العلاقة بين الرجل والمرأة في ضوء آيات القرآن وكلام المفسرين

إنضم
13/03/2012
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجبيل
الحمد لله ، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد ، وبعد:
يقول تبارك وتعالى:
( ...وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة : من الآية (228)
هذه الآية ، أو الجزء من الآية ، كان فتحا في تأريخ الإنسانية ،حيث إنه جاء ليؤسس لمجتمع إنساني متكامل مترابط ، يعكس إرادة الله الشرعية للإنسان في الحياة الكريمة ، كما كانت إرادته القدرية قد قضت بكرامته حيث هيئت له أسباب الحياة الكريمة ، قال تعالى:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء (70)

والمتأمل في واقع الأمة المسلمة اليوم وهي المعنية بهذا الخطاب قبل غيرها من الأمم يرى أن العلاقة بين المرأة والرجل لا تتفق مع هذه الإرادة الشرعية ، حيث إن العلاقة قد جنحت بعيدا عن هذه الوسطية التي أرادها الله ـ إلا من رحم الله ـ إما إلى غلو حمل النصوص على ما لا تحتمل ، أو إلى تفريط هو أقرب إلى التحلل أو التفلت المُفَرِّغ للنصوص من مضامينها مع زعم التمسك بالنص.

وهنا أطرح السؤال التالي ونحن نعيش صراعا فكريا محموما يدور حول المرأة وحقوقها والعلاقة بين الرجل والمرأة:
ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة ؟
هل هو عجزنا عن فهم واستيعاب النص ؟
أم هي تقاليد ـ سواء غالية أو جافية ـ شابت الفهم الصحيح للنص ، فخلقت مفاهيم وسلوكيات أصبحت هي تعكس التصور للإسلام عند المسلمين وغيرهم ؟
أم هو عجزنا عن إدراك التغيرات المتسارعة في الحياة البشرية ومن ثم عجزنا عن فهم مواكبة النصوص لهذه التغيرات ؟
هذه الأسئلة أتقدم بها بين يدي أقوال المفسرين لهذا الجزء من الآية الكريمة ، ثم أسأل:
ما مدى استيعاب الفرد المسلم لهذه التفسيرات ؟
وما نصيبها من التأثير في تشكيل حياة المسلمين وعلى وجه الخصوص العلاقة بين الرجل والمرأة ؟

وفي الختام:
أتمنى لو يتبنى مركز تفسير عقد ندوة حول الموضوع تتناول الآيات التي تتحدث عن العلاقة بين الرجل والمرأة ومدى أثر أقوال المفسرين في تشكيل هذه العلاقة.
 
أقوال المفسرين

أقوال المفسرين

تفسير الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: تأويله: ولهنّ من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهنّ لهم من الطاعة فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها.
(رواه عن الضحاك وابن زيد.)
وقال آخرون: معنى ذلك: ولهنّ على أزواجهن من التَّصنُّع والمواتاة، مثل الذي عليهن لهم في ذلك. (1)
( رواه عن بن عباس رضي الله عنهما )
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل الآية عندي: وللمطلقات واحدة أو ثنتين -بعد الإفضاء إليهن- على بعولتهن أن لا يراجعوهنّ في أقرائهن الثلاثة إذا أرادوا رجْعتهن فيهن، إلا أن يريدوا إصلاح أمرهن وأمرهم، وأن لا يراجعوهن ضرارًا كما عليهن لهم إذا أرادوا رجعتهنّ فيهنّ، أن لا يكتمنَ ما خلق الله في أرحامهنّ من الولد ودم الحيض ضرارًا منهن لهم لِيَفُتْنهم بأنفسهنّ، ذلك أن الله تعالى ذكره نهى المطلقات عن كتمان أزواجهنّ في أقرائهنَّ ما خلق الله في أرحامهنّ، إن كن يؤمنَّ بالله واليوم الآخر، وجعل أزواجهن أحق بردّهن في ذلك إن أرادوا إصلاحًا، فحرَّم الله على كل واحد منهما مضارَّة صاحبه، وعرّف كلّ واحد منهما ما له وما عليه من ذلك، ثم عقب ذلك بقوله:" ولهن مثلُ الذي عليهن بالمعروف" فبيِّنٌ أن الذي على كل واحد منهما لصاحبه من ترك مضارته، مثل الذي له على صاحبه من ذلك.
فهذا التأويل هو أشبه بدلالة ظاهر التنزيل من غيره.
وقد يحتمل أن يكون كل ما على كل واحد منهما لصاحبه داخلا في ذلك، وإن كانت الآية نزلت فيما وصفنا، لأن الله تعالى ذكره قد جعل لكل واحد منهما على الآخر حقًا، فلكل واحد منهما على الآخر من أداء حقه إليه مثل الذي عليه له، فيدخل حينئذ في الآية ما قاله الضحاك وابن عباس وغير ذلك.

القول في تأويل قوله تعالى ( وللرجال عليهن درجة )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معنى " الدرجة " التي جعل الله للرجال على النساء ، الفضل الذي فضلهم الله عليهن في الميراث والجهاد وما أشبه ذلك .
روى هذا بأسانيده عن مجاهد وقتادة
ثم قال:
وقال آخرون : بل تلك الدرجة : الإمرة والطاعة .
وروى هذا بأسانيده عن زيد بن أسلم ، "وابن زيد ، ومحمد ". ( لا أدري منهما)
ثم قال:
"وقال آخرون : تلك الدرجة له عليها بما ساق إليها من الصداق ، وإنها إذا قذفته حدت ، وإذا قذفها لاعن . "
وروى هذا عن الشعبي.
ثم قال:
"وقال آخرون : تلك الدرجة التي له عليها ، إفضاله عليها ، وأداء حقها إليها ، وصفحه عن الواجب له عليها أو عن بعضه . "
وروى هذا عن عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ثم قال:
"وقال آخرون : بل تلك الدرجة التي له عليها أن جعل له لحية وحرمها ذلك . "
وروى هذا عن حميد.
اختيار بن جرير رحمه الله:
"قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس وهو أن " الدرجة " التي ذكر الله تعالى ذكره في هذا الموضع ، الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه .
وذلك أن الله تعالى ذكره قال : " وللرجال عليهن درجة "عقيب قوله : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " ، فأخبر تعالى ذكره أن على الرجل من ترك ضرارها في مراجعته إياها في أقرائها الثلاثة وفي غير ذلك من أمورها وحقوقها ، مثل الذي له عليها من ترك ضراره في كتمانها إياه ما خلق الله في أرحامهن وغير ذلك من حقوقه .
ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن ، فقال تعالى ذكره : " وللرجال عليهن درجة " بتفضلهم عليهن ، وصفحهم لهن عن بعض الواجب لهم عليهن ، وهذا هو المعنى الذي قصده ابن عباس بقوله : " ما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها " لأن الله تعالى ذكره يقول : " وللرجال عليهن درجة " .
ومعنى " الدرجة " ، الرتبة والمنزلة .
وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان ظاهره ظاهر الخبر ، فمعناه معنى ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، ليكون لهم عليهن فضل درجة ."

