الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ وَالتَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لِلصَّالِحِينَ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ عَلَى «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» :

«
يُسْتَحَبُّ لِكَاتِبِ الْحَدِيثِ إِذا مر بِذكر اللَّهِ أَنْ يَكْتُبَ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ تَعَالَى، أَوْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَوْ جَلَّ ذِكْرُهُ، أَوْ تَبَارَكَ اسْمُهُ، أَوْ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَكْتُبُ عِنْدَ ذكر النبيء «صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» بكمالها لَا رَامِزًا إِلَيْهَا وَلَا مُقْتَصِرًا عَلَى بَعْضِهَا، وَيَكْتُبُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا فِي الْأَصْلِ الَّذِي يُنْقَلُ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ رِوَايَةً وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاء. وَيَنْبَغِي للقارىء أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي الْأَصْلِ الَّذِي يَقْرَأُ مِنْهُ وَلَا يَسْأَمُ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ، وَمَنْ أَغْفَلَ ذَلِكَ حُرِمَ خَيْرًا عَظِيمًا» اهـ.

جاء في شرح - الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث -و كتاب - دَلِيْلُ أَرْبابِ الفَلاحِ لِتَحْقِيْقِ فَنِّ الاِصطِلاحِ ?وفي كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث وغيرهم ... ..

يُستحبُ لكاتب الحديث إذا مر بذكر الله -عزّ وجل- أن يكتب : عزّ وجلّ ، أو تعالى ، أو سبحانه وتعالى ، أو تبارك وتعالى ، أو جلّ ذكره ، أو تبارك اسمه ، أو جلّت عظمته ، وأشبه ذلك . وكذلك يكتب عند ذكر النبي ( بكمالها لا رامزاً إليها ، ولا مقتصراً على أحدهما . وكذلك يقول في الصحابي : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فإن كان صحابياً ابن صحابي قال : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وكذلك يترضى ويترحم على سائر العلماء والأخيار ، ويكتب كل هذا وإن لم يكن مكتوباً في الأصل الذي ينقل منه فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء ، وينبغي للقارئ أن يقرأ كل ما ذكرناه وإن لم يكن مذكوراً في الأصل الذي يقرأ منه ولا يسأم من تكرر ذلك ، ومن أغفل حُرِم خيراً عظيماً ، وفوّت فضلاً جسيماً والله أعلم .
قال ابن الصلاح: ويكره أن يكتب عبد الله بن فلان فيجعل عبد في آخر سطر والجلالة في أول السطر، بل يكتبها في سطر واحد.
قال: وليحافظ على الثناء على الله وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رسوله، وأن تكرر فلا يسأم فإن فيه خيرا كثيرا.
قال ابنُ الصلاح: وليكتب الصلاة والتسليم مجددة لا رمزا، قال: ولا يقتصر على قوله: عَليه السَّلامُ، يعني: وليكتب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واضحة كاملة.
ويكره كذلك أن يكتب مثل عبد الله أو رسول الله ويكون "الله" في أول السطر دون المضاف لأنه حينئذ سيكتب ابن فلان بعد اسم الله أو يكتب بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا كله غير جيد.

ينبغي لكاتب الحديث أن يحافظ على كتابة الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما ورد ذكره وكذلك التسبيح لله كأن يقول: الله عزَّ وجلَّ أو الله سبحانه وتعالى ولا يسأم من تكرار ذلك فإن فيه الأدب مع الله ورسوله مع ما في ذلك من الأجر والثواب والبركة في العلم الذي ينقله.
وكذلك ينبغي أن يحافظ على كتابة الترضي على الصحابة والتَّرحُم على من بعدهم من العلماء وإن لم يرد ذلك في الأصل الذي ينقل منه. ولا ينبغي أن يرمز لشيء من ذلك كما يفعله كثير من المعاصرين من الرمز للنبي بـ (ص) بدل صلى الله عليه وآله وسلم أو (ع) بدل عليه السلام أو (رض) بدل رضي الله عنه أو نحو ذلك. بل وصل الأمر إلى الرمز للبسملة ! فيا للتهاون والكسل!!.
 
قوله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56)}

قال الشّوكانيُّ رحمه اللهُ في فتحِ القَدِيرِ ..........

