الفارق بين الرسول والنبي

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع سلسبيل
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

سلسبيل

New member
إنضم
18/06/2004
المشاركات
188
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الكويت
الفارق بين الرسول والنبي: هذه المسألة كثر كلام الناس فيها وكان التفريق تفريقًا هشًا كأن يقال: بأن الرسول أوحى الله - تعالى- إليه بشرع أُمر بإبلاغه, أما النبي فلم يؤمر بإبلاغ هذا الشرع -سبحان الله- نبي لم يؤمر بإبلاغ شرع الله -عز وجل- إذن: هذا شرع لهذا النبي، طيب إذا وجد أحدًا يخالف هذا الشرع الذي يعلمه هل يتركه؟ أم يأمره وينهاه؟ لو أمره ونهاه لكان بذلك مبلغًا هذا الشرع، هذه أو هذا تفريق ليس بالسديد.

بداية ما معنى النبي؟ النبي والنبيء هو المخبر عن الله -عز وجل- ولذلك عندما نبحث في المعاجم كي نعرف معنى كلمة "نبي" نبحث عن هذه الكلمة في مادة ماذا ؟ من الذي يعلم؟
في مادة نبأ، النون والباء والهمزة، إذن: النبي مُخبِر؛ لأنه من الفعل أنبأ، فهو مخبِر عن الله -عز وجل- فكل من أوحى إليه الله -عز وجل- فهو نبي، والنبي هو المُخبِر عن الله، لكن ما الفارق بين النبي والرسول؟ باختصار شديد جدًا:

- أن الرسول من بعثه الله -عز وجل- إلى المخالفين ليبين لهم ما يتقون، إذن: التفريق بين النبي والرسول سيكون باعتبار المرسَل أو المُبعَث إليهم، ليس باعتبار المُبعَث ولكن باعتبار المُبعَث إليهم, فلو كان المُبعَث إليهم من المخالفين المكذبين إذن: المبعث يسمى رسولاً، وإذا كان المبعث إليهم من الموافقين أهلَ الدين فالمُبعث إليهم نبي، أهل الدين لو حرفوا الدين وغيروا الدين وتركوا الدين فإنهم يحتاجون إلى من؟
إلى رسول، انتبه، إذن: طالما أهل الدين هم مقيمون على الدين مطيعون فيحتاجون إلى نبي، فيكون النبي بينهم كالعالم بين المسلمين، يأمرهم وينهاهم ويعظهم ويذكرهم، ولذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (العلماء ورثة الأنبياء) لم يقل: العلماء ورثة الرسل، لماذا؟ لأن الرسل إنما تبعث إلى المخالفين، قال الله -عز وجل-: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُو ﴾ انتبه وظنوا أنهم ماذا؟ قد كذبوا ﴿جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ﴾ [يوسف: 110]، إذن: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُو ﴾ فالرسول إنما يبعث إلى المخالف ليبين له الدين, ليقيم عليه الحجة ليبين له طريق الهداية، ليزيل عنه الغِشاوة والضلالة فهذا كله أمر واضح.

أما القول: بأن الرسول من كان معه شرع جديد والنبي من ليس معه شرع جديد، هذا كلام غير دقيق أرأيتم قول مؤمن آل فرعون عندما قال لقومه: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُول ﴾؟ [غافر: 34]،
إذن: يوسف رسول وقال الله -عز وجل- عنه: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي ﴾ [يوسف: 38]، إذن: هو على ملة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب، فهو على ملة آبائه وعلى شرعة آبائه ومع ذلك سماه الله - تعالى- رسولاً، سماه الله - تعالى- رسولاً لماذا؟ لأنه كان مع المخالفين في الدين، فلما كان مع المخالفين في الدين كان بينهم ماذا؟ كان بينهم رسولاً، إذن: هذا فارق دقيق بين الرسول وبين النبي.

وهذا الفارق بينه ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله- سبحانه-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾ العطف- كما يقول الأصوليون- يقتضي المغايرة، عندما يقول: أكلت خبزا
ولحما، فالخبز غير اللحم ضرورة، أقول: كتبت بالقلم الأسود والأزرق، إذن: الأسود غير الأزرق، قولاً واحداً، فكذلك في قول الله -عز وجل-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾ فهذا يقتضي أن الرسول غير النبي لو قلنا: من جهة التكليف بالوحي فإن النبوة أوسع، فالرسول نبي لأنه يُوحى إليه وأن الله - تعالى- ينبئه وأن الله - تعالى- يخبره فهو نبي من هذه الحيثية ولكن من حيثية أنه أرسل إلى المخالفين المكذبين المعاندين فهو رسول.

أيضًا عندما ننظر إلى داود وسليمان ذكر الله - تعالى- أنهم أنبياء، وأنهم أيضًا رسل وكانوا على شريعة موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، إذن: هذا تفريق باعتبار المبعث إليهم، وهذا الكلام أفاده- بعناية- شيخ الإسلام ابن تيمية وله في ذلك كتاب رائق يسمى النبوات فليراجعه من شاء.
---------------

من شرح العقيدة القيروانية للشيخ د. أحمد النقيب حفظه الله



إلا القرآن
[ramv]http://www.hddaj.com/files/fealsadr_boabdulmalik.rm[/ramv]
 
