الفوائد المنتقاة من كتاب ( العقلية الليبرالية ) للشيخ الطريفي

أبو مالك العوضي

فريق إشراف الملتقى المفتوح
إنضم
12/08/2006
المشاركات
737
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
العقلية الليبرالية
في رصف العقل ووصف النقل

للشيخ: عبد العزيز الطريفي

هذا الكتاب نفيس في بابه، ظهر فيه سعة اطلاع الشيخ الطريفي، وعمق أفكاره، وتفهمه لكثير من الدقائق والحكم المتعلقة بالعقل الإنساني عموما، وبالتشريع الإسلامي خصوصا.

وإليكم ( الفوائد المنتقاة ) من هذا الكتاب، وسوف أبدأ بذكر المختارات المهمة ثم أتبعها بجميع الفوائد المنتقاة من الكتاب.

أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي​
 
18
والأفكار لا تكون صحيحة إلا بيقظة تامة ونظر فاحص وصدق في طلب الحق، ومن لم يملك ذلك تذبذب عند كل عارض يناقض عقيدته وفكرته ولو كان وهما.


21
وقد يكون الشيء المناقض للفكرة نادرا أو ضعيف التأثير، ولكن لهوى الإنسان وحاجته الخاصة إلى ثمرة تلك الفكرة من بين أكثر الناس أو لأن هناك من يعظم الفكرة المناقضة ويروج لها بقوته النافذة تضمحل الفكرة الصحيحة بحسب قوة الحجم المزيف للفكرة المعارضة، وتقوى عزيمة التابع للفكرة المزيفة من حيث لا يشعر.

27
وكثير من الحكام لقوة تأثيرهم في كثير من النفوس يكتفون في إقرار ما يريدون من الأفكار والأفعال بمدح الموافق ورفعه حتى يتبعه غيره ليكون مثل منزلته، من غير تهديد أو وعيد ويروى عن علي رضي الله عنه: ازجر المسيء بثواب المحسن.
وهكذا ترسم خريطة الأفكار في الأذهان وتباع الأقوال وتشترى الأفكار بلا عقود.

32
ومن يطلب كتب الأوائل ويجمعها وينظر فيها ويشتهي نوعا من المعاني معينا فلن يبصره إلا هو فيظن أنه فتح فاتح عليه من المعرفة ما يتأيد به فيأخذ المعلومات على وجه البتر لا على وجه التحقيق والجمع والإنصاف، فتارة يرى الرجال حجة وتارة يعتمد على الدليل وحيا وسنة، وتارة عمل الناس وتقبلهم وتارة هم رجال ونحن رجال، ولهم عقول ولنا عقول، والحق أن غايته قد استقرت من قبل هذه المطلوبات وإنما يطلب لها مؤيدا!
وكثيرا ما تزيد الحجة القوية السامع عنادا فيتشاغل باتهام الحجة بالضعف، قال تعالى عن كفار العرب {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}.
وربما أظهر حب الوصول إلى الحق فيطالب بحجج أخرى مغايرة أقوى .... وربما حاول صرف العقول عن سماع الحجج والبينات إلى الحديث عن شخصية المتحدث

36
ومن تمام العقل أن يسوس الإنسان عقله ويقوده ولا ينساق لسياسة غيره، فإذا أراد أحد الإكثار من عرض الباطل على عقله ليؤثر عليه، فليقابله بالإكثار من عدم الإنصات وصرف البصر بالقدر الذي يساوي تلك الكثرة المزيفة الزائدة عن الحد.

41
وكثيرا ما يعلم الإنسان من نفسه الصدق والتجرد ويظنه كافيا في إصابة الحق ويتكل على ذلك، فينشغل بتتبع مطامع نفسه وهواها ويغلق المؤثرات عليها حتى لا تؤثر في حكمه، فيحجبه هذا الانشغال عن تمحيص الحقائق التي يقررها والتحري فيها وعن ملاحظة سلامتها من الشوب، ويظن أنه معذور، وأن مخاصمته ومحاججته تعنت وتشدد وبغي عليه لأنه مخلص متجرد.

