الفوائد النفيسة المرتبة من سيرة العفيفة المبرءة

شذى الأترج

New member
إنضم
12/11/2011
المشاركات
383
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر / دمياط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[FONT=&quot]إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .[/FONT]
[FONT=&quot] أما بعد : [/FONT]
[FONT=&quot] فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .[/FONT]
[FONT=&quot] اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد .[/FONT]
[FONT=&quot] ثُمَّ أمّأ بعد ،،،
[/FONT]


[FONT=&quot] لا شكّ أن الحديث عن أم المؤمنين عائشة ؛ أحبّ الخلق إلى سيد الخلق ، لابُدّ أن يرقى لمستوى من نتحدث عنها ، وأن يحقق الغاية منه في إيصال وبيان الصورة الصحيحة لهذا الدين والذين حملوا رسالته حتى صار المسلمون بالملايين والمليارات ، إلاّ أنهم وللأسف أسماء بلا هويّات حقيقة ، ولهذا كان لابدّ من إفاقتهم من سباتهم العميق وغيبوبتهم التي طالت ، حتى يعرفوا حقيقة نبيهم صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] ومن كانوا حوله ممن حملوا راية الإسلام ، ويعرفوا من الذي ينتمي إلى هذا الدين حقّاً ، ومن الذي ينتمي إليه زيفاً ، ومن الذي ينتسب إليه اسماً ، ومن الذي يعمل على هدمه ودفنه حيّاً ، ولهذا كان لابدّ من السعي في تتبع سيرة الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين وخاصة عائشة رضي الله عنها المفترى عليها زورا وبهتاناً ، فهي دعوة صادقة لمعرفة هذا الدين حقّ معرفة ، ولذا شمّرنا عن سواعدنا ، وأخذنا عُدّتنا وعتادنا ، ثمّ توكّلنا على ربّنا ، وسعينا لجعل هذا البحث يرقى لمستوى هذه السيرة العطرة، ودعونا الله وألححنا عليه في الدعاء ، أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يؤتي ثماره المرجوّة في الدنيا والآخرة ، وأن يعيننا على إخراجه في أحسن وأبهى وأفضل صورة ، تليق بمن نتحدث عنها ، ونُعرّف بها ، وقد قال الله سبحانه : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا[/FONT][FONT=&quot]" . (الكهف/30) .[/FONT]
[FONT=&quot] وفّقنا الله لطاعته ولنصرة دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وأزواجه وأصحابه ، وحشرنا معهم عند حوض نبينا الكريم [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]غير مبدّلين من بعده ولا مُحدثين ، وسقانا من يده شربة هنيئة تروي من عطش يوم الدين : " يوم يقوم الناس لربّ العالمين " ؛ ووقانا الله عذاب السموم ، وأدخلنا جنة نعيم على سررٍ متقابلين . [/FONT]
وهذا البحث الذي أعددته منذ فترة وأقدمه الآن في ملتقى أهل التفسير ؛ يشتمل على الآيات القرآنية التي نزلت في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خاصة ، وفي أمهات المؤمنين عامة ، وكذلك الأحاديث النبوية والأخبار الصحيحة المروية منهن وعنهن ، وقسمته إلى فوائد في صورة عناوين لما جمعته من بطون كتب التفسير والإعراب وشروح الأحاديث وغيرها مع بعض التعليقات ، فاشتملت على فوائد جمة قسمتها إلى أقسام ، وخلاصة عملي في هذا البحث :


[FONT=&quot]استخراج الفوائد من كلٍّ من المباحث الآتية :
[/FONT]
[FONT=&quot]أولا ً ، الآيات القرآنية التي نزلت في أم المؤمنين عائشة خاصة . [/FONT]
[FONT=&quot]ثانيـا ً ، الآيات القرآنية التي نزلت في أمهات المؤمنين عامّة .[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثـا ً ، الأحاديث التي روتها عائشة رضي الله عنها عن نفسها خاصة ، وفيها مواقفها مع النبي[/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot] وأمهات المؤمنين والصحابة ، رضوان الله عليهم أجمعين ، وبعض خصائصها وفضائلها وفتاويها . [/FONT]
[FONT=&quot]رابعـا ً ، الأحاديث التي روتها عن أمهات المؤمنين عامة وفيها مواقفهنّ مع النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]ومع بعضهنّ البعض ومع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وبعض خصائصهنّ وفضائلهنّ . [/FONT]
[FONT=&quot]خامسا ً ، الأحاديث التي رواها الصحابة عن أمّ المؤمنين عائشة خاصة ، ومواقفها مع النب[/FONT][FONT=&quot]ي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وأمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وبعض خصائصها وفضائلها وفتاويها . [/FONT]
[FONT=&quot]سادسا ً ، الأحاديث التي رواها الصحابة عن أمهات المؤمنين عامة ومواقفهنّ مع النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وغيرهنّ من الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم أجمعين . [/FONT]
[FONT=&quot]سابعـاً ، مرويات صحيحة روتها أم المؤمنين عائشة . [/FONT]
[FONT=&quot]ثامنـاً ، فصل في الموضوعات عن أم المؤمنين عائشة .[/FONT]
[FONT=&quot]تاسعـاً ، فصل في الفوائد المستخرجة من الهجمات عليها والشبهات المثارة حولها على مر التاريخ والمعلومات الخاطئة عنها ، وردود أهل السنة عليها بالأدلّة النقليّة والعقليّة :[/FONT]
[FONT=&quot]أ ) في حياتها على مرحلتين :[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]الأولى ، في حياة النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]. الثانية ، في حياتها بعد وفاتـه [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]. ب ) بعد وفاتها رضي الله عنها . [/FONT]
[FONT=&quot]عاشـراً ، فصل في ثناء الصحابة والتابعين عليها ووفاتها رضي الله عنها .[/FONT][FONT=&quot]
* أنواع الفوائد المستخرجة من سيرتها – رضي الله عنها - :
[/FONT]
[FONT=&quot]
1 - فوائد أسباب نزول الآيات .[/FONT]
[FONT=&quot]
2 - فوائد لغوية و بلاغية من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]
3 – فوائـد تفسيريـة من الآيات القرآنية .[/FONT]
[FONT=&quot]
4 – فوائـد فقهيــة من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]
5 – فـوائد عقـائديـة من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]
6 – فوائـد أصوليـة من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]
7 – فوائد تربوية وإيمانية من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]
8 – فوائد علمية ودعوية من الآيات والأحاديث والأخبار .[/FONT]
[FONT=&quot]

رضي الله عنها وعن سائر أمّهات المؤمنين ، وألحقنا بهنّ في جنّات نعيم :[/FONT]
[FONT=&quot] " ... فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ " .[/FONT][FONT=&quot](القمر/54-55) . [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]​
وأسأل الله أن يكون فيه النفع والفائدة ، والتعريف بسيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين ، وخاصة أم المؤمنين عائشة ، وما فيها من فوائد جمة في شتى مناحي الحياة ، وأبدأ تمهيداً للبحث بتعريف مختصر لها ويحتوي على ما أورده الإمام الذهبي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها في سير أعلام النبلاء ، ثم أورد الفوائد تباعا بحسب المنهج والتسلسل المذكورين أعلاه ، وأنتظر منكم توجيهاتكم وإرشاداتكم ، ونسأل الله التوفيق والسداد .

كتبته / الأترجة المصرية (شذى الأترج) .
 
[FONT=&quot] تمهيـــد [/FONT]
[FONT=&quot]من هي العفيفة المُبرّأَة ؛ أمّ المؤمنين عائشة ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]1 – هي عائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot]: [/FONT]
[FONT=&quot] هي بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ ، التَّيْمِيَّةُ ، المَكِّيَّةُ ، النَّبَوِيَّةُ ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ ، زَوجَةُ النَّبِيّ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم [/FONT][/FONT][FONT=&quot]أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]2 - وَأُمُّهَا : هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ [/FONT][FONT=&quot]أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]3 – وُلِدت بمكّة في السنة الثامنة قبل الهجرة[/FONT][FONT=&quot] : [/FONT]
[FONT=&quot] وقيل في السنة التاسعة قبل الهجرة ، فهي أصغر من فاطمة رضي الله عنها بثماني سنين ، وعائشة ممن وُلِد في الإسلام ، وكانت تقول : " [/FONT][FONT=&quot]لَمْ أعْقِل أبَويَّ إلاّ وهما يدينان الدّين " [FONT=&quot][2][/FONT]، [/FONT][FONT=&quot]وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَحِقَتْ بِمَكَّةَ سَائِسَ الفِيْلِ شَيْخاً أَعْمَى يَسْتَعْطِي .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]4 - هَاجَرَ أبوها مع النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]ثمّ بعث إلى أمّها وأخيها بعبد الله بن أريقط للحاق به في المدينة :[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فهاجرا ومعهما عائشة و قدمت معهم أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العواّم وهي حاملٌ مُتمّ بعبد الله بن الزبير أوّل مولود للإسلام من أم وأب مسلمين بدار الهجرة [FONT=&quot][3][/FONT].[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]مسند أحمد: 6 / 29، طبقات ابن سعد م: 8 / 58 - 81، التاريخ لابن معين: 73، 738، طبقات خليفة: 333، تاريخ خليفة: 225، المعارف: 134، 176، 208، 550. تاريخ الفسوي: 3 / 268، المستدرك: 4 / 4 - 14، حلية الأولياء: 2 / 43، الاستيعاب: 4 / 1881، جامع الأصول: 9 / 132، أسد الغابة: 7 / 188، تهذيب الكمال: 1688، تاريخ الإسلام: 2 / 294، البداية والنهاية: 8 / 91، 94، مجمع الزوائد: 9 / 225 - 244، تهذيب التهذيب: 12 / 433 - 436، الإصابة: 13 / 38، خلاصة تذهيب الكمال: 493، كنز العمال: 13 / 693 شذرات الذهب: 1 / 9 و61 – 63/ نقلاً عن : سير أعلام النبلاء ، وإضافة الفائدة الثالثة من : سيرة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم / بتصرف . [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (476) . [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]راجع البداية والنهاية [/FONT][FONT=&quot](3/219) [/FONT][FONT=&quot]ومستدرك الحاكم [/FONT][FONT=&quot](4/5[/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot]4) [/FONT][FONT=&quot]ومجمع الزوائد [/FONT][FONT=&quot](9/228[/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot]227) [/FONT][FONT=&quot]ومعجم الطبراني الكبير[/FONT][FONT=&quot](23/24[/FONT][FONT=&quot]و[/FONT][FONT=&quot]183) [/FONT][FONT=&quot]والسيرة النبوية في فتح الباري [/FONT][FONT=&quot](2/52)[/FONT][FONT=&quot]وأسد الغابة[/FONT][FONT=&quot](5/447) : [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]سيرة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
 
[FONT=&quot]5 - َتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ : [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً ، وَقِيْلَ : بِعَامَيْنِ ، وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ، مُنَصَرَفَهُ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ ،[/FONT][FONT=&quot] عن عروة [/FONT][FONT=&quot]قَالَ : «تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] إِلَى المَدِينَةِ بِثَلاَثِ سِنِينَ ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ»[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot][1][/FONT]،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا»[FONT=&quot][2][/FONT] ، [/FONT][FONT=&quot]فَرَوَتْ عَنْهُ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]: عِلْماً كَثِيْراً ، طَيِّبا ً، مُبَارَكاً فِيْهِ ، وَعَنْ : أَبِيْهَا ، وَعَنْ : عُمَرَ، وَفَاطِمَةَ ، وَسَعْدٍ ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ ، وَجُدَامَةَ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] بِنْتِ وَهْبٍ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]6 - [/FONT][FONT=&quot]حَدَّثَ عَنْهَا :[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ النَّخَعِيُّ مُرْسَلاً ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ التَّيْمِيُّ كَذَلِكَ ، وَإِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ ، وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ ، وَأَيْمَنُ المَكِّيُّ ، وَثُمَامَةُ بنُ حَزْنٍ ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ عُمَيْرٍ ، وَالحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ ، وَالحَارِثُ بنُ نَوْفَلٍ ، وَالحَسَنُ ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ - وَقِيْلَ : لَمْ يَسَمَعْ مِنْهَا - وَخَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُوْرَةِ ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَخِلاَسٌ الهَجَرِيُّ ، وَخِيَارُ بنُ سَلَمَةَ ، وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَذَكْوَانُ السَّمَّانُ ؛ وَمَولاَهَا ذَكْوَانُ ، وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ - وَلَمْ يَسَمَعَا مِنْهَا - وَزَيْدُ بنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ ، وَسَالِمُ سَبَلاَنَ ، وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ ، وَسَعْدُ بنُ هِشَامٍ ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ ، وَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بُرَيْدَةَ ، وَشُرَيْحُ بنُ أَرْطَاةَ ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ ، وَشَرِيْقٌ الهَوْزَنِيُّ ، وَشَقِيْقٌ أَبُو وَائِلٍ ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ ، وَصَالِحُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ الهَدِيْرِ، وَصَعْصَعَةُ عَمُّ الأَحْنَفِ ، وَطَاوُوْسٌ ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ ، وَعَابِسُ بنُ رَبِيْعَةَ ، وَعَاصِمُ بنُ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيُّ ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَعبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنُ أُخْتِهَا ، وَأَخُوْهُ عُرْوَةُ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شِهَابٍ الخَوْلاَنِيُّ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُوْهُ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ ، وَابْنَا أَخِيْهَا : عَبْدُ اللهِ ، وَالقَاسِمُ ابْنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَتِيْقٍ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أَخِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ ، وَرَضِيْعُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابنُ الأَسْوَدِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابِطٍ الجُمَحِيُّ ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ وَالِدُ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ ، وَعِرَاكٌ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَعُرْوَةُ المُزَنِيُّ ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ ، وَعَلْقَمَةُ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ ، وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ ، وَعَمْرُو بنُ غَالِبٍ ، وَعَمْرُو بنُمَيْمُوْنٍ ، وَعِمْرَانُ بنُحِطَّانَ ، وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُهَا ، وَعِيَاضُ بنُ عُرْوَةَ ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ ، وَغُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ ، وَفَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيّ رَضِيْعُهَا ، وَكُرَيْبٌ ، وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ - إِنْ كَانَ لَقِيَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الجُمَحِيُّ ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ - وَمَرْوَانُ العُقَيْلِيُّ أَبُو لُبَابَةَ ، وَمَسْرُوْقٌ ، وَمِصْدَعٌ أَبُو يَحْيَى ، وَمُطَرِّفُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَمِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ ، وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَلْحَقْهَا - وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ ، وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ عَطَاءٍ ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ ، وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ بَابَنُوْسَ ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ ،وَأَبُو حُذَيْفَةَ الأَرْحَبِيُّ ، وَأَبُو حَفْصَةَ مَوْلاَهَا ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ - وَكَأَنَّهُ مُرْسل - وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي ، وَأَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ ، وَأَبُو العَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيُّ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ ، وَأَبُو عَطِيَّةَ الوَادِعِيُّ ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَأَبُو المَلِيْحِ الهُذَلِيُّ ، وَأَبُو مُوْسَى ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ ، وَأَبُو يُوْنُسَ مَوْلاَهَا.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] وَبُهَيَّةُ مَوْلاَةُ الصِّدِّيْقِ ، وَجَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَخَيْرَةُ وَالِدَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ ، وَذِفْرَةُ بِنْتُ غَالِبٍ ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ نَصْرٍ، وَزَيْنَبُ السَّهْمِيَّةُ ، وَسُمَيَّةُ البَصْرِيَّةُ ، وَشُمَيْسَةُ العَتْكِيَّةُ ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَةَ ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَرْجَانَةُ وَالِدَةُ عَلْقَمَةَ بنِ أَبِي عَلْقَمَةَ ، وَمُعَاذَةُ العَدَوِيَّةُ ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ التَّيْمِيَّةُ أُخْتُهَا ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ ، وَطَائِفَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ .[/FONT]

[FONT=&quot][1]http://vb.tafsir.net/#_ftnref1[FONT=&quot] ) [/FONT][/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [FONT=&quot]: (3896) .[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][2]http://vb.tafsir.net/#_ftnref2[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (5133) .[/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][3]http://vb.tafsir.net/#_ftnref3[FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot] بالجيم المعجمة، والدال المهملة ، وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي لأمه ، صحابيه لها سابقة وهجرة ، وقد تحرف اسمها إلى " حرامة " بالحاء المهملة والراء في الجزء المخصوص بترجمه السيدة عائشة المستل من السير، المطبوع بدمشق سنة1945/ نقلاً عن : سير أعلام النبلاء .[/FONT][FONT=&quot][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][4]http://vb.tafsir.net/#_ftnref4[FONT=&quot] ) [/FONT][/FONT][FONT=&quot]هو علقمة بن قيس النخعفي [FONT=&quot].[/FONT][/FONT]


[FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
 
[FONT=&quot]7-[/FONT][FONT=&quot] مُسْنَدُ عَائِشَةَ رضي الله عنها :[/FONT]
[FONT=&quot] يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ ، اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى : مائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ ، وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]8 – وَكَانَتِ عائشة امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً ، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا : الحُمَيْرَاءُ ، وتكنَّت بأمِّ عبدالله .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]9 - وَلاَ نَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا . [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]10 – وفضائلها ومناقبها لا يُنكرها إلاّ جاحد أو منافق ، وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَبِيْهَا ، وَهَذَا مَرْدُوْدٌ :[/FONT]
[FONT=&quot] وقد جعل الله لكلّ شيئ ٍ قدراً ، بل نشهدُ أنّها زوج نبينا صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة ، فهل فوق ذلك مفخر[FONT=&quot][1][/FONT] ؟ وفضائلها ومناقبها والفوائد المستخرجة من حياتها وسيرتها رضي الله عنها ؛ أكثر من أن تُعدّ أو أن تُحصى ، وسنسعى جاهدين لحصر بعضها من خلال هذا البحث ، وفّقنا الله لما فيه الخير والصّواب .[/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]سير أعلام النبلاء [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف وإضافة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
المبحث الأول ، الفوائد المستخرجة من الآيات القرآنية التي نزلت في
أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - خاصة
[FONT=&quot]**[/FONT][FONT=&quot] الآية الأولى : -[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا".[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] ( النساء / 43 ) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]*** الفوائد المستخرجة من الآية : -[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً ، فوائد أسباب النزول : -[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]1- انقطع عقد لعائشة رضي الله عنها فشُرِع التيمم تيسيراً على هذه الأمّة : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] قوله تعالى: [/FONT][FONT=&quot]" وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot] هذه آية التيمم ، نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة وهو جريح ، فرخص له في أن يتيمم ، ثم صارت الآية عامة في جميع الناس . [/FONT]
[FONT=&quot] وقيل : نزلت بسبب عدم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الصحابة الماء في غزوة (المريسيع)[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حين انقطع العقد لعائشة ، أخرج الحديث مالك من رواية عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه عن عائشة [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وترجم البخاري هذه الآية في كتاب التفسير : حدثنا محمد قال : أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله [/FONT][FONT=&quot]عنها قالت : " هلكت قلادة لأسماء فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]في طلبها رجالاً ، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماءً فصلوا وهم على غير وضوء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم "[FONT=&quot][3][/FONT] ، قلت (القرطبي) : وهذه الرواية ليس فيها ذكر للموضع ، وفيها أن القلادة كانت لأسماء ، خلاف حديث مالك .[/FONT]
[FONT=&quot] وذكر النسائي من رواية علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أبيه عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة لها وهي في سفر مع رسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم فانسلت منها وكان ذلك المكان يقال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]له الصلصل [FONT=&quot][4][/FONT]، وذكر الحديث . ففي هذه الرواية عن هشام أن القلادة كانت لأسماء ، وأن عائشة استعارتها من أسماء ، وهذا بيان لحديث مالك إذا قال : انقطع عقد لعائشة ، ولحديث البخاري إذ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال : هلكت قلادة لأسماء ، وفية أن المكان يقال له الصلصل .[/FONT]
[FONT=&quot] وأخرجه الترمذي : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه ، عن عائشة أنها سقطت قلادتها ليلة الأبواء [FONT=&quot][5][/FONT]، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]رجلين في طلبها ، وذكر الحديث [FONT=&quot][6][/FONT]. ففي هذه الرواية عن هشام أيضا إضافة القلادة إليها ، لكن إضافة مستعير بدليل حديث النسائي . وقال في المكان : (الأبواء) كما قال مالك ، إلا أنه من غير شك . وفي حديث مالك قال : " وبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته " . وجاء في البخاري : أن رسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]r[/FONT][/FONT][FONT=&quot] وجده ، وهذا كله صحيح المعنى ، وليس اختلاف النقلة في العقد والقلادة ولا في الموضع ما يقدح في الحديث ولا يوهن شيئاً منه ، لأن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المعنى المراد من الحديث والمقصود به إليه هو نزول التيمم ، وقد ثبتت الروايات في أمر القلادة . [/FONT][FONT=&quot]وأما قوله في حديث الترمذي : فأرسل رجلين قيل : أحدهما أسيد بن حضير ، ولعلهما المراد بالرجال في حديث البخاري فعبر عنهما بلفظ الجمع ، إذ أقل الجمع اثنان ، أو أردف في أثرهما غيرهما فصح إطلاق اللفظ والله أعلم ، فبعثوا في طلبها فطلبوا فلم يجدوا شيئاً في وجهتهم ، فلما رجعوا أثاروا البعير فوجدوه [FONT=&quot][7][/FONT] تحته . [/FONT]
[FONT=&quot] وقد روي أن أصحاب رسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم أصابتهم جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] فنزلت هذه الآية ، وهذا أيضاً ليس بخلاف لما ذكرنا ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فإنهم ربما أصابتهم الجراحة في غزوتهم تلك التي قفلوا منها إذ كان فيها قتال فشكوا ، وضاع العقد ونزلت الآية ، وقد قيل : إن ضياع العقد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كان في غزاة بني المصطلق ، وهذا أيضا ليس بخلاف لقول من قال في غزاة المريسيع ، إذ هي غزاة واحدة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]غزا بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة من الهجرة ، على ما قال خليفة بن خياط وأبو عمر بن عبد البر ، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ، وقيل : بل نميلة بن عبد الله الليثي. [/FONT]
[FONT=&quot] وأغار رسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][/FONT][FONT=&quot] على بني المصطلق وهم غارون ، وهم على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot] مما يلي الساحل ، فقتل من قتل وسبى من سبى من النساء والذرية وكان شعارهم يومئذ : أمت أمت . وقد قيل : إن بني المصطلق جمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وأرادوه ، فلما بلغه ذلك خرج إليهم فلقيهم على ماء ، فهذا ما جاء في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بدء التيمم والسبب فيه . [/FONT]
[FONT=&quot] وقد قيل : إن آية المائدة آية التيمم ، على ما يأتي بيانه هناك ؛ قال أبو عمر[/FONT][FONT=&quot]: فأنزل الله تعالى آية التيمم ، وهي آية الوضوء المذكورة في سورة (المائدة) ، أو الآية التي في سورة (النساء) ، ليس التيمم مذكوراً في غير هاتين الآيتين وهما مدنيتان .[FONT=&quot][9][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وقال القاضي أبو بكر ابن العربي : هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء عند أحد ، هما آيتان فيهما ذكر التيمم ، إحداهما في (النساء) والأخرى في (المائدة) ، فلا نعلم أية آية عنت عائشة بقولها : " [/FONT][FONT=&quot]فأنزل الله آية التيمم " ، ثم قال : وحديثها يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معلوماً ولا مفعولاً لهم . قلت : أما قوله : (فلا نعلم أية آية عنت عائشة) فهي هذه الآية على ما ذكرنا ، والله أعلم ، وقوله : (وحديثها يدل على أن التيمم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قبل ذلك لم يكن معلوماً ولا مفعولاً لهم) فصحيح ولا خلاف فيه بين أهل السير ، لأنه معلوم أن غسل الجنابة لم يفترض قبل الوضوء ، كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] منذ افترضت عليه الصلاة بمكة لم يصل إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم فدل على أن آية الوضوء إنما نزلت ليكون فرضها المتقدم متلوا في التنزيل ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وفي قولها : " [/FONT][FONT=&quot]فنزلت آية التيمم " ولم تقل آية الوضوء ما يبين أن الذي طرأ لهم من العلم في ذلك الوقت حكم التيمم لا حكم الوضوء ، وهذا بين لا إشكال فيه . [FONT=&quot][10][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المريسيع [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]مصغر مرسوع ، بئر أو ماء لخزاعة على يوم من الفرع ، وإليه تضاف غزوة بني المصطلق [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الموطّأ [/FONT][FONT=&quot]: (121) . [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (4583) . [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الصلصل [/FONT][FONT=&quot]( [/FONT][FONT=&quot]بضم أوله ويُفتح [/FONT][FONT=&quot]) : [/FONT][FONT=&quot]موضع على بعد سبعة أميال من المدينة [/FONT][FONT=&quot].( [/FONT][FONT=&quot]عن معجم البلدان [/FONT][FONT=&quot]): [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الأبواء بفتح الهمزة [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]منزل بين مكة و المدينة قريب من الحجفة من جهة الشمال على مرحلة [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]تفسيرالقرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]مسند الحميدي [/FONT][FONT=&quot]: (173) . [/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الضمير أولاً للقلادة ، وثانياً للعقد [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]تفسيرالقرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]موقع بين مكة والمدينة ، أو ماء [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تفسيرالقرطبي[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثانيا ً ، الفوائد اللغوية و البلاغية : -[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] 2 – المقصود بالجُنُب من قول الله تعالى في آية التيمم : "[/FONT][FONT=&quot] وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ "[/FONT][FONT=&quot] : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" جُنُباً[/FONT][FONT=&quot] " ، اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب ، فهو لفظ يطلق على المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] وبعضهم جمعه جمعاً مذكراً سالماً ، قال : قوم جنبون ، وجمع تكسير فقالوا : قوم أجناب ، وفي تثنيته قالوا جُنُبان . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأصله من : ( جَنَبَ الشيء ) : أي بَعُدَ عنه ، و( جَنَبَ ) فلاناً الشيء جَنْباً وجُنوباً وجنابةً : نَحّاهُ عنه . و( جَنِبَ) فلان : صار جُنُباً . و( الجنابة شرعاً ) : حال موجبة للاغتسال .( الجُنُب ) : البعيد ، وفي القرآن : " فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " . (القصص / 11 ) ، و ( الجُنُب ) : الغريب النازل في جوارك ، ويقال : جارُ الجُنُب ، و جارٌ جُنُب ، وفي القرآن : " وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ " . ( النساء / 36 ) . و ( الجُنُب ) : من أصابته جَنابة . (ج) أجناب . [FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]3 – من هم عابري السبيل ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" عابري [/FONT][FONT=&quot]" ، جمع عابر، اسم فاعل من عبر يعبر باب نصر وزنه فاعل [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] يقال : عبرت الطريق أي قطعته من جانب إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]جانب ، وعبرت النهر عبوراً ، وهذا عبر النهر أي شطه ، ويقال : عبر بالضم ، والمعبر : ما يعبر عليه من سفينة أو قنطرة ، وهذا عابر السبيل أي مار الطريق ، وناقة عبر أسفار: لا تزال يسافر عليها ويقطع بها الفلاة والهاجرة لسرعة مشيها[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot][4][/FONT] ، و ( السبيل ) : الطريق ، ويطلق على المسافر : عابر سبيل ، واختلف إن كان هو المراد في هذه الآية ، أو أنه يقصد به العبور بالمسجد ، وسيأتي بيانه في الفوائد التفسيرية . [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]4– [/FONT][FONT=&quot]الكناية والالتفات في قوله تعالى : " أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ " :[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] المجيء من الغائط ؛ كناية عن الحدث لأن المعتاد أن من يريده يذهب إليه ليواري شخصه عن أعين الناس ، وإسناد المجيء منه إلى واحد مبهم من المخاطبين دونهم للتفادي عن التصريح بنسبتهم إلى ما يستحيا منه أو يستهجن التصريح به ، و [/FONT][FONT=&quot]" الغائط[/FONT][FONT=&quot] " ، على لفظ اسم الفاعل وليس بذاك ، فعله غاط يغوط باب نصر، فهو اسم جامد لمكان أو شيء[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، و [/FONT][FONT=&quot]" الْغائِطِ[/FONT][FONT=&quot] " : في[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الأصل البطن الواسع من الأرض المطمئن ، وكان الرجل إذا أراد قضاء حاجة أتى غائطا من الأرض ، فقيل لكل من أحدث : تغوّط ، استحياءً من ذكر الحدث[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot] جرياً على عادة العرب ، وهي أن الإنسان منهم إذا أراد قضاء حاجة قصد مكاناً منخفضاً من الأرض وقضى حاجته فيه[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، أما الالتفات في قوله : «أو جاء أحد» فقد التفت من الخطاب إلى الغيبة ، لأنه كناية عما يستحيا من ذكره ، فلم يخاطبهم به ، وهذا من محاسن الكلام. [FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] وقال القرطبي : قوله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ[/FONT][FONT=&quot] " الغائط أصله ما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]انخفض من الأرض ، والجمع الغيطان أو الأغواط ، وبه سمي غوطة دمشق . وكانت العرب تقصد هذا الصنف من المواضع لقضاء حاجتها تستراً عن أعين الناس ، ثم سمي الحدث الخارج من الإنسان غائطاً للمقارنة ، وغاط في الأرض يغوط إذا غاب ، وقرأ الزهري : (من الغيط) فيحتمل أن يكون أصله الغيط فخفف ، كهين وميت وشبهه ، ويحتمل أن يكون من الغوط ، بدلالة قولهم تغوط إذا أتى الغائط ، فقلبت واو الغوط ياء ، كما قالوا في لا حول لا حيل .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]5- الكناية والبلاغة في قوله تعالى : " أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ " :[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] قوله تعالى: [/FONT][FONT=&quot]" أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ [/FONT][FONT=&quot]" قرأ نافع وابن- كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر [/FONT][FONT=&quot]" لامَسْتُمُ [/FONT][FONT=&quot]" ، وقرأ حمزة والكسائي : (لمستم) وفي معناه ثلاثة أقوال :
[/FONT]

[FONT=&quot]الأول- أن يكون لمستم جامعتم .
[/FONT]

[FONT=&quot]الثاني- لمستم باشرتم .
[/FONT]

