محمود عبدالله إبراهيم نجا
Member
العلم يتحدى الشيخوخة، والموت، فهل سينجح؟
سمعنا، وسنسمع في الفترة القادمة عن أخبار علمية كثيرة بخصوص أبحاث إطالة العُمر، وتأخير أو حتى عكس بعض أعراض الشيخوخة، واستعادة الشباب، فالتجارب العلمية تجري في هذا المضمار على قدم وساق، وأموال الذين يريدون الخلد بصحة جيدة تدعم هذا الإتجاه بشدة.
وأنا لا أعترض على المحاولات العلمية التي تتعامل مع أعراض الشيخوخة، أو حتى التي تحاول إطالة العمر، فقد وصلت أعمار بعض البشر إلى ما يقرب من ألف عام، وطالما كان العمر طويل، فالصحة ستتناسب مع طول هذه الأعمار، بمعنى شيخوخة متأخرة، ولا شك أن لذلك آثار باقية في أحماضنا النووية، سواء في الجينات أو في الوراثة الفوق جينية، بدليل أنه حالياً يوجد مُعمرين تجاوزت أعمارهم المائة عام، وبعضهم بصحة معقولة، ويمكن بالبحث العلمي إعادة تنشيط بعض أو حتى كل الأنظمة التي تعمل على إطالة العمر، وتأخير الشيخوخة، أو حتى عكس بعض أعراضها، والإستفادة من ذلك طبياً، لجعل حياة المرضى وكبار السن أفضل، فالإسلام يحض على ذلك ولا يمنعه، طالما لا ضرر في ذلك، وكل تغير في العمر والصحة هو من قدر الله.
ولكن إعتراضي حول توهم البعض أن العلم لو فعل ذلك فإن البشرية ستتحدى الشيخوخة والموت، وبذلك يثبت خطأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ما من داء الا وله دواء الا الهرم)، ويثبت خطأ قول الله (كل نفس ذائقة الموت)، ولا شك أن هذا التفكير الساذج ليس بجديد على البشرية، فالسعي للخلد موروث قديم استعمله إبليس لغواية أبو البشرية آدم (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى)، ثم جعله أمل لذرية آدم يستحق أن تُتخذ المصانع لأجله، فقال الله عن عاد (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون)، فأكثر ما يحبط الغني القوي أنه حتما ستزول قوته بتقدم العمر، وسيزول ماله بالموت، فكان حلم الخلود رفيقاً دائماً للأغنياء الأقوياء.
ولكن هيهات أن يتمكن العلم من منح الأغنياء الخلد بسبب القوة الدائمة، والشباب الدائم، فكلاهما كما نرى ليسا بسبب للخلد، فكم من شباب ماتوا وهم في أوج صحتهم وقوتهم، فلم ينتفعوا بالقوة وصغر السن، وحتى الذين وصلت لنا أخبارهم بأنهم عاشوا قرابة الألف عام، لم يمنعهم طول العمر من الشيب، والموت، قال تعالى (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)، وقال لحبيبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم (ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإين مت فهم الخالدون)، فمهما قام العلم بتنشيط الحمض النووي لمقاومة الشيخوخة، فقدراته محدودة بمحدودية قدرات الحمض النووي نفسه، وما علمنا العلم ينشط شيء أو يثبطه في الحمض النووي إلا وكانت المخاطر أكبر من النفع الظاهر.
وعليه فهناك فارق جوهري بين الشيخوخة كعرضٌ عضوي قد يُؤخر، وبين الموت كحقيقة غيبية تحكمها سنن إلهية، لا سبيل لدفعها بالعلم ولا بالدواء. فالعلم لم يستطع تفسير لحظة دخول الروح للأجنة، ولم يستطع تفسير لحظة خروج الروح منها، فضلاً عن محاولة منعها من الخروج، ولذلك فحديث النبي ﷺ: "لكل داء دواء إلا الهرم"، ما زال شاهدًا على حدود قدرة الإنسان، مهما تطورت، وقول الله (كل نفس ذائقة الموت)، يبقى تحدي لا مفر منه.
ففروا إلى الله ولا تفروا منه، ولا تفروا من الموت فإنه مُلاقيكم، فأحسنوا لقاءه بالإسلام والطاعات، فلا يوجد طريق للخلد إلا في الجنة أو النار، فالدنيا دار فناء، لا دار بقاء، فمن أراد الخلد بعيدا عن الله، فعليه بإنشاء حمض نووي له قدرات غير محدودة، وذلك بعد أن يثبت أن الموت أمر غير متعلق بخروج الروح بأمر خالقها، فلا قيمة لإطالة العمر ومنع الشيخوخة، وملك الموت قد انطلق كالسهم للرمية، فلا يؤخره عن قبضها إلا مقدار الزمن الذي قدره الله لحياة كل إنسان.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
سمعنا، وسنسمع في الفترة القادمة عن أخبار علمية كثيرة بخصوص أبحاث إطالة العُمر، وتأخير أو حتى عكس بعض أعراض الشيخوخة، واستعادة الشباب، فالتجارب العلمية تجري في هذا المضمار على قدم وساق، وأموال الذين يريدون الخلد بصحة جيدة تدعم هذا الإتجاه بشدة.
