الفروق في باب الاعتقاد

إنضم
23/04/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم​

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فهذا موضوع خطر على بالي من مدة ، وهو جمع الفروق التي ذكرها العلماء في مسائل العقيدة ، ولا يخفى على اللبيب دقة ، وأهمية الفروق في جميع أبواب العلم ، فهو من مهمات العلوم ، ولذا عني العلماء به عناية كبيرة ، وأفردت فيه عدة مصنفات جلها في الفقهيات ، وإن كان قد يعرض فيها فروقا غير فقهيه كما فعل القرافي ، وأما باب العقيدة فلا أعرف أنه صنف فيها مصنفا مستقلا .

ولأهمية هذا الباب ، وما يترتب عليه من تجلي كثير من الإشكالات ؛ فسأقوم ـ بإذن الله ـ بنقل ما مر ، ويمر علي من فروق في كتب أهل العلم .. ومن أحسن من تكلم على فروق العقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، ومن سار على نفس النهج المبارك من بعدهم ..

قال ابن القيم في آخر كتاب الروح ص260:
فصل: وهذا باب من الفروق مطول ، ولعل إن ساعد القدر أن نفرد فيه كتابا كبيرا ، وإنما نبهنا بما ذكرنا على أصوله ، واللبيب يكتفي ببعض ذلك ، والدين كله فرق ، وكتاب الله فرقان ، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرّق بين الناس ومن اتقى الله جعل له فرقانا (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) وسمى يوم بدر يوم الفرقان ؛ لأنه فرق بين أولياء الله وأعدائه ؛ فالهدى كله فرقان ، والضلال أصله الجمع ، كما جمع المشركون بين عبادة الله وعبادة الأوثان ، ومحبته ومحبة الأوثان ، وبين ما يحبه ويرضاه ، وبين ما قدره وقضاه ؛ فجعلوا الأمر واحد ، واستدلوا بقضائه وقدره على محبته ، ورضاه ، وجمعوا بين الربا والبيع ؛ فقالوا: (إنما البيع مثل الربا) ، وجمعوا بين المذكي والميتة ، وقالوا: (كيف نأكل ما قتلنا ولا نأكل ما قتل الله ) ، وجمع المنسلخون عن الشرائع بين الحلال والحرام ؛ فقالوا: (هذه المرأة خلقها الله وهذه خلقها ، وهذا الحيوان خلقه ، وهذا خلقه فكيف يحل هذا ويحرم هذا ؟ ) ، وجمعوا بين أولياء الرحمن ، وأولياء الشيطان ، وجاءت طائفة الاتحادية فطموا الوادي على القرى ، وجمعوا الكل في ذات واحدة وقالوا : هي الله الذي لا إله إلا هو ، وقال صاحب فصوصهم وواضع نصوصهم :واعلم أن الأمر قرآنا لا فرقانا
ما الأمر إلا نسق واحد * ما فيه من مدح ولا ذم
وإنما العادة قد خصصت * والطبع والشراع بالحكم​

والمقصود أن أرباب البصائر هم أصحاب الفرقان ، فأعظم الناس فرقانا بين المشتبهات أعظم الناس بصيرة ، والتشابه يقع في الأقوال ، والأعمال والأحوال ، والأموال ، والرجال ، وإنما أتى أكثر أهل العلم من المتشابهات في ذلك كله ، ولا يحصل الفرقان إلا بنور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده يرى في ضوئه حقائق الأمور ، ويميز بين حقها وباطلها وصحيحها ، وسقيمها (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور )

[ثم سرد شيئا من ذلك سأنقله لا حقا بإذن الله]​

ولعلي افتتح هذا الفروق بسرد عدد منها مجموع عندي من كلام الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك ، ثم بعده أنقل ما وقفت عليه لغيره .

وأدعو إخواني في الله أن يتعاونوا معي بذكر ما يقفون عليه من فروق ليعم النفع للجميع ..

* سرد الشيخ بكر أبو زيد في كتابه " التقريب لعلوم ابن القيم" الفروق عند ابن القيم ، ثم جمعها في كتاب مستقل الأخ يوسف الصالح .
 
