العلامة عبدالله بن بيه الذي عرفت
العلامة عبدالله بن بيه الذي عرفت
وبعد فإن من نعم الله تعالى على الإنسان أن يتعرف على الرجال الكبار الذين لهم وزنهم العلمي ووزنهم الديني ووزنهم الفكري والسلوكي والإصلاحي هذه نعمة تستحق الشكر واعتقد أن من فضل الله تعالي علي وإحسانه إلي أن عرفت واحداً من العلماء الأفذاذ الذين قل أن يجود الزمن بمثلهم ألا وهو العلامة الشيخ عبد الله بن بيـّه الذي اشتهر علمه وفضله في الآفاق وعرفه القاصي والداني وعرفته منذ سنوات طويلة خلال المؤتمرات والندوات التي شارك فيها بعلمه وفكره وجهده.
والحقيقة أني كلما اقتربت منه وازددت معرفة به ازددت حباً له وتقديراً له وقلما يجمع الإنسان لشخص بين الحب والتقدير هناك أناس تقدرهم وتحترمهم ولا تحبهم وهناك أناس تحبهم ويكون لك معهم عاطفة قويه ولكن لا تقدرهم ولا تحترمهم.
أما الذين تجمع لهم بين الحب والتقدير فهم قليلون ومن هؤلاء القليلين الشيخ عبد الله بن بيه الذي آتاه الله فضائل عدة فهو يجمع بين المحافظة والانفتاح فهو رجل محافظ ولكنه ليس منغلقاً وهو رجل ميسر ولكنه ليس متسيباً هو مالكي يحفظ فقه المالكية متونهم وشروحهم وحواشيهم ومنظوماتهم المختلفة ولكنه أيضا علامة في الفقه العام والفقه المقارن هو سلفي العقيدة ولكنه أيضا صاحب نزعة ربانية لا رهبانية كما قال شيخنا أبو الحسن الندوي هو يأخذ التصوف على أنه ربانية وأنه تزكية للنفس وأنه اتصال بالله تبارك وتعالى يجمع الشيخ عبد الله بن بيه بين السلفية والصوفية. ويجمع كذلك بين ما يسميه الناس في عصرنا الأصالة والمعاصرة فهو رجل أصيل موصول بالتراث عارف به مطلع على كنوزه المختلفة في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ والأدب وغير ذلك ولكنه غير غائب عن العصر فهو يعيش العصر ومشكلاته وتياراته المختلفة ليس ككثير من علماءنا الذين يعيشون في الماضي وحده ولا يعرفون عن الحاضر شيئاً لكن الشيخ ابن بيه يعرف الماضي ويعايش الحاضر ويستشرف المستقبل ولعل معرفته باللغة الفرنسية من ناحية وتوليه المسئوليات الكبيرة في بلده أكثر من وزارة وأكثر من مسئولية كبرى تحملها لعل هذا كله جعله ينفتح على العصر ينظر إلى العصر بعين وإلى التراث بالعين الأخرى لذلك أهتم بالجانب الإصلاحي والتجديدي في الإسلام وضرورة تغيير الأمة إلى ما هو أفضل وأحسن عن طريق تغيير أفكارها وتغيير معارفها وتغيير إرادتها أو ما عبر عنه القرآن بتغيير ما بالأنفس (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
الحقيقة أن فضائل الشيخ عبد الله بن بيـــــــه فضائل كثير ة لا يتسع المقام لها وهذه خواطر مرسلة أعبر بها عن فضل الشيخ وأعبر عن حبي له ودعاء أن يجمعنا الله تعالى به فاعتقد أنه من الصالحين المصلحين إن شاء الله وأنا أقول كما قال الإمام الشافعي :
أحب الصالحين ولست منهم عساني أن أنال بهم شفاعه
وأكره من بضاعته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعه
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في عمر الشيخ عبد الله بن بيــــــّـــــــــه وينفع به الأمة وينفع به الدين والمتدينين والإسلام والمسلمين وأن يبارك في آله وذريته جميعاً وأن يحشرنا معاً في زمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع (النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
.....................................
www.binbayyah.net