الفوائد المنتقاة من (منتخب المنثور من الحكايات والسؤالات) ودراسته

أبو مالك العوضي

فريق إشراف الملتقى المفتوح
إنضم
12/08/2006
المشاركات
737
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
( منتخب المنثور من الحكايات والسؤالات )
للإمام الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي (448 - 507)
دراسة وتحقيق: عبد الرحمن قائد​

صدر الكتاب عن دار الصميعي 2009، وتمثل الدراسة ثلاثة أرباع الكتاب تقريبا، ومع ذلك فهي من أمتع ما قرأت للمعاصرين، حتى إني أتيت على الكتاب كاملا في ليلة واحدة، وهو أكثر من 400 صفحة.
ولم يكن الكتاب ليثير انتباهي لقراءته لولا إشارة أستاذنا الدكتور أجمل الإصلاحي بالاطلاع عليه، وقال لي: اقرأه فسيعجبك !

وقد أبان الأستاذ المحقق ( عبد الرحمن قائد ) في الكتاب عن سعة في الاطلاع، وتمكن في الفن، وإجادة في الدرس، وصبر على البحث، فجزاه الله خيرا، ونفع الله به.

وإليكم الفوائد المنتقاة من الكتاب.
أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي
 
21
[شهرة المؤلف باسم ابن القيسراني]
كذا ذكر هؤلاء وغيرهم من مترجميه يتابع الآخر فيهم الأول، مع أنه لا يكاد يعرف بهذه النسبة [ابن القيسراني] في كتب أهل العلم من تقدم منهم أو تأخر، وإنما يعرف بمحمد بن طاهر المقدسي وبالمقدسي وبمحمد بن طاهر وبابن طاهر وبأبي الفضل بن طاهر وبأبي الفضل المقدسي، وقيدها الصفدي فقال: عرف في وقته بابن القيسراني ولا يخلو ذلك من نظر أيضا.

40
وضع الدرهم في الفم، وينظر: الأنساب 1/61

41
لأجل حديث أبي زرعة الرازي الذي أخرجه مسلم عنه في الصحيح
برقم 2739 ولم يرو مسلم عنه في الصحيح غيره

43
وقال [ابن طاهر] مخبرا عن نفسه: بلت الدم في طلب الحديث مرتين: مرة ببغداد ومرة بمكة وذلك أني كنت أمشي حافيا في حر الهواجر بهما فلحقني ذلك.

44
قال السمعاني: سمعت من أثق به يقول: قال [شيخ الإسلام أبو إسماعيل] عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون سريع القراءة سريع النسخ سريع المشي، وقد جمع الله هذه الخصال في هذا الشاب، وأشار إلى ابن طاهر، وكان بين يديه.

72
وقيل إنه [الحافظ] منسوب إلى حفظ الثياب في الحمامات، وأهل بغداد يسمون من يتولى ذلك الحافظ.
 
117
الفرخزادي
هذه نسبة غريبة لعلها إلى الجد، وهو اسم أعجمي. انظر معجم شيوخ ابن عساكر (85، 524، 884، 1134، 1389) وضبطتها المحققة في المواضع الخمسة على خمسة أنحاء مختلفة!

142
قال العلامة المعلمي: وكلمة "عاجله الموت" قد يستعملها المحدث في ذلك العصر [القرن الخامس] لمن مات عن بضع وخمسين سنة لأنهم في ذاك العصر إنما كانوا يتحرون السماع من المعمرين؛ رغبة في علو السند ويؤخرون السماع ممن دون الستين ظنا بأنه سيعمر ولا يفوتهم.

151
.. ما اسم عبدان فقال: عبد الله بن عثمان بن جبلة، فقال: ولم قيل له عبدان؟ فوقفت فتسبم فنظرت إليه بعينٍ أخرى! وقلت: يذكره الشيخ. فقال: كنيته أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله فاجتمع في كنيته واسمه العبدان فقيل له عبدان، ففرحت بهذه الفائدة فقلت له عن من سمعت هذا؟ فقال: عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي.

157
حتى هيأ الله لهذا مؤرخا نزع به هواه وميله لأهل الظاهر إلى التنقير عن ترجمة ابن طاهر وتقفي أخباره وتقفر آثاره فاستخرج من مصدر قديم لم يفصح عن اسمه جريدة مصنفاته وساقها على الوجه نافضا عنها غبار السنين فأحيا رميم عنواناتها بعد أن مزقت بعضها اجتهاداتُ النقلة وطوت معظمها غفلاتُ الأيام.