سئل الشيخ البراك في لقاء ملتقى أهل الحديث بالشيخ . :

[align=center]ما الفرق بين الشرك والكفر وأيهما أعم ؟ [/align]
الجواب : الحمد لله ، من المعروف أن الشرك منه أكبر ، ومنه أصغر ، وكذلك الكفر ، والذي يظهر أن السؤال في الفرق بين الكفر الكبر ، والشرك الأكبر ، فإن كلا من الشرك الأصغر ، و الكفر الأصغر من أنواع المعاصي بل من الكبائر فأما الشرك الأكبر وهو اتخاذ ند لله في العبادة كما قال لله تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ ـ إلى قوله ـ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم ؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك ".
وأما الكفر الأكبر فكل ما يناقض الشهادتين شهادة ألا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ومعلوم أن الشرك الأكبر يناقض شهادة ألا إله إلا الله كل المناقضة ؛ فهو كفر أكبر ، ومن الكفر تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا ، وهو: الجحود ، أو باطنا ، وهو: النفاق ، ومن الكفر الاستهزاء بالله عز وجل أو بالقرآن أو بالرسول صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه { قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ، وبهذا يتبين أن بين الشرك الأكبر ، والكفر الكبر عموم وخصوص ، فكل شرك أكبر فهو :كفر ، وليس كل كفر أكبر شركا ، والله أعلم .
 
وسئل أيضا في الملتقى حفظه الله :

ما الفرق بين المرجئة ومرجئة الفقهاء ؟

الجواب : الحمد لله ، اسم المرجئة مأخوذ من الإرجاء ، وهو التأخير وسمي المرجئة بذلك لتأخيرهم الأعمال عن مسمى الإيمان ، وهم طوائف كثيرة ، وأشهرهم الغلاة ، وهم الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة ـ أي معرفة الخالق ـ .
وهذا هو المشهور عن جهم بن صفوان إمام المعطلة نفاة الأسماء والصفات ، وإمام الجبرية ، وغلاة المرجئة .
والثانية :هم من يعرفون بمرجئة الفقهاء ، وهم الذين يقولون: إن الإيمان هو تصديق بالقلب ، أو هو التصديق بالقلب واللسان يعني مع الإقرار ، وأما الأعمال الظاهرة والباطنة ؛ فليست من الإيمان ، ولكنهم يقولون: بوجوب الواجبات ، وتحريم المحرمات ، وأن ترك الواجبات أو فعل المحرمات مقتضي للعقاب الذي توعد الله به من عصاه ، وبهذا يظهر الفرق بين مرجئة الفقهاء ، وغيرهم خصوصا الغلاة ، فإن مرجئة الفقهاء يقولون : إن الذنوب تضر صاحبها ، وأما الغلاة فيقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة . والله أعلم.
 
ومن أجوبته على أسئلة الملتقى أيضا جاء ضمن أحد الأجوبة ..

استعمالات اليد في اللغة والفروق بينها

لفظ اليد مثناة لها في اللغة العربية استعمالات :
فتارة تستعمل غير مضافة ، وتلزم الألف ، وهذه هي التي بمعنى القدرة ، تقول: لا يدان لي بهذا الأمر ، أي لا قدرة لي عليه .
وتارة تستعمل مضافة إلى ضمير من قامت به ، أو اسمه الظاهر كقولك: بيديّ ، أو بيديه ، أو بيدي محمد ، ويجري فيها إعراب المثنى .
وهي في هذا الاستعمال لا تكون بمعنى القدرة ، بل يتعين أن يراد بهما : اليدان اللتان يكون بهما الفعل ، والأخذ ، ومن شأنهما القبض ، والبسط .
وبهذا يظهر ألا تعارض بين أنكراهما على النفاة تأويل اليدين بمعنى القدرة ، لأن ذلك لم يرد في اللغة العربية ، وبين استعمالهما (اليدان) بمعنى القدرة .
وهناك استعمالان آخران لليدين في اللغة العربية :
أحدهما: أن يعبر بهما عن الفاعل للفعل ، وإن لم يكن باشره بيديه كقولك هذا ما فعلت يداك ، ومنه قوله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [(10) سورة الحـج] ، ويأتي لفظ اليدين مجموعا إذا أضيف إلى ضمير الجمع كقوله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } [(182) سورة آل عمران] ، ومنه قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يــس] .
الثاني : استعماله مضافا إليه بعد (بـين) ، فيكون بمعنى أمام ، كقولك: جلس بين يديه ، و مشى بين يديه ، ويجري هذا الاستعمال في العاقل ، وغير العاقل كقوله تعالى : { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا } [(64) سورة مريم] وقوله { وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ } [(12) سورة سبأ] وقوله { بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [(57) سورة الأعراف] ونظائر ذلك كثيرة .

