العقل الصريح موافق للنصوص

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : أصل قول الجهمية هو نفي الصفات بما يزعمون من دعوى العقليات ، التي عارضوا بها النصوص ، إذ كان العقل الصريح الذي يستحق أن تسمى قضاياه عقليات موافقًا للنصوص لا مخالفًا لها ، ولما كان قد شاع في عرف الناس أن قول الجهمية مبناه على النفي ، صار الشعراء ينظمون هذا المعنى ، كقول أبي تمام :
جهمية الأوصاف إلا أنهم ... قد لقبوها جوهر الأشياء​
فهؤلاء ارتكبوا أربع عظائم ؛ أحدها : ردهم لنصوص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ والثاني : ردهم ما يوافق ذلك من معقول العقلاء ؛ والثالث : جعل ما خالف ذلك من أقوالهم المجملة أو الباطلة هي أصول الدين ؛ والرابع : تكفيرهم أو تفسيقهم أو تخطئتهم لمن خالف هذه الأقوال المبتدعة المخالفة لصحيح المنقول وصريح المعقول .
وأما أهل العلم والإيمان فهم على نقيض هذه الحال ، يجعلون كلام الله وكلام رسوله هو الأصل الذي يعتمد عليه ، وإليه يرد ما تنازع الناس فيه ، فما وافقه كان حقًّا ، وما خالفه كان باطلًا ، ومن كان قصده متابعته من المؤمنين ، وأخطأ بعد اجتهاده الذي استفرغ به وسعه ، غفر الله له خطأه ، سواء كان خطؤه في المسائل العلمية الخبرية ، أو المسائل العملية ؛ فإنه ليس كل ما كان معلومًا متيقنًا لبعض الناس يجب أن يكون معلومًا متيقنًا لغيره ، وليس كل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه كل الناس ويفهمونه ؛ بل كثير منهم لم يسمع كثيرًا منه ، وكثير منهم قد يشتبه عليه ما أراده ، وإن كان كلامه في نفسه محكمًا مقرونًا بما يبين مراده ، لكن أهل العلم يعلمون ما قاله ، ويميزون بين النقل الذي يصدق به ، والنقل الذي يكذب به ، ويعرفون ما يعلم به معاني كلامه صلى الله عليه وسلم ؛ فإن الله تعالي أمر الرسول بالبلاغ المبين ، وهو أطوع الناس لربه ، فلا بد أن يكون قد بلغ البلاغ المبين ، ومع البلاغ المبين لا يكون بيانه ملتبسًا مدلسًا ... ( درء التعارض : 1 / 149 ) .
 
عودة
أعلى