[FONT=&quot]الثالث- يجمع الأمرين جميعاً .[/FONT]
[FONT=&quot] و(لامَسْتُمُ) بمعناه عند أكثر الناس ، إلا أنه حكي عن محمد بن يزيد أنه قال : الأولى في اللغة أن يكون [/FONT][FONT=&quot]" لامَسْتُمُ[/FONT][FONT=&quot] " بمعنى قبلتم أو نظيره ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأن لكل واحد منهما فعلاً ، قال : و(لمستم) بمعنى غشيتم ومسستم ، وليس للمرأة في هذا فعل[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]6- معنى التيمم لغةً وشرعاً : -[/FONT]
[FONT=&quot] التيمُّم لغةً: القصد ، قال الله تعالى : " وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ " . (البقرة/267) .[/FONT]
[FONT=&quot] وقال امرؤ القيس : [/FONT]
[FONT=&quot] تيمّمتُ للعين التي عند ضارجٍ يفيءُ عليها الظلُّ عَرْمَضُها طَامِي [FONT=&quot][11][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وقول الله تعالى : " فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا " ، أي : اقصدوه . [FONT=&quot][12][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] ويقال : تيمَّمْتُ فلاناً ، ويمَّمْتُهُ ، وتأمَّمْتُهُ ، وأمَّمْتُهُ ، أي : قصدته . [FONT=&quot][13][/FONT] [/FONT][FONT=&quot]والتيمم بالصعيد أصله التعمد ، يقال : تيمّمتك وتأمّمتك وأممتك ، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب ، والأصل في ذلك كله وجه الأرض الخالية من النبات والغروس والبناء المستوية ، ومنه قول ذي الرمّة :[/FONT]
[FONT=&quot] كأنه بالضحى ترمي الصعيد به [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] دبابة في عظام الرأس خرطوم[/FONT]
[FONT=&quot] يعني ترمي به وجه الأرض.[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] وشرعاً: التعبد لله بقصد الصعيد الطيب للتطهر به ، لاستباحة ما يبيحه الوضوء والغسل[FONT=&quot][15][/FONT]، أو هو ما نُقل في عرف الفقهاء إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد [FONT=&quot][16][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، والصعيد : اسم جامد بمعنى التراب .[/FONT]
[FONT=&quot] وقوله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" فَتَيَمَّمُوا[/FONT][FONT=&quot] " : التيمم مما خصت به هذه الامة توسعة عليها ، قال صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]فضلنا على الناس بثلاث : جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ [/FONT][FONT=&quot]»[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، والكلام هاهنا في معنى التيمم لغةً وشرعاً ، فالتيمم لغة هو القصد : تيممت الشيء : قصدته ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وتيممت الصعيد تعمدته ، وتيممته برمحي وسهمي أي قصدته دون من سواه ، وأنشد الخليل [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][18][/FONT][/FONT][FONT=&quot]:[/FONT]
[FONT=&quot] يممته الرمح شزراً [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ثم قلت له [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] هذي البسالة لا لعب الزحاليق[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] قال الخليل : من قال في هذا البيت أممته فقد أخطأ ، لأنه قال : (شزراً) ولا يكون الشزر إلا من ناحية ولم يقصد به أمامه ، وقال امرؤ القيس :[/FONT]
[FONT=&quot] تيممتها [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][21][/FONT][/FONT][FONT=&quot]من أذرعات وأهلها [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] بيثرب أدنى دارها نظر عال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]وقال أيضاً :[/FONT]
[FONT=&quot] تيممت العين التي عند ضارج [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] يفيء عليها الظل عرمضها طامي[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][22][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]وقال آخر:[/FONT]
[FONT=&quot] إني كذاك إذا ما ساءني بلد [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] يممت بعيري غيره بلدا[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][23][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وقال أعشى باهلة :[/FONT]
[FONT=&quot] تيممت قيسا وكم دونه [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] من الأرض من مهمه ذي شزن [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][24][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وقال حميد بن ثور :[/FONT]
[FONT=&quot] سل الربع أنى يممت أم طارق [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] وهل عادة للربع أن يتكلما[/FONT]
[FONT=&quot]وللشافعي رضى الله عنه :[/FONT]
[FONT=&quot] علمي معي حيثما يممت أحمله [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] بطني وعاء له لا بطن صندوق[/FONT]
[FONT=&quot] قال ابن السكيت : قوله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً[/FONT][FONT=&quot] " أي اقصدوا ، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب .[/FONT]
[FONT=&quot] وقال ابن الأنباري في قولهم : (قد تيمم الرجل) معناه قد مسح التراب على وجهه ويديه ، قلت (القرطبي) : وهذا هو التيمم الشرعي ، إذا كان المقصود به القربة ، ويممت المريض فتيمم للصلاة ، ورجل مُيمّم : يظفر بكل ما يطلب ، عن الشيباني . وأنشد :[/FONT]
[FONT=&quot] إنا وجدنا أعصر بن سعد [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] ميمم البيت رفيع المجد[/FONT]
[FONT=&quot] وقال آخر :[/FONT]
[FONT=&quot] أزهر لم يولد بنجم الشح [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] ميمم البيت كريم السنح [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][25][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] ولفظ التيمم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذكره الله تعالى في كتابه في (البقرة) في قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَلاَتَيَمَّمُوا الْخّبِيثَ[/FONT][FONT=&quot] ..." . (البقرة/267) ، وفي هذه السورة ، و(المائدة) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]7 – معنى الصعيد الطيب في اللغة ، والمقصود به في آية التيمم :[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى: [/FONT][FONT=&quot]" صَعِيداً طَيِّباً[/FONT][FONT=&quot] " الصعيد : وجه الأرض كان عليه تراب أو لم يكن ، قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج . قال الزجاج : لا أعلم فيه خلافا بين أهل اللغة ، قال الله تعالى [/FONT][FONT=&quot]: " وَإِنَّا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً[/FONT][FONT=&quot] " ؛ أي : أرضاً غليظة لا تنبت شيئاً ، وقال تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً[/FONT][FONT=&quot] " ، ومنه قول ذي الرمة :[/FONT]
[FONT=&quot] كأنه بالضحى ترمي الصعيد به [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] دبابة في عظام الرأس خرطوم [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][26][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] وفِي الْقَامُوسِ : وَالصَّعِيدُ التُّرَابُ أَوْ وَجْهُ الْأَرْضِ ، وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ : الصَّعِيدُ تُرَابُ وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَفِي الْمِصْبَاحِ : الصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ، قَالَ الزَّجَّاجُ : لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْضًا : وَيُقَالُ : الصَّعِيدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَعَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَعَلَى الطَّرِيقِ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][27][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، وإنما سمي صعيداً لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض ، وجمع الصعيد صعدات ، ومنه الحديث : " [/FONT][FONT=&quot]إياكم والجلوس على الصعدات[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][28][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][29][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. واختلف العلماء فيه من أجل تقييده بالطيب ، فقالت طائفة : يتيمم بوجه الأرض كله تراباً كان أو رملاً أو حجارة أو معدناً أو سبخة ، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري والطبري . و[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" طَيِّباً[/FONT][FONT=&quot] " معناه : طاهراً ، وقالت فرقة :[/FONT][FONT=&quot] " طَيِّباً [/FONT][FONT=&quot]" : حلالاً ، وهذا قلق ، وقال الشافعي وأبو يوسف : الصعيد التراب المنبت وهو الطيب ، قال الله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ [/FONT][FONT=&quot]" فلا يجوز التيمم عندهم على غيره ، وقال الشافعي : لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار . وذكر عبد الرزاق عن ابن عباس أنه سئل أي الصعيد أطيب ؟ فقال : الحرث ، قال أبو عمر: وفي قول ابن عباس هذا ما يدل على أن الصعيد يكون غير أرض الحرث ، وقال علي رضي الله عنه : هو التراب . وفي كتاب الخليل : تيمم بالصعيد ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أي خذ من غباره ، حكاه ابن فارس ، وهو يقتضي التيمم بالتراب فإن الحجر الصلد لا غبار عليه . وقال الطبري : واشترط الشافعي أن يعلق التراب باليد ويتيمم به نقلا إلى أعضاء التيمم ، كالماء ينقل إلى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أعضاء الوضوء ، قال الطبري : ولا شك أن لفظ الصعيد ليس نصاً فيما قال الشافعي ، إلا أن قول رسول الله [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم : " [/FONT][FONT=&quot]وجعلت الأرض لنا مسجداً وترابها طهوراً[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][30][/FONT][/FONT][FONT=&quot]؛ بين ذلك . قلت : فاستدل أصحاب هذه المقالة بقوله عليه السلام : [/FONT][FONT=&quot]" وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء [/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][31][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وقالوا : هذا من باب المطلق والمقيد وليس كذلك ، وإنما هو من باب النص على بعض أشخاص العموم ، كما قال تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ "[/FONT][FONT=&quot] . وقد حكى أهل اللغة أن الصعيد اسم لوجه الأرض كما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ذكرنا ، وهو نص القرآن كما بينا ، وليس بعد بيان الله بيان . [/FONT]
[FONT=&quot] وقال صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]للجنب : " [/FONT][FONT=&quot]عليك بالصعيد فإنه يكفيك[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][32][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، وسيأتي . [/FONT]
[FONT=&quot] فـ [/FONT][FONT=&quot]" صَعِيداً[/FONT][FONT=&quot] " على هذا ظرف مكان ، ومن جعله للتراب فهو مفعول به بتقدير حذف الباء أي بصعيد ، و[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" طَيِّباً[/FONT][FONT=&quot] " نعت له ، ومن جعل [/FONT][FONT=&quot]" طَيِّباً[/FONT][FONT=&quot] " بمعنى حلالاً نصبه على الحال أو المصدر [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][33][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]8 – من معانى المسح في اللغة : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى : " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " ، المسح لفظ مشترك يكون بمعنى الجماع ، يقال : مسح الرجل المرأة إذا جامعها ، والمسح : مسح الشيء بالسيف وقطعه به ، ومسحت الإبل يومها إذا سارت ، والمسحاء : المرأة الرسحاء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]التي لا إست لها ، وبفلان مسحة من جمال ، والمراد هنا بالمسح عبارة عن جرِّ اليد على الممسوح خاصة ، فإن كان بآلة فهو عبارة عن نقل الآلة إلى اليد وجرها على الممسوح ، وهو مقتضى قوله تعالى في آية المائدة : " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ " . فقوله : " مِنْهُ " يدل على أنه لا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بد من نقل التراب إلى محل التيمم . وهو مذهب الشافعي ولا نشترطه نحن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]لما وضع يديه على الأرض ورفعهما نفخ فيهما ، وفي رواية : نفض ، وذلك يدل على عدم اشتراط الآلة ، يوضحه تيممه على الجدار . قال الشافعي : لما لم يكن بد في مسح الرأس بالماء من بلل ينقل إلى الرأس ، فكذلك المسح بالتراب لا بد من النقل . ولا خلاف في أن حكم الوجه في التيمم والوضوء الاستيعاب وتتبع مواضعه ، وأجاز بعضهم ألا يتتبع كالغضون في الخفين وما بين الأصابع في الرأس ، وهو في المذهب قول محمد بن مسلمة ، حكاه ابن عطية . وقال الله عز وجل : " بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " فبدأ بالوجه قبل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]اليدين وبه قال الجمهور ، ووقع في البخاري من حديث عمار في (باب التيمم ضربة) ذكر اليدين قبل الوجه [FONT=&quot][34][/FONT]، وقاله بعض أهل العلم قياساً على تنكيس الوضوء .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][35][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المعجم الوجيز [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم وبيانه [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم وبيانه [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]ذُكر هذا البيت في لسان العرب [/FONT][FONT=&quot](7/186) [/FONT][FONT=&quot]، والعرماض [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الطُّحلب ، وقيل [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]هو الخضرة على الماء والطحلب الذي يكون كأنه [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نسج العنكبوت ، قال الأزهري [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]العرمض [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]رخو أخضر كالصوف في الماء المزمن ، وأظنه نباتاً [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot]اهـ [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً ن المغني [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]المغني [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]1 [/FONT][FONT=&quot]باب التيمم [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]1 [/FONT][FONT=&quot]كتاب الطهارة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم و بيانه [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]مذكرة فقه [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]1 [/FONT][FONT=&quot]كتاب الطهارة ، و صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]1 [/FONT][FONT=&quot]كتاب الطهارة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المغني [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]1 [/FONT][FONT=&quot]باب التيمم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (1193) .[/FONT]

[FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]القائل هو عامر بن مالك ملاعب الأسنة، يعنى به ضرار بن عمرو الضبي.[/FONT][FONT=&quot] ( نقلاً عن تفسير القرطبي) . [/FONT]

[FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] الشزر (بمعجمة وزاي ساكنة) : النظر عن اليمين والشمال ، وليس بمستقيم الطريقة. وقيل : هو النظر بمؤخر العين كالمعرض المتغضب .[/FONT][FONT=&quot] ( نقلاً عن تفسير القرطبي) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الزحاليق : جمع زحلوقة ، وهى آثار تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل .[/FONT][FONT=&quot] ( نقلاً عن تفسير القرطبي) .[/FONT]

[FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]كذا في الأصول وهى رواية . والمشهور كما في ديوانه وشرح الشواهد لسيبويه : (تنورتها) : أي نظرت إلى نارها من أذرعات . و(أذرعات) بلد في أطراف الشام ، يجاور أرض البلقاء وعمان ، ينسب إليه الخمر . ويثرب : مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله .[/FONT][FONT=&quot] ( نقلاً عن تفسير القرطبي)[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]ضارج : اسم موضع في بلاد بنى عبس . والعرمض : الطحلب . وقيل : الخضرة على الماء ، والطحلب : الذي يكون كأنه نسخ العنكبوت . وطامي : مرتفع . ( نقلاً عن تفسير القرطبي)[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][23][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]هكذا ورد البيت في جميع نسخ الأصل . ولعل الرواية : انى كذاك إذا ما ساءني بلد ... يممت وجه بعيري غيره بلدا ، ( نقلاً عن تفسير القرطبي) [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][24][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المهمه : المفازة البعيدة . والشزن (بالتحريك) : الغليظ من الأرض . ( نقلاً عن تفسير القرطبي)[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot][25][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]البيت لرؤبة . وقد أراد بالسنح النسخ (بالخاء المعجمة) فأبدل من الخاء حاء لمكان الشح ، وبعضهم يرويه بالخاء ، وجمع بينها وبين الحاء لأنهما جميعا حرفا حلق . والسنخ (بكسر السين) : الأصل من كل شي . (عن اللسان). . ( تفسير القرطبي ) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][26][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الصعيد : التراب . والدبابة يعنى الخمر . والخرطوم : الخمر وصفوتها . يقول : ولد الظبية لا يرفع رأسه ، وكأنه رجل سكران خاصة . ( تفسير القرطبي ) .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][27][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار . [/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][28][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الصعدات : الطرق .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][29][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أحمد [/FONT][FONT=&quot]: (11900) . [/FONT]

[FONT=&quot][30][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]مسند أبي داود الطيالسي [/FONT][FONT=&quot]: (418) . [/FONT]

[FONT=&quot][31][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (1193) .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][32][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (344) . [/FONT]

[FONT=&quot][33][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][34][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (347) . [/FONT]

[FONT=&quot][35][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثالثاً ، الفوائد التفسيرية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]9– وجه ارتباط آية التيمم بما قبلها من آيات سورة النساء : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " .[/FONT]
[FONT=&quot] قَالَ الْبَقَاعِيُّ فِي نَظْمِ الدُّرَرِ : وَلَمَّا وَصَفَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي يَوْمِ الْعَرْضِ ، وَالْأَهْوَالَ الَّذِي أَدَّتْ فِيهِ سَطْوَةُ الْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ إِلَى تَمَنِّي الْعَدَمِ ، وَمَنَعَتْ فِيهِ قُوَّةُ يَدِ الْقَهْرِ وَالْجَبْرِ أَنْ يَكْتُمَ حَدِيثًاً ، وَتَضَمَّنَ وَصْفُهُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو فِيهِ إِلَّا مَنْ كَانَ طَاهِرَ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ بِالْإِيمَانِ بِهِ ، وَالطَّاعَةِ لِرَسُولِهِ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم وَصَفَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الدُّنْيَا فِي مَقَامِ الْأُنْسِ وَحَضْرَةِ الْقُدُسِ الْمُنَجِّي مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَالَّذِي حَظَرَتْ مَعَانِي اللُّطْفِ وَالْجَمَالِ فِيهِ الِالْتِفَاتَ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَمَرَ بِالطَّهَارَةِ فِي حَالِ التَّزَيُّنِ بِهِ عَنِ الْخَبَائِثِ ، فَقَالَ : " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى..."[/FONT][FONT=&quot] .... إِلى آخر الآية ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي وَجْهِ الِاتِّصَالِ : إِنَّهُمْ لَمَّا نُهُوا عَنِ الْإِشْرَاكِ بِهِ تَعَالَى نُهُوا عَمَّا يُؤَدِّي إِلَيْهِ بِغَيْرِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قَصْدٍ ، وَقِيلَ : لَمَّا أُمِرُوا فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْعِبَادَةِ أُمِرُوا هُنَا بِالْإِخْلَاصِ فِي رَأْسِ الْعِبَادَةِ .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : أَمَرَ اللهُ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ بِعِبَادَتِهِ وَتَرْكِ الشِّرْكِ بِهِ وَبِالْإِحْسَانِ لِلْوَالِدَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ، وَتَوَعَّدَ الَّذِينَ لَا يَقُومُونَ بِهَذِهِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ، وَقَدْ عَرَفْنَا مِنْ سُوَرٍ أُخْرَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْمُرُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِ الدِّينِ وَتَكَالِيفِهِ كَمَا قَالَ [/FONT][FONT=&quot]:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [/FONT][FONT=&quot]". (البقرة /153) ، وَقَالَ : [/FONT][FONT=&quot]" إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر[/FONT][FONT=&quot] " . (العنكبوت/ 45) ، وَقَالَ : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ [/FONT][FONT=&quot]" . (المعارج / 19 - 22) ، وَقَدْ كَثُرَ فِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ ، لَا بِالصَّلَاةِ هَكَذَا مُطْلَقًا بَلْ بِإِقَامَتِهَا ، وَإِنَّمَا إِقَامَتُهَا الْقِيَامُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ ، وَهُوَ أَنْ يَنْبَعِثَ الْمُؤْمِنُ إِلَيْهَا بِبَاعِثِ الشُّعُورِ بِعَظَمَةِ اللهِ وَجَلَالِهِ وَيُؤَدِّيهَا بِالْخُشُوعِ لَهُ تَعَالَى ، فَهَذِهِ الصَّلَاةُ هِيَ الَّتِي تُعِينُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَوَامِرِ وَتَرْكِ النَّوَاهِي ; وَلِذَلِكَ جَاءَ ذِكْرُهَا هَاهُنَا عَقِبَ تِلْكَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْجَامِعَةِ ، وَقَدْ ذُكِرَتِ الصَّلَاةُ فِي الْقُرْآنِ بِأَسَالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ ، وَذُكِرَتْ هَاهُنَا فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي حَالِ السُّكْرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ الْخُشُوعُ وَالْحُضُورُ مَعَ اللهِ تَعَالَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِمُنَاجَاتِهِ بِكِتَابِهِ ، وَذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ ، فَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ حَقِيقَتُهَا لَا مَوْضِعُهَا وَهُوَ الْمَسَاجِدُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ ، وَالنَّهْيُ عَنْ قُرْبَانِهَا دُونَ مُطْلَقِ الْإِتْيَانِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ الْمَسْجِدِ ؛ إِذِ النَّهْيُ عَنْ قُرْبَانِ الْعَمَلِ مَعْرُوفٌ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ وَفِي التَّنْزِيلِ خَاصَّةً " [/FONT][FONT=&quot]وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا[/FONT][FONT=&quot] " (الإسراء/ 32) ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ مُقَدِّمَاتِهِ ، وَمِنْ مُقَدِّمَاتِ الصَّلَاةِ الْإِقَامَةُ ، فَقَدْ سَنَّهَا اللهُ لَنَا لِإِعْدَادِنَا لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]10 – النهي عن الصلاة حال السكر ابتداءً قبل تحريم الخمر انتهاءً : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى : [/FONT][FONT=&quot]" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى[/FONT][FONT=&quot] " خص الله سبحانه وتعالى بهذا الخطاب المؤمنين ، لأنهم كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم فخصوا بهذا الخطاب ، إذ كان الكفار لا يفعلونها صحاة ولا سكارى ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما نزل تحريم الخمر قال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت الآية التي في البقرة : [/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ[/FONT][FONT=&quot] " ، قال : فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت الآية التي في النساء : [/FONT][FONT=&quot]" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى[/FONT][FONT=&quot] " ، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]إذا أقيمت الصلاة ينادي : " [/FONT][FONT=&quot]ألاّ يقربن الصلاة سكران[/FONT][FONT=&quot] " . فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت هذه الآية [/FONT][FONT=&quot]: " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[/FONT][FONT=&quot] " قال عمر: انتهينا انتهينا [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. وقال سعيد بن جبير : كان الناس على أمر جاهليتهم حتى يؤمروا أو ينهوا ، فكانوا يشربونها أول الإسلام حتى نزلت : [/FONT][FONT=&quot]" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ[/FONT][FONT=&quot] " ، قالوا : نشربها للمنفعة لا للإثم ، فشربها رجل فتقدم يصلي بهم فقرأ : قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ، فنزلت : [/FONT][FONT=&quot]" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى[/FONT][FONT=&quot] " . فقالوا : في غير عين الصلاة . فقال عمر: اللهم أنزل علينا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت : [/FONT][FONT=&quot]" إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ[/FONT][FONT=&quot] .. " الآية ؛ فقال عمر: انتهينا ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]انتهينا . ثم طاف منادي رسول الله[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم : " [/FONT][FONT=&quot]ألا إن الخمر قد حرمت[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وروى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منا ، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت : [/FONT][FONT=&quot]" قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ "[/FONT][FONT=&quot] ونحن نعبد ما تعبدون . قال : فأنزل الله تعالى [/FONT][FONT=&quot]: " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ [/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. ووجه الاتصال والنظم بما قبله أنه قال سبحانه وتعالى :[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً[/FONT][FONT=&quot] " ، ثم ذكر بعد الإيمان الصلاة التي هي رأس العبادات ، ولذلك يقتل تاركها (إنكاراً لمشروعيتها) ولا يسقط فرضها ، وانجر الكلام إلى ذكر شروطها التي لا تصح إلا بها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot].[FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] 11 - ما المقصود بعابري السبيل في آية التيمم ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، أَيْ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ جُنُبًا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا كَوْنَكُمْ عَابِرِي سَبِيلٍ أَيْ : مُجْتَازِي طَرِيقٍ ، وَقِيلَ : إِنَّ إِلَّا هُنَا صِفَةٌ بِمَعْنَى غَيْرَ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى مَا اشْتَرَطَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِذَلِكَ مِنْ تَعَذُّرِ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا حَقِيقَتُهَا فَسَّرَ عَابِرَ السَّبِيلِ هُنَا بِالْمُسَافِرِ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ مَوَاضِعُهَا ـ أَيِ الْمَسَاجِدُ ـ فُسِّرَ بِالْمُجْتَازِ لِحَاجَةٍ ، قَالَهُ الْأُسْتَاذُ وَغَيْرُهُ : وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ بِالْآيَةِ عَلَى جَوَازِ مُرُورِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ ، وَعَلَى تَحْرِيمِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَيْهِ ، والشَّافِعِيَّ يُجِيزُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا حَقِيقَتُهَا وَمَكَانُهَا مَعًا ، وَحِينَئِذٍ يَجْعَلُ اسْتِثْنَاءَ الْعُبُورِ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ ، وَإِنِّي لَأَسْتَبْعِدُ التَّعْبِيرَ عَنِ السَّفَرِ بِعُبُورِ السَّبِيلِ ، وَالسَّفَرُ مَذْكُورٌ فِي الْآيَةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ بِلَفْظِ السَّفَرِ ، فَالْمُتَعَيَّنُ عِنْدِي فِي الْعُبُورِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ وَهُوَ بِالْمُرُورِ بِالْمَسْجِدِ ; لِأَنَّهُ مَنْ قَرُبَ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا الْمَكَانُ وَحْدَهُ ، أَمِ الْمَكَانُ وَالْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا أَمِ الْحَقِيقَةُ وَحْدَهَا ; لِأَنَّ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الصَّلَاةِ ، فَالْمَنْعُ مِنْهُ يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ قُرْبِ الصَّلَاةِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ كَوْنِ بَعْضِ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَانَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابٌ وَمَنَافِذُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَكَانُوا يَعْبُرُونَ مِنْهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ فُقَرَاءِ الصَّحَابَةِ يُقِيمُونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ فَهِمُوا مِنْهَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَلَا بُدَّ أَنَّ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إِقَامَةَ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ تُعَدُّ مِنْ قُرْبِ الصَّلَاةِ ، فَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنَ عَابِرِي السَّبِيلِ لَكَانَ عَلَى أُولَئِكَ الْجِيرَانِ حَرَجٌ فِي إِلْزَامِهِمْ أَلَّا يَخْرُجُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ إِذَا كَانُوا جُنُبًا ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بِسَدِّ تِلْكَ الْأَبْوَابِ وَالْكُوَى إِلَّا فِي آخِرِ عُمْرِهِ الشَّرِيفِ ، وَقَدِ اسْتَثْنَى خَوْخَةَ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ (أبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَالْخَوْخَةُ : الْكُوَّةُ وَالْبَابُ الصَّغِيرُ مُطْلَقًا ، أَوْ مَا كَانَ فِي الْبَابِ الْكَبِيرِ ، بَلْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه النسائي [/FONT][FONT=&quot]: (5557) .[/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه النسائي [/FONT][FONT=&quot]: (5557) .[/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه الترمذي [/FONT][FONT=&quot]: (3300) . [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بإضافة يسيرة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]رابعاً ، الفوائد الأصولية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]12- الحكمة من تشريع الاغتسال من الجنابة : [/FONT]
[FONT=&quot] حِكْمَةُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَحِكْمَةِ الْوُضُوءِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالطَّهَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آيَةِ الْوُضُوءِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَلِهَاتَيْنِ الطَّهَارَتَيْنِ فَوَائِدُ صِحِّيَّةٌ وَأَدَبِيَّةٌ سَنُبَيِّنُهَا هُنَا بِالتَّفْصِيلِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، وَالِاغْتِسَالُ عِبَارَةٌ عَنْ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الْبَدَنِ كُلِّهِ ، وَمِنْ شَأْنِ الْجَنَابَةِ أَنْ تُحْدِثَ تَهَيُّجًا فِي الْمَجْمُوعِ الْعَصَبِيِّ فَيَتَأَثَّرَ بِهَا الْبَدَنُ كُلُّهُ وَيَعْقُبُهَا فُتُورٌ ، وَضَعْفٌ فِيهِ يُزِيلُهُ الْمَاءُ ; وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، وَقَدْ جَهِلَ هَذَا مَنِ اعْتَرَضَ عَلَى حِكْمَةِ التَّشْرِيعِ ، وَقَالَ : لَوْ كَانَ الدِّينُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مُوَافِقًا لِلْعَقْلِ لَمَا أَوْجَبَ فِي الْجَنَابَةِ إِلَّا غَسْلَ أَعْضَاءِ التَّنَاسُلِ ، فَأَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى فِيمَا جَعَلَهُ غَايَةً لِلنَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ الْجُنُبِ أَنْ يَتَحَرَّى الْإِنْسَانُ فِي صِلَاتِهِ النَّظَافَةَ وَالنَّشَاطَ ، كَمَا أَوْجَبَ فِيمَا جَعَلَهُ غَايَةً لِلنَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ السَّكْرَانِ أَنْ يَتَحَرَّى فِيهَا الْعِلْمَ وَالْفَهْمَ وَتَدَبُّرَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرَ ، وَيَتَوَقَّفُ هَذَا عَلَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مَعْرِفَةِ لُغَةِ الْقُرْآنِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ وَهَذَا شَيْءٌ مِنْ حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الْغُسْلِ [/FONT][FONT=&quot].[FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]13- حكمة التشريع ، والتدرج في تحريم عادة شرب الخمر : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]روى المفسرون الحوادث التي صاحبت مراحل تحريم الخمر في المجتمع المسلم والرجال الذين كانوا موضوع هذه الحوادث ، وفيهم : عمر وعلي وحمزة وعبد الرحمن بن عوف وكلها تشير إلى مدى تغلغل هذه الظاهرة في مجتمع الجاهلية ، فقد ظل عمر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يشرب الخمر في الإسلام حتى إذا نزلت آية : " يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما... " ، قال : اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر ، واستمر حتى إذا نزلت الآية : " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ.... " ، قال: اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر ، إلى أن نزلت آية التحريم الصريحة : " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يُوقِعَ بَيْنَكُمُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ؟!. قال عمر: انتهينا انتهينا [/FONT][FONT=&quot]...![FONT=&quot][3][/FONT] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]14- التيمم بين العزيمة و الرخصة ، وقال الله تعالى : " .. فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فامسحوا ..." :[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]العزيمة و الرخصة من أقسام الحكم التكليفي ، لأن الأول : اسم لما طُلِب شرعاً أو أُبيح على وجه العموم ، والرخصة : اسم لما أُبيح شرعاً عند الضرورة تخفيفاً عن المكلفين ، و دفعاً للحرج عنهم ، و الطلب والإباحة من أقسام الحكم التكليفي . [/FONT]
[FONT=&quot] و العزيمة تُطلق على الأحكام الشرعية التي شُرِعت لعموم المُكلّفين ، دون النظر إلى ما قد يطرأ عليهم من أعذار ، فهي أحكام أصلية شُرِعت ابتداءً لتكون قانوناً عامّاً لجميع المُكلّفين في أحوالهم العادية ، ولم يُنظَر في تشريعها إلى ضرورة أو عُذر كالصلاة وسائر العبادات ، وهي تتنوع إلى أنواع الحكم التكليفي : من وجوب و ندب و كراهة و إباحة ، ولا تُطلق عند المُحقِّقين إلاّ إذا قابلتها رُخصة .[/FONT]
[FONT=&quot] أما الرخصة : فهي الأحكام التي شُرِعَت بناءً على أعذار المكلفين ، و لولاها لبقي الحُكم الأصلي ، فهي حُكم استثنائي من أصل كلي ، وسبب الاستثناء : ملاحظة الضرورات و الأعذار دفعاً للحرج عن المُكلّف ، وهي في أكثر الأحوال تنقل الحكم الأصلي من مرتبة اللزوم إلى مرتبة الإباحة ، وقد تنقله إلى مرتبة الندب أو الوجوب . [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وَلَمَّا كَانَ الِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ يَتَعَسَّرُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ، وَيَتَعَذَّرُ فِي بَعْضِهَا وَمِثْلُهُ الْوُضُوءُ ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ عِبَادَةً مَحْتُومَةً وَفَرِيضَةً مَوْقُوتَةً لَا هَوَادَةَ فِيهَا وَلَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا ; لِأَنَّهَا بِتَكْرَارِهَا تُذَكِّرُ الْمَرْءَ إِذَا نَسِيَ مُرَاقَبَةَ اللهِ تَعَالَى فَتَعُدُّهُ لِلتَّقْوَى ، بَيَّنَ لَنَا سُبْحَانَهُ الرُّخْصَةَ فِي تَرْكِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ، وَالِاسْتِعَاضَةِ عَنْهُ بِالتَّيَمُّمِ ، فَقَالَ : " [/FONT][FONT=&quot]وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ[/FONT][FONT=&quot] ..." : طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَالشَّأْنُ فِيهِمَا تَعَسُّرُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَاءُ ضَارًّا بِالْمَرِيضِ كَبَعْضِ الْأَمْرَاضِ الْجِلْدِيَّةِ وَالْقُرُوحِ .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (801) .[/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن ، والحديث سبق تخريجه [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الوجيز في أصول الفقه [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
أتابع لاحقا إن شاء الله الفوائد الأخرى المستخرجة من الآية .
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
 
[FONT=&quot]خامساً ، الفوائد الفقهية : [/FONT]