فهذه أربعة وجوه من الاستعمالات:

ثلاثة منها مجاز وهي : الأول ، والثالث ، والرابع .
والثاني: حقيقة .

ويمتنع المجاز في اليدين إذا أسند الفعل لفاعل ، وعدي إلى اليدين بالباء كقولك : عملت بيدي ، ومنه قوله تعالى : {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص ] .
وأما إذا أسند الفعل إلى اليدين كقولك: هذا ما فعلت يداك ، فهو من قبيل المجاز العقلي ؛ لأنه عبر باليدين عن الفعل مطلقا ، وإن لم يكن فعل بيديه .
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يــس] ، وقوله تعالى : {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص ] ، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين ،
وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم َ بيديه ؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس .
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس" ؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق :
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه ، وعداه إلى اليدين بالباء ، وذكر اليدين بلفظ التثنية ، وأضافهما إلى ضمير المفرد .
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع ، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم .
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ ، والمعاني ، والتسوية بين المتماثلات ، والله أعلم .
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يــس] ، وقوله تعالى : {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص ] ، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين ،
وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم َ بيديه ؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس .
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس" ؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق :
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه ، وعداه إلى اليدين بالباء ، وذكر اليدين بلفظ التثنية ، وأضافهما إلى ضمير المفرد .
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع ، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم .
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ ، والمعاني ، والتسوية بين المتماثلات ، والله أعلم .
 
الفرق بين النبي والرسول

مسألة الفرق بين النبي والرسول، والفرق المشهور ، أن النبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه ، والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ، هذا التعريف المشهور.
ولكن هذا في الحقيقة غير مستقيم.
فإن تعريف النبي بما ذكر يقتضي أن النبي لا يعلم ولا يأمر ولا ينهي ولا يبلغ، وهذا غير صحيح، بل الأنبياء أرسلهم الله يحكمون بين الناس ويعلمون الناس ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، كما قال الله تعالى في أنبياء بني إسرائيل: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ (44) سورة المائدة
والأنبياء -يعني- لهم حظ من الإرسال، وهو الإرسال الشرعي، الإرسال العام الشرعي، كما قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ } (52) سورة الحـج
فالنبي مرسل، مكلف، مأمور، يعني يعلم ويدعو وينهي، ولهذا التعريف أو الفرق السديد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات: أن الرسول بالمعنى الخاص هو من أرسل إلى قوم مكذبين، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين يعلمهم ويذكرهم ويحكم بينهم كما في الآيات.


[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
 
القرآن وكلام الله، ما الفرق بينهما؟

الفرق بينهما أن كلام الله أعم من القرآن ، فالقرآن هو كلام الله ، ـ يعني ـ :أن الله تكلم به، ولكن كلام الله أعم من القرآن، يشمل ما سبق مما أنزله من الكتب فالتوراة والإنجيل والقرآن كلها كلام الله ، وتكليمه لموسى وتكليمه للملائكة ، وندائه للأبوين كل ذلك داخل في كلام الله ؛ فالله تعالى لم يزل يتكلم بما شاء كيف شاء إذا شاء، ومن كلام الله القرآن.

