الفوائد المنتقاة من (ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان) لابن الوزير اليماني

أبو مالك العوضي

فريق إشراف الملتقى المفتوح
إنضم
12/08/2006
المشاركات
737
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
الفوائد المنتقاة من (ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان)

لابن الوزير اليماني​

وجزى الله خيرا فضيلة شيخنا (عبد الرحمن الشهري) لتفضله علىَّ بإعارتي هذا الكتاب
 
11
والعوج بكسر العين يختص المعاني وبفتحها يختص الأجسام

14
العقلاء ما زالوا يستدلون على حسن الكتب وعظم نفعها بمقدار صاحبها

15
ولم يزل العلماء يتداولونه، فهو مع شهرته في شرط أهل الحديث متلقى بالقبول عند علماء الأصول، فصار صحيح المعنى في مقتضى الإجماع والمنقول والمعقول

19
[القاضي عبد الجبار] واتفق فيه أيضا استنباط الأدلة التي توافق العقول وموافقته ما تضمنه لأحكام العقل على وجه يبهر ذوي العقول ويحيرهم فإن الله سبحانه بينه على المعاني التي يستخرجها المتكلمون بمعاناة وجهد بألفاظ سهلة قليلة تحتوي على معان كثيرة كما ذكره عز وجل في نقض مذاهب الطبيعيين في قوله تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات}

20
[الفخر الرازي] بل أقر الكل بأنه لا يمكن أن يزاد في تقرير الدلائل على ما ورد في القرآن

22
[صاحب الوظائف] فأدلة القرآن والسنة مثل الغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الصبي والرضيع والرجل القوي ولهذا كانت أدلة القرآن سائغة جلية، ألا ترى أن من قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر، وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه، وأن التدبير لا ينتظم في دار واحدة بمدبرين فكيف ينتظم في جميع العالم، وأن من خلق علم ثم خلق كما قال تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فهذه أدلة تجري مجرى الماء الذي جعل الله منه كل شيء حيا إلى آخر كلامه

23
وتأوله ابن أبي الحديد بما يستحيى من ذكره: من أن ذلك لعلم علي عليه السلام بقصور ولده الحسن عليه السلام من درك هذا العلم. وكفى شاهدا على بطلان هذه البدعة ما أدت إليه من تفضيل شرار القرون في قواعد الإيمان على ريحانة المصطفى سيد شباب أهل الجنة المجمع على إمامته بعد أبيه عليهما السلام

28
قال محمد [في كتاب الجملة] وكذلك سمعنا عن إبراهيم بن عبد الله أنه سئل عن بعض ما يختلف الناس فيه من المذاهب، فلم يجبه فيه وقال: أعينوني على ما اجتمعنا عليه حتى نتفرغ فيه لما اختلفنا.

29
فمن ذلك قول السيد العلامة يحيى بن منصور بن العفيف بن مفضل رحمه الله تعالى في ذكر المعتزلة:
/
ما باله حتى السواك أتى به ........... وقواعد الإسلام لم تتقرر
...
لا يخدعنك زخرف متصور ........... شتان بين تيقن وتصور
إن الخلاف بكل فن ممكن ........... إلا الأصول فإنه لم يؤثر
فدع الخلاف إلى الوفاق تورعا ........... فطريقه الإجماع غير منكر
كم بين معتمد لقول ظاهر ........... ومقال حق واضح لم ينكر

34
ومما قلت في ذلك وقد سألني بعض الإخوان القراءة علي في بعض كتب المنطق:
/
والعلم عقل ونقل ليس غيرهما ........... والعقل فيك وليس العقل في الصين
أمرت أن أطلب العلم الشريف ولو ........... بالصين إن كان علم الدين في الصين
..........
وقوم عيسى أرادوا منه مائدة ........... ليطمئنوا بها لا وضع قانون
/
فواضح العقل معروف وغامضه ........... مواقف ومجازات لذي الدين
إن البصائر كالأبصار ليس ترى الـ ........... خفي جدا سوى رجم وتظنين
لذا تخالف أهل العقل واضطربوا ........... فيه كعادتهم في كل مظنون
فليت ذا العلم من بعد الرسوخ به ........... واعتضت بالذكر منه غير مغبون
ما فيه إلا عبارات مزخرفة ........... أتى بهن ابن حزم بالتبايين
كم من فتى منطقي الذهن ما خطرت ........... بالبال منه اصطلاحات القوانين
وكم فتى منطقي كافر نجس ........... كالكالب بل هو شر منه في الهون
يرى وساوس أهل الكفر منقبة ........... فهما ويسخر من طه ويس
.....
وربما كان في التدقيق مفسدة ........... للقلب أو لافتراق الناس في الدين

39
ومن الجائز بالإجماع أن ترد هذه الشبهة على دقائق علم الكلام، وتحير المبرز فيه، وتبلد المعجب به، وربما تولدت من تدقيقه على قدره، وكان بالنظر فيه كالباحث عن حتفه بظلفه.
وبيان هذا أن مثل المستعد للشبهة المجهولة بتقديم النظر في الدلائل مثل من يستعد للسموم القاتلة بشرب الأدوية الحادة التي ربما قتلت شاربها حين لا يجد ضدها بدفع طبيعتها ويستحيل تقديم التداوي من داء لم يتعين، ولم يعرف أهو من قبيل الحرارة أو البرودة أو غيرهما من الطبائع أو هو متركب من الطبيعتين وربما ورد داء يعجز عنه الطبيب الماهر باتفاق الأطباء، ولذلك تجد أكثر الضالين في أنفسهم المضلين لغيرهم من أهل النظر، وأكثر أهل السلامة بإقرار أهل النظر من أهل الجمل، ولذا قال أبو القاسم البلخي في مقالته في ذكر العامة: هنيئا لهم السلامة ومن ثم لم يرد عن الرسل عليهم السلام الخوض الكبير في علمي الطب والكلام.

40
ومن جحد آيات الله وبراهين القرآن الجلية، فهو لدقائق الكلام أجحد، ومن قبولها أبعد
 
41
أن في المتكلمين من المعتزلة وغيرهم طوائف لا يوجبون النظر في علم الكلام منهم أهل المعارف الضرورية
........
فإن الإخبار بالمعلومات لا تصح، ودخول المؤكدات على الإخبار بها لا يحسن لولا أنه نزل المخاطبين لشدة غفلتهم عن هذه المعلومات منزلة الجاحدين المنكرين لها، كما ذكره علماء المعاني في قول الشاعر:
جاء شقيق عارضا رمحه ........... إن بني عمك فيهم رماح

42
ولقد صنف الجاحظ وهو ممن يقول إن المعارف ضرورية كتاب ( العبر والاعتبار ) فأتى فيه بما يقضي له بعلو القدر في العلم وتعمقه في التفكر في عجائب المخلوقات الضرورية، وكذلك النظر في علم التشريح، وعجيب خلق الإنسان والتأمل لما يدرك من ذلك بالعيان.

43
فاحتج [الهدهد] بحدوث هذين الأمرين [الخبء في السموات والأرض يعني المطر والنبات] المعلوم حدوثهما مع تكررهما وحاجة جميع الحيوانات إليهما مع أنه ما قرأ في المنطق ولا عرف علم الكلام

44
فهذا أسلوب الأنبياء والأولياء والأئمة والسلف في النظر، وخالفهم بعض المتكلمين وأنواع المبتدعة، فتكلفوا وتعمقوا وعبروا عن المعاني الجلية بالعبارات الخفية، ورجعوا بعد السفر البعيد إلى الشك والحيرة والتعادي والتكاذب وقد اعترف أكثر المتكلمين بالوقوع في الحيرة والأمور المشكلة المتعارضة.

