الفاتحة سبع آيات

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
57
الإقامة
مصر
نحن أمام أكبر مسألة خلافية في علم القراءات!!!

المصحف الذي جمعه الصحابة رضوان الله عليهم في عهد عثمان رضي الله عنه، وعليه إجماع المسلمين كانت فيه البسملة الآية الأولى، ولم يكن ترقيم الآيات قد لحق المصحف، ثم لما بدأ الترقيم عدت بعض المصاحف البسملة الآية الأولى من الفاتحة كما هو حال معظم المصاحف الموجودة في عصرنا هذا (رواية حفص)، وبعضها الآخر عد البسملة آية مستقلة كما هو في مصاحف ورش ففيها آيات الفاتحة سبع آيات، الأولى الحمد لله، والسابعة غير المغضوب عليهم.

هذا الخلاف بين علماء القراءات أدى إلى الخلاف بين الفقهاء في عدد من المسائل وكذا علماء الحديث وغيرهم.

وقد دأب كثير من العلماء والغيورون على الدين غفر الله لي معهم، في كل عصر ومصر على الذب عن كتاب الله خوفا منهم على أن يلحق بكتاب الله ما ليس منه، وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع ذلك كثيرا بين الصحابة، ومن ذلك:
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعتُ هشامَ بنَ حكيمٍ ابنِ حزامٍ: يقرأ سورة الفرقانِ على غير ما أقرؤها، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقرنيها، وكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلتُه حتى انصرف، ثم لببتُه بردائِه، فجئتُ به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها، فقال لي: أرسِله. ثم قال له: اقرأ. فقرأ، قال: هكذا أنزلتْ. ثم قال لي: اقرأ. فقرأتُ، فقال: ((هكذا أنزلتْ، إنَّ القرآنَ أنزل على سبعةِ أحرفٍ، فاقرؤوا منه ما تيسَّر))، رواه البخاري.
وهذه الغيرة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد انتشرت في كتب التفسير وتوجيه القراءات بتضعيف القراءة بسبب أو بآخر، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: ((إنَّ القرآنَ لم يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بعضُه بعضًا، بل يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا، فما عَرَفْتُم منه فاعْمَلُوا به، وما جَهِلْتُم منه فرُدُّوهُ إلى عالِمِهِ))، صححه الألباني في شرح الطحاوية، وحسن له الألباني لفظين آخرين.
ويقول: ((نزل القرآنُ على سبعةِ أحرُفٍ، المِراءُ في القرآنِ كُفرٌ، ثلاثَ مرَّاتٍ، فما عرفتُم منه فاعملُوا، وما جهِلتُم منه فرُدُّوه إلى عالمِه))، قال الألباني في السلسلة الصحيحة: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وفي ضوء ذلك ينبغي لنا أن نرد المسألة إلى أهل القراءات كما ارشد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((فردوه إلى عالمه))، فنجد أنهم متفقون على أن هذه الرواية صحيحة مقبولة، والأخرى كذلك، وقد انتشرت هذه الرواية وانتشرت الأخرى وأثبتهما الله سبحانه وتعالى كما قال: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (الرعد:39).
فقد تكفل الله بحفظه فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41)لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ(42)} (فصلت).
ولو كانت إحداهما غير صحيحة لما ثبتت، ولما حفظها الله، ولا يمكن أن يلحق كتاب الله أي تحريف أو زيادة أو نقصان.

فبعد أن عملنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورددنا المسألة إلى أهل القراءات ووجدناهما صحيحتين، فنقول أن هذا كلام الله، والآخر كلام الله ولا نضرب بعضه ببعض وكل يصدق بعضا، لأن كلاهما يصدق مصحف عثمان رضي الله عنه وكلاهما صحت به الرواية عن علماء القراءات، وليحذر أحدنا أن يقع فيما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((المراء في القرآن كفر)).

وعلى هذا فمن قرأ الفاتحة وجهر بالبسملة فقد قرأ رواية صحيحة ثابتة في المصاحف.
وإن لم يجهر بالبسملة نقول قرأ رواية صحيحة ثابتة في المصاحف.
فيجب علينا عندئذ أن نؤمن بهما ونوقن أن أحدهما تصدق الأخرى ونقول: {... آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} (آل عمران:7).

ومثلما حدث من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من الصحابة، وغيرهم في كل عصر - غفر الله لي معهم - كانوا يشكون في القراءة فيأتي كل فريق بالحجج والبراهين وتوسعوا في ذلك وسطروا صفحات وصفحات في رد الرأي الآخر، والأفضل طالما صحت الروايتين أن نبحث ونتدبر حكمة من الحكم التي أرادها الله سبحانه في ذلك، فإن وجدنا أحدها أو أكثر قلنا لعلها هي أحد حكم الله الحكيم، وإن لم نجد قلنا: {... سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}(البقرة:32).

وهكذا نقول في كل خلاف يقع في رسم المصحف أو نقطه أو حروفه أو تشكيله أو عد آياته أو علامات الوقف أو ما جد اليوم من علاما مثل ألوان التجويد وما قد يجد في المصحف على مر الزمان.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الذكر الحكيم.
{... رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر:10).
 
استشكل البعض هذا الرأي لأن كبار العلماء يرى بخلاف ذلك ومنهم شيخنا الجليل العظيم الشيخ العثيمين الذي نفع الله به المسلمين في هذا العصر وإن شاء الله ينتفع بعلمه خلق كثير إلى قيام الساعة.

والحقيقة أنني ظللت فترة أرى هذا الرأي لقوة أدلته ولحبي الشديد للشيخ إلا أنني عندما نظرت في الأدلة التي سقتها، وجدت أن الحق أحب إلي من شيخي الحبيب، فتركت قول الشيخ الذي أحبه حبا جما إلى الحق الذي ظهر لي.
وعلى كل حال فالشيخ مأجور في اجتهاده وعمل بما صح عنده وتبع في ذلك علماء كبارا قبله، ونسأل الله أن يجزل لهم الثواب.

وعموما أدلة الفريقين لا تسلم من النقد - اللهم بصرنا بالصواب -، وإن شاء الله نتعرض لها في موضعها.
وسأكتفي بما سقنا من أدلة، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((المراء في القرآن كفر))رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان.
وأحب أن ألفت نظر المتابعين أن الله تكفل بحفظ كتابه، فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل لهم افعلوا كذا في رسمه، وافعلوا كذا في نقطه، وافعلوا كذا في حروفه، وافلعوا كذا في تشكيله، وافعلوا كذا في عد آياته، وافعلوا كذا في أصول ترتيله...، لأن الله هو الذي يحفظ القرآن وليس العلماء، وما يمحى من كتاب الله وما يثبت فهو خاضع لإرادته الكونية القدرية ولا يخضع لأدلة شرعية تحكمه، ولو وكل كتاب الله إلى العلماء لما وصلنا كتاب الله بهذه الصورة، انظر مثلا إلى لغات العرب فكلام الصحابة رضوان الله عليهم كان يفضل لغة قريش، وكذا كتب أهل اللغة تفضل لغة قريش، وكذا كتب القراءات، وكتب توجهها، وجل كتب التراث تفضل لغة قريش، والنتيجة أنهم لو وكل إليهم حفظ الكتاب كانوا سينشورن لغة قريش على غيرها، لكن انظر إلي قراءة نافع في المدينة إنها ذهبت إلى أهل تونس والجزائر والمغرب وغيرهم، لأنها والله أعلم تناسب لكنتهم السريعة، وانظر إلى قراءة حفص التي طالما ضعف كثير من أهل اللغة وتوجيه القراءات وغيرهم ضعفوا وجوها منها، فماذا كان مصير قراءة حفص، إنها انتشرت وحلت في الحجاز وكثير من المناطق، من نشرها إنه الله وحده، فالقرآن محفوظ بحفظ الله بدون أسباب ملموسة، بخلاف السنة فإنها محفوظة بحفظ الله بأسباب، فإذا أهمل أهل زمان في سنة رسول الله ضعفت سنته بين الناس، كما هو الحال قبل مجدد الإسلام الشيخ الألباني، فلما أراد الله رفعة لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ظهر شيخنا الجليل رحمه الله لينشر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أما القرآن فإنه محفوظ بالعلماء أو بغيرهم إلى قيام الساعة، اجتهد أهل العلم أم لم يجتهدوا.

بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم، وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
 
عودة
أعلى