[FONT=&quot]15 – الغُسل : تعريفه وموجباته : [/FONT]
[FONT=&quot] المراد بالغسل : فعل الاغتسال ، وهو لغةً : سيلان الماء على الشيء ، والغُسل شرعاً : إفاضة الماء الطهور على جميع البدن ، ووصوله إلى كل الشعر والبشرة ، ويدل على أن تعميم البدن بالماء هو فرض الغُسل لا غيره ؛ حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله ؛ إني امرأة أشد ضفر رأسي ، فأنقضه لغسل الجنابة ؟ قال : " [/FONT][FONT=&quot]لا ، إنما يكفيك أن تحثي فوق رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين[/FONT][FONT=&quot] " . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] أما موجباته ، فهي : خروج المنيّ في اليقظة أو النوم ، و التقاء الختانين ولو من غير إنزال ، والحيض و النفاس ، وإسلام الكافر . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]16 – وجوب الغسل من الجنابة شرط لقبول الصلاة عند وجود الماء مع القدرة على استعماله : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى: [/FONT][FONT=&quot]" وَلا جُنُباً [/FONT][FONT=&quot]" عطف على موضع الجملة المنصوبة في قوله: [/FONT][FONT=&quot]" حَتَّى تَعْلَمُوا "[/FONT][FONT=&quot] أي لا تصلوا وقد أجنبتم ، والجمهور من الأمة على أن الجنب هو غير الطاهر من إنزال أو مجاوزة ختان[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot]حَتَّى تَغْتَسِلُوا[/FONT][FONT=&quot] " ، أَيْ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ جُنُبًا لَا بِأَدَائِهَا ، وَلَا بِالْمُكْثِ فِي مَكَانِهَا إِلَى أَنْ تَغْتَسِلُوا إِلَّا مَا رُخِّصَ لَكُمْ فِيهِ مِنْ عُبُورِ السَّبِيلِ فِي الْمَسْجِدِ ( على ما سيأتي لاحقاً ) .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]17 – هؤلاء الأربعة إذا فقدوا الماء حقيقة أو حكماً جاز لهم التيمم إذا حضرتهم الصلاة : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى : "[/FONT][FONT=&quot]وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا ... " .[/FONT]
[FONT=&quot] قوله :[/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]مَرْضى[/FONT][FONT=&quot] " ؛ المرض عبارة عن خروج البدن عن حد الاعتدال والاعتياد ، إلى الاعوجاج والشذوذ ، وهو على ضربين : كثير ويسير ، فإذا كان كثيراً بحيث يخاف[/FONT][FONT=&quot] الموت لبرد الماء ، أو للعلة التي به ، أو يخاف فوت بعض الأعضاء ، فهذا يتيمم بإجماع ، إلا ما روي عن الحسن وعطاء أنه يتطهر وإن مات ، وهذا مردود بقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[/FONT][FONT=&quot] " ، وقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " ، وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( رخص للمريض في التيمم بالصعيد ) ، فإن كان يسيراً إلا أنه يخاف معه حدوث علة أو زيادتها أو بطء برء فهؤلاء يتيممون بإجماع من المذهب ، قال ابن عطية : فيما حفظت . قلت (القرطبي) : قد ذكر الباجي فيه خلافاً ، قال القاضي أبو الحسن : مثل أن يخاف الصحيح نزلة أو حمى ، وكذلك إن كان المريض يخاف زيادة مرض ، وبنحو ذلك قال أبو حنيفة . وقال الشافعي : لا يجوز له التيمم مع وجود الماء إلا أن يخاف التلف ، ورواه القاضي أبو الحسن عن مالك ، و عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن ابن جبير ، عن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فقال : " [/FONT][FONT=&quot]يا عمرو : صليت بأصحابك وأنت جنب [/FONT][FONT=&quot]" ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله عز وجل يقول : " [/FONT][FONT=&quot]وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً[/FONT][FONT=&quot]" ، فضحك نبي الله[/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، ولم يأمره صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بغسل ولا إعادة ، فدل هذا الحديث على إباحة التيمم مع الخوف لا مع اليقين .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]أَوْ عَلى سَفَرٍ[/FONT][FONT=&quot]" ، يجوز التيمم بسبب السفر طال أو قصر عند عدم الماء ، ولا يشترط أن يكون مما تقصر فيه الصلاة ، هذا مذهب مالك وجمهور العلماء ، وقال قوم : لا يتيمم إلا في سفر تقصر فيه الصلاة . واشترط آخرون أن يكون سفر طاعة ، وهذا كله ضعيف ، والله أعلم .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وقوله تعالى : "[/FONT][FONT=&quot]أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ[/FONT][FONT=&quot] " : لفظ " [/FONT][FONT=&quot]الْغائِطِ [/FONT][FONT=&quot]"؛ يجمع بالمعنى جميع الأحداث الناقضة للطهارة الصغرى ، وقد اختلف الناس في حصرها ، وأنبل ما قيل في ذلك أنها ثلاثة أنواع ، لا خلاف فيها في مذهبنا : زوال العقل ، خارج معتاد ، ملامسة . وعلى مذهب أبي حنيفة ما خرج من الجسد من النجاسات ، ولا يراعى المخرج ولا يعد [/FONT][FONT=&quot]اللمس . وعلى مذهب الشافعي ومحمد ابن عبد الحكم ما خرج من السبيلين ، ولا يراعى الاعتياد ، ويعد اللمس . وإذا تقرر هذا فاعلم أن المسلمين أجمعوا على أن من زال عقله بإغماء أو جنون أو سكر فعليه الوضوء ، واختلفوا[/FONT][FONT=&quot] في النوم هل حدث كسائر الأحداث ؟ أو ليس بحدث أو مظنة حدث ، ثلاثة أقوال : طرفان وواسطة : الطرف الأول - ذهب المزني أبو إبراهيم إسماعيل إلى أنه حدث ، وأن الوضوء يجب بقليله وكثيره[/FONT][FONT=&quot] وهو مقتضى قول مالك في الموطأ لقوله : ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر دبر أو نوم . ومقتضى حديث صفوان بن عسال أخرجه أخرجه أحمد من حديث عاصم بن أبى النجود عن زر بن حبيش فقال : أتيت صفوان بن عسال المرادي فقلت : جئتك أسألك عن المسح على الخفين ، قال : نعم كنت في الجيش الذي بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلنا هما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ، ويوما وليلة إذا أقمنا ، ولا نخلعهما من بول ولا غائط ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جنابة [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. ففي هذا الحديث وقول مالك التسوية بين الغائط والبول والنوم . وأما الطرف الأخر فروى عن أبى موسى الأشعري ما يدل على أن النوم عنده ليس بحدث على أي حال كان ، حتى يحدث النائم حدثا غير النوم ، لأنه كان يوكل من يحرسه إذا نام . فان لم يخرج منه حدث قام من نومه وصلى ، وروي عن عبيدة وسعيد بن المسيب والأوزاعي في رواية محمود بن خالد . والجمهور على خلاف هذين الطرفين ،[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][FONT=&quot]وتفصيل الأمر ليس هنا محله وإنما أوردته لبيان أن لفظ الغائط بجمع بالمعنى جميع الأحداث الناقضة للطهارة الصغرى .[/FONT]
[FONT=&quot] وقوله تعالى :[/FONT][FONT=&quot]" أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]، وَمُلَامَسَةُ النِّسَاءِ : كِنَايَةٌ عَنْ غِشْيَانِهِنَّ وَالْإِفْضَاءِ [/FONT][FONT=&quot]إِلَيْهِنَّ ، وَحَقِيقَةُ اللَّمْسِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ بِالْيَدِ فَهُوَ كَالْمُبَاشَرَةِ ، وَحَقِيقَتُهَا إِصَابَةُ الْبَشَرَةِ لِلْبَشَرَةِ ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ : " أَوْ لَمَسْتُمُ " وَلَا تُنَافِي قِرَاءَتُهُمَا ذَلِكَ التَّجَوُّزَ الْمَشْهُورَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ بَشَرَةِ النِّسَاءِ إِلَّا الْمَحَارِمَ مِنْهُنَّ ، وَبِهِ قَالَ [/FONT][FONT=&quot]الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ " فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " ، أَيْ[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT][FONT=&quot] فَفِي هَذِهِ الْحَالَاتِ : الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ وَفَقْدُ الْمَاءِ عَقِبَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الْمُوجِبِ لِلْوُضُوءِ وَالْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ، أَيِ اقْصِدُوا وَتَحَرَّوْا مَكَانًا مَا مِنْ صَعِيدِ الْأَرْضِ ، أَيْ : وَجْهِهَا طَيِّبًا ، أَيْ طَاهِرًا لَا [/FONT][FONT=&quot]قَذَرَ فِيهِ وَلَا وَسَخَ ، فَامْسَحُوا هُنَاكَ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ، تَمْثِيلًا لِمُعْظَمِ عَمَلِ الْوُضُوءِ فَصَلُّوا ، وحُكْمَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ كَحُكْمِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ ، أَوْ مُلَامِسِ النِّسَاءِ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَعَلَى كُلِّ هَؤُلَاءِ التَّيَمُّمُ فَقَطْ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot]18- مشروعية التيمم لفاقد الماء حقيقةً أو حكماً : [/FONT]
[FONT=&quot] يباح التيمم في حالتين :[/FONT]
[FONT=&quot]1 - عند انعدام الماء سواء في السفر أو الحضر ، وهذا فاقد الماء على الحقيقة .[/FONT]
[FONT=&quot]2 - عند تعذر استعماله ، وهذا فقد الحكم التكليفي بالاغتسال أو الوضوء للصلاة عند دخول الوقت ، ويشرع له التيمم ، كالمريض الذي يخشى عل نفسه الهلاك من استعمال الماء ، أو خشي على نفسه باستعماله الماء زيادة المرض أو تأخر البُرؤ ، وكذلك إذا خشي على نفسه برودة الماء ، و أيضاً من ضاق عليه الوقت بحيث لو استعمل الماء فات وقت الصلاة ، على أرجح الأقوال .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][11][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]19 - الكيفية الصحيحة للتيمم : [/FONT]
[FONT=&quot] الراجح من المرويات عن النبي [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][/FONT][FONT=&quot] أن التيمم ضربة واحدة للوجه واليدين إلى الرسغين ، كما جاء في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وفيه : ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]إنما كان يكفيك هكذا[/FONT][FONT=&quot] " ، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بكفيه الأرض ، ونفخ فيهما ، ثم مسح يهما وجهه وكفيه [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][/FONT][FONT=&quot]" .[/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot](330) [/FONT][FONT=&quot]، و أبو داود [/FONT][FONT=&quot](251) [/FONT][FONT=&quot]، و النسائي [/FONT][FONT=&quot](1/131) [/FONT][FONT=&quot]، و الترمذي [/FONT][FONT=&quot](105) [/FONT][FONT=&quot]، و ابن ماجه [/FONT][FONT=&quot](603).: [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أبو داود [/FONT][FONT=&quot]: (334) .[/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أحمد في مسنده [/FONT][FONT=&quot]: (18581) . [/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot]صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot](338) [/FONT][FONT=&quot]، ومسلم [/FONT][FONT=&quot](798) : [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]سادساً ، الفوائد التربوية الإيمانية : [/FONT]

[FONT=&quot]20- جعل الله نشأتنا وأقواتنا من الماء والتراب ، وبهما تطهَّرْنا وتعبّدنا : [/FONT]
[FONT=&quot] جَرَى جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ مَحْضٌ لَا حِكْمَةَ لَهُ إِلَّا الْإِذْعَانُ وَالْخُضُوعُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى ; وَذَلِكَ أَنَّ لِأَكْثَرِ الْعِبَادَاتِ مَنَافِعَ [/FONT][FONT=&quot]ظَاهِرِيَّةً لِفَاعِلِيهَا ، وَمِنْهَا : الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ ، فَإِذَا هِيَ فُعِلَتْ لِأَجْلِ فَائِدَتِهَا الْبَدَنِيَّةِ أَوِ النَّفْسِيَّةِ وَلَمْ يُقْصَدْ بِهَا مَعَ ذَلِكَ الْإِذْعَانُ وَطَاعَةُ الشَّارِعِ الْحَكِيمِ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً ; وَلِذَلِكَ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا وَلَا سِيَّمَا الطَّهَارَةُ ، وَمَعْنَى النِّيَّةِ قَصْدُ الِامْتِثَالِ وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ فِي الْعَمَلِ لَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْفَلْسَفَةِ ، فَالْحِكْمَةُ الْعُلْيَا لِلتَّيَمُّمِ هِيَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُكَلَّفُ عِنْدَ الصَّلَاةِ بِتَمْثِيلِ بَعْضِ عَمَلِ الْوُضُوءِ لِيُشِيرَ بِهِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا فَاتَهُ مَا فِي الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ مِنَ النَّظَافَةِ ، فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُهُ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الطَّاعَةِ ، فَالتَّيَمُّمُ رَمْزٌ لِمَا فِي الطِّهَارَةِ الْمَتْرُوكَةِ لِلضَّرُورَةِ مِنْ مَعْنَى الطَّاعَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فِي طَهَارَةِ النَّفْسِ الْمَقْصُودَةِ مِنَ الدِّينِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ ، وَالَّتِي شَرَعَتْ طَهَارَةَ الْبَدَنِ ؛ لِتَكُونَ عَوْنًا عَلَيْهَا وَوَسِيلَةً لَهَا ; فَإِنَّ مَنْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَعِيشَ فِي الْأَوْسَاخِ وَالْأَقْذَارِ لَا يَكُونُ عَزِيزَ النَّفْسِ آبِيَ الضَّيْمِ كَمَا يَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِ ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الْوُضُوءِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ : " [/FONT][FONT=&quot]مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [/FONT][FONT=&quot]" . (المائدة /6) ثُمَّ إِنَّنِي أَنْقُلُ لَكَ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ :[/FONT]

[FONT=&quot] (فَصْلٌ) : وَمِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بَابُ التَّيَمُّمِ ، قَالُوا : إِنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ ، (أَحَدُهُمَا) : أَنَّ التُّرَابَ مُلَوَّثٌ لَا[/FONT][FONT=&quot] يُزِيلُ دَرَنًا وَلَا وَسَخًا وَلَا يُطَهِّرُ الْبَدَنَ ، كَمَا لَا يُطَهِّرُ الثَّوْبَ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ شُرِعَ فِي عُضْوَيْنِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ دُونَ بَقِيَّتِهَا ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ ، وَلَعَمْرُ اللهِ إِنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الْقِيَاسِ الْبَاطِلِ الْمُضَادِّ لِلدِّينِ ، وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ وَخَلَقَنَا مِنَ التُّرَابِ ، فَلَنَا مَادَّتَانِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ ، فَجَعَلَ مِنْهُمَا نَشْأَتَنَا وَأَقْوَاتَنَا وَبِهِمَا تَطَهَّرْنَا وَتَعَبَّدْنَا ، فَالتُّرَابُ أَصْلُ مَا خُلِقَ مِنْهُ النَّاسُ ، وَالْمَاءُ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُمَا الْأَصْلُ فِي الطَّبَائِعِ الَّتِي رُكِّبَ عَلَيْهَا هَذَا الْعَالَمُ وَجُعِلَ قِوَامُهُ بِهِمَا ، وَكَانَ أَصْلَ مَا يَقَعُ بِهِ تَطْهِيرُ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالْأَقْذَارِ هُوَ الْمَاءُ فِي الْأَمْرِ الْمُعْتَادِ ، فَلَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَّا فِي حَالِ الْعَدَمِ أَوِ الْعُذْرِ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ ، وَكَانَ النَّقْلُ عَنْهُ إِلَى شَقِيقِهِ وَأَخِيهِ التُّرَابُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ، وَإِنْ لَوَّثَ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ بَاطِنًا ، ثُمَّ يُقَوِّي طَهَارَةَ الْبَاطِنِ فَيُزِيلُ دَنَسَ الظَّاهِرِ أَوْ يُخَفِّفُهُ ، وَهَذَا أَمْرٌ يَشْهَدُهُ مَنْ لَهُ بَصَرٌ نَافِذٌ بِحَقَائِقِ الْأَعْمَالِ ؛ وَارْتِبَاطِ الظَّاهِرِ بِالْبَاطِنِ ؛ وَتَأَثُّرِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَانْفِعَالِهِ عَنْهُ .[/FONT]

[FONT=&quot] فَصْلٌ : وَأَمَّا كَوْنُهُ فِي عُضْوَيْنِ فَفِي غَايَةِ الْمُوَافَقَةِ لِلْقِيَاسِ وَالْحِكْمَةِ ، فَإِنَّ وَضْعَ التُّرَابِ عَلَى الرُّءُوسِ مَكْرُوهٌ فِي الْعَادَاتِ ، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ وَالنَّوَائِبِ ، وَالرِّجْلَانِ مَحَلُّ مُلَابَسَةِ التُّرَابِ فِي أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ ، وَفِي تَتْرِيبِ الْوَجْهِ مِنَ الْخُضُوعِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالِانْكِسَارِ مَا هُوَ أَحَبُّ فِي الْعِبَادَاتِ إِلَيْهِ ، وَأَنْفَعُهَا لِلْعَبْدِ ; وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلسَّاجِدِ أَنْ يُتَرِّبَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَأَلَّا يَقْصِدَ وِقَايَةَ وَجْهِهِ مِنَ التُّرَابِ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِمَنْ رَآهُ[/FONT][FONT=&quot] قَدْ سَجَدَ ، وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التُّرَابِ وِقَايَةً ، فَقَالَ : تَرِّبْ وَجْهَكَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِي تَتْرِيبِ الرِّجْلَيْنِ ، وَأَيْضًا فَمُوَافَقَةُ ذَلِكَ الْقِيَاسَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ التَّيَمُّمَ جُعِلَ فِي الْعُضْوَيْنِ الْمَغْسُولَيْنِ وَسَقَطَ مِنَ الْعُضْوَيْنِ الْمَمْسُوحَيْنِ ، فَإِنَّ الرِّجْلَيْنِ تُمْسَحَانِ فِي الْخُفِّ ، وَالرَّأْسَ فِي الْعِمَامَةِ ، فَلَمَّا خُفِّفَ عَنِ الْمَغْسُولَيْنِ بِالْمَسْحِ خُفِّفَ عَنِ الْمَمْسُوحَيْنِ بِالْعَفْوِ ، إِذْ لَوْ مُسِحَا بِالتُّرَابِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَنْهُمَا ، بَلْ كَانَ فِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ مَسْحِهِمَا بِالْمَاءِ إِلَى مَسْحِهِمَا بِالتُّرَابِ ، فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ هُوَ أَعْدَلُ الْأُمُورِ وَأَكْمَلُهَا وَهُوَ الْمِيزَانُ الصَّحِيحُ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَأَمَّا كَوْنُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ كَتَيَمُّمِ الْمُحْدِثِ ، فَلَمَّا سَقَطَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالتُّرَابِ عَنِ الْمُحْدِثِ سَقَطَ مَسْحُ الْبَدَنِ كُلِّهِ بِالتُّرَابِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، إِذْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ ، وَالْحَرَجِ وَالْعُسْرِ مَا يُنَاقِضُ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ ، وَيَدْخُلُ أَكْرَمُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى اللهِ فِي شَبَهِ الْبَهَائِمِ إِذَا تَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ ، فَالَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ لَا مَزِيدَ فِي الْحُسْنِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ عَلَيْهِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، اهـ.[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]سابعا ، الفوائد العلمية والدعوية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]21 – أيها المؤمن ، انتبه !! الخطاب موجه إليك أنت : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] افتُتحت آية التيمم في سورة النساء ( وكذلك أختها في سورة المائدة ) بقول الله عز وجل : " [/FONT][FONT=&quot]يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، وهذا نداء التشريف والتكريم ، الذي ينبه السامع فينصت ويستمع ، فيستجيب ويمتثل ، لأن هذا مقتضى الإيمان ، وهو الأصل ، لأنه يتعلق بأعمال القلوب ، فأمره باطن ، والإسلام أمره ظاهر ويتعلق بأعمال الجوارح ، وبه يُظهِر مُدّعي الإيمان صدق دعواه ، ولهذا كان ابتداء الأمر في كثير من آيات الأحكام التكليفية بقوله سبحانه : "[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا[/FONT][FONT=&quot] " ، فمن صدق قوله ، صدق فعله ، ( والإيمان في اللغة هو التصديق ، أو هو الإقرار بالشيء عن تصديقٍ به ، فالإيمان يتضمن معنىً زائداً عن مجرد التصديق ، وهو الإقرار والاعتراف المُستلزِم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام ) [FONT=&quot][1][/FONT] ، ولهذا أثنى الله عز وجل على المؤمنين حقاً بقوله سبحانه : " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " . ( البقرة / 285 ) . [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] والداعية المسلم ينتهج في دعواه إلى الله الأسلوب الدعوي القرآني ، وليس معنى الدعوة إلى الله أن تقف على المنبر وتخطب في الناس ، فاستجابة الناس لهذه الدعوة تكون متفاوتة بحسب حال المستمع ، وإنما هناك دعوة أخرى لها عظيم الأثر في قلوب البشر ، وهي الدعوة الصامتة : نعم ، تدعو الناس إلى حسن الخلق بحسن خُلُقك ، وتدعوهم إلى الصدق بصدق قولك ، وتدعوهم إلى البر ببرك وإحسانك ، وتدعوهم إلى حب الإسلام والمسلمين بلين كلامك ، إن رأيت عاصيا مقيما على معصيته فلا تدعُ عليه ، بل ادع الله أن يرده للطاعة ردا جميلاً ، لاتقاطعه وتعتزله بل خالطه وتقرب إليه ،وألن له جانبك بجميل قولك وحسن مناداتك له ، لعله يأنس بقربك ، ويرتاح لحسن عشرتك ، فيلين قلبه الذي أيبسته المعاصي ويرتوي بقطرات ندية إيمانية تنسل إلى روحه العطشى ، فتغسل عنها آثار مستنقعات الرذيلة ، وتجلو عنها صدأ البعد عن الطاعة ، وكم من عاص ردّه الله إلى الطاعة بكلمة طيبة ، وكم من مذنب تاب واستقام لموقف ما عاينه أو حتى سمعه عن أهل الإيمان والبر والإحسان ، جعلنا الله منهم .
[/FONT]

[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]22- التدرج في المنع والتحريم ، وأثره على المدعو جسدياً ونفسياً :[/FONT]
[FONT=&quot] لايخفى على ذي لُبٍّ عاقل ، أن منع عادة تأصلت في النفوس لسنين طويلة ، ومحاولة استئصالها من الجذور فجأةً ، ومن غير سابق إنذار ، هي محاولة غير مأمونة العواقب ، بل وربما تأتي بنتائج وخيمة ، وقد تُسفر عن ردود أفعال غير متوقعة بالمرة ، وهذا ما انتهجته الشريعة الإسلامية من بدايتها ، والأحاديث الواردة في تحريم شرب الخمر على ثلاث مراحل : مرة بذمِّها : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " . ( البقرة / 219) ، وثانيةً : بتحريم الصلاة حال سُكر المصلّي ، [/FONT][FONT=&quot]بنزول الآية التي في سورة النساء : [/FONT][FONT=&quot]" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى [/FONT][FONT=&quot]" . (النساء / 43) ، فكان منادي رسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]r[/FONT][/FONT][FONT=&quot] إذا أقيمت الصلاة ينادي : [/FONT][FONT=&quot]" ألا َّيقربن الصلاة سكران[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot] ، فكانوا يتحرون أوقات الصلاة فلا يشربون عندها الخمر ، فاعتادوا تدريجياً على البعد عنها وتركها لفترات طويلة من النهار ، حتى انتهى الأمر بتحريمها نهائياً ، لما نزل قوله سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[/FONT][FONT=&quot] * [/FONT][FONT=&quot]إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ "[/FONT][FONT=&quot] . ( المائدة / 90/91) ، [/FONT][FONT=&quot]ثم طاف منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]ألا إن الخمر قد حرمت[/FONT][FONT=&quot] " ، فانتهَوْا عن شرب الخمر من فورهم ، وامتثلوا الأمر الإلهي من غير جدال ولا مراء ، وهذا هو حال الصحابة في جميع أحوالهم ، سواء تدرج التشريع ، أو شُرِع مرة واحدة ، فإن حالهم كان ينطبق عليه قول الله عز وجل : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [/FONT][FONT=&quot]" . ( النور / 1) ، وهذا من منطلق صدق إيمانهم ويقينهم بالله عز وجل ، وأنّ : [/FONT][FONT=&quot]" مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [/FONT][FONT=&quot]" . ( النحل / 96 ) ، أما في زماننا هذا ، فإننا نرى كثيراً من المسلمين الذين وُلِدوا مسلمين ، وترعرعوا في بيوت مسلمة ، بعادات وعبادات إسلامية ، نراهم يتذمرون ويتثاقلون من هذه الأمور التي أصبحت كالهمّ الثقيل على قلوبهم ، فيرى الشاب أباه وأمه يصليان ويدعوانه للوقوف خاشعاً بين يدي الله ، علَّهُ يتذكر الوقوف بين يديه يوم الحساب ، فيتكاسل عنها ويتهاون فيها ، يَحُثّانه على الصيام ويُرغِّبانه فيه ، علّه يتذكر عطش يوم القيامة ، فيؤوب إلى ربه ويتوب عن معاصيه ، فيُعرض ويمتنع ، مُستبدلاً لذّةً خالدة ونعيماً سرمديّاً ، بشهوة عارضة وندماً أبديّاً ، يابنيّ : دعك من الأغاني والأفلام ، واستمع لكلام خالق الأنام ومبدع الأكوان ، لعلّ قلبك المضطرب المتخبط في ظلمات الدنيا يستضيء بنور الرحمن ، فيطمئن بذكر الله ، فيأبى ويمتنع ثم تراه : " ...[/FONT][FONT=&quot]وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot].... " . ( لقمان / 7 ) ، فلا أمر مباشر ينفع معه ، ولا تدرُّج يجدي شيئاً ، إلاّ من رحم الله عز وجل ، وبقيت جذوة الإيمان تشع نوراً في قلبه ، هدانا الله وسائر المسلمين لما يحب ويرضى سبحانه . [/FONT]
[FONT=&quot] أما من الناحية العلمية ، فإن إدخال الدواء إلى الجسم أوسحب أثره منه يحتاج في الغالب إلى التدرج والتريث ، حتى لا ينقلب الأمر إلى ضده ، فتظهر أعراض جانبية آثارها ممتدة ، وتحتاج جهداً مضاعفاً للتخلص منها ، ولهذا نجد أنّ مراكز علاج إدمان المسكرات والكحوليات والمخدرات على مستوى العالم تنتهج هذا العلاج ( الإسلاميّ الأصل ) بالتدرج في سحب الآثار السُّمِّيَّة المدمرة لهذه المواد والتي ترسبت يوماً بعد يوم في أجساد هؤلاء المدمنين وسرت فيها سريان الدم من العروق ، فتُمنع عنهم أنواع من المخدرات ويُسمح لهم ببدائل أقلّ منها تأثيراً حتى يعتادوا استنشاق الهواء النظيف ويعتادوا سريان الدم النقي في عروقهم ، وإن لم يخضع هذا المدمن لعلاج نفسي مكثف ، أو لم تكُن رغبته في العلاج والتخلص من الإدمان صادقة وحقيقية ، فلن يجدي معه علاج جسدي ولا نفسي ، إلاّ إذا استقر في عقله وقلبه أنه حقاً يريد التخلص من الإدمان ، وأنه يعلم يقينا ً أن الشر كل الشر فيه ومنه ، وأن الخير كل الخير في البعد عنه ، إذا تيقّن له ذلك فالعلاج مضمون ، ونجاحه في الصعود من هوة الإدمان أكيد ، باليقين ثم بالاستعانة بالله على ذلك ، فبالإيمان تحيا القلوب ، وباليقين تسمو الأرواح عن شهوات الجسد الفانية ، إلى لذات الأنس بالله والشوق لرؤياه .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]23 – قال أسيد بن حضير لعائشة – رضي الله عنهما - : " [/FONT][FONT=&quot]جزاك الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه ، إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيراً "[/FONT][FONT=&quot] : [/FONT]
[FONT=&quot] عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]أسيد بن حضير وناساً يطلبون قلادة كانت لعائشة نسيتها في منزلٍ نزلته ، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء ، فصلوا بغير وضوء ، فذكروا ذلك لرسول الله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot]r[/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، فأنزل الله عز وجل آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة : جزاك الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه ، إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيراً [FONT=&quot][2][/FONT].[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وقد مرّ بنا في معرض فوائد آية التيمم التي أنزلت بسبب عقد عائشة ؛ كم باباً جعل الله فيها من أبواب التيسير على هذه الأمة ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه [/FONT][FONT=&quot]أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]قال : " [/FONT][FONT=&quot]إنّ الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحدٌ إلاّ غلبه ، فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدُّلجة[/FONT][FONT=&quot] " .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، هذا اليسر الذي أخبرنا به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]نراه واضحاً جليّا في آية التيمم التي تدرّج فيها تحريم الخمر ، وأُذن للمسلمين بالمرور بالمسجد جُنُباً بعد أن كانوا يتحرجون من ذلك ، و [/FONT][FONT=&quot]شرع فيها التيمم تيسيراً على المسلمين ، وذلك كله بعد أن فقدت عائشة رضي الله عنها عقدها في هذه السفرة ، ومن رحمة النبي [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم بها لم يرحل عن ذلك المكان إلاّ بعد أن اجتهد في البحث عن عقدها ، ولمّا شقّ عليها الأمر بعد عتاب أبيها ولومه لها [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، أنزل الله رحماته على هذه الأمة وجعل هذه المناسبة إكراما لأم المؤمنين عائشة ، ففتح الله بفقد عقد لها باب رحمة ويسر إلى يوم القيامة بهذه الرخصة ، التي هي من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]كما قال في الحديث : " [/FONT][FONT=&quot]فُضّلتُ عل الأنبياء بست : أُعطيتُ جوامع الكلم ، ونُصرتُ بالرعب ، وأُحِلَّت لي الغنائم ، وجُعِلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأُرسلتُ إلى الخلق كافّة ، وخُتِمَ بي النبيون[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وعن حذيفة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال : " [/FONT][FONT=&quot]فُضِّلنا على الناس بثلاث : جُعِلت صُفوفنا كصفوف الملائكة ، وجُعِلت لنا الأرض كلها مسجداً وجُعلت تُرْبتُها لنل طهوراً إذا لم نجد الماء " .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]شرح العقيدة الواسطية [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (336) . [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (39) . [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]سيأتي الحديث في تفسير آية التيمم في سورة المائدة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (1195) . [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (1193) . [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثامناً ، الفوائد العقائديّة : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]24 – أسماء الله الحسنى تتضمن معانيها صفاته العُلا : [/FONT]
[FONT=&quot] ختم الله عز وجل آية التيمم في سورة النساء بقوله : [/FONT][FONT=&quot]" إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا[/FONT][FONT=&quot] " ، [/FONT][FONT=&quot]أي لم يزل كائنا يقبل العفو وهو السهل ، ويغفر الذنب أي يستر عقوبته فلا يعاقب [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، والْعَفُوُّ : ذُو الْعَفْوِ الْعَظِيمِ ، وَيُطْلَقُ الْعَفْوُ بِمَعْنَى الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ وَمِنْهُ فِي التَّنْزِيلِ : " [/FONT][FONT=&quot]خُذِ الْعَفْوَ[/FONT][FONT=&quot] " . (الأعراف / 199) ، وَفِي الْحَدِيثِ : " [/FONT][FONT=&quot]قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صُدْفَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]" ، أَيْ : أَسْقَطْتُهَا تَيْسِيرًا عَلَيْكُمْ ، وَمِنْ عَفْوِهِ تَعَالَى أَنْ أَسْقَطَ فِي حَالِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ، وَمِنْ مَعَانِي الْعَفْوِ مَحْوُ الشَّيْءِ يُقَالُ : عَفَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ ، وَيُقَالُ : عَفَا الْأَثَرُ (لَازِمٌ) أَيْ : أُمْحِيَ ، وَمِنْهُ الْعَفْوُ عَنِ الذَّنْبِ عَفَا عَنْهُ ، وَعَفَا لَهُ ذَنْبَهُ ، وَعَفَا عَنْ ذَنْبِهِ ، أَيْ : مَحَاهُ ، فَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهِ عِقَابًا ، فَالْعَفْوُ أَبْلَغُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]; لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ مِنَ الْغَفْرِ ، وَهُوَ السَّتْرُ ، وَسَتْرُ الذَّنْبِ بِعَدَمِ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي بَقَاءَ أَثَرٍ خَفَيٍّ لَهُ ، وَمَعْنَى الْعَفْوِ ذَهَابُ الْأَثَرِ ، فَالْعَفْوُ عَنِ الذَّنْبِ جَعْلُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِأَلَّا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي النَّفْسِ لَا ظَاهِرٌ وَلَا خَفِيٌّ ، فَهَذَا التَّذْيِيلُ لِلْآيَةِ مُبَيِّنٌ مَنْشَأَ الرُّخْصَةِ وَالْيُسْرِ الَّذِي فِيهَا ، وَهُوَ عَفْوُ اللهِ تَعَالَى ، وَمُشْعِرٌ بِأَنَّ مَا كَانَ مِنَ الْخَطَأِ فِي صَلَاةِ السُّكَارَى كَقَوْلِهِمْ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ : مَغْفُورٌ لَهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ عَلَيْهِ ، ومن عفو الله عز وجل ما ورد عن عبد الرحمن بن أبزي ؛ قال : كُنَّا عِنْدَ عُمَر فَأَتَاهُ رَجُلٌ فقال : يا أمير المؤمنين : ربما نمكث الشهر والشهرين ولا نَجِدُ المّاءً ؟ فقالَ عُمَرُ : أَمَّا أَنَا فَإِذَا لَمْ أَجِدْ المَاءَ لَمْ أَكُن لِأُصّلِّي حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ . فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يّاسِرٍ : أَتَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كُنْتُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِلَ فَتَعْلَمُ أَنَّا أَجْنَبْنَا !! قَالَ : نَعَم . قَالَ : أَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فَضَحِكَ فَقَالَ : " [/FONT][FONT=&quot]إِنْ كَانَ الصَّعِيدُ لَكَافِيكَ[/FONT][FONT=&quot] " ، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَبَعْضَ ذِرَاعَيْهِ . فَقَالَُ عُمَرُ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ ، فَقَالَ : يّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرُهُ . قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ نُوَلِّيكَ مِنْهُ مَا تَوَلَّيْتَ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot] فَتَبَسُّم ُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]مِن فِعْلِهِ ، وِعَدَمُ أَمْرِهِ بِالإَِعَادَة دَلِيلُ عَلَى تَجاوُزِ اللهِ عَمَّا فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ نَتِيجَة جَهْلِهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الصَّحِيحَةِ لِلتَّيَمُّمِ ، وَعَفْوِهِ عَنْهُ . [/FONT]
[FONT=&quot] وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : خَرَجَ رَجُلاَنِ فِي سَفَرٍ ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ ، فَتَيَمَّمَا صَعِيداً طَيِّباً ، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الْوُضُوءَ وَالصَّلاَةَ ، وَلَمْ يُعِدْ الآخَرُ ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فَذَكّرّا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ : " [/FONT][FONT=&quot]أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلاَتُكَ[/FONT][FONT=&quot] " ، وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ : " [/FONT][FONT=&quot]لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot] فَيَالََعَظَمَةِ هَذَا الدِّين ، وَيَالَعَفْوِ مُنْزِلِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ ، فَهُوَ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرًُ ، وَهُوَ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ ، ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْزِلَ عِقَابَهُ عَلَى كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ، وقادِرٌ َعلَى أَن يَعْفُوَ عَنْ كُلِّ أَوَّابٍ مُنِيبٍ ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُجَازِي كُلَّ كَفُورٍ ، وَقادِرٌ عَلَى أَن يَغْفِرَ ذُنُوبَ التَّائِبِينَ ، تباركت ربنا وتعاليت ، يا مالك الملك ، تفعل في ملكك ما تشاء ، بحكمة واقتدار . [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه الترمذي [/FONT][FONT=&quot]: (623) . [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح ، اخرجه النسائي في سننه [/FONT][FONT=&quot](1/168) [/FONT][FONT=&quot]، وصححه الألباني في الصحيحة [/FONT][FONT=&quot](316) [/FONT][FONT=&quot]، وقال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]صحيح دون الذراعين والصواب [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الكفين [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صححه الألباني [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أبو داود [/FONT][FONT=&quot](334) [/FONT][FONT=&quot]، والنسائي [/FONT][FONT=&quot](1/213) . [/FONT]
 
انتهت الفوائد المستخرجة من الآية الأولى وهي آية التيمم من سورة النساء .