47
والأفكار لا يتضح صحيحها من فاسدها وقويها من ضعيفها إلا بضربها ببعضها، فبالاقتران تتمايز المعاني والأجسام، ومن عجيب السنن الكونية أن الشيء إذا ضرب بشيء مماثل له على السواء انكسر الاثنان كالزجاجتين والصخرتين وإن اختلفا قوة أو هيئة انكسر الأضعف وظهر الأقوى، وهكذا العقائد والأفكار.

87
وكثير ممن يتدثر بالليبرالية من الشرقيين يقرأ النقد لليبرالية ويتهم النقاد بعدم الفهم ويقول: (ليست هذه ليبراليتي) وهو صادق مع نفسه لأنه أخذ من الليبرالية ما يحتاج إليه وجهل وتجاهل الباقي وأقنع نفسه بإطلاق الليبرالية على ما وصل إليه.
..... والمعتنقون لليبرالية يتعاملون معها كالقميص الفضفاض منهم تقمصه كله ومنهم من يكتفي بإدخال يده في كمه، ومنهم رمى به على عاتقه، ومنهم من التحق به بحسب ما يؤثر عليه من خلفيات فكرية وعقائدية وما يقيده من / حدود الطبيعة وأجوائها الفكرية
 
100
وتحرير المرأة في مصر بدأ بتأصيل قواعد الليبرالية والمطالبة تبعا لذلك بنزع حجاب المرأة والذي هو النقاب فقط، وبعد مرور مائة عام احتفلت زوجة رئيس مصر بمرور قرن على ذلك وقدمت مطالبات ووأوراق تطالب بتحرير المرأة من قوامة الرجل وبحقها في الزواج من أربعة أزواج وبإلغاء حق الزوج في الطلاق وبمنع اختصاص المرأة بالعدة والمتابع يستيقن أن قاسم أمين الذي ناكف الشريعة وبدأ بالمطالبة بنزع النقاب تحت مبدأ الحرية وتحرير المرأة لم يدر في ذهنه أن الذين يسيرون على مبادئه وأصوله سينتهي بهم الأمر بعد مائة عام بأن يطالبوا بهذه الكفريات القطعية

103
وأخطر الأمور التي غفل عنها العلماء فضلا عن عامة الناس أن الخوض في مسألة من مسائل الدين منفردة يختلف عن بحثها تحت تأصيل منحرف، وإن كانت المسألة في الحالتين سائغة القبول والرفض، كبعض مسائل المرأة لا كلها، فبحثها في ذاته واحد، ولكن بحثها تحت تقرير الأصول الليبرالية كالمساواة أو الحرية والترجيح لقول يتوافق مع هذه الأصول عند رفع رايته تأكيد لصحة الأصل بإطلاق وعضد له، ودعمٌ لهذه القاعدة لتستوعب مسائل أخرى لا يمكن أن تخضع لقبول أي شريعة سماوية ولا فطرة إنسانية.

106
وكثيرا ما يأخذ الإنسان العلوم فينساها على هيئتها التي أخذها وتصبح منثورة في العقول إلى ما لا يحصيه إلا الله من الأجزاء، تعود إلى ذهنه وتجري على لسانه مركبة بصورة أخرى لا يعرفها، وينفعه المنسي من العلوم ولا يشعر بذلك ويظن أنه أوجدها من العدم.
... وربما ينسى الإنسان شطر ما تعلمه وحفظه أو بعضه ويثبت الباقي فينتفع من المنسي أكثر من المعلوم لحدة الذكاء في الأقيسة وتأليف المعلومات ولكن تبقى المعلومات المذكورة أشرف وأقوى.

110
وما من فكرة تصلح بها البشرية إلا وهي أو أصلها في القرآن ومن أعجبته حكمة عظيمة صالحة في قول مفكر أو فيلسوف فليتحسر على نفسه أن جهل موضعها من القرآن

142
فللعقل مواضع يسبح فيها ومواضع أخرى هي بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج، وإذا لم يدرك الإنسان الفصل بين البحرين يهلك لا محالة، فإن جنح عن خط السواء المستقيم يمينا تدرج في الخرافات والأقيسة التي تقوده إلى العبادة المبتدعة، كما يفعله كثير من المتصوفة الخرافية، وإن جنح شمالا تدرج في الإلحاد في جنب الله وخاض في أبواب الزندقة والجحود.