[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
 
[align=center]الفرق بين قول السالمية والأشاعرة في كلام الله [/align]
كلهم يتفقون على أن كلام الله قديم، وأنه لا تتعلق به المشيئة ، لكن السالمية يقولون: إنه حروف ، وأصوات قديمة.
والأشاعرة يقولون: إنه معنى فقط ، معنى واحد ليس فيه تعدد.
[من شرح حائية ابن أبي داود لشيخ البراك]
 
سئل مالفرق بين قول القلب وعمله وقول اللسان وعمله ؟

بعضهم يقول: اللسان مع الجوارح، يقول: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فيصير اللسان مع الجوارح هذه سهلة ،
لكن السؤال يقول: ما الفرق بين قول القلب وعمله ؟
قول القلب هو الاعتقاد، وعمل القلب عمل وليس باعتقاد ، فمثلا الإيمان يعني تصديق ، التصديق بأن الله خالق كل شيء ، وأنه بيده الخير وبيده العطاء والمنع، الإيمان والتصديق بهذا = هذا اعتقاد قول هذا قول اللسان ، التوكل على الله هذا عمل القلب، تجد هذا التوكل ثمرة للتصديق الأول، التصديق بأن محمدا رسول الله هذا قول القلب، طاعة الرسول أو العزم على متابعة الرسول هذا من عمل القلب، الانقياد انقياد القلب واستسلامه هذا عمل القلب، الإيمان بأن الله شديد العقاب هذا من قول القلب، الخوف من عمل القلب.
وأما قول اللسان وعمل اللسان قول اللسان: هو الإقرار، الإقرار الأول يعني: افرض أن واحدا كافر ودعوناه للإسلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هذا قول اللسان ، وهو الإقرار الذي يدخل به في الإسلام، بعد ذلك إذا قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله هذا عمل اللسان.

[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
 
ما الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم؟ وما حكم كل منهما بالتفصيل؟

الحمد لله، لقد نهى الله عباده المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء في آيات عدة كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً" [النساء:144]، وقال: "لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً" الآية
[آل عمران: 28]، وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً، وذلك يظهر بالحفاوة بهم وإكرامهم وتعظيمهم، ومما يوضح ذلك قوله -سبحانه وتعالى- : "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" الآية [المجادلة: 22] وقال تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" الآية [الممتحنة: 1] فدلت الآيتان على أن اتخاذهم أولياء يتضمن مودتهم، وجاء ذكر التولي في آية واحدة وهي قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" الآية [المائدة: 51]، والذي يظهر أن توليهم هو معنى اتخاذهم أولياء، وفسر "التولي" في قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" بنصرتهم على المسلمين، ولهذا كانت مظاهرة الكفار ومعاونتهم ضد المسلمين من أنواع الردة، لأن ذلك يتضمن مقاومة الإسلام، والرغبة في اضمحلاله، وذل أهله، وأما الموالاة فلم يأت لفظها في القرآن فيما أذكر، والذي يظهر أن الموالاة والتولي معناهما واحد أو متقارب، ولكن من العلماء من فرق بينهما فخصَّ الموالاة بتقديم الخدمات للكفار حفاوة بهم وإكراماً والتولي بنصرتهم على المسلمين، وأن الموالاة كبيرة، والتولي ردة كما تقدم، فالواجب على المسلمين أن يبغضوا الكافرين وأن يعادوهم في الله، وأن يجاهدوهم بالله ولإعلاء كلمة الله، وهذا لا يمنع من معاملتهم في أمور الحياة كالتجارة، ولا يوجب الغدر بما أعطوا من عهد، بل يجب الوفاء بعهدهم كما قال تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" [التوبة:4] فبغض الكفار والبراءة منهم هي من أصول الدين، وهي مقتضى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، ولكن ذلك لا يوجب ولا يبيح الخيانة أو الظلم، فالظلم حرام، ونقض العهد حرام، "...تلك حدود الله فلا تقربوها..." [البقرة: 187] نسأل الله أن ينصر دينه ويعز المؤمنين ويذل الكافرين، والله أعلم.

[من أسئلة موقع الإسلام اليوم للشيخ البراك]
 
الفرق بين الشرك الكبر والأصغر

.. وأما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر، فالشرك الأكبر هو اتخاذ المخلوق نداً لله في العبادة، كما قال سبحانه وتعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون" [البقرة: 22]، وقال: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله" [البقرة: 165]، وقال – صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود – رضي الله عنه- لما سأله: "أي الذنب أعظم، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك" البخاري (4477)، ومسلم (86)، وأما الشرك الأصغر فهو ما يكون في الألفاظ كقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وكالحلف بغير الله، ومنه ما يكون بالقلب كالرياء وكالاعتماد على الأسباب، فذلك كله من الشرك الأصغر، جنبنا الله الشرك كله صغيره وكبيره، والله أعلم.

