ذو المعالي
New member
- إنضم
- 28/11/2005
- المشاركات
- 4
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
*
*
لا يصحُّ ابتداءٌ في شيءٍ من العلم إلا عن طريق أصولِه، و لا أصولَ إلا مفاتيح العلم، و لا قيمة لمفتاحٍ بلا بابٍ، و العلمُ دارُ العقلِ، و الكتابُ بابُه، و الرجال مفاتيحُ الأبواب، و طالبُ العلم يُعطي كلَّ شيءٍ بوزْنِهِ و قَدْرِه، فمتى زاد أو أنقصَ لمْ يكنْ حاظياً بشيءٍ، إلا شيئاً لا يُجيز له انتساباً إلى العلم، و لا انتظاماً في مَسْرَد أهله.
بدهيَّةٌ تلك الأسطرُ، لذلك الإعراضُ و تركُ الاعتراضِ من نفيس همم ذوي الانتهاض، و إنما كانتْ لأجل أن تكون مالئةً ما يُسمى بـ " مُقدمة " لابُدَّ منها، وإن كان لها بُدُ فلها مقامُ "عِنْدُ".
" الفطام العلمي "، أنِسْتُ به وصفاً ظريفاً لأولئك الذين لم ينفطموا عن سِنِيِّ التعلُّم الأولى، و بقوا بعد البلوغِ في حال الرضاع، بمعنى: أنهم لا يزالون يتغَّوْنَ الغذاء الأول، و لم يتغذوا بغذاءِ المرحلة ذاتها، أولئك الذين يشعرون من أنفسهم أنهم لا زالوا في البدايات، و قد بلغت البداياتُ النهاياتِ، فسبقتهم بداياتهم، أولئك الذين لم يزالوا يُثْنون الرُّكَبَ عند الشيوخِ و لم يلحقوا بِرَكْبِ أهل الشموخ، بحجةِ الملازمة الدائمة، و الاستمرار للاستقرار، و الحال لو كان مختلفاً لما أُوْجِدَ مخالفاً، و لكنه حالٌ كما هو، لم يتغيَّرْ و لم يتبدَّلْ، فكانوا في أخَرَةٍ كما هم في أوَّلَةٍ.
المفاتيح للعلم تفتح قُفْلَ البابِ، لينفتحَ باب العلم للداخلِ إليه، و باب العلم قضاياه و مسائله و كلياته الكُبرى التي عليها المدار و الاستقرار، غالباً، ومن بابِ العلم يَخطو الطالبُ عتباتِ البابِ إلى دارِ العلم فيَنْعَمَ بما فيه من كرائم العلم، و نفائس اللطائف.
أنْ يكون المفتاحُ هو محل الاهتمام على حسابِ الباب و الدار فلن يجد الطالب وقتاً من العُمْرِ لأنْ يحصُلَ على تعُّمٍ بدار العلم، فيفوته الكثير، مما هو بالبؤس كفيلٌ.
زلَّةُ طالب العلم ألا يفطِم نفسه عن مراحل التغذية العلمية الأولى، فيبقى في نوع الغذاء، أو يبقى في فناءِ المُغذِّي، و مفتاحٌ، شيخٌ و أستاذٌ، لا يمنح طالبَه نهيؤاً لأنْ يكون متنقلاً عنه، تاركاً إياه، شاقَّاً طريقَ العلم بذاته، مستكشفاً أغذية عقله بتجاربه، مُغَذٍّ ليس أهلاً لأن يكون في مقام السموِّ، حيثُ لم يذقْ طعم العلم، و لم يُغَذِّ نفسه بالعلوم، لذا لن يمنح أحداً ما هو فاقداً له.
كما أن العلمَ مراحل، فكذلك مفاتيح العلم مراحل، و مرحلةٌ الاتساع، الدار، مفتاحها الطالبُ نفسه، فلا يركنُ إلا إلى بحثِه و حرثِه ففيه حثُّه و بعثُه، حيثُ المراحلُ الأُوَلْ كَفَيْنَه الرسوخَ إلى المُثُل، و هيأنَه لأنْ يكونَ المَثَل، فليُكثرَنْ أو لِيُقِلْ.
" الفطام العلمي " مرحلةُ صُناع العلم، و مُخترعِيْ المعرفة، و مُجدِّدِي حضارات العقل، فقد فَطموا أنفسهم، و جاوزا الرمزَ العلمي، فوجدوا فضاءً، لا يَفهم أحداً عنهم شيئاً، إلا من كان مثلُهم، فيجدون ممن لم يفهم ذماً، و لن يُقِلُّوا الذمَّ، لأنه ذم صارخٍ من ألَمٍ.
الحياةُ أُفُقٌ واسِعٌ، سَعتُها لا تنتهي إلى حدٍّ، ومهما أدرَك الإنسان نهايتها وجد وراءَ النهاياتِ بدايات لا نهايات لهنَّ، لأن الحياة تتجدد و تتمدَّد، و لا يعرفُ سِرَّها أحد، و السرُّ المُدْرَكُ رأسُ إبرَةٍ في بحرِ الكون، و العلم هو الحياة، و المعرفةُ هي قوة الحياة، ومتى يُنلانِ كما الحياةِ؟
"خاتمة " كـ " مقدمة "، و لا ضير.