القول في تأويل قوله تعالى ( والله عزيز حكيم ( 228 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : " والله عزيز " في انتقامه ممن خالف أمره ، وتعدى حدوده ، فأتى النساء في المحيض ، وجعل الله عرضة لأيمانه أن يبر ويتقي ، ويصلح بين الناس ، وعضل امرأته بإيلائه ، وضارها في مراجعته بعد طلاقه ، ولمن كتم من النساء ما خلق الله في أرحامهن أزواجهن ، ونكحن في عددهن ، وتركن التربص بأنفسهن إلى الوقت الذي حده الله لهن ، وركبن غير ذلك من معاصيه ، " حكيم " فيما دبر في خلقه ، وفيما حكم وقضى بينهم من أحكامه ، كما :
حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " والله عزيز حكيم " ، يقول : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره .

وإنما توعد الله تعالى ذكره بهذا القول عباده ، لتقديمه قبل ذلك بيان ما حرم عليهم أو نهاهم عنه ، من ابتداء قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " إلى قوله : " وللرجال عليهن درجة " ثم أتبع ذلك بالوعيد ليزدجر أولو النهى ، وليذكر أولو الحجى ، فيتقوا عقابه ، ويحذروا عذابه .

****
تفسير البغوي:
"قوله تعالى : ( وللرجال عليهن درجة ) قال ابن عباس : بما ساق إليها من المهر وأنفق عليها من المال وقال قتادة : بالجهاد وقيل بالعقل وقيل بالشهادة وقيل بالميراث وقيل بالدية وقيل بالطلاق لأن الطلاق بيد الرجال وقيل بالرجعة وقال سفيان وزيد بن أسلم : بالإمارة وقال القتيبي : وللرجال عليهن درجة معناه فضيلة في الحق ( والله عزيز حكيم )"

*****
تفسير الرازي -
أما قوله تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الذى عَلَيْهِنَّ } فاعلم أنه تعالى لما بين أنه يجب أن يكون المقصود من المراجعة إصلاح حالها ، لا إيصال الضرر إليها بين أن لكل واحد من الزوجين حقاً على الآخر .
واعلم أن المقصود من الزوجين لا يتم إلا إذا كان كل واحد منهما مراعياً حق الآخر ، وتلك الحقوق المشتركة كثيرة ، ونحن نشير إلى بعضها فأحدها : أن الزوج كالأمير والراعي ، والزوجة كالمأمور والرعية ، فيجب على الزوج بسبب كونه أميراً وراعياً أن يقوم بحقها ومصالحها ، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج وثانيها : روي عن ابن عباس أنه قال : «إني لأتزين لأمرأتي كما تتزين لي» لقوله تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الذى عَلَيْهِنَّ } وثالثها : ولهن على الزوج من إرادة الإصلاح عند المراجعة ، مثل ما عليهن من ترك الكتمان فيما خلق الله في أرحامهن ، وهذا أوفق لمقدمة الآية .

أما قوله تعالى : { وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : يقال : رجل بين الرجلة ، أي القوة ، وهو أرجل الرجلين أي أقواهما ، وفرس رجيل قوي على المشي ، والرجل معروف لقوته على المشي ، وارتجل الكلام أي قوي عليه من غير حاجة فيه إلى فكرة وروية ، وترجل النهار قوي ضياؤه ، وأما الدرجة فهي المنزلة وأصلها من درجت الشيء أدرجه درجاً ، وأدرجته إدراجاً إذا طويته ، ودرج القوم قرناً بعد قرن أي فنوا ومعناه أنهم طووا عمرهم شيئاً فشيئاً ، والمدرجة قارعة الطريق ، لأنها تطوي منزلاً بعد منزل ، والدرجة المنزلة من منازل الطريق ، ومنه الدرجة التي يرتقي فيها .
المسألة الثانية : اعلم أن فضل الرجل على المرأة أمر معلوم ، إلا أن ذكره ههنا يحتمل وجهين:
الأول : أن الرجل أزيد في الفضيلة من النساء في أمور:
أحدها : العقل
والثاني : في الدية
والثالث : في المواريث
والرابع : في صلاحية الإمامة والقضاء والشهادة
والخامس : له أن يتزوج عليها ، وأن يتسرى عليها ، وليس لها أن تفعل ذلك مع الزوج
والسادس : أن نصيب الزوج في الميراث منها أكثر من نصيبها في الميراث منه
والسابع : أن الزوج قادر على تطليقها ، وإذا طلقها فهو قادر على مراجعتها ، شاءت المرأة أم أبت ، أما المرأة فلا تقدر على تطليق الزوج ، وبعد الطلاق لا تقدر على مراجعة الزوج ولا تقدر أيضاً على أن تمنع الزوج من المراجعة
والثامن : أن نصيب الرجل في سهم الغنيمة أكثر من نصيب المرأة ، وإذا ثبت فضل الرجل على المرأة في هذه الأمور ، ظهر أن المرأة كالأسير العاجز في يد الرجل ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : « استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان » وفي خبر آخر : « اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم والمرأة » ، وكان معنى الآية أنه لأجل ما جعل الله للرجال من الدرجة عليهن في الاقتدار كانوا مندوبين إلى أن يوفوا من حقوقهن أكثر ، فكان ذكر ذلك كالتهديد للرجال في الإقدام على مضارتهن وإيذائهن ، وذلك لأن كل من كانت نعم الله عليه أكثر ، كان صدور الذنب عنه أقبح ، واستحقاقه للزجر أشد .