الآية الثانية : آية الوضوء والتيمم من سورة المائدة :

[FONT=&quot] " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ". [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]( المائدة / 6 )[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
 
[FONT=&quot]** الآيـــة الثــانية : -[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ". [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]( المائدة / 6 )[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]*** الفوائد المستخرجة من الآية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]أَوَّلاً ، فَوَائِدُ أَسْبَابِ النُّزُولِ :[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] 25 - " لَقَدْ بَارَكَ اللهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ[/FONT][FONT=&quot] " : [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] ذكر القشيري وابن عطية أن هذه الآية نزلت في قصة عائشة حين فقدت العقد في غزوة المريسيع ، وهي آية الوضوء . قال ابن عطية : لكن من حيث كان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الوضوء متقررا عندهم مستعملاً ، فكأن الآية لم تزدهم فيه إلا تلاوته ، وإنما أعطتهم الفائدة والرخصة في التيمم ، وقد ذكرنا في آية " النساء " خلاف هذا ، والله أعلم ، ومضمون هذه الآية داخل فيما أمر به من الوفاء بالعقود وأحكام الشرع ، وفيما ذكر من إتمام النعمة ، فإن هذه الرخصة من إتمام النعم .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] أَخْرَجَ البُخَاريُّ – والَّلفْظُ لَهُ – وَمُسْلِمٌ [FONT=&quot][2][/FONT]من حديث عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : سقطت قلادةٌ لي بالبيداء ، ونحن داخلون المدينة ، فأناخ النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]ونزل ، فثنى رأسه في حِجْري راقداً ، أَقْبَلَ أَبو بكر فَلَكَزَني لَكْزَةً شديدة ، وقال : حَبَسْتِ النّاسَ في قِلاَدَةٍ ؟ فَبِيَ الموتُ لمكانِ رَسُولِ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَقَدْ أَوْجَعَنِي ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتْ الصُّبْحُ ، فَالْتَمَسَ الْمَاءَ فَلَمْ يُوجَد ، فَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ " ، الآية ، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ : لَقَد بارَكَ اللهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ . [/FONT]
[FONT=&quot] وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : بعث رسول الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]أسيد بن حضير وناساً يطلبون قلادة كانت لعائشة نسيتها في منزلٍ نزلته ، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء ، فصلوا بغير وضوء ، فذكروا ذلك لرسول الله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، فأنزل الله عز وجل آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة : جزاك الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه ، إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيراً .[FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وَعَنْها أيضاً أَنَّها قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]في بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذا كُنَّا بِالبَيْدَاءَ – أَوْ بِذاتِ الْجَيْشِ – انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي ، فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]عَلَى الْتِمَاسِهِ ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالوا : أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَت عَائِشَةُ ؟ أَقَامَتْ بِرَسولِ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ ، وَلَيْسَ مَعَهُم مَاءٌ . فَجَاءَ أَبو بَكْرٍ وَرَسولُ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]واضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذي قَدْ نَامَ ، َقَالَ : حَبَسْتِ رَسُولَ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَالنَّاسَ ، وَلَيْسُوا عَلى مَاءٍ ، وَلَيْسَ مََهُمْ مَاءٌ ؟؟ [/FONT]
[FONT=&quot] فَقَالتْ عَائِشَةُ : فَعَاتَبَني أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَاشَاءَ اللهُ أَنْ يَقُول ، وَجَعَلَ يَطْعَنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي ، فَلاَ يَمْنَعُني مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاّ مَكَانَ رَسُولِ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عَلَى فَخِذي ، فَقَامَ رَسُولُ الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا . [/FONT]
[FONT=&quot] فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيرٍ : مَاهِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكَمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ . قَالَتْ : فَبَعَثْنَا الْبَعيرَ الّذي كُنْتُ عَلَيْهِ ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ [FONT=&quot][4][/FONT]. [/FONT]
[FONT=&quot] لَكِن يَبْقَى النَّظَرُ في المُرَادِ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ : هَلْ هِيَ آيَةُ النِّساء ، أَم آيَةُ المَائدَةِ ؟ ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى[FONT=&quot][5][/FONT]: قَوْلُهُ : فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ ، قَالَ ابْنُ العَرَبيُّ : هَذِهِ مُعْضِلَةٌ ما وَجَدْتُ لِدائِها مِنْ دَوَاءٍ ، لأَنَّا لاَ نَعْلَمُ أَيَّ الآيَتَيْنِ َعَنَت عَائشَةُ ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : هيَ آيَةُ النِّساءِ أَوْ آيَةُ المَائدَةِ ، وَقَالَ القُرْطُبِيُّ : هِيَ آيَةُ النِّساءِ ، وَوَجَّهَهُ بأنَّ آيَةَ المائِدَةِ تُسَمَّى آيَةُ الْوُضُوءِ ، وآيَةُ النِّساءِ لاَذِكْرَ فيها للوُضُوءِ ، فَيَتَّجِهُ تَخْصيصُها بِآيَةِ التَّيَمُّمِ ، وَأَورَدَ الواحِدِيُّ في أَسْبابِ النُّزولِ هَذا الحَديثَ عِنْدَ ذِكْرِ آيَةِ النِّساءِ أَيْضاً ، وَخَفِيَ على الجَميعِ ما ظَهَرَ للبُخارِيِّ مِنْ أَنَّ المُرادَ بِها آيَةُ المَائِدَةِ بِغَيرِ تَرَدُّدٍ لِرِوايَةِ عَمْرو بن الْحَارثِ إِذْ صَرَّحَ فيهَا بِقَوْلهِ : فَنَزَلَت : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ " . الآيَة . [/FONT]
[FONT=&quot] قُلْتُ (مُصْطَفَى العَدَوِيُّ) : روايَةُ َعَمْرو بن الحَارِثِ الَّتي أَشارَ إِلَيها الحافِظُ هي عِنْدَ البُخاريِّ [FONT=&quot][6][/FONT]، وفِيها : فَنَزَلَت " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ " ، فَدَلَّ ذلكَ عَلَى أَنَّها آيَةُ المائدَةِ ، الّلهُمَّ إلاَّ إِذا خّشِيَ أََن تَكُونَ مِن تَصَرُّفِ بَعْضِ الرُّواةِ بناءً عَلى فَهْمِهِ فَنَزَلَت آيَةُ التَّيمُّمِ ، واللهُ تَعالى أَعْلَم .[FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]البخاري [/FONT][FONT=&quot](4608) [/FONT][FONT=&quot]، ومسلم [/FONT][FONT=&quot](367) . [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot]أخرجه النسائي في سننه [/FONT][FONT=&quot](1/172) [/FONT][FONT=&quot]، وصححه الأباني في الصحيحة [/FONT][FONT=&quot](323) . [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (334) . [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]فتح الباري [/FONT][FONT=&quot](1/517) . [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]البخاري [/FONT][FONT=&quot](4608) .[/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]التسهيل لتأويل التنزيل [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]تفسير سورة المائدة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثانياً ، الفوائد اللغويّة والبلاغية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]26 – [/FONT][FONT=&quot] المقصود بالمرافق والكعبين في آية الوضوء : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] " المرافق [/FONT][FONT=&quot]" : جمع المرفق ، اسم للعضو المعروف وزنه مفعل بكسر الميم وفتح العين أو بفتح الميم وكسر العين ، ووزن المرافق : مفاعل [/FONT]
[FONT=&quot] " الكعبـين[/FONT][FONT=&quot] " : مثنّى كعب ، اسم للعظم الناشز فوق القدم من الجانبين ، وزنـه : فَـعْل بفتحٍ فسكونٍ . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]و المرفق هو الموصل بين الساعد والعضد ، وجَـمَعَه وثـَنـَّى الكعبين لأن للإنسان مرفقا واحدا في كل يد ، فناسب أن يذكر بالنسبة للجميع بالجمع ، بعكس الكعبين فإن الكعبين هما العظمان الناشزان من جانبي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]القدم ، فناسب أن يذكر الاثنان من كل رجل .[/FONT]
[FONT=&quot] وسبب آخر وهو أن جمع المرفق لفظ مأنوس في الكلام ، أما جمع الكعب فهو لفظ لا يخلو ذكره في الكلام ، إذ يجمع على كعاب وكعوب وأكعب ، وهذا أمر مرّده الى الذوق وحده.[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]27 – معاني حروف الجر : بين اللغة والتشريع : [/FONT]
[FONT=&quot] الْأَيْدِي : جَمْعُ يَدٍ ، وَهِيَ الْجَارِحَةُ الَّتِي تَبْطِشُ وَتَعْمَلُ بِهَا ، وَحَدُّهَا فِي الْوُضُوءِ مِنْ رُؤُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمَرَافِقِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، وقوله تعالى: " إِلَى الْمَرافِقِ "، قيل : إلى بمعنى (مع) كقوله :[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]"[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ [/FONT][FONT=&quot]" . وهذا قول ضعيف والصحيح أنها لانتهاء الغاية ، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة ، لأنه ما لا يتم به الواجب فهو واجب ، إذ لا بد من غسل المرافق ليتم غسل الأيدي[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، و لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]كَانَ يَغْسِلُ الْمَرْفِقَيْنِ ، فَقَدْ وَرَدَ صَرِيحًا ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ تَرَكَ غَسْلَهُمَا ، وَالِالْتِزَامُ الْمُطَّرِدُ آيَةُ الْوُجُوبِ ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَبُّ إِطَالَةُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يَتَوَضَّأُ ، وَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ ; فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ [/FONT][FONT=&quot]"[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، وَالْمُرَادُ بِإِطَالَةِ الْغُرَّةِ مَا ذُكِرَ ، وَقِيلَ غَسْلُ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ ، وَجُزْءٍ مِنَ الْعَضُدَيْنِ ، وَجُزْءٍ مِنَ السَّاقَيْنِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ ، شُبِّهَ ذَلِكَ بِغُرَّةِ الْفَرَسِ وَتَحْجِيلِهِ ، وَهُوَ الْبَيَاضُ فِي جَبْهَتِهِ وَقَوَائِمِهِ ، أَوِ التَّشْبِيهُ لِلنُّورِ الَّذِي يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : " إِنَّ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَلَمْ يَزِدْ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عَلَى غَسْلِ الْمَرْفِقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ ".[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] وأما قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " ، فقد اعتبر بعضهم الباء للتبعيض كالإمام الشافعي ، واعتبر البعض أقل جزء منه ، لذا أوجب مسح شعرة من الرأس وأنها تجزئ في الوضوء . وأخذ الإمام الحنفي بهذا الرأي ، ولكنه اعتبر البعض ربع الرأس بناء على سنة رسول اللّه [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]، واعتبر الإمام مالك بأن الباء للتوكيد بمعنى بكل رؤوسكم ، فأوجب مسح الرأس جميعه . وللإمام أحمد قولان : قول بمسح جميع الرأس وقول بنصفه ، وإنما أوردت ذلك لأبين قيمة المعنى في فهم الأحكام وعلاقة الإعراب بالمعنى ، وعدم الإنكار على المجتهدين فيما اختلفوا فيه .[/FONT]
[FONT=&quot] وقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[/FONT][FONT=&quot] " ، يقرأ بنصب أرجلكم وبهذا تكون معطوفة على الوجوه والأيدي أي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم ، والسنة الواردة بغسل الرجلين تقوّي هذا المعنى ، وقيل بأن الأرجل معطوفة على موضع الرؤوس ، لأن الباء زائدة والرؤوس منصوبة محلا والوجه الأول أقوى لأن العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع . وهناك قراءة بالجر هي مشهورة كشهرة النصب وفيها وجهان ؛ أحدهما : أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب ، والحكم مختلف ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فالرؤوس ممسوحة والأرجل مغسولة ، أي فامسحوا برؤوسكم واغسلوا بأرجلكم ، وذلك كقولنا علفتها تبنا وماء ، أي علفتها تبناً وسقيتها ماءً ، وإنما العطف لجامع بينهما وهو الكفاية ، وكذلك العطف في الآية لجامع بينهما وهو التطهر ، والوجه الثاني أن يكون جر الأرجل بحرف جر محذوف مقدر: وافعلوا بأرجلكم غسلاً ، وهذا جائز في اللغة والقواعد ، وله شواهد ويؤيد الغسل قوله تعالى: " [/FONT][FONT=&quot]إِلَى الْكَعْبَيْنِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، لأن الممسوح ليس بمحدود .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]28 - لفتة بلاغية جميلة في آية الوضوء :[/FONT]
[FONT=&quot] قال تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ[/FONT][FONT=&quot] " ، وفي الجنابة : « [/FONT][FONT=&quot]وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى[/FONT][FONT=&quot] » لأن إذا تدخل على ما هو حاصل ومنتظر ، وإن تدخل على ما هو متوقع ومحتمل ، لذا فهم بأن الصلاة حاصلة دائما دون تخلف ، أما الجنابة فهي شيء طارئ وليس دائما وهذا من دقة التعبير واختيار الكلام ليناسب المعنى ، وقد بلغ القرآن الكريم المنتهى في هذا المجال ، فلو حاول الإنسان أن يستبدل كلمة من القرآن الكريم بمرادف لها أو بديل عنها حتى ولو كان لها مائة مرادف ، فإنه لن يجد أنسب منها في موضعها من الآية سواء من ناحية المعنى أو التناسق أو النغم المتآلف في آيات القرآن الكريم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot].[FONT=&quot][7][/FONT] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]29 – معنى قوله تعالى : " فاغسلوا " ، ومعنى الوجه وحدّهُ : [/FONT]
[FONT=&quot] " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ " ، الْغَسْلُ ، بِالْفَتْحِ : إِسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ إِزَالَةُ مَا عَلَى الشَّيْءِ مِنْ وَسَخٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُرَادُ تَنْظِيفُهُ مِنْهُ ، وَالْوُجُوهُ : جَمْعُ وَجْهٍ ، وَحَدُّهُ مِنْ أَعْلَى تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ إِلَى أَسْفَلِ اللَّحْيَيْنِ طُولًا ، وَمِنْ شَحْمَةِ الْأُذُنِ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ عَرْضًا ، والوجه في اللغة مأخوذ من المواجهة ، وهو عضو مشتمل على أعضاء وله طول وعرض ، فحده في الطول من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللحيين ، ومن الأذن إلى الأذن في العرض ، وهذا في الأمرد ، وأما الملتحي فإذا اكتسى الذقن بالشعر فلا يخلو أن يكون خفيفاً أو كثيفاً ،[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فإن كان الأول بحيث تبين منه البشرة فلا بد من إيصال الماء إليها ، وإن كان كثيفاً فقد انتقل الفرض إليه كشعر الرأس ، ثم ما زاد على الذقن من الشعر واسترسل من اللحية ، فقال سحنون عن ابن القاسم : سمعت مالكاً سئل : هل سمعت بعض أهل العلم يقول إن اللحية من الوجه فليمر عليها الماء ؟ قال : نعم ، وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس ، وعاب ذلك على من فعله . وذكر ابن القاسم أيضا عن مالك قال : يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها ، قال : وهي مثل أصابع الرجلين .[/FONT]
[FONT=&quot] قال ابن عبد الحكم : تخليل اللحية واجب في الوضوء والغسل . قال أبو عمر : روي عن النبي [/FONT] [FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][/FONT][/FONT][FONT=&quot]أنه خلل لحيته في الوضوء من وجوه كلها ضعيفة . وذكر ابن خويز منداد : أن الفقهاء اتفقوا على أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء ، إلا شيء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]روى عن سعيد بن جبير ، قوله : ما بال الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت فإذا نبتت لم يغسلها ، وما بال الأمرد يغسل ذقنه ولا يغسله ذو اللحية ؟ قال الطحاوي : التيمم واجب فيه مسح البشرة قبل نبات الشعر في الوجه ثم سقط بعده عند جميعهم . فكذلك الوضوء . قال أبو عمر: من جعل غسل اللحية كلها واجبا جعلها وجها ، لان الوجه مأخوذ من المواجهة ، والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا لم يخص صاحب لحية من أمرد ، فوجب غسلها بظاهر القرآن لأنها بدل من البشرة .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قلت(القرطبي) : واختار هذا القول ابن العربي وقال : وبه أقول ، لما روي أن النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كان يغسل لحيته ، خرجه الترمذي وغيره ، فعين المحتمل بالفعل . وحكى ابن المنذر عن إسحاق أن من ترك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تخليل لحيته عامدا أعاد . وروى الترمذي عن عثمان بن عفان أن النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كان يخلل لحيته [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، قال : هذا حديث حسن صحيح ، قال أبو عمر : ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى أن الأصل المأمور بغسله البشرة ، فوجب غسل ما ظهر فوق البشرة ، وما انسدل من اللحية ليس تحته ما يلزم غسله ، فيكون غسل اللحية بدلا منه .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]30 - الكناية في القرآن : [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قوله تعالى: [/FONT][FONT=&quot]" أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ[/FONT][FONT=&quot] " روى عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال : القبلة من اللمس ، وكل ما دون الجماع لمس ، وكذلك قال ابن عمر واختاره محمد بن يزيد قال : لأنه قد ذكر في أول الآية ما يجب على من جامع في قوله : " [/FONT][FONT=&quot]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا[/FONT][FONT=&quot] " . وقال عبد الله بن عباس : اللمس والمس والغشيان الجماع ، ولكنه عز وجل يكني . وقال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مجاهد في قوله عز وجل : [/FONT][FONT=&quot]" وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [/FONT][FONT=&quot]" . ( الفرقان/ 72) قال : إذا ذكروا النكاح كنوا عنه .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم وبيانه [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (602) . [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الترمذي [/FONT][FONT=&quot]: (31) . [/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثالثاً ، الفوائد التفسيرية :


[/FONT]

[FONT=&quot]31 - [/FONT][FONT=&quot]بعض أقوال المفسرين في المناسبة بين سورتي النساء والمائدة ، والمناسبة بين آية التيمم والوضوء وما قبلها :[/FONT]
[FONT=&quot] نلاحظ أنّ مُعْظَمَ[/FONT][FONT=&quot] سُورَة[/FONT][FONT=&quot]ِ[/FONT][FONT=&quot] الْمَائِدَةِ فِي مُحَاجَّةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ، وَهُوَ مَا تَكَرَّرَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَأُطِيلَ بِهِ فِي آخِرِهَا ، فَهُوَ أَقْوَى الْمُنَاسَبَاتِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ ، وَأَظْهَرُ وُجُوهِ الِاتِّصَالِ ، كَأَنَّ مَا جَاءَ مِنْهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مُتَمِّمٌ وَمُكَمِّلٌ لِمَا فِيمَا قَبْلَهَا . وَفِي كُلٍّ مِنَ السُّورَتَيْنِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَمِنَ الْمُشْتَرَكِ مِنْهَا فِي السُّورَتَيْنِ : آيَتَا التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ ، وَحُكْمُ حِلِّ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَزَادَ فِي الْمَائِدَةِ حِلُّ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَكَانَ مُتَمِّمًا لِأَحْكَامِ النِّكَاحِ [/FONT][FONT=&quot]فِي النِّسَاءِ . وَمِنَ الْمُشْتَرَكِ فِي الْوَصَايَا الْعَامَّةِ : الْأَمْرُ بِالْقِيَامِ بِالْقِسْطِ ، وَالشَّهَادَةُ بِالْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ لِأَحَدٍ ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى ، وَمِنْ لَطَائِفِ التَّنَاسُبِ فِيهِمَا ، أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ مَهَّدَتِ السَّبِيلَ لِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ ، وَسُورَةَ الْمَائِدَةِ حَرَّمَتْهَا أَلْبَتَّةَ ، فَكَانَتْ مُتَمِّمَةً لِشَيْءٍ فِيمَا قَبْلَهَا ، وَانْفَرَدَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ بِأَحْكَامٍ قَلِيلَةٍ فِي الطَّعَامِ وَالصَّيْدِ وَالْإِحْرَامِ ، وَحُكْمِ الْبُغَاةِ الْمُفْسِدِينَ ، وَحَدِّ السَّارِقِ ، وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنْ كَمَالِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ الْمُؤْذِنَةِ بِتَمَامِهَا ، كَمَا انْفَرَدَتِ " النِّسَاءُ " بِأَحْكَامِهِنَّ وَأَحْكَامِ الْإِرْثِ وَالْقِتَالِ ، وَهِيَ مِمَّا كَانَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عِنْدَ نُزُولِهَا .[/FONT]
[FONT=&quot] وَقَالَ الرَّازِّيُّ فِي وَجْهِ اتِّصَالِ آيَةِ الْوُضُوءِ بِمَا قَبْلَهَا : " اعْلَمْ أَنَّهُ - تَعَالَى - افْتَتَحَ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ : " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[/FONT][FONT=&quot] " ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَصَلَ بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَ الْعَبْدِ عَهْدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَعَهْدُ الْعُبُودِيَّةِ ، فَقَوْلُهُ : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ طَلَبٌ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يَفُوا بِعَهْدِ الْعُبُودِيَّةِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : إِلَهَنَا ، الْعَهْدُ نَوْعَانِ : عَهْدُ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْكَ ، وَعَهْدُ الْعُبُودِيَّةِ مِنَّا ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِأَنْ تُقَدِّمَ الْوَفَاءَ بِعَهْدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْكَرَمِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنَافِعَ الدُّنْيَا مَحْصُورَةٌ فِي نَوْعَيْنِ : لَذَّاتِ الْمَطْعَمِ ، وَلَذَّاتِ الْمَنْكَحِ ، فَاسْتَقْصَى ، سُبْحَانَهُ ، فِي بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَنَاكِحِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمَطْعُومِ فَوْقَ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَنْكُوحِ ، لَا جَرَمَ قَدَّمَ بَيَانَ [/FONT][FONT=&quot]الْمَطْعُومِ عَلَى الْمَنْكُوحِ ، وَعِنْدَ تَمَامِ الْبَيَانِ كَأَنَّهُ يَقُولُ : قَدْ وَفَّيْتُ بِعَهْدِ الرُّبُوبِيَّةِ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَنَافِعِ وَاللَّذَّاتِ ، فَاشْتَغِلْ أَنْتَ فِي الدُّنْيَا بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِ الْعُبُودِيَّةِ ، وَلَمَّا كَانَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ ، الصَّلَاةُ ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ لَا يُمْكِنُ إِقَامَتُهَا إِلَّا بِالطَّهَارَةِ ، لَا جَرَمَ بَدَأَ اللهُ - تَعَالَى - بِذِكْرِ شَرَائِطِ الْوُضُوءِ " . (لَعَلَّ الْأَصْلَ فَرَائِضُ الْوُضُوءِ) .[/FONT]
[FONT=&quot] أَقُولُ : لَوْ جَعَلَ هَذَا الْوَجْهَ فِي الِاتِّصَالِ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَعًا - وَقَدْ جَمَعْنَاهُمَا - لَكَانَ أَظْهَرَ ، فَإِنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ يُذَكِّرُنَا بِعَهْدِهِ وَمِيثَاقِهِ . وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ وَجْهَ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ آيَةِ الْوُضُوءِ وَمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّ الْحَدَثَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا سَبَبُ الطَّهَارَتَيْنِ هُمَا أَثَرُ الطَّعَامِ وَالنِّكَاحِ ، فَلَوْلَا الطَّعَامُ لَمَا كَانَ الْغَائِطُ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ ، وَلَوْلَا النِّكَاحُ لَمَا كَانَتْ مُلَامَسَةُ النِّسَاءِ الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ ، وَأَمَّا الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ آيَةِ الْمِيثَاقِ وَمَا قَبْلَهَا فَهِيَ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَنَا طَائِفَةً مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ ، ذَكَّرَنَا بِعَهْدِهِ وَمِيثَاقِهِ عَلَيْنَا ، وَمَا الْتَزَمْنَاهُ مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ بِقَبُولِ دِينِهِ الْحَقِّ ; لِنَقُومَ بِهَا مُخْلِصِينَ .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]32 – المراد بقوله سبحانه : " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ[/FONT][FONT=&quot] ... " :[/FONT]
[FONT=&quot]قال جمهور أهل العلم : معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة محدثين ، وليس في[/FONT][FONT=&quot] الآية على هذا تقديم وتأخير ، بل ترتب في الآية حكم واجد الماء إلى قوله : " [/FONT][FONT=&quot]فَاطَّهَّرُوا[/FONT][FONT=&quot] " ، ثم ذكر بعد قوله : " [/FONT][FONT=&quot]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [/FONT][FONT=&quot]" ، حكم عادم الماء من النوعين جميعاً ، وكانت الملامسة هي الجماع ، ولا بد أن يذكر الجنب العادم الماء كما ذكر الواجد ، وهذا تأويل الشافعي وغيره ، وعليه تجئ أقوال الصحابة كسعد بن أبي وقاص وابن عباس وأبي موسى الأشعري وغيرهم . قلت: وهذان التأويلان أحسن ما قيل في الآية ، والله أعلم . ومعنى : " [/FONT][FONT=&quot]إِذا قُمْتُمْ[/FONT][FONT=&quot] " ؛ إذا أردتم ، كما قال تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ باللهِ [/FONT][FONT=&quot]" . ( النحل/ 98 ) ، أي إذا أردت ، لأن الوضوء حالة القيام إلى الصلاة لا يمكن .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]33 – تواتر القراءات بالنصب والخفض في قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَأَرْجُلَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " : [/FONT]
[FONT=&quot] قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ : [/FONT][FONT=&quot]" وَأَرْجُلَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " بِالْفَتْحِ ; أَيْ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مِفْصَلِ السَّاقِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ ، وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ : ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، بِالْجَرِّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الرَّأْسِ ; أَيْ وَامْسَحُوا بِأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، وَمِنْ هُنَا اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَمَسْحِهِمَا ; فَالْجَمَاهِيرُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْغَسْلُ وَحْدَهُ ، وَالشِّيعَةُ الْإِمَامِيَّةُ أَنَّهُ الْمَسْحُ ، وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ لِلْحَقِّ ، مِنَ الزَّيْدِيَّةِ : يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ ، أَنَّ الْمُكَلَّفَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا ، وَسَتَعْلَمُ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ جَرِيرٍ الْجَمْعُ .[/FONT]
[FONT=&quot] أَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْجَمْعِ فَأَرَادُوا الْعَمَلَ بِالْقِرَاءَتَيْنِ مَعًا لِلِاحْتِيَاطِ ، وَلِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ فِي التَّعَارُضِ إِذَا أَمْكَنَ ، وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّخْيِيرِ فَأَجَازُوا الْأَخْذَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ ، وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْمَسْحِ فَقَدْ أَخَذُوا بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ وَأَرْجَعُوا قِرَاءَةَ النَّصْبِ إِلَيْهَا ، وَذَكَرَ الرَّازِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ . وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ ، عِنْدَ ذِكْرِ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ : وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ هَذَا ، إِلَّا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَقَدْ أَخَذُوا بِقِرَاءَةِ النَّصْبِ وَأَرْجَعُوا قِرَاءَةَ الْجَرِّ إِلَيْهَا ، وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ .[/FONT][FONT=&quot]وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الْمُنْطَبِقُ عَلَى حِكْمَةِ الطَّهَارَةِ ، وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَمَلُ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَمَا يُؤَيِّدُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقَوْلِيَّةِ ، وَأَصَحُّهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، قَالَ : تَخَلَّفَ عَنَّا ، رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فِي سَفْرَةٍ ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَنَا الْعَصْرُ ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، قَالَ : فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : " [/FONT][FONT=&quot]وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ [/FONT][FONT=&quot]" ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]
[FONT=&quot] وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الْمَسْحَ عَنِ النَّبِيِّ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وَعَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ; مِنْهُمْ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ ، قَالَ : "[/FONT][FONT=&quot]اغْسِلُوا الْأَقْدَامَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : " قَرَأَ عَلَيَّ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا ، فَقَرَآ : وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَسَمِعَ عَلِيٌّ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ذَلِكَ ، وَكَانَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ، فَقَالَ : وَأَرْجُلِكُمْ هَذَا مِنَ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ مِنَ الْكَلَامِ . وَتَفْسِيرُ هَذَا مَا رَوَاهُ عَنِ السُّدِّيِّ مِنْ قَوْلِهِ . أَمَّا وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَيَقُولُ : اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ ; فَهَذَا مِنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَلَكِنَّ ابْنَ جَرِيرٍ رَوَى الْقَوْلَ بِالْمَسْحِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ، وَمِنَ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَنَّ الْوُضُوءَ غَسْلَتَانِ وَمَسْحَتَانِ " وَعَنْ أَنَسٍ : نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ ، وَالسُّنَّةُ الْغَسْلُ ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ الصَّحَابَةِ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْدِمُ النَّبِيَّ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ بَعْدَ سَوْقِ الرِّوَايَاتِ فِي الْقَوْلَيْنِ ، مَا نَصُّهُ : " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِعُمُومِ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ بِالْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ ، كَمَا أَمَرَ[/FONT][FONT=&quot] بِعُمُومِ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمَا الْمُتَوَضِّئُ كَانَ مُسْتَحِقًّا اسْمَ مَاسِحٍ غَاسِلٍ ; لِأَنَّ غَسْلَهُمَا إِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا أَوْ إِصَابَتُهُمَا بِالْمَاءِ ، وَمَسْحُهُمَا إِمْرَارُ الْيَدِ وَمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ عَلَيْهِمَا ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمَا فَاعِلٌ فَهُوَ غَاسِلٌ مَاسِحٌ ، وَكَذَلِكَ مِنِ احْتِمَالِ الْمَسْحِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْتُ مِنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا مَسْحٌ بِبَعْضٍ ، وَالْآخَرُ مَسْحٌ بِالْجَمِيعِ . [/FONT]
[FONT=&quot] والراجح من الأدلة السابقة أَنَّ مُرَادَ اللهِ مِنْ مَسْحِهِمَا الْعُمُومُ ، وَكَانَ لِعُمُومِهِمَا بِذَلِكَ مَعْنَى [/FONT][FONT=&quot]الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ ; فَبَيِّنٌ [/FONT][FONT=&quot]صَوَابُ قِرَاءَةِ الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا ، أَعْنِي النَّصْبَ فِي الْأَرْجُلِ وَالْخَفْضَ ; لِأَنَّ فِي عُمُومِ الرِّجْلَيْنِ بِمَسْحِهِمَا بِالْمَاءِ : غَسْلُهُمَا ، وَفِي إِمْرَارِ الْيَدِ وَمَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ عَلَيْهِمَا : مَسْحُهُمَا . فَوَجَّهَ صَوَابَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ نَصْبًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى عُمُومِهِمَا بِإِمْرَارِ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا ، وَوَجَّهَ صَوَابَ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ خَفْضًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهِمَا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَ الْيَدِ مَسْحًا بِهِمَا ، و مَجَالَ النَّحْوِ وَاسْعٌ لِمَنْ أَرَادَ رَدَّ كُلِّ قِرَاءَةٍ مِنْهُمَا إِلَى الْأُخْرَى ، وَرُبَّمَا كَانَ رَدُّ النَّصْبِ إِلَى الْجَرِّ أَوْجَهَ فِي فَنِّ الْإِعْرَابِ ، وَكَذَلِكَ مَجَالُ التَّجَوُّزِ ; كَقَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ : "[/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الْمُرَادَ بِمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ غَسْلُهُمَا ; لِأَنَّهُ وَرَدَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَسْحِ عَلَى الْوُضُوءِ " وَهُوَ تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ ، وَأَقْوَى الْحُجَجِ اللَّفْظِيَّةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ جَعْلُ الْكَعْبَيْنِ غَايَةَ طَهَارَةِ الرِّجْلَيْنِ ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِاسْتِيعَابِهِمَا بِالْمَاءِ ; لِأَنَّ الْكَعْبَيْنِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيِ الرِّجْلِ ، وَالْإِمَامِيَّةُ يَمْسَحُونَ ظَاهِرَ الْقَدَمِ إِلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ ، عِنْدَ الْمِفْصَلِ بَيْنَ السَّاقِ وَالْقَدَمِ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ هُوَ الْكَعْبُ . فَفِي الرِّجْلِ كَعْبٌ وَاحِدٌ عَلَى رَأْيِهِمْ ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَقَالَ إِلَى الْكِعَابِ ; كَمَا قَالَ فِي الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَرَافِقِ ; لِأَنَّ فِي كُلِّ يَدٍ مِرْفَقًا وَاحِدًا .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]34 – الخلاف بين السنة والشيعة في مسألة غسل الرجلين أو مسحهما في الوضوء بناءً على اختلاف القراءتين المتواترتين : [/FONT]
[FONT=&quot] ذَكَرَ السَّيِّدُ الْآلُوسِيُّ فِي رُوحِ الْمَعَانِي تَوْجِيهِ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ [/FONT][FONT=&quot]السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ لِلْقِرَاءَتَيْنِ ، وَتَحْوِيلِ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى ، وَرَجَّحَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الشِّيعَةِ فَقَالَ : " بَقِيَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ : لَا أَقْنَعُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى غَسْلِ الْأَرْجُلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ خَارِجٍ مَا يُقَوِّي تَطْبِيقَ أَهْلِ السُّنَّةِ ; فَإِنَّ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَ الْإِمَامِيَّةِ فِي ذَلِكَ ، عَسَى أَنْ يَكُونَ فَرَسَيْ رِهَانٍ ، قِيلَ لَهُ : " إِنَّ سُنَّةَ خَيْرِ الْوَرَى [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وَآثَارَ الْأَئِمَّةِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ، شَاهِدَةٌ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ ، وَهِيَ مِنْ طَرِيقِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى ، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْقَوْمِ فَقَدْ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْقَدَمَيْنِ ، فَقَالَ : " تُغْسَلَانِ غَسْلًا " .[/FONT]
[FONT=&quot] وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللهُ[/FONT][FONT=&quot] عَنْهُ ، قَالَ : إِذَا نَسِيتَ مَسْحَ رَأْسِكَ حَتَّى غَسَلْتَ رِجْلَيْكَ فَامْسَحْ رَأْسَكَ ثُمَّ اغْسِلْ رِجْلَيْكَ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَيْضًا الْكَلْبِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ ، بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَضْعِيفُهَا ، وَلَا الْحَمْلُ عَلَى التَّقِيَّةِ ; لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ شِيعِيٌّ خَاصٌّ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ ، كَرَّمَ اللهُ تَعَالَى وَجْهَهُ ، أَنَّهُ قَالَ : جَلَسْتُ أَتَوَضَّأُ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فَلَمَّا غَسَلْتُ قَدَمَيَّ قَالَ : " [/FONT][FONT=&quot]يَا عَلِيُّ خَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. وَنَقَلَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ تَعَالَى وَجْهَهُ ، فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ، حِكَايَةَ وُضُوئِهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وَذَكَرَ فِيهِ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ كَمَا قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ ، وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّسْخَ لِيَتَكَلَّفَ لِإِثْبَاتِهِ كَمَا ظَنَّهُ مَنْ لَا وُقُوفَ لَهُ ، وَمَا يَزْعُمُهُ الْإِمَامِيَّةُ مِنْ نِسْبَةِ الْمَسْحِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَذِبٌ مُفْتَرًى عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ مَا رُوِيَ عَنْهُ بِطْرِيقٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ جَوَّزَ الْمَسْحَ ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، قَالَ بِطَرِيقِ التَّعَجُّبِ : لَا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى إِلَّا الْمَسْحَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَبَوْا إِلَّا الْغَسْلَ . وَمُرَادُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يُوجِبُ الْمَسْحَ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَرِّ الَّتِي كَانَتْ قِرَاءَتَهُ ، وَلَكِنَّ[/FONT][FONT=&quot] الرَّسُولَ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَفْعَلُوا إِلَّا الْغَسْلَ ، فَفِي كَلَامِهِ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ مُؤَوَّلَةٌ مَتْرُوكَةُ الظَّاهِرِ بِعَمَلِ الرَّسُولِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot] وَالصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَنِسْبَةُ جَوَازِ الْمَسْحِ إِلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ زُورٌ وَبُهْتَانٌ أَيْضًا .[/FONT]
[FONT=&quot] وَكَذَلِكَ نِسْبَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ ، أَوِ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ ، وَمِثْلُهُ نِسْبَةُ التَّخْيِيرِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْكَبِيرِ وَالتَّفْسِيرِ الشَّهِيرِ ، وَقَدْ نَشَرَ رُوَاةُ [/FONT][FONT=&quot]الشِّيعَةِ هَذِهِ الْأَكَاذِيبَ الْمُخْتَلَقَةَ ، وَرَوَاهَا بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزِ الصَّحِيحَ وَالسَّقِيمَ مِنَ الْأَخْبَارِ بِلَا تَحَقُّقٍ وَلَا سَنَدٍ ، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ ، وَلَعَلَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِالتَّخْيِيرِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ رُسْتُمَ الشِّيعِيُّ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ لِلْمُسْتَرْشِدِ فِي الْإِمَامَةِ ، لَا أَبُو[/FONT][FONT=&quot] جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ غَالِبٍ الطَّبَرِيُّ الشَّافِعِيُّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالْمَذْكُورُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا هُوَ الْغَسْلُ فَقَطْ ، لَا الْمَسْحُ وَلَا الْجَمْعُ وَلَا التَّخْيِيرُ الَّذِي نَسَبَهُ الشِّيعَةُ إِلَيْهِ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي دَعْوَى الْمَسْحِ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ ، كَرَّمَ اللهُ تَعَالَى وَجْهَهُ ، أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، وَشَرِبَ فَضْلَ طَهُورِهِ قَائِمًا وَقَالَ : " إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشُّرْبَ قَائِمًا لَا يَجُوزُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ . وَهَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي وُضُوءِ الْمُحْدِثِ ، لَا فِي مُجَرَّدِ التَّنْظِيفِ بِمَسْحِ الْأَطْرَافِ ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَبَرِ مِنْ مَسْحِ الْمَغْسُولِ اتِّفَاقًا .[/FONT]