170
[ابن طاهر] وكنت في تحريري هذا النوع مقدما مرة ومؤخرا أخرى، حتى دخلت نيسابور فرأيت في بعض تخاريج الحاكم أبي عبد الله الحافظ رحمه الله حديثا لإسماعيل بن عياش عن مطعم بن المقدام الصنعاني فقال عقيبه: تفرد به الشاميون عن اليمانيين، واعتقد أن مطعما هذا من صنعاء اليمن، وإنما هو من صنعاء قرية بباب دمشق، نزلها جماعة من الصحابة وخرج منها غير واحد من المحدثين ...

أشار ابن طاهر إلى كثرة أوهام الحاكم في غير موطن وتحامل عليه، فمن ذلك قوله في مذاهب الأئمة في تصحيح الحديث (99) بعد أن نقض كلامه في شرط الشيخين: ولو اشتغلنا بنقض هذا الفصل الواحد في التابعين وأتباعهم ومن روى عنه إلى عصر الشيخين لأربى على كتابه (المدخل) أجمع، إلا أن الاشتغال بنقض كلام الحاكم لا يسدي فائدة، وله في سائر كتبه مثل هذا كثير عفا الله عنا وعنه. وقال في الأنساب المتفقة (61) بعد أن نبه على وهم وقع له: وليس هذا من وهمه بمستنكر

185
حديث أبي الأزهر بمتابعاته

198
الشوازك [ينظر ص 256]
جمع شوزك وهي الرقعة في الثوب يختلف لونها وجنسها عنه، ولم أجدها في المعاجم وتطلق اللفظة في العصر المملوكي على الضلع من أضلاع المظللة. انظر معجم تيمور 4/234

199
[صفوة التصوف]
[ابن طاهر] فاستخرت الله تعالى وصنفت هذا الكتاب على سبيل الاختصار يشتمل على سننهم [الصوفية] التي ينفردون بها وينسبون إليها، في حضرهم وسفرهم وأكلهم وشربهم ومحاوراتهم وألفاظهم ومعاشراتهم وآدابهم، ونحو ذلك مما اشتهر بهم وإن كان غيرهم يستعمله إلا أنه بهم أشهر وإليهم ينسب فأتبعته ما يليق به من السنن وجعلته مرتبا على فصول أولها كتاب العبادات ..

وقال ابن الجوزي: صنف كتابا سماه: صفوة التصوف، يضحك منه من يراه ويعجب من استشهاده على مذاهب الصوفية بالأحاديث التي لا تناسب ما / يحتج له من نصرة الصوفية [المنتظم 9/178]
 
210
(مذاهب الأئمة في تصحيح الحديث)

وطبعه بالاسم الأخير [شروط الأئمة الستة] سنة 1357 حسام الدين القدسي بالقاهرة ثم طبع مرات آخرها بتعليق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة سنة 1417 ضمن مجموع فيه ثلاث رسائل في علم مصطلح الحديث.

211
التسمية هي البسملة عند جمهور أهل العلم نصا واستعمالا، وقيل البسملة قول بسم الله الرحمن الرحيم ولاتسمية ذكر الله بأي لفظ كان

221
فأما قول أبي الفضل بن ناصر عنه: كان يصحف؛ قرأ: وإن جبينه / ليتقصد عرقا، بالقاف، فقلت: إنما هو يتفصد بالفاء، فكابر، وقال: ما هو إلا بالقاف = فتهويل منه، على عادته في النيل من ابن طاهر والتحامل عليه، فأتى بـ(كان) التي تفيد الدوام والاستمرار، ليوهم أن التصحيف من شأن ابن طاهر وعادته، وهو بغي وتعسف، ومن ذا الذي عرى عن التصحيف فلم يقع له يوما من دهره؟! فكيف ولما ذكره ابن طاهر توجيه ولما قاله سلف؟!