والوجه الثاني : أن يكون المراد حصول المنافع واللذة مشترك بين الجانبين ، لأن المقصود من الزوجية السكن والألفة والمودة ، واشتباك الأنساب واستكثار الأعوان والأحباب وحصول اللذة ، وكل ذلك مشترك بين الجانبين بل يمكن أن يقال : إن نصيب المرأة فيها أوفر ، ثم إن الزوج اختص بأنواع من حقوق الزوجة ، وهي التزام المهر والنفقة ، والذب عنها ، والقيام بمصالحها ، ومنعها عن مواقع الآفات ، فكان قيام المرأة بخدمة الرجل آكد وجوباً ، رعاية لهذه الحقوق الزائدة وهذا كما قال تعالى : { الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أموالهم } [ النساء : 34 ] وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « لو أمرت أحداً بالسجود لغير الله لأمرت المرأة بالسجود لزوجها » ثم قال تعالى : { والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ } أي غالب لا يمنع ، مصيب أحكامه وأفعاله ، لا يتطرق إليهما احتمال العبث والسفه والغلط والباطل ."

****
تفسير القرطبي رحمه الله تعالى:
قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : ولهن أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن ، ولهذا قال ابن عباس : إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي ، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي ؛ لأن الله تعالى قال : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف أي زينة من غير مأثم . وعنه أيضا : أي لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن . وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن . قاله الطبري : وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم ، والمعنى متقارب . والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية .
....
"الثالثة : قوله تعالى : وللرجال عليهن درجة أي منزلة . ومدرجة الطريق : قارعته ، والأصل فيه الطي ، يقال : درجوا ، أي طووا عمرهم ، ومنها الدرجة التي يرتقى عليها . ويقال : رجل بين الرجلة ، أي القوة . وهو أرجل الرجلين ، أي أقواهما . وفرس رجيل ، أي قوي ، ومنه الرجل ، لقوتها على المشي . فزيادة درجة الرجل بعقله وقوته على الإنفاق وبالدية والميراث والجهاد . وقال حميد : الدرجة اللحية ، وهذا إن صح عنه فهو ضعيف لا يقتضيه لفظ الآية ولا معناها . قال ابن العربي : فطوبى لعبد أمسك عما لا يعلم ، وخصوصا في كتاب الله تعالى! ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء ، ولو لم يكن إلا أن المرأة خلقت من الرجل فهو أصلها ، وله أن يمنعها من التصرف إلا بإذنه ، فلا تصوم إلا بإذنه ولا تحج إلا معه . وقيل : الدرجة الصداق ، قاله الشعبي . وقيل : جواز الأدب . وعلى الجملة ف ( درجة ) تقتضي التفضيل ، وتشعر بأن حق الزوج عليها أوجب من حقها عليه ، ولهذا قال عليه السلام : ولو أمرت أحدا بالسجود لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . وقال ابن عباس : ( الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة ، والتوسع للنساء في المال والخلق ، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه ) . قال ابن عطية : وهذا قول حسن بارع . قال الماوردي : يحتمل أنها في حقوق النكاح ، له رفع العقد دونها ، ويلزمها إجابته إلى الفراش ، ولا يلزمه إجابتها .

قلت : ومن هذا قوله عليه السلام : أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح . " والله عزيز " أي منيع السلطان لا معترض عليه . " حكيم " أي عالم مصيب فيما يفعل ."
****
تفسير بن كثير رحمه الله تعالى:
"وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف أي : ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن ، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف ، كما ثبت في صحيح مسلم ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته ، في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . وفي حديث بهز بن حكيم ، عن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت " . وقال وكيع عن بشير بن سليمان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة ; لأن الله يقول : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .

وقوله : ( وللرجال عليهن درجة أي : في الفضيلة في الخلق ، والمنزلة ، وطاعة الأمر ، والإنفاق ، والقيام بالمصالح ، والفضل في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) [ النساء : 34 ] .
وقوله : والله عزيز حكيم أي : عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره ، حكيم في أمره وشرعه وقدره."

****

****
تفسير الشنقيطي:
قوله تعالى : ( وللرجال عليهن درجة )

لم يبين هنا ما هذه الدرجة التي للرجال على النساء ، ولكنه أشار لها في موضع آخر وهو قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم [ 4 \ 34 ] فأشار إلى أن الرجل أفضل من المرأة ; وذلك لأن الذكورة شرف وكمال ، والأنوثة نقص خلقي طبيعي ، والخلق كأنه مجمع على ذلك ; لأن الأنثى يجعل لها جميع الناس أنواع الزينة والحلي ، وذلك إنما هو لجبر النقص الخلقي الطبيعي الذي هو الأنوثة ، بخلاف الذكر فجمال ذكورته يكفيه عن الحلي ونحوه .

وقد أشار تعالى إلى نقص المرأة وضعفها الخلقيين الطبيعيين بقوله : أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين [ 43 \ 18 ] لأن نشأتها في الحلية دليل على نقصها المراد جبره والتغطية عليه بالحلي ، كما قال الشاعر : [ الطويل ]
وما الحلي إلا زينة من نقيصة يتمم من حسن إذا الحسن قصرا
وأما إذا كان الجمال موفرا كحسنك لم يحتج إلى أن يزورا
ولأن عدم إبانتها في الخصام إذا ظلمت دليل على الضعف الخلقي ، كما قال الشاعر : [ الطويل ]
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب
فلم يعتذر عذر البريء ولم تزل به سكتة حتى يقال مريب