45
ودفع المضرة المظنونة واجب عقلا

47
وقد حكى الله سبحانه وتعالى مجادلة الأنبياء في كتابه لأنواع الجاحدين فلم يكن فيها شيء يتوقف على معرفة دقائق الكلام والمتكلمين.

49
وتمثلت بقول الزمخشري رحمه الله حيث يقول:
اطلب أبا القاسم الخمول ودع ........... غيرك يطلب أساميا وكنى
شبه ببعض الأموات شخصك لا ........... تبرز إن كنت عاقلا فطنا
علك تطفئ ما أنت موقده ........... إذ أنت في الجهد تخلع الرسنا
إدفنه في البيت قبل ميتته ........... واجعل له من خموله كفنا

50
ولا ريب أن بعض الفنون أحب إلى بعض الناس من بعض، بل بعض كتب الفن الواحد أحب إلى بعض أهله لما فيه من الخواص
.........
وخشيت أن أقطع العمر في الوسائل وما وصلت إلى المتوسل إليه، وتعوقني العوائق والعياذ بالله عما لا يعول إلا عليه، فأكون كمن بالغ في الوضوء وابتدع، حتى خرج وقت الصلاة وضاق عليه ما اتسع.

52
وما زلت في زمن الحداثة وأيام الغرارة أسد سمعي عن كل نصيحة وأرد بطبعي في هذا كل حجة صحيحة، وحبك الشيء يعمي ويصم، ولا ينجو من الهوى إلا من عصم، حتى أسفر لي وجه الخبرة عن أحوال الرجال، فنادى مؤذن التجارب الصلاة في الرحال، وأمر الفصحاء برفع الأصوات بالنذارة من كل منارة، فتارة وعيت فتول عنهم فما أنت بملوم {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} وتارة أسمع (يوشك أن يكون خير مال الرجل المسلم غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن، ائتمروا بينكم بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة، واعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على جذر شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك والزم بيتك وخذ ما تعرف واترك ما تنكر ليسعك بيتك وابك على خطئيتك)
.......... / فعقدت على ذلك اعتقادي وعزمت على لزومه بعد أن همت في كل وادي وقنعت من الغنيمة بالإياب، حتى سلمت في سفري من الذئاب المدلسة بلبس الثياب، وإنها والله بدليلي العقل والحس أخبث نوعي هذا الجنس، لا سيما من كان ظاهره بالزهادة متحليا وباطنه من حلية الإخلاص متخليا

54
وقد قلت في ذلك مجيبا على من لام وعاب من الأهل والأحباب:
لامني الأهل والأحبة طرا ........... في اعتزالي مجالس التدريس
قلت لا تعذلوا فما ذاك مني ........... رغبة عن علوم تلك الدروس
هي رياض الجنان من غير شك ........... وسناها يزري بنور الشموس
غير أن الرياض تأوي الأفاعي ........... وجوار الحيات غير أنيس
حبذا العلم لو أمنت وصاحبــ ........... ـت إماما في العلم كالقاموس
غير أني خبرت كل جليس ........... فوجدت الكتاب خير جليس
ورضيت المروي عن جدي القا ........... سم من جامع علوم الرسوس
فدعوني فقد رضيت كتابي ........... عوضا لي عن أنس كل أنيس

56
الخلاف بين الخصمين إذا كان في الأمور الخفية لم يحسن من واحد منهما أن يتهم الآخر بالعناد والعصبية ووجب اجتناب ما يدل على ذلك من التلون في العلل وإنكار المعلومات لإقامة الجدل، فإن حصل الاتفاق مع لين الجانب وسهولة الأخلاق وإلا احتاجا إلى حاكم يقطع الشجار غير متهم بشيء من الجهل والهوى والاستكبار، والاغترار بالطبع المجبول على الاحتقار بمن جاء بما فيه أدنى استنكار. ألا ترى أن داود عليه السلام لما أخطأ في التأويل. وكان هو الحاكم والمرجوع إليه في التنزيل علم الرب اللطيف سبحانه وتعالى أنه قد تعذر على خصمه التوسل إلى عتابه والتوصل إلى الانتصاب من عزيز جنابه فأرسل الله تعالى ملائكته فتلطفوا حتى يحكم بالظلم على من فعل مثل فعله وانطلق بالتصريح بذلك مسرعا إليه بمحض عقله وعدله، ولو سئل عن ذنبه بالتصريح ولم يتوسل إليه بذلك التدريب والتلويح، عارضه بما علق بطباعه من تمهيد لعذره بالتأويل المرجح له ما كان من أمره فلم يؤمن أن يبطئ بالإقرار ولا يبادر بالاعتراف حق البدار.
وأصرح من ذلك وأولى بالاعتبار ما قصه الله سبحانه علينا من استنكار كليمه لما فعله الخضر عليهما السلام بعد الأخبار والأعذار على أن المخبر له بتفضيل الخضر عليه السلام هو الصادق الذي لا يجوز عليه الخلف في الأخبار، ما ذلك إلا لغلبة الطبع البشري لما يطرأ عليه من المعارف المخالفة لحيلته البعيدة عن مألفه وعادته، فكيف لا يتهم المصنف نفسه ويوقظ للاحتراز من هذا الطبع القوي حسه، ولا يأنف إن طلبت منه البينة على أقواله والمحاكمة إلى خير أجناسه وأمثاله.

57
فلم يكن في بقاء كل على حجته بعد سماع حجة خصمه ما يدل على عناد، ولا أطالوا الخوض في المراء على جهة اللجاج ولا على جهة الاسترشاد.
أما المراء فإنه لا خير فيه لأنه اسم لما نظن أنه يفيد، وأما الاسترشاد فإنه عبارة عن طلب الرشاد، وهو يحصل في الظنيات بأول أمارة، والإشارة تغني فيه عن تطويل العبارة، والمراد من كل واحد ما قوي في ظنه ورجح في فهمه والنكير عليه بعد إبدائه لمستنده وإبقائه عليه خروج عن منهاج السلف الصالح ومخالفة لإجماعهم العقلي في هذه المسالك، وقد يقوم الود والعدل والتناصف والعقل إذا صفت مواردها عن أكدار المعاوضات، وأشرب الخصمان حب النظافة من رذائل القرائن المنفردات مقام الحاكم العادل الجامع الكامل فلا ينبغي حينئذ أن يكون أحدهما صاحب قطيعة ولا ريبة فضلا عن أن يكون صاحب بغض وغيبة، ولا يكون أحدهما صديقا لعدو ولا عدوا لصديق ولا مجهول الخبرة محتاجا إلى تعديل وتوثيق ولا منقطعا إلى خصوم صاحبه في ليله ونهاره ومحله وقراره وتدريبه في العلم وإنظاره.