224
[ابن طاهر] إنني لما نشأت كنت على مذهب أخذته تقليدا؛ إذ الصبي يكون مذهبه قبل التمييز مذهب أبويه وأهل بلده، فكنت على ذلك حينا أعتقد صحته جهلا مني بطرق الأحاديث التي هي المرقاة المتوصل بها إلى معرفة ذلك فلما رزقني الله تعالى من العلوم أجلها وأنفعها عاجلا وآجلا، دعاني ذلك إلى تناول الصحيح مما نقل عن صاحب الشريعة وتركي ما سواه

226
وزعم الكوثري أن ابن طاهر تلقى مذهب أهل الظاهر عن الحميدي لأنه وجده روى عنه في كتابه شروط الأئمة!
وفي ذلك نظر من وجوه:
الأول أن ابن طاهر لم يكثر الأخذ عن الحميدي ولم تطل صحبته له .....
الثاني أن الحميدي حين رحل إلى المشرق سنة 448 بعد اضطهد شيخه ابن حزم وشدد عليه بالأندلس واستوطن بغداد لم يكن متصديا لنشر الفقه بل ولا متظاهرا بالانتساب إلى أهل الظاهر.

227
ولم أره [ابن طاهر] ذكر ابن حزم في كتبه إلا مرتين إحداهما للرد عليه ...
[ابن طاهر] ولابن حزم جواب مشهور في الطعن في حديث تزويج أبي سفيان بنته أم حبيبة للنبي صلى الله عليه وسلم وحديث شريك بن أبي نمر عن أنس في الإسراء.
فرد عليه ابن طاهر في كتابه (الانتصار لإمامي الأمصار) ردا عنيفا / وحمل عليه وعلى الحميدي، ومما قال فيه: (ورأيت لأبي عبد الله الحميدي بخط يده: ذكرت للقاضي الفقيه أطال الله مدته وقرن بالسلامة أوبته حديثين يتبعها الحفاظ على روايتها وأخرجت في الصحيح على ذلك لغرض وعلة وقعت لمخرجهما ...
ثم قال: والحميدي سلك طريق أستاذه في التحريف!! لأنه نسب البخاري ومسلما إلى أنهما أخرجا هذين الحديثين لغرض وقع لهما، مع العلم بعلتهما، وهذا ارتكاب كبيرة في حقهما، فإنهما معروفان بالإنصاف غير متعصبين لفرقة.
وذكر كلام ابن حزم في حديث ابن عباس ثم قال: هذا كلامه بعينه ورمته وهو كلام رجل مجازف هتك فيه حرمة كتاب مسلم وصار إلى الغفلة عما اطلع هو عليه وصرح أن عكرمة بن عمار وضعه وهذا ارتكاب لطرق لم تسلكها أئمة النقل أو علماء الحديث؛ فإنا لا نعلم أحدا منهم نسب عكرمة إلى الوضع البتة.
وقال: إن كلامه في شريك لم يسبقه إليه أحد من أئمة الجرح / والتعديل، بل قبلوه ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم واحتجوا به.
وقال: وبذلك صح ما رسمناه، وأن البخاري ومسلما في تخريجهما هذا الحديث مصيبان، وأن المعترض عليهما دخل عليه الوهم في نقده عليهما، لأنه وإن كان إماما مفتيا في علوم شتى، إلا أن كلامه على هذا الحديث يدل على أنه لم يسلك طريق الحفاظ في تعليل الحديث .. واعلم أن إنكارهما لم يصدر عن معرفة صحيحة بعلم الحديث وصناعته، إنما ورد من جهة أخرى،وهي أنهما استبشعا هذه اللفظة وأنكراها، ولم يجدا طريقا إلى رفعها إلا من هذا الوجه الذي انتقض عليهما، ثم إن القرآن والسنة غير خاليين من هذا النوع، وأخبار الصفات غير عارية من مثل هذا الفن الذي أنكراه، على أنهما ممن يثبت الصفات ويؤمن بها.

230
بل عده [مذهب داود] محمد بن أحمد المقدسي البشاري (ت 380 تقريبا) رابع المذاهب الفقهية المستعملة في زمانه بدل مذهب أحمد.
[أحسن التقاسيم للمقدسي 288]

230
قال عنه أبو الحسن محمد بن أبي طالب عبد الملك الكرجي الإمام الفقيه (ت 532) ما كان على وجه الأرض له نظير، وكان داودي المذهب، قال لي: اخترتُ مذهب داود. قلت: ولم؟ قال: كذا اتفق. !
ويشبه أن يكون هذا الجواب من ابن طاهر قد خرج على وجه المزاح، تخلصا من جواب طويلا لا تواتيه حاله على الإفاضة فيه تلك الساعة، وإلا فاقتناعه بالأخذ بالظاهر واحتجاجه عليه وموافقته لطبعه أمر بين.