ولا عبرة بنوادر النساء ; لأن النادر لا حكم له .
وأشار بقوله : وبما أنفقوا من أموالهم إلى أن الكامل في وصفه وقوته وخلقته يناسب حاله ، أن يكون قائما على الضعيف الناقص خلقة .
ولهذه الحكمة المشار إليها جعل ميراثه مضاعفا على ميراثها ; لأن من يقوم على غيره مترقب للنقص ، ومن يقوم عليه غيره مترقب للزيادة ، وإيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة ظاهر الحكمة .
كما أنه أشار إلى حكمة كون الطلاق بيد الرجل دون إذن المرأة بقوله : نساؤكم حرث لكم لأن من عرف أن حقله غير مناسب للزراعة لا ينبغي أن يرغم على الازدراع في حقل لا يناسب الزراعة . ويوضح هذا المعنى أن آلة الازدراع بيد الرجل ، فلو أكره على البقاء مع من لا حاجة له فيها حتى ترضى بذلك ، فإنها إن أرادت أن تجامعه لا يقوم ذكره ولا ينتشر إليها ، فلم تقدر على تحصيل النسل منه ، الذي هو أعظم الغرض من النكاح بخلاف الرجل ; فإنه يولدها وهي كارهة كما هو ضروري ."

******
تفسير الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:
وأول إعلان هذا العدل بين الزوجين في الحقوق ، كان بهاته الآية العظيمة ، فكانت هذه الآية من أول ما أنزل في الإسلام .
والمثل أصله النظير والمشابه ، كالشبه والمثل ، وقد تقدم ذلك في قوله تعالى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ، وقد يكون الشيء مثلا لشيء في جميع صفاته ، وقد يكون مثلا له في بعض صفاته . وهي وجه الشبه . فقد يكون وجه المماثلة ظاهرا فلا يحتاج إلى بيانه ، وقد يكون خفيا فيحتاج إلى بيانه ، وقد ظهر هنا أنه لا يستقيم معنى المماثلة في سائر الأحوال والحقوق : أجناسا أو أنواعا أو أشخاصا ; لأن مقتضى الخلقة ، ومقتضى المقصد من المرأة والرجل ، ومقتضى الشريعة ، التخالف بين كثير من أحوال الرجال والنساء في نظام العمران والمعاشرة . فلا جرم يعلم كل السامعين أن ليست المماثلة في كل الأحوال ، وتعين صرفها إلى معنى المماثلة في أنواع الحقوق على إجمال تبينه تفاصيل الشريعة ، فلا يتوهم أنه إذا وجب على المرأة أن تقم بيت زوجها ، وأن تجهز طعامه ، أنه يجب عليه مثل ذلك ، كما لا يتوهم أنه كما يجب عليه الإنفاق على امرأته أنه يجب على المرأة الإنفاق على زوجها بل كما تقم بيته وتجهز طعامه يجب عليه هو أن يحرس البيت وأن يحضر لها المعجنة والغربال ، وكما تحضن ولده يجب عليه أن يكفيها مؤنة الارتزاق كي لا تهمل ولده ، وأن يتعهده بتعليمه وتأديبه ، وكما لا تتزوج عليه بزوج في مدة عصمته ، يجب عليه هو أن يعدل بينها وبين زوجة أخرى حتى لا تحس بهضيمة فتكون بمنزلة من لم يتزوج عليها ، وعلى هذا القياس فإذا تأتت المماثلة الكاملة فتشرع ، فعلى المرأة أن تحسن معاشرة زوجها ، بدليل ما رتب على حكم النشوز ، قال تعالى واللاتي تخافون نشوزهن وعلى الرجل مثل ذلك قال تعالى وعاشروهن بالمعروف وعليها حفظ نفسها عن غيره ممن ليس بزوج ، وعليه مثل ذلك عمن ليست بزوجة قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ثم قال : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن الآية والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم إلا إذا كانت له زوجة أخرى فلذلك حكم آخر ، يدخل تحت قوله تعالى وللرجال عليهن درجة والمماثلة في بعث الحكمين ، والمماثلة في الرعاية ، ففي الحديث : الرجل راع على أهله والمرأة راعية في بيت زوجها ، والمماثلة في التشاور في الرضاع ، قال تعالى فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور وأتمروا بينكم بمعروف .

وتفاصيل هاته المماثلة ، بالعين أو بالغاية ، تؤخذ من تفاصيل أحكام الشريعة ، ومرجعها إلى نفي الإضرار ، وإلى حفظ مقاصد الشريعة من الأمة ، وقد أومأ إليها قوله تعالى بالمعروف أي لهن حق متلبسا بالمعروف ، غير المنكر ، من مقتضى الفطرة ، والآداب ، والمصالح ، ونفي الإضرار ، ومتابعة الشرع . وكلها مجال أنظار المجتهدين . ولم أر في كتب فروع المذاهب تبويبا لأبواب تجمع حقوق الزوجين . وفي سنن أبي داود ، وسنن ابن ماجه ، بابان أحدهما لحقوق الزوج على المرأة ، والآخر لحقوق الزوج على الرجل ، باختصار كانوا في الجاهلية يعدون الرجل مولى للمرأة فهي ولية ، كما يقولون ، وكانوا لا يدخرونها تربية ، وإقامة وشفقة ، وإحسانا ، واختيار مصير ، عند إرادة تزويجها ، لما كانوا حريصين عليه من طلب الأكفاء ، بيد أنهم كانوا ، مع ذلك ، لا يرون لها حقا في مطالبة بميراث ولا بمشاركة في اختيار مصيرها ، ولا بطلب ما لها منهم ، وقد أشار الله تعالى إلى بعض أحوالهم هذه في قوله وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن - وقال فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن فحدد الله لمعاملات النساء حدودا ، وشرع لهن أحكاما ، قد أعلنتها على الإجمال هذه الآية العظيمة ، ثم فصلتها الشريعة تفصيلا ، ومن لطائف القرآن في التنبيه إلى هذا عطف المؤمنات على المؤمنين عند ذكر كثير من الأحكام ، أو الفضائل ، وعطف النساء على الرجال .