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا الرَّحْمَةَ فَقَدْ صَارَتْ شِعَارًا لَهُ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ، كَمَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ فُلَانًا أَوْ رَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ لَا تَصْلُحُ الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسَلِمَاتِ بِالِاسْتِغْفَارِ.

وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ - وَلِقَوْلِهِ: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ - ولقوله:هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلَيْهِمْ، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى».
وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ هَذَا الشِّعَارَ الثَّابِتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ شَاءَ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُطْلِقَهُ عَلَى غَيْرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ وقوله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُصَلِّي عَلَى طَوَائِفَ مِنْ عِبَادِهِ كَمَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى رَسُولِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ لَنَا وَلَا شَرَعَهُ اللَّهُ فِي حَقِّنَا، بَلْ لَمْ يَشْرَعْ لَنَا إِلَّا الصَّلَاةَ وَالتَّسْلِيمَ عَلَى رَسُولِهِ. وَكَمَا أَنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَارٌ لَهُ، فَكَذَا لَفْظُ السَّلَامِ عَلَيْهِ.

وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ جُمْهُورِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ مِنْ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا عَلَى التَّرَضِّي عَنِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ، كَمَا أَرْشَدَنَا إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سبحانه: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا .
 
قولُه تعالى :{ وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (10)}

قال الشّوكانيُّ رحمه اللهُ في فتحِ القَدِيرِ ..........

فَمَنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ لِلصَّحَابَةِ عَلَى الْعُمُومِ وَيَطْلُبْ رِضْوَانَ اللَّهِ لَهُمْ فَقَدْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ غِلًّا لَهُمْ فَقَدْ أَصَابَهُ نَزْغٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحَلَّ بِهِ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ عِصْيَانِ اللَّهِ بِعَدَاوَةِ أَوْلِيَائِهِ وَخَيْرِ أُمَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْفَتَحَ لَهُ بَابٌ مِنَ الْخِذْلَانِ يَفِدُ بِهِ عَلَى نَارِ جَهَنَّمَ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْ نَفْسَهُ باللجوء إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ بِأَنْ يَنْزِعَ عَنْ قَلْبِهِ مَا طَرَقَهُ مِنَ الْغِلِّ لِخَيْرِ الْقُرُونِ وَأَشْرَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِنْ جَاوَزَ مَا يَجِدُهُ مِنَ الْغِلِّ إِلَى شَتْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَقَدِ انْقَادَ لِلشَّيْطَانِ بِزِمَامٍ وَوَقَعَ فِي غَضَبِ اللَّهِ وَسُخْطِهِ، وَهَذَا الدَّاءُ الْعُضَالُ إِنَّمَا يُصَابُ بِهِ مَنِ ابْتُلِيَ بِمُعَلِّمٍ مِنَ الرَّافِضَةِ، أَوْ صَاحِبٍ مِنْ أَعْدَاءِ خَيْرِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ تَلَاعَبَ بِهِمُ الشَّيْطَانُ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الْأَكَاذِيبَ الْمُخْتَلِفَةَ وَالْأَقَاصِيصَ الْمُفْتَرَاةَ وَالْخُرَافَاتِ الْمَوْضُوعَةَ، وَصَرَفَهُمْ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْقُولَةِ إِلَيْنَا بِرِوَايَاتِ الْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ، فَاشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى، وَاسْتَبْدَلُوا الْخُسْرَانَ الْعَظِيمَ بِالرِّبْحِ الوافر، وما زَالَ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ يَنْقُلُهُمْ مِنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ، وَمِنْ رُتْبَةٍ إِلَى رُتْبَةٍ، حَتَّى صَارُوا أَعْدَاءَ كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَخَيْرِ أُمَّتِهِ، وَصَالِحِي عِبَادِهِ، وَسَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَهْمَلُوا فَرَائِضَ اللَّهِ، وَهَجَرُوا شَعَائِرَ الدِّينِ، وَسَعَوْا فِي كَيْدِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ كُلَّ السَّعْيِ، وَرَمَوُا الدِّينَ وَأَهْلَهُ بِكُلِّ حَجَرٍ وَمَدَرٍ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ - فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ.
 
فما تقولون فيمن يتعمد أن تكون نقولاته كلها خالية من كل هذه الفضائل ...

هل هذه سلفية جديدة كما يتظاهرون ؟

أم هو ادعاء وخبثٌ يُستترُ خلفه ................... والله من ورائهم محيط ...
 
عودة
أعلى