العبادات جامعة لحفظ صحة الإيمان وصحة البدن

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
مما ينبغي التنبيه عليه أن العبادات في الإسلام التي نتقرب بها إلى الله تعالى ، جمعت بين حفظ صحة الدين ، وحفظ صحة البدن ؛ يَقُوْلُ ابنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ الله : لا رَيْبَ أنَّ الصَّلاةَ نَفْسَها فيها مِنْ حِفْظِ صِحَّةِ البَدَنِ ، وإذَابَةِ أخْلاطِهِ وفَضَلاتِه ، مَا هُوَ مِنْ أنْفَعِ شَيْءٍ لَهُ ، سِوَى مَا فيها مِنْ حِفْظِ صِحَّةِ الإيْمَانِ ، وسَعَادَةِ الدُّنْيا والآخِرَةِ .
وكَذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ مِنْ أنْفَعِ أسْبَابِ حِفْظِ الصِّحَّةِ ، ومِنْ أنْفَعِ الأمُوْرِ لِكَثِيْرٍ مِنَ الأمْرَاضِ المُزْمِنَةِ ، ومِنْ أنْشَطِ شَيْءٍ للبَدَنِ والرُّوْحِ والقَلْبِ ، كَمَا في الصَّحِيْحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلى قَافيةِ رَأسِ أحَدِكِم إذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ : يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ ، عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيْلٌ فَارْقُدْ ؛ فإنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فإنْ تَوَضَّأ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ؛ فأصْبَحَ نَشِيْطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وإلاَّ أصْبَحَ خَبِيْثَ النَّفْسِ كَسْلانَ " [1] .
وفي الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ أسْبَابِ حِفْظِ الصِّحَّةِ ، ورِيَاضَةِ البَدَنِ والنَّفْسِ ، مَا لا يَدْفَعُه صَحِيْحُ الفِطْرَةِ .
وأمَّا الجِهَادُ ومَا فيه مِنَ الحَرَكاتِ الكُلِّيَةِ ، الَّتِي هِيَ مِنْ أعْظَمِ أسْبَابِ القُوَّةِ ، وحِفْظِ الصِّحَّةِ ، وصَلابَةِ القَلْبِ والبَدَنِ ، ودَفْعِ فَضَلاتِهما ، وزَوَالِ الهَمِّ والغَمِّ ؛ فأمْرٌ إنَّمَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ مِنْهُ نَصِيْبٌ .
وكَذَلِكَ الحَجُّ وفِعْلُ المَنَاسِكِ ، وكَذَلِكَ المُسَابَقَةُ عَلى الخَيْلِ وبالنِّضَالِ ( الرماية بالسهام ) ، والمَشْيُ إلى المَسَاجِدِ للجُمُعَاتِ والجَمَاعَاتِ ، وحَرَكَةُ الوُضُوْءِ والاغْتِسَالِ ، وغَيْرُ ذَلِكَ .
وهَذَا أقَلُّ مَا فيه : الرِّيَاضَةُ المُعِيْنَةُ عَلى حِفْظِ الصِّحَّةِ ، ودَفْعِ الفَضَلاتِ ، ومَا شُرِعَ لَهْ مِنَ التَّوَصُّلِ بِهِ إلى خَيْرَاتِ الدُّنْيا والآخِرَةِ ، ودَفْعِ شُرُوْرِهِما فأمْرٌ وَرَاءَ ذَلِكَ .
فَعَلِمْتَ أنَّ هَدْيَهُ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ كُلِّ هَدْيٍ : في طِبِّ الأبْدَانِ والقُلُوْبِ ، وحِفْظِ صِحَّتِهِما ، ودَفْعِ أسْقَامِهِما ، ولا مَزِيْدَ عَلى ذَلِكَ لِمَنْ قَدْ أحْضَرَ رُشْدَهُ ، وبالله التَّوْفيقُ [2] .
-----------------------------------------------------
[1] - رواه البخاري ( 1091 ، 3096 ) واللفظ له ، ومسلم ( 776 ) .
[2] - انظر ( زاد المعاد ) : 4 / 225 .
 
عودة
أعلى