وقوله بالمعروف الباء للملابسة ، والمراد به ما تعرفه العقول السالمة ، المجردة من الانحياز إلى الأهواء ، أو العادات أو التعاليم الضالة ، وذلك هو الحسن وهو ما جاء به الشرع نصا ، أو قياسا ، أو اقتضته المقاصد الشرعية ، أو المصلحة العامة ، التي ليس في الشرع ما يعارضها . والعرب تطلق المعروف على ما قابل المنكر أي وللنساء من الحقوق ، مثل الذي عليهن ملابسا ذلك دائما للوجه غير المنكر شرعا ، وعقلا ، وتحت هذا تفاصيل كبيرة تؤخذ من الشريعة ، وهي مجال لأنظار المجتهدين . في مختلف العصور والأقطار . فقول من يرى أن البنت البكر يجبرها أبوها على النكاح ، قد سلبها حق المماثلة للابن ، فدخل ذلك تحت الدرجة ، وقول من منع جبرها وقال لا تزوج إلا برضاها قد أثبت لها حق المماثلة للذكر ، وقول من منع المرأة من التبرع بما زاد على ثلثها إلا بإذن زوجها ، قد سلبها حق المماثلة للرجل . وقول من جعلها كالرجل في تبرعها بما لها قد أثبت لها حق المماثلة للرجل . وقول من جعل للمرأة حق الخيار في فراق زوجها ، إذا كانت به عاهة ، قد جعل لها حق المماثلة ، وقول من لم يجعل لها ذلك قد سلبها هذا الحق . وكل ينظر إلى أن ذلك من المعروف ، أو من المنكر . وهذا الشأن في كل ما أجمع عليه المسلمون من حقوق الصنفين ، وما اختلفوا فيه من تسوية بين الرجل والمرأة ، أو من تفرقة ، كل ذلك منظور فيه إلى تحقيق قوله تعالى بالمعروف قطعا أو ظنا فكونوا من ذلك بمحل التيقظ ، وخذوا بالمعنى دون التلفظ .

ودين الإسلام حري بالعناية بإصلاح شأن المرأة ، وكيف لا وهي نصف النوع الإنساني ، والمربية الأولى ، التي تفيض التربية السالكة إلى النفوس قبل غيرها ، والتي تصادف عقولا لم تمسها وسائل الشر ، وقلوبا لم تنفذ إليها خراطيم الشيطان . فإذا كانت تلك التربية خيرا ، وصدقا ، وصوابا ، وحقا ، كانت أول ما ينتقش في تلك الجواهر الكريمة ، وأسبق ما يمتزج بتلك الفطر السليمة ، فهيأت لأمثالها ، من خواطر الخير ، منزلا رحبا ، ولم تغادر لأغيارها من الشرور كرامة ولا حبا.

ودين الإسلام دين تشريع ونظام ، فلذلك جاء بإصلاح حال المرأة ، ورفع شأنها لتتهيأ الأمة الداخلة تحت حكم الإسلام ، إلى الارتقاء وسيادة العالم . وقوله وللرجال عليهن درجة إثبات لتفضيل الأزواج . في حقوق كثيرة على نسائهم لكيلا يظن أن المساواة المشروعة بقوله ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف مطردة ، ولزيادة بيان المراد من قوله بالمعروف ، وهذا التفضيل ثابت على الإجمال لكل رجل ، ويظهر أثر هذا التفضيل عند نزول المقتضيات الشرعية والعادية .

وقوله وللرجال خبر عن درجة ، قدم للاهتمام بما تفيده اللام من معنى استحقاقهم تلك الدرجة ، كما أشير إلى ذلك الاستحقاق في قوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وفي هذا الاهتمام مقصدان أحدهما دفع توهم المساواة بين الرجال والنساء في كل الحقوق ، توهما من قوله آنفا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وثانيهما تحديد إيثار الرجال على النساء بمقدار مخصوص ، لإبطال إيثارهم المطلق ، الذي كان متبعا في الجاهلية . والرجال جمع رجل ، وهو الذكر البالغ من الآدميين خاصة ، وأما قولهم : امرأة رجلة الرأي ، فهو على التشبيه أي تشبه الرجل .

والدرجة ما يرتقى عليه في سلم أو نحوه ، وصيغت بوزن فعلة من درج إذا انتقل على بطء ، ومهل ، يقال : درج الصبي ، إذا ابتدأ في المشي ، وهي هنا استعارة للرفعة المكنى بها عن الزيادة في الفضيلة الحقوقية ، وذلك أنه تقرر تشبيه المزية في الفضل بالعلو والارتفاع ، فتبع ذلك تشبيه الأفضلية بزيادة الدرجات في سير الصاعد ، لأن بزيادتها زيادة الارتفاع ، ويسمون الدرجة إذا نزل منها النازل : دركة ، لأنه يدرك بها المكان النازل إليه . والعبرة بالمقصد الأول . فإن كان القصد من الدرجة الارتفاع كدرجة السلم والعلو فهي درجة وإن كان القصد النزول كدرك الداموس فهي دركة ، ولا عبرة بنزول الصاعد ، وصعود النازل .

وهذه الدرجة اقتضاها ما أودعه الله في صنف الرجال : من زيادة القوة العقلية ، والبدنية ، فإن الذكورة في الحيوان تمام في الخلقة ، ولذلك نجد صنف الذكر في كل أنواع الحيوان أذكى من الأنثى ، وأقوى جسما ، وعزما ، وعن إرادته يكون الصدر ، ما لم يعرض للخلقة عارض يوجب انحطاط بعض أفراد الصنف ، وتفوق بعض أفراد الآخر نادرا ، فلذلك كانت الأحكام التشريعية الإسلامية جارية على وفق النظم التكوينية ، لأن واضع الأمرين واحد .

وهذه الدرجة هي ما فضل به الأزواج على زوجاتهم : من الإذن بتعدد الزوجة للرجل ، دون أن يؤذن بمثل ذلك للأنثى ، وذلك اقتضاه التزيد في القوة الجسمية ، ووفرة عدد الإناث في مواليد البشر ، ومن جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة ، والمراجعة في العدة كذلك ، وذلك اقتضاه التزيد في القوة العقلية وصدق التأمل ، وكذلك جعل المرجع في اختلاف الزوجين إلى رأي الزوج في شئون المنزل ، لأن كل اجتماع يتوقع حصول تعارض المصالح فيه ، يتعين أن يجعل له قاعدة في الانفصال والصدر عن رأي واحد معين ، من ذلك الجمع ، ولما كانت الزوجية اجتماع ذاتين لزم جعل إحداهما مرجعا عند الخلاف ، ورجح جانب الرجل لأن به تأسست العائلة ، ولأنه مظنة الصواب غالبا ، ولذلك إذا لم يمكن التراجع ، واشتد بين الزوجين النزاع ، لزم تدخل القضاء في شأنهما ، وترتب على ذلك بعث الحكمين كما في آية وإن خفتم شقاق بينهما .