[جاء في أثناء جواب لسؤال من أسئلة موقع الإسلام اليوم للشيخ البراك]
 
ما الفرق بين الجبرية وأهل السنة ؟

الجبرية يقولون: إنك أنت الآن في قيامك وقعودك ، وذهابك ومجيئك وصلاتك وركوعك مثل الشجرة ، ما لك إرادة، ولا قدرة، يعني: حركتك في قيامك وذهابك مثل حركة المصاب بالرعشة : المرتعش، فهذا مذهب الجبرية ، الإنسان ما له اختيار ، ولا إرادة ، ولا قدرة ، ولا شيء ، هو مسلوب، مثل الذي يسقط من شاهق، ما له إرادة، يقولون: إن حركة الإنسان المكلف كحركة الأشجار، وحركة المرتعش، وحركة النائم.
أما أهل السنة يقولون: لا، هذه حركة إرادية ، لا أن أنتم وكل عاقل يقسم حركة الإنسان إلى قسمين: حركة إرادية، وحركة لا إرادية ، فقيامه وقعوده ، وذهابه ومجيئه وكلامه حركة إرادية، وأما حركته نائما فهي حركة لا إرادية، يتحرك بلا إرادة منه.
كذلك المقهور، المكره على الشيء الذي يُلقى من مكان شاهق، حركته من فوق لتحت حركة إرادية ؟ حركة لا إرادية ، إلى آخره ، الأمثلة كثيرة.


[سؤال عرض على الشيخ البراك حين شرحه لكلمة الإخلاص لابن رجب]
 
الفرق بين المحبة الدينية والطبيعية
هل يصح الاستدلال على جواز محبة الكفار بقول الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} حيث قالوا: إنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية ,وهي كافرة , والمودة لازمة الحصول بينهم ؟ هل المودة تعني الحب ؟
الحمد لله ، قد فرض الله موالاة المؤمنين ، وحرم مولاة الكافرين قال الله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(71) سورة التوبة]
وقال تعالى {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [(73) سورة الأنفال]
وقال تعالى {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} [(28) سورة آل عمران]
وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ .. الآية } [(22) سورة المجادلة]
والود ، والمودة بمعنى المحبة ، والمحبة نوعان : محبة طبيعية كمحبة الإنسان لزوجته ، وولده ، وماله .
وهي المذكورة في قوله تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [(21) سورة الروم]
ومحبة دينية ؛ كمحبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله ، ورسوله من الأعمال ، والأقوال ، والأشخاص .
قال تعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [(54) سورة المائدة]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد .. الحديث ".
ولا تلازم بين المحبتين بمعنى : أن المحبة الطبيعية قد تكون مع بغض ديني ؛ كمحبة الوالدين المشركين فإنه يجب بغضهما في الله ، ولا ينافي ذلك محبتهما بمقتضى الطبيعة ، فإن الإنسان مجبول على حب والديه ، وقريبة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عمه لقرابته مع كفره قال الله تعالى : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء } [(56) سورة القصص]
ومن هذا الجنس محبة الزوجة الكتابية فإنه يجب بغضها لكفرها بغضا دينيا ، ولا يمنع ذلك من محبتها المحبة التي تكون بين الرجل وزوجه ، فتكون محبوبة من وجه ، ومبغوضة من وجه ، وهذا كثير ، فقد تجتمع الكراهة الطبيعية مع المحبة الدينية كما في الجهاد فإنه مكروه بمقتضى الطبع ، ومحبوب لأمر الله به ، ولما يفضي إليه من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } [(216) سورة البقرة] .
ومن هذا النوع محبة المسلم لأخيه المسلم الذي ظلمه فإنه يحبه في الله ، ويبغضه لظلمه له ؛ بل قد تجتمع المحبة الطبيعية ، والكراهة الطبيعية كما في الدواء المر : يكرهه المريض لمرارته ، ويتناوله لما يرجو فيه من منفعة .
وكذلك تجتمع المحبة الدينية مع البغض الديني كما في المسلم الفاسق فإنه يحب لما معه من الإيمان ، ويبغض لما فيه من المعصية .
والعاقل من حكّم في حبه ، وبغضه الشرع ، والعقل المتجرد عن الهوى ، والله أعلم .