[FONT=&quot] وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ ، بِرِوَايَاتٍ ضَعِيفَةٍ ، أَنَّهُ [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ ، فَهُوَ كَمَا قَالَ الْحُفَّاظُ : شَاذٌّ مُنْكَرٌ ، لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ مَعَ احْتِمَالِ حَمْلِ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَوْ مَجَازًا ، وَاحْتِمَالِ اشْتِبَاهِ الْقَدَمَيْنِ الْمُتَخَفِّفَيْنِ بِدُونِ الْمُتَخَفِّفَيْنِ مِنْ بَعِيدٍ . وَمِثْلُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى أَحْوَالِ الرُّوَاةِ ، مَا رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَهْوَازِيُّ ، عَنْ فُضَالَةَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ غَالِبِ بْنِ هُذَيْلٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ ، فَقَالَ : هُوَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَحَمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : " سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ ، كَيْفَ هُوَ ؟ فَوَضَعَ بِكَفَّيْهِ عَلَى الْأَصَابِعِ ثُمَّ مَسَحَهُمَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَوْ[/FONT][FONT=&quot] أَنَّ رَجُلًا قَالَ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ هَكَذَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، أَيُجْزِئُ ؟ قَالَ : لَا إِلَّا بِكَفِّهِ كُلِّهَا . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا رَوَتْهُ الْإِمَامِيَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَحْوَالِ رُوَاتِهِمْ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى خَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِهِمْ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا نُبْذَةً مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا (النَّفَحَاتُ الْقُدُسِيَّةُ فِي رَدِّ الْإِمَامِيَّةِ) عَلَى أَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ : لَوْ فُرِضَ أَنَّ حُكْمَ اللهِ - تَعَالَى - الْمَسْحُ عَلَى مَا يَزْعُمُهُ الْإِمَامِيَّةُ مِنَ الْآيَةِ فَالْغَسْلُ يَكْفِي عَنْهُ ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْغَسْلَ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَنْهُ ، فَبِالْغَسْلِ يَلْزَمُ الْخُرُوجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ دُونَ الْمَسْحِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَسْلَ مُحَصِّلٌ لِمَقْصُودِ الْمَسْحِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ وَزِيَادَةٍ ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ[/FONT][FONT=&quot]بِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ ، فَلَا يَرُدُّ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ مُتَضَادَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ; كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ ، وَأَيْضًا كَانَ يَلْزَمُ الشِّيعَةَ الْغَسْلُ ; لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالْوَجْهِ الْمَعْقُولِ مِنَ الْوُضُوءِ ، وَهُوَ التَّنْظِيفُ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْأَرْبَابِ ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ; لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ أَيْضًا لِكَوْنِ سَنَدِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لِلْفَرِيقَيْنِ ، كَمَا سَمِعْتَ ، دُونَ الْمَسْحِ ; لِلِاخْتِلَافِ فِي سَنَدِهِ . وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ : " قَدْ يَلْزَمُهُمْ بِنَاءً عَلَى قَوَاعِدِهِمْ ، أَنْ يُجَوِّزُوا الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ ، وَلَا يَقْتَصِرُوا عَلَى الْمَسْحِ فَقَطْ " [/FONT][FONT=&quot].[FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]35- قِيلَ : إِنَّ تَأْوِيلَ قِرَاءَةِ الْأَرْجُلِ بِالْخَفْضِ ، هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ :[/FONT]
[FONT=&quot] قيل: إن الخفض في الرجلين إنما جاء مقيدا لمسحهما لكن إذا كان عليهما خفان ، وتلقينا هذا القيد من رسول الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفان ، فبين [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بفعله الحال التي تغسل فيه الرجل والحال التي تمسح فيه ، وهذا حسن ، فإن قيل : إن المسح على الخفين منسوخ بسورة (المائدة) وقد قاله ابن عباس ، ورد المسح أبو هريرة وعائشة ، وأنكره مالك في رواية عنه ؛ فالجواب أن من نفى شيئاً واثبته غيره فلا حجة للنافي ، وقد أثبت المسح على الخفين عدد كثير من الصحابة وغيرهم ،[/FONT][FONT=&quot]وقد قال الحسن : حدثني سبعون رجلا من أصحاب النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot] أنهم مسحوا على الخفين ، وقد ثبت بالنقل الصحيح عن همام قال : بال جرير ثم توضأ ومسح على خفيه[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، قال إبراهيم النخعي : وإن رسول الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بال ثم توضأ ومسح على خفيه . قال إبراهيم النخعي: كان يعجبهم هذا الحديث ، لان إسلام جرير كان بعد نزول (المائدة) وهذا نص يرد ما ذكروه وما احتجوا به من رواية الواقدي عن عبد الحميد ابن جعفر عن أبيه أن جريرا أسلم في ستة عشر من شهر رمضان ، وأن (المائدة) نزلت في ذي الحجة يوم عرفات ، وهذا حديث لا يثبت لوهاه ، وإنما نزل منها يوم عرفة " [/FONT][FONT=&quot]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " على ما تقدم ، قال أحمد بن حنبل : أنا أستحسن حديث جرير في المسح على الخفين ، لان إسلامه كان بعد نزول (المائدة) وأما ما روي عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما فلا يصح ، أما عائشة فلم يكن عندها بذلك علم ، ولذلك ردت السائل إلى علي رضي الله عنه وأحالته عليه فقالت : سله فإنه كان يسافر مع رسول الله [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، الحديث .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]36 – المناسبة بين بداية آية الوضوء والتيمم وختامها : [/FONT]
[FONT=&quot] لما افتتح الله عز وجل آية التيمم _ أو آية الوضوء _ بقوله سبحانه : " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ[/FONT][FONT=&quot] " ، لينتبه إليها من ملأ الإيمان قلبه فيُرها سمه وقلبه ، وبعد ذكر فرائض الوضوء ووجوب الغُسل من الجنابة ، والرخصة في التيمم كما سبق وبينا في آية التيمم من سورة النساء ، وما حوته هذه الآية – آية المائدة – من معان كثيرة استوعبت مها أوجه خلاف عديدة ، ناسبها الختام بقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ[/FONT][FONT=&quot]" ؛ أي : من ضيق في الدين ، دليله قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [/FONT][FONT=&quot]" . ( الحج/ 78) . و "[/FONT][FONT=&quot]مِنْ [/FONT][FONT=&quot]" صلة ؛ أي : ما يريد الله ليجعل عليكم حرجاً ، " [/FONT][FONT=&quot]وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " ؛ أي : من الذنوب ، وقيل : من الحدث والجنابة . وقيل: لتستحقوا الوصف بالطهارة التي يوصف بها أهل الطاعة . وقرأ سعيد بن المسيب : [/FONT][FONT=&quot] لِيَطْهُرَكُم ، والمعنى واحد ، كما يقال: نجَّاه وأنجاه . " وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ " ؛ أي : بالترخيص في التيمم عند المرض والسفر . وقيل : بتبيان الشرائع . وقيل : بغفران الذنوب ، وفي الخبر : (تمام النعمة دخول الجنة والنجاة من النار) . " لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " أي : لتشكروا نعمته فتقبلوا على طاعته . [FONT=&quot][10][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]قرأ شعبة بالجر ، وقرأ حفص بالنصب ، وهما راويا عاصم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (60) . [/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot]لم أقف عليه بهذا النص في أي من المصادر التي بين يدي ، ولا أدري ما صحته ، ولكن الصحيح منه ما ورد في حديث [/FONT][FONT=&quot]عَاصِمَ بْنَ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى عَنِ الْوُضُوءِ. قَالَ « أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِى الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ». قَالَ أَبُو عِيسَى (الترمذي) : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ : (793) ، ورواه غير الترمذي بأسانيد صحيحة . [/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]: (645) . [/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]

[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]رابعاً ، الفوائد الأصولية :

[/FONT]
[FONT=&quot]37 – تخصيص العموم بالعادة الغالبة : [/FONT]
[FONT=&quot]قوله تعالى :" وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ " ، تقدم في : " النساء " مستوفى ، ونزيد هنا مسألة أصولية أغفلناها هناك ، وهي تخصيص العموم بالعادة الغالبة ، فإن الغائط كناية عن الأحداث الخارجة من المخرجين كما بيناه في" النساء " فهو عام ، غير أن جل علمائنا خصصوا ذلك بالأحداث المعتادة الخارجة على [/FONT][FONT=&quot]الوجه المعتاد ، فلو خرج غير المعتاد كالحصى والدود ، أو خرج المعتاد على وجه السلس والمرض لم يكن شي من ذلك ناقضاً ، وإنما صاروا إلى اللفظ ، لأن اللفظ مهما تقرر لمدلوله عرف له غالب في الاستعمال ، سبق ذلك الغالب لفهم السامع حالة الإطلاق ، وصار غيره مما وضع له اللفظ بعيدا عن الذهن ، فصار غير مدلول له ، وصار الحال فيه كالحال في الدابة ، فإنها إذا أطلقت سبق منها الذهن إلى ذوات الأربع ، ولم تخطر [/FONT][FONT=&quot]النملة ببال السامع فصارت غير مرادة ولا مدلوله لذلك اللفظ ظاهراً ، والمخالف يقول : لا يلزم من أسبقية الغالب أن يكون النادر غير مراد ، فإن تناول اللفظ لهما واحد وضعا ، وذلك يدل على شعور المتكلم بهما قصدا ، والأول أصح ، [/FONT][FONT=&quot]وتتمته في كتب الأصول .[FONT=&quot][1][/FONT]


[/FONT]​
[FONT=&quot]38 – الحِكْمَةُ من تشْريعِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ والتيمم : [/FONT]
[FONT=&quot] َلَمَّا بَيَّنَ اللهُ لَنَا فَرْضَ الْوُضُوءِ وَفَرْضَ الْغُسْلِ ، وَمَا يَحُلُّ مَحَلَّهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِهِمَا أَوْ تَعَسُّرِهِمَا ؛ تَذْكِيرًا بِهِمَا وَمُحَافَظَةً عَلَى مَعْنَى التَّعَبُّدِ فِيهِمَا ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ - بَيَّنَ حِكْمَةَ شَرْعِهِمَا لَنَا ، مُبْتَدِئًا بِبَيَانِ قَاعِدَةٍ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ ، فَقَالَ : [/FONT][FONT=&quot]" مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ[/FONT][FONT=&quot] " ؛ أَيْ : مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ فِيمَا شَرَعَهُ لَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا أَيْضًا حَرَجًا مَا ; أَيْ أَدْنَى ضِيقٍ وَأَقَلَّ مَشَقَّةٍ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْكُمْ ، رَؤوفٌ رَحِيمٌ بِكُمْ ، فَهُوَ لَا يَشْرَعُ لَكُمْ إِلَّا مَا فِيهِ الْخَيْرُ وَالنَّفْعُ[/FONT][FONT=&quot] لَكُمْ [/FONT][FONT=&quot]" وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " : مِنَ الْقَذَرِ وَالْأَذَى ، وَمِنَ الرَّذَائِلِ وَالْمُنْكَرَاتِ ، وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ ; فَتَكُونُوا أَنْظَفَ النَّاسِ أَبْدَانًا ، وَأَزْكَاهُمْ نُفُوسًا ، وَأَصَحَّهُمْ أَجْسَامًا ، وَأَرْقَاهُمْ أَرْوَاحًا ؛ [/FONT][FONT=&quot]" وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [/FONT][FONT=&quot]" : بِالْجَمْعِ بَيْنَ طَهَارَةِ الْأَرْوَاحِ وَتَزْكِيَتِهَا ، وَطَهَارَةِ الْأَجْسَادِ وَصِحَّتِهَا ، فَإِنَّمَا الْإِنْسَانُ رُوحٌ وَجَسَدٌ ، لَا تَكْمُلُ إِنْسَانِيَّتُهُ إِلَّا بِكَمَالِهِمَا مَعًا ، فَالصَّلَاةُ تُطَهِّرُ الرُّوحَ ، وَتُزَكِّي النَّفْسَ ; لِأَنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ ، وَتُرَبِّي فِي الْمُصَلِّي مَلَكَةَ مُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى وَخَشْيَتِهِ لَدَى الْإِسَاءَةِ ، وَحُبِّهِ وَالرَّجَاءِ فِيهِ عِنْدَ الْإِحْسَانِ ، وَتُذَكِّرُهُ دَائِمًا بِكَمَالِهِ الْمُطْلَقِ ، فَتُوَجِّهُ هِمَّتَهُ دَائِمًا إِلَى طَلَبِ الْكَمَالِ ، وَالطَّهَارَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى شَرْطًا لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَمُقْدِمَةً لَهَا ، تُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَتُنَشِّطُهُ ; فَيَسْهُلُ بِذَلِكَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ مِنْ عِبَادَةٍ وَغَيْرِ عِبَادَةٍ ، فَمَا أَعْظَمَ نِعْمَةَ اللهِ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ بِهَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ ، وَمَا أَجْدَرَ مَنْ هَدَاهُ اللهُ إِلَيْهِ بِدَوَامِ الشُّكْرِ لَهُ عَلَيْهِ . وَلِذَلِكَ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ : [/FONT][FONT=&quot]" لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[/FONT][FONT=&quot] " أَيْ وَلِيُعِدَّكُم بِذَلِكَ لِدَوَامِ شُكْرِهِ ; فَتَكُونُوا أَهْلًا لَهُ ، وَيَكُونَ مَرْجُوًّا مِنْكُمْ لِتَحَقُّقِ أَسْبَابِهِ ، وَدَوَامِ[/FONT][FONT=&quot] الْمُذَكِّرَاتِ بِهِ ، فَتَعْنَوْا بِالطَّهَارَةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ ، وَتَقُومُوا بِشُكْرِ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَقَدِ اسْتُعْمِلَ لَفْظُ " الطَّهَارَةِ " فِي بَعْضِ الْآيَاتِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ الْبَدَنِيَّةِ الْحِسِّيَّةِ ، وَفِي بَعْضِهَا بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ النَّفْسِيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ ، وَفِي بَعْضٍ آخَرَ بِالْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ ، فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى : [/FONT][FONT=&quot]" وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ[/FONT][FONT=&quot] " . (المدثر/4) وَقَوْلُهُ فِي النِّسَاءِ عِنْدَ الْحَيْضِ : [/FONT][FONT=&quot]" وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ[/FONT][FONT=&quot] " : أَيْ مِنَ الدَّمِ : [/FONT][FONT=&quot]" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ[/FONT][FONT=&quot] " ؛ أَيِ : اغْتَسَلْنَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ : [/FONT][FONT=&quot]" فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ[/FONT][FONT=&quot] " وَخَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ : [/FONT][FONT=&quot]" إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[/FONT][FONT=&quot] " (البقرة/222) وَالتَّطَهُّرُ فِيهِ شَامِلٌ لِلطَّهَارَتَيْنِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ ; أَيِ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الْأَقْذَارِ وَالْأَحْدَاثِ ، وَمِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ ; فَالسِّيَاقُ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ، وَذِكْرُ التَّوْبَةِ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ السِّيَاقُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَنْ أَتَى الْحَائِضَ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ وَتَتَطَهَّرَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ . وَمِنَ الْمَعْنَى الثَّانِي خَاصَّةً قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : [/FONT][FONT=&quot]" أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ[/FONT][FONT=&quot] " . (المائدة/41) وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ لُوطٍ[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]" أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ[/FONT][FONT=&quot] " . (النمل/56) أَيْ مِنَ الْفَاحِشَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : [/FONT][FONT=&quot]" وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[/FONT][FONT=&quot] " (البقرة/125) أَيْ طَهِّرَاهُ مِنَ الْوَثَنِيَّةِ وَشَعَائِرِهَا وَمَظَاهِرِهَا ; كَالْأَصْنَامِ ، وَالتَّمَاثِيلِ ، وَالصُّوَرِ . وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي اسْتُعْمِلَتِ الطَّهَارَةُ فِيهَا بِمَعْنَيَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : [/FONT][FONT=&quot]" لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِرِينَ [/FONT][FONT=&quot]" . (التوبة/108) فَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الْآيَاتِ ، وَعَرَفْتَ اسْتِعْمَالَ الْقُرْآنِ لِكَلِمَةِ الطَّهَارَةِ فِي مَعْنَيَيْهَا تَرَجَّحَ عِنْدَكَ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي نُفَسِّرُهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ، فَذِكْرُ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ[/FONT][FONT=&quot]وَالْغُسْلِ قَرِينَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ . وَالسِّيَاقُ الْعَامُّ وَذِكْرُ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ بِغَيْرِ مُتَعَلِّقٍ ، قَرِينَةُ الْمَعْنَى الثَّانِي مَضْمُومًا إِلَى الْأَوَّلِ .[/FONT]
[FONT=&quot] أَمَّا تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي حِكْمَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ، وَيَتَضَمَّنُ حِكْمَةَ مَا يَجِبُ مِنْ طَهَارَةِ كُلِّ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ مِنَ الْقَذَرِ ، فَيَدْخُلُ فِيه ثلاث فوائد :

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الْأُولَى) : مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا مِنْ كَوْنِ غَسْلِ الْبَدَنِ كُلِّهِ وَغَسْلِ أَطْرَافِهِ ، يُفِيدُ صَاحِبَهُ نَشَاطًا وَهِمَّةً ، وَيُزِيلُ مَا يَعْرِضُ لِجَسَدِهِ مِنَ الْفُتُورِ وَالِاسْتِرْخَاءِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَنْتَهِي [/FONT][FONT=&quot]بِمِثْلِ تَأْثِيرِهِ ، فَيَكُونُ جَدِيرًا بِأَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ عَلَى وَجْهِهَا ، وَيُعْطِيَهَا حَقَّهَا مِنَ الْخُشُوعِ وَمُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى .

[/FONT]​
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ) : مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ كَوْنِهَا رُكْنَ الصِّحَّةِ الْبَدَنِيَّةِ ، وَبَيَانُ ذَلِكَ : أَنَّ الْوَسَخَ وَالْقَذَارَةَ مَجْلَبَةُ الْأَمْرَاضِ وَالْأَدْوَاءِ الْكَثِيرَةِ ، كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الطِّبِّ ; وَلِذَلِكَ نَرَى الْأَطِبَّاءَ وَرِجَالَ الْحُكُومَاتِ الْحَضَرِيَّةِ ، يُشَدِّدُونَ فِي أَيَّامِ الْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ - بِحَسَبَ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأَسْبَابِ - فِي الْأَمْرِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ ، وَجَدِيرٌ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَصْلَحَ النَّاسِ أَجْسَادًا ، وَأَقَلَّهُمْ أَدْوَاءً وَأَمْرَاضًا ; لِأَنَّ دِينَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي نَظَافَةِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْكِنَةِ .

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ) : تَكْرِيمُ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ فِي نَفْسِهِ وَفِي أَهْلِهِ وَقَوْمِهِ الَّذِينَ يَعِيشُ مَعَهُمْ ، كَمَا يُكْرِمُهَا وَيُزَيِّنُهَا لِأَجْلِ غَشَيَانِ بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى لِلْعِبَادَةِ ، بِهِدَايَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى : " [/FONT][FONT=&quot]خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ[/FONT][FONT=&quot] " . (الأعراف /31) وَمَنْ كَانَ نَظِيفَ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ كَانَ أَهْلًا لِحُضُورِ كُلِّ اجْتِمَاعٍ ، وَلِلِقَاءِ فُضَلَاءِ النَّاسِ وَشُرَفَائِهِمْ ، وَيَتْبَعُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ أَهْلًا لِكُلِّ كَرَامَةٍ يُكْرَمُ بِهَا النَّاسُ ، وَأَمَّا مَنْ يَعْتَادُ الْوَسَخَ وَالْقَذَارَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحْتَقَرًا عِنْدَ كِرَامِ النَّاسِ ، لَا يَعُدُّونَهُ أَهْلًا لِأَنْ [/FONT][FONT=&quot]يَلْقَاهُمْ وَيَحْضُرَ مَجَالِسَهُمْ ، وَيَشْعُرُ هُوَ فِي نَفْسِهِ بِالضَّعَةِ وَالْهَوَانِ . وَمَنْ دَقَّقَ النَّظَرَ فِي طَبَائِعِ النُّفُوسِ وَأَخْلَاقِ الْبَشَرِ رَأَى بَيْنَ طَهَارَةِ الظَّاهِرِ وَطَهَارَةِ الْبَاطِنِ ، أَوْ طَهَارَةِ الْجَسَدِ وَاللِّبَاسِ ، وَطَهَارَةِ النَّفْسِ وَكَرَامَتِهَا ، ارْتِبَاطًا وَتَلَازُمًا .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]


[FONT=&quot]39 – قواعد أصولية مستنبطة من آية الوضوء والتيمم ومثيلاتها في نفي ودفع الحرج : [/FONT]
[FONT=&quot] نَفْيُ الْحَرَجِ مِنَ الدِّينِ وَإِثْبَاتِ الْيُسْرِ مَا نَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْحَرَجِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ ، وَأَصْلٌ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الدِّينِ ، تُبْنَى عَلَيْهِ وَتَتَفَرَّعُ عَنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ، وَقَدْ أُطْلِقَ هُنَا نَفْيُ الْحَرِجِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ - أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ - مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْآيَةِ ، أَوْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ . وَثَانِيًا - وَبِالتَّبَعِ - جَمِيعُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ : مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا شَرَعَهُ لَكُمْ مِنْ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ ، مَثَلًا ; لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ ، وَقَدْ[/FONT][FONT=&quot] صَرَّحَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ مِنَ الدِّينِ كُلِّهِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ ; فَقَالَ : [/FONT][FONT=&quot]" وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ[/FONT][FONT=&quot] " . (الحج/78) الْآيَةَ ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِنَفْيِ الْحَرَجِ مِنَ الدِّينِ كُلِّهِ ; لِأَنَّ سُورَةَ الْحَجِّ مِنَ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي بَيَّنَتْ أُصُولَ الْإِسْلَامِ ، وَقَوَاعِدَهُ الْكُلِّيَّةِ ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ عَزَائِمِ الْأُمُورِ لَيْسَ مِنَ الْحَرَجِ فِي شَيْءٍ ; لِأَنَّهُ نَفَى الْحَرَجَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ حَقَّ الْجِهَادِ ، وَهُوَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي الطَّرِيقِ الْمُوصِلِ إِلَى إِقَامَةِ سُنَنِ اللهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ وَكُلِّ مَا يُرْضِيهِ مِنْ عِبَادِهِ مِنَ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْفَضِيلَةِ . وَلَا يَصْعَدُ الْإِنْسَانُ إِلَى مُسْتَوَى كَمَالِهِ إِلَّا بِبَذْلِ الْجُهْدِ فِي مَعَالِي الْأُمُورِ ، وَإِنَّمَا الْحَرَجُ هُوَ الضِّيقُ وَالْمَشَقَّةُ فِيمَا ضَرَرُهُ أَرْجَحُ أَوْ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِ ; كَالْإِلْقَاءِ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ ، وَالِامْتِنَاعِ مَنْ سَدِّ الرَّمَقِ بِلَحْمِ الْمَيْتَةِ أَوِ الْخِنْزِيرِ أَوِ الْخَمْرِ لِمَنْ لَا يَجِدُ غَيْرَهَا ، وَكَاسْتِعْمَالِ الْمَرِيضِ الْمَاءَ فِي الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ مَعَ خَشْيَةِ ضَرَرِهِ ، وَكَذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَرْدِ بِهَذَا الْقَيْدِ ، أَوْ فِيمَا يُمْكِنُ إِدْرَاكُ غَرَضِ الشَّارِعِ مِنْهُ بِدُونِ مَشَقَّةٍ فِي وَقْتٍ آخَرَ ; كَالصِّيَامِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفْرِ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقُرْآنُ الْحَكِيمُ ، بَعْدَ بَيَانِ فَرْضِيَّةِ الصِّيَامِ ، وَالرُّخْصَةِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ بِالْفِطْرِ ، بِأَنَّهُ يُرِيدُ بِعِبَادِهِ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِهِمُ الْعُسْرَ[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot] وَقَدْ بَنَى الْعُلَمَاءُ عَلَى أَسَاسِ نَفْيِ الْحَرَجِ وَالْعُسْرِ ، وَإِثْبَاتِ إِرَادَةِ اللهِ تَعَالَى الْيُسْرَ بِالْعِبَادِ فِي كُلِّ مَا شَرَعَهُ لَهُمْ - عِدَّةَ قَوَاعِدَ وَأُصُولٍ ، فَرَّعُوا عَلَيْهَا كَثِيرًا مِنَ الْفُرُوعِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ ، مِنْهَا : " إِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ " ، وَ " الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ " ، وَ " دَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَنَافِعِ " ، وَ " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ " ، وَ " مَا حُرِّمَ لِذَاتِهِ يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ " ، وَ " مَا حُرِّمَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ ".[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]خامساً ، الفوائد الفقهيّة :

[/FONT]
[FONT=&quot]40 – وجوب الوضوء لأجل الصلاة لا غير ، واستحبابه لأمور أخرى : [/FONT]
[FONT=&quot] يجب الوضوء لمن أراد الصلاة – وهو مُحدث – سواء كانت فرضاً أو نفلاً أو جنازة ، لقوله تعالى :[/FONT][FONT=&quot] "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ[/FONT][FONT=&quot].... " الآية ، ولقوله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " لا يقبل اللهُ صلاةً بغير طهور " . [FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]​
[FONT=&quot] ولا يجب الوضوء لغير الصلاة ، ولا يحرُم على المُحدث شيءٌ غير الصلاة ، على الراجح من أقوال أهل العلم ، وإنما يُستحب الوضوء لأمور منها : الطواف بالكعبة ، ومس المصحف . [FONT=&quot][2][/FONT]


[/FONT]​
[FONT=&quot]41 – فرائض الوضـوء أربعة وهي التي وردت في آية الوضوء : [/FONT]
[FONT=&quot] وهي أركانه التي يتركّب منها حقيقةً ؛ وهي التي وردت في آية الوضـوء :

[/FONT]​
[FONT=&quot]أولاً [/FONT][FONT=&quot]، غسل الوجه . [/FONT]​
[FONT=&quot]ثانياً[/FONT][FONT=&quot] ، غسل اليدين إلى المرفقين . [/FONT]​
[FONT=&quot]ثالثاً [/FONT][FONT=&quot]، مسح الرأس . [/FONT]​
[FONT=&quot]رابعاً[/FONT][FONT=&quot] ، غسل الرجلين مع الكعبين .

[/FONT]​
[FONT=&quot] هذه الفرائض المذكورة في الآية ، أما ما عداها ففيه خلاف بين الوجوب والاستحباب ، وليس هذا التفصيل بمدعاة للإخلال بشيء من الوضوء المُتعارف عليه من سنة النبي [/FONT][FONT=&quot]صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، وهو القائل : " من توضَّأَ نحو وضوئي هذا ، ثمّ صلّى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه " .[FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]​

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أخرجه مسلم [/FONT][FONT=&quot]( 224 ) [/FONT][FONT=&quot]وغيره [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح فقه السنة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف ، والأمور التي ذكرتها فيما يُستحب له الوضوء فيها خلاف بين أهل العلم ليس هنا مجال بسطه ومُناقشته [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]صحيح [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot](158) [/FONT][FONT=&quot]، ومسلم [/FONT][FONT=&quot](226) . [/FONT]
 
[FONT=&quot]سادساً ، الفوائد التربوية والإيمانية :


[/FONT]
[FONT=&quot]42 – الفرق بين الطهارة الحسيّة والطهارة المعنويّة ؛ في ضوء ختام آية الوضوء بقول الله سبحانه : " [/FONT][FONT=&quot]وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [/FONT][FONT=&quot]" : [/FONT]
[FONT=&quot] إن الصلاة لقاء مع اللّه ، ووقوف بين يديه - سبحانه - ودعاء مرفوع إليه ونجوى وإسرار ، فلا بد لهذا الموقف من استعداد : تطهّر جسدي يصاحبه تهيؤ روحي ومن هنا كان الوضوء - فيما نحسب والعلم لله -[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، وَالطَّهَارَةُ فِي الْآيَةِ تَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ عَوْنًا لِلْآخَرِ ، كَمَا أَنَّ التَّنَطُّعَ وَالْإِسْرَافَ فِي أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَشْغَلُ عَنِ الْأُخْرَى . وَهَذَا هُوَ سَبَبُ عَدَمِ عِنَايَةِ بَعْضِ الزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ بِنَظَافَةِ الظَّاهِرِ ، وَعَدَمِ عِنَايَةِ الْمُوَسْوَسِينَ الْمُتَنَطِّعِينَ فِي نَظَافَةِ الظَّاهِرِ بِنَظَافَةِ الْبَاطِنِ ، وَالْإِسْلَامُ وَسَطٌ بَيْنَهُمَا ، يَأْمُرُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا ، وَإِنِ اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ حَتَّى هَوَّنُوا أَمْرَ نَظَافَةِ الظَّاهِرِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِمْ ، مَعَ ذِكْرِهِمْ لِأَدِلَّتِهَا فِي تِلْكَ الْكُتُبِ ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ : " [/FONT][FONT=&quot]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا[/FONT][FONT=&quot] " . (البقرة/143) وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم [/FONT][/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ ، وَلَهُ تَتِمَّةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبٌ مِنْ جَسَدٍ وَنَفْسٍ ، وَكَمَالُهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِنَظَافَةِ بَدَنِهِ ،[/FONT][FONT=&quot]وَتَزْكِيَةِ نَفْسِهِ ; فَالطَّهُورُ الْحِسِّيُّ هُوَ الشَّطْرُ الْأَوَّلُ الْخَاصُّ بِالْجَسَدِ ، وَتَزْكِيَةُ النَّفْسِ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ هُوَ الشَّطْرُ الثَّانِي ، وَبِكِلْتَيْهِمَا يَكْمُلُ الْإِيمَانُ بِالْأَعْمَالِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ تَأْكِيدِ الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالطِّيبِ ، وَلِبْسِ الثِّيَابِ النَّظِيفَةِ ; لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدِ الْأُسْبُوعِ ، يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ عَلَى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى ، فَيُطْلَبُ فِيهِ مَا يُطْلَبُ فِي عِيدَيِ السَّنَةِ ،[/FONT][FONT=&quot]وَ مَعْنَى كَوْنِ الطَّهَارَةِ ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْأَدَبِيَّةِ وَالْفَضَائِلَ ، دِينًا هُوَ أَنَّ الْوَحْيَ الْإِلَهِيَّ يَأْمُرُنَا بِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالْفَوَائِدِ الذَّاتِيَّةِ الَّتِي تَنْفَعُنَا ، وَتَدْرَأُ الضُّرَّ عَنَّا ، وَهُوَ مَا بَيَّنَّاهُ أَوَّلًا ، وَلِفَوَائِدَ أُخْرَى لَا نُدْرِكُهَا إِلَّا بِجَعْلِهَا مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ ، ومنها :

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الْأُولَى)[/FONT][FONT=&quot] : أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا كُلُّ مُذْعِنٍ لِهَذَا الدِّينِ ; مِنْ حَضَرِيٍّ وَبَدَوِيٍّ ، وَذَكِيٍّ[/FONT][FONT=&quot] وَغَبِيٍّ ، وَفَقِيرٍ وَغَنِيٍّ ، وَكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ ، وَأَمِيرٍ وَمَأْمُورٍ ، وَعَالِمٍ بِحِكْمَتِهَا وَجَاهِلٍ لِمَنْفَعَتِهَا حَتَّى لَا تَخْتَلِفَ فِيهَا الْآرَاءُ ، وَلَا تَحُولَ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا الْأَهْوَاءُ ، كَمَا هُوَ شَأْنُ الْبَشَرِ فِي جَمِيعِ مَا يَسْتَقِلُّونَ فِيهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ .

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ)[/FONT][FONT=&quot] : أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُذَكِّرَاتِ لَهُمْ بِفَضْلِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ ؛ حَيْثُ شَرَعَ لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَيَدْرَأُ الضَّرَرَ عَنْهُمْ ، فَإِذَا تَذَكَّرُوا أَنَّهُ يُرْضِيهِ عَنْهُمْ أَنْ تَكُونَ أَجْسَادُهُمْ عَلَى أَكْمَلِ حَالٍ مِنَ النَّظَافَةِ وَالطَّهَارَةِ ، وَيَتَذَكَّرُونَ أَنَّ أَهَمَّ مَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ لِأَجْلِهِ تَطْهِيرَ أَجْسَادِهِمْ هُوَ أَنَّهُ مِنْ وَسَائِلِ تَزْكِيَةِ أَنْفُسِهِمْ وَتَطْهِيرِ قُلُوبِهِمْ وَتَهْذِيبِ أَخْلَاقِهِمُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا صَلَاحُ أَعْمَالِهِمْ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى يَنْظُرُ نَظَرَ الرِّضَاءِ وَالرَّحْمَةِ[/FONT][FONT=&quot] إِلَى الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ ، لَا إِلَى الصُّوَرِ وَالْأَبْدَانِ ، فَيَعْنُونَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ؛ تَوَسُّلًا بِهِمَا إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْإِسْلَامِ : " [/FONT][FONT=&quot]رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[/FONT][FONT=&quot] " . (البقرة /201) .

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ) : أَنَّ مُجَرَّدَ مُلَاحَظَةِ الْمُؤْمِنِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى بِالْعَمَلِ ، وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَعَهُ ، مِمَّا يُغَذِّي الْإِيمَانَ بِهِ ، وَيَطْبَعُ فِي النَّفْسِ مَلَكَةَ الْمُرَاقَبَةِ لَهُ ، فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ كُلِّ طَهَارَةٍ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَالْمُلَاحَظَةِ ، الَّتِي شَرَحْنَا مَعْنَاهَا فِي بَحْثِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ ، جَذْبَةٌ إِلَى حَظِيرَةِ الْكَمَالِ الْمُطْلَقِ ، تَتَزَكَّى بِهَا نَفْسُهُ ، وَتَعْلُو بِهَا هِمَّتُهُ ، وَتَتَقَدَّسُ بِهَا رُوحُهُ ، فَيَصْلُحُ بِذَلِكَ عَمَلُهُ ، وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْعِبَادَةِ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ ; لِهَذَا كَانَ لِأُولَئِكَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ، تِلْكَ الْأَعْمَالُ وَالْآثَارُ ، وَالْعَدْلُ وَالرَّحْمَةُ[/FONT][FONT=&quot] وَالْإِيثَارُ ، الَّتِي لَمْ يَعْهَدِ الْبَشَرُ مِثْلَهَا فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ ، وَهَذَا مِمَّا يَتَجَلَّى بِهِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ، وَضَعْفِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا .

[/FONT]
[FONT=&quot] (الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ) : اتِّفَاقُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الطَّهَارَاتِ بِكَيْفِيَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَسْبَابٍ وَاحِدَةٍ أَيْنَمَا كَانُوا وَمَهْمَا كَثُرُوا وَتَفَرَّقُوا ، وَأَنَّ [/FONT][FONT=&quot]اتِّفَاقَ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ فِي الْأَعْمَالِ مِنْ أَسْبَابِ الِاتِّفَاقِ فِي الْقُلُوبِ ; فَكُلَّمَا كَثُرَ مَا تَتَّفِقُ بِهِ كَانَ اتِّحَادُهَا أَقْوَى .[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أحمد [/FONT][FONT=&quot]: (23605) [/FONT][FONT=&quot]، ومسلم [/FONT][FONT=&quot]: (556) .[/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]سابعاً ، الفوائد العلمية والدعوية :


[/FONT]
[FONT=&quot]43 - " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ[/FONT][FONT=&quot] " : [/FONT]
[FONT=&quot] رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ : " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ " [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : إِسْنَادُهُ حَسَنٌ ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ "[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَسْحَ ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ كَافٍ ، وَهُوَ الْمَشْرُوعُ [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] وأدلة الأحكام الشرعية المنقولة لا تُنافي قضايا العقول ، لأنها لو نافتها لم تكن أدلة للعباد على حكم شرعي ولا غيره ، ولكان التكليف بمُقتضاها تكليفاً بما لا يُطاق ، أو بما لا يُصدّقه العقل ولا يتصوّره ، وإنما يكمل بعضها بعضاً ، ولذا تنقسم أدلة الأحكام إلى أدلة النقل وهي الكتاب والسنة ، ويلحق بها : الإجماع ومذهب الصحابي وشرع من قبلنا ، لأن ذلك كله يرجع إلى التعبد بأمر منقول صرف ، وأدلة العقل – أو الرأي – وهي القياس والاستدلال ، ويلحق بها الاستحسان والمصالح المرسلة [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، والحق أن أدلة الرأي مرجعها إلى أدلة النقل التي يُستدل بها على المستجدات من الأحداث ، ولا غنى للنقل عن العقل إذ به يأخذ المجتهد بالأدلة ويضعها في مواضعها ليبني عليها الأحكام التكليفية المناسبة لحال المكلف والمنزلة على واقعه ، أما أن يستغني العقل عن النقل ويعتبره مما عفا عليه الزمن ، ويبني أحكامه بمنظور بشري بحت لا يدرك الحِكَم الخفية للأحكام الربانية التي فيها خير البشرية ، فهذا فعلاً : ما لا يقبله العقل !!! [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أبو داود [/FONT][FONT=&quot]: (162) [/FONT][FONT=&quot]، والدارقطني [/FONT][FONT=&quot]: (783) [/FONT][FONT=&quot]، وصححه الألباني في أكثر من كتاب [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه أحمد [/FONT][FONT=&quot]: (18646) [/FONT][FONT=&quot]، والدارقطني [/FONT][FONT=&quot]: (769) . [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير المنار [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أصول الفقه [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]تمّ بحمد الله عرض الفوائد المستخرجة من الآية الثانية التي أُنزلت في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وأتابع لا حقا إن شاء الله عرض الفوائد المستخرجة من آيات البراءة الإلهية في سورة النور ، وأولها قوله تعالى :[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]



[FONT=&quot] " إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .
[/FONT]

[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
[/FONT]
 
** الأيــة الثالثــة :
الآية الأولى من آيات البراءة الإلهية لأم المؤمنين عائشة في حادثة الإفك :
قوله تعالى :

" إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .
( النـور / 11) .
*** الفوائد المستخرجة من الآية :

أولاً ، فوائـد أسباب النزول :

44 – حديـثُ الإفــك :

روى الأئمة منهم أحمد ، والبخاري تعليقاً ، ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي اللّه عنها قالت : كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج لسفر، أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها ، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، فأقرع بيننا في غزوة غزاها [1] ، فخرج فيها سهمي (نصيبي) وخرجت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وذلك بعد ما نزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا ، حتى إذا فرغ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك ، وقفل ، ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذن بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فلمست صدري ، فإذا عقد لي من جزع ظفار[2] قد انقطع.
فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرّهط الذين كانوا يرحّلونني ، فاحتملوا هودجي ، فرحلوه على البعير الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ، ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل ، وساروا ، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ، فجئت منازلهم ، وليس بها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أن القوم سيفقدونني ، فيرجعون إلي .
فبينا أنا جالسة في منزلي ، غلبتني عيناي فنمت ، وكان صفوان بن المعطّل السّلمي ثم الذّكواني قد عرّس[3]من وراء الجيش ، فأدلج[4]، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني ، فعرفني حين رآني ، وقد كان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه [5]حين عرفني ، فخمّرت وجهي بجلبابي ، واللّه ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا في نحر الظّهيرة [6] ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول ، فقدمنا المدينة ، فاشتكيت[7] حين قدمناها شهراً ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني[8] في وجعي أني لا أرى من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اللطف الذي أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيسلّم ثم يقول : « كيف تيكم؟ » - تيكم : إشارة إلى المؤنث وأما المذكر فيقال له : ذاكم - فذلك الذي يريبني ، ولا أشعر بالشر، حتى خرجت بعد ما نقهت[9] ، وخرجت معي أم مسطح قبل (المناصع) وهو متبرّزنا ، ولا نخرج إلا ليلاً إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف[10] قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه في البرّية ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها في بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح - وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصدّيق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب - فأقبلت أنا وابنة أبي رهم أم مسطح قبل بيتي ، حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها[11] ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئسما قلت ، تسبّين رجلا شهد بدراً ؟ فقالت : أي هنتاه[12] ، ألم تسمعي ما قال ؟ قلت : وماذا قال ؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي ، دخل علي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فسلّم ، ثم قال : « كيف تيكم ؟ » فقلت له : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قال : " نعم " ، قالت : وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمتاه ، لماذا يتحدث الناس به ؟ فقالت : أي بنية ، هوّني عليك ، فو اللّه لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ، ولها ضرائر إلا أكثرن عليها .
قالت : فقلت : سبحان اللّه ! وقد تحدث الناس بها ؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت ، لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي .
قالت : فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي ، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله ، قالت : فأما أسامة بن زيد ، فأشار على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود ، فقال أسامة : يا رسول اللّه ، أهلك ، ولا نعلم إلا خيراً . وأما علي بن أبي طالب ، فقال : يا رسول اللّه ، لم يضيق اللّه عليك ، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك الخبر .
قالت : فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بريرة فقال : « هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟ » فقالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ، إن- أي ما- رأيت منها أمراً قطّ أغمصه[13] عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الدواجن فتأكله . فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من يومه ، فاستعذر من عبد اللّه بن أبي بن سلول ، فقال وهو على المنبر : « يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي- يعني عبد اللّه بن أبي- فو اللّه ما علمت على أهلي إلا خيراً ، ولقد ذكروارجلاً ما علمت عليه إلا خيراً ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي » .
فقام سعد بن معاذ الأنصاري رضي اللّه عنه ، فقال : أنا أعذرك منه يا رسول اللّه ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج ، أمرتنا ، ففعلنا أمرك .
فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج ، وكان رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت ، لعمر اللّه ، لا تقتله ، ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل .
فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة ، كذبت ، لعمر اللّه لنقتلنّه ، فإنك منافق تجادل عن المنافق ، فتثاور الحيان : الأوس والخزرج ، حتى همّوا أن يقتتلوا ، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فلم يزل يخفّضهم حتى سكتوا ، وسكت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ، فبينما هما جالسان عندي ، وأنا أبكي إذ استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينا نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فسلّم ثم جلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل ، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء ، فتشهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين جلس ، ثم قال : « أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللّه ، وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري اللّه ، وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ، وتاب ، تاب اللّه عليه » .
فلما قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مقالته ، قلص دمعي ، حتى ما أحسّ منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول اللّه ، فقال : واللّه ما أدري ما أقول لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقالت : واللّه ، ما أدري ما أقول لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فقلت- وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن : واللّه لقد علمت ، لقد سمعتم بهذا الحديث حتى استقر في أنفسكم ، وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة- واللّه يعلم أني بريئة- لا تصدقونني، ولئن اعترفت بأمر، واللّه يعلم أني بريئة ، لتصدّقنّي، إني واللّه ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف : " فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ " . (يوسف / 18) ، ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، وأنا- واللّه أعلم حينئذ أني بريئة- وأن اللّه تعالى مبرئي ببراءتي ، ولكن واللّه ، ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم اللّه فيّ بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني اللّه بها ، فو اللّه ما رام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مجلسه ، ولا خرج من أهل البيت أحد ، حتى أنزل اللّه تعالى على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء [14] عند الوحي ، حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي أنزل عليه .
فسرّي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : « أبشري يا عائشة ، أمّا اللّه عزّ وجلّ فقد برّأك » فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : واللّه لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا اللّه عزّ وجلّ ، هو الذي أنزل براءتي ، وأنزل اللّه عزّ وجلّ : " إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ " ، الآيات العشر كلها ؛ فلما أنزل اللّه هذا في براءتي ، قال أبو بكر رضي اللّه عنه ، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة ، لقرابته منه وفقره : واللّه لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ، فأنزل اللّه تعالى : " وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى " - إلى قوله- " وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ، فقال أبو بكر : بلى واللّه ، إني لأحب أن يغفر اللّه لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : واللّه لا أنزعها منه أبداً.
قالت عائشة : وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري ، فقال : «يا زينب ماذا علمت أو رأيت ؟ » فقالت : يا رسول اللّه ، أحمي سمعي وبصري ، واللّه ما علمت إلا خيراً .
قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها اللّه تعالى بالورع ، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك .[15]

وكان مسروق إذا حدّث عن عائشة يقول : حدثتني الصدّيقة بنت الصدّيق حبيبة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، المبرّأة من السماء .[16]

[1] ) هي غزوة بني المصطلق ، وهي غزوة المريسيع .
[2] ) الجزع : خرز معروف في سواده بياض كالعروق، وظفار : مدينة باليمن .
[3] ) التعريس : نزول القوم في السفر من آخر الليل للاستراحة في بقعة ، ثم يرتحلون.
[4] ) أدلج : سار من أول الليل .
[5] ) الاسترجاع : أن يقول : إنا للّه وإنا إليه راجعون .
[6] ) وسط النهار عند الظهر أي وقت الظهيرة .
[7] ) اشتكى عضوا من أعضائه: مرض وأحس بألم فيه .
[8] ) يريبني : يوقعني في الريبة والشك .
[9] ) نقه من المرض : صحّ .
[10] ) المتبرّز : موضع التبرز ، والكنف : جمع كنيف : المكان المخصص لقضاء الحاجة .
[11] ) المرط : واحد المروط : وهي أكسية من صوف أو خزّ كان يؤتزر بها.
[12] ) هنتاه : الهنة : هي الشيء الذي يستقبح ، والمراد هنا الندبة المشوبة بالتعجب من الفعلة القبيحة لمسطح .
[13] ) غمصه : استصغره ولم يره شيئاً .
[14] ) البرحاء : الشدة والانتفاضة من الجهد أو الألم.
[15] ) أخرجه البخاري : (4141) في كتاب المغازي ، (4750) في كتاب التفسير ، ومسلم : (7196) .
[16] ) التفسير المنير للزحيلي .
 
[FONT=&quot]ثانياً ، الفوائد اللُّغوية والبلاغية : [/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]45 – معنى : " الإفك " ، " عُصبةٌ " ، " لاتحسبوه شرّاً لكم " ، " بل هو خيرٌ لكم ": [/FONT]

[FONT=&quot] قَوْلِهِ: " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ " : أي بِالزور والْكَذِبِ ، وَ " الْإِفْكُ " : اسم بمعنى الكذب أو هو أسوؤه ، وزنه فِعْل بكسر فسكون ، والأفّاك : الكذّاب ، و سُمِّيَ إِفْكًا لِكَوْنِهِ مَصْرُوفًا عَنِ الْحَقِّ ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَفَكَ الشَّيْءَ إِذَا قَلَبَهُ عَنْ وَجْهِهِ ، فالإفك : قول مأفوك عن وجهه ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ الثَّنَاءَ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَصَانَةِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَالشَّرَفِ فَمَنْ رَمَاهَا بِالسُّوءِ قَلَبَ الْأَمْرَ عَنْ وَجْهِهِ ، و (الإفك) : أبلغ الكذب ؛ لأنه قلب الحقيقة عن حالها بالأقوال ، وصرفها عن جهة الصواب ، وبذلك شبّه بالكذب ، وهو في الواقع اختلاف الكذب ، وقيل في معنى : (الإفك) : هو البهتان لا تشعر به حتى يفجأك ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَفْكِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ قَلْبُ الشَّيْءِ ، وَمِنْهُ سُمِّيَ أَهْلُ سَدُومَ وَعَمُّورَةَ وَأُدَمَةَ وَصَبُويِيمَ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ أَصْحَابَ الْمُؤْتَفِكَةِ لِأَنَّ قُرَاهُمُ ائْتَفَكَتْ ، أَيْ قُلِبَتْ وَخُسِفَ بِهَا فَصَارَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا فَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ حَالَتِهِ الْوَاقِعِيَّةِ قَلْبًا لَهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ فَسُمِّيَ إِفْكًا ، ويُقصد بِالْإِفْكِ في الآية : الكذب والافتراء على عائشة رضي اللّه عنها أم المؤمنين بقذفها ، وقد أنزل الله تعالى في سورة النور ست عشرة آية لتبرئة السيدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها ، وما اتصل بذلك من أمر الإفك. [FONT=&quot][1][/FONT] [/FONT]

[FONT=&quot] والعُصبة : الجماعة من الناس ، وتُطلق على ثلاثة رجال ، قاله ابن عباس ، وعنه أيضا من الثلاثة إلى العشرة ، وقال ابن عيينة : أربعون رجلا ، وقال مجاهد : من عشرة إلى خمسة عشر ، وكثر إطلاقها على العشرة إلى الأربعين ، وأصلها في اللغة وكلام العرب الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض ، وقوله : " عُصْبَةٌ مِنْكُمْ " أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولَ ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ ، زَوْجَةُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَذِكْرُ عُصْبَةٌ تَحْقِيرٌ لَهُمْ وَلِقَوْلِهِمْ ، أَيْ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِمْ فِي جَانِبِ تَزْكِيَةِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ لِمَنْ رَمَوْهُمَا بِالْإِفْكِ ، وَوَصْفُ الْعُصْبَةِ بِكَوْنِهِمْ مِنْكُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ حَادُوا عَنْ خُلُقِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ تَصَدَّوْا لِأَذَى الْمُسْلِمِينَ. [FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" لا تَحْسَبُوهُ شَرًّالَكُمْ " : لا تظنوه شرا أيها المؤمنون غير العصبة ، وهو خطاب مستأنف ، َقِيلَ : هُوَ خِطَابٌ لِعَائِشَةَ وَلِأَبَوَيْهَا وَلِلنَّبِيِّ [/FONT][FONT=&quot]r[/FONT][FONT=&quot] وَلِصَفْوَانَ ، يَعْنِي : لَا تَحْسَبُوا الْإِفْكَ شَرًّا لَكُمْ ، " بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ " ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى ذَلِكَ وَيُظْهِرُ بَرَاءَتَكُمْ .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] والشر: ما غلب ضرره على نفعه ، أو هو : ما زاد ضره على نفعه ، والخير حقيقته : ما زاد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]نفعه على ضره ، وإنّ خيراً لا شر فيه هو الجنة ، وشراً لا خير فيه هو جهنم ، فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير، لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا ، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى ، فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان ، إذ الخطاب لهم في قوله : " لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ " ، لرجحان النفع والخير على جانب الشر .[/FONT]

[FONT=&quot] " بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ " : يأجركم اللّه به ، ويظهر براءة عائشة وكرامتكم على اللّه ، بإنزال ثماني عشرة آية في براءتكم ، وتعظيم شأنكم ، وتهويل الوعيد لمن أساء الظن بكم ، كما ذكر البيضاوي ، والظاهر أن هذه الآيات هي (11- 28) المختتمة بقوله تعالى : " وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " ، والأصح ما رواه الطبراني عن الحكم بن عتبة أن اللّه أنزل فيها خمس عشرة آية ، أي إلى الآية (26) ، بل هي ست عشرة آية .[FONT=&quot][3][/FONT] [/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]46 – معنى قوله تعالى : " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ " ، " وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ "، وهو عبد الله بن أُبيّ بن سلول : [/FONT]

[FONT=&quot] قوله : " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ " : أي لكلّ جزاء ما اكتسب بقدر ما خاض فيه من السوء ، مختصا به ، بأن جلدوا ، وصار ابن أبيّ مطروداً مشهوراً بالنفاق ، وحسان أعمى وأشل اليدين ، ومسطح مكفوف البصر .[/FONT]

[FONT=&quot] " امْرِئٍ " : اسم بمعنى الإنسان ، وتُحرّك الراء بحركة آخره ، تقول جاء امرُؤٌ، رأيت امرَأً ، مررت بامرِِئٍ ، مؤنثه امرأة ، و(الهمزة) همزة وصل ولا يدخله (أل) التعريف إلّا نادرا على امرأة[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] " وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ " : أي تولى معظمه من الخائضين ، وهو عبد اللّه بن أبيّ ، فإنه بدأ به وأذاعه عداوةً لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخرة ، أو في الدنيا . [/FONT]

[FONT=&quot] " كِبْرَهُ " : اسم بمعنى معظم الأمر من كَبِرَ الثلاثيّ باب فرح وزنه فعل بكسر فسكون. [/FONT][FONT=&quot]
وقد اختلف القرّاء في قراءة قوله : " كِبْرهُ " فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار : " كِبْرَهُ " بكسر الكاف ، سوى حميد الأعرج ، فإنه كان يقرؤه " كُبْرهُ " بمعنى : والذي تحمل أكبره ، وأولى القراءتين في ذلك بالصواب : القراءة التي عليها عوامّ القرّاء ، وهي كسر الكاف ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وأن الكبر بالكسر : مصدر الكبير من الأمور ، وأن الكبر بضم الكاف إنما هو من الولاء والنسب من قولهم : هو كُبر قومه ، والكبر في هذا الموضع : هو ما وصفناه من معظم الإثم والإفك ، فإذا كان ذلك كذلك ، فالكسر في كافه هو الكلام الفصيح دون ضمها ، وإن كان لضمها وجه مفهوم . [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]



[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التفسير المنير والوسيط للزحيلي ، وتفسير البغوي ، وتفسير القرطبي ، وإعراب القرآن وبيانه والجدول في إعراب القرآن و التحرير والتنوير [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المصادر السابقة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المصادر السابقة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]


[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]المصادر السابقة [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]ثالثاً ، الفوائد التفسيرية : [/FONT]

[FONT=&quot]47 – المناسبة بين سورة " المؤمنون " وسورة النور ، والمناسبة بين بدايات سورة النور وآيات براءة عائشة بعدها :[/FONT]

[FONT=&quot] تظهر مناسبة هذه السورة لسورة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ من وجهين :[/FONT]

[FONT=&quot] الأول-[/FONT][FONT=&quot] أنه تعالى لما قال في مطلع سورة المؤمنين : " [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، ذكر هنا أحكام من لم يحفظ فرجه من الزناة ، وما اتصل بذلك من شأن القذف ، وقصة الإفك ، والأمر بغض البصر الذي هو داعية الزنى ، والاستئذان الذي جعل من أجل النظر، وأمر بالتزويج حفظا للفروج ، وأمر من عجز عن مؤن الزواج بالاستعفاف وحفظ فرجه ، ونهى عن إكراه الفتيات على الزنى .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] والثاني-[/FONT][FONT=&quot] بعد أن ذكر اللّه تعالى في سورة المؤمنين المبدأ العام في مسألة الخلق ، وهو أنه لم يخلق الخلق عبثا ، بل للتكليف بالأمر والنهي ، ذكر هنا طائفة من الأوامر والنواهي في أشياء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تعد مزلقة للعصيان والانحراف والضلال.[/FONT]

[FONT=&quot] واشتملت هذه السورة – سورة النور - على أحكام مهمة تتعلق بالأسرة ، من أجل بنائها على أرسخ الدعائم ، وصونها من المخاطر والعواصف ، والتركيز على تماسكها وتنظيمها ، وحمايتها من الانهيار والدمار .[/FONT]

[FONT=&quot]فكان مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والسّتر ، فبدأت ببيان حد الزنى ، وحد قذف المحصنات ، وحكم اللعان عند الاتهام بالفاحشة أو لنفي نسب الولد ، من أجل تطهير المجتمع من الانحلال والفساد واختلاط الأنساب ، وبعدا عن هدم حرمة [/FONT][FONT=&quot]الأعراض ، وصون الأمة من التردي في حمأة الإباحية والفوضى.[/FONT]

[FONT=&quot] وبعد بيان حكم قذف النساء الأجنبيات غير المحارم ، وحكم قذف الزوجات ، أبان اللّه تعالى في هذه الآيات العشر براءة عائشة أم المؤمنين مما رماها به أهل الإفك من المنافقين ، وذكر فيها جملة من الآداب التي كان يلزمهم الإتيان بها ، والزواجر التي كان ينبغي عدم التعرض لها [FONT=&quot][1][/FONT] .[/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]48 – اختلاف المفسرين والمؤرخين في تاريخ حادثة الإفك : [/FONT]

[FONT=&quot] قال البخاري : وقال معمر[FONT=&quot][2][/FONT] بن راشد عن الزهري: كان حديث الافك في غزوة المريسيع. قال ابن إسحاق: وذلك سنة ست. وقال موسى بن عقبة: سنة أربع.[FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] وانحصرت الأقوال في ثلاثة : فمن قائل أنها سنة ست ، قال بذلك ابن إسحاق إمام المغازي ، وتَبَعَهُ على ذلك خليفة بن خياط ، وابن جرير الطبري ، وابن حزم ، وابن عبد البر ، وابن العربي ، وابن الأثير ، وابن خلدون ، فقد صرّح كل منهم بأن غزوة بني المصطلق كانت في شعبان من السنة السادسة للهجرة . [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] وهناك من قال : بأنها في شعبان من العام الرابع للهجرة ، وذهب إلى هذا القول : المسعودي ، وابن العربي ، والمالكي ، وغيرهم . [/FONT]

[FONT=&quot] وذهبت طائفة إلى أنها كانت في شعبان من السنة الخامسة ، فمن هؤلاء العلماء كل من موسى بن عقبة ، وابن سعد ، وابن قتيبة ، والبلاذري ، والذهبي ، وابن حجر العسقلاني ، وابن كثير ، رحمهم الله ، ومن المحدثين : الخضري بك ، والغزالي ، والبوطي ، وأبو شهبة ، والشيخ السعاتي ، ومحمد أبو زهرة ، وسيد قطب ، وحسن مشاط ، ومحمد علي الصابوني ، ومحمد بكر آل عابد ، ومهدي رزق الله أحمد. [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] ويبدو أن هذا الرأي هو الأقرب للصواب ؛ لأسباب منها : [/FONT]

[FONT=&quot]أ – أن هذا القول هو ما ذهب إليه جمهور أصحاب السير والمغازي ، كما أنه سار عليه عدد كبير ممن كتب في السيرة من المعاصرين . [/FONT]

[FONT=&quot]ب – أن في شعبان سنة أربع من الهجرة كانت غزوة بدر الموعد ، فيتعين أن غزوة بني المصطلق كانت في غيرها . [/FONT]

[FONT=&quot]ج – أن هذا القول يؤيده وجود سعد بن معاذ رضي الله عنه في الغزوة ، فقد جاء ذكره في حديث الإفك الذي كان في أعقاب غزوة بني المصطلق والذي أخرجه الإمام البخاري : " .... فقام سعد بن معاذ الأنصاري ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ...... ) الحديث . [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] وقد كانت وفاة سعد بن معاذ في أعقاب غزوة بني قريظة ، وغزوة بني قريظة كانت في ذي القعدة من السنة الخامسة على القول الراجح فيتعين أن تكون غزوة بني المصطلق قبلها .[FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]49 – عقد عائشة : نزلت بضياعه منها آية التيمم فكان باب خير ، وكان التماسها له سببا لوقوع أهل الإفك فيها بإفكهم فكان باب خيرٍ بعد أن حسبته شراً : [/FONT]

[FONT=&quot] لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بعائشة معه في غزوة بني المصطلق وهى غزوة المريسيع ، وقفل ودنا من المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فقامت حين آذنوا بالرحيل فمشت حتى جاوزت الجيش ، فلما فرغت من شأنها أقبلت إلى الرحل فلمست صدرها فإذا عقد من جزع ظفار[FONT=&quot][8][/FONT] قد انقطع ، فرجعت فالتمسته فحبسها ابتغاؤه ، فوجدته وانصرفت فلم تجد أحداً ، وكانت شابة قليلة اللحم ، فرفع الرجال هودجها ولم يشعروا بزوالها منه ، فلما لم تجد أحداً اضطجعت في مكانها رجاء أن تفتقد فيرجع إليها ، فنامت في الموضع ولم يوقظها إلا قول صفوان بن المعطل : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وذلك أنه كان تخلف وراء الجيش لحفظ الساقة. وقيل : إنها استيقظت لاسترجاعه ، ونزل عن ناقته وتنحى عنها حتى ركبت عائشة ، وأخذ يقودها حتى بلغ بها الجيش في نحر الظهيرة ، فوقع أهل الافك في مقالتهم ، وكان الذي يجتمع إليه فيه ويستوشيه[FONT=&quot][9][/FONT] ويشعله عبد الله بن أبى بن سلول المنافق ، وهو الذي رأى صفوان آخذاً بزمام ناقة عائشة فقال : والله ما نجت منه ولا نجا منها ، وقال : امرأة نبيكم باتت مع رجل . وكان ممن قاله حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش . هذا اختصار الحديث ، وهو بكماله وإتقانه في البخاري ومسلم ، وهو في مسلم أكمل .[FONT=&quot][10][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] أمّا الخير في ضياع عقدها فهو ظاهرٌ بين بنزول رخصة التيمم لمن فقد الماء حقيقةً أو حُكما ً ، وقد أكّده أُسيد بن حضير لمّا قال لها : ماهي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر [FONT=&quot][11][/FONT]. [/FONT]

[FONT=&quot] وأما الخير الذي في حديث الإفك الذي تسبب التماسها لعقدها في تقوُّل الناس به ، فكان خفاؤه ابتداءً ، ثم ظهر مع البراءة الإلهية لعائشة انتهاءً ، ولذا قال الله تعالى في أول آية من آيات البراءة بعد أن وصف مقالة الناس في عائشة بأنها " الإفك " : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]" ، والمخاطب هو النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، وآل أبي بكر الصديق ، وكل المؤمنين الذين تضرروا واستاؤوا من هذه الحادثة ، وعلى رأسهم : صفوان بن المَُعطَّل رضي الله عنه ، وهذا الخطاب الإلهي يحمل الكثير من معاني التسلية والتصبير للمؤمنين ، بل وزيادة تكريم وتسرية في قوله سبحانه : " [/FONT][FONT=&quot]بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " .[/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]50 – الله عزّ وجلّ يُبرّئُ عائشة من فوق سبع سماوات في ست عشرة آية تتلى في كتابه إلى قيام الساعة : [/FONT]

[FONT=&quot] والقصة – كما سبق وبيّنّا - تدور على استغلال تخلف السيدة عائشة لقضاء حاجتها عن ركب الجند ، وعودتها للبحث عن عقدها الذي أضاعته في غزوة المريسيع ، والمريسيع : ماء لبني المصطلق ، من ناحية قديد إلى الساحل ناحية البحر الأحمر ، وكان قائد الفتنة الذي أشعل نارها : هو زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول ، وتورط معه ثلاثة ، وهم حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ؛ وقد استغل المنافق ابن أبي هذه الحادثة ليلصق التهمة بعائشة حين وجد صفوان بن المعطّل السّلمي يقود راحلته التي أركب عليها عائشة ، فنزلت الآيات التي تبرئ السيدة عائشة ، وتلوم مروجي الإشاعة الكاذبة ، وتؤدب الصحابة بآداب عظيمة في مثل هذه الحادثة ، قال الله تعالى مبينا إدانة المتورطين بهذه التهمة الخطيرة: " إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ " .[/FONT]

[FONT=&quot] هذه الآيات الكريمة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، ودحض الافتراء الشنيع ، وهي تبدأ في بيان القصة من أولها ، وأولها: إن الذين فعلوا هذا الفعل جماعة منكم ، وهؤلاء الجماعة أتوا بأبلغ الكذب ، وأعظم الافتراء ، وهو الإفك ، الذي كان وراءه ثلاثة بزعامة منافق ، وهو عبد الله بن أبي ، فإنه هو الذي اختلق الكذب على السيدة عائشة رضي الله عنها ، وتناقلته جماعة صغيرة فروجت الخبر بين الناس ، واستمرت إشاعته قريبا من شهر، حتى نزل القرآن الكريم مُبرّئاً عائشة – الصديقة بنت الصديق – مما تناقله الناس من الإفك ومبينا أسبابه ودروسه ونتائجه ، وواسى الله تعالى أسرة أبي بكر في هذه التهمة المفتراة فقال : " لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ " ، أي : لا تظنوا يا آل بكر بأن ذلك الافتراء شر محض لكم ، وإساءة إليكم ، بل هو خير لكم في الدنيا والآخرة ، لإظهار مدى العناية بعائشة بنت الصدّيق رضي الله عنها ، حين برأها الله في القرآن العظيم ، وجعله حكماً ونصاً يتلى إلى يوم القيامة ، ومن أجل كسبكم الثواب العظيم به في الدار الآخرة .[/FONT]

[FONT=&quot] وأما دعاة الفتنة فلكل واحد تكلم في هذه الفرية ورمى أم المؤمنين عائشة بالفاحشة ، فله نصيب من العذاب الشديد ، بقدر ما خاض فيه.[FONT=&quot][12][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]51 – المعنيّونَ بقوله تعالى : " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ " ، وموقف عائشة مع حسان بن ثابت رضي الله عنه :[/FONT]

[FONT=&quot] " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ " ، لكل واحد تكلم في هذه القضية ورمى أم المؤمنين عائشة بالفاحشة نصيب من عذاب عظيم بقدر ما خاض فيه ، أو عقاب ما اكتسب .[/FONT]

[FONT=&quot] " وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ " ، أي والذي تحمل معظم ذلك الإثم منهم ، وهو في رأي الأكثرين عبد اللّه بن أبي ، له عذاب عظيم في الدنيا والآخرة ، فإنه أول من اختلق هذا الخبر ، أو أنه كان يجمعه ويستوشيه ويذيعه ويشيعه ، فمعظم الشر كان منه ، أما عذابه في الدنيا فبإظهار نفاقه ونبذه من المجتمع ، وأما في الآخرة فهو في الدرك الأسفل من النار[FONT=&quot][13][/FONT]. [/FONT]