ويؤخذ من الآية حكم حقوق الرجال غير الأزواج ، بلحن الخطاب ، لمساواتهم للأزواج في صفة الرجولة التي كانت هي العلة في ابتزازهم حقوق النساء في الجاهلية فلما أسست الآية حكم المساواة والتفضيل ، بين الرجال والنساء . الأزواج إبطالا لعمل الجاهلية ، أخذنا منها حكم ذلك بالنسبة للرجال غير الأزواج على النساء ، كالجهاد ، وذلك مما اقتضته القوة الجسدية ، وكبعض الولايات المختلف في صحة إسنادها إلى المرأة ، والتفضيل في باب العدالة ، وولاية النكاح ، والرعاية ، وذلك مما اقتضته القوة الفكرية ، وضعفها في المرأة وسرعة تأثرها ، وكالتفضيل في الإرث وذلك مما اقتضته رئاسة العائلة الموجبة لفرط الحاجة إلى المال ، وكالإيجاب على الرجل إنفاق زوجه ، وإنما عدت هذه درجة ، مع أن للنساء أحكاما لا يشاركهن فيها الرجال كالحضانة ، تلك الأحكام التي أشار إليها قوله تعالى للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن لأن ما امتاز به الرجال كان من قبيل الفضائل .

فأما تأديب الرجل المرأة إذا كانا زوجين ، فالظاهر أنه شرعت فيه تلك المراتب رعيا لأحوال طبقات الناس ، مع احتمال أن يكون المراد من قوله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن أن ذلك يجريه ولاة الأمور ، ولنا فيه نظر عندما نصل إليه إن شاء الله تعالى .

وقوله والله عزيز حكيم العزيز : القوي ، لأن العزة في كلام العرب القوة ليخرجن الأعز منها الأذل وقال شاعرهم :
وإنما العزة للكاثر والحكيم
: المتقن الأمور في وضعها ، من الحكمة كما تقدم .

والكلام تذييل وإقناع للمخاطبين ، وذلك أن الله تعالى لما شرع حقوق النساء كان هذا التشريع مظنة المتلقي بفرط التحرج من الرجال ، الذين ما اعتادوا أن يسمعوا أن للنساء معهم حظوظا ، غير حظوظ الرضا ، والفضل ، والسخاء ، فأصبحت لهن حقوق يأخذنها من الرجال كرها ، إن أبوا ، فكان الرجال بحيث يرون في هذا ثلما لعزتهم ، كما أنبأ عنه حديث عمر بن الخطاب المتقدم ، فبين الله تعالى أن الله عزيز أي قوي لا يعجزه أحد ، ولا يتقي أحدا ، وأنه حكيم يعلم صلاح الناس ، وأن عزته تؤيد حكمته فينفذ ما اقتضته الحكمة بالتشريع ، والأمر الواجب امتثاله ، ويحمل الناس على ذلك وإن كرهوا .

****
تفسير المنار:
ولما كانت إرادة الإصلاح برد الرجل امرأته إلى عصمته إنما تتحقق بأن يقوم بحقوقها كما يلزمها أن تقوم بحقوقه ذكر جل شأنه حق كل منهما على الآخر بعبارة مجملة تعد ركنا من أركان الإصلاح في البشر وهي قوله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) .

هذه كلمة جليلة جدا جمعت على إيجازها ما لا يؤدى بالتفصيل إلا في سفر كبير، فهي قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق إلا أمرا واحدا عبر عنه بقوله : ( وللرجال عليهن درجة ) وسيأتي بيانه ، وقد أحال في معرفة مالهن وما عليهن على المعروف بين الناس في معاشراتهم ومعاملاتهم في أهليهم ، وما يجري عليه عرف الناس ، وهو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم ، فهذه الجملة تعطي الرجل ميزانا يزن به معاملته لزوجه في جميع الشئون والأحوال ، فإذا هم بمطالبتها بأمر من الأمور يتذكر أنه يجب عليه مثله بإزائه ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إنني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي لهذه الآية ، وليس المراد بالمثل المثل بأعيان الأشياء وأشخاصها ، وإنما المراد أن الحقوق بينهما متبادلة وأنهما أكفاء ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلا وللرجل عمل يقابله لها ، إن لم يكن مثله في شخصه ، فهو مثله في جنسه ، فهما متماثلان في الحقوق والأعمال ، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل; أي أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه ، فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ويتخذه عبدا يستذله ويستخدمه في مصالحه ، ولا سيما بعد عقد الزوجية والدخول في الحياة المشتركة التي لا تكون سعيدة إلا باحترام كل من الزوجين الآخر والقيام بحقوقه .

قال الأستاذ الإمام - قدس الله روحه - : هذه الدرجة التي رفع النساء إليها لم يرفعهن إليها دين سابق ولا شريعة من الشرائع ، بل لم تصل إليها أمة من الأمم قبل الإسلام ولا بعده، وهذه الأمم الأوربية التي كان من آثار تقدمها في الحضارة والمدنية أن بالغت في تكريم النساء واحترامهن ، وعنيت بتربيتهن وتعليمهن العلوم والفنون ، لا تزال دون هذه الدرجة التي رفع الإسلام النساء إليها ، ولا تزال قوانين بعضها تمنع المرأة من حق التصرف في مالها بدون إذن زوجها ، وغير ذلك من الحقوق التي منحتها إياها الشريعة الإسلامية من نحو ثلاثة عشر قرنا ونصف ، وقد كان النساء في أوربا منذ خمسين سنة بمنزلة الأرقاء في كل شيء كما كن في عهد الجاهلية عند العرب أو أسوأ حالا ، ونحن لا نقول : إن الدين المسيحي أمرهم بذلك لأننا نعتقد أن تعليم المسيح لم يخلص إليهم كاملا سالما من الإضافات والبدع ، ومن المعروف أن ما كانوا عليه من الدين لم يرق المرأة وإنما كان ارتقاؤها من أثر المدنية الجديدة في القرن الماضي .

