(القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله)

إنضم
08/02/2009
المشاركات
614
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
انعقد بحمد الله وتوفيقه المؤتمر العلمي الأول من مؤتمرات نظرية المنهاج النبوي في موضوع:
(مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله)
بمدينة استانبول بتركيا يومي 17 و 18 محرم 1434ه موافق ل 1و 2 ديسمبر (كانون الأول) 2012م، بتنظيم من ثلاث مؤسسات علمية: المركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية بباريس، والمعهد الأوربي للعلوم الإسلامية ببلجيكا، ومركز وقف لدراسة العلوم الإسلامية، شارك في هذا المؤتمر بأبحاث علمية محكمة اثنان وخمسون مشاركا من محتلف الجامعات ومراكز البحث العلمي مثلت أزيد من 20 دولة في العالم بلغات ثلاث: العربية والأنجليزية والفرنسية، تم انتقاؤهم علميا من أصل 220 بحثا، التأم هذا الجمع المبارك من الباحثين في ثماني جلسات علمية على مدى يومين قدم فيها الباحثون ملخصات عروضهم مشفوعة بمناقشات علمية رصينة هادفة، تابع تلك العروض وهذه المناقشات حضور مكثف من المهتمين بفكر الأستاذ عبد السلام ياسين إلى جانب ثلة كريمة من ضيوف المؤتمر من أهل العلم والمعرفة والدعوة خاصة من تركيا.
وأعلن المؤتمر تضامنه المطلق مع الشعب السوري المجاهد وقضيته العادلة، ومع قضية فلسطين وفي قلبها القدس والمسجد الأقصى، ودعا الأمة وكل ضمير إنساني إلى نصرة هاتين القضيتين المركزيتين.
وقد خلص الباحثون من خلال أبحاثهم ومناقشاتهم إلى جملة من التوصيات نوردها كما يلي:
توصيات المؤتمر:

  • الدعوة إلى اعتماد القرآن الكريم منطلقاً للأبحاث والدراسات. وأصلاً للتربية والتعليم، ومنهاجا لحياة الفرد والأمة في مختلف جوانبها.
  • تدريس نظرية الأستاذ عبد السلام ياسين في الجامعات و المعاهد والمدارس الإسلامية باعتبارها إسهاما فكريا وتربويا ودعويا متميزا.
  • إحداث مركز أكاديمي يعنى بدراسة نظرية المنهاج النبوي والتّجديد الدّيني يتولى عقد ندوات وموائد مستديرة وطباعة كتب بمختلف اللغات في الموضوع.
  • إحداث جائزة نظرية المنهاج النبوي تستهدف الباحثين المتخصصين لسبر أغوار النظرية.
  • إقامة الندوات والحلقات النقاشية على شبكة الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، حول فكر الأستاذ عبد السلام ياسين وبيان رؤيته في كثير من المسائل التي تمس إشكاليات واقعنا المعاصر، وتوجيه طلبة الجامعات في الكليات الإسلامية والعلوم السياسية وأقسام العلوم النفسية والتربوية للاطلاع على كتب الأستاذ عبد السلام ياسين الغنية بالموضوعات التي تصلح بحوثا قيمة وأصيلة للتخرج.
  • نشر البحوث والدراسات المتعلقة بفكر الأستاذ عبد السلام ياسين في الدوريات والمجلات العلمية الرصينة لتصل إلى المفكرين والعلماء.
  • تثمين اقتراح مجلة كلية العلوم الإسلامية، بجامعة الموصل العراقية المحكمة، استعدادها لنشر أبحاث ودراسات تتعلق بالأستاذ عبد السلام ياسين أو الإعلان عن كتبه ومنشوراته على صفحة الإعلانات في المجلة.
  • إعادة طبع وترجمة مؤلفات ومحاضرات ومسموعات ومرئيات الأستاذ عبد السلام ياسين لينتفع بها المسلمون وغيرهم من العالمين؛
  • التعريف بالتجربة الدعوية الحركية للأستاذ عبد السلام ياسين وخصوصياتها على نطاق واسع.
  • الدعوة إلى تنظيم مؤتمرات مشابهة في الموضوعات المقترحة التالية:
  • الفكر التغييري لدى عبد السّلام ياسين.
  • نظرية الأستاذ ياسين في التربية الإيمانية والإحسانية.
  • موقع المرأة في بناء دولة القرآن في نظرية المنهاج النبوي.
  • التطبيقات الواقعية لنظرية المنهاج النبوي عند عبد السلام ياسين.
  • توجِيه عناية الباحِثِينَ إلى نَظَرِيَّة المنهاج النَّبَوِيِّ سعيًا إلى البحث في جوانب الإفادة منها على أرض الواقِع، في ظِلِّ الثَّورات العَرَبِيَّة الحالية الَّتي يشهدُها العالَمُ العربي.
  • توجيه عناية الخُبراء في التَّربية والتَّعليم إلى الإفادة من نظريَّة المنهاج النَّبَوِيّ، والسعي إلى تطبيقها في التربية والتعليم.
  • إصدار مجلة علمية محكمة مختصة في الفكر المنهاجي للأستاذ عبد السلام ياسين.
  • دعوة المنظمات الإسلامية إلى اعتماد فكر الأستاذ عبد السلام ياسين في الاجتهاد الأصولي، وخاصة منظمة التعاون الإسلامي، والمجمع الفقهي الإسلامي الدولي، لتمام الاستفادة فيما يصب في مصالح الأمة .
  • توجيه نظر طلاب البحث العلمي في الجامعات الإسلامية والعربية إلى دراسة هذا الإنتاج واستخلاص الآراء وتصنيف محتوياتها للإفادة منها في مختلف المجالات وشتى الميادين. ودعوة أصحاب دور النشر والمؤسسات العلمية إلى توفير هذا الإنتاج من خلال نشرة علمية تضم الأعمال الكاملة من كتب ومقالات وتفريغ المسموعات في موسوعة واحدة.
والله نسأل في ختام هذا المؤتمر المبارك أن يتقبل من المشاركين والمشاركات والحاضرين والحاضرات بالقبول الحسن، وأن يرجعهم إلى بلدانهم وأهليهم سالمين غانمين آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
متبابعة:
الأستاذ عبد السلام ياسين هو مؤسس جماعة العدل والإحسان المغربية. وشارك في المؤتمر باحثون متخصصون في الإسلاميات واللغة والفقه والتصوف من كل من مصر وتركيا والمغرب وبلجيكا والجزائر والإمارات والسعودية وليبيا وتونس وماليزيا وكندا والعراق وباكستان واليمن.
والأستاذ عبد السلام ياسين، المُحتفَى به في أعمال المؤتمر، ينتمي إلى أسرة شهيرة بالجنوب المغربي تدعى آيت بهي من الأشراف الأدارسة. ولد صباح يوم الإثنين الرابع من ربيع الثاني سنة 1347 هجرية 1928م. وبعدما قضى طفولته في حفظ القرآن الكريم تتلمذ على يد السيد محمد المختار السوسي، صاحب التآليف المشهورة في الأدب واللغة والتاريخ وغيرها، وأحد قادة الحركة الوطنية في المغرب العربي.
انتقل الشيخ بعد ذلك للدراسة في معهد ابن يوسف التابع لجامعة القرويين، فقضى فيه أربع سنوات تمكن فيها من اللغة العربية ثم تقدم بعدها لاجتياز مباراة توظيف المعلمين فانتقل على إثرها من مدينة مراكش إلى العاصمة المغربية الرباط وأقبل على تعلم الفرنسية والإنكليزية والروسية، ولم يمنعه كل ذلك - بالإضافة إلى أعباء وظيفته- من أن يطوي في سنوات قليلة جداً مراحل الدراسة في معهد الدروس العليا للدراسات الإسلامية في الرباط (جامعة محمد الخامس حالياً).
أما المرحلة الثالثة من حياة الشيخ، فقد تدرج فيها في المناصب الإدارية والتربوية فما لبث أن جاء عهد الاستقلال (1956) فكان من بين الرعيل الأول من الموظفين المغاربة الذين تسلموا مقاليد الأمور من الإدارة الفرنسية. وتقلب في العديد من المناصب التربوية بوزارة التعليم ومنها: مزاولة مهمات التفتيش التربوي في السلكين الابتدائي والثانوي، وترؤس مدرسة المعلمين بمراكش، وتأليف مؤلفات تعليمية.