58
وقرينة هذا [الميل القلبي بأول عارض] أنك ترى الطائفة العظيمة في الأزمان الطويلة على مذهب بعض المتكلمين في المشكلات الدقيقة والمعضلات العويصة لا يخالفه منهم ناظر مدقق ولا يميل عنه في جميع خفيات مداركه محقق، مع مخالفة من هو أعلم منهم له وأخَصُّ به كوالده الشيخ أبي علي فإنه كثير الخلاف لولده الشيخ أبي هاشم ما ذاك إلا لخروج شائبة التقليد من بينهما، ودخولها من غير شعور على من دوهنهما. ولذلك ترى أكابر العلماء الشيوخ يختلفون كثيرا، وألوف الألوف من الأتباع على منهج رجل واحد لا يخالفونه يسيرا بل يجتمعون على لوم من خالفه وذم من نازعه.
واعلم يا ولدي أني كنت مثلك طالب علم صغير السن كثير الجدل قليل التجارب، وما كنت مثلي طالب سلامة كبير السن قليل الجدل طويل التجارب، وأعني بقولي طالب سلامة أني غير ملتفت إلى غيرها من الفوائد على حد قول القائل: (رضيت من الغنيمة بالإياب) ولذلك قيل ( طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم) والمجرب لا يعدل بالسلامة ولا يرتاع من عدوان الظلامة والملامة.
ومن كملت فيه النهى لا يسره ........... نعيم ولا يرتاع للحدثان
فأنت في مناظرتك تطلب مني تجريب المجرب، وما لي داع بعد تقديم تجربتي إلى تجريب لولا محبة الإسعاف لك على سبيل التقرب إلى الله / تعالى والتقريب. وربما انتفع غيري وغيرك بما دار بيني وبينك وقد أحسن من قال في طلب المآرب:
أرى غفلات العيش قبل التجارب
وسوف إن طال بك الزمان وجمعت بين البرهان والقرآن والإخبات إلى الرحمن والزيادة في الإيمان تذكر ما قلته لك من الفرق بين الحالين والتمييز بين المقامين وهذا مقام لا دليل فيه إلا التجربة المنزهة معارفها عن طرو الشبه، وهو مقام الرياضات والتجريبات وهو أحد أقسام العلوم الضروريات والمدارك العقليات، يختص بعضها بمن اختص به من العقلاء كبعض المتواترات والكلام في هذه الأمور وإن طال فهو مناسب لمقتضى الحال

60
فإن للام أربعة معان مشهورة عند أهل العربية والمعاني والبيان وأوضحها وأشهرها وأثبتها وأكثرها ( إفادة العهد ) الذي قصدته في أبياتي
[يقصد:
أصول ديني كتاب الله لا العرض ........... وليس لي في أصول بعده غرض]
 
62
إلا في صورة واحدة وهي إذا تقدم لفظ (كل) مضافا إلى مفرد مثل: كل رجل لم يقم، فإنه يتوجه إلى الإفراد دون الشمول، بخلاف ما لو قدم النفي، فقلنا: لم يقم كل رجل، فإنه ينصرف إلى الشمول، ولا يدل على انتفاء المجيء عن كل فرد، وقد اضطرب صاحب التلخيص في الفرق بينهما، وتوهم بعضهم أن العلة مجرد تقديم المسند إليه وتأخير النفي، وليس كذلك فإنك لو قدمته وجعلته جمعا لانصرف إلى الشمول كقولنا: كل الرجال لم يقوموا، وإنما هو عرف لغوي مقيد بقيدين: أحدهما تقديم المسند إليه وثانيهما إفراده مؤكدا بكل.
وأحسن ما وجه به أنه حينئذ نفي لفعل الكل، أي لفعل كل واحد وقولنا: لم يقم كل أحد نفي الكل عن الفعل، وهذا الثاني هو الذي دل عليه الباب لم يخرج منه إلا تلك الصورة الواحدة وجميع الأمثلة وإن كررت من هذه الصورة كقوله  كل ذلك لم يكن
وقول أبي النجم:
قد أصبحت أم الخيار تدعي ........... علي ذنبا كله لم أصنع
برفع كل ولو نصب انصرف إلى الشمول كأنه يخص المبتدأ والخبر
وكذلك يجب إفراد الخبر من قولنا كل رجل قائم، ويمتنع قائمون وهو يحتمل زيادة في النظر والله الفتاح ومنه:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ........... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
ومنه ما جاء القوم كلهم ولم آخذ كل الدراهم وكل الدراهم لم آخذ، النفي فيه متوجه إلى الشمول خاصة، كما قاله عبد القاهر، وقولنا: ما جاء القوم كلهم مما نص عليه عبد القاهر وهو / نظير قولي (لا العرض) متى كان بمعنى الأعراض كلها إلا أني لم أؤكده بكل، وكل في هذا الموضع للتوكيد لا للتأسيس قطعا وفاقا لأنها متأخرة فلا يخل سقوطها بمعنى ما قبلها ولا يغيره بدخولها.

63
ويوضح ما ذكرت أنك إذا قلت في النفي: ما جاء رجل أفاد العموم، فإذا جعلت الرجال موضع رجل تغير المعنى، فيتغير العموم، وقد ذكره مختار في المجتبى وقال: هو مثل ما جاء عشرة رجال لا يفيد مجيء التسعة فما دونها وأجاب عن قوله {لا تدركه الأبصار} بأن العموم مستفاد من معنى المدح كقولنا: فلان لا يفعل القبائح فإنه يعلم من معنى المدح أنه لا يراد أن يفعل بعضها.

64
فجعلت دليل المعجزات أقرب وأقوى وأجلى وأقطع للحجاج وأولى، كما اعتمدها إن شاء الله تعالى عند القصد إلى إفحام الخصوم / وقطع اللجاج، وكذلك الاستدلال بما في هذا العالم من عجائب المصنوعات وغرائب المخلوقات، وما في جميعها من الإحكام والإتقان المعلوم بالفطر حاجته إلى صانع أحكمه وعليم قدره، وهذان الطريقان صحيحان، أما الاستدلال بالمعجز فلا أعلم فيه خلافا، وأما الاستدلال بالأجسام من جهة الإحكام فكذلك لا أعلم وجها للخلاف فيه، إلا أن في عبارة ابن متويه إشعارا بخلاف أبي هاشم وحده في ذلك وما هو عندي بصحيح عنه إن شاء الله تعالى، كما دل عليه ابن متوية في أوائل المحيط

66
وإذا جاز الخطأ على أبي علي فيما يقطع فيه أنه من المشاهدات وعلى أبي هاشم فيما كان يقطع على أنه من الضروريات فالخطأ عليهما في الاستدلاليات الخفيات أقرب، وحصر الطرق إلى الله تعالى في هذا الأمر الخفي أغرب وأعجب، وليس القصد بهذا خفضي رفيع منزلتهما ولا القدح في عظيم علمهما، وإنما القصد أمران: تهوين أمر المخالفة في هذه الدقائق على السائل، وأن المخالف فيها جدير أن يسلك به مسالك من تقدمه من المختلفين في هذه المسائل في تطلب وجوه المحامل وأن لا يخص بذلك الأوائل، وثانيهما أن لا يرجحا على جميع من خالفهما من الأئمة وعلماء الأمة، ولا تغتر بكثرة مقلديهما في هذه البلاد ممن ادعى أنه لا يقلد في الاعتقاد، وهو لهما أو لأحدهما أو لمن لا يساوي آثارهما أتبع من الظل وأطوع من النعل، بل كيف لنا أن لا نعارض بهما رحمهما الله الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام والبراهين العظام، وما أشد كراهتهما لذلك وللسالكين هذه المسالك، فلو اقتدى بهما مقلدوهما ما قلدوهما، ولو لم يقلدوهما لاختلفوا كما اختلفا، وتحيروا وترددوا كما تحيرا وترددا، على ما جرت به العوائد في أحوال الخائضين في هذه الدقائق، والله أعلم.

74
فكيف يشتمل الكتاب الذي جاء به على أدلة قاصرة ما فيها دليل واحد يشفي ولا يكفي !! وكيف لم يقدح بذلك أحد من أهل عصره لا من أعدائه ولا من أصدقائه مع ما في الفريقين من الأذكياء النبلاء حتى يأتي بعض الشيوخ المتأخرين بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة فيستدرك على الله ورسله صلوات الله عليهم أجميعن وجميع العقلاء ما كانوا عنه غافلين.

