الطيران بلا أجنحة

إنضم
06/02/2019
المشاركات
86
مستوى التفاعل
11
النقاط
8
الإقامة
مصر
بسم1
من كتاب البرهان للزركشي:قال تعالى{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} لأن المعنى بدابة والذي سيق له الكلام الجنسية لا الإفراد بدليل قوله تعالى: {إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} فجمع {أُمَمٌ} محقق إرادة الجنس من الوصف اللازم للجنس المذكور وهو كون الدابة غير منفكة عن كونها في الأرض وكون الطائر غير منفك كونه طائرا بجناحيه لينتفي توهم الفردية هذا معنى ما أشار إليه السكاكي في المفتاح
وقال الزمخشري إن معنى زيادة: {فِي الأَرْضِ} و{ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} يفيد زيادة التعميم والإحاطة حتى كأنه قيل: وما من دابة من جميع ما في الأرض وما من طائر في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهمل أمرها
ويحتمل أن يقال: إن الطيران لما كان يوصف به من يعقل كالجان والملائكة فلولم يقل: {بِجَنَاحَيْهِ} لتوهم الاقتصار على حبسها ممن يعقل فقيل: {بِجَنَاحَيْهِ} ليفيد إرادة هذا الطير المعتقد فيه عدم المعقولية بعينه
فقوله: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} رافع لاحتمال هذا المعنى
وقيل لو اقتصر على ذكر الطائر فقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ} لكان ظاهر العطف يوهم ولا طائر في الأرض لأن المعطوف عليه إذا قيد بظرف أو حال يقيد به المعطوف وكان ذلك يوهم اختصاصه بطير الأرض الذي لا يطير بجناحيه كالدجاج والأوز والبط ونحوها فلما قال: { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } زال هذا الوهم وعلم أنه ليس بطائر مقيد إنما تقيدت به الدابة.
وقيل قوله تعالى{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} فيه تقييد بالأرض لأن الدابة بالسماء أيضا قال تعالى{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} وقال تعالى{ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة} وقال تعالى{ ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير }.
والخلاصة: تقييد الدابة بالأرض وعطف تقييد الطيران بالجناحين على الدابة استثنى أن تكون الدابة دابة السماء أو الملائكة أو الجان واستثنى أيضا في عصرنا ما لا يعقل بذاته ويطير بلا جناحين وبلا نشر أو تفريق كالطائرات المسيرة وطائرات النقل والصواريخ العابرة للقارات ومنها ما يتجاوز الأرض حاملا الأقمار الصناعية وقد أمكننا ذلك من التحقق من الإشارة إلى كروية الأرض في القرآن كما أمكننا هذا النوع من الطيران من التواصل بالصوت والصورة في الحال .
فحقيقة الطيران بلا أجنحة مستفادة من التقييد والتأكيد وهى مستنبطة من بلاغة الآية (نايف الشحوذ).

 
بسم1
لو لم تأتي صفة الجناحين بعد التنكير في قوله تعالى{ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} لكان قوله تعالى{ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ} شامل لكل ما يطير اليوم بلا أجنة ولقال قائل كيف يندرج هذا تحت قوله تعالى{إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} ؟
فوقوف أهل العلم على بلاغة الآية والربط بالواقع من عظيم الفائدة.
وهذا يذكرني بوقوف السعدي رحمه الله عند قوله تعالى{ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} فقال: { الْجَوَار فِي الْبَحْرِ } من السفن، والمراكب النارية والشراعية وجعلها تحملكم وتحمل أمتعتكم الكثيرة إلى البلدان والأقطار البعيدة، وسخر لها من الأسباب ما كان معونة على ذلك. ثم نبه على هذه الأسباب بقوله: { إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ } التي جعلها الله سببا لمشيها، { فَيَظْلَلْنَ } أي: الجوار { رَوَاكِدَ } على ظهر البحر، لا تتقدم ولا تتأخر، ولا ينتقض هذا بالمراكب النارية، فإن من شرط مشيها وجود الريح.
وقال الشعراوي رحمه الله: { إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره . . . } [ الشورى : 33 ] .
أي : أنه سبحانه قد يشاء أن تقف الرياح ساكنة؛ فتركد السفن في البحار والأنهار .
ومن عجائب إنباءات القرآن أن الحق سبحانه حينما تكلم عن الريح التي تسير الفلك والسفن؛ قال الشكليون والسطحيون « لم نعد نسير السفن بالرياح بل نسيرها بالطاقة » .
ونقول : فلنقرأ قوله الحق : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم . . . } [ الأنفال : 46 ] .
و { ريحكم } تعني : قوتكم وطاقتكم؛ فالمراد بالريح القوة المطلقة؛ سواء جاءت من هواء ، أو من بخار ، أو من ماء .انتهى
فإن قال قائل ما بال التي تسير بالطاقة النووية اليوم؟ نقل له تركد بزوال قوتها(ريحها).


 
الإبحار بلا أشرعة

الإبحار بلا أشرعة

بسم1
والريح تأتي من جهة واحدة معلومة قال تعالى { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ .وقد تكون كقوة في ذاتها طيبة أو عاصفة قال تعالى{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } وقد تكون لمطلق القوة كما في قوله تعالى{ وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}
والذى يؤيد أن المقصود مطلق القوة في قوله تعالى{ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} التعريف لإرادة الجنس في قوله تعالى{الريح} فهو يفيد قدرة الله عز وجل على تسكين الطيبة والقاصفة وأي قوة متعلقة بتحريك الجارية وإلا هل تظل الجارية راكدة بعد سكون الريح واستخدام المجاديف؟

 
بسم1
السياق الشرطي بعد إن يجعل المعنى متعلق بالاستقبال ولم تعد السفن العملاقة تعمل بقوة دفع الريح للأشرعة إلا في نطاق محدود جدا فكيف يشمل معنى الآية الجاريات في الحاضر والمستقبل؟.
الجاريات في الماء تعمل إما بقوة دفع الريح للأشرعة فتتحرك للأمام أو بقوة دفع الماء بالمجداف فتندفع للأمام وهذا معلوم من قديم الزمان فالمعني بسكون الريح والله أعلم هو زوال جنس القوى عموما التي تؤدي إلى حركة الجارية ويؤيد ذلك أيضا الاحتراز في جواب الشرط بقوله تعالى{
فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ
}وحذفه وارد عند العلم به فلو كانت الحركة متعلقة بقوة الريح على ظاهرها يكن ركود الجارية معلوم بسكون الريح ويكن حذف الجواب أبلغ.
من جهة أخرى معلوم أن حركة الجارية للأمام بأي سبب لجنس القوى تنشأ عنه قوة للريح في الاتجاه المضاد للحركة فسكون هذه القوة يضمن ركود الجارية لسكون القوة على الإطلاق.
هذا والله أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم ..

كنا في حاجة إلى مشاركة كهذه بالفعل لأنها تتوافق حتما مع واقع منظور...
وعنوان المشاركة فقط يشرح الكثير ....

والله يوفقنا جميعا لدعم المشاركة والمشارك ...ويفتح علينا وعليه .
 
عودة
أعلى