234
متى يستريح القلب والقلب متعب = ببين على بين وهجر على هجر
...
دع التصوف والزهد الذي اشتغلت = به جوارح أقوام من الناس
وعج على دير داريا فإن به الر = هبان ما بين قسيس وشماس
واشرب معتقة من كف كافرة = تسقيك خمرين من لحظ ومن كاس
ثم استمع رنة الأوتار من رشإ = مهفهف طرفه أمضى من الماس
غنى بشعر امرئ في الناس مشتهر = مدون عندهم في صدر قرطاسي
لولا نسيمٌ بذكراكم يروحني = لكنت محترقا من حر أنفاسي
[الأخير لريسان العذري]

236
على عادة العلماء الذين أخذوا بحظ من الأدب يقول أحدهم الأبيات على طراز ما عرف من شعراء زمانه كما ينقل عن ابن سريج وغيره
[كما اعتذر المعلمي في التنكيل للخطيب البغدادي عما نسب إليه من أبيات من جنس شعر ابن طاهر]
/ والشعراء يقولون ما لا يفعلون كما أخبر الله عنهم، ولذا لم تقم عليهم الحدود بما يقع في شعرهم من إقرار بما يستوجب الحد.
 
242
قال السلفي: سمعت محمد بن طاهر يقول: كتبت صحيح البخاري ومسلم وأبي داود سبع مرات بالوراقة وكتبت سنن ابن ماجه عشر مرات بالوراقة، سوى التفاريق بالري.

252
فما باله [الذهبي] غفر الله له حكم على تصوف ابن طاهر بالانحراف عن السنة مع أنه لا يختلف فيه عن شيوخه الذين سميتُ بعضهم وأطرى هو ذكرهم كما رأيت ولم يعب عليهم تصوفهم، لكني أحسبه تأثر بكلام الدقاق الآتي / وتهمته لابن طاهر بسلوك طريق الملامة ودعواه وابن ناصر أنه كان يذهب مذهب الإباحة، وإن هو رد عليهما دعواهما، فكأنه بحكمه ذاك رأى أنه توسط في أمره.

254
كما أنه بكتابه الذي صنفه في تخريج أحاديث الشهاب للقضاعي والكلام عليها وأسماه الكشف عن أحاديث الشهاب ومعرفة الخطأ فيها والصواب = قد نهج نهجا سار عليه أهل العلم بعده بإفراد المصنفات في تخريج أحاديث الكتب.
فهذان نوعان من أنواع التصنيف في علم الحديث هو ابن بجدتها وأبو عذرتها، وحامل رايتها، أفتكون تلك الغيرة على السنة النبوية المطهرة والذب عنها وإنفاق العمر في سبيلها من صوفي منحرف؟
قال أبو نصر الفاشاني: كنت إذا أتيت هبة الله الشيرازي بالرباط [يعني رباط الصوفية وكان هبة الله صوفيا محدثا] أخرجني إلى الصحراء وقال: اقرأ / هنا، فالصوفية يتبرمون بمن يشتغل بالعلم والحديث يقولون: يشوشون علينا أوقاتنا.

257
أنه كان شديد الإنكار على من ينتهك حرمات الشريعة من ضلال المتصوفة ومنحرفيهم كما سيأتي في إنكاره على الملامتية.
ومن شواهد ذلك قوله في عصريه أحمد بن محمد الغزالي (ت 520) وهو صوفي ضال معظم عند الصوفية يقول بالشاهد ويفتري الكذب (لا يرجع إلى دين ومعتقد) وحكى بعض ضلالاته.
ومن الطريف أن يقول المناوي في طبقات الصوفية في ترجمة أحمد / الغزالي هذا بعد أن فخم أمره وأثنى على سيرته: وقد رماه ابن طاهر وابن الجوزي بأشياء على عادة المحدثين والفقهاء مع الصوفية!!

261
ومن طالع رسالة الدقاق هذه التي وصف فيها أحواله وشيوخه وأقرانه علم مبلغ تشدده وتعنته رحمه الله.