169
لهذا ينخدع كثير من الناس بزخارف الأقوال؛ لأن ظواهر الحق والباطل في الأغلب متساوية في العناية بتحسينها، فكل داع إلى نهج يتخذ ذات المصطلحات التي يتخذها غيره في دعواه وفي وصف من يخالفه ويعاديه، كالحق والباطل والخير والشر، والصواب والخطأ، والغلبة في عالم الظواهر المزخرفة للأعلى صوتا؛ لأن الأتباع استووا في عدم معرفة الحقائق الباطنة واختلفوا في مقدار انبهارهم وانخداعهم بالظاهر.​
 
172
وأخطر الباطل الباطل المتترس بالحق، وما من فكرة على وجه الأرض من الأفكار الباطلة إلا وفيها حق، وما من شيء حرمه الله إلا وفيه شيء دقيق من الخير يتبعه.

180
ولو سألوا أنفسهم على أي عقل يريدون أن ينزل الوحي من الله، لوجب أن ينزل على كل عقل نص يخاطب به على وجه الخصوص، ومع هذا سيترك العمل به بعد قبوله ونزوله لاستدراكات متوهمة استجدت ووردت على النص الذي نزل على ما يريدونه من قبل فناسب تعطيله لعدم وضوحه التام.

183
والوازع الطبعي أمر قطعي الثبوت في جميع الشرائع، والقرآن مليء بالإشارات إليه، ويؤمن به كل عقلاء الأمم السابقة على اختلاف عقائدهم وكل فلاسفتهم كاليونانيين كأرسطو وسقراط وأفلاطون، وفلاسفة الهند والرومان وغيرهم.
.... بل إن الله يأمر بتغيير السنن الكونية ولا يأمر بتغيير السنن الفطرية، لأن تغيير السنن الفطرية يعني قلب الشريعة ووجوب / تغييرها لزوما زيادة ونقصا حتى يكمل أحدهما الآخر.
..... فالله لم يأمر موسى أن يبدي عورته للناس حتى تزول التهمة، ولكن غير الله السنن الكونية وثبات الجامدات وجاذبية الأرض حتى يتحقق المقصود من البراءة.

189
فأهمية حكم الشيء في الإسلام لا تقف عند وجود / النص ووضوحه وكثرته عددا فقط، ما لم يرجع إلى النفس البشرية السوية غير المبدلة بأي نوع من أنواع التبديل.


212
وكثيرا ما يحمل الأفهامَ إلى لي النصوص وردها عدمُ فهمها على وجهها، فيتبادر إلى الذهن تفسيرها تفسيرا غاليا لكثرة الدعوات المشوهة للإسلام التي تأخذ الحكم وتفسره على أبعد التفاسير وأشدها لتنفر السامع منها.

228
وذلك كمن يستل شامة من وجه حسن ليثبت سواد الوجه، ودليله أنها سوداء، ثم إنها من الوجه وليست من غيره، فلا مجال لإنكارها، وإن استطاع بأحد آلات الزيف والتهويل كالإعلام تكبير تلك الشامة حتى تكون كظلام الليل المعترض، ثم من ذا الذي يصغرها ليعيدها كما خلقت؟! ثم من يضعها في مكانها من أهل / العقل والعلم والحكمة؟! فقليل ما هم، فبعض من يدافع عن الدين كمن يأخذ الشامة من بياض الوجه ويضعها في بياض العين، فيدافع عن الإسلام بنية صادقة، ولكن مع علم قاصر.