*
لا يصحُّ ابتداءٌ في شيءٍ من العلم إلا عن طريق أصولِه، و لا أصولَ إلا مفاتيح العلم، و لا قيمة لمفتاحٍ بلا بابٍ، و العلمُ دارُ العقلِ، و الكتابُ بابُه، و الرجال مفاتيحُ الأبواب، و طالبُ العلم يُعطي كلَّ شيءٍ بوزْنِهِ و قَدْرِه، فمتى زاد أو أنقصَ لمْ يكنْ حاظياً بشيءٍ، إلا شيئاً لا يُجيز له انتساباً إلى العلم، و لا انتظاماً في مَسْرَد أهله.
بدهيَّةٌ تلك الأسطرُ، لذلك الإعراضُ و تركُ الاعتراضِ من نفيس همم ذوي الانتهاض، و إنما كانتْ لأجل أن تكون مالئةً ما يُسمى بـ " مُقدمة " لابُدَّ منها، وإن كان لها بُدُ فلها مقامُ "عِنْدُ".
" الفطام العلمي "، أنِسْتُ به وصفاً ظريفاً لأولئك الذين لم ينفطموا عن سِنِيِّ التعلُّم الأولى، و بقوا بعد البلوغِ في حال الرضاع، بمعنى: أنهم لا يزالون يتغَّوْنَ الغذاء الأول، و لم يتغذوا بغذاءِ المرحلة ذاتها، أولئك الذين يشعرون من أنفسهم أنهم لا زالوا في البدايات، و قد بلغت البداياتُ النهاياتِ، فسبقتهم بداياتهم، أولئك الذين لم يزالوا يُثْنون الرُّكَبَ عند الشيوخِ و لم يلحقوا بِرَكْبِ أهل الشموخ، بحجةِ الملازمة الدائمة، و الاستمرار للاستقرار، و الحال لو كان مختلفاً لما أُوْجِدَ مخالفاً، و لكنه حالٌ كما هو، لم يتغيَّرْ و لم يتبدَّلْ، فكانوا في أخَرَةٍ كما هم في أوَّلَةٍ.
المفاتيح للعلم تفتح قُفْلَ البابِ، لينفتحَ باب العلم للداخلِ إليه، و باب العلم قضاياه و مسائله و كلياته الكُبرى التي عليها المدار و الاستقرار، غالباً، ومن بابِ العلم يَخطو الطالبُ عتباتِ البابِ إلى دارِ العلم فيَنْعَمَ بما فيه من كرائم العلم، و نفائس اللطائف.
أنْ يكون المفتاحُ هو محل الاهتمام على حسابِ الباب و الدار فلن يجد الطالب وقتاً من العُمْرِ لأنْ يحصُلَ على تعُّمٍ بدار العلم، فيفوته الكثير، مما هو بالبؤس كفيلٌ.
زلَّةُ طالب العلم ألا يفطِم نفسه عن مراحل التغذية العلمية الأولى، فيبقى في نوع الغذاء، أو يبقى في فناءِ المُغذِّي، و مفتاحٌ، شيخٌ و أستاذٌ، لا يمنح طالبَه نهيؤاً لأنْ يكون متنقلاً عنه، تاركاً إياه، شاقَّاً طريقَ العلم بذاته، مستكشفاً أغذية عقله بتجاربه، مُغَذٍّ ليس أهلاً لأن يكون في مقام السموِّ، حيثُ لم يذقْ طعم العلم، و لم يُغَذِّ نفسه بالعلوم، لذا لن يمنح أحداً ما هو فاقداً له.
كما أن العلمَ مراحل، فكذلك مفاتيح العلم مراحل، و مرحلةٌ الاتساع، الدار، مفتاحها الطالبُ نفسه، فلا يركنُ إلا إلى بحثِه و حرثِه ففيه حثُّه و بعثُه، حيثُ المراحلُ الأُوَلْ كَفَيْنَه الرسوخَ إلى المُثُل، و هيأنَه لأنْ يكونَ المَثَل، فليُكثرَنْ أو لِيُقِلْ.
" الفطام العلمي " مرحلةُ صُناع العلم، و مُخترعِيْ المعرفة، و مُجدِّدِي حضارات العقل، فقد فَطموا أنفسهم، و جاوزا الرمزَ العلمي، فوجدوا فضاءً، لا يَفهم أحداً عنهم شيئاً، إلا من كان مثلُهم، فيجدون ممن لم يفهم ذماً، و لن يُقِلُّوا الذمَّ، لأنه ذم صارخٍ من ألَمٍ.
الحياةُ أُفُقٌ واسِعٌ، سَعتُها لا تنتهي إلى حدٍّ، ومهما أدرَك الإنسان نهايتها وجد وراءَ النهاياتِ بدايات لا نهايات لهنَّ، لأن الحياة تتجدد و تتمدَّد، و لا يعرفُ سِرَّها أحد، و السرُّ المُدْرَكُ رأسُ إبرَةٍ في بحرِ الكون، و العلم هو الحياة، و المعرفةُ هي قوة الحياة، ومتى يُنلانِ كما الحياةِ؟
"خاتمة " كـ " مقدمة "، و لا ضير.