262
وتعصب ابن ناصر وتعسفه وعترسته في الحط على جماعة من أهل العلم من مشهور أمره.
قال السمعاني وهو تلميذه ومن أعرف الناس به بعد أن أثنى عليه بما هو له أهل: غير أنه يحب أن يقع في أعراض الناس ويتكلم في حقهم كان يطالع هذا الكتاب [يعني ذيله على تاريخ بغداد] ويلحق على حواشيه بخطه ما يقع له من مثالبهم والله يغفر له.
...
وقال ياقوت: وكان مع علمه بالحديث إلا أنه كان وقاعة في العلماء مغرىب المثالب، وكان ابن ناصر شافعيا ثم صار حنبليا، فبلغني أنه أعاد صلاته التي صلاها وهو شافعي منذ احتلم إلى أن تحنبل، وأنه غسل جميع ما في منزله من آلة وفرش وثياب حتى جدار داره! فحكمتُ على الشيخ ابن ناصر بالجهل وقلة العقل والتصور وعظم التهور. ومما بلغني من جهله وقلة عقله / أنه أراد ذم أبي بكر الخطيب صاحب التاريخ، فضاقت مسالك الذم عليه، فقال: إنه كان فاسقا يعشق والدي! وكان والدي يلازم صحبته لذلك ويكثر فوائده.

269
ومن أكبر عيوب كتاب ابن طاهر أنه لم يميز فيه بين الأمرين [السماع على وجه اللهو، وعلى وجه العبادة] مع أنه مصنف للصوفية، بل كما قال السيف المقدسي: إنه سئل عن شيء فأجاب عن غيره، وعن أمر يجمع أشياء متعددة فذكر بعض أوصافه مفردة.

270
وقال [الذهبي] معلوم جواز النظر إلى الملاح عند الظاهرية وهو [ابن طاهر] منهم.
والعجب أنهم على قدر يبسهم وقسوتهم في التمسك بالظاهر، انماعوا / في باب العشق والنظر وسماع الملاهي، فوسعوا هذا الباب جدا، وضيقوا باب المناسبات والمعاني والحكم والعلل الشرعية جدا [روضة المحبين 172]
 
271
قال السلفي: كان فاضلا يَعرف، ولكنه كان لحنة. حكي لي المؤتمن / [الساجي] قال: كنا بهراة عند [شيخ الإسلام] عبد الله الأنصاري، وكان ابن طاهر يقرأ ويلحن، فكان الشيخ يحرك رأسه ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

273
وقد عد الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته 1/138 الغزالي أحد الخمسة الذين هم أعظم كتاب العربية
[[نص كلامه: إن ابن عربي واحد من الكتاب الخمسة الذين هم أعظم كتاب العربية: الجاحظ وأبو حيان التوحيدي والغزالي وابن خلدون]]

274
وقد رمي جماعة من الأعلام باللحن وشهروا به،
[منهم إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، وعوف بن أبي جميلة، وحماد بن أسامة، وأبو حنيفة، وربيعة الرأي، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وهشيم بن بشير وغيرهم]
بل قد لحن ولحن طائفة من النحاة حتى صنف فيهم عمر بن شبة (ت 262) كتاب (من كان يلحن من النحويين)

275
وتعصب ابن عساكر على من يخالفه في المذهب ومحاولته الغض من / علمه وقدره مما تداعى شواهده

277
وما أحسن ما علق المعلمي على ذلك بقوله: بلغني أخت زعموا، فإذا رأيت العالم يمتطيها للغض من مخالفيه فاعلم أنها مطية مهزولة ألجأته إليها الضرورة.

281
وقد وقفت على مثال آخر لمبالغة ابن النجار وتحامله في النقد.
صنف أبو الحسن القطيعي محمد بن أحمد بن عمر بن الحسين (ت 634) كتابا ذيل به على مذيل ابن السمعاني على تاريخ بغداد سماه درة الإكليل في تتمة التذييل، فترجم له ابن النجار وقال عن كتابه: أذهب جل عمره فيه وأظهره في آخر عمره وطالعته فرأيت فيه من الغلط والوهم والتصحيف والتحريف كثيرا، ووقفته على وجه الصواب فيه فلم يفهمه! وقد نقلت عنه أشياء ونسبتها إليه ولا يطمئن قلبي إليها والعهدة عليه فيما قاله فإنه لم يكن محققا فيما ينقله ويقوله عفا الله عنا وعنه.