235
وبعض منتسبة الفقه المعاصرين ربما تجاوزوا النص والإجماع ليتعلقوا بأقوال شاذة مهجورة ممن لا يعتد بفتواه، ليقولوا بتساوي دية المرأة ودية الرجل، معللين ذلك بإنصاف المرأة وموافقة الطرح العصري لها.
مع كون مسألة الديات للورثة مما لا تتفق مع الأصول الليبرالية أصلا، فلا حق مالي بين الورثة في الحياة أصلا، إلا في مسألة الأبناء القصر، حال قصرهم؛ لانفراد كل فرد عن غيره انفرادا تاما، فلا حق في الميراث على تلك الأصول للأبوين والإخوة والأخوات فضلا عن الزوجة وبقية الأرحام.​
 
بارك الله في المؤلف و المنتقي.
أرفقت الكتاب لمن أحب الاطلاع عليه.
 
ومن تمام العقل أن يسوس الإنسان عقله ويقوده ولا ينساق لسياسة غيره، فإذا أراد أحد الإكثار من عرض الباطل على عقله ليؤثر عليه، فليقابله بالإكثار من عدم الإنصات وصرف البصر بالقدر الذي يساوي تلك الكثرة المزيفة الزائدة عن الحد.

مع ما في ذلك من خطر الإعراض عن الحق بظن أنه باطل كما وقع للذين جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً..

والصواب : أن الذي يؤمر بالإعراض هو ضعيف القلب ومن لم تكتمل آلاته النقدية أو من كان المعروض عليه يعارض القطعيات الضرورية،أما ما دونها من القطعيات فالأحسن والأليق بمن اكتملت آلته النقدية أن يبقيها قابلة للأخذ والرد وأن يسمع لكل من يتكلم بحجة وعلم فينقد ويروز،وبذلك تتقدم الأمم وتتجدد الأديان ويزول الغبش والظلمة التي يُظن أنها من النور الأول وليست منه،ثم يزداد الذين آمنوا إيماناً فلا يتركون ما عرض عليهم إلا وهم ببطلانه أشد بصيرة وأعظم تبيناً..
 
نعم وفقك الله
ولعل هذا ما يقصده الشيخ؛ كما جاء عن السلف من الإعراض عن الباطل المعلوم بطلانه حتى لا يؤثر في القلب تأثيرا يظهر ضرره ولو من وسوسة الشيطان. كما جاء عن أيوب السختياني أنه قال له رجل من أهل الأهواء: أسألك عن كلمة واحدة، فقال له: ولا نصف كلمة، ووضع يده على أذنه. وغير ذلك مما ورد عن السلف في هذا الباب، ولا يخفى عليك.
كما أن المقام يختلف باختلاف الشخص، فمن أراد أن يرد على النصارى أو اليهود أو الفرق الضالة، فهذا لا بد أن يطلع على كلامهم وشبهاتهم، أما من لم يدخل في هذا الباب ولا يرغب في دخوله، فلا معنى لأن يشغل عقله وقلبه بوساوس هو في غنى عنها وقد تضره.
 
نعم.
لا نزاع فيما تفضلتَ به..
ومرادي هو الحذر من استعمال ما ذكره الشيخ في كل مقام أو في غير موضعه..
 
نعم جزاك الله خيرا.
وقد وجدت عدة إشكالات في الكتاب استطعت توجيه معظمها إلى معنى صحيح، ولكن بقي القليل منها لم أستطع توجيهه، منها قوله (ص 180): (لأن الله سبحانه لم يشاهد وهذا من لوازم وجوده جل وعلا).
لأن القول بأن عدم الرؤية من لوازم الوجود قول اعتزالي وافقه بعض الأشاعرة ولا يمكن أن يقول به الشيخ.
فلا أدري هل أخطأتُ في فهم كلام الشيخ أو له أي توجيه؟
أرجو الإفادة.
 
بعد تأمل لم أر لها وجهاً إلا أن تُحمل المشاهدة على الإدراك ..

وإن كان الإشكال سيبقى من جهة أنه يتكلم عن نفي سبق المشاهدة،والإدراك لا يُراد عادة إلا عند استعمال ما يفيد نفي مطلق المشاهدة أم نفي السبق فيكون المراد عادة هو نفي الرؤية..

 
عودة
أعلى