العلاقة بين يعقوب عليه السلام وإسرائيل في القرآن الكريم

أحمد طاهري

Well-known member
إنضم
05/04/2021
المشاركات
400
مستوى التفاعل
60
النقاط
28
العمر
40
الإقامة
الجزائر
بسم الله الرحمان الرحيم
إنتشر مؤخرا بعض المنشورات التي تفترض أن إسرائيل ليس هو نفسه يعقوب عليه السلام وأن تفاسير القرآن الكريم متأثرة بالإسرائيليات التي حرفت نسب بني إسرائيل لتنسبهم إلى آل إبراهيم عليه السلام ، ومع أن تأثر الكثير من التفاسير بالإسرائيليات حقيقة واضحة ومن المحتمل أن يكون هذا صحيح إلا أن الكثير من الأدلة التي تم تقديمها في هذا الموضوع تتوافق مع سياق القرآن الكريم بشكل كبير وتثير الكثير من الأسئلة عن حقيقة هذا الأمر .

### 1. وصية يعقوب وهو مسمى بـ "يعقوب":
- الآية: **{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }** (البقرة: 133).
- **المفارقة:** لو كان اسم يعقوب عليه السلام قد قد تغير إلى "إسرائيل" بوحي إلهي (كما في التوراة المحرفة)، لكان القرآن استخدم هذا الاسم الإلهي في لحظة موته المصيرية.
لكن القرآن ثبته باسم "يعقوب" حتى في ساعة الموت، مما يدل على أن اسم "إسرائيل" **لم يكن اسمه أبدًا**، بل هو اسم شخص آخر.

### 2. تحريم إسرائيل الطعام على نفسه:
- الآية: **{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }** (آل عمران: 93).
- **المشكلة :** إذا كان إسرائيل نبيًا (كيعقوب)، فكيف يحرم على نفسه شيئًا بدون إذن الله؟ الأنبياء لا يشرعون من تلقاء أنفسهم وإذا حرموا شيئا على أنفسهم فالله سينزل عليهم الوحي لتصحيح الأمر مثلما حدث مع النبي .

### 3. الربط بين حادثة إبني آدم وبني إسرائيل:
- {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } (المائدة: 32)
هنا يتضح سبب الربط إذا كان إسرائيل نفسه أحد إبني آدم أي بسبب جريمة القتل الأولى (التي ارتكبها إسرائيل) كتب على بنيه أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً .
- **الحل في النظرية:** إذا كان إسرائيل هو القاتل التائب (أحد ابني آدم)، فإن تحريمه الطعام كان **كفارة شخصية نذرية** بسبب جريمته، وليس تشريعًا عامًا.
وهذا يفسر لماذا جاءت التوراة لاحقًا لتبين الحلال والحرام، ولتصحح هذا التحريم الشخصي.

### 4. زكريا عليه السلام وآل يعقوب:
**{كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)} (سورة مريم)
- **"يرثني ويرث من آل يعقوب"**: هذا يشير إلى أن زوجة زكريا كانت **من آل يعقوب**، وربما كانت آخر من بقي من هذا النسل .
لو كان كل بني إسرائيل من نسل يعقوب عليه السلام لما خاف زكريا عليه السلام من ضياع ميراث آل يعقوب ، لأنه سيبقى مع مواليه من بني إسرائيل ، ولهذا فالخوف من "الموالي" يدل على أن بني إسرائيل عمومًا **ليسوا بالضرورة من آل يعقوب**، بل هم قوم آخرون قد يستولون على التراث النبوي ويفسدوه .

### 5. **خطاب بني إسرائيل:** القرآن يخاطبهم دائمًا بلقب "بني إسرائيل" وليس "آل يعقوب" ماعدى في قصة زكرياء عليه السلام حيث خاف زكرياء من إنقطاع نسل آل يعقوب ، مما يوحي أن بني إسرائيل هو الاسم الأصلي لقبيلتهم.
ومع أن الكثير من الأحاديث صحيحة السند تربط بشكل مباشر بين يعقوب وإسرائيل

**الخلاصة** :
1. **قصة ابني آدم:** أحدهما إسرائيل قتل أخاه هابيل ، ثم ندم وتاب، أو أنه سمى نفسه إسرائيل (عبد الله ) بعد توبته وندمه .
2. **تحريم الطعام:** إسرائيل حرم على نفسه طعامًا معينًا ككفارة، وتبعه أتباعه (بني إسرائيل) في هذا التحريم وهذا لا يفعله الأنبياء .
3. **يعقوب النبي:** هو شخصية لاحقة من نسل إبراهيم، بعثه الله نبيًا، وله ذرية هم "آل يعقوب".
4. **التحريف اللاحق:** بعد موت يحيى عليه السلام دمج بنو إسرائيل هويتهم مع هوية آل يعقوب، وقالوا: "نحن بنو يعقوب، ويعقوب هو إسرائيل" ليكسبوا شرف الإنتماء لآل إبراهيم.
5. **التوراة المحرفة:** كتبت القصة بدمج الشخصيتين، وجعلت تغيير الاسم بوحي إلهي.

هذا الاجتهاد — وإن كان يحتاج إلى مزيد من التمحيص — يقدم قراءة متسقة للنصوص القرآنية بعيدًا عن الروايات الإسرائيلية المهيمنة على التفسير التقليدي.
 
عودة
أعلى