على أن التحول النوعي في حياة الشيخ كان على موعد معه وهو في غمرة التفوق المهني والارتقاء الاجتماعي، وعن هذا التحول يقول الشيخ في كتابه الإحسان: «كنتُ قد شارفتُ على الأربعين عندما تداركَني الرؤوف الرحيم بالمؤمنين بهبَة ويقظة، فهام الفؤاد وغلب التفكير في المبدأ والمعاد، فوجدتني محمولاً على الطلب مدفوعاً إليه. فعكفت على كتب القوم (يقصد المتصوفة) فما منهم إلا من صرفني للبحث عن الرفيق قبل الطريق، وشككت وترددت أهو شركٌ مع الله؟ لكنني بعد أن استغرقت في العبادة والذكر والمجاهدة والتلاوة زماناً تبيّنتُ أن طلب ما عند الله هو غير وجه الله. لكن أي شيء يرفعني إلى مقامات الإحسان وفسحات العرفان؟ واشتد بي الأسى، وعِفْتُ نفسي، حتى أتحفتني ألطاف الملك الوهاب بلقاء عارفٍ بالله رباني صحبته أعواماً (يقصد شيخه العباس القادري) وفهمت منذئذ ما معنى كون الطريق مسدوداً، ولم هذه السدود، وكيف اختراقها، وأين، ومتى، وأيَّان».
ونتيجة لهذه الصحبة المباركة لبث الشيخ في حضن الزاوية البودشيشية القادرية مدة ست سنوات إلى أن ظهرت بوادر الاختلاف معها بعد وفاة شيخه إذ اعترض الشيخ ياسين بسبب ما صار يغزو الزاوية من مظاهر التعلق بالدنيا (الارتباط بالمخزن) وإهمال الواجبات الروحية، كما كان لكتابيه «الإسلام بين الدعوة والدولة» (1971) و»الإسلام غداً» (1972) أثر واضح في ابتعاده شيئاً فشيئاً عن نهج الزاوية، لكن رسالته الشهيرة «الإسلام أو الطوفان» التي أرسلها إلى ملك المغرب الراحل الحسن الثاني (1929-1999) كانت بمثابة الحد الفاصل في حياة الرجل، فما لبث أن تبعتها سنوات «الجمر والرصاص» إذ احتدم الصراع السياسي بين أقطاب الحقل السياسي: المؤسسة الملكية، والجيش، والمعارضة الاشتراكية.
وكان نصيب الشيخ من وراء رسالته أن عوقب بالاعتقال ثلاث سنوات وستة أشهر من دون محاكمة، أمضى جزءاً منها في مستشفى المجانين! ثم خرج من السجن ليواصل مسيرته الدعوية فأسس «أسرة الجماعة» سنة 1981 التي أصبحت تعرف في ما بعد بجماعة العدل والإحسان، وواصل إصدار مجلة «الجماعة» ثم صحيفتي «الصبح» و»الخطاب» ولقيت كلها مصيراً واحداً ألا وهو التضييق والمنع فالمصادرة.
وما لبث الشيخ أن عاد إلى السجن مرة أخرى حين كتب مقالاً بعنوان «قول وفعل» انتقد فيه الملك الحسن الثاني حول ادعائه دعم ومساندة الدعوة والدعاة، وتوجت هذه المضايقات بفرض الإقامة الجبرية على الشيخ منذ نهاية كانون الأول (ديسمبر) 1989 والتي استمرت عشر سنوات كاملة.
تلك كانت بعض مقتطفات من سيرة صاحب العدل والإحسان الذي وجه رسالة مفتوحة إلى العاهل المغربي الحالي في الثامن والعشرين من كانون الثاني (يناير) سنة 2000 بعنوان «إلى من يهمه الأمر»، أعاد فيها ما سبق وذكره في رسالة «الإسلام أو الطوفان».