304
ومن ذلك [طريقة المنتخبات]: المنتخب من ذيل المذيل للطبري، والمنتخب من صوان الحكمة لأبي سليمان المنطقي، ومختصر الأمثال لأبي عبيد، ومختصر كتاب البلدان لابن الفقيه، ومختصر كتاب العصا لأسامة بن منقذ، وتلخيص كتاب الاستغاثة لابن تيمية وغيرها مما لا يعرف منتخبوها أو مختصروها.
[أفادني بالمنتخب من ذيل المذيل وما بعده أخي العزيز البحاثة الشيخ محمد عزير شمس وفقه الله لكل خير، وقد أمدني بقامة لكتب مطبوعة ومخطوطة من هذا النوع (انتخبتُ) بعضها وذكر لي أن تلخيص كتاب الاستغاثة لا يشبه أن يكون من عمل ابن كثير ولا هو من طريقته، ولا عبرة بما كتب على لوحة عنوانه، وأن ما طبعه الأستاذ عبد السلام هارون في نوادر المخطوطات على أنه كتاب العصا ليس إلا مختصرا له، وكذا ما طبعه عبد الرحمن بدوي على أنه صوان الحكمة هو منتخب منه].

308
جمع ابن طاهر رحمه الله تعالى في هذا الكتاب فوائد شتى مما وقع له واعتنى بتدوينه في رحلته ومسيرته الطويلة في طلب العلم، من مذاكرات جرت بينه وبين بعض أقرانه أو فوائد قيدها عن شيوخه أو أصحابه أو أقاربه أو حكايات ذات عبرة وقعت له أو لغيره أو معلومات تتصل بسيرته.
وهي في عامتها أخبار ومرويات تعكس شخصيته الميالة إلى النقل الولوعة بالرواية، البعيدة عن الخوض في دقائق الفقه والكلام ومشكلاتهما، شأن كثير من أهل الحديث في عصره وقبله، ولا تكاد تخرج عن العلم الذي أخلص له حياته، وقضى فيه عمره، وهو الحديث بفروعه وفنونه إلا إلى الجانب الآخر الذي كان رفيقه ومهذب طبعه وصيقل نفسه وهو التصوف.

309
ومن ذلك الكلام عن تجوز أبي نعيم الأصبهاني في الرواية بالإجازة بـ(أخبرنا) وتساهل الحاكم في التصحيح
 
323
عن صالح جزرة: الأحول في المنازل مبارك؛ يرى الشيء شيئين.
سمعت أبي أبا الحسن طاهر بن علي يقول: الأحولُ خفيف الروح والأعور ثقيل الروح، وذلك أن الأحول يرى الشيء شيئين، والأعور / يرى الشيئين شيئا واحدا.

327
وأصل الخلاف بينهما [ابن مندة وأبي نعيم] مسألة اللفظ بالقرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ وهي مسألة مشؤومة كما قال الإمام البخاري (انظر السير 12/457) صعبة كما قال الذهبي (انظر العلو 192) اضطربت فيها العقول، ووقع بسببها نزاعٌ وفرقة بين أهل السنة، وجلهم قصد وجها من الحق وعزب عنه آخر.
فمال ابن منده إلى جانب من يقول إن التلاوة غير مخلوقة وصنف كتابه في الرد على اللفظية، ومال أبو نعيم إلى جانب القائلين بأنها مخلوقة، وصنف في ذلك كتابه في الرد على الحروفية الحلولية، وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصوده لا على جميعه، فما قصده كل منهما من الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه.
والحق في منع إطلاق القول بأحد هذين المذهبين لما في ذلك من الإجمال المحتمل للمعنى الباطل، بل القرآن كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله بألفاظه ومعانيه وأفعال العباد وأصواتهم مخلوقة، وإذا قرأ العبد القرآن فالصوت صوت القاري / والكلام كلام الباري.

329
أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني دخل بغداد وأقام بها مدة ولم يذكره أبو بكر الخطيب في التاريخ.
وسألني أبو غالب الذهلي شجاع بن فارس عن السبب في تركه لذكره، فقلت له: لعله لم يحدث ببغداد.
فقال: أقام بها مدة في زمن الحفاظ والأكابر، ولا بد أن يذكر عنه ما يجد به سببا إلى ذكره؛ لشهرته وكثرة محبة الخطيب له ورحلته إلى أصبهان كانت / لأجله خاصة.
فقلت: إن أبا نعيم كان يُنقم عليه أشياء.
منها روايته لجزء محمد بن عاصم والقصة فيه مشهورة.
ومنها أنه كان يروي في كتبه / أحاديثا [كذا] بالإجازة ولا يبينها.
/// والخطيب لو ذكره في التاريخ لم يكن له بد من ذكر حاله، ولا يؤثر أن يذكره بجرح فترك ذكره لهذا المعنى.