[من أجوبة الشيخ البراك على أسئلة ملتقى ]
 
الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية

قال أهل العلم إن الفرق بين الإرادتين من وجهين:
أما الإرادة الكونية فإنها عامة لكل الموجودات فهي شاملة لما يحب -سبحانه- وما لا يحب، فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته الكونية سواء في ذلك ما يحبه الله أو يغضبه فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته -تعالى- الكونية التي هي بمعنى المشيئة فإنه لا يخرج عن مشيئته أو إرادته الكونية شيء ألبتة.
أما الإرادة الشرعية فإنها تختص بما يحبه سبحانه فالطاعات مرادة لله شرعًا أما المعاصي فليست مرادة شرعًا وما وقع من الطاعات ما حصل منها فإذا صليت مثلًا نقول: هذه الصلاة تتعلق بها الإرادتان: الإرادة الكونية والإرادة الشرعية. ماذا تقول؟.. أقول ما يقع من الصلاة إذا صلى الإنسان أو أي طاعة تفعلها فإنها واقعة بالإرادة الكونية ومتعلق كذلك للإرادة الشرعية فهي مرادة لله كونًا وشرعًا. أما المعاصي فهذه مرادة لله كونًا ؛ لأنها لا يقع في الوجود شيء البتة إلا بإرادته ومشيئته -سبحانه- لكن هل المعاصي محبوبة لله ؟ لا بل هي مبغوضة وإن كانت واقعة بإرادته فهذا هو الفرق بين الإرادتين.
فرق بين الإرادتين من وجهين. الأول: أن الإرادة الكونية عامة لما يحبه الله وما لا يحبه لكل ما في الوجود ، فكل ما في الوجود فهو مراد الله كونًا وهو حاصل بمشيئته -سبحانه وتعالى- أما الإرادة الشرعية فإنها إنما تتعلق بما يجب -سبحانه وتعالى- فقط قال أهل العلم: "فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن وطاعة المطيع تجتمع الإرادتان كما في المثال المتقدم.
وتنفرد الإرادة الشرعية في إيمان الكافر أليس الكافر مطلوب منه الإيمان؟ نعم لكنه لم يحصل فهو مراد لله شرعًا لكنه غير مراد كونًا إذ لو شاء الله لاهتدى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا وكذلك الطاعة التي أُمِرَ بها العبد ولم يفعلها هذه مرادة لله شرعًا لكنها لم تتعلق بها الإرادة الكونية ؛ إذ لو تعلقت بها الإرادة الكونية لحصل ؛ لأن ما في إرادة الله كونًا. هذا من الفروق.
وفرق ثالث: وهو أن الإرادة الكونية لا يتخلف مرادها أبدًا، أما الإرادة الشرعية فقد يقع مرادها وقد لا يقع فالله أراد الإيمان من الناس كلهم أراده شرعًا يعني. أمرهم به وأحب ذلك منهم ولكن منهم من آمن ومنهم من كفر.
فالإرادة الكونية لا يتخلف مرادها، أما الإرادة الشرعية فقد يحصل مرادها وقد لا يحصل.

وقال أيضا في موضع آخر من الشرح :