[FONT=&quot] وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ :" وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ " ؛ قَالَتْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بن سَلُولَ[FONT=&quot][14][/FONT] ، وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ هُوَ النَّارُ فِي الْآخِرَةِ .[/FONT]

[FONT=&quot] وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَالَتْ : ثُمَّ رَكِبْتُ وَأَخَذَ صَفْوَانُ بِالزِّمَامِ فَمَرَرْنَا بِمَلَأٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا مُنْتَبَذِينِ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، رَئِيسُهُمْ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : عَائِشَةُ قَالَ : وَاللَّهِ مَا نَجَتْ مِنْهُ وَمَا نَجَا مِنْهَا ، وَقَالَ : امْرَأَةُ نَبِيِّكُمْ بَاتَتْ مَعَ رَجُلٍ حَتَّى أَصْبَحَتْ ثُمَّ جَاءَ يَقُودُ بِهَا[FONT=&quot][15][/FONT]. [FONT=&quot][16][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] وأخرج البخاري من حديت معمر عن الزهري قال قال لي الوليد بن عبد الملك : أبلغك أن عليا كان فيمن قذف ؟ قال : قلت لا ، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عائشة قالت لهما : كان عليٌّ مُسَلِّماً[FONT=&quot][17][/FONT]في شأنها ، وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في كتابه المخرج على الصحيح من وجه آخر من حديث معمر عن الزهري ، وفيه : قال كنت عند الوليد بن عبد الملك فقال : الذي تولى كبره منهم على بن أبى طالب ؟ فقلت : لا ، حدثني سعيد بن المسيب وعروة وعلقمة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة كلهم يقول سمعت عائشة تقول : والذي تولى كبره عبد الله بن أبى بن سلول .[FONT=&quot][18][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا حَسَّانُ ، وَمِسْطَحٌ ، وَحَمْنَةُ ، فَهَمَّ من الَّذِينَ جاءوا بالإفك .[/FONT]

[FONT=&quot] وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ؛ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُ شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ ، وَقَالَ :[/FONT]

[FONT=&quot] حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ[FONT=&quot][19][/FONT] . [/FONT]

[FONT=&quot] فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ ، قَالَ مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا : لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " ، قَالَتْ : وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى[FONT=&quot][20][/FONT] ، وَقَالَتْ : إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot]r[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][21][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثٍ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ . قَالَتْ : ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ[FONT=&quot][22][/FONT] .[/FONT]

[FONT=&quot]ولما بلغ صفوان قول حسان في الافك جاء فضربه بالسيف ضربة على رأسه وقال :[/FONT]

[FONT=&quot] تلق ذباب السيف عنى فإنني ... غلام إذا هوجيت ليس بشاعر[/FONT]

[FONT=&quot] فأخذ جماعةٌ حسان ولببوه[FONT=&quot][23][/FONT] وجاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]جرح حسان واستوهبه إياه ، وهذا يدل على أن حسان ممن تولى الكبر، على ما يأتي والله أعلم . [/FONT]

[FONT=&quot] وكان صفوان هذا صاحب ساقة رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]في غزواته لشجاعته ، وكان من خيار الصحابة رضى الله عنه وعنهم ، وقيل : كان حصوراً لا يأتي النساء ، ذكره ابن إسحاق من طريق عائشة ، وقيل : كان له ابنان ، يدل على ذلك حديثه المروي مع امرأته ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]في ابنيه : " لهما أشبه به من الغراب بالغراب " [FONT=&quot][24][/FONT]، وقوله في الحديث : والله ما كشف كنف أنثى قط[FONT=&quot][25][/FONT] ، يريد بزنى . وقُتل شهيداً رضى الله عنه في غزوة أرمينية سنة تسع عشرة في زمان عمر ، وقيل : ببلاد الروم سنة ثمان وخمسين في زمان معاوية .[/FONT]

[FONT=&quot] وحكى أبو عمر بن عبد البر أن عائشة برأت حسان من الفرية ، وقالت : إنه لم يقل شيئاً . وقد أنكر حسان أن يكون قال شيئا من ذلك في قوله :[/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] حصـان رزان ما تزن بريبــة... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل[FONT=&quot][26][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] حليلـة خير الناس دينا ومنصبـا ... نبي الهدى والمكرمات الفواضل[/FONT]

[FONT=&quot] عقيلة حي من لؤي بن غالــب ... كرام المساعي مجدها غير زائـل[/FONT]

[FONT=&quot] مهذبة قد طيب الله خيمهـا[FONT=&quot][27][/FONT] ... وطهرها من كل شين وباطـل[/FONT]

[FONT=&quot] فإن كان ما بلغـت أني قلتــه ... فلا رفعت سوطي إلى أناملـي[/FONT]

[FONT=&quot] فكيف وودي ما حييت ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافــل[/FONT]

[FONT=&quot] له رتب عال على الناس فضلهـا ... تقاصر عنها سـورة المتطـاول[/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] وقد روي أنه لما أنشدها : حصان رزان ، قالت له : لست كذلك ، تريد أنك وقعت في الغوافل ، وهذا تعارض ، ويمكن الجمع بأن يقال : إن حساناً لم يقل ذلك نصاً وتصريحاً ، ويكون عرض بذلك وأومأ إليه فنسب ذلك إليه ، والله أعلم[FONT=&quot][28][/FONT] .[/FONT]

[FONT=&quot] ولكن ما ذُكِرَ عن عائشة أنّ الذي تولّى كبره عبد الله بن أُبيّ بن سلول أصرح مما ذُكر في رواية مسروق من أنّ الذي تولّى كبره هو حسلن بن ثابت ، ولعلّ مسروقاً يريد الآية بتمامها ، وأنّ حسّان من الذين جاءوا بالإفك وشاركوا في نقله ، أو يُقال إنّ مسروقاً لم يشهد الذي حدث إذ هو تابعيّ لم يشهد القصة ، وإنّما أقرّته عائشة على أنّ حسّان شارك في نشر الإفك ولم تُرِد أنّه هو الذي تولّى كبره . [/FONT]

[FONT=&quot] قال الطبري رحمه الله تعالى : وأولى القولين في ذلك بالصواب ؛ قول من قال : الذي تولى كبره من عصبة الإفك كان عبد الله بن أُبي ، وذلك أنه لا خلاف بين أهل العلم بالسّيَر أنه الذي بدأ بذكر الإفك ، وكان يجمع أهله ويُحدّثُهم عبدُ الله بن أُبي بن سلول ، وفعله ذلك على ما وصفت كان توليه كبر ذلك الأمر .[FONT=&quot][29][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot] وَيُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]أَمَرَ بِالَّذِينِ رَمَوْا عَائِشَةَ فَجُلِدُوا الْحَدَّ جَمِيعًا ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ [FONT=&quot][30][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot] والمشهور من الأخبار والمعروف عند العلماء أن الذي حُدَّ حسان ومسطح وحمنة ، ولم يُسمع بحدٍ لعبد الله بن أبي ، وروى أبو داود عن عائشة رضى الله عنها قالت : لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فذكر ذلك ، وتلا القرآن ، فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم ، وسماهم : حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ؛ وفي كتاب الطحاوي : " ثمانين ثمانين ". [/FONT]

[FONT=&quot] قال علماؤنا : وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله تعالى قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً ، فلو حُد في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفا عنه مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضى الله عنها وبكذب كل من رماها ، فقد حصلت فائدة الحد ، إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف ، كما قال الله تعالى :" فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ " . وإنما حُدَّ هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot]في الحدود : " إنها كفارة لمن أقيمت عليه "[FONT=&quot][31][/FONT] ، كما في حديث عبادة بن الصامت ، ويُحتمل أن يقال : إنما ترك حد ابن أبي استئلافا لقومه واحتراما لابنه ، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه ، كما في صحيح مسلم ، والله أعلم .[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot][32][/FONT][/FONT]



[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التفسير المنير لزحيلي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] الذي في البخاري" النعمان بن راشد".[/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]انظر [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]صحيح السيرة النبوية صـ[/FONT][FONT=&quot]329 [/FONT][FONT=&quot]؛ حديث القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot](1/312[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]313) : [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]السيرة النبوية [/FONT][FONT=&quot]( [/FONT][FONT=&quot]دروس وعبر [/FONT][FONT=&quot]) /[/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]2.[/FONT]
[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]انظر [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]حديث القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot](1/312) : [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن المصدر السابق [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]البخاري ، كتاب االتفسير ، سورة النور [/FONT][FONT=&quot](6/9) [/FONT][FONT=&quot]رقم [/FONT][FONT=&quot](4750). [/FONT]
[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]السيرة النبوية [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]دروس وعبر [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]ج[/FONT][FONT=&quot]2 .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجزع (بفتح الجيم وسكون الزاي): خرز معروف في سواده بياض كالعروق. وظفار (كخضار): مدينة باليمن.[/FONT]
[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]يستوشيه: يستخرجه بالبحث والمسألة ثم يفشيه ويشيعه ويحركه.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]) تفسير القرطبي ، وسبق وذكرت الحديث كاملاً في الفائدة : (57) .[/FONT]
[FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]راجع الفوائد [/FONT][FONT=&quot]: (34) [/FONT][FONT=&quot]، و[/FONT][FONT=&quot](37) [/FONT][FONT=&quot]من هذا البحث [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التفسير الوسيط للزحيلي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التفسير المنير للزحيلي [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] انظر : البخاري 8 / 450، 452، صحيح مسلم: 4 / 2131.[/FONT]
[FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot](2) انظر : فتح الباري 8 / 461.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير البغوي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]قوله : " مسلما" بكسر اللام المشددة من التسليم ، أي ساكتا في شأنها . وقيل : بفتح اللام ، من السلامة من الخوض فيه .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] الحصان : العفيفة ، والرزان : الرزينة الثابتة التي لا يستخفها الطيش . وتزن : ترمى وتتهم . والريبة : التهمة والشك . وغرثى : جائعة ، يريد لا تغتاب النساء ، والغوافل : جمع غافلة ، وهي التي غفل قلبها عن الشر / تفسير البغوي .[/FONT]
[FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله (3 / 273): "ثم الأكثرون على أن المراد بذلك -الذي تولى كبر الإفك- إنما هو عبد الله بن أبي بن سلول -قبحه الله تعالى ولعنه- وهو الذي تقدم النص عليه في الحديث. وقال ذلك: مجاهد وغير واحد. وقيل: بل المراد به حسان بن ثابت، وهو قول غريب، ولولا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على إيراد ذلك لما كان لإيراده كبير فائدة فإنه من الصحابة الذين لهم فضائل ومناقب، وأحسن مآثره أنه كان يذب عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشعره..." / تفسير البغوي .[/FONT]
[FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] أخرجه البخاري في التفسير، باب: "ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم" 8 / 485 / تفسير البغوي .[/FONT]
[FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري في المغازي، باب حديث الإفك: 7 / 431-435، وفي تفسير سورة النور: 8 / 452-455، وفي الشهادات: 5 / 269-272 وفي مواضع أخرى. وأخرجه مسلم في التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف برقم (2770): 4 / 2129-2136 وأخرج المصنف أوله في شرح السنة: 9 / 153/ تفسير البغوي / بتصرف يسير .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][23][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]لبب فلان فلانا: أخذ بتلبيبه، أي جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره.[/FONT]
[FONT=&quot][24][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (5825) .[/FONT]
[FONT=&quot][25][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه البخاري [/FONT][FONT=&quot]: (4141) .[/FONT]
[FONT=&quot][26][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الحصان: العفيفة. ورزان: ذات ثبات ووقار وعفاف. وغرثى: جائعة. ما تزن: ماتتهم. الغوافل: جمع غافلة، أي لا ترتع في أعراض الناس./ تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][27][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] الخيم ( بالكسر ) : الشيمة والطبع والخلق والأصل / تفسير القرطبي .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot][28][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][29][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التسهيل لتأويل التنزيل [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][30][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]انظر: فتح الباري : (8 / 479 ) ، زاد المعاد في هدي خير العباد ، لابن القيم : 3 / 263-264 / [/FONT][FONT=&quot]تفسير البغوي .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][31][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]عن [/FONT][FONT=&quot]عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَتُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا » . وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ - وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ قَرَأَ الآيَةَ - « فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهْوَ إِلَى اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ) » .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]


[FONT=&quot][32][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن تفسير القرطبي .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]​
 
[FONT=&quot]رابعاً ، الفوائد التربوية والإيمانية : [/FONT]

[FONT=&quot]52 - محاولات المنافقين إثارة الفتن والقلاقل بين المسلمين إثر غزوة بني المصطلق وهذا دأبهم في كل زمان ومكان بعد كل انتصار وفوز للمسلمين : [/FONT]

[FONT=&quot] خرج في غزوة بني المصطلق عدد كبير من المنافقين مع المسلمين ، وكان يغلب عليهم التخلف في الغزوات السابقة ، لكنهم لما رأوا اطّراد النصر للمسلمين خرجوا طمعاً في الغنيمة . [/FONT]
[FONT=&quot]وعند ماء المريسيع كشف المنافقون عن الحقد الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين ، فكلما كسب الإسلام نصراً جديداً ؛ ازدادوا غيظاً على غيظهم ، وقلوبهم تتطلع إلى اليوم الذي يُهزَم فيه المسلمون لتَشْفَى من الغل ، فلما انتصر المسلمون في المريسيع ، وأسلمت قبيلة بني المصطلق بأكملها ، وأرسل الناس ما بأيديهم من الأسرى والسبايا الذين أصابوهم وردوهم إلى ذويهم بعد أن تملّكوهم باليمين في قسم الغنائم ، واستكثروا على أنفسهم أن يتملّكوا أصهار النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، الذي تزوج من جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار – سيد بني المصطلق - ، فرجع المسلمون من غزوتهم هذه بأكثر من نصر ، وربما يكون رد السبايا والأسرى إلى ذويهم قد زاد من حنق وغيظ النافقين وشعورهم بالخساررة المادية التي خرجوا لأجلها إلى جانب خسارتهم المعنوية لما حققه السلمون من نصرمبين وزيادة عدد المسلمين بإسلام قبيلة بني المصطلق بأسرها ، فسعوا إلى إثارة العصبية بين المهاجرين والأنصار ، حيث روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه ماحدث عند ماء المريسيع قائلاً : [/FONT]
[FONT=&quot]كنا في غزاة فكَسَعَ[FONT=&quot][1][/FONT] رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ؛ فقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فقال : " ما بال دعوى الجاهلية " ؟ قالوا : يارسول الله ، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ، فقال : " دعوها ، فإنّها مُنتِنة ". [/FONT]
[FONT=&quot]فسمع بذلك عبد الله بن أُبي ، فقال : فعلوها ؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنّ الأعزُّ منها الأذل . [/FONT]
[FONT=&quot]فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فقام عمر فقال : يارسول الله ؛ دعني أضرب عنق هذا المنافق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " دعه ، لايتحدّث الناس أنّ مُحمّداً يقتل أصحابه " [FONT=&quot][2][/FONT]. [/FONT]
[FONT=&quot]أما رواية زيد بن الأرقم عن هذا الموقف فقال فيها : كنت في غزاة[FONT=&quot][3][/FONT] فسمعت عبد الله بن أبي يقول : لاتنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من ححوله ، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل ، فذكرت ذلك لعمّي[FONT=&quot][4][/FONT]، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]؛ فدعاني فحدثته ، فأرسل رسول الله إلى عبد الله بن أُبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، فكذّبني رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وصدّقه ، فأصابني هم لم يُصبنِ مثله قط ، فجلست في البيت ، فقال لي عمي : ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]ومَقَتَكَ ؟ فأنزل الله تعالى : " إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " . (المنافقون /1) ؛ فبعث إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]فقرأ ، فقال : " إنّ الله قد صدقك يا زيد " . [/FONT]
[FONT=&quot]وهكذا أخفقت هذه المحاولة في زعزعة صفوف المسلمين ، ولم يكتف المنافقون بذلك وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول ، فسعوا إلى إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]في نفسه وأهل بيته ، فشنّوا حربا نفسية مريرة من خلال حادثة الإفك التي اختلقوها للنيل من النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot]وأهل بيته الأطهار وأحب الناس إليه : الصديقة بنت الصديق المُبرّأة من فوق سبع سماوات ، في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة [FONT=&quot][5][/FONT]، وعلى الرغم من ذلك لايزال المنافقون في كل زمان ومكان ودُعاة الانتساب إلى الإسلام والإسلام منهم ومن أقوالهم وأفعالهم براء ؛ لايزالون يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]من بعد وفاته ويطعنون في عرضه وبراءة زوجه : زوج سيد ولد آدم وبنت خير الناس في هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]الذي ذكره الله في كتابه بأنه : " ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ" . (التوبة/40). [/FONT]
[FONT=&quot]وطالما وُجد الحق ، وُجِد الباطل ، وكلما ظهر الخير وأثره ، فإن الشر لابد أن يبرز أنيابه ويقتنص كل الفرص ليقضي على هذا الخير ويفترسه افتراساً ، هذه هي معركة الحق والباطل والخير والشر منذ خلق الله آدم عليه السلام واتخذه الشيطان عدُوّاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويحكم بين الخلائق أجمعين .[/FONT]
[FONT=&quot]وإنّ أيَّ ذي لُب ، لا يمكن بحال من الأحوال أن يعتقد في النبي[/FONT][FONT=&quot] صلى الله عليه وسلم وآل بيته إلاّ الصدق والطهر والعفاف ، وإنّ أيّ قادحٍ في طهارة نساء بيت النبوة ماهو إلا بقادح في انتسابه لهذا الدين أولاً ثم في صدق نبوة نبيه صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]المخدوع في أهله ، بل هو قادح في علم الله : العليم الخبير ، الذي ترك نبيه مخدوعاً في زوجه وأصحابه طوال حياته وقبضه إليه ورأسه على صدر عائشة رضي الله عنها الخائنة في زعمهم ، ولو كانت خائنة ماقبض الله روحه الطاهرة في هذا الزمان وهذا المكان : فالزمان هو يوم عائشة ، والمكان في حجرتها وبين يديها ورأسه صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بين سحرها ونحرها . [/FONT]
[FONT=&quot]وقد قال بعض أهل التحقيق : إن يوسف عليه السلام لما رمي بالفاحشة برّأه اللّه على لسان صبي في المهد ، وإن مريم لما رميت بالفاحشة برأها اللّه على لسان ابنهاعيسى صلوات اللّه عليه ، وإن عائشة لما رميت بالفاحشة برّأها اللّه تعالى بالقرآن فما رضي لها ببراءة صبي ولا نبي حتى برّأها اللّه بكلامه من القذف والبهتان[FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، فهل بعد قول الله قول ؟! وهل بعد البراءة الإلهية اتهام ؟![/FONT]
[FONT=&quot]وعن محمد بن عبد الله بن جحش ، قال : تفاخرت عائشة وزينب ، قال : فقالت زينب : أنا التي نزل تزويجي من السماء ، قال : وقالت عائشة : أنا التي نزل عذري في كتابه حين حملني ابن المعطّل على الراحلة ، فقالت لها زينب : يا عائشة ، ما قلت حين ركبتيها ، قالت : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل ، قالت : قلت كلمة المؤمنين[FONT=&quot][7][/FONT]، فهذه زينب التي كانت تُساميها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot]تشهد لها بالإيمان ، فرضي الله عن أزواجه أجمعين وآل بيته الأطهار .[/FONT]

[FONT=&quot]53 - كذبة عبد الله بن أبي الذي تولى كبر حديث الإفك قد بلغت الآفاق وإنه ليُعذّب بها ويحمل وزره ووزر من تابعه إلى يوم القيامة :[/FONT]

[FONT=&quot] وهو المقصود بقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] " . (النور/11) ، وقوله : " [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ[/FONT][FONT=&quot] " : كِبَر الشيء ، أي عِظَمُه ، ذلك أن هذه المقالة - وهي مقالة الإفك في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- وأرضاها نشأت مِن عبد الله بن أبي بن سلول ، ولولا هذا الخبيث المنافق عليه لعنة الله لَمَا تحدث الناس فيها رضي الله عنها وأرضاها ، فهو المتحمل لكبر هذا الإثم والعياذ بالله ، ومن هنا أخذ بعض العلماء دليلاً على أن الإنسان إذا نشأت منه المقالة فطارت في الآفاق وكانت مشتملة على البهتان والإثم ، فإنه يُسأل بين يدي الله عن كل لسان لاك تلك المقالة ، ويتحمل آثام الناس والعياذ بالله .[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك ورد في الحديث الصحيح في صحيح البخاري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]مر على رجل يعذب ، فسأل عن ذلك ، فأُخبر أنه الرجل الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) - والعياذ بالله - بأن يقول خبراً غير صحيح ، فيتناقله الناس ، فلذلك يعظم إثمه على حسب كثرة الذين يتكلمون بذلك الكلام المكذوب .[/FONT]
[FONT=&quot]ومن هنا يتبين أنه ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن أن يقول شيئاً لا علم له به ، وأن يكون على حيطة من أن يصيب شيئاً يكون عليه كِبَره ويكون عليه إثمه والعياذ بالله [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot]54 – الصحابة كُلُّهم عُدول ، حتى الذين خاضوا في الإفك منهم ، ودليل عدالتهم اعترافهم بذنبهم وتوبتهم وإقامة الحد عليهم دون الذي تولى كبره منهم [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT]

[FONT=&quot] القذف في الشريعة الإسلامية يُقصد به : الرمي بزنا أو لواط ، والقذف من الكبائر ، ولا يُغفر للقاذف إلاّ بتوبةٍ نصوح وإقرارٍ بالذنب يلحقه إقامة الحد عليه بثمانين جلدةٍ في ظهره ، والمنوط بإقامة الحد هو الحاكم أو ولي أمر المسلمين أو من ينوب عنه ، ومعنى هذا أنّ التوبة لاتُسقط عنه الحد مادام أمره قد وصل إلى السلطان ، أما إن لم يتب ووصل أمره إلى السلطان ، فهو مُستحق لثلاثة أشياء : [/FONT]

[FONT=&quot]أولهــا [/FONT][FONT=&quot]: إقامة الحد عليه بجلده ثمانين جلدة . [/FONT]
[FONT=&quot]والثـاني[/FONT][FONT=&quot] : ردُّ شهادته . [/FONT]
[FONT=&quot]والثالث [/FONT][FONT=&quot]: اعتباره فاسقاً . [/FONT]

[FONT=&quot] أمّا القاذف التائب ، فتُقبل شهادته ، ويرتفع عنه حكم الفسق ، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء ، ومنهم : مالك والشافعي وأحمد ، واحتجوا بأنّ الحدود كفّارةُ لأهلها ، وأنّ التوبة تَجُبُّ ما قبلها ، وذهب بعض العلماء إلى أنّ الذي يرتفع بالتوبة إنّما هو الفسق فقط ، فقالوا : يرتفع عنه الحكم بالفسق ويبقى مردود الشهادة أبداً ، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وقول غيره من أهل العلم ، وهو قولٌ غير وجيه ، وقد قال الله تعالى : " وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ " . (الشورى/25) . [/FONT]
[FONT=&quot]وقال الله تعالى : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" . ( الزمر/53) ، وقال تعالى: " وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا " . (النساء/27) . [/FONT]
[FONT=&quot]وأما صفة التوبة التي يرتفع بها حكم الفسق عن الشخص وتُقبل شهادته ، فللعلماء فيها قولان : [/FONT]
[FONT=&quot]الأول[/FONT][FONT=&quot]: أن يُكذِّب نفسه ويعترف على نفسه بأنه قد كذب على المقذوفة ، والحُجَّة لهذا القول أنّ القذف فيه ظلم للعباد ؛ فلا بُدّ أن تُنفى التهمة عنهم بأن يُكذّب المُفتري نفسه . [/FONT]
[FONT=&quot]والثاني[/FONT][FONT=&quot] : أنّه لايلزم أن يُكذّب نفسه ، بل توبته صلاح حاله وندمه على ما فرّط منه من ذلك ، والاستغفار منه وتركه العود في مثل ذلك من الجُرم [FONT=&quot][10][/FONT]. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد تبين من الفوائد السابقة ؛ أنّ من أسباب عدم إقامة الحد على عبد الله بن أبي أنه لم يعترف بقذفه عائشة ، أو أنه كان يُوَرّي بهذا القذف ولا يردده صراحةً ، أو أنه أشاعه ابتداءً مُتَولّياً كبره ، ثمّ ترك الإشاعات المغرضه تتناقله بين الناس حتى وصل إلى القذف صراحةً منهم ، كمن يُضرم النار في الهشيم بشرر صغير ، وكذلك قيل : إنّ إقامة الحد عليه تطهره من ذنبه ، فلم يُقم عليه الحد ليلقى الله بذنبه هذا فيُعاقب عليه عقاب الآخرة الذي هو أشد وأبقى من من عقاب الدنيا ، بينما أقر الثلاثة بذنبهم ؛ وهم : حسان بن ثابت ، ومسطح بن أُثاثة ، وحمنة بنت جحش ، وأقيم الحد عليهم ، وعلى هذا تُقبل شهادتُهم وقد ارتفع عنهم الحكم بالفسق الذي هو فسق حالة مرتبط بواقعةٍ مُعيّنة ، وليس فسق حال كما هو فسق عبد الله بن أُبي الذي وُسم بالنفاق في حياته حتى مماته ، ولايزال منافقا إلى أن يحكم الله بين العباد ، فيلقى جزاءه في الدرك الأسفل من النار، ودليل ذلك أن الله عز وجل نهى نبيه عن الاستغفار للمنافقين ، ولما مات ابن أُبي وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]بشفاعةٍ من ابنه عبد الله ؛ نزل التحريم القطعي بالصلاة على المنافقين ، وذلك في قوله تعالى : " وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ" . (التوبة/84) ، ودليل فسق حاله ختام الآية بقوله سبحانه : " وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ " ، وقد نزلت هذه الآية عقب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]على ابن أُبي بعد وفاته كما بيّنا . [/FONT]
[FONT=&quot]أما الصحابة الثلاثة فسيرتهم الحسنة من بعد هذه الواقعة وحتى مماتهم دلت على عدالتهم ويكفي أنهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وماتوا وهم على الإسلام ، وهذه بعض من سيرتهم الحسنة : [/FONT]
[FONT=&quot]أولاً ، حسان بن ثابت المُؤيّد بروح القدس : [/FONT]

[FONT=&quot] روى الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ ، قَالَ : كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]يَقُوْلُ : ([/FONT][FONT=&quot]أَجِبْ عَنِّي ، أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوْحِ القُدُسِ[/FONT][FONT=&quot]) ؟ [/FONT]
[FONT=&quot]فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][11][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]وفي غير هذه الرواية ما يُثبت أنها كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، وكذلك إسلام أبي هريرة كان في العام السابع من الهجرة ؛ أي بعد حادثة الإفك المختلف في زمانها وأقصاه السنة السادسة من الهجرة ، فهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]لحسان بن ثابت رضي الله عنه بعد حادثة الإفك [/FONT][FONT=&quot]، فهل يُعقل أن يؤيد الله عز وجل فاسقاً بروح القدس ؟ ! حاشا وكلاّ . [/FONT]

[FONT=&quot]ثانياً ، مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِابْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ ، المُطَّلِبِيُّ ، المُهَاجِرِيُّ ، البَدْرِيُّ : [/FONT]
[FONT=&quot]وهل بعد الهجرة ومشهد بدر من مناقب ، وقد غفر الله لكل من شهد بدراً ؟؟ [/FONT]
[FONT=&quot]وكَانَ فَقِيْراً، يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ في طبقاته ، فَقَالَ :[/FONT]
[FONT=&quot]كَانَ قَصِيْراً ، غَائِرَ العَيْنَيْنِ ، شَثْنَ الأَصَابِع ، عَاشَ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ، ثم قال :[/FONT]
[FONT=&quot]إِيَّاكَ يَا جَرِي[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][/FONT][FONT=&quot] أَنْ تَنْظُرَ إِلَى هَذَا البَدْرِيِّ شَزْراً لِهَفْوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ ، فَإِنَّهَا قَدْ غُفِرَتْ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.[/FONT]
[FONT=&quot]وَإِيَّاك يَا رَافِضِيُّ أَنْ تُلَوِّحَ بِقَذْفِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ بَعْدَ نُزُوْلِ النَّصِّ فِي بَرَاءتِهَا ، فَتَجِبُ لَكَ النَّارُ[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot]ثالثاً ، حمنة بنت جحش المُهاجريّة ؛ بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT]
[FONT=&quot]وَكَانَتْ حَمْنَةُ زَوْجَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ ، وَلَهَا هِجْرَةٌ ، وَقِيْلَ : بَلْ كَانَتْ تَحْتَ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْر ٍ؛ فَقُتِلَ عَنْهَا ، فَتَزَوَّجَهَا طَلْحَةُ ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّداً ، وَعِمْرَانَ .[/FONT]
[FONT=&quot]وأُختها أم حبيبة بنت جحش ، وزينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، وَأُمُّهُنَّ عَمَّةُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: أُمَيْمَةُ .[/FONT]
[FONT=&quot]وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ : كَانَتْ حَمْنَةُ تَحْتَ مُصْعَبٍ ؛ وَكَانَتْ أُمُّ حَبِيْبٍ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.[/FONT]
[FONT=&quot]وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: بَنَاتُ جَحْشٍ : زَيْنَبُ ، وَحَمْنَةُ ، وَأُمُّ حَبِيْبَةَ ، كُنَّ يَسْتَحِضْنَ ، ومن ورعها وفقهها وحرصها على عباداتها كانت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]في صلاتها وصومها مع استحاضتها ، ويكفيها شرف الهجرة والزواج من مهاجري . [/FONT]

[FONT=&quot] رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين ، الذين قال فيهم : " [/FONT][FONT=&quot]خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء أقوام تسبق شهادةُ أحدهم يمينه ، ويمينُهُ شهادتَهُ [/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]وعن عمر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]قال : " [/FONT][FONT=&quot]أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يُستحلف ، ويشهد الشاهد ولا يُستشهد[/FONT][FONT=&quot] " . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][15][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]قال : " [/FONT][FONT=&quot]لا تسُبُّوا أصحابي ، فلو أنّ أحدَكُم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً ؛ ما بلغَ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه[/FONT][FONT=&quot] " . [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]كسع [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]ضربه برجله [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]انظر السيرة النبوية الصحيحة [/FONT][FONT=&quot](2/409) .[/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]غزاة [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]صرحت الروايات الأخرى بأنها بني المصطلق [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]يريد بعمه [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]سعد بن عبادة وهو رأس الخزرج وليس عمه حقيقةً [/FONT]
[FONT=&quot][5][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]السيرة النبوية [/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]دروس وعبر[/FONT][FONT=&quot]) / [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][6][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][7][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير الطبري [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][8][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]من الحديث الذي اخرجه البخاري وفيه [/FONT][FONT=&quot]: ( ...[/FONT][FONT=&quot]أما الذي رأيته يُشَقُّ شدقه فكذاب يُحدّث بالكذبة ، فتُحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيُصنع به إلى يوم القيامة [/FONT][FONT=&quot]) : (1386) . [/FONT]
[FONT=&quot][9][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير سورة النور للشنقيطي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]المكتبة الشاملة [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][10][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التسهيل لتأويل التنزيل [/FONT][FONT=&quot]/[/FONT][FONT=&quot] تفسير سورة النور [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف وإضافة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][11][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot](1) أخرجه البخاري 6 / 221 في بدء الخلق : باب ذكر الملائكة ، ومسلم (2485) في الفضائل ، وأحمد 5 / 222، 223، والنسائي 2 / 48 في الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد ، والطبراني (3588) و(3589)، كلهم من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 10 / 453 في الأدب: باب هجاء المشركين، ومسلم (2485) (152) من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة / نقلاً عن سير أعلام النبلاء .[/FONT]
[FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot] )[/FONT][FONT=&quot] سهل همزة جرئ لتتسق السجعة مع البدري ، وهو على فعيل من جرؤ : إذا هجم على الامر بدون توقف.[/FONT]
[FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]سير أعلام النبلاء [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][14][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]خرجه السيوطي عن ابن مسعود ، وصححه الألباني [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]انظر صحيح الجامع [/FONT][FONT=&quot](3295). [/FONT]
[FONT=&quot][15][/FONT]
[FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]خرجه السيوطي ، وصححه الألباني [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]انظر صحيح الجامع [/FONT][FONT=&quot](2546) .[/FONT]
[FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]متفق عليه [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]خامساً ، الفوائد العلمية والدعوية : [/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]55 – أوجه الخير في حادثة الإفك : [/FONT]

[FONT=&quot] قال الله تعالى : "[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[/FONT][FONT=&quot] " ، ومن وجوه الخير في هذا الإفك : [/FONT]

[FONT=&quot]أولاً[/FONT][FONT=&quot] : أنّ من رُمي بهذا الإفك قد اكتسب ثواباً عظيماً ، لكونه ابتلي وظُلِم فصبر وعفا ، ومن صبر على البلاء فهو مأجور ، ومن عفا فهو من المحسنين الذين ادُّخِرت أجورهم عند الله . [/FONT]

[FONT=&quot] ثُمّ هذا الذي رُمي بالإفك ، وهو عائشة وصفوان رضي الله عنهما ؛ يأخذان من أجور وحسنات من رماهما وقذفهما وطعن في عرضهما ، فالمظلوم يأخذ من حسنات ظالمه كما في حديث المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج ، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا .... فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته أُخذ من سيئاتهم فطُرِحت عليه ثم طُرِح في النار [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] وأيضاً فخطايا من رُمِيَ ومن ابتُليَ فصبر ؛ تُكفّر ويغفرها الله سبحانه وتعالى . [/FONT]