333
وقد أسرف العلامة المعلمي رحمه الله تعالى في الحكم حين قال في التنكيل (1/117) بعد أن أورد خبرا دلسه أبو نعيم عن غير ثقة: والحق أن أبا نعيم وضع من نفسه ومن كتبه، فجزاؤه أن لا يعتد بشيء من مروياته إلا ما صرح فيه بالسماع الواضح، كقوله في الحكاية المارة أول الترجمة: حدثنا أبو أحمد الغطريفي.
والعدل أن ما قال فيه أبو نعيم (أخبرنا) يجري مجرى المروي بالإجازة في الاعتبار والقبول، حتى يتبين فيه خلافه.

334
[لو رجم النجمَ جميع الورى= لم يصل الرجمُ إلى النجم]

338
[اتهام الحاكم بالرفض حتى ص 350]
 
352
سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الحافظ بمكة قلت له: / أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم كان أحفظ: الدارقطني ببغداد وعبد الغني بمصر وأبو عبد الله بن منده بأصبهان وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور؟
فامتنع من الجواب، فألححت عليه.
فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل.
وأما عبد الغني، فأعلمهم بالأنساب.
وأما أبو عبد الله بن منده فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة به.
/ وأما أبو عبد الله الحاكم فأحسنهم تصنيفا.

359
ومما ينبغي أن يعلم أن من تكلم من الأئمة في تساهل الحاكم فإنما أراد ما وقع له في كتابه المستدرك خاصة، ولذا اعتذروا له بما سيأتي، أما سائر مصنفاته فمحررة ويقع له الخطأ فيها كما يقع لغيره، حاله في ذلك كحال غيره من أهل العلم العارفين. انظر التنكيل (1/459).
ولذا فقد آذى ابن دحية نفسه حين قال في (العلم المشهور) يجب على طلبة الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد الله، فإنه كثير الغلط بين السقط، وقد قال على مالك وأهل المدينة في كتاب المدخل ما لا علم له به.

373
[ابن طاهر] سمعت زوجتي خديجة بنت أحمد العلوي الموسوي تقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو مجتاز فتبعته فالتفت إلي وقال: الحسب المال والكرم التقوى.

377
سمعت أبا إسحاق الحبال بمصر يقول: لم يكن في الدنيا مثلُ / أبي القاسم سعد بن علي الزنجاني في الفضل، وكان يحضر معنا المجالس ويُقرأ الخطأ بين يديه فلا يرد على أحد شيئا، ولو قرئ بين يديه الكفر، إلا أن يُسأل، فإذا سئل عن شيء أجاب، وأرى اليوم بعض الصبيان يتبعون الأغلاط ويبادرون بالرد على المقرئ ولا يحسنون الأدب.

381
سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول: سمعت أبا الفضل الجارودي يقول: رحلت إلى أبي القاسم الطبراني إلى أصبهان فلما / دخلت عليه قربني وأدناني، وكان يتعسر علي في الأخذ فقلت له يوما: أيها الشيخ، لم تتعسر علي وتبذل للآخرين؟ فقال لأنك تعرف قدر هذا الشأن، وهؤلاء لا يعرفون قدره.


384
أنشد أبو الفرج محمد بن عبدوس لنفسه:
هبني ملكت بلاد الأرض قاطبة = ونلت ما نال قارون وعملاق
وعشتُ ما عاش نوح في نبوته = أليس آخره موت وإملاق
لم أجد البيتين في مصدر آخر ولا عرفت أبا الفرج، وسيأتي له ذكر في 61

389
سمعت الأنصاري يقول: إذا ذكرت التفسير فإنما أذكره من مئة وسبعة تفاسير.
 
391
قال الخطيب: وقد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها منها أنه يقول في الإجازة أخبرنا من غير أن يبين.

394
وإنما قيل له [عبد الله بن محمد] الضعيف لإتقانه وضبطه.

398
[ابن طاهر] سمعت عبد المؤمن بن عبد الصمد الزاهد بتنيس يقول: / كان عندنا بتنيس رجل رافضي، وكان على طريق مسكنه كلب يعبر عليه كل من بالمحلة من كبير وصغير فلا يتأذى به، إلى أن يعبر ذاك الرافضي فيقوم ويمزق ثيابه ويعقره، إلى أن كثر ذلك منه واشتهر به فشكا إلى صاحب السلطان، وكان من أهل مذهبه، فبعث من ضرب الكلب وأخرجه من المحلة.
ففي بعض الأيام نظر الكلب إلى ذلك الرجل الرافضي وهو جالس على بعض الدكاكين في السوق فصعد على ظهر السوق وحاذى الرافضي وخري عليه، فخرج الرجل من تنيس من خجالته.
ولما حكى لي الشيخ عبد المؤمن هذه الحكاية وكان في مجلسه جماعة من أهل البلد فكلهم عرفوا الحكاية وصاحبها وحكاها لي وهي عندهم مشهورة بتنيس.