78
وعندي أن البدع كلها معلوم ابتداعها بالضرورة التي لا يستطيع أحد النزاع فيها، ولكن كل مبتدع يعتذر لبدعته فمن ترك الأعذار سلك الجادة، ألا ترى أن الصوفية لا يستطيعون أن يدعون أن رسول الله  ولا أصحابه ولا التابعين كانوا يصنعون صنعهم في السماع، لكنهم يعتذرون بأنه يصلح قلوبهم ويقويها، ولا يقوم غيره مقامه مع وجود الاختلاف في جوازه بين أهل العلم وتعارض الأخبار فيه ونحو ذلك، والملوك لا يقدرون على دعوى أن النبي  والخلفاء بعده كانوا على مثل أحوالهم في الرسوم الملكية والأمور المصلحية لكنهم يعتذرون بفساد أهل الزمان، وقصد التهيب والتوصل إلى المصالح / على حسب الرأي تارة، وعلى حسب الضرورة أخرى، وكذلك أهل الوسوسة في الوضوء من المتعبدين والعارفين، وأهل التدقيق فيما لا يقع غالبا بين الفرضيين والمتفقهين.
وكذلك علماء الكلام والجدليون والمنطقيون لا يستطيعون أن يدعوا على السلف أنهم خاضوا في علمهم ولا مهدوا له قاعدة ولو كان شيء من ذلك لنقلوا نصوصهم في ذلك ولو وافق الجبائيين الصحابة والتابعون في إثبات الأكوان ومن قال بقول الإمام يحيى وأبي الحسين لنقلت أقوالهم في ذلك كما نقلت في الفقه والتفسير، ولما أطبقوا على تغليق هذه الأبواب كما أطبقت الرسل صلوات الله عليهم وخلت عنه كتب الله المنزلة أولها وآخرها، ولم يحسن من المسلم الممعظم لكتب الله ورسله صلوات الله عليهم والسلف الصالح أن يقطع على قبح حال من تشبه بهم في هذه الخصلة، وإن كان مقصرا في غيرها فالسيئة لا تقبح الحسنة لصدورهما عن فاعل واحد، والعاقل يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال. وإنما ذكرتُ الحجة بالكتب والرسل والسلف لأن المخاطب بحمد الله يعرف أنهم على الحق، وأنا كذلك وليس يحسن منا أن نفرض أنفسنا من جملة أهل الجاهلية بعد أن من الله علينا بالإسلام، ولو فرض ذلك جاهل لدلته البراهين الصحيحة على ملازمة من ذكرته للحق ..............
[المؤيد] فإن معرفة احتياج الإحكام إلى محكم من العلوم الضرورية الأولية قال: لأنه يجوز من طريق الاتفاق أن يسقط كوز من علو فينكسر ولا يصح من طريق الاتفاق أن يصير الخشب دواة.

80
ومن جوز في بديع خلق الإنسان أنه من طبع كمن جوز في كتابة المصحف المحكم أنه بمنزلة جمود المداد في الاستناد إلى الطبع فهو معاند موسوس لا يداوى بالنظر
 
81
فإن اختصاص جميع العقلاء في ذلك الزمان بأمر لا يوجد في واحد من العقلاء في هذا الزمان من خوارق العادة الممتنعة عقلا، ولم تختلف إلا في اللغة العربية، وقد كانوا في البلادة بحيث عبدوا الجماد الذين هم أشرف منه بالضرورة

83
فكيف يكون ما اشتد اختلافهم فيه وعلمت دقته وغموضه كاشفا وموضحا ومجليا لما أجمعوا على وضوحه وسهولته؟ وقد نص ابن متويه على كثرة الشبه في دليل الأكوان.

85
إلا أنه يلزم من كل نوع خاص حصوص جنسه العام، ويستحيل وجود النوع الخاص مع امتناع جنسه العام، إذ لو استحال وجود جنس الحيوان لاستحال وجود نوع الإنسان، وكذلك لو استحال في مسألتنا وجود جنس الشك في الاستدلالي لاستحال وجود نوع الشك المستقبل.
وهذه طريقة للمتكلمين في الاستدلال، وفيها عندي نظر ليس هذا موضع تحقيقه، وأوضح من ذلك أن تجويز ورود الشبهة لا يختص بوقت معين في البعد والقرب، فلذلك يجوز في كل وقت مستقبل وحاضر، ودخل في ذلك حال العلم وما بعده، وذلك مستلزم تجويزه في الحال وإنما اختص الاستقبال بمعرفة الوارد من الشبه بعينه وتأثيره ومعرفة أثره.
.........
والعلم الحق ما جمع ثلاثة أشياء: الجزم والمطابقة والثبات عند التشكيك، وببطلان واحد منها يبطل العلم فتأمل ذلك وجود فيه النظر

88
قال تقي الأئمة العجالي: إن كل من سمع ذلك من العقلاء قبل أن يتلوث خاطره بالاعتقادات التقليدية، فإنه يقطع ببطلان هذه المذاهب، ويتعجب أن يكون في الوجود عاقل تسمح نفسه بمثل هذه الاعتقادات ويلزمهم أن يجوزوا فيما شاهخدوه من الأجسام والأعراض أن تكون كلها معدومة، لأن الوجود غير مدرك عندهم، وإلا لزم أن يرى الله لوجوده، بل إنما يتناوله الإدراك للصفة المقتضاة عندهم وهي صفة التحيز، وهيئة السواد والبياض فيهما، غاية الأمر أن الجوهرية عند بعضهم تقتضي التحيز بشرط الوجود، ولكن الترتيب في الوجود لا يقتضي الترتيب في العلم، كما في صفة الحياة والعلم، فيلزمهم أن يشكوا بعد هذه المشاهدة في وجودها. وكل مذهب يؤدي إلى هذه التمحلات، والخصم مع هذا يريد سفاهة ولجاجا، فالواجب على العاقل الفطن الإعراض عنه والتمسك بقوله تعالى: {فإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلام} ومن ذم من السلف الصالح الكلام والمتكلمين، إنما عنوا أمثال هؤلاء ظاهرا والله الموفق انتهى بحروفه. وهذا كلام أئمة الاعتزال بعضهم في بعض، وفيه اعتراف بذم السلف الصالح للكلام والمتكلمين، وتأويل ذلك بالغلو في الكلام، ومن ذلك ما قدمنا عن القاسم والهادي والناصر من ذم الكلام، وما ذكره صاحب الجامع الكافي عن متقدمي العترة من ذلك كزين العابدين وزيد بن علي والصادق والباقر وعبد الله بن موسى وأحمد بن عيسى والحسن بن يحيى وصنف محمد بن المنصور في ذلك كتاب الجملة والألفة، ونقل عن هؤلاء وغيرهم النهي والكراهية للكلام والخوض فيه، وكذا فقهاء الإسلام وأئمة الحديث وجميع السلف المتقدمين كانوا على ترك هذا، وبعضهم ينهى وبعضهم يقرر الناهي وهو من أصح الإجماعات السكوتية والله أعلم.

90
وما صارت السوفسطائية إلى إنكار العلوم، إلا من شدة البحث بدليل أنه ليس في أهل الجمل من ينكر الضرورة، ولا من ألزم إنكارها

91
ومن لم ينفعه الدواء الرباني والنبوي لم ينفعه الدواء الجبائي والمتّوي. لا يقال أبطلتم النظر كله ببعضه، لأنا لم ننف النظر كله، بل أثبتنا النظر في أوائل الأدلة على طريقة السلف، كما نبه عليه القرآن، وإنما منعنا التعمق في إثبات الأمور الجلية في النظر بطرائق أخفى منها، وبينا بالتجارب وغيرها أن شدة التعمق لا تنفع في الوساوس ولا تداويها، بل تزيدها في حق كثير.

92
والمعجز حادث بالضرورة ومخالف للطبع والعوائد بالضرورة.

92
ولم يقل أحد من جميع فرق المسلمين من المتكلمين وغير المتكلمين إن النظر في فعل الله تعالى المعجز ليس بطريق إلى معرفة الله تعالى.