[FONT=&quot] ثانياً : كل من أهمّه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]وأمر نسائه وأمر المؤمنين وأحزنه ؛ فهو مأجور ، فالهمُّ الذي يُصيب المؤمن يؤجر عليه المؤمن . [/FONT]

[FONT=&quot]ثالثاً [/FONT][FONT=&quot]: في المحن ؛ يظهر المُحب من المُبغض ، والصديق من العدو ، فيعرف المؤمنون المُحب لهم والمبغض لهم ، والصديق من العدو . [/FONT]

[FONT=&quot]رابعاً[/FONT][FONT=&quot] : إظهار عفة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبيان فضلها ، وبيان براءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]، وذلك في قرآن يُكتب في المصاحف ، ويُتلى في المحاريب ، ويُحفظ في الصدور ، وتعمر به قلوب أهل الإيمان . [/FONT]

[FONT=&quot]خامساً [/FONT][FONT=&quot]: تأديب المؤمنين وتعليمهم إذا حدثت لهم مثل هذه الأحداث ، وبيان كيفية التصرف في مثل هذه المواطن و المواقف [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot]56 -[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] هناك ذنوب قد لاتكفي لمحوها كلمة : " أستغفر الله " ، ولابُدّ مع التوبة منها من إقامة الحدّ :[/FONT]

[FONT=&quot] تتفاوت الذنوب وتتفاوت كفارتها ، فهناك الصغائر وهناك الكبائر : هناك كبائر الإثم والفواحش ، وهناك اللمم ، وهناك ذنوب بين ذلك قد تكفي معها كلمة أستغفر الله لإزالة أثر اللمم من النظرة إلى المحرم والاستماع إلى اللغو من الحديث ونحو ذلك ، ولكنها لاتكفي – إلاّ إذا شاء الله – لمحو أثر الكبيرة والمظالم المُتعلّقة بالعباد ، وها هنا فائدةٌ تَرِدُ نَوَدُّ أن نذكرها لِما لها من أهميّة . [/FONT]

[FONT=&quot] فحوى هذه الفائدة ؛ أنّ الذّنب كلما عظُم ؛ كلما احتاج معه إلى كفّارةٍ ظيمة ، توازيه وتُكافؤه أو تزيد عليه حتى تقضي عليه وتُدمّره وتُزيله وتذهب بأثره ، فإذا شبّهنا الذنب في حجمه بالكوب مثلاً ، فهذا الذنب يُزال ويُكسر بضربةٍ خفيفةٍ باليد ، وإذا زاد هذا الذنب وأصبح مثل الدَّورَق مثلاً ؛ فهذا يحتاج إلى دفعةٍ أقوى وضربةٍ أعظم كي يُكسر و يُزال ، وإذا زاد عِظم الذنب فشبّهناه بالجدار ، فهذا يحتاج إلى صاروخ كبير يزيله ويُفتته ويُدمّره ، فمثلاً : إذا نظر رجل إلى امرأة أجنبية ، فهذه النظرة تحتاج إلى استغفار وتوبة إلى الله عز وجل ، وإذا تجرّأ الشخص على المعصية وقبّل امرأة أو باشرها ( فيما دون الفرج ) ؛ فهذه الفعلة القبيحة تحتاج إلى أكثر من الاستغفار ؛ تحتاج إلى وضوءٍ حسن ، وصلاة ركعتين يُقبلُ فيهما العبد بقلبه على ربه سبحانه وتعالى ويُخلص فيهما الدعاء ، كما تحتاج إلى مزيد من الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله ، وإذا ازدادت الجُرأة وأقبل الشخص على الفاحشة – فاحشة الزنا – واقترفها ووقع فيها ؛ فهذا يحتاج إلى شيءٍ آخر : إلى حدٍّ من حدود الله ، وهكذا سائر الذنوب والكبائر . [/FONT]

[FONT=&quot] ومِن ثَمَّ اختلفت الكفّارات ، فكلما كبر الذنب ؛ عظُمت كفّارته ! فاليمين المُنعقدة كفّارتها إطعام عشرة مساكين إلى آخر ما ورد في الآية من قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [/FONT][FONT=&quot]" . ( المائدة/ 89 ) . [/FONT]

[FONT=&quot] والظّهار كفّارته أعظم ، وهو قول الرجل لزوجته : أنت عليّ كظهر أُمّي ، أو كظهر أُختي ... وهو منكر من القول وزور ، ومن ثَمَّ عظُمت كفّارته ، قال الله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [/FONT][FONT=&quot]" . ( المجادلة /3-4) . [/FONT]

[FONT=&quot] وكذلك من أفطر عامداً في نهار رمضان من غير عُذر . [/FONT]

[FONT=&quot] وهنا مَن صرّح بالقذف يُجلد ثمانين جلدة ، ولاتُقبلُ له شهادةٌ أبدا ويُعدُّ من الفاسقين ؛ إلاّ أن يتوب توبةً نصوحاً كما أسلفنا . [/FONT]

[FONT=&quot] والزاني يُجلد مائة جلدة ويُغرّب عاماً إذا كان بِكراً ، أمّا إذا كان مُحصناً (قد تزوّج) فيُرجم حتى الموت . [/FONT]

[FONT=&quot] وعلى هذا : فهناك ذنوب تكفي كلمة أستغفر الله لمحوها ، وهناك ذنوب لاتكفي لإزالتها كلمة أستغفر الله بمفردها ، بل تحتاج إلى صلاة ركعتين ؛ وهذا من الأسباب والمُسببات ، وإلاّ فالله قادرٌ على أن يغفر الذنوب ، ولو لم يستغفر العبد ، لقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء[/FONT][FONT=&quot] " . (البقرة / 284) . [/FONT]

[FONT=&quot] وهناك ذنوبٌ أخرى لا تكفي لها الركعتان فتحتاج إلى الفريضة والصلوات الخمس. [/FONT]

[FONT=&quot] وذنوب لاتكفي الصلوات الخمس لتكفيرها فتحتاج إلى الجمعة . [/FONT]

[FONT=&quot] وذنوب لاتكفي الجمعة لتكفيرها ، بل تحتاج إلى رمضان [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot] وذنوب تحتاج إلى عمرة ، وذنوب لاتكفي لها العمرة فتحتاج إلى الحج المبرور الذي يُكفّرُها[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot][4][/FONT].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] وذنوبٌ مَردُّ الأمر فيها إلى الله ؛ إن شاء أخذ بها العبد ، وإن شاء عفا عنه .[/FONT]

[FONT=&quot] وثَمَّ ذنوبٌ أخرى تتعلّق بالعباد وتستلزم التحلُّل من العباد ، يقول الله سبحانه وتعالى : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [/FONT][FONT=&quot]" . (البقرة/159 – 160) ، ونحو ذلك في قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] ". (المائدة/39) . [/FONT]

[FONT=&quot] [/FONT]

[FONT=&quot] ومِن ثَمّ رأى العلماء أنّ مَن رمى امرأةً بالزّنى وهي بريئة ؛ فعليه أن يُكذّب نفسه ويُظهر براءتها أمام الناس حتى تتم توبته [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]



[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرج مسلم في صحيحه [/FONT][FONT=&quot](2581) [/FONT][FONT=&quot]من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أتدرون من المفلس ؟ قالوا [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]المفلس فينا من لادرهم له ولا متاع ، فقال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إن المفلس من أمتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التسهيل لتأويل التنزيل [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بإضافة يسيرة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر [/FONT][FONT=&quot]" . ([/FONT][FONT=&quot]رواه مسلم[/FONT][FONT=&quot]/564) . [/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]: "[/FONT][FONT=&quot] العمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما ، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنة [/FONT][FONT=&quot]" . ([/FONT][FONT=&quot]متفق عليه[/FONT][FONT=&quot]) .[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]


[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التسهيل لتأويل التنزيل / تفسير سورة النور [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف وإضافة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]كانت هذه الفوائد المستخرجة من الآية الأولى من آيات البراءة الإلهية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .[/FONT]
[FONT=&quot]ويليه إن شاء الله :
[/FONT]

[FONT=&quot]الآية الثانية من آيات البراءة الإلهية لأمّ المؤمنين عائشة في حادثة الإفك :[/FONT]

[FONT=&quot]قوله تعالى : [/FONT]

[FONT=&quot] " لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ " .[/FONT][FONT=&quot] (النور/12) .
[/FONT]



سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
[FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]** الآية الرابعة : [/FONT]

[FONT=&quot] الآية الثانية من آيات البراءة الإلهية لأمّ المؤمنين عائشة في حادثة الإفك :[/FONT]

[FONT=&quot]قوله تعالى : [/FONT]

[FONT=&quot] " لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ " .[/FONT][FONT=&quot] (النور/12) . [/FONT]



[FONT=&quot]*** الفوائد المُستخرجة من الآية : [/FONT]

[FONT=&quot]أولاً ، الفوائد اللُّغوية والبلاغية : [/FONT]

[FONT=&quot]58 – توبيخ الله عز وجل للمؤمنين بعد خوضهم في حديث الإفك بـ : " لولا " ؛ التي بمعنى : " هلاّ " : [/FONT]
[FONT=&quot]" لَوْلا " هُنَا حَرْفٌ بِمَعْنَى (هَلَّا) لِلتَّوْبِيخِ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا إِذَا وَلِيَهَا الْفِعْلُ الْمَاضِي وَهُوَ هُنَا ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ ، وَأَمَّا : " إِذْ سَمِعْتُمُوهُ " ؛ فَهُوَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الظَّنِّ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ التَّوْبِيخِ جُمْلَةُ : " ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً " ، فَأَسْنَدَ السَّمَاعَ إِلَى جَمِيعِ الْمُخَاطَبِينَ وَخَصَّ بِالتَّوْبِيخِ مَنْ سَمِعُوا وَلَمْ يُكَذِّبُوا الْخَبَرَ.[/FONT]

[FONT=&quot] وَجَرَى الْكَلَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ فِي التَّوْبِيخِ بِطَرِيقَةِ التَّعْبِيرِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ دُونَ عَدَدِ الْجَمْعِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَظُنَّ خَيْرًا رَجُلَانِ ، فَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِالْمُؤْمِنِينَ وَامْرَأَةٌ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْمُؤْمِنَاتِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ : " الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ " . [آل عمرَان/173] [FONT=&quot][1][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot]59 – البلاغة في التعبير بالأنفس عن الآخرين في قوله تعالى :[/FONT][FONT=&quot]" ... ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً " : [/FONT]
[FONT=&quot]فهذا التعبير ينطوي على أبعد النُّكَت مرمىً ، وأكثرها حفولاً بالمعاني السامية ، والسر في هذا التعبير تعطيف المؤمن على أخيه ، وتوبيخه على أن يذكره بسوء ، وتصوير ذلك بصورة من أخذ يقذف نفسه ويرميها بما ليس فيها من الفاحشة، ولا شيء أشنع من ذلك .[FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]والتعبير بالأنفس عن الآخرين يهيب بالمؤمنين الى التعاطف واجراء التوبيخ على النفس بدلا من أن يذكره بسوء وذلك أدعى الى اصطناعه وجعله محمولا على الموالاة والاصطفاء وذلك بتصويره بصورة من أخذ يقذف نفسه ويرميها بما ليس فيها من الفاحشة[FONT=&quot][3][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot] وقد أخرج الطبري وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن أبيه ن بعض رجال بني النجار أن أبا أيوب خالد بن زيد قالت له امرأته أم أيوب : أما تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال : بلى ، وذلك الكذب ، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟ ! قالت : لا والله ما كنت لأفعله ، قال : فعائشة والله خير منك ، قال : فلما نزل القرآن ، ذكرَ اللهُ من قال في الفاحشة من أهل الإفك : " [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ[/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot]" ، وذلك حسان وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ، ثم قال : " لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ " ، أي كما قال أبو أيوب وصاحبته[FONT=&quot][4][/FONT] . [/FONT]
[FONT=&quot]وهذا صحيح كل الصحة وبراءة عائشة واضحة ومفهومة بالبداهة لدى كل منصف يفهم أن امرأة كعائشة لا تعرض نفسها لهذه الريبة أمام جيش وفي وضح النهار ولغير ضرورة مع رجل من المسلمين يتقي ما يتقيه المسلم في هذا المقام من غضب النبي وغضب المسلمين وغضب الله ، فتلك خلة تترفع عنها من هي أقل من عائشة منبتا ومنزلة وخلقاً وأنفة فكيف بها في مكانها المعلوم ، وهذا هو المفهوم للتعبير عن الآخرين من المؤمنين بالنفس ، حدا بامرأة أبي أيوب الانصاري إلى أن تنزل زوجها منزلة صفوان ونفسها منزلة عائشة ثم تثبت لنفسها ولزوجها البراءة والأمانة حتى تثبت لصفوان وعائشة بطريق الأولى .[/FONT]
[FONT=&quot]وهو ثانيا يحتمل أن يكون التعبير بالأنفس حقيقة والمقصود إلزام سيىء الظن بنفسه لأنه لم يعتد بنوازع الايمان ووزائعه في حق غيره وألفاه واعتبره في حق نفسه وادعى لها البراءة قبل معرفته بحكم الهوى لا بحكم الهدى[FONT=&quot][5][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot]60 - الالتفات في قوله تعالى : « ... ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ[/FONT][FONT=&quot] بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً » :[/FONT]
[FONT=&quot]وسياق الكلام أن يقول : لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم ، حيث عدل عن الخطاب إلى الغيبة ، وعن الضمير إلى الظاهر، ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات ، وليصرح بلفظ الإيمان ، دلالة على أن الاشتراك فيه يقتضي أن لا يصدّق مؤمن على أخيه ، ولا مؤمنة على أختها ، قول غائب ولا طاعن[FONT=&quot][6][/FONT].[/FONT]
[FONT=&quot]وَقَوْلُهُ : " بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً " ، وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ فَيَقْتَضِي التَّوْزِيعَ ، أَيْ ظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْآخَرِينَ مِمَّنْ رَمَوْا بِالْإِفْكِ خَيْرًا إِذْ لَا يَظُنُّ الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ .[/FONT]
[FONT=&quot]وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ " . [الحجرات/ 11] : أَيْ لا يَلْمِزُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَقَوْلِه ِ: " فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ " . [النُّور/ 61] .[/FONT]
[FONT=&quot]وَالْبَاءُ فِي بِأَنْفُسِهِمْ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ الظَّنِّ إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ هُنَا إِلَى وَاحِدٍ إِذْ هُوَ فِي مَعْنَى الِاتِّهَامِ.[/FONT]
[FONT=&quot]وَ الْمُبِينُ : الْبَالِغُ الْغَايَةَ فِي الْبَيَانِ ، أَيِ الْوُضُوحِ كَأَنَّهُ لِقُوَّةِ بَيَانِهِ قَدْ صَارَ يبين غَيره [FONT=&quot][7][/FONT].[/FONT]​

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التحرير والتنوير [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم وبيانه [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ، وفيه إبهام رجال بني النجار ولا أدري أهم صحابة أم لا [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]نقلاً عن التسهيل لتأويل التنزيل[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]إعراب القرآن الكريم وبيانه [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]الجدول في إعراب القرآن الكريم [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التحرير والتنوير [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
 
[FONT=&quot]ثانياً ، الفوائد التفسيرية : [/FONT]

[FONT=&quot]61 – ما كان لدرجة الإيمان التي حازها الصالحون أن تؤثر فيها الإشاعات المُغرضة : [/FONT]

[FONT=&quot] قوله تعالى: " لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً " ، هذا عتاب من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين في ظنهم حين قال أصحاب الإفك ما قالوا ؛ قال ابن زيد : ظن المؤمنون أن المؤمن لا يفجر بأمه ، قاله المهدوي ، وقيل : المعنى أنه كان ينبغى أن يقيس فضلاء المؤمنين والمؤمنات الأمر على أنفسهم فإن كان ذلك يبعد فيهم فذلك في عائشة وصفوان أبعد ، وقوله تعالى : " بِأَنْفُسِهِمْ " ؛ قال النحاس : معنى"بِأَنْفُسِهِمْ " : بإخوانهم . فأوجب الله على المسلمين إذا سمعوا رجلاً يقذف أحداً ويذكره بقبيح لا يعرفونه به أن ينكروا عليه ويكذبوه. وتواعد من ترك ذلك ومن نقله.[/FONT]

[FONT=&quot] قلت : ولأجل هذا قال العلماء : إن الآية أصل في أن درجة الايمان التي حازها الإنسان ، ومنزلة الصلاح التي حلها المؤمن ، ولبسة العفاف التي يستتر بها المسلم لا يزيلها عنه خبر محتمل وإن شاع ، إذا كان أصله فاسداً أو مجهولاً[FONT=&quot][1][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]**الآية الخامسة : [/FONT]
[FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot] الآية الثالثة من آيات البراءة الإلهية لأمّ المؤمنين عائشة في حادثة الإفك : [/FONT]
[FONT=&quot]قوله تعالى : [/FONT]
[FONT=&quot] " لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ " . [/FONT]
[FONT=&quot] (النور/13) .[/FONT]
[FONT=&quot] ***الفوائد المستخرجة من الآية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أولاً ، الفوائد اللُّغوية والبلاغية : [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]62– تكرار: " لولا " ؛ في آيات براءة عائشة رضي الله عنها ؛ هو تكرارٌ للتوبيخ والزجر : [/FONT]
[FONT=&quot] قوله تعالى : " لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ " : اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ لِتَوْبِيخِ الْعُصْبَةِ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ وَذَمٌّ لَهُمْ ، وَ (لَوْلَا) هَذِهِ مِثْلُ (لَوْلَا) السَّابِقَةِ بِمَعْنَى (هَلَّا) .[/FONT]
[FONT=&quot] وَالْمَعْنَى : أَنَّ الَّذِي يُخْبِرُ خَبَرًا عَنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ يَجِبُ أَنْ يَسْتَنِدَ فِي خَبَرِهِ إِلَى إِخْبَارِ مُشَاهِدٍ ، وَيَجِبُ كَوْنُ الْمُشَاهِدِينَ الْمُخْبِرِينَ عَدَدًا يفيد خَبَرُهُمُ الصِّدْقَ فِي مِثْلِ الْخَبَرِ الَّذِي أَخْبَرُوا بِهِ فَالَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ اخْتَلَقُوهُ مِنْ سُوءِ ظُنُونِهِمْ فَلَمْ يَسْتَنِدُوا إِلَى مُشَاهَدَةِ مَا أَخْبَرُوا بِهِ وَلَا إِلَى شَهَادَةِ مَنْ شَاهَدُوهُ مِمَّنْ يُقْبَلُ مِثْلُهُمْ فَكَانَ خَبَرُهُمْ إِفْكًا. وَهَذَا مُسْتَنِدٌ إِلَى الْحُكْمِ الْمُتَقَرَّرِ مِنْ قَبْلُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً " . (النُّور/4) . [/FONT]
[FONT=&quot] وَصِيغَةُ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ : " فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ " بتقديم الخبر الذي مُستحقه التأخير : لِلْمُبَالَغَةِ ؛ كَأَنَّ كَذِبَهُمْ لِقُوَّتِهِ وَشَنَاعَتِهِ لَا يُعَدُّ غَيْرُهُمْ مِنَ الْكَاذِبِينَ كَاذِبًا فَكَأَنَّهُمُ انْحَصَرَتْ فِيهِمْ مَاهِيَّةُ الْمَوْصُوفِينَ بِالْكَذِبِ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِيَحْذَرَ النَّاسُ أَمْثَالَهُمْ .[/FONT]
[FONT=&quot] وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ : عِنْدَ اللَّهِ لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ كَذِبِهِمْ ، أَيْ هُوَ كَذِبٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مُوَافِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ .[FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]


[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]التحرير والتنوير [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]ثانياً ، الفوائد الأصولية : [/FONT]

[FONT=&quot]63 – هل الكاذب هو الذي يكذب في ادّعائه ، أم أنه الذي يفشل في إثبات ادّعائه ؟[/FONT]
[FONT=&quot] قوله : " لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ " ، أَيْ : عَلَى مَا زَعَمُوا ، " فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِفَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ" ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَصِيرُونَ عِنْدَ اللَّهِ كَاذِبِينَ إِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ وَمَنْ كَذَبَ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَاذِبٌ سَوَاءٌ أَتَى بِالشُّهَدَاءِ أَوْ لَمْ يَأْتِ ؟ قِيلَ : " عِنْدَ اللَّهِ " أَيْ : فِي حُكْمِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ كَذِّبُوهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أي في شرعه ، وَقِيلَ : هَذَا فِي حَقِّ عَائِشَةَ ، وَمَعْنَاهُ : أُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ فِي غَيْبِي وَعِلْمِي[FONT=&quot][1][/FONT].[/FONT]
[FONT=&quot] وقال القرطبي في تفسيرقوله تعالى : " فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ " ؛ أي : هم في حكم الله كاذبون ، وقد يعجز الرجل عن إقامة البينة وهو صادق في قذفه ، ولكنه في حكم الشرع وظاهر الأمر كاذب لا في علم الله تعالى ، وهو سبحانه إنما رتب الحدود على حكمه الذي شرعه في الدنيا لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه ، فإنما يُبنى على ذلك حكم الآخرة ، قلت : ومما يقوى هذا المعنى ويعضده ما خرجه البخاري عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال : أيها الناس إن الوحى قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه ، وليس لنا من سريرته شي الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءاً لم نؤمنه ولم نصدقه ، وإن قال إن سريرته حسنة.[/FONT]
[FONT=&quot] وأجمع العلماء أن أحكام الدنيا على الظاهر، وأن السرائر إلى الله عز وجل[FONT=&quot][2][/FONT]، ومن هنا كانت القاعدة الكبرى : « البيّنة على من ادعى ، واليمين على من أنكر»[FONT=&quot][3][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot]ثالثاً ، الفوائد الفقهية :[/FONT]

[FONT=&quot]64 – القذف لابد معه من إقامة للحد : إمّا على القاذف ، وإمّا على المقذوف : [/FONT]
[FONT=&quot] قَوْلُهُ تَعَالَى : " لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ "، هَذَا تَوْبِيخٌ لِأَهْلِ الْإِفْكِ ، و" لَوْلا " بِمَعْنَى هَلَّا ، أَيْ : هَلَّا جَاءُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عَلَى مَا زَعَمُوا مِنَ الِافْتِرَاءِ ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ ، وَإِحَالَةٌ عَلَى الْآيَةِ السَّابِقَةِ : آيَةِ الْقَذْفِ ، وهي قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ[/FONT][FONT=&quot]فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ[/FONT][FONT=&quot] " . (النور/4) ، [/FONT][FONT=&quot]هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْقَاذِفِينَ ، وقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ سَبَبُهَا مَا قِيلَ فِي عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَقِيلَ : بَلْ نَزَلَتْ بِسَبَبِ الْقَذَفَةِ عَامًّا لَا فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ نَجِدْ فِي أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot]خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى تَصْرِيحِ الْقَذْفِ ، وَظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَغْنًى بِهِ دَالًّا عَلَى الْقَذْفِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ مُجْمِعُونَ ، [/FONT][FONT=&quot] وخص النساء بذلك وإن كان الرجال يشركونهن في الحكم لأن القذف فيهن أشنع وأنكر للنفوس، ومن حيث هن هوى الرجال[/FONT][FONT=&quot] ، وَرَمْيُهُنَّ بِالْفَاحِشَةِ أَشْنَعُ وَأَنْكَى لِلنُّفُوسِ. وَقَذْفُ الرِّجَالِ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْآيَةِ بِالْمَعْنَى ، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ. وَحَكَى الزَّهْرَاوِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى : وَالْأَنْفُسُ الْمُحْصَنَاتُ ، فَهِيَ بِلَفْظِهَا تَعُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ ، ولِلْقَذْفِ شُرُوطٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ تِسْعَةٌ : شَرْطَانِ فِي الْقَاذِفِ : وَهُمَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ ، لِأَنَّهُمَا أَصْلَا التَّكْلِيفِ ، إِذِ التَّكْلِيفُ سَاقِطٌ دُونَهُمَا ؛ وَشَرْطَانِ فِي الشيء المقذوف به : وهو أن يقذف بوطي يلزمه فيه الحد ، وهو الزنى وَاللِّوَاطُ ، أَوْ بِنَفْيِهِ مِنْ أَبِيهِ دُونَ سَائِرِ المعاصي ، وخمسة في الْمَقْذُوفِ : وَهِيَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعِفَّةُ عَنِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي رُمِيَ بِهَا ، كَانَ عَفِيفًا مِنْ غَيْرِهَا أَمْ لَا ، و اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صرح بالزنى كَانَ قَذْفًا وَرَمْيًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ ، فَإِنْ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ مَالِكٌ : هُوَ قَذْفٌ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَكُونُ قَذْفًا حَتَّى يَقُولَ أَرَدْتُ بِهِ الْقَذْفَ ، فمَالِكٌ طَلَبَ حِمَايَةَ عِرْضِ الْمَقْذُوفِ ، وَغَيْرُهُ رَاعَى حِمَايَةَ ظَهْرِ الْقَاذِفِ ، وَحِمَايَةُ عِرْضِ الْمَقْذُوفِ أَوْلَى ، لِأَنَّ الْقَاذِفَ كَشَفَ سِتْرَهُ بِطَرَفِ لِسَانِهِ فَلَزِمَهُ الْحَدُّ.[/FONT]
[FONT=&quot] وقال مسروق : مَنْ قَذَفَ زَوْجَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT=&quot]حُدَّ حَدَّيْنِ ، وقال ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَدٌّ وَاحِدٌ ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ " الْآيَةَ ، وَلَا يَقْتَضِي شَرَفُهُنَّ زِيَادَةً فِي حَدِّ مَنْ قَذَفَهُنَّ ، لِأَنَّ شَرَفَ الْمَنْزِلَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُدُودِ ، وَلَا نَقْصُهَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَدِّ بِتَنْقِيصٍ ، وقد دلت الأخبار الواردة فيمن حُدُّوا في حادثة الإفك بأنّ حدّهم كان ثمانين جلدة . [/FONT]
[FONT=&quot] وقَوْلُهُ تَعَالَى : " ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ " ، الَّذِي يَفْتَقِرُ إِلَى أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ دُونَ سائر الحقوق هو الزنى ، رَحْمَةً بِعِبَادِهِ وَسَتْرًا لَهُمْ.[/FONT]
[FONT=&quot] وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ هَلْ هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْهُمَا : الْأَوَّلُ - قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالثَّانِي - قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ ، وَالثَّالِثُ - قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ؛ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ حَقًّا له تَعَالَى وَبَلَغَ الْإِمَامَ أَقَامَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفُ ، وَنَفَعَتِ الْقَاذِفَ التَّوْبَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَتَشَطَّرُ فِيهِ الْحَدُّ بِالرِّقِّ كالزنى ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَلَا يُقِيمُهُ الْإِمَامُ إِلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ ، وَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِ ، وَلَمْ تَنْفَعِ القاذف التوبة حتى يحلله المقذوف .[/FONT]
[FONT=&quot] وقد تضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف :[/FONT][FONT=&quot]جَلْدُهُ ، وَرَدُّ شَهَادَتِهِ أَبَدًا ، وَفِسْقُهُ[FONT=&quot][4][/FONT]، هذا إن لم يأت بأربعة شهداء يثبتون صدق دعواه ، ووقوع المُدَّعَى عليه في الفاحشة التي رُمي بها ، فإن ثبت صدق القاذف في دعواه بشهادة الشهود الأربعة [/FONT][FONT=&quot]؛ وجب حينها إقامة الحد على المقذوف بحسب حاله [/FONT][FONT=&quot]، ولما خاض الخائضون بإفكهم في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ولم يكن لهم شهداء يثبتون صدق دعواهم فيها ، فقد انتفت عنها التهمة بدليل مادي ، وهو انتفاء شهود إثبات الحالة وانعدامهم لانعدام وقوعها في الفاحشة من الأساس ، والدليل المعنوي في الآية التي قبلها ، وهي قوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ[/FONT][FONT=&quot]" ، فهي فوق الشبهات من غير مراء ولا جدال ، وليست أبداً محل تهمة بحال من الأحوال ، فاستحقت أن تنزل فيها براءة إلهية تتلى على الألسن التي تتعفف عن الخوض في عرض حرم رسول الله[/FONT][FONT=&quot]r[/FONT][FONT=&quot] المصان بكلام الله تعالى ، المنزل من فوق سبع سماوات : " [/FONT][FONT=&quot]وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[/FONT][FONT=&quot]" . (التوبة/40) . [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير البغوي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف يسير [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]نقلاً [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال [/FONT][FONT=&quot]: " [/FONT][FONT=&quot]لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى ناس دماء رجال وأموالهم ، ولكن اليمين على المُدَّعَى عليه [/FONT][FONT=&quot]" . ([/FONT][FONT=&quot]رواه مسلم[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]، وفي شرحه للنووي أنه قال [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]وجاء في رواية البيهقي بإسناد حسن أو صحيح زيادة عن ابن عباس مرفوعاً [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]لكن البينة على المُدَّعِي واليمين على من أنكر[/FONT][FONT=&quot] . ([/FONT][FONT=&quot]صححه الألباني [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]مشكاة المصابيح[/FONT][FONT=&quot]) .[/FONT]
[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير القرطبي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف وإضافة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رابعاً ، الفوائد التربوية والإيمانية : [/FONT]

[FONT=&quot]65- وجوب التثبت والتبين قبل إلقاء التهم بحسب كل حالة : [/FONT]

[FONT=&quot] ينبغي على الإنسان إذا سمع النقيصة في المؤمن ألاَّ يعجل في تصديقها ، وقد قرر العلماء رحمهم الله أن الإنسان لو نقل المقالة التي تشتمل على الطعن في الإنسان ؛ ولو كان على سبيل الحكاية ، فإنه آثم والعياذ بالله ، وقد توسع الناس في ذلك ، فهناك أناس يقدحون في الناس على اختلاف طبقاتهم ، فيقدحون في العامة ، ويقدحون في الخاصة ، ويلصقون التهم بهم ، وقد تصل التهمة إلى الدين والعياذ بالله ، والخروج من الملة ، وكل ذلك لا يجوز كما قلنا ، فقد يتهم القاضي في حكمه ، ويقال : إنه مرتشٍ ، وهو أبعد ما يكون عن الرشوة ، وأنزه ما يكون عنها ، فيأتي إنسان مغفل لا يراقب الله في أعراض المسلمين ، فيسمع مفتوناً يتكلم في ذلك القاضي على سبيل المثال ، أو يسمع عدواً للقاضي يقول مقالته التي يطعن فيه بها ، فيقول : إنه غير عالم ، أو يأخذ الرشوة ، أو يجور في حكمه ، أو يستعجل في حكمه ، فيأتي ويقول : تقول الناس في فلان كذا وكذا ، وقد يأتي داعية إلى الله له بلاء ورسوخ ، وحسن بلاءٍ في الساحة ، فيقول رجل فيه : فيه كذا وكذا ، وقد يكون من أجهل الناس بذلك العالم والداعية ، فيقول فيه ما يقول ، فيأتي إنسان ويحمل هذه المقالة فيقول : يقال في فلان كذا وكذا .[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الكلام الذي نقله على هذا الوجه يعتبر إثماً عليه والعياذ بالله ، ولو نقله غيره ولو على سبيل الحكاية فإنه يعتبر آثماً.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا كله يدل على سمو منهج الشرع في علاج الشائعة ، فأحسن علاج في رد بلاء الشائعات التي تشتمل على أذية الناس في أعراضهم ، هو : [/FONT]
[FONT=&quot]- ما بيَّنه القرآن بعد تثبت واستبيان.[/FONT]
[FONT=&quot]- والأمر الثاني : أنه ينزل نفسه منزلة المتكَلَّم فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد أشار الله إلى هذين العلاجين بقوله: " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [/FONT][FONT=&quot]" . (الحجرات/6) ، أي : نادمين في الدنيا على إصابة الذنب ، ونادمين في الآخرة بما يلحقكم من العذاب والعقوبة والعياذ بالله ، وأشار الله إلى العلاج الثاني ، وهو الكف عن نقل الشائعات بحسن الظن ، وتنزيل الناس منازلهم ، والبقاء على البراءة الأصلية بقوله : " [/FONT][FONT=&quot]لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ[/FONT][FONT=&quot] " . (النور/12) ، فهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يكف عن الشائعة وألاَّ يعتني بنقلها ، حتى يتثبت ويتبين من صدق ما قيل بالأدلة والبراهين[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] ، ولمّا كان القذف بالزنا من أعظم التهم ، كان لابدّ من التثبت منه بالدليل القاطع ، حتى لا يتجرأ جريء أو يفتر مُفترٍ على أعراض الناس ، ولذا وجب إقامة الدليل والبرهان على صدق ادعاء المُدّعي بأربعة شهداء عدول يشهدون على صدق كلامه بأنهم رأوا ما رأى وعلموا عن المقذوف ما علم ، ومثل هذه التهمة لابد معها من إقامة الحد : إمّا على المُدّعَّى عليه بثبوت تهمة الزنا ولايكون إلا بأربعة شهداء ، وإمّا على المُدّعِي الذي لم يأت بدليل صدق دعواه وهم الشهداء الأربعة ، ومعلوم حد الزاني المحصن وغير المحصن وكذلك حد القاذف بالزنا . [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ) [/FONT][FONT=&quot]تفسير سورة النور للشنقيطي [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]المكتبة الشاملة [/FONT][FONT=&quot]/ [/FONT][FONT=&quot]بتصرف وإضافة [/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
[FONT=&quot]الآية الرابعة من آيات البراءة الإلهية لأمّ المؤمنين عائشة في حادثة الإفك : [/FONT]

[FONT=&quot]قوله تعالى : [/FONT]

[FONT=&quot] " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " . [/FONT]

[FONT=&quot] (النور/14) .
[/FONT]
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
[FONT=&quot][/FONT]
 
عودة
أعلى