وقد صار هؤلاء الإفرنج الذين قصرت مدنيتهم عن شريعتنا في إعلاء شأن النساء يفخرون علينا ، بل يرموننا بالهمجية في معاملة النساء ، ويزعم الجاهلون منهم بالإسلام أن ما نحن عليه هو أثر ديننا ، ذكر الأستاذ الإمام في الدرس أن أحد السائحين من الإفرنج زاره في الأزهر وبينا هما ماران في المسجد رأى الإفرنجي بنتا مارة فيه فبهت وقال : ما هذا ؟ أنثى تدخل الجامع ! ! ! فقال له الإمام : وما وجه الغرابة في ذلك ؟ قال : إننا نعتقد أن الإسلام قرر أن النساء ليس لهن أرواح وليس عليهن عبادة : فبين له غلطه وفسر له بعض الآيات فيهن . قال : فانظروا كيف صرنا حجة على ديننا ؟ وإلى جهل هؤلاء الناس بالإسلام حتى مثل هذا الرجل الذي هو رئيس لجمعية كبيرة فما بالكم بعامتهم ؟

إذا كان الله قد جعل للنساء على الرجال مثل ما لهم عليهن إلا ما ميزهم به من الرياسة ، فالواجب على الرجال بمقتضى كفالة الرياسة أن يعلموهن ما يمكنهن من القيام بما يجب عليهن ويجعل لهن في النفوس احتراما يعين على القيام بحقوقهن ويسهل طريقه ، فإن الإنسان بحكم الطبع يحترم من يراه مؤدبا عالما بما يجب عليه عاملا به ، ولا يسهل عليه أن يمتهنه أو يهينه ، وإن بدرت منه بادرة في حقه رجع على نفسه باللائمة ، فكان ذلك زاجرا له عن مثلها .

خاطب الله تعالى النساء بالإيمان والمعرفة والأعمال الصالحة في العبادات والمعاملات كما خاطب الرجال ، وجعل لهن عليهم مثل ما جعله لهم عليهن ، وقرن أسماءهن بأسمائهم في آيات كثيرة ، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنات كما بايع المؤمنين ، وأمرهن بتعلم الكتاب والحكمة كما أمرهم ، وأجمعت الأمة على ما مضى به الكتاب والسنة من أنهن مجزيات على أعمالهن في الدنيا والآخرة ، أفيجوز بعد هذا كله أن يحرمن من العلم بما عليهن من الواجبات والحقوق لربهن ولبعولتهن ولأولادهن ولذي القربى وللأمة والملة ؟ العلم الإجمالي بما يطلب فعله شرط في توجه النفس إليه ، إذ يستحيل أن تتوجه إلى المجهول المطلق والعلم التفصيلي به المبين لفائدة فعله ومضرة تركه يعد سببا للعناية بفعله والتوقي من إهماله ، فكيف يمكن للنساء أن يؤدين تلك الواجبات والحقوق مع الجهل بها إجمالا وتفصيلا ؟ وكيف تسعد في الدنيا أو الآخرة أمة نصفها كالبهائم لا يؤدي ما يجب عليه لربه ولا لنفسه ولا لأهله ولا للناس ؟ والنصف الآخر قريب من ذلك; لأنه لا يؤدي إلا قليلا مما يجب عليه من ذلك ويترك الباقي ، ومنه إعانة ذلك النصف الضعيف على القيام بما يجب عليه من علم وعمل ، أو إلزامه إياه بما له عليه من السلطة والرياسة .

إن ما يجب أن تعلمه المرأة من عقائد دينها وآدابه وعباداته محدود ، ولكن ما يطلب منها لنظام بيتها وتربية أولادها ونحو ذلك من أمور الدنيا كأحكام المعاملات - إن كانت في بيت غني ونعمة - يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال ، كما يختلف بحسب ذلك الواجب على الرجال ، ألا ترى الفقهاء يوجبون على الرجل النفقة والسكنى والخدمة اللائقة بحال المرأة ؟ ألا ترى أن فروض الكفايات قد اتسعت دائرتها ؟ فبعد أن كان اتخاذ السيوف والرماح والقسي كافيا في الدفاع عن الحوزة صار هذا الدفاع متوقفا على المدافع والبنادق والبوارج ، وعلى علوم كثيرة صارت واجبة اليوم ولم تكن واجبة ولا موجودة بالأمس ، ألم تر أن تمريض المرضى ومداواة الجرحى كان يسيرا على النساء في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصر الخلفاء رضي الله تعالى عنهم ، وقد صار الآن متوقفا على تعلم فنون متعددة وتربية خاصة ، أي الأمرين أفضل في نظر الإسلام ؟ أتمريض المرأة لزوجها إذا هو مرض أم اتخاذ ممرضة أجنبية تطلع على عورته وتكتشف مخبآت بيته ؟ وهل يتيسر للمرأة أن تمرض زوجها أو ولدها إذا كانت جاهلة بقانون الصحة وبأسماء الأدوية ؟ نعم; قد تيسر لكثيرات من الجاهلات قتل مرضاهن بزيادة مقادير الأدوية السامة أو بجعل دواء مكان آخر .

روى ابن المنذر والحاكم - وصححه - وغيرهما عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) ( 66 : 6 ) علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم ، والمراد بالأهل النساء والأولاد ذكورا وإناثا ، وزاد بعضهم هنا العبد والأمة ، وهو من : أهل المكان أهولا : عمر ، وأهل الرجل وتأهل تزوج ، وأهل الرجل : زوجه وأهل بيته الذين يسكنون معه فيه والأصل فيه القرابة . وجمع الأهل أهلون، وربما قيل الأهالي ( المصباح ) وإذا كان الرجل يقي نفسه وأهله نار الآخرة بتعليمهم وتأديبهم ، فهو كذلك يقيهم بذلك نار الدنيا وهي المعيشة المنغصة بالشقاء وعدم النظام .