92
وظهر أن الفرق بين النبي والساحر ضروري، لكنه تارة يرجع إلى العلم ببراءة / النبي  من علم السحر، كما يعلم الإنسان براءة كثير من أهله وصحبه من ذلك، وهذا يحصل لمعاصريه بالخبرة ولنا بالتواتر وإليه الإشارة بقوله تعالى: {أم لم يعلموا رسولهم فهم له منكرون}، وقوله: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} وذلك لأن السحر ليس من علوم العقل، ولا بد من تعلمه من شيوخه ... وقد ألفت في هذا المعنى مصنفا مفردا سميته (البرهان القاطع في معرفة الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع)

93
وممن جود الكلام في النبوات الجاحظ، فيبحث عن كتابه في ذلك

96
وقد ذكر الغزالي شبه السوفسطائية، وذكر أنه لم يتمكن من دفعها من نفسه إلا بنور قذفه الله تعالى في قلبه، وقد شاهدنا من شك في الضروريات من الموسوسين.

99
وكيف يجوز في العادات أن تنصرم الدهور وكتب الله خالية عن التصريح بأمر لا يعرف الله بسواه، ورسله المبعوثة بالهدى لا تذكره لأحد ممن اتبعها وتعلم الهدى منها، وكذلك من عاصرهم وكلام الله أبلغ الكلام، والبلاغة مشتقة من بلوغ المتكلم بكلامه إلى بيان مراده ووضوح مقصده وتخليصه من نقص الخطأ والتقصير عن إصابة الشواكل ولصق المفاصل

99
ولذلك قال الزمخشري رحمه الله في كشافه في رد بعض تأولاتهم مما لا يطابق البلاغة، وما هذا إلا من ضيق الفطر / والمسافرة عن علم البيان مسافة أعوام، وبالجملة فالقوم من علماء الإسلام، ولكل خطأ وصواب، وفي كل كلام قشر ولباب، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا من عصم الله تعالى. ولنا من الخطأ أكثر مما هو لهم، وليس القصد تزكية النفس والإزراء بمن لا نساوي ولا نقارب أدنى مراتبه، وإنما القصد ترك الغلو منهم المخرج لهم في المعنى عن حد البشر، وإن كان المعظم لا يصرح بذلك في لفظه فقد كاد يعاملهم تلك المعاملة أو يخاف من وقوع ذلك من غيره ولو في المستقبل، فإن المحقرات وسائل إلى العظائم.

100
وإنما استكثرت من نسبة الأدلة إلى العلماء، وإن كانت الأدلة كافية بأنفسها لما رأيت في طباع الناس من الاستئناس بالقائلين بالأدلة، وجربت ذلك
 
106
قوله: لم قلتم كان هذا الإجماع حجة. قلنا: لأن المتكلمين المعتزلة والسنية والفقهاء يستدلون به وهذا آية كونه حجة.

107
فلا يلزم من ثبوت حكم ما في ألف ألف صورة ثبوته في غيرها فكيف يلزم من ثبوته في صورة واحدة ثبوته في غيرها، ألا ترى أن الحيوانات العنصرية تحرك فكها الأسفل في مضغها، والتمساح وحده يحرك فكه الأعلى في مضغه

108
أما جعل القدرة على التبع علة للقدرة على الأصل فمما تستبعده العقول السليمة والطباع المستقيمة عند تظاهر الأمارات عليه، فكيف إذا لم يكن شبه أمارة، وكان من وساوس النفس الأمارة!

109
لا نسلم بأن الدوران دليل علية المدار للأثر الدائر وليس كذلك، ألا ترى أن الحكم يدور مع الشرط، والعلة المساوية تدور مع المعلول وجودا وعدما، وأحد الحكمين المتلازمين يدور مع الآخر وجودا وعدما، وإن لم يكن شيء من ذلك علة وكذلك التحرك يدور مع الاعتماد وإن لم يكن علة له عندكم.

111
ولقد صدق الشيخ أبو الحسين رحمه الله تعالى في مقالته: أني لو اقتصرت على ذكر أدلتهم وعللهم لكفى الناظر فيها في العلم بأنها لا تثمر ظنا فضلا عن علم، أترى قلوبهم تسكن ونفوسهم تطمئن عندها؟ ثم قال تقي الأئمة العجالي رحمه الله: فإن هذه الحجج التي قنعوا بها في إثبات هذا الأصل العظيم ليس يصلح إيرادها عند ملاعب الصبيان في ترويح الخيال، فكيف بمثل أصل هو أساس الإسلام

118
إن من أحسن من عبر عن هذه المسألة الكبرى شارح (جمع الجوامع) لكن النساخ غيروا بعض ألفاظه، فشككت في بعض ألفاظه مع معرفة مراده، فجعلت العبارة لي وزدت اليسير حيث تصح الزيادة وتجوز وتحسن، ولم أتظنن في موضع لا يحل فيه الظن، ويتوقف فيه على النقل

121
وكلامهم مجرد دعوى والدليل عليهم في هذا المقام، فإن أبدوه وجب علينا نقضه، وإن لم يبدوه لم يلزمنا شيء من مجرد الدعوى بغير حجة ولا هدى ولا كتاب منير.

124
وليس شيء مثل المسميات بأسمائه في الدنيا، فكيف بمعاني أسماء الله وصفاته، لكن الإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد مع الفارق المميز.

125
والإحكام الخاص هو الفصل بينهما بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر، يعني على من عرف هذا الفصل. وهذا التشابه الخاص إنما يكون بقدر مشترك بين الشيئين مع وجود الفاصل بينهما، ثم من الناس من لا يتهدي إلى ذلك الفاصل فيكون مشتبها عليه ومنهم من يهتدي له فيكون محكما في حقه فالتشابه حينئذ يكون من الأمور الإضافية

127
وليس عدم الوجدان عند الطلب في علم الطالب يدل على عدم وجود المطلوب في علم الله تعالى

129
فأما الاحتمال فلا يسمى علما البتة لا حقيقة ولا مجازا، وأما الظن فقد يسمى علما مجازا .... ولا يجوز في اللفظة الواحدة أن يراد بها كلا معنييها على الصحيح، ولا يقوم على خلاف ذلك دليل من اللغة البتة، على أن أبا هاشم قال: إنه محال عقلا، ومجرد احتمال ذلك عقلا أو لغة ليس بدليل قطعا.

131
وهذا يرجع إلى تجويز وجود الجنس مع عدم جميع أنواعه مثل حيوان ليس بناطق ولا أعجمي ولا أرضي ولا بحري ولا سمائي، وذلك محال عند الجميع، ولو قبل مثل ذلك قبل قول ابن عربي الطائي صاحب كتاب (الفصوص) من أن الحروف أمة من الأمم مبعوث إليها رسول منها لدليل جملي ويمتنع صحة الدليل الجملي مع امتناع التعيين، كما يمتنع إثبات الجنس مع امتناع الأنواع كلها وهو المسمى بالوجود المرسل، وهو أحد المحالات والمنصف يجد من الجهل بمعنى هذه الحروف الذي أراده الله على التعيين

131
المتأول بتأويل معين إما أن يقطع على أن تأويله ذلك هو مراد الله تعالى ويقطع ببطلان كل تأويل سواه، فهذه [كذا] لا قائل به، ولو قال به أحد ما ساعده الدليل لأنه من قبيل الاستدلال بعدم الوجدان في نفس الطالب على عدم وجود المطلوب في علم الله تعالى، وقد مر إبطاله

132
أما التجويز فليس من العلم في شيء وهو محض الجهل إذ لا معنى للجهل إلا احتمال أحد النقيضين من غير ترجيح أو نحوه، فاعتقاد أنه علم ولا سيما في تفسير كلام الله تعالى والاطلاع على مراده غاية الغرور

134
قال زيد بن علي عليه السلام في كتاب (المجاز) من رواية أبي عبد الله جعفر بن محمد بن هارون المقري ما لفظه: والقرآن على أربعة أوجه، حلال وحرام لا يتبع الناس جهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وعربية يعرفها المعرب، وتأويله لا يعلمه إلا الله تعالى.