وأنا لا أعترض على المحاولات العلمية التي تتعامل مع أعراض الشيخوخة، أو حتى التي تحاول إطالة العمر، فقد وصلت أعمار بعض البشر إلى ما يقرب من ألف عام، وطالما كان العمر طويل، فالصحة ستتناسب مع طول هذه الأعمار، بمعنى شيخوخة متأخرة، ولا شك أن لذلك آثار باقية في أحماضنا النووية، سواء في الجينات أو في الوراثة الفوق جينية، بدليل أنه حالياً يوجد مُعمرين تجاوزت أعمارهم المائة عام، وبعضهم بصحة معقولة، ويمكن بالبحث العلمي إعادة تنشيط بعض أو حتى كل الأنظمة التي تعمل على إطالة العمر، وتأخير الشيخوخة، أو حتى عكس بعض أعراضها، والإستفادة من ذلك طبياً، لجعل حياة المرضى وكبار السن أفضل، فالإسلام يحض على ذلك ولا يمنعه، طالما لا ضرر في ذلك، وكل تغير في العمر والصحة هو من قدر الله.
ولكن إعتراضي حول توهم البعض أن العلم لو فعل ذلك فإن البشرية ستتحدى الشيخوخة والموت، وبذلك يثبت خطأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ما من داء الا وله دواء الا الهرم)، ويثبت خطأ قول الله (كل نفس ذائقة الموت)، ولا شك أن هذا التفكير الساذج ليس بجديد على البشرية، فالسعي للخلد موروث قديم استعمله إبليس لغواية أبو البشرية آدم (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى)، ثم جعله أمل لذرية آدم يستحق أن تُتخذ المصانع لأجله، فقال الله عن عاد (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون)، فأكثر ما يحبط الغني القوي أنه حتما ستزول قوته بتقدم العمر، وسيزول ماله بالموت، فكان حلم الخلود رفيقاً دائماً للأغنياء الأقوياء.
ولكن هيهات أن يتمكن العلم من منح الأغنياء الخلد بسبب القوة الدائمة، والشباب الدائم، فكلاهما كما نرى ليسا بسبب للخلد، فكم من شباب ماتوا وهم في أوج صحتهم وقوتهم، فلم ينتفعوا بالقوة وصغر السن، وحتى الذين وصلت لنا أخبارهم بأنهم عاشوا قرابة الألف عام، لم يمنعهم طول العمر من الشيب، والموت، قال تعالى (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)، وقال لحبيبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم (ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإين مت فهم الخالدون)، فمهما قام العلم بتنشيط الحمض النووي لمقاومة الشيخوخة، فقدراته محدودة بمحدودية قدرات الحمض النووي نفسه، وما علمنا العلم ينشط شيء أو يثبطه في الحمض النووي إلا وكانت المخاطر أكبر من النفع الظاهر.
وعليه فهناك فارق جوهري بين الشيخوخة كعرضٌ عضوي قد يُؤخر، وبين الموت كحقيقة غيبية تحكمها سنن إلهية، لا سبيل لدفعها بالعلم ولا بالدواء. فالعلم لم يستطع تفسير لحظة دخول الروح للأجنة، ولم يستطع تفسير لحظة خروج الروح منها، فضلاً عن محاولة منعها من الخروج، ولذلك فحديث النبي ﷺ: "لكل داء دواء إلا الهرم"، ما زال شاهدًا على حدود قدرة الإنسان، مهما تطورت، وقول الله (كل نفس ذائقة الموت)، يبقى تحدي لا مفر منه.
ففروا إلى الله ولا تفروا منه، ولا تفروا من الموت فإنه مُلاقيكم، فأحسنوا لقاءه بالإسلام والطاعات، فلا يوجد طريق للخلد إلا في الجنة أو النار، فالدنيا دار فناء، لا دار بقاء، فمن أراد الخلد بعيدا عن الله، فعليه بإنشاء حمض نووي له قدرات غير محدودة، وذلك بعد أن يثبت أن الموت أمر غير متعلق بخروج الروح بأمر خالقها، فلا قيمة لإطالة العمر ومنع الشيخوخة، وملك الموت قد انطلق كالسهم للرمية، فلا يؤخره عن قبضها إلا مقدار الزمن الذي قدره الله لحياة كل إنسان.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
التعديل الأخير بواسطة المشرف: