القرآن العظيم آية الآيات!

إنضم
22/08/2003
المشاركات
8
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن العظيم آية الآيات!​
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:
فإن القرآن العظيم كله آيات للموقنين وهو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وكل من يجحد آية من آياته فهو مكابر لا شك في مكابرته!
ونحن هنا لا نتكلم كلاماً إنشائياً فارغاً! بل نتحدث بأمور محسوسة مشاهدة أو لازمة أو متواترة والأدلة كثيرة ولكننا سنكتفي هنا بالتحديات التي جاءت في القرآن ونكتفي بها ولعل الله تعالى ييسر لنا الوقت لنكتب المزيد من آيات القرآن الحسية..
ولعل أهم ما نبدأ به هو هنا من تحديات وهو أعظم تحد واجه الكفار كان تحديهم بأن يأتوا بمثل القرآن!
والمثلية هنا مطلقة لا في شيء دون شيء!
وهذا هو ما أعجزهم لأنهم لن يأتوا بكلام متقن كله حق لا لبس فيه كالقرآن؛إذ لا بد أن يطغى جانب على جانب!
وللتوضيح نقول:
ينقسم كل كلام في الدنيا يقوله إنسان ويريد منه شيئاً إلى قسمين:
1- كلام علمي
2- كلام أدبي أو فني.
- أما الكلام العلمي فهو الذي يقصد من خلاله نقل الواقع إلى المتلقي بطريقة صحيحة تجعل المتلقي يتصور هذا الواقع على ما هو عليه أو تعطيه صورة أقرب إلى الواقع قدر الإمكان. أي أن الكلام العلمي دقيق كل كلمة فيه تؤدي معنى مراداً لا تتعداه!
- أما الكلام الأدبي فهو الكلام الذي يقصد من خلاله التأثير في نفس المتلقي، وعلى هذا فلا تهمه الحقيقة كثيراً ولكن الذي يهمه هو التأثير على النفس ترغيباً أو ترهيباً لتقدم على شيء أو تحجم عن شيء!
ولذلك فإن الكلمات الأدبية ليست دقيقة بالضرورة، بل ما يميزها هو جمال الصوت (السجع أو النظم) أو جمال الصورة (الخيالات التي يرسمها) أو كلاهما، وربما يكون الصدق أو الصحة أو الدقة هي آخر ما يفكر فيه الأديب أو الشاعر! وربما كانت مقولة (أعذب الشعر أكذبه) من هذا الباب!
ولكم أن تنظروا إلى قول الشاعر الجاهلي مثلاً:
ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملؤه سفيناً!
مع العلم بأن بيوتات تغلب التي ينتمي إليها الشاعر ربما لم تكن لتملأ عشر المنطقة التي كانوا يقيمون فيها!
وانظر إلى قوله: إذا بلغ الفطام لنا رضيع تخر له الجبابر ساجدينا!
فما أكذبه!
وهنا يفترق الكلام العلمي عن الكلام الأدبي؛ فالعالم الذي ينقل الكلام العلمي لا يهمه مدى تأثير الواقع في النفس (أي التجاوب الانفعالي) بل يهمه وصول الصورة الواقعية إلى الذهن قدر الإمكان ولذلك فإنك لا تجد عالماً يخطب بصوت جهوري يرعد فيه ويزبد ويقول –مثلاً-: والله الذي لا إله إلا هو إن الجسم الساكن ليبقى ساكناً ما لم تؤثر عليه قوة تدفعه للحركة! أو لن تجد عالماً يتباكى أمام الناس أو يرقق في صوته وكأنه حزين وهو يقول لهم هذه الحقيقة العلمية كما يفعل الوعاظ والمبشرون!
ومن خلال استقرائنا للنصوص العلمية أو الأخبار بالإضافة إلى النصوص الأدبية لم نجد كلاماً جمع الحقيقة مع جمال الصوت والصورة البتة! فلا بد أن يطغى أحدهما على الآخر، ولا بد أن يتقدم أحدهما على حساب الآخر! فلا بد أن يجذب أحدهما –وأحدهما فقط- القارئ!
ولكن هذا الأمر قد انتقض في نص واحد! هو القرآن العظيم!
فالقرآن العظيم جذاب في صوته (ألفاظه وتراكيبه)، وجذاب في صوره التي يرسمها في ذهن من يقرؤه، إلا أنه دقيق دقة مطلقة يشبع النفس بالمعنى الذي يريد إيصاله في ما يقوله وفيما يرسمه أي لا يخالف الواقع بل ولا يضاده ولا يناقضه!
ولكن كيف جاء القرآن بهذه الدقة العلمية مع تلك الروعة الأدبية؟!
لعل هذا هو ما نسميه (الإعجاز) وهذا هو ما تحدى القرآن به الكفار وقد أخبرهم أنهم لن يأتوا بمثله مطلقاً، فلو حاول إنسان أن يتكلم بكلام علمي دقيق فلن يستطيع أن يأتي في الوقت نفسه بكلام أدبي يجذب القارئ صوتاً أو صورة ولو حاول فإن ذلك سيكون على حساب الدقة والموضوعية!
وبالطبع فإنه لم يأت عن أحد من العرب أنه عارض القرآن العظيم بخبر صحيح ثابت! وهذا دليل على نجاح التحدي وهو دليل آخر ينضم إلى أدلة صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وصحة مصدر القرآن وأنه من عند الله تعالى.
وربما يقول البعض: إن الأعاجم لا يفهمون القرآن أصلاً فكيف يكون تحدياً لهم؟! ونستطيع الإجابة بأن الذي يهمنا هم أهل اللسان العربي الذين نزل فيهم القرآن! فهل خرق أحدهم هذا التحدي؟! لا! إذن فغيرهم عاجزون تلقائياً، وهذا ليس محل جدال، وبذلك يثبت هذا التحدي.
مع العلم بأن الطريقة نفسها ولكن بغير العربية يتحدى بها الأعاجم أنفسهم! فهل يستطيع (أفصح)! أعجمي أن ينظم كلاماً بلغته يجتمع فيه جمال الصوت والصورة مع الدقة المطلقة؟! وبالطبع فنحن لا نعرف لغة الأعاجم مثلهم ولا نستطيع أن نحكم بأنهم جاؤوا بمثل ما قلنا فيبقى الأمر صعب التحقق منه!
ومع ذلك فلم يتضمن القرآن التحدي بأن يأتوا بمثله فقط! بل التحديات التي تضمنها القرآن العظيم كثيرة.
ولعل أهم ما يلفت النظر من التحديات التي تضمنها القرآن هو تحدي اليهود في قوله تعالى: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبداً) (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) وهذه من الأدلة الحسية التي لا يستطيع أحد نقضها أو مناقضتها! ولا يستطيع أحد أن يجد فيها ثغرة كقضية اللغة! فهل رأى الناس يهودياً واحداً تمنى الموت؟! فمن رآه أو رأى من رآه أو رأى من رأى من رآه فليتفضل وليسجل شهادته!
ومثل ذلك عندما توعد أبا لهب بالنار فإنه لم يعلن إسلامه –ولو كذباً- حتى مات! فمن الذي يعلم خاتمة الناس ويجزم بها إلى هذه الدرجة؟!
هذا بالإضافة إلى الأخبار العلمية التي جاءت في القرآن العظيم، ولعل أشهرها هو مثال تكون الجنين في بطن أمه والدقة المطلقة في وصف هذا التكون والذي شهد بصحته جميع المتخصصين من علماء الأجنة ممن التقينا بهم، مع ثبوت عدم تمكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الاطلاع على هذا الأمر بنفسه من خلال ما كان متاحاً في عصره من إمكانات!
مع العلم أيضاً بأن الأرض تغص بما لا يحصى من مراكز الدراسات والأبحاث التي تعنى بالمادة والحياة والنفس والاجتماع وما يتعلق بكل ذلك من علوم لا تحصى، إلا أن مركزاً من هذه المراكز لم يكذب –علميا- خبراً واحداً جاء في القرآن العظيم! ولا يستطيع أحد أن يقول إن هذه المراكز كلها متواطئة مع المسلمين!
لقد قال الله من قبل: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)!
 
عودة
أعلى