أما محاور المؤتمر، فتوزعت أعمالها على ستة عناوين رئيسة أولها: «نظرية المنهاج النبوي: معالم وقضايا» وفيه قدَّم الدكتور محمد باسيدي من جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية ورقة حول «المعالم الكبرى لنظرية المنهاج النبوي»، فيما خصَّص الدكتور أنور الجمعاوي من جامعة قفصة التونسية ورقته للحديث عن «معالم الإصلاح الحضاري في نظرية المنهاج النبوي». أما الأستاذ الحسن السلالي فكتب ورقة بعنوان «القرآن الكريم وبناء الجهاز المفهومي في نظرية المنهاج النبوي». وكانت المداخلة الرابعة للدكتور عبد الرحمن عبيد حسن من جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا بعنوان: «الأساس القرآني لنقد الحداثة عند الأستاذ عبد السلام ياسين»، كما تضمن المحور ذاته ثلاث أوراق أخرى بعنوان: «المرتكزات القرآنية لمذهب الأنسنة في فكر الأستاذ ياسين» و «مركزية القرآن في تفكيك بنية الاستبداد» و « نظرية المنهاج النبوي: الوظيفة والمقاصد»
وتركز المحور الثاني على «القرآن والمراجعات الأصولية والفقهية واللغوية»، وفيه كان حديث عن «مراجعة التراث الأصولي والمقصدي في ضوء الكليات القرآنية عند الأستاذ ياسين» و «لغة القرآن في نظرية المنهاج النبوي» و «القرآن الكريم مصدراً للمعرفة الفقهية في نظرية المنهاج النبوي: دراسة وصفية تحليلية».
وتناول المحور الثالث «دولة القرآن والمعرفة التاريخية في نظرية المنهاج النبوي»، وفيه قدم إدريس الكنبوري مقاربة بعنوان: «القرآن والسلطان: التاريخ وجدلية التفكيك والتركيب في فكر الأستاذ ياسين»، وفي السياق ذاته قدم خالد العسري ورقة بعنوان: «دولة القرآن في نسق الفقه السياسي للأستاذ ياسين»، فيما تحدث زكريا السرتي عن «حقوق الإنسان في دولة القرآن: المرتكزات المعرفية والمنهجية» ثم تابع الباحثون تقديم أوراقهم البحثية حول «الأساس القرآني لثقافة اللاعنف عند الأستاذ ياسين» و «الوحي وفقه التاريخ» و»القرآن مصدراً لاكتساب الخبرة التاريخية في نظرية المنهاج النبوي».
في المحور الرابع وعنوانه «القرآن والتزكية في نظرية المنهاج النبوي»، قدمتُ ورقة حول «مركزية الإحسان في نظرية المنهاج النبوي للأستاذ ياسين» تعرضتُ فيها لمسائل ثلاث أولها: موقع الإحسان والتزكية من نظرية المنهاج النبوي، وثانيها: الجمع بين الحقيقة والشريعة في فكر الشيخ، وثالثها: منهج الشيخ في الرد على خصوم التصوف. وفي السياق ذاته قارب الباحثون موضوعات مماثلة من مثل «الأسس القرآنية للنظرية التربوية عند الأستاذ ياسين»، و «قرآنية التزكية وأصالتها في مشروع الشيخ التربوي».
أما المحوران الأخيران، فقارب فيهما الباحثون قضايا تتعلق بالتأصيل المنهاجي لاقتحام العقبة في نظرية المنهاج النبوي، وتوظيف النص القرآني، ومفاهيم الفقه والعقل والوحي والعلم في نظرية المنهاج النبوي، وكذلك أيضاً محورية النص القرآني في الاستدلال على مسائل العلم في نظرية المنهاج النبوي.
وكما كان للمرأة مكانة في فكر الشيخ تم تخصيص محور كامل حول «مركزية القرآن في تحرير المرأة في نظرية المنهاج النبوي»، قدم فيه الباحثون والباحثات مداخلات حول «القرآن الكريم وقضية المرأة في نظرية المنهاج النبوي»، و «الرؤية القرآنية لتحرير المرأة وتنويرها من خلال نظرية المنهاج النبوي»، و «تجديد النظر في قضايا المرأة المسلمة من خلال نظرية المنهاج النبوي».
ويبقى القول إن أعمال هذا المؤتمر التي طبعت في ثلاث مجلدات ضخمة تعد أفضل تكريم يمكن تقديمه للشيخ في حياته.
 
عودة
أعلى