134
وأما من ذهب إلى غير هذا المذهب من الزيدية فلإعراضهم عن كتب أئمتهم الموجودة بين أظهرهم وإقبالهم على كتب غيرهم، فالله المستعان.

136
ولو كان علمهم بتأويله حاصلا كعلمهم بتأويل المحكم لم تقع هذه الجملة هذا الموقع من البلاغة.

136
فكما لم يرد القرآن بأنه لا إله إلا الله ولا نبي إلا من أوحى إليه الله أو نحو ذلك لكثرة الأنبياء وعدم فائدة صيغة القصر أو عدم بلاغتها وفصاحتها حينئذ فكذلك هذا، وذلك أن علماء المعاني والبيان نصوا على أن قصر الصفة على الموصوف لا يخاطب به إلا من يعتقد الشركة، ولذلك سمي قصر إفراد لقطع الشركة / وليس في الوجود مخاطب يعتقد أن العوام العمي يشاركون الله والراسخون في علم تأويل المتشابه حتى يرد اعتقاده بهذا القصر، وإنما الموجود من يعتقد أن الراسخين يشاركون الله تعالى في ذلك، فحسن قصره على الله لقطع اعتقاد من جعل لله فيه شركاء، فافهم ذلك وتأمله فإنه جيد.

138
وقد ثبت جواز حذف (إما) مع إثبات قسيمها مع القرينة الدالة على ذلك بغير الآية الكريمة، وأما حذف القسيم فلم يصح قط إلا مجرد دعوى في هذه الآية، وذلك مجرد احتمال لم يثبت له رجحان البتة فلا يكون له دليل

138
وإن صح نادرا فقواعد البصرية من النحاة وجوب تأويل ما سد [كذا والصواب شذ] عن الأصل بما يلائم الأصل

139
وهذا المثال نص عليه وعلى ما ذكرته فيه ابن هشام أحد كبار النحاة في كتابه (مغني اللبيب)
 
140
وإذا كان أصل أما للتفصيل وفاقا لم يصح دليل على خلاف الأصل، لأن المدعي له مستغن عن إقامة الحجة لبقائه على الأصل، ووجبت الحجة على أن [كذا] من ادعى خلاف الأصل.

141
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {ويقول الراسخون في العلم آمنا به كل من عند ربنا} وابن عباس ترجمان القرآن وهذه قراءة لا تفسير، فهي في حكم المرفوع إلى النبي  وهي ترجح أحد الاحتمالين في الآية كالخبر الآحادي، وإن لم تتواتر قراءته قرآنا، لكن الصحيح وجوب العمل بها لقوة الظن بصدقه، كما هو مقرر في الحجة بخبر الواحد في فطر العقول وشريعة المصطفى وإجماع المسلمين بعده.

141
ومن عادة الزمخشري التقوي بالقراءات العربية [الصواب الغريبة] على المعاني فكيف بالمشهورة المصححة والحمد لله كثيرا.

142
الدليل السادس عشر: وهو ما يبطل دعواهم لذلك بحجة واضحة يعبر عنها بحروف مقطعة من جنس ما فهموه عن الله تعالى، فإن فهموا عنا مرادنا فيها سلمنا لهم، وإن لم يفهموا وضح الحق، فنقول في احتجاجنا عليهم {ألم، وكهيعص}

143
ولم يرد التعبد بالتقليد في غير العمليات، بل ورد النهي عنه وذم من عمل بغير علم

144
وأقل من هذا يكفي المنصف، وأكثر منه لا يكفي المتعسف

144
وأجمع الكل من الشيعة والمعتزلة وطوائف الأشعرية الأرقبعة على أن العبد فاعل مختار، وهذا غريب لا يكاد يصدقه الواقف عليه ويبادر إلى تكذيب راويه حتى يبحث البحث التام فيأخذ تحقيق المذاهب من كلام محققي أئمتهم وحوافل مصنفاتهم، ومع غرابته قد نص عليه السيد صاحب (شرح الأصول) في أوائل الفصل الثاني في العدل في الكلام على التحسين والتقبيح، وقال فيه ما لفظه / وبعد فلا خلاف بيننا وبينكم في أن هذه التصرفات محتاجة إلينا ومتعلقة بنا وأنا مختارون فيها وإنما الخلاف في جهة التعلق أكسب أم حدوث، هذا نصه بحروفه، وقد جمعت هذه المسألة ولخصتها في سنين عديدة، وجمعت فيها مصنفا مفردا وبان لي أنه لا يوجد جبري محقق، إلا أن تكون فرقة شاذة كالمطرفية والحسينية من الزيدية ونادرا كالرازي وحده في أحد قوليه، وقد رجع عنه في نهاية العقول، وفي وصيته التي مات عليها، أو عامي لا يدري كالمشبه من عوام الزيدية والمعتزلة

148
الشرط في قرينة المجاز أن تكون متقررة عند من وجه الخطاب إليه معلوما عنده بطلان ظاهر الكلام، كما في قولك في وصف الكريم: إنه بحر عذب أو مزن ثجاج، بحيث لا يرتاب في ذلك السامع، لكن الكلام إذا صدر ممن يعلم ما لا يعلمه، ويقدر على ما لا يقدر عليه، وقد جربنا خرق العادات من جهته، وعقدنا ضمائرنا / على الإيمان بما لا تحتمله عقولنا من أخباره، حتى صدقناه في خروج العالم من العدم وثبوت موجود لا أول لوجوده من القدم وحياة الموتى وثبوت الدار الآخرة فهنا لك تنهد القرينة العقلية ولا تتماسك ضعفا في مقام الآي القرآنية

149
ولو أنا أعددنا هذا وأمثاله من حنين الجذع وتسبيح الحصى وكلام الذراع على المجاز لأدى هذا إلى الاستهزاء برسول الله  وحاشا مقامه العزيز من ذلك، لأن كلام هذه الأشياء المجازي ممكن حتى مع الكفار

150
وذلك مع إمكانه متعين، لأن المجاز خلاف الأصل الظاهر، ولا يحل المصير إليه مع إمكان الحقيقة وفي ذلك صون جلالة التنزيل من تجرؤ كل فرقة على مستبعد التأويل أدنى شبهة يتوهمون أنها تستحق اسم الدليل، فأين خصائص النبوة وما فائدة الإخبار بالمجاز الذي يمكن كل واحد أن يخبر بمثله؟

151
الوجه الأول: أنه الظاهر، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل مانع منه بإجماع المسلمين، ولو جاز العدول إلى المجاز بمجرد الاستحسان مع جواز الحقيقة لصح مذهب الباطنية، أو أمثالهم، ولم يوثق لله سبحانه وتعالى بخبر البتة ....
فما أعجب ما صنع [الزمخشري] فإن كانت الحقيقة عنده جائزة غير مستحيلة، فما يسوغ له صرف كلام الله عز وجل عن حقائقه، ولا يحل له تقديم رأيه على صوادع القرآن ونواطقه، وإن كان الظاهر عنده من المحالات بالأدلة العقلية القاطعة، فما يحل له أن ينسب إلى رسول الله  قول المحال الذي نزه عنه نفسه، ثم لا يزيفه لأن القول بوجود ذلك عنده كذب وزور بالأدلة القطعية، وجدير أن لا تسود له تفاسير الكتب الربانية، وهذه طريقة الزمخشري في كثير من تفاسيره وله بالمجاز ولع كبير، حتى إنه ذكر أن خلق الله عز وجل للخلق مجاز، وأن الحقيقة إنما هي في خلق أحدنا الأديم، ونحوه ذكره في أساس البلاغة، وهذا يقتضي أن تسمية الله تعالى بالخالق مجاز يجوز نفيه عنه بغير قرينة، ويكون الحق وصف الله بأنه غير خالق على التحقيق، وإنما الخالق الحق من لا أحب ذكره هنا من صناع الجلود ... فقد صار الخالق يطلق على الله تعالى في الحقيقة العرفية، بل في الحقيقة الشرعية، وهي أقدم الحقائق وكلتاهما مقدم على الحقيقة / اللغوية كما هو مقرر في علم أصول الفقه من الأسماء الحسنى

153
والظاهر أن الوحي لفظة مشتركة بين معان على الحقيقة حيث هي الأصل ولا يثبت المجاز إلا بدليل

154
وقد اعترف [الزمخشري] أن الكلمة الواحدة لا تكون حقيقة ومجازا في حال واحد، وقد التزم بهذا أن تسبيح المكلفين مجاز وماذا أولى من عكسه، ولا يعجز خصمه عن مثل دعواه

156
وقوله في هذه الآية {وكثير من الناس} دليل على الحقيقة لأنا لو حملنا سجود الجمادات على المجاز الذي هو نفوذ مراد الله تعالى من فعله فيها من غير اختيارها لدخل الكفار في ذلك

156
وقد اشترط علماء هذا اللسان وضوح القرينة ولذلك منعوا تسمية أبخر الفم أسدا، لأجل اشتراكهما في البخر وليس في لغة العرب أن يقول: سجدت لي الأرض إذا كان متمكنا من عمارتها وخرابها وزرعها ونحو ذلك

161
فيا هذا [الزمخشري] إن كان مثل هذا جائزا عندك داخلا في مقدور الله، فما أحل لك تأويل {علمنا منطق الطير} وأوجب عليك الإيمان بكلام النملة، وإن كان هذا الجنس عندك من المحال، فكيف صح عندك الإيمان به في هذه الآية وحدها، وإن كان هذا تفسير المسمى بالعلامة المشهود له في علوم المعاني والبيان بالإمامة، وهو كذلك في هذا الفن، فكلمة الحق لا نجحدها ولا / نحسده عليها، فما ظنك بكثير من المفسرين الذين لم يعضوا على هذا العلم بناجذ قاطع، ولا حظوا من الإتقان له بطرف صالح، فما أحق الناظر في كتاب الله تعالى بعدم الاتكال على تقليد الرجال، أو عتلى الترك لما لا يعرفه والاقتصار على الإيمان به والتلاوة وليتدبر جلالة التعبير وليعلم أنها مرتبة تقارب مرتبة النبوة لأن مرتبة النبوة التبليغ عن الله تعالى لكلامه، ولا شك أن معظم المقصود من كلام الله معناه فالمفسر له كالمبلغ عن الله سبحانه

163
ولم أقصد بالتطويل في هذا نقيصة عالم، وإنما قصدت أن يكون تالي كتاب الله تعالى عارفا بما اشتملت عليه التفاسير من الحشو الكثير حذرا من البدع يقظا فيما يحتاج إلى النظر لا يتبع كل ناعق ولا ينقاد لكل سائق، والله عند لسان كل ناطق وقلبه ونيته

164
فصل في الإشارة إلى ما يعرف به المجاز من الحقيقة
اعلم أن اللغاتبأسرها ما وضعت إلا لبيان المقاصد وإيضاحها، وأن المجاز لو صح على الإطلاق من غير شرط ولا دليل عليه لبطلت الفوائد المأخوذة من الكتاب والسنة، بل لبطل فهم بعضنا من بعض، وإذا أردت أن تعلم أن الأمر في ذلك غير ملتبس لولا الأهواء والعصبيات فانظر إلى أشعار الفصحاء وخطب البلغاء كيف يبين فيها المجاز من الحقيقة من غي لبس، فكيف يقع اللبس الشديد في كلام المعصوم من التلبيس على المخلوقين المبعوث رحمة للعالمين  بل في كلام الله جل جلاله الذي جعله شفاء لما في الصدور ونورا لا يطفأ إذا طفئ كل نور، فقد وصفه الله أصدق الواصفين بما يجزي الصادين عنه والمتشككين من الأحكام والفصل والفرقان والنور والهدى والتبيين والعقل يدرك هذا لو لم يرد منصوصا في القرآن المبين.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن شرط الحسن في المجاز أن يكون معلوما عند السامعين غير ملتبس بمقاصد المتخاطبين، ألا ترى أنه لا يلتبس المجاز في قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} ولا الحقيقة في قوله تعالى: {ولا طائر يطير بجناحيه} وقوله تعالى: {أولي أجنحة} وكذلك لا تخفى عليك في قوله تعالى: {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} وعدم التجوز في قوله {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وكذلك لا يخفى التجوز في قوله {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} ولا الحقيقة في / قوله {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} أو أمثال ذلك مما لا حاجة إلى استقصائه من غير تعلم لعلوم المعاني والبيان ولا تقليد لعلماء هذا الشأن، بل لبقاء سامع هذه النصوص على الفطرة، وعدم ثبوت الفهم السليم بما يعمي عن البصيرة ويورث الحيرة، فهذا الأصل هو المعتمد عليه الجملي، ولذلك يفرق العامة بين قولك زيد أسد وبين قولك من غير قرينة: إن الأسد عدا على الناس ومتى قال القائل: دخلت على الملك ورأيت البلاد في يده لم يشك من لم يسمع بعلم المعاني أنه مجاز ومتى قال: دخلت على الملك فرأيت كتابا في يده أو سيفا أو خاتما لم يشك المبرز في علم المعاني أنه عنى الحقيقة، بل الباطنية الغلاة الذين يزعمون أن كل الكلام مجاز مضطرون إلى سلوك الجادة التي عليها العامة، وإلا لما وجدوا إلى فهم كلام أئمتهم ودعاتهم سبيلا البتة، فإذا تطلعت إلى معرفة ما لخصه علماء المعاني في هذا فهو البناء على الحقيقة إلا عند وضوح إحدى القرائن وهي ثلاثة لا رابع لها:
إحداها العقلية، وهي ما يعلم المتخاطبون استحالة ظاهره من غير كلفة مثل قولهم: إن البلاد في أيدي الملوك، وإن الكلام الحسن الترصيف دررا منظوم من الملاحة في سلوك، ومنه تسمية الشجعان بالأسود السود، والكرماء بغيث الوفود، ومنه: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها أي أهلها.
ثانيها: القرينة العرفية، وهي ما جاز في العقل وامتنع في العرف مثل مباشرة الملوك الكبار لبعض الأعمال تقول: عمر الخليفة بنى دارا، أي أمر بذلك، ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون: {يا هامان ابن لي صرحا} أي مر من يبني.
ثالثها: القرينة اللفظية: كقول الشاعر:
لدى أسد شاكي السلاح مقدف [كذا] ........... له لبد أظفاره لم تقلم
/ فقوله شاكي السلاح قرينة لفظية تدل على أن الممدوح رجل شجاع لا سبع وذلك كثير.
ومنه قوله تعالى: {الله نور السموات والأرض} أي منورهما بدليل قوله تعالى: {مثل نوره} لأن إضافة النور إليه تدل على أنه رب النور وخالقه، وأراد بالنور هنا نور العلم والهدى بدليل قوله {يهدي الله لنوره من يشاء} وقد تكون منفصلة في العموم والخصوص كقوله {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} في بيان المراد من قوله تعالى: {في يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} فهذا في بيان المراد من نفي الخلة وإنه عن غير المتقين، وكذلك قد ورد م يبين أن نفي الشفاعة غير عام، وذلك قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} وغير ذلك، وقد تكون قرينة التخصيص في كلام رسول الله  كما في تخصيص الحائض بتحريم الصلاة مع عموم الأمر بها في عمومات القرآن والسنة وتخصيص ما لا تجب فيه الزكاة من الأموال مع عموم خذ من أموالهم صدقة وفي الحديث لا يأتي رجل مترف متك على أريكته يقول لا أعرف إلا هذا القرآن فما أحله أحللته وما حرمه حرمته ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا وإن الله حرم كل ذي ناب من السباع ومخلف من الطير، وهذا مخصص ومبين لقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} الآية فينبغي لحامل كتاب الله تعالى أن يستكمل العلم بمعرفة السنة، فإن رسول الله  هو المبين لما أجمل من القرآن قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} وقال تعالى: {وما آتاكم الرسول / فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} والحمد لله رب العالمين.
 