في كتاب اسمه إتحاف السائل بما ورد من المسائل للأستاذ الشيخ محمد أديب كلكل في القسم الثالث منه بحث قيم عن الفرق بين النبي والرسول ومفاد البحث من خلال دراسة قرآنية في الآيات التي ذكرت النبي والرسول وكذلك في بعض الأحاديث خلص بنتيجة أن لا فرق بينهما وإنما الاختلاف الحاصل غالبه جدل كلامي وبعضه يستند لأدلة شرعية كحديث البخاري ( آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت ) فقلت :ورسولك الذي أرسلت فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، ونبيك الذي أرسلت )
 
أخي الكريم مرهف
النتيجة التي خلص إليها الشيخ محمد أديب فيها إشكال ظاهر ، ولا يظهر لي أن الاختلاف غالبه جدل كلامي ، وأظهر آية تدل على الفرق هي قوله تعالى : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]، فتأمل هذا العطف الذي يقتضي تمام المغايرة ( من رسول ) ( ولا نبي ) ، وعدم الوصول إلى الفرق لا يعني عدم الفرق ، وكونه كثر الكلام في الفرق بينهما بما لا يأتي أكثره بما فيه مقنع = صحيح ، لكن لا يعني هذا أن الكلام فيه جدلي ، وكل واحد من العلماء يتلمس الفرق ، فمنهم من ظفر به ، ومنهم من لم يظفر به .
والتداخل بين النبي والرسول ظاهر جدًّا ، ولشد التداخل زعم من زعم أنه لا فرق بينهما ، وليس ذلك بصواب بدلالة آية الحج الواضحة في التفريق ، والعلم عند الله .
وهناك اكثر من اعتبار في الدلالة على معنى الرسول ، منها :
1 ـ أن يكون أرسل إلى قوم كافرين .
2 ـ أن يكون نزل عليه كتاب .
3 ـ أن يكون نزل مصححًا لفساد حصل في شريعة قومه ، كما هو الحال في كثير من أنبياء بني إسرائيل .
فمن كانت فيه أحد هذا الصفات فهو رسول ، أما إذا كان نبيًّا برسالة من كان قبله ، ولم يجدد فيها ، ولا صحح انحرافات في قومه ، فهو النبي .
وعلى هذا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً ، والعلم عند الله تعالى .
 
للأستاذ الدكتور/ أحمد بن ناصر آل حمد, كتاب قيمٌ اسمه: ( النبي والرسول ), استوعب فيه هذه المسألة, وخلص فيها إلى ما ذكره الشيخ مساعد إجمالاً, مع شيء من التفصيل والتركيز.
 
إضافة إلى ما ذكره المشايخ الكرام أقول :
أقرب الأقوالِ في الفرْقِ بينَ النبيّ والرسول هو ما قرَّرهُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيثُ قال :" فالنبيُّ هو الذي يُنبِّئُه الله ، وهو يُنَبِّئُ بما نَبَّأَهُ الله فإنْ أُرسل مع ذلك إلى مَن خالف أمْرَ الله ليبلِّغه رسالةً مِن الله إليه فهو رسول وأمّا إذا كان إنّما يعمل بالشريعة قبله ، ولَمْ يُرْسل هو إلى أحدٍ يبلِّغه عن الله رسالة ، فهو نبيٌّ وليس بِرَسُول "... إلى أنْ قـالَ :" فقولـه : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ}دليلٌ على أنّ النبيَّ مُرْسَل ، ولا يُسمّى رسولاً عند الإطْلاق لأنّه لَمْ يُرْسَل إلى قَوْمٍ بما لا يعرفونه بلْ كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنّه حقٌّ كَالْعَالِم .
وقال الشنقيطيُّ رحمه الله :" وآيةُ الحجّ هذه _ يعني قوله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ " _تُبيِّنُ أنّ ما اشْتهر على ألْسِنة أهل العلم مِن أنّ النبيَّ هو مَن أُوحِيَ إليه وَحْيٌ ، ولَمْ يُؤمر بتبليغه ، وأنّ الرسولَ هو النبيُّ الذي أُوحِيَ إليه ، وأُمِرَ بتبليغِ ما أُوحِيَ إليه غيرُ صحيحٍ لأنّ قوله تعالى{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ }يدلُّ على أنّ كلاً منهما مُرْسَل ، وأنّهما مع ذلك بينهما تغايُر ، واستظهر بعضهم أنّ النبيَّ الذي هو رسول أُنزل إليه كتاب وشرْعٌ مستقلّ مع المعجزة التي ثبتت بها نبوّته ، وأنّ النبيَّ المرْسَل الذي هو غير الرسول ، هو مَن لَمْ يُنزَّل عليه كتاب وإنّما أُوحِيَ إليه أنْ يدعو الناسَ إلى شريعة رسولٍ قبله كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يُرْسَلون ويُؤمَرون بالعمل بما في التوراة ".
وخُلاصة ما تقدّم أنّ شيخَ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والشنقيطيّ يَرَيَانِ الفرْقَ بينهما ليْسَ في البلاغِ وعَدَمِه ؛ لأنّه ما مِن إنسان إلاّ وهو مأمورٌ بإبلاغ الناس أمرَ دينهم كلٌّ بِحَسَبِه وإنّما الفرْقُ هو بالرسالة فمنْ كان تابعًا لِمَنْ قبله فهو نبيٌّ ومن أتى بشريعة مستقلّة فهو رسول ، وهذا هو رأيُ البيضاويِّ أيضًا في تفسيره حيث قال :" الرسول مَن بعثه الله بشريعة مجدّدة يدعو الناس إليها والنبيُّ يَعُمُّه ، ومَن بعثه لتقرير شرْعٍ سابق ، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام
 
عودة
أعلى