العقاد والمازني: غضبة لله ولرسوله

أحمد كوري

New member
إنضم
13/06/2008
المشاركات
153
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
موريتانيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه. والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط، حتى تنتهك حرمات الله؛ فينتقم لله. (متفق عليه).
قد يَرِينُ رماد الغفلة على جذوة الإيمان فيضعفها، لكن رياح العدوان على المقدسات وانتهاك حرمات الله تشتد بهذا الرماد في يوم عاصف، فتثور جذوة الإيمان، ويغضب المسلم وينتقم لانتهاك حرمات الله. تحدث هذه الظاهرة لكل مسلم، حتى العامة، والأدباء الذين لم يشتهروا بالتقوى والورع والغيرة على الدين.
يحكي لنا الأديب الكبير عباس محمود العقاد، غضبة غضبها هو وزميله الأديب الكبير عبد القادر المازني، حينما استخف في حضرتهما أحد المرتدين، بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول العقاد عن زميله المازني (حياة قلم: 494 - 495):
"بهذه النظرة المطبوعة إلى الواقع وإلى المثل الأعلى استطاع أن يعرف السخرية بالواقع في حينه، وأن يعرف الغضب للقداسة التي نرفعها إلى سماء المثل العليا في كل حين.
"فمن غضباته التي نذكرها تلك الغضبة التي أشرت إليها في معرض الكلام على تأليف العبقريات، وأولها "عبقرية محمد" صلوات الله عليه.
"كنا نزور ساحة المولد النبوي على مقربة من مسكني بالعباسية، في جولة من جولاتنا التي كنا نسميها بالتفتيش الفني على أحياء المدينة .. فذكرنا مقال البطولة النبوية في كتاب "الأبطال" للفيلسوف الأيقوسي "توماس كارليل". كان يعرف إعجابي بما يكتب ذلك الفيلسوف. فقال:
- ولم لا تكتب أنت ذلك المقال من جديد ونحن أولى بهذا الواجب من كتاب الغرب، مهما يكن من إخلاصهم في تقدير البطولة المحمدية؟
"وكان في الجماعة فتى متحذلق يحسب أن حرية الفكر إنما تقاس بمقدار التطاول على المقدسات الموقرة، وعلى مقدساتنا نحن دون سائر العالمين .. ففاه بكلام هازل يشير به إلى السيف وإلى الزوجات الكثيرات .. وما راعنا إلا المازني الوديع الساخر ينتفض غضبا كأنما لمسته لفحة من وقود مضطرم، وإلا حركة يوشك أن يتبعها عمل وهو يقول تعقيبا على صيحتي في وجه ذلك الدعي المتحذلق:
- كلا كلا إن هذا الهجر لا يثبت الحاجة إلى الضرب بالسيف في نشر الدعوات. إنه ليثبت الحاجة إلى ما هو أصلح من ذلك لداء البذاءة والقحة: إنه الضرب بالحذاء توفيرا للسيف عن مثل هذا المقام".

المصدر:
حياة قلم - المجموعة الكاملة لمؤلفات الأستاذ: عباس محمود العقاد – المجلد: الثاني والعشرون – دار الكتاب اللبناني – بيروت – ط 1 – 1982م.
 
صدقت يا دكتور ، فإن المرء فى كثير من الأحيان لا يعرف مقدار عاطفته الدينية إلا حينما تستثار
غفر الله لأستاذنا الكبير العقاد ولصديقه الحميم المازنى و تغمدهما بواسع رحمته
وجزاك الله خيرا على أن ذكرتنا بهما
 
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على الاهتمام والمشاركة والإفادة، وشكرا جزيلا لكم.
 
عودة
أعلى