انتهت الفوائد المنتقاة من هذا الكتاب النفيس، والحمد لله رب العالمين


[ تنبيه ]

الكتاب طبعة دار الكتب العلمية بدون تحقيق، وهي طبعة سقيمة، ومليئة بالتصحيف والتحريف، وأكثرها ظاهر للقارئ، والحمد لله.
 
الحمد لله ، وبعد

جزاك الله خيراً يا أبا مالك ، ونفع الله بك .

اختيارك للكتب مُوفَّق . فتح الله عليك .
وحبذا لو تشرع في الكتاب الآخر الذي هو من أنفس ما صنَّفه ابن الوزير ( إيثار الحق على الخلق ) فهذا الكتاب كنز على الحقيقة .
وأحب دوام قراءته لما فيه من فرائد عزيزة ، ونكت فريدة ، وإن كانت طبعته التي اقتنيها قديمة سقيمة .
وسمعت أن هناك طبعة محققة أظنها رسالة علمية ولكن لم استوثق الخبر .
فليتك تفعل أيها الحبيب الأريب .

أما كتاب ترجيح أساليب القرآن ؛ فقد طبعة احد أبناء الجزائر على ما أذكر طبعة جيدة .

ودمت لأبي العالية خيِّراً نافعاً مُرشِداً .
 
جزاكم الله خيرا، وأسأل الله لي ولك التوفيق يا أخي الكريم

والحقيقة أنني قرأت (إيثار الحق) قديما، ولكني لم أذكره هنا لأنه قليل التعلق بالتفسير وعلوم القرآن.

وقد شرعتُ في سلسلة موضوعات من تلخيص الكتب في ملتقى أهل الحديث على هذا الرابط لمن أراد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=107944

ولكني لم أضع هنا إلا ما له علاقة بالتفسير، ولكن بما أنك طلبت فطاعتك لازمة، فأبشر !

وأقول لك أيضا: إنني قرأت لابن الوزير كتاب (الروض الباسم) وهو من أنفس الكتب، وأراه أروع من إيثار الحق، وهو مختصر من كتابه الآخر (العواصم والقواصم).
 
الحمد لله ، وبعد ..

أحسن الله إليك .

رمتُ الكتاب وجَرْد نفائسه بأسلوبك الطيب النافع ؛ لأن كنوزه محتاج لها كل طالب علم ، في كافة الفنون ، وهو من باب الترويح بين الكتب المتخصصة الغزيرة العلم ، والذي نفعتنا بها بارك الله فيك وأحسن إليك .

وأشكرك على لطفك مع أخيك ؛ ولكن ؛ فلتكن الطاعة للأنفع رفع ربي قدرك سيَّما أنَّ فهمك أجود من فهمي ، ونظرك أحسن وأثقب ، واختيارك أصوب .
( وأنت فصِّل ونحن نلبس ، وأشِّر ْ ونحن نقشر !! ) فابق على ما تراه مناسباً جزاك ربي خيراً .

وأضيف مداعبة :
قال لي شيخنا الشيخ شعيب الأرنؤوط حفظه الله أثناء قراءتي عليه كتاب ( توضيح الأفكار ) :
( أنَّ من أنفس كتب ابن الوزير رحمه الله ؛ كتاب العواصم من القواصم ، وقد حققته في تسع مجلدات )
 
هذا من أدبكم بارك الله فيكم


(تنبيه)
الكتاب اسمه (العواصم والقواصم)، وليس (العواصم من القواصم)، فالأخير كتاب ابن العربي.
 
أحسنت يا أبا مالك فقد أجدت الاختيار بارك الله فيك ونفع بك .
وأما كتاب العواصم والقواصم فهو من أروع كتب ابن الوزير بدون شك ، ولا سيما طبعته البديعة التي أشار إليها أخي أبو العالية حفظه الله بعناية العلامة شعيب الأرنأووط وكم فيه من نفائس .
 
[align=center]جزاك الله خيرا وبارك فيــك ، وبارك الله في اليمن وأهل اليمن. [/align]
 
وأبشركم أن كتاب ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان لابن الوزير هو موضوع رسالة للماجستير لطالب نجيب في جامعتنا يقوم بتحقيقه والتعليق والشرح لبعض عبارات ابن الوزير النفيسة وكله نفائس وقد قرب موعد مناقشة الرسالة وسوف أضع عرضا للرسالة بعد مناقشتها لاحقا بمشيئة الله عز وجل
 
انتهت الفوائد المنتقاة من هذا الكتاب النفيس، والحمد لله رب العالمين

[ تنبيه ]

الكتاب طبعة دار الكتب العلمية بدون تحقيق، وهي طبعة سقيمة، ومليئة بالتصحيف والتحريف، وأكثرها ظاهر للقارئ، والحمد لله.

بارك الله فيكم يا أبا مالك ، وهناك طبعة أخرى للكتاب لعلها من حيث النص أجود والله أعلم .
[align=center]
6483e83efd47a4.jpg
[/align]
 
وهناك طبعة أخرى محققة أصدرتها مؤسسة المختار للنشر والتوزيع بمصر ، بتحقيق ودراسة الدكتور سعيد بن أحمد الأفندي الغامدي ، وتاريخ نشرها 1428هـ . وقد اعتمد في نشره على ثلاث نسخ خطية للكتاب ، وكان موضع رسالته للماجستير وكانت بعنوان (قواعد المنهج عند ابن الوزير اليماني بين النظرية والتطبيق مع تحقيق لمخطوط ترجيح أساليب القرآن) .
 
رحم الله ابن الوزير عالما شامخا وأذكر أن الشوكاني رحه الله عتب في البدر الطالع على الحافظ ابن حجر رحمه الله لأنه لم يعده من في ألأعيان في كتابه الماتع الدرر الكامنة
 
صحيح أن ابن الوزير مات قبل ابن حجر، إلا أنه يبدو أنه لم يشتهر إلا بعده، مع أن ابن الوزير ينقل عن ابن حجر في العواصم ويسميه حافظ العصر.
 
بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنامحمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم وتابع تابعيهم باحسان
الى يوم الدين
وبعد:سيدي فضيلة الدكتور/:عبدالرحمن بن معاضة الشهري.سلمت وسلم دينك ورزقت حسن الخاتمة.آمين
سيدي أين وجه المقارنة بين أساليب القرآن وهرطقة أساليب أهل اليونان أليس القيام بالمقارنة وترجيح أساليب القرآن
على أساليب أهل اليونان يعد في حد ذاته مسا بقداسة القرآن؟فالقرآن هوكلام خالق الخلق ومدبر الكون أما كلام أهل اليونان
هوكلام المخلوقين الذين تطرأ عليهم التغيرات.قوة.ضعف.سقم.صحة.عقل سليم.عقل سقيم....الخ
سيدي أرجو أن تتفضلوا بتوضيح الأمر في حدود الامكان وجزاكم الله كل خير عن الاسلام والمسلمين.آمين
 
عودة
أعلى