408
سألت أبا القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان أبو بكر الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا؛ كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب، وكانت له بادرة وحشة، وأما تصانيفه فمصنوعة مهذبة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه.

409
سمعت إسماعيل بن أبي الفضل القومساني بهمذان وكان من أهل المعرفة بالحديث يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم، وقلة إنصافهم: الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر الخطيب.

416
سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب بنيسابور وكان يسمع معنا / الحديث وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي بن الجويني يقرأ عليه الكلام، يقول: سمعت الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفتُ أن لاكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلتُ به.

420
سمعت الإمام أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي بها وهو أول شيخ سمعت منه الحديث في سنة ستين [وأربع مئة] وأنا يومئذ ابن اثنتا عشرة سنة رحمه الله يقول: يقال إن كتاب العلل الذي خرجه الدارقطني إنما استخرجه من كتاب يعقوب بن شيبة، وذلك أن كتاب يعقوب لا يوجد فيه مسند ابن عباس، ولا يوجد علل حديث ابن عباس في كتاب الدارقطني.
[تفنيد هذه الشبهة في الحاشية]

425
[ملحق ببعض النصوص المنقولة عن المنثور]

435
عندنا في بلاد العجم مثل يضرب، يقال: بخل أهوازي، وحماقة شيرازي، وكثرة كلام رازي.
 
انتهت الفوائد المنتقاة من الكتاب، والحمد لله رب العالمين.
ولا تنسوا الدعاء لأخيكم بالبركة في الوقت.
 
بارك الله فيك أخي أبا مالك، ووفقك لسداد النية والعمل.

هذه وقفات سريعة بعد قراءتي لمختاراتك الجميلة:
- ليتك قبل ذكر الفوائد ذكرت موضوع الكتاب وفكرته، وهو ما نقلته مما جاء في ص 308.
- في موضوع تصوف الحافظ ابن طاهر وما يتعلق بالسماع يستحسن الرجوع إلى كتابه وقراءة مقدمة التحقيق للدكتور: غادة المقدم عدرة. ويمكن تحميله من هنا: [ صفوة التصوف ].
- في اتهامه بالمُرد يقول ابن عبدالهادي مدافعاً : "ما كان ابنُ طاهر يرى الإباحة المُطْلقة ، بل هو من أهل الحديث المُعَظِّمين للآثار ، وقد أخطأ في ذَهَابه إلى إباحة السَّمَاع والنَّظَر إلى المُرْد ، والله يغفر لنا وله" ا.ه.
فهو وإن كان ينظِّر لهذا الأمر على رأي الظاهرية لكننا ننزه العلماء عن الوقوع في مثل هذا حتى ينقل عنهم، على أني رأيت هذه التهمة مما شاع في كتب التراجم، واتهم بها جبال في العلم، ولا أدري هل كانت من الوسوسة أو التخيل أو غير ذلك، ومن الغريب حقا أن يتهم بها أمثال هؤلاء، وينص عليها العلماء في تنبيهاتهم ونصائحهم ذلك الزمان!
- ما جاء في صفحة 274 من أن كثيرا من الأعلام كانوا يلحنون إنما يحمل على ما كان في كلامهم العادي مع الناس، وإلا فهم أهل البلاغة والعربية والبيان، وقد اتهم بها أبو عبيدة سابقاً وهو من هو في العربية، ولعل هذا راجع إلى كلام الأقران في بعضهم، ثم تنقل التهم في كتب التراجم كما هي.
- في صفحة 389 نقل عن الأنصاري أنه يذكر التفسير من مائة وسبعة تفاسير، ونُقل عن ابن تيمية أنه كان ينظر في مائة تفسير.
وإذا نظرنا في التفاسير المتداولة اليوم نجدها لا تصل إلى أكثر من هذا العدد، وهذا دليل على فقدان كثير من كتب التفسير، خصوصا إذا راعينا صعوبة الوصول إلى الكتب وقلّة النسخ ذلك الزمان.

أشكرك أخي مرة أخرى ..وفقك الله لكل خير.
 
عودة
أعلى