ويفرق العلماء بين الإرادتين من وجوه:
أولاً: أن الإرادة الكونية عامة، فجميع الوجود مراد لله، وواقع بمشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فليس في الوجود، لا يقع في الوجود إلا ما شاء سبحانه وتعالى، ولا يكون إلا ما يريد أبداً، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فالذي وقع نقول فيه: شاءه الله، وما لم يقع ما ندري عنه.
نقول: إن شاء الله يعني: ما فعلته اليوم، أو أمس هل شاءه الله ؟. نعم شاءه، لكن ما تنوي فعله غداً ما ندري عنه، فإن وقع علمنا أن الله قد شاءه، وإذا لم يقع علمنا أن الله لم يشأه.
عامة الإرادة الكونية عامة بمعنى المشيئة عامة، تشمل كل ما في الوجود، من خير وشر، كله بمشيئته سبحانه وتعالى، وهذا يرجع إلى كمال ملكه، إلى كمال الملك، فله الملك كله، فكل ما في الوجود فإنه واقع بمشيئته وقدرته تعالى، أما الإرادة الشرعية فليست عامة، بل هي مختصة بما يحبه الله، بما يحبه الله، فالله يريد من عباده الإيمان والطاعة، إذا كان يريد من عباده الإيمان والطاعة، فهذا معناه الإرادة الشرعية.
وهذه الإرادة تتضمن المحبة، فالله يحب الإيمان والمؤمنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، يريد من عباده الأعمال الصالحة، ويحبها الله، يحب التقوى والتوبة لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته … الحديث.
فهذان فرقان الأول: أن هذه عامة، والإرادة الشرعية خاصة هنا فرق هذا واحد. الفرق الثاني: أن الإرادة الكونية لا يتخلف مُرَادُها يعني: لا بد أن يقع ما أراده الله، فلا بد أن يقع لا بد؛ لأنه تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ما شاء الله كان، وأما الإرادة الكونية فقد يقع المراد، وقد لا يقع، فليس كل ما أراده الله كونه يعني: شرعا يكون.
فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن، فإيمان المؤمن مراد لله كونا وشرعا، وتنفرد الإرادة الكونية بكفر الكافر، فكفر الكافر ومعصية العاصي أليست واقعة بمشيئة الله؟ وقع شيء من ذلك قهرا على الله؟ لا، فتستقل به الإرادة الكونية والمشيئة.
وأما الإرادة الشرعية فتنفرد بإيمان الكافر؛ لأنه ما وقع، لكن الله أراده منه وأمره ودعاه إلى الإيمان؛ فهذا مما بينه أهل العلم للفرق بين الإرادتين، الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.
فإذا رأينا مثلاً شيئا من الحوادث العامة، يعني رأينا شيئا من المخلوقات نقول: هذا واقع بقدر الله بمشيئته -سبحانه وتعالى- وإرادته يعني: الإرادة الكونية، لكن إذا العبد صلى وأطاع ربه فصلاته واقعة بالإرادتين، وإذا لم يصل عصى، ولم يصل فهو مأمور بالصلاة، والله يريد منه الصلاة، الإرادة الكونية، ولكنه لم يفعل، والله أحكم الحاكمين، وبهذا يعلم أن الله قد يشاء ما لا يحب، ككفر الكافر، ويحب ما لا يشاء كإيمان الكافر، الذي لم يحصل.
فعلى كل حال ينبغي الفرق بين الإرادتين، فالمسلمون الآن يعلمون هذا ولله الحمد بفطرتهم، وبما علموه من كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- فإذا رأوا أيَّ أمر قالوا: هذا بقدر الله، وبمشيئة الله وبإرادته، يعلمون أنه لا يكون إلا ما يشاء، ويقولون: إنه تعالى يحب من عباده الإيمان والطاعة، هذه أمور محبوبة له سبحانه وتعالى، فليس كل ما في الوجود محبوبا له كما تقول الجهمية والجبرية، وليس شيء من الوجود خارجا عن الإرادة كما تقول القدرية. القدرية ينفون عموم المشيئة، ويخرجون أفعال العباد عن مشيئة الله، هؤلاء القدرية مجوس هذه الأمة .

[من شرح الواسطية للبراك]
 
الفرق بين اسمي الله تعالى : الرحمن والرحيم

هذان الاسمان من أسماء الله الحسنى فهو الرحمن وهو الرحيم.
والمشهور في الفرق بينهما أن الرحمن يدل على الرحمة العامة والرحيم يدلُّ على الرحمة الخاصة بالمؤمنين، وقال بعضهم: الرحمن يعني في الدنيا والآخرة والرحيم يعني في الآخرة وهذا قريب من الذي قبله والحق أنه -سبحانه وتعالى- الرحمن الرحيم في الدنيا والآخرة.
وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: الرحمن الرحيم اسمان رقيقان يعني يدلان على الرحمة وهي معنًى فيه رقَّة يعني فيه الرحمة تقتضي الإحسان والإنعام والإكرام ولا يقال: إن هذا تفسير للرحمة ؛ لأنها صفة معقولة المعنى وضد الرحمة القسوة وضد الرحمة العذاب: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ .
وفرَّق ابن القيم في الفرق بين هذين الاسمين بأن الرحمن يدل على الرحمة الذاتية والرحيم يدل على الرحمة الفعلية، الرحمة الذاتية للرب سبحانه فإنه -تعالى- لم يزل ولا يزال متصفًا بالرحمة فالرحمة من صفاته الذاتية وهو موصوف بالرحمة الفعلية التي تتعلق بها مشيئته هذه هي الرحمة الفعلية صفة فعلية يرحم مَن يشاء فلا يزال يرحم مَن يشاء كيف يشاء وتقول: لا يزال الله -سبحانه وتعالى- رحيمًا لا يزال موصوفًا بالرحمة، لم يزل ولا يزال موصوفًا بالرحمة -سبحانه وتعالى- هذا اسمان عظيمان.

[من شرح الواسطية للبراك]
 
ما الفرق بين الجبرية والقدرية ؟

الجبرية والقدرية ضدان، القدرية يقولون: إن العبد يخلق أفعاله ويتصرف بمحض مشيئته، ولا علاقة لمشيئة الله، ولا علاقة لقدرة الله بأفعاله، هؤلاء هم القدرية النفاة.
أما الجبرية فيقولون: إن العبد لا مشيئة له، ولا قدرة له فحركاته وقيامه وقعوده كلها بمشيئة الله وبقدرة الله، ولا مشيئة للعبد ولا قدرة للعبد، فحركة الإنسان ذهابا ومجيئا وقياما وقعودا وصعودا وهبوطا، كل ذلك بغير مشيئة ولا اختيار، إنكار للحس.
فأفعال المخلوق، أفعال العبد كحركة المرتعش مثل المصاب بالرعشة بيده، المرتعش له إرادة في هز يده؟ لا، لكن أنت إذ هززت يدك تتكلم تقول: اسمعوا = هذه حركة إرادية وإلا غير إرادية ؟ هذه إرادية.
وحركة المرتعش لا إرادية، وحركة النائم لا إرادية، فالجبرية يقولون: الإنسان مجبور على أفعاله؛ إذ ليس له فيها إرادة، ما له إرادة، وهذا باطل شرعا وعقلا وحسا.
وهذا يقتضي أن الإنسان إذا فعل فعلاً لا يلام؛ ولهذا يرد عليهم أهل السنة يقولون: إذا صح لكم هذا فإذا اعتدى أحد عليكم فماذا تفعلون به؟ إذا قلتم: إن الإنسان مجبور، واحتججتم بالقدر على المعاصي التي تفعلونها فإذا اعتدى شخص على واحد منهم بالضرب والأذى، هل يقبل منه أن يقول: هذا بقدر، وأنا غير مختار هل يقبل هذا منه؟ لا يمكن.
ما تستقيم ومذهبهم باطل لا يستقيم عليه أمر الدنيا ولا الآخرة، والجبرية يسمون المشركية؛ لأنهم يشبهون الذين قالوا: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا و كل من احتج بالقدر على المعاصي فهو يجنح إلى الجبر، السارق إذا جاء وأخذناه وقلنا له: لِمَ تسرق؟ قال: هذا قدري، هذا ليس بإرادتي، هذا قدر، هل نقبل منه ذلك؟ القائل نقبل منه يحتج بالقدر ، ويقول: أنا مجبور.
لا، بل نقتل القاتل عمدا، ونقطع يد السارق. كما جاء عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه احتج عليه سارق بالقدر، فقال: إنما سرقتُ بقدر الله. قال عمر: ونحن نقطع يدك بقدر الله.


[من الأسئلة أثناء شرح الواسطية للشيخ البراك ]
 
عبدالرحمن السديس قال:
* سرد الشيخ بكر أبو زيد في كتابه " التقريب لعلوم ابن القيم" الفروق عند ابن القيم ، ثم جمعها في كتاب مستقل الأخ يوسف الصالح وطبع عام 1413هـ .
وجمعها أيضا : علي بن إسماعيل القاضي وعنون لها "الفروق الشرعية واللغوية عند ابن القيم " وطبع عام 1423هـ .
 
عودة
أعلى