يظن أنه يسند معتقده.
ولربما إذا قيل لهم هذا قالوا:نحن نتمسك بالأصل وهو أنه ليس بنبي وأن القرآن ليس بكلام الله ونبني على ذلك لأننا لا نملك الدليل على خلافه.
والجواب: أن القسمة العقلية تقتضي أن ينطلق البحث من أمر ونقيضه وهو في قضيتنا :أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد يكون نبيا وممكن أن لا يكون نبيا ، وأن القرآن قد يكون كلام الله وقد لا يكون كلام الله.
ومن ثم السير في البحث بطرق الاستدلال الصحيحة التي تعارف عليها العلماء في جميع العلوم والتي في الغالب توصل إلى الحقائق إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ...



 
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذنا الحبيب سعيد الغامدي،
ارجوك ان تعذرني إن إختلفت معك فيما ذهبت إليه أن "المستشرقين" يعتقدون بأن الرسول محمدصلى الله عليه وسلم ليس نبيا وأن القرآن ليس كلام الله ثم يجتهدون في التدليل على ذلك. أظن أنه يجب التمييز بين "الدراسات الشرقية" Oriental studies / orientalistiek التي تهتم بدراسات اللغات والحضارات والثقافات الشرقية كما هي عند أهل الشرق، و الاستشراق Orientalism دراسة الشرق من وجهة نظر غربية (وهي متعددة كل مستشرق حسب أرضيته الفكرية والعقائدية). هذا أولا. ثانيا، الاستشراق كما كان في القديم منذ بدء الاصطدام ببيزنطة والكنيسة إلى إنهيار الكنيسة ليس هو الاستشراق بعد هذه الفترة حيث أن الاستشراق تحول الى دراسات شرقية بعد أن إندمجت بالدراسات الإقليمية والاستراتيجية عامة، ضمن الدراسات العلمية الاكاديمية تنظمها الجامعات، أما الاستشراق اليوم فهو من اهتمام جمعيات خاصة لها أهداف متنوعة، و حالات فردية يخرج فيها المستشرق من الكرسي الأكاديمي إلى الخطاب العام قصد تثبيت الهوية والذات، و ما يدمج في الدعاية السياسية قصد الترويج كما هو الحال اليوم مع اليمين المتطرف.

والله أعلم.
 
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذنا الحبيب سعيد الغامدي،
ارجوك ان تعذرني إن إختلفت معك فيما ذهبت إليه أن "المستشرقين" يعتقدون بأن الرسول محمدصلى الله عليه وسلم ليس نبيا وأن القرآن ليس كلام الله ثم يجتهدون في التدليل على ذلك. أظن أنه يجب التمييز بين "الدراسات الشرقية" Oriental studies / orientalistiek التي تهتم بدراسات اللغات والحضارات والثقافات الشرقية كما هي عند أهل الشرق، و الاستشراق Orientalism دراسة الشرق من وجهة نظر غربية (وهي متعددة كل مستشرق حسب أرضيته الفكرية والعقائدية). هذا أولا. ثانيا، الاستشراق كما كان في القديم منذ بدء الاصطدام ببيزنطة والكنيسة إلى إنهيار الكنيسة ليس هو الاستشراق بعد هذه الفترة حيث أن الاستشراق تحول الى دراسات شرقية بعد أن إندمجت بالدراسات الإقليمية والاستراتيجية عامة، ضمن الدراسات العلمية الاكاديمية تنظمها الجامعات، أما الاستشراق اليوم فهو من اهتمام جمعيات خاصة لها أهداف متنوعة، و حالات فردية يخرج فيها المستشرق من الكرسي الأكاديمي إلى الخطاب العام قصد تثبيت الهوية والذات، و ما يدمج في الدعاية السياسية قصد الترويج كما هو الحال اليوم مع اليمين المتطرف.
والله أعلم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل شايب
أصدقك القول أنني قرأت كلامك أكثر من مرة لعلي أجد رابطا بين ما هو باللون الأحمر وما بعده ، ولكن معذرة لم أتوصل إلى شيء.
أنت تخالفني في الفكرة كما تقول ، ومن حقك أن تخالف ..لكن الذي أعلمه أن ماذكرتُ أنا من الأمور الثابتة عند الباحثين المسلمين الذي عنو بالكتابة الاستشراقية حول القرآن وحول نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ...
ربما لم أفهم ما ترمي إليه من مشاركتك فإن كان الأمر كذلك فأرجو التكرم بالتوضيح
وجزاك الله خيرا​
 
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على رسل الله أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أحسنت بسؤالك استانا سعيد وفقك الله
إنما أردت أن أقول إن الاستشراق عند أهل الغرب كالإستغراب عند أهل الشرق في العالم الاسلامي و الصين والهند و اليابان وغيرهم لا يلزم منه الاجتهاد في التقليل و التحقير و اثبات الضعف و البطلان كما يتصور الكثير من الناس، بل هي دراسات تجتهد في وصف واقع و تاريخ و تطور هذه الحضارات، و لا يضر ذلك أن يخرج واحد من هءلاء الدارسين لفكر الآخر و حضارته خارج حدود تلك الدراسات من الوصفية الى الحكمية و من العرض إلى النقد لأنه مجرد مجهود ذاتي فردي.
 
عودة
أعلى