والآية تدل على اعتبار العرف في حقوق كل من الزوجين على الآخر ما لم يحل العرف حراما أو يحرم حلالا مما عرف بالنص ، والعرف يختلف باختلاف الناس والأزمنة ، ولكن أكثر فقهاء المذاهب المعروفة يقولون : إن حق الرجل على المرأة ألا تمنعه من نفسها بغير عذر شرعي ، وحقها عليه النفقة والسكنى إلخ . وقالوا : لا يلزمها عجن ولا خبز ولا طبخ ولا غير ذلك من مصالح بيته أو ماله وملكه ، والأقرب إلى هداية الآية ما قاله بعض المحدثين والحنابلة . قال في حاشية المقنع بعد ذكر القول بأنه لا يجب عليها ما ذكر .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة والجوزجاني : عليها ذلك واحتجا بقضية علي وفاطمة رضي الله عنهما فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى على ابنته بخدمة البيت وعلى علي ما كان خارجا من البيت من عمل . ورواه الجوزجاني من طرق ، قال وقد قال عليه السلام : ( ( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنتقل من جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود لكان نولها ( أي : حقها ) أن تفعل ذلك ) ) رواه بإسناده . قال : فهذا طاعة فيما لا منفعة فيه فكيف بمؤنة معاشه ؟ قال الشيخ تقي الدين يجب عليها المعروف من مثلها لمثله . قال في الإنصاف : والصواب أن يرجع في ذلك إلى عرف البلد ) ) اهـ .
وما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - بين بنته وربيبه وصهره ( عليهما السلام ) هو ما تقضي به فطرة الله تعالى ، وهو توزيع الأعمال بين الزوجين ، على المرأة تدبير المنزل والقيام بالأعمال فيه ، وعلى الرجل السعي والكسب خارجه . وهذا هو المماثلة بين الزوجين في الجملة ، وهو لا ينافي استعانة كل منهما بالخدم والأجراء عند الحاجة إلى ذلك مع القدرة عليه ، ولا مساعدة كل منهما للآخر في عمله أحيانا إذا كانت هناك ضرورة ، وإنما ذلك هو الأصل والتقسيم الفطري الذي تقوم به مصلحة الناس وهم لا يستغنون في ذلك ولا في غيره عن التعاون ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ( 2 : 286 ) ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ) ( 5 : 2 ) .

وما قاله الشيخ تقي الدين وما بينه به في الإنصاف من الرجوع إلى العرف لا يعدو ما في الآية قيد شعرة . وإذا أردت أن تعرف مسافة البعد بين ما يعمل أكثر المسلمين وما يعتقدون من شريعتهم ، فانظر في معاملتهم لنسائهم تجدهم يظلمونهن بقدر الاستطاعة لا يصد أحدهم عن ظلم امرأته إلا العجز ، ويحملونهن ما لا يحملنه إلا بالتكلف والجهد ، ويكثرون الشكوى من تقصيرهن ، ولئن سألتهم عن اعتقادهم فيما يجب لهم عليهن ليقولن كما يقول أكثر فقهائهم : إنه لا يجب لنا عليهن خدمة ، ولا طبخ ، ولا غسل ، ولا كنس ولا فرش ، ولا إرضاع طفل ، ولا تربية ولد ، ولا إشراف على الخدم الذين نستأجرهم لذلك ، إن يجب عليهن إلا المكث في البيت والتمكين من الاستمتاع ، وهذا الأمران عدميان; أي : عدم الخروج من المنزل بغير إذن ، وعدم المعارضة بالاستمتاع ، فالمعنى أنه لا يجب عليهن للرجال عمل قط ، ولا للأولاد مع وجود آبائهم أيضا . وأقول : إن هذه مبالغة في إعفائهن من التكاليف الواجبة عليهن في حكم الشرع والعرف ، يقابلها المبالغة في وضع التكاليف عليهن بالفعل ، ولكن الجاهلين بالمذاهب الفقهية يتهمون رجالها بهضم حقوق النساء ، وما هو إلا غلبة التقاليد والعادات مع عموم الجهل .

وأما قوله تعالى : ( وللرجال عليهن درجة ) فهو يوجب على المرأة شيئا وعلى الرجال أشياء; ذلك أن هذه الدرجة هي درجة الرياسة والقيام على المصالح المفسرة بقوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ( 4 : 34 ) فالحياة الزوجية حياة اجتماعية ولا بد لكل اجتماع من رئيس; لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم في بعض الأمور ، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يرجع إلى رأيه في الخلاف; لئلا يعمل كل على ضد الآخر فتنفصم عروة الوحدة الجامعة ، ويختل النظام ، والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة ، وأقدر على التنفيذ بقوته وماله ، ومن ثم كان هو المطالب شرعا بحماية المرأة والنفقة عليها ، وكانت هي مطالبة بطاعته في المعروف فإن نشزت عن طاعته كان له تأديبها بالوعظ والهجر والضرب غير المبرح - إن تعين - تأديبا ، يجوز ذلك لرئيس البيت لأجل مصلحة العشيرة وحسن العشرة ، كما يجوز مثله لقائد الجيش ولرئيس الأمة ( الخليفة أو السلطان ) لأجل مصلحة الجماعة ، وأما الاعتداء على النساء لأجل التحكم أو التشفي أو شفاء الغيظ فهو من الظلم الذي لا يجوز بحال ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها - إلى أن قال - فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ) متفق عليه من حديث ابن عمر .

وسيأتي تفصيل لهذه السلطة في سورة النساء إن شاء الله تعالى .

وختم الآية بقوله عز وجل : ( والله عزيز حكيم ) قال الأستاذ الإمام : إن لذكر العزة والحكمة هاهنا وجهين : ( أحدهما ) إعطاء المرأة من الحقوق على الرجل مثل ما له عليها بعد أن كانت مهضومة الحقوق عند العرب وجميع الأمم . ( والثاني ) جعل الرجل رئيسا عليها ، فكأن من لم يرض بهذه الأحكام الحكيمة يكون منازعا لله تعالى في عزة سلطانه ، ومنكرا لحكمته في أحكامه فهي تتضمن الوعيد على المخالفة كما عهدنا من سنة القرآن
 
عودة
أعلى